تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 225 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 225

225 : تفسير الصفحة رقم 225 من القرآن الكريم

** وَيَقَوْمِ لآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّهُمْ مّلاَقُو رَبّهِمْ وَلَـَكِنّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ * وَيَقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتّهُمْ أَفَلاَ تَذَكّرُونَ
يقول لقومه لا أسألكم على نصحي لكم مالاً: أجرة آخذها منكم إنما أبتغي الأجر من الله عز وجل {وما أنا بطارد الذين آمنو} كأنهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين عنه احتشاماً ونفاسة منهم أن يجلسوا معهم كما سأل أمثالهم خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم أن يطرد عنهم جماعة من الضعفاء ويجلس معهم مجلساً خاصاً فأنزل الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} الاَية وقال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ؟ أليس الله بأعلم بالشاكرين} الاَيات.

** وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلّذِينَ تَزْدَرِيَ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنّيَ إِذاً لّمِنَ الظّالِمِينَ
يخبرهم أنه رسول من الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له بإذن الله له في ذلك ولا يسألهم على ذلك أجراً بل هو يدعو من لقيه من شريف ووضيع فمن استجاب له فقد نجا, ويخبرهم أنه لا قدرة له على التصرف في خزائن الله ولا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه وليس هو بملك من الملائكة بل هو بشر مرسل مؤيد بالمعجزات ولا أقول عن هؤلاء الذين تحقرونهم وتزدرونهم إنهم ليس لهم عند الله ثواب على أعمالهم الله أعلم بما في أنفسهم فإن كانوا مؤمنين باطناً كما هو الظاهر من حالهم فلهم جزاء الحسنى ولو قطع لهم أحد بشر بعد ما آمنوا لكان ظالماً قائلاً ما لا علم له به.

** قَالُواْ يَنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ * قَالَ إِنّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ * وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيَ إِنْ أَرَدْتّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
يقول تعالى مخبراً عن استعجال قوم نوح نقمة الله وعذابه وسخطه, والبلاء موكل بالمنطق. {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالن} أي حاججتنا فأكثرت من ذلك ونحن لا نتبعك {فأتنا بما تعدن} أي من النقمة والعذاب ادع علينا بما شئت فليأتنا ما تدعو به {إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين} أي إنما الذي يعاقبكم ويعجلها لكم الله الذي لا يعجزه شيء {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم} أي أي شيء يجدي عليكم إبلاغي لكم وإنذاري إياكم ونصحي {إن كان الله يريد أن يغويكم} أي إغواؤكم ودماركم {هو ربكم وإليه ترجعون} أي هو مالك أزمة الأمور المتصرف الحاكم العادل الذي لا يجور, له الخلق وله الأمر وهو المبدىء المعيد مالك الدنيا والاَخرة.

** أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيَءٌ مّمّا تُجْرَمُونَ
هذا كلام معترض في وسط هذه القصة مؤكد لها. مقرر لها يقول تعالى لمحمد: أم يقول هؤلاء الكافرون الجاحدون افترى هذا وافتعله من عنده {قل إن افتريته فعلي إجرامي} أي فإثم ذلك علي {وأنا بريء مما تجرمون} أي ليس ذلك مفتعلاً ولا مفترى لأني أعلم ما عند الله من العقوبة لمن كذب عليه.