تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 294 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 294

294 : تفسير الصفحة رقم 294 من القرآن الكريم

** فَلَعَلّكَ بَاخِعٌ نّفْسَكَ عَلَىَ آثَارِهِمْ إِن لّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً * إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً * وَإِنّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً
يقول تعالى مسلياً لرسوله صلوات الله وسلامه عليه في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه كما قال تعالى: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} وقال: {ولا تحزن عليهم} وقال: {لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين} باخع أي مهلك نفسك بحزنك عليهم, ولهذا قال: {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث} يعني القرآن {أسف} يقول: لا تهلك نفسك أسفاً. قال قتادة: قاتل نفسك غضباً وحزناً عليهم, وقال مجاهد: جزعاً, والمعنى متقارب, أي لا تأسف عليهم, بل أبلغهم رسالة الله, فمن اهتدى فلنفسه, ومن ضل فإنما يضل عليها, ولا تذهب نفسك عليهم حسرات, ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا داراً فانية مزينة بزينة زائلة, وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار, فقال: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عمل} قال قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الدنيا حلوة خضرة, وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون, فاتقوا الدنيا, واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء», ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها وفراغها وانقضائها وذهابها وخرابها, فقال تعالى: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرز} أي وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار, فنجعل كل شيء عليها هالكاً صعيداً جرزاً لا ينبت ولا ينتفع به.
كما قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرز} يقول: يهلك كل شيء عليها ويبيد. وقال مجاهد: صعيداً جرزاً بلقعاً, وقال قتادة: الصعيد الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات, وقال ابن زيد: الصعيد الأرض التي ليس فيها شيء, ألا ترى إلى قوله تعالى: {أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون} وقال محمد بن إسحاق: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرز} يعني الأرض وأن ما عليها لفان وبائد, وأن المرجع لإلى الله, فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى.

** أَمْ حَسِبْتَ أَنّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبّنَآ آتِنَا مِن لّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَىَ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىَ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً
هذا إخبار من الله تعالى عن قصة أصحاب الكهف على سبيل الإجمال والاختصار, ثم بسطها بعد ذلك فقال: {أم حسبت} يعني يا محمد {أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجب} أي ليس أمرهم عجيباً في قدرتنا وسلطاننا فإن خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار وتسخير الشمس والقمر والكواكب وغير ذلك من الاَيات العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى, وأنه على ما يشاء قادر ولا يعجزه شيء أعجب من أخبار أصحاب الكهف, كما قال ابن جريج عن مجاهد {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجب} يقول: قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك.
وقال العوفي عن ابن عباس {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجب} يقول: الذي آتيتك من العلم والسنة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم, وقال محمد بن إسحاق: ما أظهرت من حججي على العباد أعجب من شأن أصحاب الكهف والرقيم, وأما الكهف فهو الغار في الجبل, وهو الذي لجأ إليه هؤلاء الفتية المذكورون, وأما الرقيم فقال العوفي عن ابن عباس: هو واد قريب من أيلة, وكذا قال عطية العوفي وقتادة. وقال الضحاك: أما الكهف فهو غار في الوادي, والرقيم اسم الوادي, وقال مجاهد: الرقيم كان بنيانهم, ويقول بعضهم: هو الوادي الذي فيه كهفهم.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا الثوري عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس في قوله الرقيم: كان يزعم كعب أنها القرية, وقال ابن جريج عن ابن عباس: الرقيم الجبل الذي فيه الكهف, وقال ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال: اسم ذلك الجبل بنجلوس, وقال ابن جريج: أخبرني وهب بن سليمان عن شعيب الجبائي أن اسم جبل الكهف بنجلوس, واسم الكهف حيزم, والكلب حمران. وقال عبد الرزاق: أنبأنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: القرآن أعلمه إلا حناناً والأواه والرقيم. وقال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة يقول: قال ابن عباس: ما أدري ما الرقيم ؟ كتاب أم بنيان. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الرقيم الكتاب. وقال سعيد بن جبير: الرقيم لوح من حجارة كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف, ثم وضعوه على باب الكهف.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الرقيم الكتاب, ثم قرأ: كتاب مرقوم. وهذا هو الظاهر من الاَية, وهو اختيار ابن جرير, قال: الرقيم فعيل بمعنى مرقوم, كما يقال للمقتول قتيل, وللمجروح جريح, والله أعلم. وقوله: {إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشد} يخبر تعالى عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا منهم فلجأوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم, فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم {ربنا آتنا من لدنك رحمة} أي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا {وهيء لنا من أمرنا رشد} أي وقدر لنا من أمرنا هذا رشداً أي اجعل عاقبتنا رشداً, كما جاء في الحديث «وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشداً» وفي المسند من حديث بسر بن أرطاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو «اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها, وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الاَخرة».
وقوله: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدد} أي ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين كثيرة, {ثم بعثناهم} أي من رقدتهم تلك, وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعاماً يأكلونه كما سيأتي بيانه وتفصيله, ولهذا قال: {ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين} أي المختلفين فيهم {أحصى لما لبثوا أمد} قيل: عدداً, وقيل: غاية, فإنّ الأمد الغاية, كقوله:
سبق الجواد إذا استولى على الأمد

** نَحْنُ نَقُصّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِالْحَقّ إِنّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىَ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبّنَا رَبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَن نّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـَهاً لّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَـَؤُلآءِ قَوْمُنَا اتّخَذْواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاّ اللّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبّكُم مّن رّحْمَتِهِ وَيُهَيّىءْ لَكُمْ مّنْ أَمْرِكُمْ مّرْفَقاً
من ههنا شرع في بسط القصة وشرحها, فذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب, وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل, ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً, وأما المشايخ من قريش, فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل. وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شباباً, وقال مجاهد: بلغني أنه كان في آذان بعضهم القرطة يعني الحلق, فألهمهم الله رشدهم وآتاهم تقواهم, فآمنوا بربهم أي اعترفوا له بالوحدانية, وشهدوا أنه لا إله إلا هو {وزدناهم هدى} استدل بهذه الاَية وأمثالها غير واحد من الأئمة كالبخاري وغيره ممن ذهب إلى زيادة الإيمان وتفاضله وأنه يزيد وينقص, ولهذا قال تعالى: {وزدناهم هدى} كما قال: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} وقال {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون} وقال: {ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم} إلى غير ذلك من الاَيات الدالة على ذلك. وقد ذكر أنهم كانوا على دين المسيح عيسى بن مريم, فالله أعلم, والظاهر أنهم كانوا قبل ملة النصرانية بالكلية, فإنهم لو كانوا على دين النصرانية لما اعتنى أحبار اليهود بحفظ خبرهم وأمرهم لمباينتهم لهم, وقد تقدم عن ابن عباس أن قريشاً بعثوا إلى أحبار اليهود بالمدينة يطلبون منهم أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبعثوا إليهم أن يسألوه عن خبر هؤلاء, وعن خبر ذي القرنين, وعن الروح, فدل هذا على أن هذا أمر محفوظ في كتب أهل الكتاب وأنه متقدم على دين النصرانية, والله أعلم.
وقوله {وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض} يقول تعالى: وصبرناهم على مخالفة قومهم ومدينتهم ومفارقة ما كانوا فيه من العيش الرغيد والسعادة والنعمة, فإنه ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم, وأنهم خرجوا يوماً في بعض أعياد قومهم وكان لهم مجتمع في السنة يجتمعون فيه في ظاهر البلد, وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت, ويذبحون لها, وكان لهم ملك جبار عنيد يقال له دقيانوس,. وكان يأمر الناس بذلك ويحثهم عليه ويدعوهم إليه, فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك, وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم, ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم, عرفوا أن هذا الذي يصنعه قومهم من السجود لأصنامهم والذبح لها لا ينبغي إلا الله الذي خلق السموات والأرض, فجعل كل واحد منهم يتخلص من قومه وينحاز منهم ويتبرز عنهم ناحية, فكان أول من جلس منهم وحده أحدهم, جلس تحت ظل شجرة فجاء الاَخر فجلس إليها عنده, وجاء الاَخر فجلس إليهما, وجاء الاَخر فجلس إليهم, وجاء الاَخر وجاء الاَخر, ولا يعرف واحد منهم الاَخر, وإنما جمعهم هناك الذي جمع قلوبهم على الإيمان.
كما جاء في الحديث الذين رواه البخاري تعليقاً من حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأرواح جنود مجندة, فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث سهيل عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, والناس يقولون: الجنسية علة الضم, والغرض أنه جعل كل أحد منهم يكتم ما هو عليه عن أصحابه خوفاً منهم, ولا يدري أنهم مثله حتى قال أحدهم: تعلمون والله يا قوم إنه ما أخرجكم من قومكم وأفردكم عنهم إلا شيء, فليظهر كل واحد منكم بأمره, فقال آخر: أما أنا فإني والله رأيت ما قومي عليه فعرفت أنه باطل, وإنما الذي يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به شيء هو الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما, وقال الاَخر: وأنا والله وقع لي كذلك, وقال الاَخر كذلك, حتى توافقوا كلهم على كلمة واحدة, فصاروا يداً واحدة, وإخوان صدق, فاتخذوا لهم معبداً يعبدون الله فيه, فعرف بهم قومهم فوشوا بأمرهم إلى ملكهم فاستحضرهم بين يديه فسألهم عن أمرهم وما هم عليه, فأجابوه بالحق ودعوه إلى الله عز وجل, ولهذا أخبر تعالى عنهم بقوله: {وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إله} ولن لنفي التأبيد أي لا يقع منا هذا أبداً, لأنا لو فعلنا ذلك لكان باطلاً, ولهذا قال عنهم: {لقد قلنا إذاً شطط} أي باطلاً وبهتاناً {هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين} أي هلا أقاموا على صحة ما ذهبوا إليه دليلاً واضحاً صحيحاً {فمن أظلم ممن افترى على الله كذب} يقولون: بل هم ظالمون كاذبون في قولهم ذلك, فيقال إن ملكهم لما دعوه إلى الإيمان بالله أبى عليهم وتهددهم وتوعدهم, وأمر بنزع لباسهم عنهم الذي كان عليهم من زينة قومهم, وأجلهم لينظروا في أمرهم لعلهم يرجعون عن دينهم الذي كانوا عليه, وكان هذا من لطف الله بهم, فإنهم في تلك النظرة توصلوا إلى الهرب منه والفرار بدينهم من الفتنة, وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن في الناس أن يفر العبد منهم خوفاً على دينه, كما جاء في الحديث «يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنماً يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» ففي هذه الحال تشرع العزلة عن الناس ولا تشرع فيما عداها, لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع, فلما وقع عزمهم على الذهاب والهرب من قومهم, واختار الله تعالى لهم ذلك وأخبر عنهم بذلك في قوله: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله} أي وإذ فارقتموهم وخالفتموهم بأديانكم في عبادتهم غير الله, ففارقوهم أيضاً بأبدانكم, {فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته} أي يبسط عليكم رحمة يستركم بها من قومكم {ويهيىء لكم من أمركم} الذي أنتم فيه {مرفق} أي أمراً ترتفقون به, فعند ذلك خرجوا هِراباً إلى الكهف فأووا إليه, ففقدهم قومهم من بين أظهرهم وتطلبهم الملك, فيقال أنه لم يظفر بهم وعمى الله عليه خبرهم كما فعل بنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم, وصاحبه الصديق حين لجآ إلى غار ثور, وجاء المشركون من قريش في الطلب فلم يهتدوا إليه مع أنهم يمرون عليه, وعندها قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى جزع الصديق في قوله: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لأبصرنا, فقال: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟» وقد قال تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره اللهإذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكنيته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم} فقصة هذا الغار أشرف وأجل وأعظم وأعجب من قصة أصحاب الكهف, وقد قيل: إن قومهم ظفروا بهم ووقفوا على باب الغار الذي دخلوه, فقالوا: ماكنا نريد منهم من العقوبة أكثر مما فعلوا بأنفسهم, فأمر الملك بردم بابه عليهم ليهلكوا مكانهم ففعلوا ذلك, وفي هذا نظر, والله أعلم, فإن الله تعالى قد أخبر أن الشمس تدخل عليهم في الكهف بكرة وعشياً, كما قال تعالى:)