المختصر في تفسير القرآن الكريم الصفحة 69 من المصحف

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)

149 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، إن تطيعوا الذين كفروا من اليهود والنصارى والمشركين، فيما يأمرونكم به من الضلال، يُرْجِعُوكم بعد إيمانكم إلى ما كنتم عليه كفارًا، فترجعوا خاسرين في الدنيا والآخرة.
150 - هؤلاء الكافرون لن ينصروكم إذا أطعتموهم، بل الله هو ناصركم على أعدائكم، فأطيعوه، وهو سبحانه خير الناصرين، فلا تحتاجون لأحد بعده.
151 - سنلقي في قلوب الذين كفروا بالله الخوف الشديد، حتى لا يستطيعوا الثبات لقتالكم بسبب إشراكهم بالله آلهةً عبدوها بأهوائهم، لم ينزل عليهم بها حجة، ومُسْتقرُّهم الذي يرجعون إليه في الآخرة هو النار، وبئس مستقر الظالمين النار.
152 - ولقد أنجزكم الله ما وعدكم به من النصر على أعدائكم يوم أُحد، حين كنتم تقتلونهم قتلًا شديدًا بإذنه تعالى، حتى إذا جَبُنْتُم وضعفتم عن الثبات على ما أمركم به الرسول واختلفتم بين البقاء في مواقعكم أو تركها وجمع الغنائم، وعصيتم الرسول في أمره لكم بالبقاء في مواقعكم على كل حال، وقع ذلك منكم من بعد ما أراكم الله ما تحبونه من النصر على أعدائكم، منكم من يريد غنائم الدنيا، وهم الذين تركوا مواقعهم، ومنكم من يريد ثواب الآخرة، وهم الذين بقوا في مواقعهم مطيعين أمر الرسول، ثم حَوَّلكم الله عنهم، وسلَّطهم عليكم؛ ليختبركم، فيظهر المؤمن الصابر على البلاء ممَّن زلت قدمه، وضعفت نفسه، ولقد عفا الله عنكم ما ارتكبتموه من المخالفة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب فضل عظيم على المؤمنين حيث هداهم للإيمان، وعفا عنهم سيئاتهم، وأثابهم على مصائبهم.
153 - اذكروا -أيها المؤمنون- حين كنتم تُبْعِدون في الأرض هاربين يوم أحد، لما أصابكم الفشل بمخالفة أمر الرسول، ولا ينظر أحد منكم لأحد، والرسول يدعوكم من خلفكم بينكم وبين المشركين قائلًا: إليَّ عبادَ الله، إليَّ عبادَ الله، فجازاكم الله على هذا ألمًا وضيقًا بما فاتكم من النصر والغنيمة، يتبعه ألم وضيق، وبما شاع بينكم من قَتْل النبي، وقد أنزل بكم هذا لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من النصر والغنيمة، ولا ما أصابكم من قتل وجراح، بعدما علمتم أن النبي لم يُقْتل، حيث هانت عليكم كل مصيبة وألم، والله خبير بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أحوال قلوبكم، ولا أعمال جوارحكم.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• التحذير من طاعة الكفار والسير في أهوائهم، فعاقبة ذلك الخسران في الدنيا والآخرة.
• إلقاء الرعب في قلوب أعداء الله صورةٌ من صور نصر الله لأوليائه المؤمنين.
• من أعظم أسباب الهزيمة في المعركة التعلق بالدنيا والطمع في مغانمها، ومخالفة أمر قائد الجيش.
• من دلائل فضل الصحابة أن الله يعقب بالمغفرة بعد ذكر خطئهم.

(1/69)