تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 56 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 56

 {وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ }
، وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ لم يبيّن هنا ما كلمهم به في المهد . ولكنه بيّنه في سورة « مريم » بقوله : {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءاتَانِىَ ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً * وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً * أَيْنَمَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً * وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّ} .
{قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ * وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِىۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُبْرِىءُ ٱلاٌّكْمَهَ وٱلاٌّبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَلاٌّحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِأَيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ }
، قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ أشار في هذه الآية إلى قصة حملها بعيسى وبسطها مبينة في سورة « مريم » بقوله : {وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً * فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاب} . إلى آخر القصة وبين النفخ فيها في سورة « التحريم »و« الأنبياء » ، معبرًا في التحريم بالنفخ في فرجها ، وفي « الأنبياء » بالنفخ فيها .
{فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِىۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلَتْ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِينَ }
، فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِىۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ لم يبيّن هنا الحكمة في ذكر قصة الحواريين مع عيسى ، ولكنّه بيّن في سورة « الصف » ، أن حكمة ذكر قصتهم هي أن تتأسى بهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في نصرة اللَّه ودينه ، وذلك في قوله تعالىٰ : {ٱلْمُؤْمِنِينَ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ أَنصَـٰرَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أَنَّصَـٰرِى إِلَى ٱللَّهِ} .