تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 451 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 451

450

127- "فكذبوه فإنهم لمحضرون" أي فإنه بسبب تكذيبه لمحضرون في العذاب، وقد تقدم أن الإحضار المطلق مخصوص بالشر.
128- "إلا عباد الله المخلصين" أي من كان مؤمناً به من قومه، قرئ بكسر اللام وفتحها كما تقدم، والمعنى على قراءة الكسر: أنهم أخلصوا لله، وعلى قراءة الفتح: أن الله استخلصهم من عباده.
وقد تقدم تفسير 129- "وتركنا عليه في الآخرين".
وقد تقدم تفسير 130- " وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إل ياسين " قرأ نافع وابن عامر والأعرج وشيبة " على إل ياسين " بإضافة آل بمعنى آل ياسين، وقرأ الباقون بكسر الهمزة وسكون اللام موصولة بياسين إلا الحسن، فإنه قرأ الياسين بإدخال آلة التعريف على ياسين، قيل المراد على هذه القراءات كلها إلياس، وعليه وقع التسليم، ولكنه اسم أعجمي، والعرب تضطرب في هذه الأسماء الأعجمية ويكثر تغييرهم لها. قال ابن جني: العرب تتلاعب بالأسماء الأعجمية تلاعباً، فياسين، وإلياس، وإلياسين شيء واحد. قال الأخفش: العرب تسمي قوم الرجل باسم الرجل الجليل منهم، فيقولون المهالبة على أنهم سموا كل رجل منهم بالمهلب. قال: فعلى هذا إنه سمى كل رجل منهم بالياسين. قال الفراء: يذهب بالياسين إلى أن يجعله جمعاً فيجعل أصحابه داخلين معه في اسمه. قال: أبو علي الفارسي: تقديره الياسيين إلى أن الياءين للنسبة حذفتا كما حذفتا في الأشعرين والأعجمين. ورجح الفراء وأبو عبيدة قراءة الجمهور قالا: لأنه لم يقل في شيء من السور على آل فلان، إنما جاء بالاسم كذلك الياسين لأنه إنما هو بمعنى إلياس أو بمعنى إلياس وأتباعه. وقال الكلبي: المراد بآل ياسين آل محمد. قال الواحدي: وهذا بعيد لأن ما بعده من الكلام وما قبله لا يدل عليه.
وقد تقدم تفسير 131- "إنا كذلك نجزي المحسنين".
وقد تقدم تفسير 132- " إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين " مستوفى.
133- "وإن لوطاً لمن المرسلين" قد تقدم ذكر قصة لوط مستوفاة.
134- "إذ نجيناه وأهله أجمعين" الظرف متعلق بمحذوف هو اذكر ولا يصح تعلقه بالمرسلين، لأنه لم يرسل وقت تنجيته.
135- "إلا عجوزاً في الغابرين" قد تقدم أن الغابر يكون بمعنى الماضي، ويكون بمعنى الباقي، فالمعنى: إلا عجوزاً في الباقين في العذاب، أو الماضين الذين قد هلكوا.
136- "ثم دمرنا الآخرين" أي أهلكناهم بالعقوبة، والمعنى: أن في نجاته وأهله جميعاً إلا العجوز وتدمير الباقين من قومه الذين لا يؤمنوا به دلالة بينة على ثبوت كونه من المرسلين.
137- "وإنكم لتمرون عليهم مصبحين" خاطب بهذا العرب أو أهل مكة على الخصوص: أي تمرون على منازلهم التي فيها آثار العذاب وقت الصباح.
138- "وبالليل" والمعنى تمرون على منازلهم في ذهابكم إلى الشام ورجوعكم منه نهاراً وليلاً "أفلا تعقلون" ما تشاهدونه في ديارهم من آثار عقوبة الله النازلة بهم، فإن في ذلك عبرة للمعتبرين وموعظة للمتدبرين.
139- "وإن يونس لمن المرسلين" يونس هو ذو النون، وهو ابن متى. قال المفسرون: وكان يونس قد وعد قومه العذاب.
فلما تأخر عنهم العذاب خرج عنهم وقصد البحر وركب السفينة، فكان بذهابه إلى البحر كالفار من مولاه فوصف بالإباق، وهو معنى قوله: 140- "إذ أبق إلى الفلك المشحون" وأصل الإباق الهرب من السيد، لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه وصف به. وقال المبرد. تأويل أبق بباعد: أي ذهب إليه، ومن ذلك قولهم عبد آبق. وقد اختلف أهل اعلم هل كانت رسالته قبل التقام الحوت إياه أو بعده؟ ومعنى المشحون: المملوء.
141- " فساهم فكان من المدحضين " المساهمة أصلها المغالبة، وهي الاقتراع، وهو أن يخرج السهم على من غلب. قال المبرد: أي فقارع. قال: وأصله من السهام التي تجال، ومعنى "فكان من المدحضين" فصار من المغلوبين. قال: يقال دحضت حجته ودحضها الله، وأصله من الزلق عن مقام الظفر، ومنه قول الشاعر: قتلنا المدحضين بكل فج فقد قرت بقتلهم العيون أي المغلوبين.
142- "فالتقمه الحوت وهو مليم" يقال لقمت اللقمة والتقمتها: إذا ابتلعتها: أي فابتلعه الحوت، ومعنى "وهو مليم" وه مستحق للوم، يقال: رجل مليم إذا أتى بما يلام عليه، وأما الملوم فهو الذي يلام سواء أتى بما يستحق أن يلام عليه أم لا، وقيل المليم المعيب، يقال ألام الرجل إذا عمل شيئاً صار به معيباً. ومعنى هذه المساهمة: أن يونس لما ركب السفينة احتبست، فقال الملاحون: ها هنا عبد أبق من سيده، وهذا رسم السفينة إذا كان فيها آبق لا تجري، فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس، فقال أنا الآبق وزج نفسه في الماء. قال سعيد بن جبير: لما استهموا جاء حوت إلى السفينة فاغراً فاه ينتظر أمر ربه حتى إذا ألقى نفسه في الماء أخذه الحوت.
143- "فلولا أنه كان من المسبحين" أي الذاكرين لله، أو المصلين له.
144- "للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" أي لصار بطن الحوت له قبراً إلى يوم البعث، وقيل للبث في بطنه حياً. واختلف المفسرون كم أقام في بطن الحوت؟ فقال السدي والكلبي ومقاتل بن سليمان: أربعين يوماً. وقال الضحاك: عشرين يوماً. وقال عطاء: سبعة أيام. وقال مقاتل بن حبان: ثلاثة أيام، وقيل ساعة واحدة. وفي هذه الآية ترغيب في ذكر الله، وتنشيط للذاكرين له.
145- "فنبذناه بالعراء وهو سقيم" النبذ الطرح. والعراء.. قال ابن الأعرابي: هو الصحراء، وقال الأخفش: الفضاء، وقال أبو عبيدة: الواسع من الأرض، وقال الفراء: المكان الخالي. وروي عن أبي عبيدة أيضاً أنه قال: هو وجه الأرض، وأنشد لرجل من خزاعة: ورفعت رجلاً لا أخاف عثارها ونبذت بالبلد العراء ثيابي والمعنى: أن الله طرحه من بطن الحوت في الصحراء الواسعة التي لا نبات فيها، وهو عند إلقائه سقيم لما ناله في بطن الحوت من الضرر، قيل صار بدنه كبدن الطفل حين يولد. وقد استشكل بعض المفسرين الجمع بين ما وقع هنا من قوله: "فنبذناه بالعراء"، وقوله في موضع آخر: "لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم" فإن هذه الآية تدل على أنه لم ينبذ بالعراء. وأجاب النحاس وغيره بأن الله سبحانه أخبرها هنا أنه نبذ بالعراء وهو غير مذموم، ولوا رحمته عز وجل لنبذ بالعراء وهو مذموم.
146- "وأنبتنا عليه شجرة من يقطين" أي شجرة فوقه تظللعليه، وقيل معنى عليه عنده وقيل معنى عليه له. واليقطين هي شجرة الدباء. وقال المبرد: اليقطين يقال لكل شجرة ليس لها ساق، بل تمتد على وجه الأرض نحو الدباء والبطيخ والحنظل، فإن كان لها ساق يقلها فيقال لها شجرة فقط، وهذا قول الحسن ومقاتل وغيرهما. وقال سعيد بن جبير: هو كل شيء ينبت ثم يموت من عامه. قال الجوهري: اليقطين ما لا ساق له من شجر كشجر القرع ونحوه. قال الزجاج: اشتقاق اليقطين من قطن بالمكان: أي أقام به فهو يفعيل، وقيل هو اسم أعجمي. قال المفسرون: كان يستظل بظلها من الشمس، وقيض الله له أروية من الوحش تروح عليه بكرة وعشية.
فكان يشرب من لبنها حتى اشتد لحمه ونبت شعره ثم أرسله الله بعد ذلك، وهو معنى قوله: 147- "وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون" هم قومه الذي هرب منهم إلى البحر وجرى له ما جرى بعد هربه كما قصه الله علينا في هذه السورة، وهم أهل نينوى. قال قتادة: أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل، وقد مر الكلام على قصته في سورة يونس مستوفى، وأو في أو يزيدون قيل هي بمعنى الواو، والمعنى: ويزيدون. وقال الفراء: أو ها هنا بمعنى بل، وهو قول مقاتل والكلبي. وقال المبرد والزجاج والأخفش: أو هنا على أصله، والمعنى: أو يزيدون في تقديركم إذا رآهم الرائي قال هؤلاء مائة ألف أو يزيدون، فالشك إنما دخل على حكاية قول المخلوقين. قال مقاتل والكلبي: كانوا يزيدون عشرين ألفاً. وقال الحسن: بضعاً وثلاثين ألفاً. وقال سعيد بن جبير: سبعين ألفاً. وقرأ جعفر بن محمد ويزيدون بدون ألف الشك. وقد وقع الخلاف بين المفسرين هل هذا الإرسال المذكور هو الذي كان قبل التقام الحوت له، وتكون الواو في وأرسلناه لمجرد الجمع بين ما وقع له مع الحوت وبين إرساله إلى قومه من غير اعتبار تقديم ما تقدم في السياق وتأخير ما تأخر، أو هو إرسال له بعد ما وقع له مع الحوت ما وقع على قولين، وقد قدمنا الإشارة إلى الاختلاف بين أهل العلم هل كان قد أرسل قبل أن يهرب من قومه إلى البحر أو لم يرسل إلا بعد ذلك؟ والراجح أنه كان رسولاً قبل أن يذهب إلى البحر كما يدل عليه ما قدمنا في سورة يونس وبقي مستمراً على الرسالة، وهذا الإرسال المذكور هنا هو بعد تقدم نبوته ورسالته.
1480 "فآمنوا فمتعناهم إلى حين" أي وقع منهم الإيمان بعد ما شاهدوا أعلام نبوته فمتعهم الله في الدنيا إلى حين انقضاء آجالهم ومنتهى أعمارهم. وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن مسعود قال: إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخضر هو إلياس". وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وضعفه عن أنس قال "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً فإذا رجل في الوادي يقول: اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها فأشرفت على الوادي فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال من أنت؟ فقلت: أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أين هو؟ فقلت: هو ذا يسمع كلامك، قال فأته وأقرئه مني السلام وقل له أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فجاء حتى عانقه وقعدا يتحدثان، فقال له: يا رسول الله إني إنما آكل في كل سنة يوماً وهذا يوم فطري فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا وأطعماني وصليا العصر ثم ودعه، ثم رأيته مر على السحاب نحو السماء". قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له: بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله: "أتدعون بعلاً" قال: صنماً. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عنه في قوله: " سلام على إل ياسين " قال: نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: بعث الله يونس إلى أهل قريته فردوا عليه ما جاءهم به فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فاخرج من بين أظهرهم، فاعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا ارمقوه فإن خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليل التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج فرآه القوم فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم وفرقوا بين كل دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله وأنابوا واستقالوا فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية وأهلها حتى مر به مار، فقال ما فعل أهل القرية؟ قال: إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها ثم عجوا إلى الله وتابوا إليه، فتقبل منهم وأخر عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك: لا أرجع إليهم كذاباً أبداً ومضى على وجهه، وقد قدمنا الكلام على قصته وما روي فيها من سورة يونس فلا نكرره. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله: "فساهم" قال: اقترع "فكان من المدحضين" قال: المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "وهو مليم" قال: مسيء. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "فلولا أنه كان من المسبحين" قال: من المصلين. وأخرج وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "فلولا أنه كان من المسبحين" قال: من المصلين. وأخرج وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "فنبذناه بالعراء" قال: ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً "شجرة من يقطين" قال: القرع. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال: اليقطين كل شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عنه أيضاً قال: إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا "فنبذناه بالعراء" إلى قوله: "وأرسلناه إلى مائة ألف" وقد تقدم عنه ما يدل على أن رسالته كانت من قبل ذلك: وليس في الآية: ما يدل على ما ذكره كما قدمنا. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي بن كعب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله: "وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون" قال: يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي: غريب. وأخرج وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً. ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.
لما كانت قريش وقبائل من العرب يزعمون أن الملائكة بنات الله أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم باستفتائهم على طريقة التقريع والتوبيخ، فقال: 149- "فاستفتهم" يا محمد: أي استخبرهم "ألربك البنات ولهم البنون" أي كيف يجعلون لله على تقدير صدق ما زعموه من الكذب أدنى الجنسين وأوضعهما وهو الإناث، ولهم أعلاهما وأرفعهما وهم الذكور، وهل هذا إلا حيف في القسمة لضعف عقولهم وسوء إدراكهم ومثله قوله: " ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى ".
ثم زاد في توبيخهم وتقريعهم فقال: 150- "أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون" فأضرب عن الكلام الأول إلى ما هو أشد منه في التبكيت والتهكم بهم: أي كيف جعلوهم إناثاً وهم لم يحضروا عند خلقنا لهم، وهذا كقوله: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم" فبين سبحانه أن مثل ذلك لا يعلم إلا بالمشاهدة ولم يشهدوا، ولا دل دليل على قولهم من السمع، ولا هو مما يدرك بالعقل حتى ينسبوا إدراكه إلى عقولهم.
ثم أخبر سبحانه عن كذبهم فقال: 151- "ألا إنهم من إفكهم ليقولون".
ثم أخبر سبحانه عن كذبهم فقال: 152- " ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون " فبين سبحانه أن قولهم هذا هو من الإفك والافتراء من دون دليل ولا شبهة دليل فإنه لم يلد ولم يولد. قرأ الجمهور "ولد الله" فعلاً ماضياً مسنداً إلى الله. قرئ بإضافة ولد إلى الله على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي يقولون الملائكة ولد الله، والولد بمعنى مفعول يستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث.
ثم كرر سبحانه تقريعهم وتوبيخهم فقال: 153- "أصطفى البنات على البنين" قرأ الجمهور بفتح الهمزة على أنها للاستفهام الإنكاري، وقد حذف معها همزة الوصل استغناء به عنها. وقرأ نافع في رواية عنه وأبو جعفر وشيبة والأعمش بهمزة وصل تثبت ابتداء وتسقط درجاً، ويكون الاستفهام منوياً قاله الفراء. وحذف حرفه للعلم به من المقام، أو على أن اصطفى وما بعده بدل من الجملة المحكية بالقول. وعلى تقدير عدم الاستفهام والبدل. فقد حكى جماعة من المحققين منهم الفراء أن التوبيخ يكون باستفهام وبغير استفهام كما في قوله: "أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا" وقيل هو على إضمار القول.