سورة نوح | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 570 من المصحف
قوله: 40- "فلا أقسم" لا زائدة كما تقدم قريباً، والمعنى: فأقسم "برب المشارق والمغارب" يعني مشرق كل يوم من أيام السنة ومغربه. قرأ الجمهور "المشارق والمغارب" بالجمع، وقرأ أبو حيوة وابن محيصن وحميد بالإفراد.
41- " إنا لقادرون * على أن نبدل خيرا منهم " أي على أن نخلق أمثل منهم، وأطوع لله حين عصوه ونهلك هؤلاء "وما نحن بمسبوقين" أي بمغلوبين إن أردنا ذلك بل نفعل ما أردنا لا يفوتنا شيء ولا يعجزنا أمر، ولكن مشيئتنا وسابق علمنا اقتضينا تأخير عقوبة هؤلاء وعدم تبديلهم بخلق آخر.
42- "فذرهم يخوضوا ويلعبوا" أي اتركهم يخوضوا في باطلهم ويلعبوا في دنياهم، واشتغل بما أمرت به ولا يعظمن عليك ما هم فيه، فليس عليك إلا البلاغ "حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون" وهو يوم القيامة، وهذه الآية منسوخة بآية السيف. قرأ الجمهور "يلاقوا"، وقرأ أبو جعفر وابن محيصن وحميد ومجاهد " حتى يلاقوا ".
43- "يوم يخرجون من الأجداث سراعاً" يوم بدل من يومهم، وسراعاً منتصب على الحال من ضمير يخرجون، قرأ الجمهور "يخرجون" على البناء للفاعل. وقرأ السلمي والأعمش والمغيرة وعاصم في رواية على البناء للمفعول، والأجداث جمع جدث، وهو القبر "كأنهم إلى نصب يوفضون" قرأ الجمهور "نصب" بفتح النون وسكون الصاد. وقرأ ابن عامر وحلص بضم النون والصاد، وقرأ عمرو بن ميمون وأبو رجاء بضم النون وإسكان الصاد. قال في الصحاح: والنصب ما نصب فعبد من دون الله، وكذا النصب بالضم، وقد يحرك. قال الأعشى: وذا النصب المنصوب لا تعبدنه ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا والجمع الأنصاب، وقال الأخفش والفراء: النصب جمع النصب، مثل رهن ورهن، والأنصاب جمع النصب، فهو جمع الجمع، وقيل النصب جمع نصاب، وهو حجر أو صنم يذبح عليه، ومنه قوله -وما ذبح على النصب- وقال النحاس: نصب ونصب بمعنى واحد، وقيل معنى "إلى نصب" إلى غاية، وهي التي تنصب إليها بصرك، وقال الكلبي: إلى شيء منصوب علم أو راية: أي كأنهم إلى علم يدعون إليه، أو راية تنصب لهم يوفضون، قال الحسن: كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا الصيد فيها مخافة انفلاته. ومعنى يوفضون: يسرعون، والإيفاض الإسراع. يقال أوفض إيفاضاً: أي أسرع إسراعاً، ومنه قول الشاعر: فوارس ذبيان تحت الحديد كالجن يوفض من عبقر وعبقر: قرية من قرى الجن كما تزعم العرب، ومنه قول لبيد: كهول وشبان كجنة عبقر
وانتصاب 44- "خاشعة أبصارهم" على الحال من ضمير يوفضون وأبصارهم مرتفة به، والخشوع الذلة والخضوع: أي لا يرفعونها لما يتوقعونه من العذاب "ترهقهم ذلة" أي تغشاهم ذلة شديدة. قال قتادة: هي سواد الوجوه، ومنه غلام مراهق: إذا غشيه الاحتلام، يقال رهقه بالكسر يرهقه رهقاً: أي غشيه، ومثل هذا قوله: "ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة" والإشارة بقوله: "ذلك" إلى ما تقدم ذكره. وهو مبتدأ وخبره "اليوم الذي كانوا يوعدون" أي الذي كانوا يوعدونه في الدنيا على ألسنة الرسل قد حاق بهم وحضر ووقع بهم من عذابه ما وعدهم الله به، وإن كان مستقبلاً، فهو في حكم الذي قد وقع لتحقق وقوعه. وقد أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "فلا أقسم برب المشارق والمغارب" قال: للشمس كل يوم مطلع تطلع فيه، ومغرب تغرب فيه غير مطلعها بالأمس وغير مغربها بالأمس. وأخرج ابن جرير عنه "إلى نصب يوفضون" قال: إلى علم يستبقون. سورة نوح هي تسع وعشرون آية أو ثمان وعشرون آية وهي مكية وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت سورة "إنا أرسلنا نوحاً" بمكة. قوله: " إنا أرسلنا نوحا إلى قومه " قد تقدم أن نوحاً أول رسول أرسله الله، وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنون بن قينان بن شيث بن آدم، وقد تقدم مدة لبثه في قومه، وبيان جميع عمره، وبيان السن التس أرسل وهو فيها في سورة العنكبوت "أن أنذر قومك" أي بأن أنذر على أنها مصدرية، ويجوز أن تكون هي المفسرة، لأن في الإرسال معنى القول. وقرأ ابن مسعود أنذر بدون أن، وذلك على تقدير القول: أي: فقلنا له أنذر "من قبل أن يأتيهم عذاب أليم" أي عذاب شديد الألم، وهو عذاب النار. وقال الكلبي: هو ما نزل بهم من الطوفان.
وجملة 2- "قال يا قوم إني لكم نذير مبين" مستأنفة استئنافاً بيانياً على تقدير سؤال، كأنه قيل: فماذا قال نوح؟ فقال: قال لهم الخ. والمعنى: إني لكم منذر من عقاب الله ومخوف لكم ومبين لما فيه نجاتكم.
3- "أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون" أن هي التفسيرية لنذير، أو هي المصدرية: أي بأن اعتبدوا لله ولا تشركوا به غيره واتقوه: أي اجتنبوا ما يوقعكم في عذابه وأطيعون فيما آمركم به فإني رسول إليكم من عند الله.
4- "يغفر لكم من ذنوبكم" هذا جواب الأمر، ومن للتبعيض: أي بعض ذنوبكم، وهو ما سلف منها قبل طاعة الرسول وإجابة دعوته. وقال السدي: المعنى يغفر لكم ذنوبكم، فتكون من على هذا زائدة، وقيل المراد بالبعض ما لا يتعلق بحقوق العباد، وقيل هي لبيان الجنس، وقيل يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها "ويؤخركم إلى أجل مسمى" أي يؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى الذي قدره الله لكم بشرط الإيمان والطاعة فوق ما قدره لكم، على تقدير بقائكم على الكفر والعصيان، وقيل التأخير بمعنى البركة في أعمارهم إن آمنوا وعدم البركة فيها إن لم يؤمنوا. قال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم. وقال الزجاج: أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير ميتة المستأصلين بالعذاب. وقال الفراء: المعنى لا يميتكم غرقاً ولا حرقاً ولا قتلاً: "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر" أي ما قدره لكم على تقدير بقائكم على الكفر من العذاب إذا جاء وأنتم باقون على الكفر لا يؤخر بل يقع لا محالة فبادروا إلى الإيمان والطاعة. وقيل المعنى: إن أجل الله وهو الموت إذا جاء لا يمكنكم الإيمان، وقيل المعنى: إذا جاء الموت لا يؤخر سواء كان بعذاب أو بغير عذاب "لو كنتم تعلمون" أي شيئاً من العلم لسارعتم إلى ما أمرتكم به، أو لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر.
5- "قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً" أي قال نوح منادياً لربه وحاكياً له ما جرى بينه وبين قومه وهو أعلم به منه، إني دعوت قومي إلى ما أمرتني بأن أدعوهم إليه من الإيمان دعاء دائماً في الليل والنهار من غير تقصير.
6- "فلم يزدهم دعائي إلا فراراً" عما دعوتهم إليه وبعداً عنه. قال مقاتل: يعني تباعداً من الإيمان، وإسناد الزيادة إلى الدعاء لكونه سببها، كما في قوله: "زادتهم إيماناً". قرأ الجمهور "دعائي" بفتح الياء، وقرأ الكوفيون ويعقوب والدوري عن أبي عمرو بإسكانها، والاستثناء مفرغ.
7- "وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم" أي كلما دعوتهم إلى سبب المغفرة، وهو الإيمان بك، والطاعة لك "جعلوا أصابعهم في آذانهم" لئلا يسمعوا صوتي "واستغشوا ثيابهم" أي غطوا بها وجوههم لئلا يروني، وقيل جعلوا ثيابهم على رؤوسهم لئلا يسمعوا كلامي، فيكون استغشاء الثياب على هذا زيادة في سد الآذان، وقيل هو كناية عن العداوة، يقال لبس فلان ثياب العداوة، وقيل استغشوا ثيابهم لئلا يعرفهم فيدعوهم "وأصروا" أي استرموا على الكفر، ولم يقلعوا عنه ولا تابوا عنه "واستكبروا" عن قبول الحق، وعن امتثال ما أمرهم به "استكباراً" شديداً.
8- "ثم إني دعوتهم جهاراً" أي مظهراً لهم الدعوة مجاهراً لهم بها.
9- "ثم إني أعلنت لهم" أي دعوتهم معلناً لهم بالدعاء "وأسررت لهم إسراراً" أي وأسررت لهم الدعوة إسراراً كثيراً، قيل المعنى: أن يدعو الرجل بعد الرجل يكلمه سراً فيما بينه وبينه، والمقصود أنه دعاهم على وجوه متخالفة وأساليب متفاوتة. فلم ينجع ذلك فيهم. قال مجاهد: معنى أعلنت صحت، وقيل معنى أسررت: أتيتهم في منازلهم فدعوتهم فيها. وانتصاب جهاراً على المصدرية، لأن الدعاء يكون جهاراً ويكون غير جهار. فالجهار نوح من الدعاء كقولهم: قعد القرفصاء، ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف: أي دعاءً جهاراً، وأن يكون مصدراً في موضع الحال: أي مجاهراً، ومعنى ثم الدلالة على تباعد الأحوال، لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلط من أحدهما. قرأ الجمهور "إني" بسكون الياء، وقرأ أبو عمرو والحرميون بفتحها.
10- "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً" أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السابقة بإخلاص النية "إنه كان غفاراً" أي كثير المغفرة للمذنبين، وقيل معنى استغفروا: توبوا عن الكفر إنه كان غفاراً للتائبين.
فتح القدير - صفحة القرآن رقم 570
569قوله: 40- "فلا أقسم" لا زائدة كما تقدم قريباً، والمعنى: فأقسم "برب المشارق والمغارب" يعني مشرق كل يوم من أيام السنة ومغربه. قرأ الجمهور "المشارق والمغارب" بالجمع، وقرأ أبو حيوة وابن محيصن وحميد بالإفراد.
41- " إنا لقادرون * على أن نبدل خيرا منهم " أي على أن نخلق أمثل منهم، وأطوع لله حين عصوه ونهلك هؤلاء "وما نحن بمسبوقين" أي بمغلوبين إن أردنا ذلك بل نفعل ما أردنا لا يفوتنا شيء ولا يعجزنا أمر، ولكن مشيئتنا وسابق علمنا اقتضينا تأخير عقوبة هؤلاء وعدم تبديلهم بخلق آخر.
42- "فذرهم يخوضوا ويلعبوا" أي اتركهم يخوضوا في باطلهم ويلعبوا في دنياهم، واشتغل بما أمرت به ولا يعظمن عليك ما هم فيه، فليس عليك إلا البلاغ "حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون" وهو يوم القيامة، وهذه الآية منسوخة بآية السيف. قرأ الجمهور "يلاقوا"، وقرأ أبو جعفر وابن محيصن وحميد ومجاهد " حتى يلاقوا ".
43- "يوم يخرجون من الأجداث سراعاً" يوم بدل من يومهم، وسراعاً منتصب على الحال من ضمير يخرجون، قرأ الجمهور "يخرجون" على البناء للفاعل. وقرأ السلمي والأعمش والمغيرة وعاصم في رواية على البناء للمفعول، والأجداث جمع جدث، وهو القبر "كأنهم إلى نصب يوفضون" قرأ الجمهور "نصب" بفتح النون وسكون الصاد. وقرأ ابن عامر وحلص بضم النون والصاد، وقرأ عمرو بن ميمون وأبو رجاء بضم النون وإسكان الصاد. قال في الصحاح: والنصب ما نصب فعبد من دون الله، وكذا النصب بالضم، وقد يحرك. قال الأعشى: وذا النصب المنصوب لا تعبدنه ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا والجمع الأنصاب، وقال الأخفش والفراء: النصب جمع النصب، مثل رهن ورهن، والأنصاب جمع النصب، فهو جمع الجمع، وقيل النصب جمع نصاب، وهو حجر أو صنم يذبح عليه، ومنه قوله -وما ذبح على النصب- وقال النحاس: نصب ونصب بمعنى واحد، وقيل معنى "إلى نصب" إلى غاية، وهي التي تنصب إليها بصرك، وقال الكلبي: إلى شيء منصوب علم أو راية: أي كأنهم إلى علم يدعون إليه، أو راية تنصب لهم يوفضون، قال الحسن: كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا الصيد فيها مخافة انفلاته. ومعنى يوفضون: يسرعون، والإيفاض الإسراع. يقال أوفض إيفاضاً: أي أسرع إسراعاً، ومنه قول الشاعر: فوارس ذبيان تحت الحديد كالجن يوفض من عبقر وعبقر: قرية من قرى الجن كما تزعم العرب، ومنه قول لبيد: كهول وشبان كجنة عبقر
وانتصاب 44- "خاشعة أبصارهم" على الحال من ضمير يوفضون وأبصارهم مرتفة به، والخشوع الذلة والخضوع: أي لا يرفعونها لما يتوقعونه من العذاب "ترهقهم ذلة" أي تغشاهم ذلة شديدة. قال قتادة: هي سواد الوجوه، ومنه غلام مراهق: إذا غشيه الاحتلام، يقال رهقه بالكسر يرهقه رهقاً: أي غشيه، ومثل هذا قوله: "ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة" والإشارة بقوله: "ذلك" إلى ما تقدم ذكره. وهو مبتدأ وخبره "اليوم الذي كانوا يوعدون" أي الذي كانوا يوعدونه في الدنيا على ألسنة الرسل قد حاق بهم وحضر ووقع بهم من عذابه ما وعدهم الله به، وإن كان مستقبلاً، فهو في حكم الذي قد وقع لتحقق وقوعه. وقد أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "فلا أقسم برب المشارق والمغارب" قال: للشمس كل يوم مطلع تطلع فيه، ومغرب تغرب فيه غير مطلعها بالأمس وغير مغربها بالأمس. وأخرج ابن جرير عنه "إلى نصب يوفضون" قال: إلى علم يستبقون. سورة نوح هي تسع وعشرون آية أو ثمان وعشرون آية وهي مكية وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت سورة "إنا أرسلنا نوحاً" بمكة. قوله: " إنا أرسلنا نوحا إلى قومه " قد تقدم أن نوحاً أول رسول أرسله الله، وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنون بن قينان بن شيث بن آدم، وقد تقدم مدة لبثه في قومه، وبيان جميع عمره، وبيان السن التس أرسل وهو فيها في سورة العنكبوت "أن أنذر قومك" أي بأن أنذر على أنها مصدرية، ويجوز أن تكون هي المفسرة، لأن في الإرسال معنى القول. وقرأ ابن مسعود أنذر بدون أن، وذلك على تقدير القول: أي: فقلنا له أنذر "من قبل أن يأتيهم عذاب أليم" أي عذاب شديد الألم، وهو عذاب النار. وقال الكلبي: هو ما نزل بهم من الطوفان.
وجملة 2- "قال يا قوم إني لكم نذير مبين" مستأنفة استئنافاً بيانياً على تقدير سؤال، كأنه قيل: فماذا قال نوح؟ فقال: قال لهم الخ. والمعنى: إني لكم منذر من عقاب الله ومخوف لكم ومبين لما فيه نجاتكم.
3- "أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون" أن هي التفسيرية لنذير، أو هي المصدرية: أي بأن اعتبدوا لله ولا تشركوا به غيره واتقوه: أي اجتنبوا ما يوقعكم في عذابه وأطيعون فيما آمركم به فإني رسول إليكم من عند الله.
4- "يغفر لكم من ذنوبكم" هذا جواب الأمر، ومن للتبعيض: أي بعض ذنوبكم، وهو ما سلف منها قبل طاعة الرسول وإجابة دعوته. وقال السدي: المعنى يغفر لكم ذنوبكم، فتكون من على هذا زائدة، وقيل المراد بالبعض ما لا يتعلق بحقوق العباد، وقيل هي لبيان الجنس، وقيل يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها "ويؤخركم إلى أجل مسمى" أي يؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى الذي قدره الله لكم بشرط الإيمان والطاعة فوق ما قدره لكم، على تقدير بقائكم على الكفر والعصيان، وقيل التأخير بمعنى البركة في أعمارهم إن آمنوا وعدم البركة فيها إن لم يؤمنوا. قال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم. وقال الزجاج: أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير ميتة المستأصلين بالعذاب. وقال الفراء: المعنى لا يميتكم غرقاً ولا حرقاً ولا قتلاً: "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر" أي ما قدره لكم على تقدير بقائكم على الكفر من العذاب إذا جاء وأنتم باقون على الكفر لا يؤخر بل يقع لا محالة فبادروا إلى الإيمان والطاعة. وقيل المعنى: إن أجل الله وهو الموت إذا جاء لا يمكنكم الإيمان، وقيل المعنى: إذا جاء الموت لا يؤخر سواء كان بعذاب أو بغير عذاب "لو كنتم تعلمون" أي شيئاً من العلم لسارعتم إلى ما أمرتكم به، أو لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر.
5- "قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً" أي قال نوح منادياً لربه وحاكياً له ما جرى بينه وبين قومه وهو أعلم به منه، إني دعوت قومي إلى ما أمرتني بأن أدعوهم إليه من الإيمان دعاء دائماً في الليل والنهار من غير تقصير.
6- "فلم يزدهم دعائي إلا فراراً" عما دعوتهم إليه وبعداً عنه. قال مقاتل: يعني تباعداً من الإيمان، وإسناد الزيادة إلى الدعاء لكونه سببها، كما في قوله: "زادتهم إيماناً". قرأ الجمهور "دعائي" بفتح الياء، وقرأ الكوفيون ويعقوب والدوري عن أبي عمرو بإسكانها، والاستثناء مفرغ.
7- "وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم" أي كلما دعوتهم إلى سبب المغفرة، وهو الإيمان بك، والطاعة لك "جعلوا أصابعهم في آذانهم" لئلا يسمعوا صوتي "واستغشوا ثيابهم" أي غطوا بها وجوههم لئلا يروني، وقيل جعلوا ثيابهم على رؤوسهم لئلا يسمعوا كلامي، فيكون استغشاء الثياب على هذا زيادة في سد الآذان، وقيل هو كناية عن العداوة، يقال لبس فلان ثياب العداوة، وقيل استغشوا ثيابهم لئلا يعرفهم فيدعوهم "وأصروا" أي استرموا على الكفر، ولم يقلعوا عنه ولا تابوا عنه "واستكبروا" عن قبول الحق، وعن امتثال ما أمرهم به "استكباراً" شديداً.
8- "ثم إني دعوتهم جهاراً" أي مظهراً لهم الدعوة مجاهراً لهم بها.
9- "ثم إني أعلنت لهم" أي دعوتهم معلناً لهم بالدعاء "وأسررت لهم إسراراً" أي وأسررت لهم الدعوة إسراراً كثيراً، قيل المعنى: أن يدعو الرجل بعد الرجل يكلمه سراً فيما بينه وبينه، والمقصود أنه دعاهم على وجوه متخالفة وأساليب متفاوتة. فلم ينجع ذلك فيهم. قال مجاهد: معنى أعلنت صحت، وقيل معنى أسررت: أتيتهم في منازلهم فدعوتهم فيها. وانتصاب جهاراً على المصدرية، لأن الدعاء يكون جهاراً ويكون غير جهار. فالجهار نوح من الدعاء كقولهم: قعد القرفصاء، ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف: أي دعاءً جهاراً، وأن يكون مصدراً في موضع الحال: أي مجاهراً، ومعنى ثم الدلالة على تباعد الأحوال، لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلط من أحدهما. قرأ الجمهور "إني" بسكون الياء، وقرأ أبو عمرو والحرميون بفتحها.
10- "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً" أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السابقة بإخلاص النية "إنه كان غفاراً" أي كثير المغفرة للمذنبين، وقيل معنى استغفروا: توبوا عن الكفر إنه كان غفاراً للتائبين.
الصفحة رقم 570 من المصحف تحميل و استماع mp3