تفسير الطبري تفسير الصفحة 245 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 245
246
244
 الآية : 79
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نّأْخُذَ إِلاّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنّـآ إِذاً لّظَالِمُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال يوسف لإخوته: مَعاذَ اللّهِ أعوذ بـالله. وكذلك تفعل العرب فـي كل مصدر وضعته موضع يَفْعَل ويَفْعِل, فإنها تنصب, كقولهم: حمدا لله وشكرا له, بـمعنى: أحمد الله وأشكره والعرب تقول فـي ذلك: معاذ الله, ومعاذة الله, فتدخـل فـيه هاء التأنـيث كما يقولون: ما أحسن معناه هذا الكلام, وعوذ الله, وعوذة الله, وعياذ الله ويقولون: اللهمّ عائذا بك, كأنه قـيـل: أعوذ بك عائذا, أو أدعوك عائذا. أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ يقول: أستـجير بـالله من أن نأخذ بريئا بسقـيـم. كما:
15028ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: قالَ مَعاذَ اللّهِ أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وَجَدْنا متَاعَنا عِنْدَهُ إنّا إذًا لَظالِـمُونَ يقول: إن أخذنا غير الذي وجدنا متاعنا عنده أنا إذا نفعل ما لـيس لنا فعله, ونـجور علـى الناس.
15029ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ: قالُوا يا أيّها العَزِيزُ إنّ لَهُ أبـا شَيْخا كَبِـيرا فَخُذْ أحَدَنا مَكانَهُ إنّا نَرَاكَ مِنَ الـمُـحْسنِـين قالَ مَعاذَ اللّهِ أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إنّا إذًا لَظالِـمُونَ قال يوسف: إذا أتـيتـم أبـاكم فأقرئوه السلام, وقولوا له: إن ملك مصر يدعو لك أن لا تـموت حتـى ترى ابنك يوسف, حتـى يعلـم أن فـي أرض مصر صدّيقـين مثله.
الآية : 80
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَلَمّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوَاْ أَنّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مّوْثِقاً مّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأرْضَ حَتّىَ يَأْذَنَ لِيَ أَبِيَ أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }.
يعنـي تعالـى ذكره: فَلَـمّا اسْتَـيْأَسُوا مِنْهُ فلـما يئسوا منه من أن يخـلـى يوسف عن بنـيامين ويأخذ منهم واحدا مكانه وأن يجيبهم إلـى ما سألوه من ذلك. وقوله: اسْتَـيْأَسُوا استفعلوا, من يئس الرجل من كذا يـيأس. كما:
15030ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: فَلَـمّا اسْتَـيْأَسُوا مِنْهُ يئسوا منه ورأوا شدّته فـي أمره.
وقوله: خَـلَصُوا نَـجِيّا يقول بعضهم لبعض: يتناجون, لا يختلط بهم غيرهم. والنـجيّ جماعة القوم الـمنتـجين يسمى به الواحد والـجماعة, كما يقال: رجل عدل ورجال عدل, وقوم زور وفطر, وهو مصدر من قول القائل: نـجوت فلانا أنـجوه نـجيّا, جعل صفة ونعتا. ومن الدلـيـل علـى أن ذلك كما ذكرنا قول الله تعالـى: وَقَرّبْناهُ نَـجِيّا فوصف به الواحد, وقال فـي هذا الـموضع: خَـلَصوا نَـجِيّا فوصف به الـجماعة, ويجمع النّـجِيّ أنـجية, كما قال لبـيد:
وشَهدْتُ أنْـجِيَةَ الأُفـاقَةِ عالِـياكَعْبِـي وأرْدَافُ الـمُلُوكِ شُهُودُ
وقد يقال للـجماعة من الرجال: نـجوى, كما قال جلّ ثناؤه: وَإذْ هُمْ نَـجْوَى وقال: ما يَكُونُ مِنْ نَـجْوَى ثَلاثَةٍ وهم القوم الذين يتناجون. وتكون النـجوى أيضا مصدراكما قال الله: وإنّـمَا النّـجْوَى مِنَ الشّيْطانِتقول منه: نـجوت أنـجو نـجوى, فهي فـي هذا الـموضع: الـمناجاة نفسها, ومنه قول الشاعر:
بُنَـيّ بَدَا خِبّ نَـجْوَى الرّجالِفَكُنْ عِنْدَ سِرّكَ خَبّ النّـجِي
فـالنـجوى والنـجيّ فـي هذا البـيت بـمعنى واحد, وهو الـمناجاة, وقد جمع بـين اللغتـين.
وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله: خَـلَصُوا نَـجِيّا قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15031ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ: فَلَـمّا اسْتَـيْأَسُوا مِنْهُ خَـلَصُوا نَـجِيّا وأخـلص لهم شمعون, وقد كان ارتهنه, خَـلَوْا بـينهم نـجيّا يتناجون بـينهم.
15032ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: خَـلَصُوا نَـجِيّا خـلصوا وحدهم نـجيّا.
15033ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: خَـلَصُوا نَـجِيّا: أي خلا بعضهم ببعض, ثم قالوا: ماذا ترون.
وقوله: قالَ كَبِـيرُهُمْ اختلف أهل العلـم فـي الـمعنـيّ بذلك, فقال بعضهم: عنى به كبـيرهم فـي العقل والعلـم, لا فـي السنّ, وهو شمعون, قالوا: وكان روبـيـل أكبر منه فـي الـميلاد. ذكر من قال ذلك:
15034ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله تعالـى: قالَ كَبـيرُهُمْ قال: هو شمعون الذي تـخـلف, وأكبر منه, وأكبر منهم فـي الـميلاد روبـيـل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: قالَ كَبـيرهُمْ: شمعون الذي تـخـلف, وأكبر منه فـي الـميلاد روبـيـل.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبـير, عن سفـيان, عن ابن جريج, عن مـجاهد: قالَ كَبـيرُهُمْ قال: شمعون الذي تـخـلف, وأكبرهم فـي الـميلاد روبـيـل.
وقال آخرون: بل عَنَى به كبـيرهم فـي السنّ وهو روبـيـل. ذكر من قال ذلك:
15035ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا زيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: قالَ كَبـيرُهُمْ وهو روبـيـل أخو يوسف, وهو ابن خالته, وهو الذي نهاهم عن قتله.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: قالَ كَبـيرهُمْ قال: رُوبـيـل, وهو الذي أشار علـيهم أن لا يقتلوه.
15036ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ: قالَ كَبـيرُهُمْ فـي العلـم أنّ أبـاكُمْ قَدْ أخَذَ عَلَـيْكُمْ مَوْثقا مِنَ اللّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرّطْتُـمْ فِـي يُوسُفَ فَلَنْ أبْرَحَ الأرْضَ... الآية, فأقام روبـيـل بـمصر, وأقبل التسعة إلـى يعقوب فأخبروه الـخبر, فبكى وقال: يا بنـيّ ما تذهبون مرّة إلاّ نقصتـم واحدا, ذهبتـم مرّة فنقصتـم يوسف, وذهبتـم الثانـية فنقصتـم شمعون, وذهبتـم الاَن فنقصتـم روبـيـل.
15037ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: فَلَـمّا اسْتَـيْأَسُوا مِنْهُ خَـلَصُوا نَـجِيّا قال: ماذا ترون؟ فقال رُوبـيـل كما ذُكر لـي, وكان كبـير القوم: ألَـمْ تَعْلَـمُوا أنّ أبـاكمْ قَدْ أخَذَ عَلَـيْكمْ مَوْثِقا مِنَ اللّهِ لَتَأْتُنّنِـي بِهِ إلاّ أنْ يُحاطَ بِكُمْ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرّطْتُـمْ فِـي يُوسُفَ... الآية.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصحة قول من قال: عنى بقوله: قالَ كَبـيرُهُمْ رُوبـيـل لإجماع جميعهم علـى أنه كان أكبرهم سنّا, ولا تفهم العرب فـي الـمخاطبة إذا قـيـل لهم: فلان كبـير القوم مطلقا بغير وصل إلاّ أحد معنـيـين, إما فـي الرياسة علـيهم والسؤدد وإما فـي السنّ, فأما فـي العقل فإنهم إذا أرادوا ذلك وصلوه, فقالوا: هو كبـيرهم فـي العقل, فأما إذا أطلق بغير صلته بذلك فلا يفهم إلاّ ما ذكرت. وقد قال أهل التأويـل: لـم يكن لشمعون وإن كان قد كان من العلـم والعقل بـالـمكان الذي جعله الله به علـى إخوته رياسة وسؤدد, فـيعلـم بذلك أنه عنى بقوله: قالَ كَبِـيرُهُمْ فإذا كان ذلك كذلك فلـم يبق إلاّ الوجه الاَخر, وهو الكبر فـي السنّ, وقد قال الذين ذكرنا جميعا: رُوبـيـل كان أكبر القوم سنّا, فصحّ بذلك القول الذي اخترناه.
وقوله: ألَـمْ تَعْلَـمُوا أنّ أبـاكُمْ قَدْ أخَذَ عَلَـيْكُمْ مَوْثِقا مِنَ اللّهِ يقول: ألـم تعلـموا أيها القوم أن أبـاكم يعقوب قد أخذ علـيكم عهود الله ومواثـيقه لنأتـينه به جميعا, إلاّ أن يُحاط بكم, ومن قبل فعلتكم هذه تفريطكم فـي يوسف يقول: أو لـم تعلـموا من قبل هذا تفريطكم فـي يوسف. وإذا صرف تأويـل الكلام إلـى هذا الذي قلناه, كانت «ما» حينئذٍ فـي موضع نصب. وقد يجوز أن يكون قوله: وَمِنْ قَبْلُ ما فَرّطْتُـمْ فِـي يُوسُفَ خبرا مبتدأ, ويكون قوله: ألَـمْ تَعْلَـمُوا أنّ أبـاكُمْ قَدْ أخَذَ عَلَـيْكُمْ مَوْثِقا مِنَ اللّهِ خبرا متناهيا, فتكون «ما» حينئذٍ فـي موضع رفع, كأنه قـيـل: ومن قبل هذا تفريطكم فـي يوسف, فتكون «ما» مرفوعة ب «من» قبل هذا, ويجوز أن تكون «ما» التـي تكون صلة فـي الكلام, فـيكون تأويـل الكلام: ومن قبل هذا تفريطكم فـي يوسف.
وقوله: فَلَنْ أبْرَحَ الأرْضَ التـي أنا بها وهي مصر فأفـارقها, حتـى يَأْذَنَ لـي أبـي بـالـخروج منها, كما:
15038ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: فَلَنْ أبْرَحَ الأرْضَ التـي أنا بها الـيوم, حتـى يَأْذَنَ لـي أبِـي بـالـخروج منها.
15039ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال شمعون: لَنْ أبْرَحَ الأرْضَ حتـى يَأْذَنَ لـي أبِـي أوْ يَحْكُمَ اللّهُ لـي وَهُوَ خَيْرُ الـحاكمِينَ.
وقوله: أوْ يَحْكُمَ اللّهُ لـي: أو يفضَي لـي ربـي بـالـخروج منها وترك أخي بنـيامين, وإلاّ فإنـي غير خارج: وَهُوَ خَيْرُ الـحاكمينَ يقول: والله خير من حكم وأعدل من فصَل بـين الناس.
وكان أبو صالـح يقول فـي ذلك بـما:
15040ـ حدثنـي الـحسين بن يزيد السبـيعيّ, قال: حدثنا عبد السلام بن حرب, عن إسماعيـل بن أبـي خالد, عن أبـي صالـح فـي قوله: حتـى يَأْذَنَ لـي أبِـي أوْ يَحْكُمَ اللّهُ لـي قال: بـالسيف.
وكأن أبـا صالـح وجه تأويـل قوله: أوْ يَحْكُمَ اللّهُ لـي إلـى: أو يفضي الله لـي بِحَربَ مَنْ منعنـي من الانصراف بأخي بنـيامين إلـى أبـيه يعقوب, فأحاربه.
الآية : 81
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ارْجِعُوَاْ إِلَىَ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَأَبَانَا إِنّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل رُوبـيـل لإخوته حين أخذ يوسف أخاه بـالصواع الذي استـخرج من وعائه: ارْجِعُوا إخوتـي إلـى أبِـيكُمْ يعقوب فَقُولُوا له يا أبـانَا إنّ ابْنكَ بنـيامين سَرَقَ. والقراءة علـى قراءة هذا الـحرف بفتـح السين والراء والتـخفـيف: إنّ ابْنَكَ سَرَقَ. ورُوي عن ابن عبـاس: «إِن ابْنَكَ سُرّقَ» بضم السين وتشديد الراء, علـى وجه ما لـم يسمّ فـاعله, بـمعنى: أنه سُرّق. وَما شَهِدْنا إلاّ بِـمَا عَلِـمْنا.
واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معناه: وما قلنا إنه سَرَق إلاّ بظاهر علـمنا بأن ذلك كذلك, لأن صوَاع الـملك أصيب فـي وعائه دون أوعية غيره. ذكر من قال ذلك:
15041ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: ارْجِعُوا إلـى أبِـيكُمْ فإنـي ما كنت راجعا حتـى يأتـينـي أمره, فقُولُوا يا أبـانَا إنّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إلاّ بِـمَا عَلِـمْنا: أي قد وُجِدَت السرقة فـي رحله, ونـحن ننظر لا علـم لنا بـالغيب. وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما شهدنا عند يوسف بأن السارق يؤخذ بسرقته إلاّ بـما علـمنا. ذكر من قال ذلك:
15042ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: قال لهم يعقوب علـيه السلام: ما يدري هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته إلاّ بقولكم؟ فقالوا: ما شَهِدْنا إلاّ بِـمَا عَلِـمْنا لـم نشهد أن السارق يؤخذ بسرقته إلاّ وذلك الذي علـمنا. قال: وكان الـحكم عند الأنبـياء يعقوب وبنـيه أن يؤخذ السارق بسرقته عبدا فـيسترقّ.
وقوله: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ يقول: وما كنا نرى أن ابنك يَسْرِق ويصير أمرنا إلـى هذا, وإنـما قلنا ونَـحْفَظُ أخانا مـما لنا إلـى حفظه منه السبـيـل.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15043ـ حدثنا الـحسين بن الـحريث أبو عمار الـمروزي, قال: حدثنا الفضل بن موسى, عن الـحسين بن واقد, عن يزيد, عن عكرمة: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ قال: ما كنا نعلـم أن ابنك يسرق.
15044ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ لـم نشعر أنه سيسرق.
حدثنا مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ قال: لـم نشعر أنه سيسرق.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ قال: لـم نشعر أنه سيسرق.
15045ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد وأبو سفـيان, عن معمر, عن قتادة: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِين قال: ما كنا نظنّ ولا نشعر أنه سيسرق.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ قال: ما كنا نرى أنه سيسرق.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وَما كُنّا للغَيْبِ حافِظِينَ قال: ما كنا نظنّ أن ابنك يسرق.
وأولـى التأويـلـين بـالصواب عندنا فـي قوله: وَما شَهِدْنا إلاّ بِـمَا عَلِـمْنا قول من قال: وما شهدنا بأن ابنك سرق إلاّ بـما علـمنا من رؤيتنا للصواع فـي وعائه لأنه عقـيب قوله: إنّ ابْنَكَ سَرَقَ فهو بأن يكون خبرا عن شهادتهم بذلك أولـى من أن يكون خبرا عما هو منفصل. وذكر أن الغيب فـي لغة حمير هو اللـيـل بعينه.
الآية : 82
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الّتِي كُنّا فِيهَا وَالّعِيْرَ الّتِيَ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنّا لَصَادِقُونَ }.
يقول: وإن كنت متهما لنا لا تصدّقنا علـى ما نقول من أن ابنك سرق, فـاسأل القرية التـي كنا فـيها, وهي مصر. يقول: سل من فـيها من أهلها, والعِيرَ التـي أقْبَلْنا فِـيها وهي القافلة التـي كنا فـيها, التـي أقبلنا منها معها, عن خبر ابنك وحقـيقة ما أخبرناك عنه من سرقه, فإنك تـخبر مصداق ذلك. وإنّا لَصَادِقونَ فـيـما أخبرناك من خبره.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15046ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: واسأَلِ القَرْيَةَ التـي كنا فِـيها وهي مصر.
15047ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس: وَاسأَلِ القَرْيَةَ التـي كُنّا فِـيها قال: يعنون مصر.
15048ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: قد عرف رُوِبـيـل فـي رَجْع قوله لإخوته أنهم أهلِ تَهَمة عند أبـيهم, لـما كانوا صنعوا فـي يوسف, وقولهم له: اسألِ القَرْيَةَ التـي كُنّا فِـيها والعِيرَ التـي أقْبَلْنا فِـيها فقد علـموا ما علـمنا وشهدوا ما شهدنا إن كنت لا تصدقنا وَإنّا لَصَادِقُونَ.
الآية : 83
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }.
قال أبو جعفر: فـي الكلام متروك, وهو: فرجع إخوة بنـيامين إلـى أبـيهم, وتـخـلّف روبـيـل, فأخبروه خبره, فلـما أخبروه أنه سرق قال: بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرا يقول: بل زيّنت لكم أنفكسم أمرا همـمتـم به وأردتـموه. فصَبْرٌ جَمِيـلٌ يقول: فصبري علـى ما نالنـي من فقد ولدي صبر جميـل لا جزع فـيه ولا شكاية, عسى الله أن يأتـينـي بأولادي جميعا فـيردّهم علـيّ. إنّهُ هُوَ العَلِـيـمُ بوحدتـي وبفقدهم وحزنـي علـيهم وصدق ما يقولون من كذبه. الـحَكِيـمِ فـي تدبـيره خـلقه.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15049ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرا فَصَبْرٌ جَمِيـلٌ يقول: زينت.
وقوله: عَسَى اللّهُ أنْ يَأْتِـيَنِـي بِهِمْ جَمِيعا يقول: بـيوسف وأخيه وروبـيـل.
15050ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: لـما جاءوا بذلك إلـى يعقوب, يعنـي بقول روبـيـل لهم اتهمهم, وظنّ أن ذلك كفعلتهم بـيوسف, ثم قال: بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرا فَصَبْرٌ جَميـلٌ عَسَى اللّهُ أنْ يَأْتِـيَنِـي بهِمْ جَميعا: أي بـيوسف وأخيه وروبـيـل.
الآية : 84
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَتَوَلّىَ عَنْهُمْ وَقَالَ يَأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ }.
يعنـي تعالـى ذكره بقوله: وَتَوَلّـى عَنْهُمْ وأعرض عنهم يعقوب, وَقالَ يا أسَفـا علـى يُوسُفَ يعنـي: يا حزنا علـيه. يقال: إن الأسف هو أشدّ الـحزن والتندم, يقال منه: أسفت علـى كذا آسف علـيه أسفـا. يقول الله جلّ ثناؤه: وابـيضت عينا يعقوب من الـحزن فَهُوَ كَظِيـمٌ يقول: فهو مكظوم علـى الـحزن, يعنـي أنه مـملوء منه مـمسك علـيه لا يبـينه صرف الـمفعول منه إلـى فعيـل. ومنه قوله: والكاظِمِينَ الغَيْظَ وقد بـيّنا معناه بشواهده فـيـما مضى.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ما قلنا فـي تأويـل قوله وَقالَ يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ :
15051ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق: وَتَوَلّـى عَنْهُمْ أعرض عنهم, وتتامّ حزنه, وبلغ مـجهوده, حين لـحق بـيوسف أخوه وهيّج علـيه حزنه علـى يوسف, فقال: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ وابْـيَضّتْ عَيْناهُ مِنَ الـحُزْنِ فَهُوَ كَظِيـمٌ.
15052ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَتَوَلّـى عَنْهُمْ وَقالَ يا أسَفـا علـى يُوسُفَ يقول: يا حَزَنَى علـى يوسف.
15053ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ: يا حَزَنَا.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ: يا جزعاه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ يا جزعاه حزنا.
حدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ قال: يا جزعا.
15054ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ أي حزناه.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ قال: يا حزناه.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن حميد الـمَعْمَري, عن معمر, عن قتادة, نـحوه.
15055ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس: وَقالَ يا أسَفـا علـى يُوسُفَ....
15056ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن أبـي حجيرة, عن الضحاك: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ قال: يا حَزَنا علـى يوسف.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أبـي مرزوق, عن جويبر, عن الضحاك: يا أسَفَـا يا حزناه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: ثنـي هشيـم, قال: أخبرنا جويبر عن الضحاك: يا أسَفَـا يا حزنا علـى يوسف.
15057ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري, عن سفـيان العصفري, عن سعيد بن جبـير, قال: لـم يعط أحدٌ غير هذه الأمة الاسترجاع, ألا تسمعون إلـى قول يعقوب: يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم, قال: حدثنا سفـيان, عن سعيد بن جبـير, نـحوه.
ذكر من قال ما قلنا فـي تأويـل قوله تعالـى وَابْـيَضّتْ عَيْناهُ مِنَ الـحُزْنِ فَهُوَ كَظِيـمٌ:
15058ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فهُوَ كَظِيـمٌ قال: كظيـم الـحزن.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: كظيـم الـحزن.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, نـحوه.
حدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: الـحزن.
حدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فَهُوَ كَظِيـمٌ مكمود.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: كظيـم علـى الـحزن.
15059ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: الكظيـم: الكميد.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا الـمـحاربـي, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: فَهُو كَظِيـمٌ قال كميد.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: كَظِيـمٌ قال: كميد.
15060ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَابْـيَضّتْ عَيْناهُ مِنَ الـحُزْنِ فَهُوَ كَظِيـمٌ يقول: يردّد حزنه فـي جوفه ولـم يتكلـم بسوء.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, فـي قوله: فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: كظيـم علـى الـحزن فلـم يقل بأسا.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا الـحسين بن الـحسن, قال: حدثنا ابن الـمبـارك, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, فـي قوله: وَابْـيَضّتْ عَيْناهُ مِنَ الـحُزْنِ فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: كظيـم علـى الـحزن فلـم يقل إلاّ خيرا.
15061ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن يـمان, عن يزيد بن زُريع, عن عطاء الـخراسانـيّ: فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: مكروب.
15062ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ: فَهُوَ كَظِيـمٌ قال: من الغيظ.
15063ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَابْـيَضّتْ عَيناهْ مِنَ الـحُزْنِ فَهُوَ كَظِيـمٌ. قال: الكظيـم: الذي لا يتكلـم, بلغ به الـحزن حتـى كان لا يكلـمهم.
الآية : 85
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّىَ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ }.
يعنـي تعالـى ذكره: قال ولد يعقوب الذين انصرفوا إلـيه من مصر له حين قال يا أسَفَـا علـى يُوسُفَ: تالله لا تزال تذكر يوسف.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15064ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: تَفْتَؤُ تَفْتَرّ من حبه.
15065ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: تَفْتَأ ما تفتر من حبه, كذا قال الـحسن فـي حديثه, وهو غلط, إنـما هو: تَفْتَرّ من حبه, تزال تذكر يوسف.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: قالُوا تاللّهِ تَفْتَأ تَذْكُرُ يُوسُفَ قال: لا تفترّ من حبه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: تَفْتَؤُ: تفتر من حبه.
15066ـ قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: تاللّهِ تَفْتَأ تَذْكُرُ يُوسُفَ قال: لا تزال تذكر يوسف.
15067ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن أسرائيـل, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عبـاس: قالُوا تاللّهِ تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ قال: لا تزال تذكر يوسف, قال: لا تفتر من حبه.
15068ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: تَفْتُؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ قال: لا تزال تذكر يوسف.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ قال: لا تزال تذكر يوسف.
يقال منه: ما فَتِئْت أقول ذاك, وما فَتَأْتُ لغة, أَفتـىء وأفْتَأُ فَتْأً وفُتُوءا. وحُكي أيضا ما أفتأت به ومنه قول أوس بن حجر:
فما فَتِئَتْ حتـى كأنّ غُبـارَهاسُرَادِقُ يَوْمٍ ذي رِياحٍ تَرَفّعُ
وقول الاَخر:
فمَا فَتِئَتْ خَيْـلٌ تَثُوبُ وتَدّعِيويَـلْـحَقُ مِنها لاحِقٌ وتَقَطّعُ
بـمعنى: فما زالت. وحذفت «لا» من قوله تَفْتَأ وهي مرادة فـي الكلام, لأن الـيـمين إذا كان ما بعدها خبرا لـم يصحبها الـجحد, ولـم تسقط اللام التـي يجاب بها الأيـمان, وذلك كقول القائل: والله لاَتـينك, وإذا كان ما بعدها مـجحودا تلقـيت ب «ما» أو ب«لا» فلـما عرف موقعها حذفت من الكلام لـمعرفة السامع بـمعنى الكلام, ومنه قول امرىء القـيس:
فقُلْتُ يَـمِينُ اللّهِ أبْرَحُ قاعِداولو قَطّعُوا رأسِي لَدَيْكِ وأوْصَالـي
فحذفت «لا» من قوله: «أبرح قاعدا», لـما ذكرت من العلة, كما قال الاَخر:
فَلا وأبـي دَهْماءَ زَالَتْ عَزِيزَةًعلـى قومِها ما فَتّلَ الزّنْدَ قادِحُ
يريد: لا زالت.
وقوله: حتـى تَكُونَ حَرَضا يقول: حتـى تكون دنف الـجسم, مخبول العقل. وأصل الـحرض: الفساد فـي الـجسم والعقل من الـحزن أو العشق ومنه قول العرْجيّ:
إنـي امْرُؤٌ لَـجّ بـي حُبّ فأحْرَضَنـيحتـى بَلِـيتُ وحتـى شَفّنِـي السّقَمُ
يعنـي بقوله: «فأحرضنـي»: أذابنـي فتركنـي مُـحْرَضا, يقال منه: رجل حَرَض, وامرأة حَرَض, وقوم حَرَض, ورجلان حَرَض, علـى صورة واحدة للـمذكر والـمؤنث وفـي التثنـية والـجمع, ومن العرب من يقول للذكر: حارض, وللأنثى حارضة, فإذا وصف بهذا اللفظ ثنـي وجمع وذكر وأنث, ووحد حرض بكل حال, ولـم يدخـله التأنـيث لأنه مصدر, فإذا أخرج علـى فـاعل علـى تقدير الأسماء لزمه ما يـلزم الأسماء من التثنـية والـجمع والتذكير والتأنـيث. وذكر بعضهم سماعا: رجل مـحرض: إذا كان وجعا, وأنشد فـي ذلك بـيتا:
طَلَبَتْهُ الـخَيْـلُ يَوْما كامِلاًولَوْ آلْفَتْهُ لأَضْحَى مُـحْرَضَا
وذُكر أن منه قول امرىء القـيس:
أرَى الـمَرْءَ ذا الأذْوَادِ يُصْبحُ مُـحْرضاكإحْرَاضِ بَكْرٍ فـي الدّيارِ مَرِيضِ
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15069ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: حتـى تَكُونَ حَرَضا يعنـي: الـجهد فـي الـمرض البـالـي.
15070ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: حتـى تَكُونَ حَرَضا قال: دون الـموت.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن فضيـل, عن لـيث, عن مـجاهد: حتـى تَكُونَ حَرَضا قال: الـحرض: ما دون الـموت.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
15071ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: حتـى تَكُونَ حَرَضا حتـى تبلـى أو تهرم.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: حتـى تَكُونَ حَرَضا حتـى تكون هرما.
15072ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أبـي بكر الهذلـي, عن الـحسن: حتـى تَكُونَ حَرَضا قال: هرما.
15073ـ قال: حدثنا الـمـحاربـي, عن جويبر, عن الضحاك, قال: الـحرض: الشيء البـالـي.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: حتـى تَكُونَ حَرَضا قال: الـحرض: الشيء البـالـي الفـانـي.
قال: حدثنا سويد بن نصر, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن أبـي معاذ, عن عبـيد بن سلـيـمان, عن الضحاك: حتـى تَكُونَ حَرَضا الـحرض: البـالـي.
حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان, عن الضحاك يقول فـي قوله: حتـى تَكُونَ حَرَضا: هو البـالـي الـمندثر.
15074ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ: حتـى تَكُونَ حَرَضا بـالـيا.
15075ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: لـما ذكر يعقوب يوسف, قالوا: يعنـي ولده الذين حضروه فـي ذلك الوقت جهلاً وظلـما تاللّهِ تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حتـى تَكُونَ حَرَضا أي تكون فـاسدا لا عقل لك أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ.
15076ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: حتـى تَكُونَ حَرَضا أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قال: الـحرض: الذي قد ردّ إلـى أرذل العمر حتـى لا يعقل, أو تهلك فتكون هالكا قبل ذلك.
وقوله: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ يقول: أو تكون مـمن هلك بـالـموت.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15077ـ حدثنـي ابن وكيع, قال: حدثنا ابن فضيـل, عن لـيث, عن مـجاهد: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قال: الـموت.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ من الـميتـين.
15078ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا الـمـحاربـي, عن جويبر, عن الضحاك: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قال: الـميتـين.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, مثله.
15079ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو بن عون, عن أبـي بكر الهذلـي, عن الـحسن: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قال: الـميتـين.
15080ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قال أو تـموت.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قال: من الـميتـين.
15081ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ: أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قال: من الـميتـين.
الآية : 86
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ إِنّمَآ أَشْكُو بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال يعقوب للقائلـين له من ولده تاللّهِ تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حتـى تَكُونَ حَرَضًا أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ: لست إلـيكم أشكو بثـي وحزنـي, وإنـما أشكو ذلك إلـى الله.
ويعنـي بقوله: إنّـمَا أشْكُو بَثّـي ما أشكو همي وَحُزْنِـي إلاّ إلـى اللّهِ.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج: إنّـمَا أشْكُو بَثّـي قال: ابن عبـاس: بثّـي: همي.
حدثنا ابن حميد, قال:.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15082ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج: إنّـمَا أشْكُو بَثّـي قال: ابن عبـاس: بثّـي: همي.
15083ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, قال: قال يعقوب عن علـم بـالله: إنّـمَا أشْكُوا بَثّـي وَحُزْنِـي إلـى اللّهِ وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ لـما رأى من فظاظتهم وغلظتهم وسوء لفظهم له: لـم أشك ذلك إلـيكم, وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ.
15084ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, عن عوف, عن الـحسن: إنّـمَا أشْكُو بَثّـي وحُزْنِـي إلـى اللّهِ قال: حاجتـي وحزنـي إلـى الله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا هوذة بن خـلـيفة, قال: حدثنا عوف, عن الـحسن, مثله.
وقـيـل: إن البثّ أشدّ الـحزن, وهو عندي من بَثّ الـحديث, وإنـما يراد منه: إنـما أشكو خبري الذي أنا فـيه من الهمّ, وأبثّ حديثـي وحزنـي إلـى الله.
15085ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن عوف, عن الـحسن: إنّـمَا أشْكُو بَثّـي قال: حزنـي.
15086ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن عوف, عن الـحسن: إنّـمَا أشْكُو بَثّـي وَحُزُنِـي قال: حاجتـي.
وأما قوله: وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ فإن ابن عبـاس كان يقول فـي ذلك فـيـما ذكر عنه ما:
15087ـ حدثنـي به مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ يقول: أعلـم أن رؤيا يوسف صادقة وأنـي سأسجد له.
15088ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ: قالَ إنّـمَا أشْكُو بثِـيّ وحُزْنِـي إلـى اللّهِ وأعْلَـمُ منَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ قال: لـما أخبروه بدعاء الـملك أحست نفس يعقوب, وقال: ما يكون فـي الأرض صدّيق إلاّ نبـيّ فطمع, قال: لعله يوسف.
15089ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: قالَ إنّـمَا أشْكُو بَثّـي وَحُزْنِـي إلـى اللّهِ الآية, ذكر لنا أن نبـيّ الله يعقوب لـم ينزل به بلاء قطّ إلاّ أتـى حسن ظنه بـالله من ورائه.
15090ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عيسى بن يزيد, عن الـحسن, قال: قـيـل: ما بلغ وَجْدُ يعقوب علـى ابنه؟ قال: وَجْد سبعين ثكلـى. قال: فما كان له من الأجر؟ قال: أجر مئة شهيد. قال: وما ساء ظنه بـالله ساعة من لـيـل ولا نهار.
15091ـ حدثنا به ابن حميد مرّة أخرى, قال: حدثنا حكام, عن أبـي معاذ, عن يونس, عن الـحسن, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, مثله.
15092ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن الـمبـارك بن مـجاهد, عن رجل من الأزد, عن طلـحة بن مصرّف الإيامي, قال: ثلاثة لا تذكرهن واجتنب ذكرهن: لا تشك مرضك, ولا تشك مصيبتك, ولا تزك نفسك. قال: وأنبئت أن يعقوب بن إسحاق دخـل علـيه جار له, فقال له: يا يعقوب ما لـي أراك قد انهشمت وفنـيت ولـم تبلغ من السنّ ما بلغ أبوك؟ قال: هشمنـي وأفنانـي ما ابتلانـي الله به من همّ يوسف وذكره. فأوحى الله إلـيه: يا يعقوب أتشكونـي إلـى خـلقـي؟ فقال: يا ربّ خطيئة أخطأتها, فـاغفرها لـي قال: فإنـي قد غفرت لك. وكان بعد ذلك إذا سئل, قال: إنّـمَا أشْكُو بَثّـي وحُزْنِـي إلـى اللّهِ وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ.
15093ـ حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: ثنـي مؤمل بن إسماعيـل, قال: حدثنا سفـيان, عن حبـيب بن أبـي ثابت, قال: بلغنـي أن يعقوب كبر حتـى سقط حاجبـاه علـى وجنتـيه, فكان يرفعهما بخرقة, فقال له رجل: ما بلغ بك ما أرى؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان. فأوحى الله إلـيه: يا يعقوب تشكونـي؟ قال: خطيئة فـاغفرها.
15094ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا ثور بن يزيد, قال: دخـل يعقوب علـى فرعون وقد سقط حاجبـاه علـى عينـيه, فقال: ما بلغ بك هذا يا إبراهيـم؟ فقالوا: إنه يعقوب, فقال: ما بلغ بك هذا يا يعقوب؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان. فقال الله: يا يعقوب أتشكونـي؟ فقال: يا ربّ خطيئة أخطأتها, فـاغفرها لـي.
15095ـ حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: حدثنا عبد الوهاب, قال: حدثنا هشام, عن لـيث بن أبـي سلـيـم, قال: دخـل جبرئيـل علـى يوسف السجن, فعرفه فقال: أيها الـملك الـحسن وجهه, الطيبة ريحه, الكريـم عل ربه, ألا تـخبرنـي عن يعقوب أحيّ هو؟ قال: نعم. قال: أيها الـملك الـحسن وجهه, الطيبة ريحه, الكريـم علـى ربه, فما بلغ من حزنه؟ قال: حزن سبعين مثكلة. قال: أيها الـملك الـحسن وجهه, الطيبة ريحه, الكريـم علـى ربه, فهل فـي ذلك من أجر؟ قال: أجر مئة شهيد.
15096ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن لـيث بن أبـي سلـيـم, عن مـجاهد, قال: حُدثت أن جبرئيـل أتـى يوسف صلّـى الله علـيهما وسلـم وهو بـمصر فـي صورة رجل فلـما رآه يوسف عرفه, فقام إلـيه, فقال: أيها الـملك الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, هل لك بـيعقوب من علـم؟ قال: نعم. قال: أيها الـملك الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, فكيف هو؟ قال: ذهب بصره. قال: أيها الـملك الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, وما الذي أذهب بصره؟ قال: الـحزن علـيك. قال: أيها الـملك الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, فما أعْطِيَ علـى ذلك؟ قال: أجر سبعين شهيدا.
15097ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال أبو شريح: سمعت من يحدّث أن يوسف سأل جبرئيـل: ما بلغ من حزن يعقوب؟ قال: حُزْنَ سبعين ثَكْلَـى. قال: فما بلغ أجره؟ قال: أجر سبعين شهيدا.
15098ـ قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي نافع بن زيد, عن عبـيد الله بن أبـي جعفر, قال: دخـل جبرئيـل علـى يوسف فـي البئر أو فـي السجن, فقال له يوسف: يا جبرئيـل, ما بلغ حزن أبـي؟ قال: حزن سبعين ثكلـى. قال: فما بلغ أجره من الله؟ قال: أجر مئة شهيد.
15099ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم, قال: ثنـي عبد الصمد بن معقل, قال: سمعت وهب بن منبه يقول: أتـى جبرئيـل يوسف بـالبشرى وهو فـي السجن, فقال: هل تعرفنـي أيها الصّدّيق؟ قال: أرى صورة طاهرة وروحا طيبة لا تشبه أرواح الـخاطئين. قال: فإنـي رسول ربّ العالـمين, وأنا الروح الأمين. قال: فما الذي أدخـلك علـيّ مُدْخَـل الـمذنبـين, وأنت أطيب الطيبـين, ورأس الـمقرّبـين, وأمين ربّ العالـمين؟ قال: ألـم تعلـم يا يوسف أنّ الله يطهر البـيوت بطهر النبـيـين, وأن الأرض التـي يدخـلونها هي أطهر الأرضين, وأن الله قد طهر بك السجن وما حوله يا طهر الطاهرين وابن الـمطهرين؟ إنـما يتطهر بفضل طهرك وطهر آبـائك الصالـحين الـمخـلصين. قال: كيف لـي بـاسم الصدّيقـين, وتعدنـي من الـمخـلصين, وقد أدخـلت مدخـل الـمذنبـين, وسميت بـالضالـين الـمفسدين؟ قال: لـم يفتتن قلبك, ولـم تطع سيدتك فـي معصية ربك, ولذلك سماك الله فـي الصدّيقـين, وعدّك من الـمخـلصين, وألـحقك بآبـائك الصالـحين. قال: لك علـم بـيعقوب أيها الروح الأمين؟ قال: نعم, وهبه الله الصبر الـجميـل, وابتلاه بـالـحزن علـيك, فهو كظيـم. قال: فما قدر حزنه؟ قال: حزن سبعين ثكلـى. قال: فماذا له من الأجر يا جبرائيـل؟ قال: قدر مئة شهيد.
15100ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن لـيث, عن ثابت البنانـي, قال: دخـل جبرئيـل علـى يوسف فـي السجن, فعرفه يوسف, قال: فأتاه فسلـم علـيه, فقال: أيها الـملك الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, هل لك من علـم بـيعقوب؟ قال: نعم. قال: أيها الـملك الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, هل تدري ما فعل؟ قال: ابـيضت عيناه. قال: أيها الـملك الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, مـمّ ذاك؟ قال: من الـحزن علـيك, قال: أيها الـملك الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, وما بلغ من حزنه؟ قال: حزن سبعين مثكلة. قال: أيها الـملك الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, الكريـم علـى ربه, هل له علـى ذلك من أجر؟ قال: نعم أجر مئة شهيد.
15101ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمرو, عن أسبـاط, عن السديّ, قال: أتـى جبرئيـل يوسف وهو فـي السجن فسلـم علـيه, وجاء فـي صورة رجل حسن الوجه طيب الريح نقـيّ الثـياب, فقال له يوسف: أيها الـملك الـحسن وجهه, الكريـم علـى ربه, الطيب ريحه, حدّثنـي كيف يعقوب؟ قال: حَزِن علـيك حزنا شديدا. قال: وما بلغ من حزنه؟ قال: حزن سبعين مُثْكَلة. قال: فما بلغ من أجره؟ قال: أجر سبعين أو مئة شهيد. قال يوسف: فإلـى من أَوَى بعدي؟ قال: إلـى أخيك بنـيامين. قال: فترانـي ألقاه أبدا؟ قال: نعم. فبكى يوسف لِـما لَقِـيَ أبوه بعده, ثم قال: ما أبـالـي ما لقـيت إنِ اللّهُ أرانـيه.
15102ـ قال: حدثنا عمرو بن مـحمد, عن إبراهيـم بن يزيد, عن عمرو بن دينار, عن عكرمة, قال: أتـى جبرئيـل يوسف وهو فـي السجن, فسلـم علـيه, فقال له يوسف: أيها الـملك الكريـم علـى ربه, الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, هل من علـم بـيعقوب؟ قال: نعم ما أشدّ حزنه قال: أيها الـملك الكريـم علـى ربه, الطيب ريحه, الطاهر ثـيابه, ماذا له من الأجر؟ قال: أجر سبعين شهيدا. قال: أفترانـي لاقـيه؟ قال: نعم. قال: فطابت نفس يوسف.
15103ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن لـيث, عن سعيد بن جبـير, قال: لـما دخـل يعقوب علـى الـملك وحاجبـاه قد سقطا علـى عينـيه, قال الـملك: ما هذا؟ قال: السنون والأحزان أو الهموم والأحزان, فقال ربه: يا يعقوب لـم تشكونـي إلـى خـلقـي, ألـم أفعل بك وأفعل؟.
15104ـ حدثنا حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عن علـى الـملك وحاجبـاه قد سقطا علـى عينـيه, قال الـملك: ما هذا؟ قال: السنون والأحزان أو الهموم والأحزان, فقال ربه: يا يعقوب لـم تشكونـي إلـى خـلقـي, ألـم أفعل بك وأفعل؟.
15105ـ حدثنا حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عنل: كان منذ خرج يوسف من عند يعقوب إلـى يوم رجع ثمانون سنة, لـم يفـارق الـحزنُ قلبه, يبكي حتـى ذهب بصره. قال الـحسن: والله ما علـى الأرض يومئذٍ خـلـيقة أكرم علـى الله من يعقوب صلى الله عليه وسلم