تفسير الطبري تفسير الصفحة 356 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 356
357
355
 الآية : 43-44
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمّ يُؤَلّفُ بَيْنَهُ ثُمّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزّلُ مِنَ السّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصَارِ * يُقَلّبُ اللّهُ اللّيْلَ وَالنّهَارَ إِنّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لاُوْلِي الأبْصَارِ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: ألَـمْ تَرَ يا مـحمد أنّ اللّهَ يُزْجِي يعنـي يسوق سَحَابـا حيث يريد. ثُمّ يُؤَلّفُ بَـيْنَهُ: يقول: ثم يؤلف بـين السحاب. وأضاف «بـين» إلـى السحاب, ولـم يذكر معه غيره, و«بـين» لا تكون مضافة إلا إلـى جماعة أو اثنـين, لأن السحاب فـي معنى جمع, واحده سحابة, كما يجمع النـخـلة: نَـخْـل, والتـمرة: تـمر, فهو نظير قول قائل: جلس فلان بـين النـخـل. وتألـيفُ الله السحاب: جمعه بـين متفرّقها.
وقوله: ثُمّ يَجْعَلُهُ رُكاما يقول: ثم يجعل السحاب الذي يزجيه ويؤلف بعضه إلـى بعض رُكاما يعنـي: متراكما بعضه علـى بعض. وقد:
19829ـ حدثنا عبد الـحميد بن بـيان, قال: أخبرنا خالد, قال: حدثنا مطر, عن حبـيب بن أبـي ثابت, عن عُبـيد بن عُمير اللـيثـيّ, قال: الرياح أربع: يبعث الله الريح الأولـى فتقمّ الأرض قَمّا, ثم يبعث الثانـية فتنشىء سحابـا, ثم يبعث الثالثة فتؤلف بـينه فتـجعله رُكاما, ثم يبعث الرابعة فتـمطره.
وقوله: فَتَرى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاِلِهِ يقول: فترى الـمطر يخرج من بـين السحاب, وهو الوَدْق, قال الشاعر:
فَلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهاوَلا أرْضَ أبْقَلَ إبْقَالَهَا
والهاء فـي قوله: مِنْ خِلالِهِ من ذكر السحاب, والـخلال: جمع خَـلَل. وذُكر عن ابن عبـاس وجماعة أنهم كانوا يقرءون ذلك: «مِنْ خَـلَلَهِ».
19830ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا حِرْميّ بن عُمارة, قال: حدثنا شعبة, قال: حدثنا قَتادة, عن الضحاك بن مزاحم أنه قرأ هذا الـحرف: فَتَرى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ: «مِنْ خَـلَلِهِ».
19831ـ قال: حدثنا شُعبة, قال: أخبرنـي عُمارة, عن رجل, عن ابن عبـاس, أنه قر هذا الـحرف: فَتَرى الوَدْقَ يَخْرجُ مِنْ خِلالِهِ: «من خَـلَله».
حدثنا أحمد بن يوسف, قال: حدثنا القاسم, قال: حدثنا حجاج, عن هارون, قال: أخبرنـي عُمارة بن أبـي حفصة, عن رجل, عن ابن عبـاس, أنه قرأها: «مِنْ خَـلَلِهِ» بفتـح الـخاء, من غير ألف.
قال هارون: فذكرت ذلك لأبـي عمرو, فقال: إنها لـحسنة, ولكن خِلاله أعمّ.
وأما قرّاء الأمصار, فإنهم علـى القراءة الأخرى: مِنْ خِلاَلِهِ وهي التـي نـختار, لإجماع الـحجة من القراء علـيها.
19832ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: فَتَرى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ قال: الودّق: القطر, والـخِلال: السحاب.
وقوله: وَيُنَزّلُ مِنَ السّماءِ مِنْ جِبـالٍ فِـيها مِنْ بَرَدٍ: قـيـل فـي ذلك قولان: أحدهما: أن معناه: وأن الله ينزل من السماء من جبـال فـي السماء من بَرَد, مخـلوقة هنالك خـلقه. كأن الـجبـال علـى هذا القول, هي من بَرَد, كما يقال: جبـال من طين. والقول الاَخر: أن الله ينزل من السماء قَدْر جبـال وأمثال جبـال من بَرَد إلـى الأرض, كما يقال: عندي بَـيْتان تبنا. والـمعنى: قدر بـيتـين من التبن, والبـيتان لـيسا من التبن.
وقوله: فَـيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَمّنْ يَشاءُ يقول: فـيعذّب بذلك الذي ينزل من السماء من جبـال فـيها من بَرَد من يشاء فـيهلكه, أو يهلك به زروعه وماله. وَيَصْرِفُهُ عَمّنْ يَشاءُ من خـلقه, يعنـي عن زروعهم وأموالهم.
وقوله: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بـالأبْصَارِ يقول: يكاد شدّة ضوء برق هذا السحاب يذهب بأبصار من لاقـى بصره. والسنا: مقصور, وهو ضوء البرق.) كما:
19833ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخُراسانـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ قال: ضوء برقه.
19834ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن معمر, عن قَتادة, فـي قوله: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يقول: لَـمَعان البرق يذهب بـالأبصار.
19835ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بـالأبْصَارِ قال: سناه: ضوء يذهب بـالأبصار.
وقرأت قرّاء الأمصار: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بفتـح الـياء من «يَذْهب», سوى أبـي جعفر القارىء فإنه قرأه بضم الـياء: «يُذْهِبُ بـالأبْصَارِ».
والقراءة التـي لا أختار غيرها هي فتـحها, لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها, وأن العرب إذا أدخـلت البـاء فـي مفعول «ذهبت», لـم يقولوا: إلا ذهب به, دون أذهبت به. وإذا أدخـلوا الألف فـي «أذهبت», لـم يكادوا أن يدخـلوا البـاء فـي مفعوله, فـيقولون: أذهبته, وذهبت به.
وقوله: يُقَلّبُ اللّهُ اللّـيْـلَ والنّهارَ يقول: يُعْقِب الله بـين اللـيـل والنهار ويصرفهما, إذا أذهب هذا جاء هذا, وإذا أَذهب هذا جاء هذا. إنّ فِـي ذلكَ لَعِبْرَةً لاِولـي الأبْصَارِ يقول: إنّ فـي إنشاء الله السحاب وإنزاله منه الوَدّقَ ومن السماء البردَ وفـي تقلـيبه اللـيـل والنهار, لعبرةً لـمن اعتبر به وعظةً لـمن اتعظ به مـمن له فهم وعقل لأن ذلك ينبىء ويدلّ علـى أنه له مدبّرا ومصرّفـا ومقلّبـا, لا يشبهه شيء.
الآية : 45
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللّهُ خَلَقَ كُلّ دَآبّةٍ مّن مّآءٍ فَمِنْهُمْ مّن يَمْشِي عَلَىَ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مّن يَمْشِي عَلَىَ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مّن يَمْشِي عَلَىَ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللّهُ مَا يَشَآءُ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: وَاللّهُ خَـلَق كُلّ دابّةٍ مِنْ ماءٍ فقرأته عامة قرّاء الكوفة غير عاصم: «وَاللّهْ خالِقُ كُلّ دَابّةٍ». وقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وعاصم: وَاللّهُ خَـلَقَ كُلّ دابّةٍ بنصب «كلّ», و«خَـلَقَ» علـى مثال «فَعَل». وهما قراءتان مشهورتان متقاربتا الـمعنى, وذلك أن الإضافة فـي قراءة من قرأ ذلك «خالق» تدلّ علـى أن معنى ذلك الـمضيّ, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وقوله: خَـلَقَ كُلّ دَابّةٍ مِنْ ماءٍ يعنـي: من نطفة. فَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي عَلـى بَطْنِهِ كالـحياة وما أشبهها. وقـيـل إنـما قـيـل: فَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي عَلـى بَطْنِهِ والـمشي لا يكون علـى البطن لأن الـمشي إنـما يكون لـما له قوائم, علـى التشبـيه, وأنه لـما خالط ما له قوائمُ ما لا قوائمَ له, جاز, كما قال: وَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي عَلـى رِجْلَـيْنِ كالطير, وَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي عَلـى أرْبَعٍ كالبهائم.
فإن قال قائل: فكيف قـيـل: فمنهم من يـمشي, و«مَن» للناس, وكلّ هذه الأجناس أو أكثرها لغيرهم؟ قـيـل: لأنه تفريق ما هو داخـل فـي قوله: وَاللّهُ خَـلَقَ كُلّ دَابّةٍ وكان داخلاً فـي ذلك الناس وغيرهم, ثم قال: فمنهم لاجتـماع الناس والبهائم وغيرهم فـي ذلك واختلاطهم, فكنى عن جميعهم كنايته عن بنـي آدم, ثم فسرهم ب«مَن», إذ كان قد كنى عنهم كناية بنـي آدم خاصة. يَخْـلُقُ اللّهُ ما يَشاءُ يقول: يحدث الله ما يشاء من الـخـلق. إنّ اللّهَ عَلـى كُلّ شَيْءٍ قَديرٌ يقول: إن الله علـى إحداث ذلك وخـلقه وخـلق ما يشاء من الأشياء غيره, ذو قدرة لا يتعذّر علـيه شيء أراد.
الآية : 46
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {لّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مّبَيّنَاتٍ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ }.
يقول تعالـى ذكره: لقد أنزلنا أيّها الناس علامات واضحات, دالاّت علـى طريق الـحقّ, وسبـيـل الرشاد. وَاللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إلـى صِراطٍ مُسْتَقِـيـمٍ يقول: والله يرشد من يشاء من خـلقه بتوفـيقه, فـيهديه إلـى دين الإسلام, وهو الصراط الـمستقـيـم والطريق القاصد الذي لا اعوجاج فـيه.
الآية : 47-48
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَيِقُولُونَ آمَنّا بِاللّهِ وَبِالرّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمّ يَتَوَلّىَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ مّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَآ أُوْلَـَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوَاْ إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مّعْرِضُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: ويقول الـمنافقون: صدّقنا بـالله وبـالرسول وأطعنا الله وأطعنا الرسول. ثُمّ يَتَوَلّـى فريق مِنْهُمْ يقول: ثم تُدْبِر كلّ طائفة منهم من بعد ما قالوا هذا القول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتدعو إلـى الـمـحاكمة إلـى غيره خصمَها. وَما أُولَئِكَ بـالـمُؤْمِنِـينَ يقول: ولـيس قائلو هذه الـمقالة, يعنـي قوله: آمَنّا بـاللّهِ وَبـالرّسُولِ وأطَعْنا بـالـمؤمنـين, لتركهم الاحتكام إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعراضهم عنه إذا دُعُوا إلـيه. وقوله: وَإذَا دُعُوا إلـى اللّهِ وَرَسُولِهِ يقول: وإذا دُعِي هؤلاء الـمنافقون إلـى كتاب الله وإلـى رسوله لِـيَحْكُمَ بَـيْنَهُمْ فـيـما اختصموا فـيه بحكم الله, إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ عن قبول الـحقّ والرضا بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الآية : 49-50
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِن يَكُنْ لّهُمُ الْحَقّ يَأْتُوَاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوَاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وإن يكن الـحقّ لهؤلاء الذين يدعون إلـى الله ورسوله لـيحكم بـينهم, فـيأبَون ويُعْرِضون عن الإجابة إلـى ذلك, قِبَلَ الذين يدعونهم إلـى الله ورسوله, يأتوا إلـى رسول الله مذعنـين, يقول مُذْعِنِـينَ منقادين لـحكمه, مقرّين به طائعين غير مكرهين يقال منه: قد أذعن فلان بحقه: إذا أقرّ به طائعا غير مستكْرَه وانقاد له وسلّـم. وكان مـجاهد فـيـما ذكر عنه يقول فـي ذلك, ما:
19836ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قوله: يَأْتُوا إلَـيهِ مُذْعِنِـينَ قال: سِراعا.
وقوله: أفِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يقول تعالـى ذكره: أفـي قلوب هؤلاء الذين يُعْرِضون إذا دُعُوا إلـى الله ورسوله لـيحكم بـينهم, شكّ فـي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لله رسول فهم يـمتنعون من الإجابة إلـى حكمه والرضا به. أمْ يَخافُونَ أن يَحِيفَ اللّهُ عَلَـيْهِمْ وَرَسُولُهُ إذا احتكموا إلـى حكم كتاب الله وحكم رسوله. وقوله: أن يَحيفَ اللّهُ عَلَـيْهِمْ وَرَسُولُهُ والـمعنى: أن يحيف رسولُ الله علـيهم, فبدأ بـالله تعالـى ذكره تعظيـما لله, كما يقال: ما شاء الله ثم شئت, بـمعنى: ما شئت. ومـما يدلّ علـى أن معنى ذلك كذلك قوله: وَإذَا دُعُوا إلـى اللّهِ وَرَسُولهِ لِـيَحْكُمَ بَـيْنَهُمْ فأفرد الرسول بـالـحكم, ولـم يقُل: لـيحكما. وقوله: بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظّالِـمُونَ يقول: ما خاف هؤلاء الـمعرضون عن حكم الله وحكم رسوله, إذ أعرضوا عن الإجابة إلـى ذلك, مـما دُعوا إلـيه, أن يحيف علـيهم رسول الله, فـيجورَ فـي حكمه علـيهم ولكنهم قوم أهل ظلـم لأنفسهم بخلافهم أمر ربهم ومعصيتهم الله فـيـما أمرهم من الرضا بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فـيـما أحبوا وكرهوا, والتسلـيـم له.)
الآية : 51
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوَاْ إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: إنـما كان ينبغي أن يكون قول الـمؤمنـين إذا دُعُوا إلـى حكم الله وإلـى حكم رسوله, لِـيَحْكُمَ بَـيْنَهُمْ وبـين خصومهم, أنْ يَقُولُوا سَمِعْنا ما قـيـل لنا, وأطَعْنا من دعانا إلـى ذلك. ولـم يُعْنَ بكان فـي هذا الـموضع الـخبر عن أمر قد مضى فـيقضى, ولكنه تأنـيب من الله الذي أُنزلت هذه الآية بسببهم وتأديب منه آخرين غيرهم. وقوله: وأُولَئِكَ هُمُ الـمُفْلِـحُونَ يقول تعالـى ذكره: والذين إذا دُعوا إلـى الله ورسوله لـيحكم بـينهم وبـين خصومهم, أن يقولوا: سمعنا وأطعنا. الـمفلـحون: يقول: هم الـمنـجِحون الـمدّركون طَلِبـاتهم, بفعلهم ذلك, الـمخـلدون فـي جنات الله.
الآية : 52
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللّهَ وَيَتّقْهِ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْفَآئِزُون }.
يقول تعالـى ذكره: ومن يطع الله ورسوله فـيـما أمره ونهاه, ويسلّـمْ لـحكمهما له وعلـيه, ويَخَفْ عاقبة معصية الله ويحذره, ويتق عذاب الله بطاعته إياه فـي أمره ونهيه فَأُولَئِكَ يقول: فـالذين يفعلون ذلك هم الفـائزون برضا الله عنهم يوم القـيامة وأمنهم من عذابه.) القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنّ قُل لاّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مّعْرُوفَةٌ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وحلف هؤلاء الـمعرِضون عن حكم الله وحكم رسوله إذ دعوا إلـيه بـاللّهِ جَهْدَ أيـمَانِهِمْ يقول: أغلظ أيـمانهم وأشدّها: لَئِنْ أمَرْتَهُمْ يا مـحمد بـالـخروج إلـى جهاد عدوّك وعدوّ الـمؤمنـين لَـيَخْرُجُنّ قُلْ لا تُقْسمُوا لا تـحلفوا, فإن هذه طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ منكم, فـيها التكذيب. كما:
19837ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قوله: قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ قال: قد عُرفت طاعتكم إلـيّ أنكم تكذبون. إنّ اللّهَ خَبـيرٌ بِـمَا تَعْمَلُونَ يقول: إن الله ذو خبرة بـما تعملون من طاعتكم الله ورسوله, أو خلافكم أمرهما أو غير ذلك من أموركم, لا يخفـي علـيه من ذلك شيء, وهو مـجازيكم بكل ذلك.
الآية : 53
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللّهَ وَيَتّقْهِ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْفَآئِزُون }.
يقول تعالـى ذكره: ومن يطع الله ورسوله فـيـما أمره ونهاه, ويسلّـمْ لـحكمهما له وعلـيه, ويَخَفْ عاقبة معصية الله ويحذره, ويتق عذاب الله بطاعته إياه فـي أمره ونهيه فَأُولَئِكَ يقول: فـالذين يفعلون ذلك هم الفـائزون برضا الله عنهم يوم القـيامة وأمنهم من عذابه.) القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنّ قُل لاّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مّعْرُوفَةٌ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وحلف هؤلاء الـمعرِضون عن حكم الله وحكم رسوله إذ دعوا إلـيه بـاللّهِ جَهْدَ أيـمَانِهِمْ يقول: أغلظ أيـمانهم وأشدّها: لَئِنْ أمَرْتَهُمْ يا مـحمد بـالـخروج إلـى جهاد عدوّك وعدوّ الـمؤمنـين لَـيَخْرُجُنّ قُلْ لا تُقْسمُوا لا تـحلفوا, فإن هذه طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ منكم, فـيها التكذيب. كما:
19837ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قوله: قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ قال: قد عُرفت طاعتكم إلـيّ أنكم تكذبون. إنّ اللّهَ خَبـيرٌ بِـمَا تَعْمَلُونَ يقول: إن الله ذو خبرة بـما تعملون من طاعتكم الله ورسوله, أو خلافكم أمرهما أو غير ذلك من أموركم, لا يخفـي علـيه من ذلك شيء, وهو مـجازيكم بكل ذلك