تفسير الطبري تفسير الصفحة 364 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 364
365
363
الآية : 43 - 44
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتّخَذَ إِلَـَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ سَبِيلاً }.
يعنـي تعالـى ذكره: أرَأيْتَ يا مـحمد مَنِ اتّـخَذَ إلَههُ شهوتَه التـي يهواها وذلك أن الرجل من الـمشركين كان يعبد الـحجر, فإذا رأى أحسن منه رمى به, وأخذ الاَخر يعبده, فكان معبوده وإلهه ما يتـخيره لنفسه فلذلك قال جلّ ثناؤه أرأيْتَ مَنَ اتّـخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ, أفأنْتَ تَكُونُ عَلَـيْهِ وَكِيلاً يقول تعالـى ذكره: أفأنت تكون يا مـحمد علـى هذا حفـيظا فـي أفعاله مع عظيـم جهله؟ أم تَـحْسبُ يا مـحمد أن أكثر هؤلاء الـمشركين يَسْمعُونَ ما يُتلـى علـيهم, فـيعون أوْ يَعْقِلُونَ ما يعاينون من حجج الله, فـيفهمون؟ إنْ هُمْ إلاّ كالأَنْعامِ يقول: ما هم إلا كالبهائم التـي لا تعقل ما يقال لها, ولا تفقه, بل هم من البهائم أضلّ سبـيلاً لأن البهائم تهتدي لـمراعيها, وتنقاد لأربـابها, وهؤلاء الكفرة لا يطيعون ربهم, ولا يشكرون نعمة من أنعم علـيهم, بل يكفرونها, ويعصون من خـلقهم وبرأهم.
الآية : 45 - 46
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلَمْ تَرَ إِلَىَ رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمّ جَعَلْنَا الشّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً }.
يقول تعالـى ذكره: ألَـمْ تَرَ يا مـحمد كَيْفَ مَدّ ربك الظّلّ, وهو ما بـين طلوع الفجر إلـى طلوع الشمس. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20030ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى رَبّك كَيْفَ مَدّ الظّلّ يقول: ما بـين طلوع الفجر إلـى طلوع الشمس.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله ألَـمْ تَرَ إلـى رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ قال: مدّه ما بـين صلاة الصبح إلـى طلوع الشمس.
20031ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جُبـير, فـي قوله ألـمْ تَرَ إلـى رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ وَلَوْ شاءَ لـجَعَلَهُ ساكِنا قال: الظلّ: ما بـين طلوع الفجر إلـى طلوع الشمس.
20032ـ حدثنا مـحمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا أبو مـحصن, عن حصين, عن أبـي مالك, قال ألَـمْ تَرَ إلـى رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ قال: ما بـين طلوع الفجر إلـى طلوع الشمس.
20033ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله كَيْفَ مَدّ الظّلّ قال: ظلّ الغداة قبل أن تطلع الشمس.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قال: الظلّ: ظلّ الغداة.
20034ـ قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عكرِمة, قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ قال: مدّه من طلوع الفجر إلـى طلوع الشمس.
20035ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ يعنـي من صلاة الغداة إلـى طلوع الشمس.
قوله: وَلَوْ شاءَ لـجَعَلَهُ ساكِنا يقول: ولو شاء لـجعله دائما لا يزول, مـمدودا لا تذهبه الشمس, ولا تنقصه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20036ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلَوْ شاءَ لـجَعَلَهُ ساكِنا يقول: دائما.
20037ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَلَوْ شاءَ لـجَعَلَهُ ساكِنا قال: لا تصيبه الشمس ولا يزول.
حدثنا القاسم: قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد وَلَوْ شَاءَ لـجَعَلَهُ ساكِنا قال: لا يزول.
20038ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: ولَوْ شَاءَ لـجَعَلَهُ ساكِنا قال: دائما لا يزول.
وقوله ثُمّ جَعَلْنا الشّمْسَ عَلَـيْهِ دَلِـيلاً يقول جلّ ثناؤه: ثم دللناكم أيها الناس بنسخ الشمس إياه عند طلوعها علـيه, أنه خـلْق من خـلق ربكم, يوجده إذا شاء, ويفنـيه إذا أراد والهاء فـي قوله «علـيه» من ذكر الظلّ. ومعناه: ثم جعلنا الشمس علـى الظلّ دلـيلاً. قـيـل: معنى دلالتها علـيه أنه لو لـم تكن الشمس التـي تنسخه لـم يعلـم أنه شيء, إذا كانت الأشياء إنـما تعرف بأضدادها, نظير الـحلو الذي إنـما يعرف بـالـحامض والبـارد بـالـحارّ, وما أشبه ذلك. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20039ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله ثُمّ جَعَلْنا الشّمْسَ عَلَـيْهِ دَلِـيلاً يقول: طلوع الشمس.
20040ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد ثُمّ جَعَلْنَا الشّمْسَ عَلَـيْهِ دَلِـيلاً قال: تـحويه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.
20041ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قول الله: ثُمّ جَعَلْنا الشّمْسَ عَلـيْهِ دَلِـيلاً قال: أخرجت ذلك الظلّ فذهبت به.
وقوله: ثُمّ قَبَضْناهُ إلَـيْنا قَبْضا يَسِيرا يقول تعالـى ذكره: ثم قبضنا ذلك الدلـيـل من الشمس علـى الظلّ إلـينا قبضا خفـيا سريعا بـالفـيء الذي نأتـي به بـالعشيّ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20042ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: ثُمّ قَبضْناهُ إلَـيْنَا قَبْضا يَسِيرا قال: حوى الشمس الظلّ. وقـيـل: إن الهاء التـي فـي قوله ثُمّ قَبَضْناهُ إلَـيْنا عائدة علـى الظلّ, وإن معنى الكلام: ثم قبضنا الظلّ إلـينا بعد غروب الشمس وذلك أن الشمس إذا غربت غاب الظلّ الـمـمدود, قالوا: وذلك وقت قبضه.
واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله يَسِيرا فقال بعضهم: معناه: سريعا. ذكر من قال ذلك:
20043ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: ثُمّ قَبَضْناهُ إلَـيْنا قَبْضا يَسِيرا يقول: سريعا.
وقال آخرون: بل معناه: قبضا خفـيا. ذكر من قال ذلك:
20044ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن عبد العزيز بن رفـيع, عن مـجاهد ثُمّ قَبَضْناهُ إلَـيْنا قَبْضا يَسِيرا قال: خفـيا.
20045ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن جُرَيج قَبْضا يَسِيرا قال: خفـيا, قال: إن ما بـين الشمس والظلّ مثل الـخيط, والـيسير الفعيـل من الـيسر, وهو السهل الهيّن فـي كلام العرب. فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك, يتوجه لـما روي عن ابن عبـاس ومـجاهد, لأن سهولة قبض ذلك قد تكون بسرعة وخفـاء. وقـيـل إنـما قـيـل ثُمّ قَبَضْناهُ إلَـيْنا قبْضا يَسِيرا لأن الظلّ بعد غروب الشمس لا يذهب كله دفعة, ولا يقبل الظلام كله جملة, وإنـما يقبض ذلك الظلّ قبضا خفـيا, شيئا بعد شيء ويعقب كل جزء منه يقبضه, جزء من الظلام.

الآية : 47
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَهُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيْلَ لِبَاساً وَالنّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النّهَارَ نُشُوراً }.
يقول تعالـى ذكره: الذي مدّ الظلّ ثم جعل الشمس علـيه دلـيلاً, هو الذي جعل لكم أيها الناس اللـيـل لبـاسا. وإنـما قال جلّ ثناؤه: جَعَلَ لَكُمُ اللّـيْـلَ لِبـاسا لأنه جعله لـخـلقه جنة يجتنون فـيها ويسكنون فصار لهم سترا يستترون به, كما يستترون بـالثـياب التـي يُكسونها. وقوله والنّوْمَ سُبـاتا يقول: وجعل لكم النوم راحة تستريح به أبدانكم, وتهدأ به جوارحكم. وقوله وَجَعَلَ النّهارَ نُشُورا يقول تعالـى ذكره: وجعل النهار يقظة وحياة, من قولهم: نَشر الـميتُ, كما قال الأعشى:
حتـى يقُولَ النّاسُ مِـمّا رأَوْايا عَجَبـا للْـمَيّتِ النّاشِرِ
ومنه قول الله: لا يَـمْلِكُونَ مَوْتا وَلا حَياةً وَلا نُشُورا. وكان مـجاهد يقول فـي تأويـل ذلك ما:
20046ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَجَعَلَ النّهارَ نُشُورا قال: ينشر فـيه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.
وإنـما اخترنا القول الذي اخترنا فـي تأويـل ذلك, لأنه عقـيب قوله والنّوْمَ سُبـاتا فـي اللـيـل. فإذ كان ذلك كذلك, فوصف النهار بأن فـيه الـيقظة والنشور من النوم أشبه إذ كان النوم أخا الـموت. والذي قاله مـجاهد غير بعيد من الصواب لأن الله أخبر أنه جعل النهار معاشا, وفـيه الانتشار للـمعاش, ولكن النشور مصدر من قول القائل: نشر, فهو بـالنشر من الـموت والنوم أشبه, كما صحّت الرواية عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبح وقام من نومه: «الـحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أحْيانا بَعْدَما أماتَنا, وَإلَـيْهِ النّشُورُ».
الآية : 48 - 49
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَهُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ الرّيَاحَ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً طَهُوراً * لّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مّيْتاً وَنُسْقِيَهِ مِمّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيّ كَثِيراً }.
يقول تعالـى ذكره: والله الذي أرسل الرياح الـملقحة بُشْرا: حياة أو من الـحيا والغيث الذي هو منزله علـى عبـاده وأنْزَلْنا مِنَ السّماءِ ماءً طَهُورا يقول: وأنزلنا من السحاب الذي أنشأناه بـالرياح من فوقكم أيها الناس ماء طهورا لِنُـحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتا يعنـي أرضا قَحِطة عذية لا تُنبت. وقال بَلْدَةً مَيْتا ولـم يقل ميتة, لأنه أريد بذلك لنـحيـي به موضعا ومكانا ميتا وَنُسْقِـيَهُ من خـلقنا أنْعَاما من البهائم وَأنَاسِيّ كَثِـيرا يعنـي الأناسيّ: جمع إنسان وجمع أناسي, فجعل الـياء عوضا من النون التـي فـي إنسان, وقد يجمع إنسان: إناسين, كما يجمع النَشْيان: نشايـين. فإن قـيـل: أناسيّ جمع واحده إنسي, فهو مذهب أيضا مـحكي, وقد يجمع أناسي مخففة الـياء, وكأن من جمع ذلك كذلك أسقط الـياء التـي بـين عين الفعل ولامه, كما يجمع القرقور: قراقـير وقراقر. ومـما يصحح جمعهم إياه بـالتـخفـيف, قول العبرب: أناسية كثـيرة.

الآية : 50
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ صَرّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذّكّرُواْ فَأَبَىَ أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً }.
يقول تعالـى ذكره: ولقد قسمنا هذا الـماء الذي أنزلناه من السماء طهورا لنـحيـي به الـميت من الأرض بـين عبـادي, لـيتذكروا نعمي علـيهم, ويشكروا أياديّ عندهم وإحسانـي إلـيهم, فأبى أكْثَرُ النّاسِ إلاّ كُفُورا يقول: إلا حجودا لنعمي علـيهم, وأياديّ علـيهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20047ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا معتـمر بن سلـيـمان, عن أبـيه, قال: سمعت الـحسن بن مسلـم يحدّث طاوسا, عن سعيد بن جُبـير, عن ابن عبـاس قال: ما عام بأكثر مطرا من عام, ولكنّ الله يصرّفه بـين خـلقه قال: ثم قرأ: وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَـيْنَهُمْ.
حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن سلـيـمان التـيـمي, قال: حدثنا الـحسين بن مسلـم, عن سعيد بن جُبـير, قال: قال ابن عبـاس: ما عام بأكثر مطرا من عام, ولكنه يصرفه فـي الأرضين, ثم تلا وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَـيْنَهمْ لِـيَذّكّروا.
20048ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قوله وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَـيْنَهُمْ قال: الـمطر ينزله فـي الأرض, ولا ينزله فـي الأرض الأخرى, قال: فقال عكرِمة: صرفناه بـينهم لـيذّكروا.
20049ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَـيْنَهُمْ لِـيَذّكّرُوا قال: الـمطر مرّة ههنا, ومرّة ههنا.
20050ـ حدثنا سعيد بن الربـيع الرازي, قال: حدثنا سفـيان بن عيـينة, عن يزيد بن أبـي زياد, أنه سمع أبـاجحيفة يقول: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: لـيس عام بأمطر من عامّ, ولكنه يصرفه, ثم قال عبد الله: ولقَدْ صَرّفْناهُ بَـيْنَهُمْ. وأما قوله: فأبى أكْثَرُ النّاسِ إلاّ كفُورا فإن القاسم.
20051ـ حدثنا قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عكرِمة فأَبى أكْثَرُ النّاسِ إلاّ كُفَورا قال: قولهم فـي الأنواء.
الآية : 51 - 52
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ نّذِيراً * فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً }.
يقول تعالـى ذكره: ولو شئنا يا مـحمد لأرسلنا فـي كلّ مصر ومدينة نذيرا ينذرهم بأْسَنا علـى كفرهم بنا, فـيخفّ عنك كثـير من أعبـاء ما حملناك منه, ويسقط عنك بذلك مؤنة عظيـمة, ولكنا حملناك ثقل نذارة جميع القرى, لتستوجب بصبرك علـيه إن صبرت ما أعمدّ الله لك من الكرامة عنده, والـمنازل الرفـيعة قِبَله, فلا تطع الكافرين فـيـما يدعونك إلـيه من أن تعبد آلهتهم, فنذيقك ضعف الـحياة وضعف الـمـمات, ولكن جاهدهم بهذا القرآن جهادا كبـيرا, حتـى ينقادوا للإقرار بـما فـيه من فرائض الله, ويدينوا به ويذعنوا للعمل بجميعه طوعا وكرها. وبنـحو الذي قلنا فـي قوله: وَجاهِدْهُمْ بِهِ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20052ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس: قوله فَلا تُطِعِ الكافِرِينَ وَجاهِدْهِمْ بِهِ قال: بـالقرآن. وقال آخرون فـي ذلك بـما.
حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهادا كَبِـيرا قال: الإسلام. وقرأ: وَاغْلُظْ عَلَـيْهِمْ وقرأ: وَلْـيَجِدُوا فِـيكُمْ غِلْظَةً وقال: هذا الـجهاد الكبـير.

الآية : 53
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَهُوَ الّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مّحْجُوراً }.
يقول تعالـى ذكره: والله الذي خـلط البحرين, فأمرج أحدهما فـي الاَخر, وأفـاضه فـيه. وأصل الـمرج الـخـلط, ثم يقال للتـخـلـية: مرج, لأن الرجل إذا خـلـى الشيء حتـى اختلط بغيره, فكأنه قد مرجه ومنه الـخبر عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, وقوله لعبد الله بن عمرو: «كَيْفَ بِكَ يا عَبْدَ اللّهِ إذَا كُنْتَ فـي حُثالَةً مِنَ النّاسِ, قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وأماناتُهُمْ, وَصَارُوا هَكَذا وشَبّكَ بـين أصابعه» يعنـي بقوله: قد مرجت: اختلطت, ومنه قول الله: فِـي أمْرٍ مَرِيجٍ: أي مختلط. وإنـما قـيـل للـمرج مرج من ذلك, لأنه يكون فـيه أخلاط من الدوابّ, ويقال: مَرَجْت دابتك: أي خـلـيتها تذهب حيث شاءت. ومنه قول الراجز:
رَعَى مَرَجَ رَبِـيعٍ مَـمْرَجا
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20053ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَهُوَ الّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ يعنـي أنه خـلع أحدهما علـى الاَخر.
20054ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: مَرَجَ البَحْرَيْنِ أفـاض أحدهما علـى الاَخر.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.
20055ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَهُوَ الّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ يقول: خـلع أحدهما علـى الاَخر.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو تـميـلة, عن أبـي حمزة, عن جابر, عن مـجاهد: مَرَجَ أفـاض أحدهما علـى الاَخر.
وقوله هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ الفرات: شديد العذوبة, يقال: هذا ماء فرات: أي شديد العذوبة. وقوله وَهَذَا مِلْـحٌ أُجاجٌ يقول: وهذا ملـح مرّ. يعنـي بـالعذب الفرات: مياه الأنهار والأمطار, وبـالـملـح الأجاج: مياه البحار.
وإنـما عنى بذلك أنه من نعمته علـى خـلقه, وعظيـم سلطانه, يخـلط ماء البحر العذب بـماء البحر الـملـح الأجاج, ثم يـمنع الـملـح من تغيـير العذب عن عذوبته, وإفساده إياه بقضائه وقدرته, لئلا يضرّ إفساده إياه يركبـان الـملـح منهما, فلا يجدوا ماء يشربونه عند حاجتهم إلـى الـماء, فقال جلّ ثناؤه: وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا يعنـي حاجزا يـمنع كل واحد منهما من إفساد الاَخر وَحِجْرا مـحْجُورا يقول: وجعل كلـج واحد منهما حراما مـحرّما علـى صاحبه أن يغيره أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20056ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ, وَهَذَا مِلْـحٌ أُجاجٌ يعنـي أنه خـلق أحدهما علـى الاَخر, فلـيس يفسد العذب الـمالـح, ولـيس يفسد الـمالـح العذب, وقوله وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا قال: البرزخ: الأرض بـينهما وَحِجْرا مـحْجُورا يعنـي: حجر أحدهما علـى الاَخر بأمره وقضائه, وهو مثل قوله وَجَعَلَ بَـينَ البْحَرَيْنِ حَاجِزا.
20057ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا قال: مـحبسا. قوله:وَحِجْرا مـحْجُورا قال: لا يختلط البحر العذب.
20058ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا قال: حاجزا لا يراه أحد, لا يختلط العذب فـي البحر. قال ابن جُرَيج: فلـم أجد بحرا عذبـا إلا الأنهار العذاب, فإن دجلة تقع فـي البحر, فأخبرنـي الـخبـير بها أنها تقع فـي البحر, فلا تـمور فـيه: بـينهما مثل الـخيط الأبـيض فإذا رجعت لـم ترجع فـي طريقها من البحر, والنـيـل يصبّ فـي البحر:
20059ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي أبو تـميـلة, عن أبـي حمزة, عن جابر, عن مـجاهد وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا قال: البرزخ أنهما يـلتقـيان فلا يختلطان, وقوله حِجْرا مَـحْجُورا: أي لا تـختلط ملوحة هذا بعذوبة هذا, لا يبغي أحدهما علـى الاَخر.
20060ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا ابن علـية, عن رجاء, عن الـحسن, فـي قوله: وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا وَحِجْرا مَـحْجُورا قال: هذا الـيبس.
20061ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, فـي قوله: وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا وَحِجْرا مَـحْجُورا قال: جعل هذا ملـحا أجاجا, قال: والأجاج: الـمرّ.
20062ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ, وَهَذَا مِلْـحٌ أُجاجٌ يقول: خـلع أحدهما علـى الاَخر, فلا يغير أحدهما طعم الاَخر وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا هو الأجل ما بـين الدنـيا والاَخرة وَحِجْرا مَـحْجُورا جعل الله بـين البحرين حجرا, يقول: حاجزا حجز أحدهما عن الاَخر بأمره وقضائه.
20063ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزَخا وحِجْرا مـحْجُورا وجعل بـينهما سترا لا يـلتقـيان. قال: والعرب إذا كلـم أحدهم الاَخر بـما يكره قال: حِجرا. قال: سترا دون الذي تقول.
قال أبو جعفر: وإنـما اخترنا القول الذي اخترناه فـي معنى قوله وجَعَلَ بَـيْنَهُما بَرْزخا وحِجْرا مـحْجُورا دون القول الذي قاله من قال معناه: إنه جعل بـينهما حاجزا من الأرض أو من الـيبس, لأن الله تعالـى ذكره أخبر فـي أوّل الاَية أنه مرج البحرين, والـمرج: هو الـخـلط فـي كلام العرب علـى ما بـيّنت قبل, فلو كان البرزخ الذي بـين العذب الفرات من البحرين, والـملـح الأجاج أرضا أو يبسا لـم يكن هناك مرج للبحرين, وقد أخبر جلّ ثناؤه أنه مرجهما, وإنـما عرفنا قدرته بحجزه هذا الـملـح الأجاج عن إفساد هذا العذب الفرات, مع اختلاط كلّ واحد منهما بصاحبه. فأما إذا كان كلّ واحد منهما فـي حيز عن حيز صاحبه, فلـيس هناك مرج, ولا هناك من الأعجوبة ما ينبه علـيه أهل الـجهل به من الناس, ويذكرون به, وإن كان كلّ ما ابتدعه ربنا عجيبـا, وفـيه أعظم العبر والـمواعظ والـحجج البوالغ.
الآية : 54
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبّكَ قَدِيراً }.
يقول تعالـى ذكره: والله الذي خـلق من النطف بشرا إنسانا فجعله نسبـا, وذلك سبعة, وصهرا, وهو خمسة. كما:
20064ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله فجَعَلَهُ نَسَبـا وَصِهْرا: النسب: سبع, قوله: حُرّمَتْ عَلَـيْكُمْ أُمّهاتُكُمْ... إلـى قوله وَبَناتُ الأُخْتِ. والصهر خمس, قوله: وأُمّهاتُكُمُ اللاّتِـي أرْضَعْنَكُمْ... إلـى قوله وَحَلائِلُ أبْنائِكُمُ الّذِينَ مِنْ أصْلابِكُمْ.
وقوله: وكانَ رَبّكَ قَدِيرا يقول: وربك يا مـحمد ذو قدرة علـى خـلق ما يشاء من الـخـلق, وتصريفهم فـيـما شاء وأراد.
الآية : 55
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَىَ رَبّهِ ظَهِيراً }.
يقول تعالـى ذكره: ويعبد هؤلاء الـمشركون بـالله من دونه آلهة لا تنفعهم, فتـجلب إلـيهم نفعا إذا هم عبدوها, ولا تضرّهم إن تركوا عبـادتها, ويتركون عبـادة من أنعم علـيهم هذه النعم التـي لا كفـاء لأدناها, وهي ما عدّد علـينا جلّ جلاله فـي هذه الاَيات من قوله: ألَـمْ تَرَ إلـى رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ إلـى قوله: قَدِيرا. ومن قدرته القدرة التـي لا يـمتنع علـيه معها شيء أراده, ولا يتعذّر علـيه فعل شيء أراد فعله, ومن إذا أراد عقاب بعض من عصاه من عبـاده أحلّ به ما أحلّ بـالذين وصف صفتهم من قوم فرعون وعاد وثمود وأصحاب الرّسّ, وقرونا بـين ذلك كثـيرا, فلـم يكن لـمن غضب علـيه منه ناصر, ولا له عنه دافع. وكانَ الكافِرُ عَلـى رَبّهِ ظَهِيرا يقول تعالـى ذكره: وكان الكافر معينا للشيطان علـى ربه, مظاهرا له علـى معصيته. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20065ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن لـيث, عن مـجاهد وكانَ الكافِرُ عَلـى رَبّهِ ظَهِيرا قال: يظاهر الشيطان علـى معصية الله بعينه.
20066ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله عَلـى رَبّهِ ظَهِيرا قال: معينا.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله. قال ابن جُرَيج: أبو جهل معينا ظاهر الشيطان علـى ربه.
20067ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الـحسن, فـي قوله: وكانَ الكافِرُ عَلـى رَبّه ظَهيرا قال: عونا للشيطان علـى ربه علـى الـمعاصي.
20068ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله وكانَ الكافِرُ عَلـى رَبّهِ ظَهِيرا قال: علـى ربه عوينا. والظهير: العوين. وقرأ قول الله: فَلاَ تَكُونَنّ ظَهِيرا للكافِرينَ قال: لا تكونن لهم عوينا. وقرأ أيضا قول الله: وأنْزلَ الّذِين ظاهَرُوهُمْ مِنْ أهْلِ الكِتابِ مِنْ صياصِيهِمْ قال: ظاهروهم: أعانوهم.
20069ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله وكانَ الكافِرُ عَلـى رَبّهِ ظَهِيرا يعنـي: أبـا الـحكم الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبـا جهل بن هشام.
وقد كان بعضهم يوجه معنى قوله وكانَ الكافِرُ عَلـى رَبّهِ ظَهِيرا أي وكان الكافر علـى ربه هينا من قول العرب: ظهرت به, فلـم ألتفت إلـيه, إذا جعله خـلف ظهره فلـم يـلتفت إلـيه, وكأنّ الظهير كان عنده فعيـل صرف من مفعول إلـيه من مظهور به, كأنه قـيـل: وكان الكافر مظهورا به. والقول الذي قلناه هو وجه الكلام, والـمعنى الصحيح, لأن الله تعالـى ذكره أخبر عن عبـادة هؤلاء الكفـار من دونه, فأولـى الكلام أن يتبع ذلك ذمّه إياهم, وذمّ فعلهم دون الـخبر عن هوانهم علـى ربهم, ولِـما يجر لاستكبـارهم علـيه ذكر, فـيتبع بـالـخبر عن هوانهم علـيه.