تفسير الطبري تفسير الصفحة 392 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 392
393
391
 الآية : 51 -52
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ وَصّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ * الّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: ولقد وصلنا يا مـحمد لقومك من قريش وللـيهود من بنـي إسرائيـل القول بأخبـار الـماضين والنبأ عما أحللنا بهم من بأسنا, إذ كذّبوا رسلنا, وعما نـحن فـاعلون بـمن اقتفـى آثارهم, واحتذى فـي الكفر بـالله, وتكذيب رسله مثالهم, لـيتذكروا فـيعتبروا ويتعظوا. وأصله من: وصل الـحبـال بعضها ببعض ومنه قول الشاعر:
فَقُلْ لِبَنِـي مَرْوَانَ ما بـالُ ذِمّةٍوَحَبْلٍ ضَعِيفٍ ما يَزَالُ يُوَصّلُ
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل وإن اختلفت ألفـاظهم ببـيانهم عن تأويـله, فقال بعضهم: معناه بـيّنا. وقال بعضهم معناه: فصلنا. ذكر من قال ذلك:
20946ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن أبـيه, عن لـيث, عن مـجاهد, قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال: فصلنا لهم القول.
20947ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال: وصل الله لهم القول فـي هذا القرآن, يخبرهم كيف صنع بـمن مضى, وكيف هو صانع لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ.
20948ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا مـحمد بن عيسى أبو جعفر, عن سفـيان بن عيـينة: وصلنا: بـيّنا.
20949ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ الـخبر, خبر الدنـيا بخبر الاَخرة, حتـى كأنهم عاينوا الاَخرة, وشهدوها فـي الدنـيا, بـما نريهم من الاَيات فـي الدنـيا وأشبـاهها. وقرأ إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً لِـمَنْ خافَ عَذَابَ الاَخِرَةِ وقال: إنا سوف ننـجزهم ما وعدناهم فـي الاَخرة, كما أنـجزنا للأنبـياء ما وعدناهم, نقضي بـينهم وبـين قومهم.
واختلف أهل التأويـل, فـيـمن عنى بـالهاء والـميـم من قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ فقال بعضهم: عنى بهما قريشا. ذكر من قال ذلك:
20950ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال: قريش.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال: لقريش.
20951ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله ولَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ قال: يعنـي مـحمدا صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: عُنِـي بهما الـيهود. ذكر من قال ذلك:
20952ـ حدثنـي بشر بن آدم, قال: حدثنا عفـان بن مسلـم, قال: حدثنا حماد بن سلـمة, قال: حدثنا عمرو بن دينار, عن يحيى بن جعدة, عن رفعة القرظي, قال: نزلت هذه الاَية فـي عشرة أنا أحدهم وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ.
20953حدثنا ابن سنان, قال: حدثنا حيان, قال: حدثنا حماد, عن عمرو, عن يحيى بن جعدة, عن عطية القُرَظِيّ قال: نزلت هذه الاَية وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ حتـى بلغ إنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِـمِينَ فـي عشرة أنا أحدهم, فكأن ابن عبـاس أراد بقوله: يعنـي مـحمدا: لعلهم يتذكرون عهد الله فـي مـحمد إلـيهم, فـيقرّون بنبوّته ويصدّقونه.
وقوله: الّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ يعنـي بذلك تعالـى ذكره قوما من أهل الكتاب آمنوا برسوله وصدّقوه, فقال الذين آتـيناهم الكتاب من قبل هذا القرآن, هم بهذا القرآن يؤمنون, فـيقرّون أنه حقّ من عند الله, ويكذّب جهلة الأميـين, الذين لـم يأتهم من الله كتاب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20953ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله تعالـى الّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ قال: يعنـي من آمن بـمـحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب.
20954ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد الّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ... إلـى قوله لا نَبْتَغي الـجاهِلِـينَ فـي مسلـمة أهل الكتاب.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, قوله الّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ... إلـى قوله الـجاهِلِـينَ قال: هم مُسْلِـمة أهل الكتاب. قال ابن جُرَيج: أحبرنـي عمرو بن دينار: أن يحيى بن جعدة أخبره, عن علـيّ بن رفـاعة, قال: خرج عشرة رَهْط من أهل الكتاب, منهم أبو رِفـاعة, يعنـي أبـاه, إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فآمنوا, فأُوذوا, فنزلت: الّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ قبل القرآن.
20955ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله الّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ قال: كنا نـحدّث أنها نزلت فـي أناس من أهل الكتاب كانوا علـى شريعة من الـحقّ, يأخذون بها, وينتهون إلـيها, حتـى بعث الله مـحمدا صلى الله عليه وسلم, فآمنوا به, وصدّقوا به, فأعطاهم الله أجرهم مرتـين, بصبرهم علـى الكتاب الأوّل, واتبـاعهم مـحمدا صلى الله عليه وسلم, وصبرهم علـى ذلك, وذكر أن منهم سَلْـمان, وعبد الله بن سَلاَم.
20956ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول, فـي قوله: الّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ... إلـى قوله مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِـمِينَ: ناس من أهل الكتاب آمنوا بـالتوراة والإنـجيـل ثم أدركوا مـحمدا صلى الله عليه وسلم, فَآمنوا به, فَأَتاهم الله أجرهم مرّتـين بـما صبروا: بإيـمانهم بـمـحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث, وبـاتبـاعهم إياه حين بعث, فذلك قوله: إنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِـمِينَ.

الآية : 53
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذَا يُتْلَىَ عَلَيْهِمْ قَالُوَاْ آمَنّا بِهِ إِنّهُ الْحَقّ مِن رّبّنَآ إنّا كُنّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: وإذا يُتلـى هذا القرآن علـى الذين آتـيناهم الكتاب من قبل نزول هذا القرآن قالُوا آمَنّا بِهِ يقول: يقولون: صدّقنا به إنّهُ الـحَقّ مِنْ رَبّنا يعنـي من عند ربنا نزل, إنا كنا من قبل نزول هذا القرآن مسلـمين, وذلك أنهم كانوا مؤمنـين بـما جاء به الأنبـياء قبل مـجيء نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم, وعلـيهم من الكتب, وفـي كتبهم صفة مـحمد ونعته, فكانوا به وبـمبعثه وبكتابه مصدّقـين قبل نزول القرآن, فلذلك قالوا: إنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِـمِينَ.
الآية : 54
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أُوْلَـَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مّرّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السّيّئَةَ وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: هؤلاء الذين وصفت صفتهم, يُؤْتَوْن ثواب عملهم مرّتـين بـما صبروا.
واختلف أهل التأويـل فـي معنى الصبر الذي وعد الله ما وعد علـيه, فقال بعضهم: وعدهم ما وعد جلّ ثناؤه, بصبرهم علـى الكتاب الأوّل, واتبـاعهم مـحمدا صلى الله عليه وسلم, وصبرهم علـى ذلك. وذلك قول قَتادة, وقد ذكرناه قبل.
وقال آخرون: بل وعدهم بصبرهم بإيـمانهم بـمـحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث, وبـاتبـاعهم إياه حين بعث. وذلك قول الضحاك بن مزاحم, وقد ذكرناه أيضا قبل, ومـمن وافق قَتادة علـى قوله عبد الرحمن بن زيد.
20957ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: إنّا كُنّا من قَبْلِهِ مُسْلِـمِينَ علـى دين عيسى, فلـما جاء النبـيّ صلى الله عليه وسلم أسلـموا, فكان لهم أجرهم مرّتـين: بـما صبروا أوّل مرّة, ودخـلوا مع النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي الإسلام. وقال قوم فـي ذلك بـما:
20958ـ حدثنا به ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, قال: إن قوما كانوا مشركين أسلـموا, فكان قومهم يؤذونهم, فنزلت أوْلئِكَ يُؤْتَوْنَ أجْرَهُمْ مَرّتَـيْنِ بِـمَا صَبرُوا وقوله وَيَدْرَءُونَ بـالـحَسَنَةِ السّيّئَةَ يقول: ويدفعون بحسنات أفعالهم التـي يفعلونها سيئاتهم ومِـمّا رَزَقْناهُمْ من الأموال يُنْفِقُونَ فـي طاعة الله, إما فـي جهاد فـي سبـيـل الله, وإما فـي صدقة علـى مـحتاج, أو فـي صلة رَحِم.
20959ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَإذَا يُتْلَـى عَلَـيْهِمْ قالُوا آمَنّا بِهِ إنّهُ الـحَقّ مِنْ رَبّنا, إنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِـمِينَ قال الله: أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أجْرَهُمْ مَرّتَـيْن بِـمَا صَبرُوا وأحسن الله علـيهم الثناء كما تسمعون, فقال: وَيَدْرَءُونَ بـالـحَسَنَةِ السّيّئَةَ.
الآية : 55
القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{وَإِذَا سَمِعُواْ اللّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: وإذا سمع هؤلاء القوم الذين آتـيناهم الكتاب اللغو, وهو البـاطل من القول, كما:
20960ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة وَإذَا سَمِعُوا اللّغْوَ أعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أعمالُنا وَلَكُمْ أعمالُكُمْ, سَلامٌ عَلَـيْكُمْ لا نَبْتَغِي الـجاهِلِـينَ لا يجارون أهل الـجهل والبـاطل فـي بـاطلهم, أتاهم من أمر الله ما وقذهم عن ذلك.
وقال آخرون: عُنِـي بـاللغو فـي هذا الـموضع: ما كان أهل الكتاب ألـحقوه فـي كتاب الله, مـما لـيس هو منه. ذكر من قال ذلك:
20961ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَإذَا سَمِعُوا اللّغْوَ أعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا... إلـى آخر الاَية, قال: هذه لأهل الكتاب, إذا سمعوا اللغو الذي كتب القوم بأيديهم مع كتاب الله, وقالوا: هو من عند الله, إذا سمعه الذين أسلـموا, ومرّوا به يتلونه, أعرضوا عنه, وكأنهم لـم يسمعوا ذلك قبل أن يؤمنوا بـالنبـيّ صلى الله عليه وسلم, لأنهم كانوا مسلـمين علـى دين عيسى, ألا ترى أنهم يقولون: إنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِـمِينَ. وقال آخرون فـي ذلك بـما:
20962ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن منصور, عن مـجاهد وَإذَا سَمِعُوا اللّغْوَ أعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أعمالُنا وَلَكُمْ أعمالُكُمْ, سَلامٌ عَلَـيْكُمْ قال: نزلت فـي قوم كانوا مشركين فأسلـموا, فكان قومهم يُؤْذونهم.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جويرية, عن منصور, عن مـجاهد, قوله وَإذَا سَمِعُوا اللّغْوَ أعْرَضُوا عَنْهُ, وَقالُوا لَنا أعمالُنا وَلَكُمْ أعمالُكُمْ قال: كان ناس من أهل الكتاب أَسْلَـموا, فكان الـمشركون يؤذونهم, فكانوا يصفحون عنهم, يقولون: سَلامٌ عَلَـيْكُمْ لا نَبْتَغِي الـجاهِلِـينَ.
وقوله: أعْرَضُوا عَنْهُ يقول: لـم يصغوا إلـيه ولـم يستـمعوه وَقالُوا لَنا أعمالُنا وَلَكُمْ أعمالُكُمْ وهذا يدلّ علـى أن اللغو الذي ذكره الله فـي هذا الـموضع, إنـما هو ما قاله مـجاهد, من أنه سماع القوم مـمن يؤذيهم بـالقول ما يكرهون منه فـي أنفسهم, وأنهم أجابوهم بـالـجميـل من القول لَنا أعمالُنا قد رضينا بها لأنفسنا, وَلَكُمْ أعمالُكُمْ قد رضيتـم بها لأنفسكم. وقوله: سَلامٌ عَلَـيْكُمْ يقول: أَمَنة لكم منا أن نُسابّكم, أو تسمعوا منا ما لا تـحبون لا نَبْتَغي الـجاهِلِـينَ يقول: لا نريد مـحاورة أهل الـجهل ومسابتهم.

الآية : 56
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـَكِنّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: إنّكَ يا مـحمد لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ هدايته, وَلَكِنّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ أن يهديه من خـلقه, بتوفـيقه للإيـمان به وبرسوله. ولو قـيـل: معناه: إنك لا تهدي من أحببته, لقرابته منك, ولكن الله يهدي من يشاء, كان مذهبـا. وَهُوَ أعْلَـمُ بـالـمُهْتَدِينَ: يقول جلّ ثناؤه: والله أعلـم من سبق له فـي علـمه أنه يهتدي للرشاد, ذلك الذي يهديه الله فـيسدّده ويوفّقه.
وذُكر أن هذه الاَية نزلت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل امتناع أبـي طالب عمه من إجابته, إذ دعاه إلـى الإيـمان بـالله, إلـى ما دعاه إلـيه من ذلك. ذكر الرواية بذلك:
20963ـ حدثنا أبو كريب والـحسين بن علـيّ الصّدائي, قالا: حدثنا الولـيد بن القاسم, عن يزيد بن كيسان, عن أبـي حازم, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه عند الـموت: «قُلْ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ أشْهَدْ لَكَ بِها يَوْمَ القِـيامَةِ» قال: لولا أن تعيرنـي قريش لأقررت عينك, فأنزل الله: إنّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ... الاَية.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن يزيد بن كيسان, قال: ثنـي أبو حازم الأشجعي, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه: «قُلْ لا إله إلاّ اللّهُ» ثم ذكر مثله.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا أبو أسامة, عن يزيد بن كيسان سمع أبـا حازم الأشجعي, يذكر عن أبـي هريرة قال: لـما حضرتْ وفـاة أبـي طالب, أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا عَمّاهُ قُلْ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ» فذكر مثله, إلاّ أنه قال: لولا أن تعيرنـي قريش, يقولون: ما حمله علـيه إلاّ جزع الـموت.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن عبـيد, عن يزيد بن كيسان, عن أبـي حازم, عن أبـي هريرة, قال: قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فذكر نـحو حديث أبـي كُرَيب الصدائي.
20964ـ حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب, قال: ثنـي عمي عبد الله بن وهب, قال: ثنـي يونس, عن الزهري قال: ثنـي سعيد بن الـمسيب, عن أبـيه, قال: لـما حضرت أبـا طالب الوفـاة, جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فوجد عنده أبـا جهل بن هشام, وعبد الله بن أبـي أُمّية بن الـمُغيرة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عَمّ قلْ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ كَلِـمَةً أشْهَدُ لَكَ بِها عِنْدَ اللّهِ» فقال أبو جهل وعبد الله بن أبـي أُمَيّة: يا أبـا طالب: أترغب عن ملّة عبد الـمطّلب؟ فلـم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها علـيه, ويعيد له تلك الـمقالة, حتـى قال أبو طالب آخر ما كلـمهم: هو علـى ملة عبد الـمطلب, وأبى أن يقول: لا إله إلاّ الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما وَاللّهِ لاَءَسْتَغْفرَنّ لَكَ ما لَـمْ أُنْهَ عَنْكَ», فأنزل الله ما كانَ للنّبِـيّ وَالّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفرُوا للْـمُشْرِكينَ وَلَوْ كانُوا أُولـى قُرْبَى, وأنزل الله فـي أبـي طالب, فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّك لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ وَلَكِنّ اللّهَ يَهْدِي... الاَية.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن الزهري, عن سعيد بن الـمسيب, عن أبـيه, بنـحوه.
20965ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عمرو, عن أبـي سعيد بن رافع, قال: قلت لابن عمر: إنّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ نزلت فـي أبـي طالب؟ قال: نعم.
20966ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد قوله إنّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ قال: قول مـحمد لأبـي طالب: «قُلْ كَلِـمةَ الإخْلاصِ أُجادِلُ عَنْكَ بِهَا يَوْمَ الْقِـيَامَةِ» قال مـحمد بن عمرو فـي حديثه: قال: يا ابن أخي ملة الأشياخ, أو سنة الأشياخ. وقال الـحارث فـي حديثه: قال يا ابن أخي ملة الأشياخ.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد إنّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ قال: قال مـحمد لأبـي طالب: «اشْهَدْ بكَلـمَةِ الإخْلاصِ أُجادِلْ عَنْكَ بِها يَوْمَ القِـيامَةِ» قال: أي ابن أخي ملة الأشياخ, فأنزل الله إنّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ قال: نزلت هذه الاَية فـي أبـي طالب.
20967ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله إنّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ ذُكر لنا أنها نزلت فـي أبـي طالب قال الأصم عند موته يقول لا إله إلاّ الله لكيـما تـحلّ له بها الشفـاعة, فأبى علـيه.
20968ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن عطاء, عن عامر: لـما حضر أبـا طالب الـموت, قال له النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «يا عَمّاهُ قُلْ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ أشْهَدُ لَكَ بِها يَوْمَ القِـيامَةِ», فقال له: يا ابن أخي, إنه لولا أن يكون علـيك عار لـم أبـال أن أفعل فقال له ذلك مرارا. فلـما مات اشتدّ ذلك علـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما تنفع قرابة أبـي طالب منك, فقال: «بَلـى والّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ إنّه السّاعَةَ لَفِـي ضَحْضَاحٍ مِنَ النّارِ عَلَـيْهِ نَعْلان مِنْ نارٍ تَغْلِـي مِنْهُما أُمّ رأسه, وما مِنْ أهْلِ النّارِ مِنْ إنْسانٍ هُوَ أهْوَنُ عَذَابـا مِنْهُ, وَهُوَ الّذِي أنْزَلَ اللّهُ فِـيهِ إنّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ, وَلَكِنّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ, وَهُوَ أعْلَـمُ بـالـمُهْتَدِينَ».
وقوله: وَهُوَ أعْلَـمُ بـالـمُهْتَدِينَ يقول: وهو أعلـم بـمن قضى له الهدى. كالذي:
20969ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله وَهُوَ أعْلَـمُ بـالـمُهْتَدِينَ قال بـمن قدّر له الهدى والضلالة.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.
الآية : 57
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالُوَاْ إِن نّتّبِعِ الْهُدَىَ مَعَكَ نُتَخَطّفْ مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكّن لّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىَ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْءٍ رّزْقاً مّن لّدُنّا وَلَـَكِنّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وقالت كفـار قريش: إن نتبع الـحقّ الذي جئتنا به معك, ونتبرأ من الأنداد والاَلهة, يتـخطفنا الناس من أرضنا بإجماع جميعهم علـى خلافنا وحربنا, يقول الله لنبـيه: فقل أوَ لَـمْ نُـمَكّنْ لَهُمْ حَرَما يقول: أو لـم نوطىء لهم بلدا حرّمنا علـى الناس سفك الدماء فـيه, ومنعناهم من أن يتناولوا سكانه فـيه بسوء, وأمنا علـى أهله من أن يصيبهم بها غارة, أو قتل, أو سبـاء. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20970ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عبد الله بن أبـي ملـيكة, عن ابن عبـاس, أن الـحارث بن نوفل, الذي قال: إنْ نَتّبِعِ الهُدَى مَعكَ نُتَـخَطّفْ مِنْ أرْضِنا وزعموا أنهم قالوا: قد علـمنا أنك رسول الله, ولكنا نـخاف أن نُتَـخطف من أرضنا, أوَ لَـمْ نُـمَكّنْ لَهُمْ الاَية.
20971ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله وَقالُوا إنْ نَتّبِعِ الهُدَى مَعَكَ نُتَـخَطّفْ مِنْ أرْضِنا قال: هم أناس من قريش قالوا لـمـحمد: إن نتبعك يتـخطفْنا الناس, فقال الله أوْ لَـمْ نُـمَكّنْ لَهُمْ حَرَما آمِنا يُجْبَى إلَـيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْءٍ.
20972ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله ويُتَـخَطف الناس من حولهم: قال: كان يغير بعضهم علـى بعض.
وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله أوْلَـمْ نُـمَكّنْ لَهُمْ حَرَما آمنا قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20973ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله وَقالُوا إنْ نَتّبِعِ الهُدَى مَعَكَ نُتَـخَطّفْ مِنْ أرْضِنا قال الله أوْ لَـمْ نُـمَكّنْ لَهُمْ حَرَما آمِنا يُجْبَى إلَـيْهِ ثَمَرَاتُ كلّ شَيْءٍ يقول: أو لـم يكونوا آمنـين فـي حرمهم لا يغزون فـيه ولا يخافون, يجبى إلـيه ثمرات كلّ شيء.
20974ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي أبو سفـيان, عن معمر, عن قَتادة أوَ لَـمْ نُـمَكّنْ لَهُمْ حَرَما آمِنا قال: كان أهل الـحرم آمنـين يذهبون حيث شاءوا, إذا خرج أحدهم فقال: إنـي من أهل الـحرم لـم يُتَعرّض له, وكان غيرهم من الناس إذا خرج أحدهم قُتل.
20975ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله أوَ لَـمْ نُـمَكّنْ لَهُمْ حَرَما آمِنا قال: آمناكم به, قال: هي مكة, وهم قريش.
وقوله: يُجْبَى إلَـيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْءٍ يقول يجمع إلـيه, وهو من قولهم: جبـيت الـماء فـي الـحوض: إذا جمعته فـيه, وإنـما أريد بذلك: يحمل إلـيه ثمرات كلّ بلد. كما:
20976ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن عطية, عن شريك, عن عثمان بن أبـي زرعة, عن مـجاهد, عن ابن عبـاس فـي يُجْبَى إلْـيهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْءٍ قال: ثمرات الأرض.
وقوله: رِزْقا مَنْ لَدنّا يقول: ورزقا رزقناهم من لدنا, يعنـي: من عندنا وَلَكِنّ أكْثَرَهُمْ لا يَعْلَـمُونَ يقول تعالـى ذكره: ولكن أكثر هؤلاء الـمشركين القائلـين لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنْ نَتّبِعِ الهُدَى مَعكَ نُتَـخَطّفْ مِنْ أرْضِنا لا يعلـمون أنا نـحن الذين مكّنا لهم حرما آمنا, ورزقناهم فـيه, وجعلنا الثمرات من كلّ أرض تـجبى إلـيهم, فهم بجهلهم بـمن فعل ذلك بهم يكفرون, لا يشكرون من أنعم علـيهم بذلك.
الآية : 58
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مّن بَعْدِهِمْ إِلاّ قَلِيلاً وَكُنّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: وكم أهلكنا من قرية أبطرتها معيشتها, فبَطِرت, وأَشِرت, وطَغَت, فكفرت ربها. وقـيـل: بطرت معيشتها, فجعل الفعل للقرية, وهو فـي الأصل للـمعيشة, كما يقال: أَسْفَهَك رأيك فسَفِهته, وأبطرك مالك فبطِرته, والـمعيشة منصوبة علـى التفسير.
وقد بـيّنا نظائر ذلك فـي غير موضع من كتابنا هذا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20977ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله وكَمْ أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها قال: البطر: أَشَرّ أهل الغفلة وأهل البـاطل والركوب لـمعاصي الله, وقال: ذلك البطر فـي النعمة فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَـمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إلاّ قَلِـيلاً يقول: فتلك دور القوم الذين أهلكناهم بكفرهم بربهم ومنازلهم, لـم تسكن من بعدهم إلاّ قلـيلاً, يقول: خربت من بعدهم, فلـم يعمر منها إلاّ أقلها, وأكثرها خراب. ولفظ الكلام وإن كان خارجا علـى أن مساكنهم قد سُكِنت قلـيلاً, فإن معناه: فتلك مساكنهم لـم تسكن من بعدهم إلاّ قلـيلاً منها, كما يقال: قضيت حقك إلاّ قلـيلاً منه.
وقوله: وكُنّا نَـحْنُ الوَارِثِـينَ يقول: ولـم يكن لـما خرّبنا من مساكنهم منهم وارث, وعادت كما كانت قبل سُكناهم فـيها, لا مالك لها إلاّ الله, الذي له مِيراث السموات والأرض.
الآية : 59
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَا كَانَ رَبّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىَ حَتّىَ يَبْعَثَ فِيَ أُمّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنّا مُهْلِكِي الْقُرَىَ إِلاّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وَما كانَ رَبّكَ يا مـحمد مُهْلِكَ القُرَى التـي حوالـي مكة فـي زمانك وعصرك. حتـى يَبْعَثَ فِـي أُمّها رَسُولاً يقول: حتـى يبعث فـي مكة رسولاً, وهي أمّ القرى, يتلو علـيهم آيات كتابنا, والرسول: مـحمد صلى الله عليه وسلم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20978ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة حتـى يَبْعَثَ فـي أُمّها رَسُولاً وأمّ القرى مكة, وبعث الله إلـيهم رسولاً: مـحمدا صلى الله عليه وسلم.
وقوله: وَما كُنّا مُهْلِكِي القُرَى إلاّ وأهْلُها ظالِـمُونَ يقول: ولـم نكن لنهلك قرية وهي بـالله مؤمنة إنـما نهلكها بظلـمها أنفسها بكفرها بـالله, وإنـما أهلكنا أهل مكة بكفرهم بربهم وظلـم أنفسهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك, قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
20980حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: حدثنا أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَما كُنّا مُهْلِكي القُرَى إلاّ وأهْلُها ظالِـمُونَ قال الله: لـم يهلك قرية بإيـمان, ولكنه يهلك القرى بظلـم إذا ظلـم أهلها, ولو كانت قرية آمنت لـم يهلكوا مع من هلك, ولكنهم كذّبوا وظلـموا, فبذلك أُهلكهوا