تفسير الطبري تفسير الصفحة 399 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 399
400
398
 الآية : 24
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُواْ اقْتُلُوهُ أَوْ حَرّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللّهُ مِنَ النّارِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: فلـم يكن جواب قوم إبراهيـم له إذ قال لهم: اعبدوا الله واتقوه, ذلكم خير لكم إن كنتـم تعلـمون, إلاّ أن قال بعضهم لبعض: اقتلوه أو حرّقوه بـالنار, ففعلوا, فأرادوا إحراقه بـالنار, فأضرموا له النار, فألقَوه فـيها, فأنـجاه الله منها, ولـم يسلطها علـيه, بل جعلها علـيه بَرْدا وسلاما. كما:
21108ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: فَمَا كانَ جَوَابَ قوم إبراهيـم إلاّ أنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أوْ حَرّقُوهُ, فَأنـجاهُ اللّهُ مِنَ النّارِ قال: قال كعب: ما حرقت منه إلاّ وثاقه إنّ فِـي ذلكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يقول تعالـى ذكره: إن فـي إنـجائنا لإبراهيـم من النار, وقد ألقـي فـيها وهي تَسعَر, وتصيـيرها علـيه بردا وسلاما, لأدلة وحججا لقوم يصدّقون بـالأدلة والـحجج إذا عاينوا ورأوا.
الآية : 25
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالَ إِنّمَا اتّخَذْتُمْ مّن دُونِ اللّهِ أَوْثَاناً مّوَدّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا ثُمّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النّارُ وَمَا لَكُمْ مّن نّاصِرِينَ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل إبراهيـم لقومه: وَقالَ إبراهيـم لقومه: يا قوم إنّـمَا اتّـخَذْتُـمْ مِنْ دُونِ اللّهِ أوْثانا.
واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: مَوَدّةَ بَـيْنِكُمْ فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والشأم وبعض الكوفـيـين: «مَوَدّةً» بنصب مودة بغير إضافة بـينكم بنصبها. وقرأ ذلك بعض الكوفـيـين: مَوَدّةَ بَـيْنِكُمْ بنصب الـمودّة وإضافتها إلـى قوله بَـيْنِكُمْ, وخفض بـينِكم. وكأن هؤلاء الذين قرءوا قوله: مَوَدّةَ نصبـا وجّهوا معنى الكلام إلـى: إنـما اتـخذتـم أيها القوم أوثانا مودة بـينكم, فجعلوا إنـما حرفـا واحدا, وأوقعوا قوله اتّـخَذْتـمْ علـى الأوثان, فنصبوها بـمعنى: اتـخذتـموها مودّة بـينكم فـي الـحياة الدنـيا, تتـحابّون علـى عبـادتها, وتتوادّون علـى خدمتها, فتتواصلون علـيها. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكة والبصرة: «مَوَدّةُ بَـيْنِكُمْ» برفع الـمودة وإضافتها إلـى البـين, وخفض البـين. وكأن الذين قرءوا ذلك كذلك, جعلوا «إنّ مَا» حرفـين, بتأويـل: إن الذين اتـخذتـم من دون الله أوثانا إنـما هو مودّتكم للدنـيا, فرفعوا مودة علـى خبر إن. وقد يجوز أن يكونوا علـى قراءتهم ذلك رفعا بقوله «إنـما» أن تكون حرفـا واحدا, ويكون الـخبر متناهيا عند قوله إنّـمَا اتّـخَذْتُـمْ مِنْ دُونِ اللّهِ أوْثانا ثم يبتدىءُ الـخبر فـيقال: ما مودتكم تلك الأوثان بنافعتكم, إنـما مودّة بـينكم فـي حياتكم الدنـيا, ثم هي منقطعة, وإذا أريد هذا الـمعنى كانت الـمودّة مرفوعة بـالصفة بقوله فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وقد يجوز أن يكونوا أرادوا برفع الـمودّة, رفعها علـى ضمير هي.
وهذه القراءات الثلاث متقاربـات الـمعانـي, لأن الذين اتـخذوا الأوثان آلهة يعبدونها, اتـخذوها مودة بـينهم, وكانت لهم فـي الـحياة الدنـيا مودة, ثم هي عنهم منقطعة, فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب, لتقارب معانـي ذلك, وشهرة القراءة بكلّ واحدة منهنّ فـي قرّاء الأمصار. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21109ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة وَقالَ إنّـمَا اتّـخَذْتُـمْ مِنْ دُونِ اللّهِ أوْثانا مَوَدّةَ بَـيْنِكُمْ فِـي الـحَياةِ الدنْـيا, ثمّ يَوْمَ الْقِـيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ ببَعْضٍ, وَيَـلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضا قال: صارت كلّ خُـلّة فـي الدنـيا عداوة علـى أهلها يوم القـيامة إلاّ خُـلّة الـمتقـين.
وقوله: ثُمّ يَوْمَ القِـيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ, وَيَـلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضا يقول تعالـى ذكره: ثم يوم القـيامة أيها الـمتوادّون علـى عبـادة الأوثان والأصنام, والـمتواصلون علـى خدماتها عند ورودكم علـى ربكم, ومعاينتكم ما أعدّ الله لكم علـى التواصل, والتوادّ فـي الدنـيا من ألـم العذاب يَكْفر بعضكم ببعض يقول: يتبرأ بعضكم من بعض, ويـلعن بعضُكم بعضا.
وقوله: ومَأْوَاكُمُ النّارُ يقول جلّ ثناؤه: ومصير جميعكم أيها العابدون الأوثان وما تعبدون النارُ ومَا لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ يقول: وما لكم أيها القوم الـمتـخذو الاَلهة, من دون الله مودّة بـينكم من أنصار ينصرونكم من الله حين يصلـيكم نار جهنـم, فـينقذونكم من عذابه.
الآية : 26
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنّي مُهَاجِرٌ إِلَىَ رَبّيَ إِنّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.
يقول تعالـى ذكره: فصدّق إبراهيـمَ خـلـيـلَ الله لوطٌ وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي يقول: وقال إبراهيـم: إنـي مهاجر دار قومي إلـى ربـي إلـى الشام. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21110ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ قال: صدّق لوط وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي قال: هو إبراهيـم.
21111ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ أي فصدّقه لوط وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي قال: هاجَرا جميعا من كوثى, وهي من سواد الكوفة إلـى الشام. قال: وذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إنها سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ, يَنْـحازُ أهْلُ الأرْضِ إلـى مُهاجَرِ إبْرَاهِيـمَ, وَيَبْقَـي فِـي الأرْضِ شِرَارُ أهْلِها, حتـى تَلْفِظَهُمْ وَتَقْذَرَهُمْ وتَـحْشُرَهُمُ النّارُ مَعَ القِرَدَةِ والـخَنازِيرِ».
21112ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ قال: صدّقه لوط, صدق إبراهيـم قال: أرأيت الـمؤمنـين, ألـيس آمنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به؟ قال: فـالإيـمان: التصديق. وفـي قوله: إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي قال: كانت هِجْرته إلـى الشأم.
وقال ابن زيد فـي حديث الذئب الذي كلـم الرجل, فأخبر به النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فآمَنْتُ لَهُ أنا وأبُو بَكْرٍ وعُمَر, ولَـيْسَ أبُو بَكْرٍ ولا عُمَرُ مَعَهُ» يعنـي آمنت له: صدّقته.
21113ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, فـي قوله فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي قال: إلـى حَرّان, ثم أُمر بعد بـالشأم الذي هاجر إبراهيـم, وهو أوّل من هاجَر يقول: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إبْراهِيـمُ إنّـي مُهاجِرٌ... الاَية.
21114ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي إبراهيـم القائل: إنـي مهاجر إلـى ربـي.
وقوله: إنّهُ هُوَ العَزِيزُ الـحَكِيـمُ يقول: إن ربـي هو العزيز الذي لا يذِلّ من نَصَره, ولكنه يـمنعه مـمن أراده بسوء, وإلـيه هجرته, الـحكيـم فـي تدبـيره خـلقه, وتصريفه إياهم فـيـما صرفهم فـيه.
الآية : 27
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرّيّتِهِ النّبُوّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدّنْيَا وَإِنّهُ فِي الاَخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: ورزقناه من لدنا إسحاق ولدا, ويعقوبَ من بعده وَلَدَ وَلَدٍ. كما:
21115ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: وَوَهَبْنا لَهُ إسحَاقَ وَيَعْقُوبَ قال: هما ولدا إبراهيـم.
وقوله: وَجَعَلْنا فِـي ذُرّيّتِهِ النّبَوّةَ والكِتابَ بـمعنى الـجمع, يراد به الكتب, ولكنه خُرّج مُخْرج قولهم: كثر الدرهم والدينار عند فلان.
وقوله: وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا يقول تعالـى ذكره: وأعطيناه ثواب بلائه فـينا فـي الدنـيا وَإنّهُ مع ذلك فـي الاَخِرةِ لَـمِنَ الصّالِـحينَ فله هناك أيضا جزاء الصالـحين, غير منتقص حَظّه بـما أعطى فـي الدنـيا من الأجر علـى بلائه فـي الله, عما له عنده فـي الاَخرة.
وقـيـل: إن الأجر الذي ذكره الله عزّ وجلّ, أنه آتاه إبراهيـم فـي الدنـيا هو الثناء الـحسن, والولد الصالـح. ذكر من قال ذلك:
21116ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وآتَـيْناه أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا قال: الثناء.
21117ـ حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا ابن إدريس, عن لـيث قال: أرسل مـجاهد رجلاً يقال له قاسم إلـى عكرِمة يسأله عن قوله وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا. وَإنّهُ فِـي الاَخِرَةِ لَـمِنَ الصّالِـحِينَ قال: قال أجره فـي الدنـيا أن كل ملة تتولاه, وهو عند الله من الصالـحين, قال: فرجع إلـى مـجاهد فقال: أصاب.
21118ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن مندل, عمن ذكره, عن ابن عبـاس وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا قال: الولد الصالـح والثناء.
حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا يقول: الذكر الـحسن.
21119ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا قال: عافـية وعملاً صالـحا, وثناء حسنا, فلست بلاق أحدا من الـملل إلا يرى إبراهيـم ويتولاه وَإنّهُ فِـي الاَخِرَةِ لَـمِنَ الصّالِـحِينَ.
الآية : 28
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّنَ الْعَالَمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واذكر لوطا إذ قال لقومه: إنكم لتأتون الذكران ما سَبَقَكُمْ بِها يعنـي بـالفـاحشة التـي كانوا يأتونها, وهي إتـيان الذكران مِنْ أحَدٍ مِنَ العالَـمِينَ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
21120ـ حدثنـي مـحمد بن خالد بن خداش ويعقوب بن إبراهيـم, قالا: حدثنا إسماعيـل بن علـية, عن ابن أبـي نـجيح, عن عمرو بن دينار, فـي قوله إنّكُم لَتَأْتُونَ الفَـاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أحَدٍ مِنَ العالَـمِينَ قال: ما نَزَا ذَكَرٌ علـى ذَكَر حتـى كان قوم لوط.
الآية : 29
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَئِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُواْ ائْتِنَا بِعَذَابِ اللّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل لوط لقومه أئِنّكُمْ أيها القوم لَتأْتُونَ الرّجالَ فـي أدبـارهم وَتَقْطَعُونَ السّبِـيـلَ يقول: وتقطعون الـمسافرين علـيكم بفعلكم الـخبـيث, وذلك أنهم فـيـما ذُكر عَنْهم كانوا يفعلون ذلك بـمن مرّ علـيهم من الـمسافرين, من ورد بلادهم من الغربـاء. ذكر من قال ذلك:
21121ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله وَتَقْطَعُونَ السّبِـيـلَ قال: السبـيـل: الطريق. الـمسافر إذا مرّ بهم, وهو ابن السبـيـل قَطَعوا به, وعملوا به ذلك العمل الـخبـيث.
وقوله: وَتأتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ اختلف أهل التأويـل فـي الـمنكر الذي عناه الله, الذي كان هؤلاء القوم يأتونه فـي ناديهم, فقال بعضهم: كان ذلك أنهم كانوا يتضارطُون فـي مـجالسهم. ذكر من قال ذلك:
21122ـ حدثنـي عبد الرحمن بن الأسود, قال: حدثنا مـحمد بن ربـيعة, قال: حدثنا رَوْح بن عُطيفة الثقـفـيّ, عن عمرو بن صعب, عن عروة بن الزبـير, عن عائشة, فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: الضراط.
وقال آخرون: بل كان ذلك أنهم كانوا يخذفون من مر بهم. ذكر من قال ذلك:
21123ـ حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع قالا: حدثنا أبو أسامة, عن حاتـم بن أبـي صغيرة, عن سماك بن حرب, عن أبـي صالـح, عن أمّ هانىء, قالت: سألت النبـيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قالَ: «كانُوا يَخْذِفُونَ أهْلَ الطّرِيقِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ» فهو الـمنكر الذي كانوا يأتون.
21124ـ حدثنا الربـيع, قال: حدثنا أسد, قال: حدثنا أبو أُسامة, بإسناده عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, مثله.
حدثنا أحمد بن عبدة الضبـي, قال: حدثنا سلـيـم بن أخضر, قال: حدثنا أبو يونس القُشَيري, عن سِماك بن حرب, عن أبـي صالـح مولـى أمّ هانىء, أن أمّ هانىء سُئلت عن هذه الاَية وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ فقالت: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «كانُوا يَخْذِفُونَ أهْلَ الطّرِيقِ, وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ».
21125ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا عمر بن أبـي زائدة, قال: سمعت عكرِمة يقول فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كانوا يُؤْذون أهل الطريق يخذفون من مَرّ بهم.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنـي أبـي, عن عمر بن أبـي زائدة, قال: سمعت عكرِمة قال: الـخذف.
21126ـ حدثنا موسى, قال: أخبرنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان كلّ من مرّ بهم خذفوه فهو الـمنكر.
حدثنا الربـيع, قال: حدثنا أسد, قال: حدثنا سعيد بن زيد, قال: حدثنا حاتـم بن أبـي صغيرة, قال: حدثنا سِماك بن حرب, عن بـاذام, عن أبـي صالـح مولـى أمّ هانىء, عن أمّ هانىء, قالت: سألت رسول الله صَلّـى اللّهُ عَلَـيْهِ وَسَلّـمَ عن هذه الاَية وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: «كانُوا يَجْلِسُونَ بـالطّرِيقِ, فَـيَخْذِفُونَ أبْناءَ السّبِـيـلِ, وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ».
وقال بعضهم: بل كان ذلك إتـيانهم الفـاحشة فـي مـجالسهم. ذكر من قال ذلك:
21127ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مـجاهد, قال: كان يأتـي بعضهم بعضا فـي مـجالسهم, يعنـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ.
حدثنا سلـيـمان بن عبد الـجبـار, قال: حدثنا ثابت بن مـحمد اللـيثـيّ, قال: حدثنا فضيـل بن عياض, عن منصور بن الـمعتـمر, عن مـجاهد, فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان يجامع بعضهم بعضا فـي الـمـجالس.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن مـجاهد وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان يأتـي بعضهم بعضا فـي الـمـجالس.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنـي أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, قال: كانوا يجامعون الرجال فـي مـجالسهم.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: الـمـجالس, والـمنكَر: إتـيانهم الرجال.
21128ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كانوا يأتون الفـاحشة فـي ناديهم.
21129ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: ناديهم: الـمـجالس, والـمنكر: عملهم الـخبـيث الذي كانوا يعملونه, كانوا يعترضون بـالراكب فـيأخذونه ويركبونه. وقرأ أتأْتُونَ الفـاحِشَةَ وأنْتُـمْ تُبْصِرُونَ, وقرأ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أحَدٍ مِنَ العالَـمِينَ.
21130ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله وتَأتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ يقول: فـي مـجالسكم.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال: معناه: وتـحذفون فـي مـجالسكم الـمارّة بكم, وتسخَرون منهم لـما ذكرنا من الرواية بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: فَمَا كانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاّ أنْ قالُوا ائْتِنا بعَذَابِ اللّهِ إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِـينَ يقول تعالـى ذكره: فلـم يكن جواب قوم لُوط إذ نهاهم عما يكرهه الله من إتـيان الفواحش التـي حرمها الله إلا قَـيـلهم: ائتنا بعذاب الله الذي تعدنا, إن كنت من الصادقـين فـيـما تقول, والـمنـجزين لـما تعد