تفسير الطبري تفسير الصفحة 535 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 535
536
534
 الآية : 13-21
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{ثُلّةٌ مّنَ الأوّلِينَ * وَقَلِيلٌ مّنَ الاَخِرِينَ * عَلَىَ سُرُرٍ مّوْضُونَةٍ * مّتّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مّخَلّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مّن مّعِينٍ * لاّ يُصَدّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مّمّا يَتَخَيّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مّمّا يَشْتَهُونَ }.
يقول تعالى ذكره: جماعة من الأمم الماضية, وقليل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم, وهم الاَخرون وقيل لهم الاَخرون: لأنهم آخر الأمم على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ يقول: فوق سُرر منسوجة, قد أدخل بعضها في بعض, كما يوضن حلق الدرع بعضها فوق بعض مضاعفة ومنه قول الأعشى:
وَمِنْ نَسْج دَاوُدَ مَوْضُونَةًتُساقُ مَعَ الحَيّ عِيْرا فَعِيْرَا
ومنه وضين الناقة, وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفا كالحلق حلق الدرع. وقيل: وضين, وإنما هو موضون, صرف من مفعول إلى فعيل, كما قيل: قتيل لمقتول. وحُكي سماعا من بعض العرب أزيار الاَجرّ موضون بعضها على بعض, يراد مشرج صفيف.
وقيل: إنما قيل لها سُرر موضونة, لأنها مشبكة بالذهب والجوهر. ذكر من قال ذلك:
25753ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفيان, قال: حدثنا حصين, عن مجاهد, عن ابن عباس على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال: مرمولة بالذهب.
25754ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن الحصين, عن مجاهد على سُرُر مَوْضُونَةٍ قال: مرمولة بالذهب.
25755ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال: يعني الأسرة المرملة.
حدثنا هناد, قال: حدثنا أبو الأحوص, عن حصين, عن مجاهد, قال: الموضونة: المرملة بالذهب.
25756ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا الحسين بن واقد, عن يزيد, عن عكرِمة, قوله: على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال: مشبكة بالدرّ والياقوت.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: مَوْضُونَةٍ قال: مرمولة بالذهب.
25757ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: على سُرُرٍ مَوْضُونَة والموضونة: المرمولة, وهي أوثر السرر.
25758ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, عن قتادة, في قوله: مَوْضُونَةٍ قال مرمولة.
25759ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, في قوله: على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال: مرملة مشبكة.
25760ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ الوضن: التشبيك والنسج, يقول: وسطها مشبك منسوج.
25761ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ الموضونة: المرمولة بالجلد ذاك الوضين منسوجة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنها مصفوفة. ذكر من قال ذلك:
25762ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ يقول: مصفوفة.
وقوله: مُتّكِئِينَ عليها مُتَقابِلينَ يقول تعالى ذكره متكئين على السّرر الموضونة, متقابلين بوجوههم, لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض. كما:
25763ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: على سُرُرٍ متَقابِلينَ قال: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله «مُتّكِئِينَ عَلَيْها ناعِمِينَ».
25764ـ حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, عن شعبة, عن أبي إسحاق, في قراءة عبد الله, يعني ابن مسعود «مُتّكِئِينَ عَلَيْها ناعِمِينَ».
وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع, وذكرنا ما فيه من الرواية.
وقوله: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلّدُونَ يقول تعالى ذكره: يطوف على هؤلاء السابقين الذين قرّبهم الله في جنات النعيم, ولدان على سنّ واحدة, لا يتغيرون ولا يموتون. ذكر من قال ذلك:
25765ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مُخَلّدُونَ قال: لا يموتون.
وقال آخرون: عنى بذلك أنهم قرّطون مسوّرون.
والذي هو أولى بالصواب في ذلك قول من قال معناه: إنهم لا يتغيرون, ولا يموتون, لأن ذلك أظهر معنييه, والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط: إنه لمخلد, وإنما هو مفعل من الخلد.
وقوله: بأكْوَابٍ وأبارِيقَ والأكواب: جمع كوب, وهو من الأباريق ما اتسع رأسه, ولم يكن له خرطوم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25766ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: بأكوابٍ قال: الأكواب: الجرار من الفضة.
25767ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد بأكْوَابٍ وأبارِيقَ قال: الأباريق: ما كان لها آذان, والأكواب ما ليس لها آذان.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, قال: الأكواب ليس لها آذان.
25768ـ حدثنا يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, عن أبي رجاء, قال: سئل الحسن عن الأكواب, قال: هي الأباريق التي يصبّ لهم منها.
25769ـ حدثنا أبو كُرَيب, وأبو السائب, قالا: حدثنا ابن إدريس, قال: سمعت أبي, قال: مر أبو صالح صاحب الكلبي قال: فقال أبي, قال لي الحسن وأنا جالس: سله, فقلت: ما الأكواب؟ قال: جرار الفضة المستديرة أفواهها, والأباريق ذوات الخراطيم.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد بأكْوَابٍ قال: ليس لها عرى ولا آذان.
25770ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: بأكْوَابٍ وأبارِيقَ والأكواب التي يغترف بها ليس لها خراطيم, وهي أصغر من الأباريق.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: بأكْوَابٍ وأبارِيقَ قال: الأكواب التي دون الأباريق ليس لها عُرًى.
25771ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: الأكواب جرار ليست لها عرى, وهي بالنبطية كوبا, وإياها عنى الأعشى بقوله:
صَرِيفِيّةٌ طَيّبٌ طَعْمُهالَهَا زَبَدٌ بَينَ كُوب ودَنّ
وأما الأباريق: فهي التي لها عرى.
وقوله: وكأسٍ مِنْ مَعِينٍ وكأس خمر من شراب معين, ظاهر العيون, جار. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25772ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: وكأسٍ مِنْ مَعِينٍ: قال الخمر.
25773ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَكأْسٍ مِنْ مَعِينٍ أي من خمر جارية.
25774ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وكأسٍ مِنْ مَعِينٍ الكأس: الخمر.
حدثنا أبو سنان, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, عن قتادة, في قوله: وكأْسٍ مِن مَعِينٍ قال: الخمر الجارية.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن سلمة بن نبيط, عن الضحاك, مثله.
وقوله: لا يُصَدّعُونَ عَنْها يقول: لا تصدع رؤوسهم عن شربها فتسكر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25775ـ حدثني إسماعيل بن موسى السديّ, قال: أخبرنا شريك, عن سالم, عن سعيد, قوله: لا يُصَدّعُونَ عَنْها قال: لا تصدّع رؤوسهم.
25776ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة لا يُصَدّعُونَ عَنْها ليس لها وجع رأس.
25777ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, عن قتادة لا يُصَدّعُونَ عَنْها قال: لا تصدّع رؤوسهم.
25778ـ حدثنا ابن حمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد لا يُصَدّعُونَ عَنْها يقول: لا تصدّع رؤوسهم.
25779ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: لا يُصَدّعُونَ عَنْها يعني: وجع الرأس.
وقوله: وَلا يُنْزِفُونَ اختلفت القرّاء في قراءته, فقرأت عامة قرّاء المدينة والبصرة «يُنْزَفُونَ» بفتح الزاي, ووجهوا ذلك إلى أنه لا تنزف عقولهم. وقرأته عامة قرّاء الكوفة لا يُنْزِفُونَ بكسر الزاي بمعنى: ولا ينفد شرابهم.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب فيها الصواب.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك على نحو اختلاف القرّاء فيه. وقد ذكرنا اختلاف أقوالهم في ذلك, وبيّنا الصواب من القول فيه في سورة الصافات, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع, غير أنا سنذكر قول بعضهم في هذا الموضع لئلا يظنّ ظانّ أن معناه في هذا الموضع مخالف معناه هنالك. ذكر قول من قال منهم: معناه لا تنزف عقولهم.
25780ـ حدثنا إسماعيل بن موسى, قال: أخبرنا شريك, عن سالم, عن سعيد وَلا يُنْزِفُونَ قال: لا تنزف عقولهم.
25781ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد وَلا يُنْزِفُونَ قال: لا تنزف عقولهم.
وحدثنا ابن حميد, مرة أخرى فقال ولا تذهب عقولهم.
25782ـ حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَلا يُنْزَفُونَ لا تنزف عقولهم.
25783ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: وَلا يُنْزِفُونَ قال: لا يغلب أحد على عقله.
25784ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, في قوله: وَلا يُنْزِفُونَ قال: لا يغلب أحد على عقله.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, عن قتادة في قول الله: وَلا يُنْزِفُونَ قال: لا تغلب على عقولهم.
وقوله: وَفاكِهَةٍ مِمّا يَتَخَيّرُونَ يقول تعالى ذكره: ويطوف هؤلاء الولدان المخلدون على هؤلاء السابقين بفاكهة من الفواكه التي يتخيّرونها من الجنة لأنفسهم, وتشتهيها نفوسهم ولَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ يقول: ويطوفون أيضا عليهم بلحم طير مما يشتهون من الطير الذي تشتهيه نفوسهم.


الآية : 22-26
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً }.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: وحُورٌ عِينٌ فقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض المدنيين «وحُورٍ عِينٍ» بالخفض إتباعا لإعرابها إعراب ما قبلها من الفاكهة واللحم, وإن كان ذلك مما لا يُطاف به, ولكن لما كان معروفا معناه المراد أتبع الاَخر الأوّل في الإعراب, كما قال بعض الشعراء:
إذَا ما الغانِياتُ بَرَزْنَ يَوْماوَزَجّجْن الْحَوَاجِبَ والعُيُونا
فالعيون تكَحّل, ولا تزجّج إلا الحواجب, فردّها في الإعراب على الحواجب, لمعرفة السامع معنى ذلك وكما قال الاَخر:
تَسْمَعُ للأَحْشاءِ مِنْهُ لَغَطَاوللْيَدَيْنِ جُسأَةً وَبَدَدَا
والجسأة: غلظ في اليد, وهي لا تُسمع.
وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة ومكة والكوفة وبعض أهل البصرة بالرفع وحُورٌ عِينٌ على الابتداء, وقالوا: الحور العين لا يُطاف بهنّ, فيجوز العطف بهنّ في الإعراب على إعراب فاكهة ولحم, ولكنه مرفوع بمعنى: وعندهم حور عين, أو لهم حور عين.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء مع تقارب معنييهما, فبأيّ القراءتين قرأ القارىء فمصيب. والحور جماعة حَوْراء: وهي النقية بياض العين, الشديدة سوادها. والعين: جمع عيناء, وهي النجلاء العين في حُسن.
وقوله: كأمْثالِ اللّؤْلُوِ المَكْنُونِ يقول: هنّ في صفاء بياضهنّ وحسنهن, كاللؤلؤ المكنون الذي قد صين في كِنَ.
وقوله: جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يقول تعالى ذكره: ثوابا لهم من الله بأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا, وعوضا من طاعتهم إياه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25785ـ حدثنا أبو هشام الرفاعيّ, قال: حدثنا ابن يمان, عن ابن عُيينة, عن عمرو, عن الحسن وحُورٌ عِينٌ قال: شديدة السواد: سواد العين, شديدة البياض: بياض العين.
25786ـ قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن رجل, عن الضحاك وحُورٌ عِينٌ قال: بِيض عِين, قال: عظام الأعين.
25787ـ حدثنا ابن عباس الدوريّ, قال: حدثنا حجاج, قال: قال ابن جُرَيج, عن عطاء الخُراسانيّ, عن ابن عباس, قال: الحُور: سُود الحَدَق.
25788ـ حدثنا الحسن بن عرفة, قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الأسلميّ, عن عباد بن منصور الباجيّ, أنه سمع الحسن البصريّ يقول: الحُور: صوالح نساء بني آدم.
25789ـ قال: ثنا إبراهيم بن محمد, عن ليث بن أبي سليم, قال: بلغني أن الحور العين خُلقن من الزعفران.
25790ـ حدثنا الحسن بن يزيد الطحان, قال: حدثتنا عائشة امرأة ليث, عن ليث, عن مجاهد, قال: خلق الحُور العين من الزعفران.
حدثني محمد بن عبيد المحاربي, قال: حدثنا عمرو بن سعد, قال: سمعت ليثا, ثني, عن مجاهد, قال: حور العين خُلقن من الزعفران.
وقال آخرون: بل معنى قوله: حُورٌ أنهنّ يحار فيهنّ الطرف. ذكر من قال ذلك:
25791ـ حدثنا أبو هشام, قال: حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد وحُورٌ عِينٌ قال: يحار فيهنّ الطرف.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: كأمْثالِ اللّؤْلُؤِ قال أهل التأويل, وجاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
25792ـ حدثنا أحمد بن عبد الرحمن, قال: حدثنا أحمد بن الفرج الصّدَفيّ الدّمْياطيّ, عن عمرو بن هاشم, عن ابن أبي كريمة, عن هشام بن حسان, عن الحسن, عن أمه, عن أمّ سلمة, قالت: قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله كأمْثالِ اللّؤلُؤِ المَكْنُونِ قال: «صفاؤُهُنّ كَصَفاءِ الدّرّ الّذِي فِي الأصْدَافِ الّذِي لا تَمُسّهُ الأيْدي».
وقوله: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوا وَلا تأثِيما يقول: لا يسمعون فيها باطلاً من القول ولا تأثيما, يقول: ليس فيها ما يُؤثمهم.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوا وَلا تَأثِيما والتأثيم لا يُسمع, وإنما يُسمع اللغو, كما قيل: أكلت خبزا ولبنا, واللبن لا يُؤكل, فجازت إذ كان معه شيء يؤكل.
وقوله: إلاّ قِيلاً سَلاما سّلاما يقول: لا يسمعون فيها من القول إلا قيلاً سلاما: أي أسلم مما تكره. وفي نصب قوله: سَلاما سَلاما وجهان: إن شئت جعلته تابعا للقيل, ويكون السلام حينئذٍ هو القيل, فكأنه قيل: لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما, إلا سلاما سلاما, ولكنهم يسمعون سلاما سلاما. والثاني: أن يكون نصبه بوقوع القيل عليه, فيكون معناه حينئذٍ: إلا قيلَ سلامٍ فإن نوّن نصب قوله: سَلاما سَلاما بوقوع قِيلٍ عليه.

الآية : 27-31
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مّنضُودٍ * وَظِلّ مّمْدُودٍ * وَمَآءٍ مّسْكُوبٍ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحَابُ اليَمِينِ وهم الذين يُؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين, الذي أُعطوا كتبهم بأيمانهم يا محمد ما أصحَابُ اليَمِينَ أيّ شيء هم وما لهم, وماذا أعدّ لهم من الخير, وقيل: إنهم أطفال المؤمنين. ذكر من قال ذلك:
25793ـ حدثنا محمد بن معمر, قال: حدثنا أبو هشام المخزوميّ, قال: حدثنا عبد الواحد, قال: حدثنا الأعمش, قال: حدثنا عثمان بن قيس, أنه سمع زاذان أبا عمرو يقول: سمعت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: وأصحَابُ اليَمِينِ ما أصحَابُ اليَمِينِ قال: أصحاب اليميين: أطفال المؤمنين.
25794ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: وأصحَابُ اليَمِينِ ما أصحَابُ اليَمِينِ: أي ماذا لهم, وماذا أعدّ لهم, ثم ابتدأ الخبر عما ذا أعدّ لهم في الجنة, وكيف يكون حالهم إذا هم دخلوها؟ فقال: هم فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ يعني: في ثمر سدر موقر حملاً قد ذهب شوكه.
وقد اختلف في تأويله أهل التأويل, فقال بعضهم: يعني بالمخضود: الذي قد خُضد من الشوك, فلا شوك فيه. ذكر من قال ذلك:
25795ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: سِدْرٍ مَخْضُود قال: خضده وقره من الحمل, ويقال: خُضِد حتى ذهب شوكه فلا شوك فيه.
25796ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا المعتمر, عن أبيه فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: زعم محمد بن عكرِمة قال: لا شوك فيه.
25797ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن حبيب, عن عكرمة, في قوله: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: لا شوك فيه.
25798ـ حدثنا ابن بشار, حدثنا هوذة بن خليفة, قال: حدثنا عوف, عن قسامة بن زُهَير, في قوله: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: خُضِد من الشوك, فلا شوك فيه.
25799ـ حدثنا أبو حُمَيد الحمصي أحمد بن المغيرة, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, قال: حدثنا عمرو بن عمرو بن عبد الله الأحموسيّ, عن السفر بن نُسَير في قول الله عزّ وجلّ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: خُضِد شوكه, فلا شوك فيه.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فِي سِدْرٍ مَخُضُودٍ قال: كنا نحدّث أنه المُوقَر الذي لا شوك فيه.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا قتادة, في قوله: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: ليس فيه شوك.
25800ـ حدثنا ابن حُميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص في سِدْوٍ مَخْضُودٍ قال: لا شوك له.
حدثنا مهران, عن سفيان, عن حبيب بن أبي ثابت, عن عكرِمة فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: لا شوك فيه.
وحدثني به ابن حُمَيد مرّة أخرى, عن مهران بهذا الإسناد, عن عكرِمة, فقال: لا شوك له, وهو المُوقَر.
وقال آخرون: بل عُنِي به أنه المُوقَر حَمْلاً. ذكر من قال ذلك:
25801ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مَخْضُودٍ قال: يقولون هذا الموقَرُ حَمْلاً.
حدثني محمد بن سنان القزّاز, قال: حدثنا أبو حُذَيفة, قال: حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: الموقَر.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: الموقَر.
25802ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: سِدْرٍ مَخْضُودٍ يقول: مُوقَر.
25803ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبَير فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: ثمرها أعظم من القِلال.
وقوله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ أما الفرّاء فعلى قراءة ذلك بالحاء وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وكذا هو في مصاحف أهل الأمصار. ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقرأ «وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ» بالعين.
25804ـ حدثنا عبد الله بن محمد الزهريّ, قال: حدثنا سفيان, قال: حدثنا زكريا, عن الحسن بن سعد, عن أبيه رضي الله عنه, قرأها «طَلْعٍ مَنْضُودٍ».
25805ـ حدثنا سعيد بن يحيى الأموي, قال: ثني أبي, قال: حدثنا مجاهد, عن الحسن بن سعد, عن قيس بن سعد, قال: قرأ رجل عند عليّ وَطَلْحَ مَنْضُودٍ فقال عليّ: ما شأن الطلح, إنما هو: وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ, ثم قرأ طَلْعُها هَضِيمٌ فقلنا أو لا نحوّلهُا, فقال: إن القرآن لا يهاج اليوم ولا يحوّل. وأما الطلح فإن المعمر بن المثنى كان يقول: هو عند العرب شجر عظام كثير الشوك, وأنشد لبعض الحُداة:
بَشّرَها دَلِيلُها وَقالاغَدا تَرَيْنَ الطّلْحَ والْحِبالا
وأما أهل التأويل من الصحابة والتابعين فإنهم يقولون: إنه هو الموز.
25806ـ حدثنا حميد بن مسعدة, قال: حدثنا بشر بن المفضل, قال: حدثنا سليمان التيميّ, عن أبي سعيد, مولى بني رَقاشِ, قال: سألت ابن عباس عن الطلح, فقال: هو الموز.
حدثني يعقوب, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا سليمان التيميّ, قال: حدثنا أبو سعيد الرقاشيّ, أنه سمع ابن عباس يقول: الطلح المنضود: هو الموز.
حدثني يعقوب وأبو كُرَيب, قالا: حدثنا ابن عُلَية, عن سليمان, قال: حدثنا أبو سعيد الرّقاشيّ, قال قلت لابن عباس: ما الطلح المنضود؟ قال: هو الموز.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا المعتمر, عن أبيه, قال: حدثنا أبو سعيد الرقاشيّ, قال: سألت ابن عباس عن الطلح, فقال: هو الموز.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن التيمي, عن أبي سعيد الرقاشيّ, عن ابن عباس وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال: الموز.
25807ـ قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الكلبيّ, عن الحسن بن سعيد, عن عليّ رضي الله عنه وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال: الموز.
حدثني يعقوب, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن رجل من أهل البصرة أنه سمع ابن عباس يقول في الطلح المنضود: هو الموز.
25808ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال: موزكم لأنهم كانوا يُعجبون بوجَ وظلاله من طلحه وسدره.
25809ـ حدثنا محمد بن سنان, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن عطاء, في قوله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال: الموز.
25810ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا هوذة بن خليفة, عن عوف, عن قسامة, قال: الطلح المنضود: هو الموز.
25811ـ قال: ثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, عن قتادة, في قول الله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال: الموز.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال: الموز.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ كنا نحدّث أنه الموز.
25812ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال الله أعلم, إلا أن أهل اليمن يسمون الموز الطلح.
وقوله: مَنْضُودٍ يعني أنه قد نُضِدَ بعضُه على بعض, وجمع بعضه إلى بعض. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25813ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: وَطَلْحَ مَنْضُودٍ قال: بعضه على بعض.
حدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ متراكم, لأنهم يعجبون بوجّ وظلاله من طلحة وسدره.
وقوله: وَظِلَ مَمْدُودٍ يقول: وهم في ظلّ دائم لا تنسخه الشمس فتذهبه, وكلّ ما لا انقطاع له فإنه ممدود, كما قال لبيد:
غَلَبَ البَقاءَ وكنْتُ غَيرَ مُغَلّبِدَهْرٌ طَوِيلٌ دائم مَمْدُودُ
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الاَثار, وقال به أهل العلم. ذكر من قال ذلك:
25814ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن عمرو بن ميمون وَظِل مَمْدُودٍ قال: خمس مئة ألف سنة.
25815ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد, عن زياد مولى بني مخزوم, عن أبي هريرة, قال: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام, اقرأوا إن شئتم وَظِلَ مَمْدُودٍ فبلغ ذلك كعبا, فقال: صدق والذي أنزل التوراة على لسان موسى, والفرقان على لسان محمد, لو أن رجلاً ركب حِقّة أو جَذَعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها, حتى يسقط هَرِما, إن الله غرسها بيده, ونفخ فيها من روحه, وإن أفنانها لمن وراء سور الجنة وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا حكام, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن زياد مولى لبني مخزوم, أنه سمع أبا هريرة يقول: ثم ذكر نحوه, إلا أنه قال: وما في الجنة من نهر.
25816ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن عمرو بن ميمون وَظِلَ مَمْدُودٍ قال: مسيرة سبعين ألفَ سنة.
25817ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو يحيى بن سليمان, عن هلال بن عليّ, عن عبد الرحن بن أبي عمرة, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ فِي الجَنّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ سَنَةَ, اقْرَأُوا إنْ شِئْتُمْ وَظِلَ مَمْدُودٍ».
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا الحسين بن محمد, عن زياد, قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ فِي الجَنّة شَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ عامٍ, اقْرَأُوا إنْ شِئْتُمْ وَظِلّ مَمْدُودٍ».
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا الحسين بن محمد, عن زياد, قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ فِي الجَنّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ في ظِلّها مِئَةَ عامٍ لا يَقْطَعُها, وَاقْرَأُوا إنْ شِئْتُمْ وَظِلَ مَمْدُودٍ».
25818ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا شعبة, عن أبي الضحى, قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ فِي الجَنّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ عامٍ لا يَقْطَعُها, شَجَرَةُ الخُلْدِ».
25819ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, قال: سمعت أبا الضحاك يحدّث, عن أبي هريرة, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ فِي الجَنّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها سَبْعِينَ أو مِئَةَ عامٍ, هِيَ شَجَرَةُ الخُلْدِ».
25820ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا عمران, عن قتادة, عن أنس, أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ فِي الجَنّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ عامٍ لا يقْطَعُها».
قال: ثنا أبو داود, قال: حدثنا عمران, عن محمد بن زياد, عن أبي هريرة, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, مثل ذلك.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن حماد بن سلمة, عن محمد بن زياد, عن أبي هريرة, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا عبدة وعبد الرحمن, عن محمد بن عمرو, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فِي الجَنّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ سَنَةٍ لا يَقْطَعُها, وَاقْرَأُوا إنْ شِئْتُمْ قَوْلَهُ: وَظِلَ مَمْدُودٍ».
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا فردوس, قال: حدثنا ليث, عن سعيد بن أبي سعيد, عن أبيه, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ فِي الجَنّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبِ فِي ظِلّها مِئَةَ سَنَة».
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا المحاربيّ, عن محمد بن عمرو, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, مثله.
25821ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا خالد بن الحارث, قال: حدثنا عوف, عن الحسن, قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ فِي الجَنّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ عامٍ لا يَقْطَعُها».
25822ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا خالد, قال: حدثنا عوف, عن محمد بن سيرين, عن أبي هريرة, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, وبمثله عن خلاس.
25823ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا أبو بكر, قال: حدثنا أبو حصين, قال: كنا على باب في موضع ومعنا أبو صالح وشقيق, يعني الضبيّ, فحدّث أبو صالح, فقال: حدثني أبو هريرة, قال: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما, فقال أبو صالح أتكذّب أبا هريرة, فقال: ما أكذّب أبا هريرة, ولكني أكذّبك قال: فشقّ على القرّاء يومئذٍ.
حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, عن قتادة وَظلَ مَمْدُودٍ قال: حدثنا, عن أنس بن مالك, قال: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها.
قال: ثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَظِلَ مَمْدُود قال قتادة: حدثنا أنس بن مالك, أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ فِي الجَنّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ عامٍ لا يَقْطَعُها».
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن أنس, أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ فِي الجَنّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ فِي ظِلّها مِئَةَ عامٍ لا يقْطَعُها».
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, ع معمر, عن محمد بن زياد, عن أبي هريرة, مثل ذلك أيضا.
وقوله: وَماءٍ مَسْكُوبٍ يقول تعالى ذكره وفيه أيضا ماء مسكوب, يعني مصبوب سائل في غير أخدود. كما:
25824ـ حدثنا ابن حُميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان وماءٍ مَسْكُوبٍ قال: يجري في غير أخدود.

الآية : 32-38
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لاّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مّرْفُوعَةٍ * إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً * لاَِصْحَابِ الْيَمِينِ }.
يقول وَفاكِهَةٍ كَثِيرةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ يقول تعالى ذكره وفيها فاكِهَةٍ كَثِيرَة لا ينقطع عنهم شيء منها أرادوه في وقت من الأوقات, كما تنقطع فواكه الصيف في الشتاء في الدنيا, ولا يمنعهم منها, ولايحول بينهم وبينها شوك على أشجارها, أو بعدها منهم, كما تمتنع فواكه الدنيا من كثير ممن أرادها ببعدها على الشجرة منهم, أو بما على شجرها من الشوك, ولكنها إذا اشتهاها أحدهم وقعت في فيه أو دنت منه حتى يتناولها بيده. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. وقد ذكرنا الرواية فيما مضى قبل, ونذكر بعضا آخر منها:
25825ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, قال: حدثنا قتادة, في قوله: لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ قال: لا يمنعه شوك ولا بعد.
وقوله: وَفُرُشٍ مَرْقُوعَةٍ يقول تعالى ذكره: ولهم فيها فرش مرفوعة طويلة, بعضها فوق بعض, كما يقال: بناء مرفوع. وكالذي:
25826ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا رشْدين بن سعد, عن عمرو بن الحارث, عن درّاج أبي السمح عن أبي الهيثم, عن أبي سعيد, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, في قوله: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قال: «إن ارتفاعها لكما بين السماء والأرض, وإن ما بين السماء والأرض لمسيرة خمس مئة عام».
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: حدثنا عمرو, عن درّاج, عن أبي الهيثم, عن أبي سعيد, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَفُرُشٍ مَرْقُوعَةٍ «وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنّ ارْتِفاعها...» ثم ذكر مثله.
وقوله: إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً فجَعَلْناهُنّ أبْكارا عُرُبا يقول تعالى ذكره: إنا خلقناهن خلقا فأوجدناهنّ قال أبو عبيدة: يعني بذلك: الحور العين اللاتي ذكرهنّ قبل, فقال: وَحُورٌ عينٌ كأمْثالِ اللّؤْلُؤِ المَكْنُونِ إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً, وقال الأخفش: أضمرهنّ ولم يذكرهنّ قبل ذلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25827ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً قال: خلقناهنّ خَلقا.
25828ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا معاوية بن هشام, عن شيبان, عن جابر الجُعفي, عن يزيد بن مرّة, عن سلمة بن يزيد, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الاَية إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً قال: «مِنَ الثّيّب والأبْكارِ».
وقوله: فجَعَلْناهُنّ أبْكارا يقول: فصيرناهنّ أبكارا عذارى بعد إذ كنّ. كما:
25829ـ حدثنا حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن موسى بن عبيدة, عن يزيد بن أبان الرقاشي, عن أنس بن مالك, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً قال: «عَجائِزَكُنّ فِي الدّنْيا عُمْشا رُمْصا».
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن موسى بن عُبيدة, عن يزيد بن أبان الرقاشيّ, عن أنس بن مالك, قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً قال: أنْشأَ عَجائِزَكُنّ فِي الدّنْيا عُمْشا رُمْصا».
حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد, قال: حدثنا محمد بن ربيعة الكلابيّ, عن موسى بن عُبيدة الرّبَذِيّ, عن يزيد الرّقاشيّ, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, في قوله: إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً قال: «مِنْهُنّ العَجائِزُ اللاّتِي كُنّ فِي الدّنْيا عُمْشا رُمْصا».
حدثنا سوار بن عبد الله بن داود, عن موسى بن عبيدة الرّبَذِيّ, عن يزيد الرّقاشيّ, عن أنس بن مالك, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, في قوله: إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً قال: «هُنّ اللّوَاتِي كُنّ فِي الدّنْيا عَجائِزَ عُمْشا رُمْصا».
25830ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عمرو بن عاصم, قال: حدثنا المعتمر, عن أبيه, عن قتادة, عن صفوان بن محرز في قوله: إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً فجَعَلْناهُنّ أبْكارا قال: فهنّ العُجُز الرّمْصُ.
25831ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سليمان, قال: حدثنا أبو هلال, قال: حدثنا قتادة, فِي قوله: إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً فجَعَلْناهُنّ أبْكارا قال: إن منهن العُجُزَ الرّجّفَ, أنشأهن الله في هذا الخلق.
25832ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً قال قتادة: كان صفوان بن محرز يقول: إن منهنّ العُجُزَ الرّجّف, صيرهنّ الله كما تسمعون.
25833ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: قوله: أبْكارا يقول: عَذَارى.
25834ـ حدثنا أحمد بن عبد الرحمن, قال: حدثنا محمد بن الفرج الصّدَفي الدّمياطيّ, عن عمرو بن هاشم, عن ابن أبي كريمة, عن هشام بن حسان, عن الحسن, عن أمّ سلمة, زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أنها قالت: قلت يا رسول الله, أخبرني عن قول الله: إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً فَجَعَلْناهُنّ أبْكارا عُرُبا أتْرَابا لأصحَابِ اليَمِينِ قال: «هُنّ اللّوَاتي قُبِضْنَ فِي الدّنْيا عَجائِزَ رُمْصا شُمْطا, خَلَقَهُنّ اللّهُ بَعْدَ الكِبَر فَجَعَلَهُنّ عَذَارَى».
25835ـ حدثنا أبو عبيد الوَصّابيّ, قال: حدثنا محمد بن حمير, قال: حدثنا ثابت بن عجلان, قال: سمعت سعيد بن جبير, يحدّث عن ابن عباس, في قوله: إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً فَجَعَلْناهُنّ أبْكارا عُرُبا أتْرَابا قال: هن من بني آدم, نساءكنّ في الدنيا ينشئهنّ الله أبكارا عذارى عربا.
وقوله: عُرُبا يقول تعالى ذكره: فجعلناهنّ أبكارا غنجات متحببات إلى أزواجهنّ يحسنّ التبعل وهي جمع, واحدهن عَرُوب, كما واحد الرسل رسول, وواحد القطف قطوف ومنه قول لبيد:
وفي الْحُدُوجِ عَرُوبٌ غيرُ فاحِشَةٍرَيّا الرّوَادِفِ يَعْشَى دونَها البَصَرُ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25836ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا إسماعيل بن أبان, وإسماعيل بن صبيح, عن أبي إدريس, عن ثور بن زيد, عن عكرِمة, عن ابن عباس عُرُبا أتْرَابا قال: المَلَقَة.
25837ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: عُرُبا يقول: عواشق.
25838ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس عُرُبا قال: العرب المتحببات المتودّدات إلى أزواجهنّ.
25839ـ حدثني سليمان بن عبيد الله الغيلاني, قال: حدثنا أيوب, قال: أخبرنا قرة, عن الحسن, قال: العرب: العاشق.
25840ـ حدثني محمد بن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, عن عكرِمة, أنه قال في هذه الاَية عُرُبا قال: العرب المغنوجة.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن شعبة, عن سماك بن عكرِمة قال: هي المغنوجة.
حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, قال: حدثنا عُمارة بن أبي حفصة, عن عكرِمة, في قوله: عُرُبا قال: غنِجات.
25841ـ حدثني عليّ بن الحسن الأزديّ, قال: حدثنا يحيى بن يمان, عن أبي إسحاق التيميّ, عن صالح بن حيان, عن أبي بريدة عُرُبا قال: الشّكِلة بلغة مكة, والغِنجة بلغة المدينة.
25842ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, قال: سمعت إبراهيم التيمي يعني ابن الزبرقان, عن صالح ابن حيان, عن أبي يزيد بنحوه.
25843ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا جرير, عن مغيرة, عن عثمان بن بشار, عن تميم بن حذلم, قوله: عُرُبا قال: حسن تبعّل المرأة.
حدثني يعقوب, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا مغيرة, عن عثمان بن بشار, عن تميم بن حذلم في عُرُبا قال: العَرِبة: الحسنة التبعل. قال: وكانت العرب تقول للمرأة إذا كانت حسنة التبعل: إنها لعَرِبة.
25844ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن أُسامة بن زيد بن أسلم, عن أبيه عُرُبا قال: حسنات الكلام.
25845ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن خصيف, عن مجاهد, قال: عواشق.
25846ـ قال: ثنا ابن يمان, عن شريك, عن خصيف, عن مجاهد, وعكرِمة, مثله.
قال: ثنا ابن إدريس, عن حصين, عن مجاهد في عُرُبا قال: العرب المتحببات.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن خصيف, عن مجاهد عُرُبا قال: العرب: العواشق.
25847ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن سالم الأفطس, عن سعيد بن جُبير, مثله.
25848ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن غالب أبي الهُذَيل, عن سعيد بن جُبَير عُرُبا قال: العرب اللاتي يشتهين أزواجهنّ.
25849ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يمان, عن المبارك بن فضالة, عن الحسن, قال: المشتهية لبعولتهنّ.
25850ـ قال: ثنا ابن إدريس, قال: أخبرنا عثمان بن الأسود, عن عبد الله بن عبيد الله, قال: العرب: التي تشتهي زوجها.
25851ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن عثمان بن الأسود, عن عبد الله بن عبيد بن عمير عُرُبا قال: العَرِبة: التي تشتهي زوجها ألا ترى أن الرجل يقول للناقة: إنها لعَرِبة؟
25852ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة عُرُبا قال: عُشّقا لأزواجهنّ.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: عُرُبا أتْرَابا يقول: عشّق لأزواجهنّ, يحببن أزواجهنّ حبا شديدا.
25853ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, يقول: سمعت الضحاك يقول: العُرُب: المتحببات.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: عُرُبا أتْرَابا قال: متحببات إلى أزواجهن.
25854ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: عُرُبا قال: العُرُب: الحسنة الكلام.
25855ـ حدثنا ابن البرقيّ, قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: سُئل الأوزاعيّ, عن عُرُبا قال: سمعت يحيى يقول: هنّ العواشق.
25856ـ حدثنا أحمد بن عبد الرحمن, قال: حدثنا محمد بن الفرج الصّدَفيّ الدّمياطِيّ, عن عمرو بن هاشم, عن أبي كريمة, عن هشام بن حسان, عن الحسن, عن أمه, عن أمّ سلمة, قالت: قلت يا رسول الله, أخبرني عن قوله: عُرُبا أتْرَابا قال: «عُرُبا مُتَعَشّقاتٍ مُتَحَبّباتٍ, أتْرَابا على مِيلادٍ وَاحِدٍ».
حدثني محمد بن حفص أبو عبيد الوصّابيّ, قال: حدثنا محمد بن حمير, قال: حدثنا ثابت بن عجلان, قال: سمعت سعيد بن جُبَير يحدّث عن ابن عباس عُرُبا والعَرَب: الشّوْق.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأه بعض قرّاء المدينة وبعض قرّاء الكوفيين عُرُبا بضم العين والراء. وقرأه بعض قرّاء الكوفة والبصرة «عُرْبا» بضم العين وتخفيف الراء, وهي لغة تميم وبكر, والضم في الحرفين أولى القراءتين بالصواب لما ذكرت من أنها جمع عروب, وإن كان فعول أو فعيل أو فعال أذا جُمع, جُمع على فُعُل بضم الفاء والعين, مذكرا كان أو مؤنثا, والتخفيف في العين جائز, وإن كان الذي ذكرت أقصى الكلامين عن وجه التخفيف.
وقوله: أتْرَابا يعني أنهنّ مستويات على سنّ واحدة, واحدتهنّ تِرْب, كما يقال: شَبَه وأَشْباه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25857ـ حدثني عليّ بن الحسين بن الحارث, قال: حدثنا محمد بن ربيعة, عن سلمة بن سابور, عن عطية, عن ابن عباس, قال: الأتراب: المستويات.
25858ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: أتْرَابا قال: أمثالاً.
25859ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة أتْرَابا يعني: سنّا واحدة.
حدثني ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, مثله.
25860ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: أتْرَابا قال: الأتراب: المستويات.
وقوله: لاِءَصحَابِ اليَمِينِ يقول تعالى ذكره: أنشأنا هؤلاء اللواتي وصف صفتهنّ من الأبكار للذين يؤخذ بهم ذات اليمين من موقف الحساب إلى الجنة.

الآية : 39 - 46
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{ثُلّةٌ مّنَ الأوّلِينَ * وَثُلّةٌ مّنَ الاَخِرِينَ * وَأَصْحَابُ الشّمَالِ مَآ أَصْحَابُ الشّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ * لاّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ * إِنّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُواْ يُصِرّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ }.
يقول تعالى ذكره: الذين لهم هذه الكرامة التي وصف صفتها في هذه الاَيات ثُلّتان, وهي جماعتان وأمتان وفرقتان: ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ, يعني جماعة من الذين مضوا قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم, وَثُلّةٌ مِنَ الاَخِرِينَ, يقول: وجماعة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم, وقال به أهل التأويل. ذكر الرواية بذلك:
25861ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, قال: قال الحسن ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ من الأمم وَثُلّةٌ مِنَ الاَخِرِينَ: أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
25862ـ حدثنا محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ قال: أمة.
25863ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: حدثنا الحسن, عن حديث عمران بن حصين, عن عبد الله بن مسعود قال: «تحدثنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى أكرينا في الحديث, ثم رجعنا إلى أهلينا, فلما أصبحنا غدونا على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَليّ الأنْبِياءُ اللّيْلَةَ بأتْباعِها مِنْ أُمَمِها, فَكانَ النّبِيّ يَجِيءُ مَعَهُ الثّلّةُ مِنْ أُمّتِهِ, والنّبِيّ مَعَهُ العِصَابَةُ مِنْ أُمّتِهِ والنّبِيّ مَعَهُ النّفَرُ مِن أُمّتِهِ, والنّبِيّ مَعَهُ الرّجُلُ مِنْ أُمّتِهِ, والنّبِيّ ما مَعَهُ مِنْ أُمّتِهِ أحَد مِنْ قَوْمِهِ, حتى أتى عَليّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ في كَبْكَبَةٍ مِنْ بني إسْرَائِيلَ فَلَمّا رأيْتُهُمْ أعْجَبُونِي, فَقُلْتُ أيْ رَبّ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قال: هَذَا أخُوكَ مُوسَى بنُ عِمْرَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَني إسْرائِيلَ فقُلْتُ رَبّ, فأيْنَ أُمّتِي؟ فَقِيلَ: انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ, فإذَا ظِرَابُ مَكّةَ قَدْ سُدّتْ بِوُجُوهِ الرّجالِ فَقُلْتُ: «مَنْ هَؤُلاءِ؟ قِيلَ: هَؤُلاء أُمّتُكَ, فَقِيلَ: أرَضِيتَ؟ فَقُلْتُ: «رَبّ رَضِيتُ رَبّ رَضِيتُ قِيلَ: انْظُر عَنْ يَسارِكَ, فَإذَا الأُفُقُ قَدْ سُدّ بِوُجُوهِ الرّجَالِ, فَقُلْتُ: «رَبّ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قِيلَ: هَؤُلاءِ أُمّتُكَ, فَقِيلَ: أرَضِيتَ؟ فَقُلتُ رَضِيتُ, رَبّ رَضِيتُ فَقِيلَ: إنّ مَعَ هُؤُلاءِ سَبْعِينَ ألْفا مِنْ أُمّتِكَ يَدْخُلُونَ الجَنّةَ لا حِسابَ عَلَيْهِمْ قال: فأنشأ عُكّاشة بن محصن, رجل من بني أسد بن خُزيمة, فقال: يا نبيّ الله ادعُ ربك أن يجعلني منهم, قال: «اللّهُمّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ, ثم أنشأ رجل آخر فقال: يا نبيّ الله ادع ربك أن يجعلني منهم, قال: سَبَقَك بها عُكّاشَةُ, فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: فَدًى لَكُمْ أبي وأمّي إنْ اسْتطَعْتُمْ أنْ تَكُونوا مِنَ السّبْعِينَ فَكُونُوا مِنْ أهْلِ الأُفُقِ, فإنّي رأيْتُ ثمّ أُناسا يَتَهَرّشُونَ كَثِيرا, أو قال يَتَهَوّشُونَ قال: فتراجع المؤمنون, أو قال فتراجعنا على هؤلاء السبعين, فصار من أمرهم أن قالوا: نراهم ناسا وُلدوا في الإسلام, فلم يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه, فنمي حديثهم ذاك إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم, فقال: لَيْسَ كَذاكَ, وَلَكِنّهُمُ الّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ, وَلا يكْتَوُون, وَلا يَتَطَيّرُونَ, وَعَلى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ. ذُكر أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذٍ: «إنّي لأَرْجُو أنْ يَكُونَ مَنْ تَبِعَنِي مِنْ أُمّتِي رُبْعَ أهْلِ الجَنّةِ, فكّبرنا, ثم قال: إنّي لاَءَرْجُو أنْ تَكُونُوا الشّطْرَ, فكبرنا, ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاَية: ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ وَثُلّةٌ مِنَ الاَخِرِينَ.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا الحسن بن بشر البجَليّ, عن الحكم بن عبد الملك, عن قتادة, عن الحسن عن عمران بن حصين, عن عبد الله بن مسعود, قال: «تحدّثنا لَيْلَةً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, حتى أكرينا أو أكثرنا, ثم ذكر نحوه, إلاّ أنه قال: فإذَا الظّرَابُ ظِرابُ مَكّةَ مَسْدُودَةٌ بِوُجُوهِ الرّجالِ وقال أيضا: فإني رأيْتُ عِنْدَهُ أُناسا يَتَهاوَشُونَ كَثِيرا قال: فقلنا: من هؤلاء السبعون ألفا فاتفق رأينا على أنهم قوم وُلدوا في الإسلام ويموتون عليه قال: فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لا, وَلَكِنّهُمْ قَوْمٌ لا يَكْتَوُونَ» وقال أيضا: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأَرْجُو أنْ تكُونُوا رُبْعَ أهْلِ الجَنّةِ, فكبر أصحابه ثم قال: «إنّي لأَرْجُوا أنْ تكُونُوا ثُلُثَ أهْلِ الجَنّةِ», فكبر أصحابه ثم قال: «إنّي لأَرْجُو أنْ تَكُونُوّ شَطْرَ أهْلِ الجَنّةِ», ثم قرأ ثُلّةٌ مِن الأوّلِين وَثُلّةٌ مِنَ الاَخِرِينَ.
25864ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن عوف, عن عبد الله بن الحارث, قال: كلهم في الجنة.
25865ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, أنه بلغه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أتَرْضُوْنَ أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجَنّة؟ قالوا: نعم, قال: «أتَرْضُوْنَ أنْ تكُونُوا ثُلُثَ أهْلِ الجَنّةِ؟ قالوا: نعم, «قال وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنّي لأَرْجُو أنْ تَكُونُوا شَطْرَ أهْل الجَنّةِ,ثم تلا هذه الاَية ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ وَثُلّةٌ مِنَ الاَخِرِينَ».
25866ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن بُدَيل بن كعب أنه قال: أهل الجنة عشرون ومئة صفّ, ثمانون صفا منها من هذه الأمة.
وفي رفع ثُلّةٌ وجهان: أحدهما الاستئناف, والاَخر بقوله: لأصحاب اليمين ثلتان, ثلة من الأوّلين وقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم خبر من وجه عنه صحيح أنه قال: «الثّلّتانِ جَمِيعا مِنْ أُمّتِي». ذكر من قال ذلك:
25867ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبان بن أبي عياش, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ وَثُلّةٌ مِنَ الاَخِرِينَ قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «هُمَا جَمِيعا مِنْ أُمّتِي».
وقوله: وأصحَابُ الشّمالِ ما أصحَابُ الشّمالِ يقول تعالى ذكره معجبا نبيه محمدا من أهل النار وأصحَابُ الشّمالِ الذين يؤخذ بهم ذات الشمال من موقف الحساب إلى النار ما أصحَابُ الشّمالِ ماذا لهم, وماذا أعدّ لهم. كما:
25868ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وأصحَابُ الشّمال ما أصحَابُ الشمّالِ: أي ماذا لهم, وماذا أُعدّ لهم.
وقوله: وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ يقول تعالى ذكره: وظلّ من دُخان شديد السواد. والعرب تقول لكلّ شيء وصَفَتْه بِشدّة السواد: أسود يَحْموم. وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25869ـ حدثني بن أبي الشوارب, قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد, قال: حدثنا سليمان الشيبانيّ, قال: ثني يزيد بن الأصمّ, قال: سمعت ابن عباس يقول في وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: هو ظلّ الدخان.
حدثنا محمد بن عبيد المحاربيّ, قال: حدثنا قبيصة بن ليث, عن الشيبانيّ, عن يزيد بن الأصمّ, عن ابن عباس, مثله.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن إدريس, قال: سمعت الشيباني, عن يزيد بن الأصمّ, عن ابن عباس, بمثله.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن الشيباني, عن يزيد بن الأصمّ, عن ابن عباس وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: هو الدخان.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا إبراهيم بن طُهمان, عن سماك بن حرب, عن عكرِمة, عن ابن عباس وَظِلّ مِنْ يَحْمُومِ قال: الدخان.
حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ يقول: من دخان حَميم.
25870ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, عن عكرمة, أنه قال في هذه الاَية وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: الدخان.
25871ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا عثام, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي مالك, في قوله: وَظِلَ مِنْ يَحْمُومٍ قال: دخان حميم.
حدثنا سعيد بن يحيى الأموي, قال: حدثنا ابن المبارك, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي مالك بمثله.
25872ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن مجاهد وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: الدخان.
قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, مثله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: مِنْ يَحْمُومٍ قال: من دخان حميم.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن سليمان الشيباني, عن يزيد بن الأصمّ, عن ابن عباس, ومنصور, عن مجاهد وَظِلَ مِنْ يَحْمُومٍ قالا: دخان.
25873ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: من دخان.
25874ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَظِلَ مِنْ يَحْمومٍ كنا نحدّث أنها ظلّ الدخان.
25875ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: ظلّ الدخان دخان جهَنم, زعم ذلك بعض أهل العلم.
وقوله: لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ يقول تعالى ذكره: ليس ذلك الظلّ ببارد, كبرد ظلال سائر الأشياء, ولكنه حارّ, لأنه دخان من سعير جهنم, وليس بكريم لأنهم مؤلم من استظلّ به, والعرب تتبع كلّ منفيّ عنه صفة حمد نفي الكرم عنه, فتقول: ما هذا الطعام بطيب ولا كريم, وما هذا اللحم بسمين ولا كريم وما هذه الدار بنظيفة ولا كريمة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25876ـ حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا النضر, قال: حدثنا جويبر, عن الضحاك, في قوله: لا بارِد ولاَ كَرِيمٍ قال: كلّ شراب ليس بعذب فليس بكريم. وكان قتادة يقول في ذلك ما:
25877ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ قال: لا بارد المنزل, ولا كريم المنظر.
وقوله: إنّهُمُ كانُوا قَبْلَ ذلكَ مُترَفِينَ يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الذين وصف صفتهم من أصحاب الشمال, كانوا قبل أن يصيبهم من عذاب الله ما أصابهم في الدنيا مترفين, يعني منعمين. كما:
25878ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس إنّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلكَ مُتْرَفِينَ يقول: منعمين.
وقوله: وكانُوا يُصِرّونَ على الْحِنْثِ العَظِيمِ يقول جلّ ثناؤه: وكانوا يقيمون على الذنب العظيم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25879ـ حدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, يُصِرّون: يدمنون.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: يدهنون, أو يدمنون.
25880ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وكانُوا يُصِرّونَ قال: لا يتوبون ولا يستغفرون, والإصرار عند العرب على الذنب: الإقامة عليه, وترك الإقلاع عنه.
وقوله: عَلى الْحِنْثِ العَظِيمِ يعني: على الذنب العظيم, وهو الشرك بالله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25881ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد على الْحِنْثِ العَظِيمِ قال: على الذنب.
25882ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا أبو تُمَيلة, قال: حدثنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك, في قوله: الْحِنْثِ العَظِيمِ قال: الشرك.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: على الْحِنْثِ العَظِيمِ يعني: الشرك.
25883ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة الْحِنْثِ العَظِيمِ قال: الذنب.
25884ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد وكانُوا يُصِرّونَ على الْحِنْثِ العَظِيمِ قال: الحنث العظيم: الذنب العظيم, قال: وذلك الذنب العظيم الشرك لا يتوبون ولا يستغفرون.
25885ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وكانُوا يُصِرّونَ على الْحِنْثِ العَظِيمِ وهو الشرك.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, على الْحِنْثِ العَظِيمِ قال: الذنب العظيم.

الآية : 47-50
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا الأوّلُونَ * قُلْ إِنّ الأوّلِينَ وَالاَخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىَ مِيقَاتِ يَوْمٍ مّعْلُومٍ }.
يقول تعالى ذكره: وكانوا يقولون كفرا منهم بالبعث, وإنكارا لإحياء الله خلقه من بعد مماتهم: أئذا كنا ترابا في قبورنا من بعد مماتنا, وعظاما نخرة, أئنا لمبعوثون منها أحياء كما كنا قبل الممات, أو آباؤنا الأوّلون الذين كانوا قبلنا, وهم الأوّلون, يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء إن الأوّلين من آبائكم والاَخرين منكم ومن غيركم, لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم, وذلك يوم القيامة