المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب أن المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه
حسن: رواه الدارقطني (٣/ ٣٤) عن أبي محمد بن صاعد، نا عبد اللَّه بن عمران العابدي، نا سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.
وهذا الحديث اختلف أصحاب الزهري عليه:
فرواه ابن أبي ذئب، ومالك، ويونس، ومعمر كلهم عن الزهري مرسلا، إلا أن بعض هؤلاء وغيرهم روى عنه متصلا، وإليكم تفصيل ذلك:
رواه الشافعي في الأم (٣/ ١٦٧) عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يغلق الرهنُ الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه». ومن طريق الشافعي رواه البيهقي (٦/ ٣٩).
وقد اختلف علي ابن أبي ذئب، فرواه محمد بن إسماعيل مرسلا، ورواه إسماعيل بن عياش، عنه، وعن الزبيدي كلاهما عن الزهري متصلا. وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وابن أبي ذئب من المدنيين، ولكن متابعة الزبيدي -وهو محمد بن الوليد الحمصي- تقويه، فدل على أنه لم يخطئ فيه. وهذان الطريقان رواهما الدارقطني (٣/ ٣٣).
وأما مالك فرواه مرسلا، كما في رواية يحيى في كتاب الأقضية (١٣)، وكذلك رواه سائر رواة الموطأ إلا معن بن عيسى فوصله، كما قال ابن عبد البر، وقد أشار الحاكم إلى الرواية المتصلة لمالك.
وأما معمر فرواه الدارقطني (٣/ ٣٣) من طريق أبي يحيى عنه عن الزهري متصلا، ولفظه: «لا يغلق الرهن، لك غنمه، وعليك غرمه».
قال الدارقطني: وأرسله عبد الرزاق - وهو في المصنف (١٥٠٣٣) عن معمر، عن الزهريّ، عن ابن المسيب قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يغلق الرهن ممن رهنه». كذا في لفظ المصنف، ولفظ الدارقطني: «لا يغلق الرهن، له غنمه، وعليه غرمه».
وفي المصنف: قلت (القائل هو معمر) للزهري: أرأيت قوله: «لا يغلق الرهن» أهو الرجل يقول: إن لم آتك بمالك فهذا الرهن لك؟ قال: نعم. قال معمر: ثم بلغني عنه أنه قال: إن هلك لم يذهب حق هذا، إنما هلك من رب الرهن له غنمه، وعليه غرمه.
وأما الذين وصلوه عن الزهري فمنهم:
زياد بن سعد، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يغلق الرهن، له غنمه، وعليه غرمه».
رواه الدارقطني (٣/ ٣٢)، وابن حبان (٥٩٣٤)، والحاكم (٢/ ٥١)، والبيهقي (٦/ ٣٩) كلهم من هذا الوجه.
قال الدارقطني: «زياد بن سعد من الحفاظ الثقات، وهذا إسناد حسن متصل».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه لخلاف فيه على أصحاب الزهريّ، وقد تابع زياد بن سعد: مالكٌ، وابن أبي ذئب، وسليمان بن أبي داود الحراني، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعمر بن راشد على هذه الرواية». ثم أخرج أحاديثهم.
وأحاديث هؤلاء الذين ذكرهم الحاكم أخرج حديثهم الدارقطني، والبيهقي وغيرهما.
وممن تابعه أيضًا على وصله إسحاق بن راشد عن الزهري بإسناده بلفظ: «لا يغلق الرهن». رواه ابن ماجه (٢٤٤١) عن محمد بن حميد قال: حدّثنا إبراهيم بن المختار، عن إسحاق بن راشد بإسناده.
وإسحاق بن راشد ثقة إلا أنه كان يهم في أحاديث الزهريّ، ومتابعة هؤلاء تؤكد أنه لم يهم فيه، ولكن آفته محمد بن حميد الرازي؛ فإنه ضعيف عند جمهور أهل العلم، وكان ابن معين حسن الرأي فيه، ومن وصله أيضًا يحيى بن أبي أنيسة، عن ابن شهاب بإسناده، وقال: مثله أو مثل معناه لا يخالفه. ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف، وهو من رجال التهذيب.
ووصله أيضًا عبد اللَّه بن نصر الأصم، نا شبابة، نا ابن أبي ذئب، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة بلفظ: «لا يغلق الرهن، والرهن لمن رهنه، له غنمه، وعليه غرمه». ومن هذا الطريق رواه الدارقطني، والحاكم.
وعبد اللَّه بن نصر الأصم منكر الحديث، كما في الميزان.
وممن وصله سليمان بن أبي داود عن الزهري بإسناده، ولفظه: «لا يغلق الرهن حتى يكون لك
غنمه، وعليك غرمه». رواه الحاكم (٢/ ٥١) من طريقه.
وخلاصة القول في هذا أنه اختلف في وصله وإرساله، فصحح وصله ابن حبان، والدارقطني، والحاكم، وابن عبد البر، وعبد الحق، والذهبي في «تلخيص المستدرك»، وغيرهم. وهو الصحيح إن شاء اللَّه تعالى؛ لأن قواعد التخريج تقتضي أن تقبل هذه الزيادة لكثرتها؛ لأن هذا هو سبيل الحديث الحسن الذي يروى من غير وجه. وأما الذين أرسلوه فاختلف عليهم أيضًا، كما رأيت، وهذا ما يبرر أيضًا قبول الزيادة.
قال ابن عبد الهادي في «التنقيح» (٤/ ١١٩): «وقد ذكرنا هذا الحديث والاختلاف فيه وكلام الأئمة عليه في غير هذا الموضع، وقد صحح اتصاله ابن عبد البر وعبد الحق. واللَّه أعلم». انتهى.
وقوله: «لا يغلق الرهن» معناه لا يستغلق بحيث لا يعود إلى الراهن، بل متى أدى الحق المرهون به وعاد إلى الراهن.
وقوله: «له غنمه» أي الزوائد التي تحصل منه تكون للراهن.
وقوله: «وعليه غرمه» إذا هلك في يد المرتهن يكون من ضمان الراهن.
وفي الحديث دليل على أن الرهن يكون مضمونا لصاحبه، والشرط باطل، وهو قوله: إن لم أجئ بالحق الذي علي فالرهن لك.
وحكي عن إبراهيم في تفسيره هو أن يقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك إلى كذا وكذا، وإلا فالرهن لك.
قال إبراهيم: قوله: «لا يغلق الرهن» أي لا يستحقه المرتهن.
وروي مثل هذا التفسير عن طاوس، وسفيان الثوري، ومالك، وغيرهم.
أخرج عبد الرزاق (١٥٠٣٥) عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن شريح قال: رهن رجل داره بخمس مائة درهم، فقال صاحب الدراهم: إن لم تأتي بمالي إلى كذا وكذا فدارك لي. فلم يجئ يومئذ، وجاء بعد ذلك، فاختصما إلى شريح، فقال شريح: إن أخطأت يده رجله ذهبت داره، اردد إليه داره، وخذ مالك.
وكذلك فسره مالك يقول: أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء، وفي الرهن فضل عما رهن به، فيقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك إلى أجل يسميه له، وإلا فالرهن لك بما رهن فيه. فهذا لا يصلح، ولا يحل. وهذا الذي نهي عنه وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له. وأرى هذا الشرط منفسخا. انتهى.
وفي الحديث دليل أيضًا على أن الرهن إذا هلك في يد المرتهن يكون من ضمان الراهن، ولا يسقط بهلاكهـ شيء من حق المرتهن، وبه قال جماعة من أهل العلم، منهم مالك، والشافعي، وأحمد.
وذهب قوم إلى أن الرهن مضمون، إذا هلك في يد المرتهن ذهب حق المرتهن من القرض،
وفي المسألة تفصيل، وهو أن قيمة الرهن إذا كانت قدر الحق يسقط بهلاكهـ الحق، وإن كانت قيمته أقل من الحق فبقدر قيمته من الحق يسقط، والباقي واجب على الراهن. وإن كانت أكثر من الحق يسقط الحق، ولا يجب ضمان الزيادة على المرتهن. وبه قال أصحاب الرأي.
ولعل من مستدلهم حديث أنس عن النبي ﷺ قال: «الرهن بما فيه».
رواه الدارقطني (٣/ ٣٢) عن محمد بن مخلد، نا أحمد بن محمد بن غالب، نا عبد الكريم بن روح، عن هشام بن زياد، عن حميد، عن أنس، فذكره.
قال الدارقطني: «لا يثبت هذا عن حميد، وكل من بينه وبين شيخنا ضعفاء».
ورواه أيضًا بإسناد آخر، فقال: حدّثنا عبد الباقي بن قانع، نا عبد الرزاق بن إبراهيم، نا إسماعيل ابن أبي أمية، نا سعيد بن راشد، نا حميد الطويل، عن أنس، عن النبي ﷺ فذكر الحديث مثله.
قال الدارقطني: «إسماعيل هذا يضع الحديث، وهذا باطل عن قتادة، وعن حماد بن سلمة».
وقال ابن الجوزي في «التحقيق» (٤/ ١٢٠) مع «التنقيح»: «وفي الإسناد سعيد بن راشد، قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمعضلات.
وفي الإسناد الأول هشام بن زياد، قال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
وفيه عبد الكريم ضعفه الدارقطني. وقال أبو حاتم الرازي: مجهول.
وفيه أحمد بن محمد بن غالب وهو غلام الخليل كان كذابا يضع الحديث. وقال ابن عدي: كان غلام الخليل يقول: وضعنا أحاديث نرقق بها قلوب العامة. وقال الدارقطني: هو متروك». انتهى.
وفي معناه أيضًا ما روي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «الرهن بما فيه». رواه البيهقي (٦/ ٤٠) من طريق حسان بن إبراهيم، عن يزيد بن إبراهيم التستري، عن عمرو بن دينار قال: قال أبو هريرة فذكره.
قال البيهقي: «أبو حازم تفرّد به حسان بن إبراهيم الكرماني، وهو منقطع بين عمرو بن دينار، وأبي هريرة».
ثم ذكر البيهقي حديث أنس، ونقل قول الدارقطني بأن فيه إسماعيل يضع الحديث. ثم قال: «والأصل في هذا الباب حديث مرسل، وفيه من الوهن ما فيه. ثم أسند عن مصعب بن ثابت قال: سمعت عطاء يحدث أن رجلا رهن فرسا، فنفق في يده، فقال رسول اللَّه ﷺ للمرتهن: «ذهب حقه». قال البيهقي: وقد كفانا الشافعي بيان وهن هذا الحديث». انتهى.
وهذا المرسل رواه أبو داود في مراسيله (١٧٦) ومن طريقه البيهقي، وفيه أيضًا مصعب بن ثابت، وهو ضعيف.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 112 من أصل 186 باباً
- 87 باب الاستعاذة من الدين
- 88 باب التشديد في الدين
- 89 باب من قتل في سبيل اللَّه كفرت خطاياه إلا الدَّين
- 90 باب قضاء الدين عن الميت
- 91 باب الترغيب في قضاء الديون
- 92 باب من استدان دينا وهو ينوي قضاءه
- 93 باب ما جاء في حسن القضاء بالزيادة وغيرها
- 94 باب حسن المطالبة، وأخذ الحق في عفاف
- 95 باب عدم جواز تأخير الوفاء بالدين لمن قدر عليه
- 96 باب تأخير يوم أو نحوه لا يعد مطلا
- 97 باب جواز الشراء بالدين
- 98 باب الدين إلى أجل مسمى
- 99 باب فضل إنظار المعسر
- 100 باب استحباب الوضع من الدين
- 101 باب قسمة مال المفلس بين الغرماء
- 102 باب من وجد ماله بعينه عند مفلس فهو أحق به
- 103 باب من قال: هو أسوة للغرماء في الموت والحياة
- 104 باب ما جاء في الرجل يجد ماله المسروق أو المفقود عند رجل فهو أحق به
- 105 باب الحبس في الدين والملازمة
- 106 باب ما جاء في الدين وإنَّ أجره كأجر الصدقة
- 107 باب علامات البلوغ في الرجال والنساء
- 108 باب الحجر على البالغ إذا كان سفيها
- 109 باب متى ينقطع اليتم
- 110 باب مشروعية الرهن وجوازه في السفر والحضر
- 111 باب أن المرتهن يركب، ويحلب، وعليه نفقته
- 112 باب أن المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه
- 113 باب الشركة في الطعام
- 114 باب لا يأكل أحد تمرتين في القمة إذا كان بين الشركاء
- 115 باب الشركة في العبد المملوك، وكيف يقوم إذا أعتق بعض الشركاء
- 116 باب الاشتراك في الهدي في الحج
- 117 باب الشركة في الصدقة
- 118 باب الشركاء في الدور والأراضي وغيرها، وأنه لا يبيع أحد حتى يستأذن شركاءه إذا لم تقسم
- 119 باب الشركة في الغنيمة
- 120 باب ما جاء في الشركة عمومًا
- 121 باب النهي عن المحرمات والشبهات في البيوع
- 122 باب النهي عن إضاعة المال
- 123 باب تحريم الغش في البيوع
- 124 باب النهي عن الحلف في البيع
- 125 باب التوقي في التجارة
- 126 باب كراهية السخب ورفع الصوت في الأسواق
- 127 باب في كراهية البيع والشراء في المساجد
- 128 باب النهي عن خيانة من خانك
- 129 باب ما جاء في الزجر عن أكل الربا وبيعه
- 130 باب جريان ربا الفضل والنسيئة في الأصناف الربوية
- 131 باب النهي عن بيع التمر بالتمر أو الطعام بالطعام متفاضلا
- 132 باب من قال: إنما الربا في النسيئة
- 133 باب جواز بيع الذهب بالفضة أو العكس إذا كان يدا بيد
- 134 باب النهي عن بيع القلادة فيها ذهب وخرز
- 135 باب وضع الربا
- 136 باب اقتضاء الذهب من الوَرِق، والورق من الذهب
معلومات عن حديث: المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه
📜 حديث عن المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه
تحقق من درجة أحاديث المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه
تخريج علمي لأسانيد أحاديث المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه ومصادرها.
📚 أحاديث عن المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب