اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها

حصن المسلم | دعاء الريح | اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا (1).

Allahumma innee as-aluka khayraha wa-aAAoothu bika min sharriha.
‘O Allah, I ask You for it’s goodness and I take refuge with You from it’s evil.


(1) أخرجه أبو داود، 4/ 326، برقم 5099، وابن ماجه، 2/ 1228، برقم 3727، وانظر: صحيح ابن ماجه، 2/305 .

شرح معنى اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

567- لفظ أبي داود: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «الرَّيحُ من رَوح اللَّه - قال سلمةُ: فرَوْحُ اللَّه - تأتي بالرحمةِ، وتأتي بالعذابِ، فإذا رأيتُموها فلا تسبُّوها، وسلوا اللَّهَ خيرَها، واستعيذوا باللَّه مِن شرِّها»(1) .
568- ولفظ ابن ماجه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ِصلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِنَّهَا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ، وَلَكِنْ سَلُوا اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا»(2) .
569- ولفظ أحمد عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا مَا تَكْرَهُونَ، فَقُولُوا: اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَمِنْ خَيْرِ مَا فِيهَا، وَمِنْ خَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَمِنْ شَرِّ مَا فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»(3) .
570- ولفظ الحاكم عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: «لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ ، فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾(4) ، وَلَكِنْ قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَخَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»(5) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «اللهم إني أسألك من خيرها»: قال البجيرمي : «سَأَلَ اللَّهَ خَيْرَ الْمَجْمُوعَةِ، لِأَنَّهَا لِلرَّحْمَةِ»(6) ، وقال الصنعاني : «فإنها جند من أجناد اللَّه، يأتي بالخير والشر، فلا يجوز سبّها؛ بل ينتقل إلى سؤال من أرسلها طلبًا لخيرها، وإعاذة من شرها»(7) .
2- قوله: «وأعوذ بك من شرها»: قال البجيرمي : «وَتَعَوَّذَ بِهِ مِنْ شَرِّ الْمُفْرَدَةِ لِأَنَّهَا لِلْعَذَابِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْأُسْلُوبُ فِي كَلَامِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ»(8) ، وقال الشوكاني : «وبهذا يعرف أن الريح قد تأتي بالخير، وقد تأتي بالشر»(9) .
3- قوله: «من روح اللَّه» أي: من رحمة اللَّه بخلقه وهذا كقول: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾(10) ، قال ابن الأثير : «أَيْ: مِنْ رْحمِته بِعباَده»(11) ، وقال الطيبي : «قوله: «الريح من روح اللَّه»: الروح: النفس، وقد أراح الإنسان إذا تنفس،... فإن قيل: كيف يكون الريح من روح اللَّه، أي: من رحمته، مع أنه يجيء بالعذاب؟ فجوابه من وجهين: أحدهما أن الريح إذا جاءت لعذاب قوم ظالمين، كانت رحمة لقوم مؤمنين»(12) , وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : «أَيْ: مِن الرُّوحِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ؛ فَإِضَافَةُ الرُّوحِ إلَى اللَّهِ إضَافَةُ مِلْكٍ، لَا إضَافَةُ وَصْفٍ؛ إذْ كَلُّ مَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ إنْ كَانَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا، فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ صِفَةً قَائِمَةً بِغَيْرِهَا لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ تَقُومُ بِهِ، فَهُوَ صِفَةٌ لِلَّهِ»(13) .
4- قوله: «تأتي بالرحمة»: وذلك إذا أتت بمطر في الجدب أو هب في وقت حر وغير ذلك مما يترتب عليه منفعة للخلق.
5- قوله: «وتأتي بالعذاب»: وذلك بهدم البيوت وإثارة الغبار وتكسير الأشجار وتفريق السحاب الذي يُطمع فيه المطر وغير ذلك(14) .
6- قوله: «فلا تسبوها»: أي: لا تقولوا فيها كلامًا قبيحًا كالشتم واللعن، قال ابن منظور: «السَّبُّ القَطْعُ، سَبَّه سَبّاً قَطَعه، ...وسُبَّ أَي: عُيِّر بالبُخْلِ فسَبَّ عَراقيبَ إِبله أَنَفةً مما عُيِّر به كالسيف يسمى سَبَّابَ العَراقيب لأَنه يَقْطَعُها، وسَبْسَبَ إِذا قَطَع رَحِمه، والتَّسابُّ: التَّقاطُعُ، والسَّبُّ: الشَّتْم وهو مصدر سَبَّه يَسُبُّه سَبّاً: شَتَمَه، وأَصله من ذلك وسَبَّبه أَكثر سَبَّه ... والسُّبَّة: العارُ، ويقال صار هذا الأَمر سُبَّةً عليهم – بالضم-: أَي عاراً يُسبُّ به، ويقال بينهم أُسْبوبة يَتَسابُّونَ بها أَي: شيء يَتشاتَمُونَ به، والتَّسابُّ التَّشاتُم، وتَسابُّوا تَشاتَمُوا»(15) .
7- قوله: «اللهمّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَمِنْ خَيْرِ مَا فِيهَا»: قال الراغب الأصفهاني: «السؤال: استدعاء معرفة، أو ما يؤدي إلى المعرفة، واستدعاء مال، أو ما يؤدي إلى المال، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان، واليد خليفة له بالكتابة، أو الإشارة، واستدعاء المال جوابه على اليد، واللسان خليفة لها إما بوعد، أو بردّ»(16) .
، وقال في تعريف الخير: «الخير: ما يرغب فيه الكل، كالعقل مثلاً، والعدل، والفضل، والشيء النافع، وضده: الشر.
قيل: والخير ضربان: خير مطلق، وهو أن يكون مرغوباً فيه بكل حال ... وخير وشر مقيدان، وهو أن يكون خيراً لواحد شراً لآخر، كالمال الذي ربما يكون خيراً لزيد، وشراً لعمرو
»(17) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «فَأَخْبَرَ أَنَّهَا تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، وَأَمَرَ أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَهَذِهِ السُّنَّةُ فِي أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَنْ يَفْعَلَ الْعَبْدُ عِنْدَ أَسْبَابِ الْخَيْرِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا يَجْلِبُ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ، وَعِنْدَ أَسْبَابِ الشَّرِّ الظَّاهِرَةِ مِنْ الْعِبَادَاتِ مَا يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ الشَّرَّ، فَأَمَّا مَا يَخْفَى مِنْ الْأَسْبَابِ فَلَيْسَ الْعَبْدُ مَأْمُورًا بِأَنْ يَتَكَلَّفَ مَعْرِفَتَهُ، بَلْ إذَا فَعَلَ مَا أُمِرَ، وَتَرَكَ مَا حُظِرَ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ الشَّرِّ، وَيَسَّرَ لَهُ أَسْبَابَ الْخَيْرِ»(18) ، وقال الراغب في تعريف الشر:«الشر: الذي يرغب عنه الكل، كما أن الخير هو الذي يرغب فيه الكل...ورجل شر وشرير: متعاط للشر، وقوم أشرار، وقد أشررته: نسبته إلى الشر، وقيل: أشررت كذا، وأشررته: إذا نسبته إلى الشر، والشر بالضم خص بالمكروه، وشرار النار: ما تطاير منها، وسميت بذلك لاعتقاد الشر فيه»(19) .
8- قوله: «نفس الرحمن»: قال الراغب الأصفهاني : «والنفس: الريح الداخل والخارج في البدن من الفم والمنخر، وهو كالغذاء للنفس، وبانقطاعه بطلانها... وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاتسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن» أي: مما يفرج بها الكرب.
يقال: اللهم نفس عني، أي: فرج عني، وتنفست الريح: إذا هبت طيبة»(20) ، وقال ابن الأثير : «يُريد بِهَا أنَّها تُفَرِّج الكَرْب، وتُنْشِىء السَّحاب، وتَنْشُر الغَيْث، وتُذْهِب الجَدْب، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: النَّفَسُ فِي هَذيْن الحَديثَين: اسْمٌ وُضِعَ مَوْضعَ المصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، مِنْ نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً، كَمَا يقالُ: فَرّج يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً، كَأَنَّهُ قَالَ: أجِدُ تَنْفيسَ ربِّكُم مِنْ قِبَلِ اليَمنِ، وإنَّ الرِّيح مِنْ تَنْفِيسِ الرَّحْمَنِ بِهَا عَنِ الْمَكْرُوبِينَ»(21) ، وقال ابن الجوزي : «وكذلك لا تَسُبُّوا الريحَ فإِنّها من نَفَسِ الرَّحْمَن أي: أنَّها تُفَرِّج الكربَ»(22) .

ما يستفاد من الحديث:

1- الريح من الآيات الباهرات الدالة على قدرة خالقها ومسيرها اللَّه عز وجل، قال اللَّه تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾(23) ، وقال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾(24) .
2- الريح لا تتحرك إلا بأمر اللَّه تعالى فهي جند من جنوده ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾(25) ولذلك فإن من سبها فقد تطاول على خالقه وخالقها وكذلك كل الآيات الكونية كالخسوف والكسوف وغيرهما، قال الإمام الشافعي:«لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسُبَّ الرِّيحَ فَإِنَّهَا خَلْقُ اللَّهِ عز وجل مُطِيعٌ وَجُنْدٌ مِنْ أَجْنَادِهِ يَجْعَلُهَا رَحْمَةً وَنِقْمَةً إذَا شَاءَ»(26) .
3- المسلم حال قوله لهذا الدعاء يتذكر فعل اللَّه بعاد حيث سلط عليهم الريح فأهلكتهم، قال اللَّه عز وجل: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾(27) .
ومعنى صرصر أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد القاصف.
ومعنى عاتية أي: عتت على خزانها وزادت على الحد.
ومعنى حسومًا أي: نحسًا وشرًّا عليهم حتى دمرتهم(28) .

1 أخرجه أبو داود، برقم 5099، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 6/ 598
2 ابن ماجه، برقم 3727، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/305
3 المسند، برقم 21138، وصححه محققو المسند، 35/ 75، والعلامة الألباني في: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 6/ 255
4 سورة البقرة، الآية: 146
5 المستدرك، للحاكم، 2/ 272، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير، برقم 7318
6 تحفة الحبيب على شرح الخطيب (حاشية البجيرمي على الخطيب)، لسليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ المصري الشافعي، 2/ 250
7 التنوير شرح الجامع الصغير، 11/ 105
8 حاشية البجيرمي على الخطيب، 2/ 250
9 تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين للشوكاني، ص 262
10 سورة يوسف، الآية: 87
11 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 272، مادة (روح)
12 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 4/ 1327
13 مجموع الفتاوى، 9/ 290
14 انظر: العلم الهيب، ص 410
15 لسان العرب، 1/ 455، مادة (سب)
16 مفردات ألفاظ القرآن، 1/ 516، مادة (سول)
17 مفردات ألفاظ القرآن، 1/ 327، مادة (خير)
18 الفتاوى الكبرى، 1/ 60
19 مفردات ألفاظ القرآن، 1/ 529، مادة (شر)
20 مفردات ألفاظ القرآن، 2/ 446، مادة (نفس)
21 النهاية في غريب الحديث والأثر، :5/ 94، مادة (نفس)
22 غريب الحديث لابن الجوزي، 2/ 425
23 سورة الأعراف، الآية: 57
24 سورة الروم، الآية: 46
25 سورة المدثر، الآية: 31
26 الأم للشافعي، 2/ 556
27 سورة الحاقة، الآيات: 6 - 8
28 تفسير السعدي، ص 882


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب