1- قوله: « فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ»: قال الشيخ ابن عثيمين : صلى فيجعل الصلاة متناسبة، إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود، والقيام الذي بعد الركوع، والجلوس الذي بين السجدتين، وإذا خفف القراءة خفف الركوع والسجود، والقيام من أجل أن تكون الصلاة متناسبة، وهذا فعله صلوات اللَّه وسلامه عليه في الفرض، وفي النفل أيضاً، فكان صلى الله عليه وسلم يجعل صلاته متناسبة (3) . 2- قوله: «رب اغفر لي»: أي استرني بمحو ذنوبي مع التجاوز عن المؤاخذة ومناقشة الحساب، قال ابن منظور: «أَصل الغَفْرِ: التَّغْطِيَةُ، وَالسَّتْرُ، غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ: أَي: سَتَرَهَا... وَكُلُّ شَيْءٍ سَتَرْتَهُ، فَقَدْ غَفَرْته؛ ... وَمِنْهُ: غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَي سَتَرَهَا... والغَفْرُ، والمَغْفِرةُ: التَّغْطِيَةُ عَلَى الذُّنُوبِ، والعفوُ عَنْهَا» (4) .
ما يستفاد من الحديث:
1- إعظام الرغبة بأن اللَّه يغفر الذنوب جميعًا، ما علمه العبد وما نسيه، وقد أحصاه اللَّه. 2- الاستغفار ليس نطقًا باللسان فقط بل يصحبه عدم الإصرار على مقارفة الذنوب؛ لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾(5) . وهذا هو المانع من العقوبة؛ لقوله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾(6) . 3- إثبات صفة المغفرة لله عز وجل، وآثار هذه المغفرة جليَّة واضحة لكل ذي لب ولذلك ورد اسم الغفور في القرآن في إحدى وتسعين آية. 4- اتصاف اللَّه بصفة المغفرة، هو محض فضل منه ونعمة، علمًا بأن اللَّه تعالى لا ينتفع بالمغفرة لعباده، ولا يغفر لهم خوفًا منهم بل هو لا يضره كفرهم أصلًا. 5- من بركات الاستغفار سعة الأرزاق؛ لقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾(7) . 6- من استشعر لذة الاستغفار لنفسه دفعه ذلك إلى الاستغفار لأهل الإيمان، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب اللَّه له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة» (8) . 7- جاء في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى أربع ركعات: بالبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، أو الأنعام شك شعبة وكان ركوعه نحوًا من قيامه، وسجوده نحوًا من قيامه، وكان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي رب اغفر لي» نحوًا من سجوده، وكان هذا في صلاة الليل، أي أنه كان يكرر هذا الدعاء بين السجدتين لا أن يقوله مرتين فقط( ).
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .