اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي

حصن المسلم | الدعاء عند إفطار الصائم | اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي (1).

‘AAabdullah Ibn AAamr Ibn Al-AAas (Peace Be Upon Him) related that the Messenger of Allah (Peace Be Upon Him) said: ‘Indeed the fasting person has at the time of breaking fast, a supplication which is not rejected’. Ibn Abee Mulaykah رحمه الله said: ‘I Heard AAabdullah Ibn AAomar say when he broke his fast: Allahumma inne as-aluka birahmatikal-latee wasiAAat kulla shay, an taghfira lee.
‘O Allah, I ask You by Your mercy which envelopes all things, that You forgive me.


(1) أخرجه ابن ماجه، 1/ 557، برقم 1753 من دعاء عبد الله بن عمرو ^، وحسنه الحافظ في تخريج الأذكار. انظر: شرح الأذكار، 4/342.

شرح معنى اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

604- لفظ ابن ماجه: «عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ»، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنه يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي» (1) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «دعوةً ما تُرَدُّ»: قال العلامة ابن عثيمين : في أهمية الدعاء عند الإفطار: «وينبغي أن يدعُوَ عندفِطرِه بما أحَبَّ، ففي سنن ابن ماجة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «إنَّ للصائِمِ عند فطْرِه دعوةً ما تُرَدُّ» (2) .
2- قوله: «اللَّهُمَّ»: «اللَّهُمَّ بِمَعْنَى: يَا أَلله، ... الْمِيمَ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ يَا فِي أَولها، وَالضَّمَّةُ الَّتِي هِيَ فِي الْهَاءِ هِيَ ضَمَّةُ الِاسْمِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ» (3) .
3- قوله: «أسألك» أي: أتوسل إليك، وأدعوك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «سؤال اللَّه، والتوسل إليه بامتثال أمره، واجتناب نهيه، وفعل ما يحبه» (4) .
4- قوله: «برحمتك»: لأن من أسمائك الرحمن والرحيم والرحمة صفة لك.
وقال ابن منظور : «الرَّحْمة: الرِّقَّةُ والتَّعَطُّفُ، والمرْحَمَةُ مِثْلُهُ، وَقَدْ رَحِمْتُهُ وتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ.
وتَراحَمَ القومُ: رَحِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
والرَّحْمَةُ: الْمَغْفِرَةُ
» (5) ، ورحمة اللَّه ليست كرحمة خلقه، وصفة الرحمة للَّه عز وجل تليق بجلاله، لا يشبه شيئاً من خلقه ، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (6) .
5- قوله: «التي وسعت كل شيء» أي: عمت جميع مخلوقاتك.
قال الإمام القرطبي : «أي لا نهاية لها، أي: من دخل فيها لم تعجز عنه، وقيل: وسعت كل شيء من الخلق، حتى إن البهيمة لها رحمة وعطف على ولدها» (7) ، وقال العلامة الصنعاني : «فهذه الرحمة العامة قد أعطاها تعالى عباده، ووسعتهم، وبسببها فتح لهم الباب إلى سؤاله، ودلهم على ما يقربهم إليه، كما أشار إليه: (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ) (8) ، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (9) ، ودعاهم إلى دعائه: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (10) ، فما أحد إلا وله من الرحمة العامة جزء موفور؛ فإذا عرفت هذا علمت أنه سبحانه قد أعطى عباده الرحمة، فهم بين قابل لها، وراد لها كالكافر لم يقبلها، فالمسؤول هنا هو الرحمة الخاصة الكائنة بعد المغفرة، وهي التي ينزل اللَّه بها عباده غرف الجنان... فهذه رحمة وراء المغفرة، فالمغفرة سترت الذنوب، وتجنب العبد من العذاب، وبالرحمة الخاصة يدخل الجنة» (11) .
6- قوله: «أن تغفر لي» أي: تستر ذنوبي وتمحوها عني يا تواب يا غفور.
قال ابن منظور: «الغَفْرِ: التَّغْطِيَةُ، وَالسَّتْرُ ... غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَي: سَتَرَهَا... والغَفْرُ، والمَغْفِرةُ: التَّغْطِيَةُ عَلَى الذُّنُوبِ، والعفوُ عَنْهَا» (12) .

ما يستفاد من الحديث:

1- المؤمن يطمع في رحمة اللَّه، ومن ذلك طلبه من ربه مغفرة ذنوبه قال اللَّه ﻷ: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ سورة غافر، الآية: 7 .
وقال: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ سورة الكهف، الآية: 58 .
فهو ﻷ مع كونه غنيًّا عن خلقه فهو ذو رحمة بهم وهذا هو غاية الكرم والفضل.
2- قال الحافظ ابن حجر : «المُراد أَنَّ رَحمَة الله لا يُشبِهها شَيء لِمَن سَبَقَ لَهُ مِنها نَصِيب مِن أَيّ العِباد كانَ حَتَّى الحَيَوانات.
3- وفِيهِ إِشارَة إِلَى أَنَّهُ يَنبَغِي لِلمَرءِ أَن يَجعَل تَعَلُّقه فِي جَمِيع أُمُوره بِاللهِ وحده ، وأَنَّ كُلّ مَن فُرِضَ أَنَّ فِيهِ رَحمَة ما حَتَّى يُقصَد لأَجلِها فالله سُبحانه وتَعالَى أَرحَم مِنهُ ، فَليَقصِد العاقِل لِحاجَتِهِ مَن هُو أَشَدّ لَهُ رَحمَة (13) .
4- قال الإمام ابن قيم الجوزية : «وَرَحمته وسعت كل شَيْء، وغضبه لم يسع كل شَيْء، وَهُوَ سُبْحَانَهُ كتب على نَفسه الرَّحْمَة، وَلم يكْتب على نَفسه الْغَضَب، ووسع كل شَيْء رَحْمَة وعلماً، وَلم يسع كل شَيْء غَضباً وانتقاماً، فالرحمة وَمَا كَانَ بهَا، ولوازمها، وآثارها غالبة على الْغَضَب
» (14) .
5- مما يقوي في النفس الطمع في رحمة اللَّه ما يلي: قوله ﻷ: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ (15) ففي هذه الآية لطائف منها: أن اللَّه أكد ذكر الرحمة والمغفرة بمؤكدات ثلاثة: أ- قوله: «أني».
ب- «أنا».
ج- التعريف في «الغفور الرحيم».
وهذا يدل على تغليب جانب الرحمة والمغفرة، ولم يقل في ذكر العذاب أني أنا المعذب ولم يصف نفسه بذلك.
بل قال على سبيل الإخبار (16) :﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾.
وكذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لما أغرق اللَّه فرعون قال: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾ سورة يونس، الآية: 90 فقال جبريل: يا محمد، فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر (17) ، فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة» (18) والآيات في هذا الباب والأحاديث كثيرة بحمد اللَّه.
6- مشروعية التوسل إلى اللَّه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا.

1 أخرجه ابن ماجه، كتاب الصيام، باب في الصائم لا ترد دعوته، برقم 1753، وابن السني في عمل اليوم والليلة، ص 432، والحاكم، 1/ 422، وصححه ووافقه الذهبي، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، 1/299، والبيهقي في شعب الإيمان، 3/407، قال الكناني في مصباح الزجاجة، 2/81: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات»، وحسن إسناده الأرناؤوط في سنن ابن ماجه، 2/ 637. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير، برقم 1965
2 مجالس شهر رمضان، لابن عثيمين، ص 50
3 لسان العرب، 13/ 470، مادة (أله)
4 اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، 2/ 322
5 لسان العرب، 12/ 230، مادة (رحم).
6 سورة الشورى، الآية: 11
7 تفسير القرطبي، 7/ 261
8 سورة الأعراف، الآية: 43
9 سورة الأنبياء، الآية: 107
10 سورة غافر، الآية: 60
11 التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 535)
12 لسان العرب، 5/ 25، مادة (غفر)
13 فتح الباري، لابن حجر، 10/ 431
14 الفوائد، للإمام ابن القيم، ص 125
15 سورة الحجر، الآية: 49، 50
16 فتح البيان، 7/177
17 قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 462، مادة (حول): «الحالُ: الطين الأسود كالحَمْأة»
18 الترمذي، برقم 3107، ومسند أحمد، 4/ 82، برقم 2203، وضعفه محققو المسند، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 3/256


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب