ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله

حصن المسلم | الدعاء عند إفطار الصائم | ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله

ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (1).

Thahabath-thama-o wabtallatil-AAurooq, wathabatal-ajru in shaal-lah.
‘The thirst has gone and the veins are quenched, and reward is confirmed, if Allah wills.


(1) أخرجه أبو داود، 2/ 306، برقم 2359، وغيره. وانظر: صحيح الجامع، 4/209.

شرح معنى ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

602- عن مَرْوَان بْن سَالِمٍ (1) قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَيَقْطَعُ مَا زَادَ عَلَى الْكَفِّ، وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» (2) .
603- وعن أنس رضي الله عنه: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن، فعلى تمرات فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء» (3) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «يقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَيَقْطَعُ مَا زَادَ عَلَى الْكَفِّ»: وهذا من اجتهاد ابن عمر ب، ولا اجتهاد مع النص، فيؤخذ بروايته، ولا يؤخذ برأيه في هذا المسألة رضي الله عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتوفير اللحى، وهذا يبين بأنه لا يجوز أخذ شيء منها، ومن هذه الأحاديث التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذ شيء من اللحى حديث ابن عمر ب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خالفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفّوا الشوارب»، وفي لفظ: «أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى» (4) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: «جزُّوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس» (5) .
وفي حديث زيد بن أرقم: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا» (6) .
فلا يجوز لمسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً بعد سماعه لهذه الأحاديث أن يأخذ من لحيته شيئاً، والله المستعان.
2- قوله: «ذهب الظمأ»: الظمأ: هو العطش الناتج عن الصيام، قال النووي : «الظمأ مهموز الآخر مقصور: وهو العطش» (7) .
3- قوله: «ابتلت العروق» أي: بالري بعد ما كان فيها من اليبوسة، قال الصنعاني : «وابتلت العروق: خص ذهاب الظمأ مع أنه قد ذهب الجوع؛ لأن الالتذاذ بالماء في البلاد الحارة، كالمدينة، ومكة أشد؛ ولأنه أول ما يفطرون به، والإخبار بذلك شكراً على النعمة بإنالة المستلذ بعد المنع عنه شرعاً» (8) .
4- قوله: «وثبت الأجر» أي: حصل الثواب الذي يرجوه العبد من ربه فضلًا منه ونعمة، قال الطيبي : «استبشار منهم؛ لأن من فاز ببغيته، ونال مطلوبه بعد التعب والنصب، وأراد أن يستلذ بما أدركه مزيد استلذاذ، ذكر تلك المشقة، ومن ثم حَمِدَ أهل السعادة في الجنة بعد ما أفلحوا» (9) .
5- قوله: «إن شاء اللّه»: لأن قبول الصيام تحت مشيئة اللَّه ﻷ، قال الصنعاني : «وثبوت الأجر متوقف على مشيئة اللَّه؛ ولذا قال: «إن شاء اللَّه»، أو لأنه سلك طريقة الترقي، وفيه أن العبد لا يثق، ولا يقطع بحصول الأجر على فعل من أفعال البر، ويحتمل أن التقييد للثبوت، لا لنفس حصول الأجر؛ فإنه قد يحصل ثم تعقبه (10) ما يبطله» (11) .

ما يستفاد من الحديث:

1- مشروعية قول هذا الدعاء عند الإفطار لقول الراوي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلت العروق...» الحديث.
2- يسن تعجيل الإفطار بعد التحقق من غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (12) وهذا بخلاف السحور الذي يستحب فيه التأخير إلى ما قبيل الفجر لقول زيد بن ثابت رضي الله عنه تسحرنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة فسأله أنسرضي الله عنهكم كان قدر ما بينهما؟ قال: خمسين آية (13) .
3- لا يجزم لأحد بقبول صيامه وثبوت أجره؛ لأن هذا دعاء عام وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة بخلاف المعتزلة فإنهم يوجبون على اللَّه الثواب للعبد.
4- قال العلامة ابن عثيمين : «ذهاب الظمأ بالشرب واضح، وابتلال العروق بذلك واضح، فالإنسان إذا شرب وهو عطشان يحس بأن الماء من حين وصوله إلى المعدة يتفرق في البدن، ويحس به إحساساً ظاهراً، فيقول بقلبه: سبحان الله الحكيم العليم الذي فرقه بهذه السرعة، وظاهر الحديث أن هذا الذكر فيما إذا كان الصائم ظمآن والعروق يابسة» (14) .
5- حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: «بسم اللَّه، اللَّهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت» في ثبوته نظر (15) ، والأولى قول ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
6- قال ابن القيم : «وَفِي فِطْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ (16) ، أَوْ عَلَى التَّمْرِ، أَوِ الْمَاءِ تَدْبِيرٌ لَطِيفٌ جِدًّا، فَإِنَّ الصَّوْمَ يُخَلِّي الْمَعِدَةَ مِنَ الْغِذَاءِ، فَلَا تَجِدُ الْكَبِدُ فِيهَا مَا تَجْذِبُهُ، وَتُرْسِلُهُ إِلَى الْقُوَى وَالْأَعْضَاءِ، وَالْحُلْوُ أَسْرَعُ شَيْءٍ وُصُولًا إِلَى الْكَبِدِ، وَأَحَبُّهُ إِلَيْهَا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ رُطَبًا، فَيَشْتَدُّ قَبُولُهَا لَهُ، فَتَنْتَفِعُ بِهِ هِيَ وَالْقُوَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَالتَّمْرُ لِحَلَاوَتِهِ وَتَغْذِيَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَحَسَوَاتُ الْمَاءِ تُطْفِئُ لَهِيبَ الْمَعِدَةِ، وَحَرَارَةَ الصَّوْمِ، فَتَتَنَبَّهُ بَعْدَهُ لِلطَّعَامِ، وَتَأْخُذُهُ بِشَهْوَةٍ» (17) .
7- وقال المناوي : «وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، وهذا من كمال شفقته على أمته، ونصحه لهم؛ فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله، وانتفاع القوى به، خاصة القوة الباصرة، أما الماء؛ فإنه يرطب الكبد بعد نوع من اليبوس، فإن التمر والماء لهما تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب» (18) ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بيت لا تمر فيه جياع أهله» (19) ، وقال: «بيت لا تمر فيه كالبيت لا طعام فيه» (20) .

1 مروان بن سالم المفقع، مصري، مقبول، من الرابعة، روى عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وروى عنه الحسين بن واقد المروزي، وأخرج له أبو داود، والنسائي. انظر: تهذيب الكمال للمزي، 27/ 390، وتقريب التهذيب، لابن حجر، 4/ 97
2 أخرجه أبو داود، برقم 2359، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود123، برقم 2041
3 أخرجه أحمد، 20/ 110، برقم 12676، وأبو داود، كتاب الصيام، باب ما يفطر عليه، برقم 2356، والترمذي، كتاب الصوم، باب ما يستحب عليه الإفطار، برقم 696، وصحح إسناده محققو المسند، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، برقم 922
4 متفق عليه من حديث ابن عمر ب، البخاري برقم 5892، ورقم 5893، ومسلم، برقم 259
5 مسلم، برقم 260
6 الترمذي، برقم 2761، والنسائي، برقم 13، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، برقم 6533، وفي غيره
7 الأذكار النووية للإمام النووي، 1/ 238
8 التنوير شرح الجامع الصغير، 8/ 343
9 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 5/ 1588
10 هكذا وجدته في الأصل الذي نقلت منه، والمعنى: ثم يعقبه ما يبطله، والله أعلم
11 التنوير شرح الجامع الصغير، 8/ 344
12 مسلم، كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه....، برقم 1098
13 مسلم، كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه....، برقم 1097
14 الشرح الممتع على زاد المستقنع، 6/ 441
15 أخرجه أبو داود، برقم 2358، وفي المراسيل، برقم 91، وضعفه الألباني في الإرواء، 3/ 37، وقد نبه : على عدة علل للحديث فليراجع
16 أي: الرُّطَب
17 زاد المعاد، 4/ 287
18 فيض القدير، 5/ 300
19 صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب في ادخار التمر ونحوه من الأقوات للعيال، برقم 2046
20 سنن ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب التمر، برقم 3328، وحسنه الأرناؤوط محقق ابن ماجه، والطبراني، 24/298، برقم 757، وحسّن إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 1776


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب