Barakal-lahu laka fee ahlika wamalik, innama jaza-os-salafil-hamdu wal-ada/. ‘May Allah bless for you, your family and wealth. Surely commendation and payment are the reward for a loan.
(1) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة، ص300، وابن ماجه، 2/ 809، برقم 2424، وانظر: صحيح ابن ماجه، 2/55 .
شرح معنى بارك الله لك في أهلك ومالك إنما جزاء السلف الحمد والأداء
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
696- لفظ النسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رُبَيِّعَةَ رضي الله عنه (1) قَالَ: اسْتَقْرَضَ مِنِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَجَاءَهُ مَالٌ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، وَقَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ: الْحَمْدُ وَالْأَدَاءُ» (2). 697- ولفظ ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رُبَيِّعَةَ الْمَخْزُومِيُّ (3) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْهُ حِينَ غَزَا حُنَيْنًا ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا قَدِمَ قَضَاهَا إِيَّاهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الْوَفَاءُ وَالْحَمْدُ» (4)، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن. (5) أخرجه ابن ماجه، كتاب الصدقات، باب من أدان ديناً وهو ينوي قضاءه، برقم 2408، والطبراني في الكبير، 24/24، برقم 61، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم 1952. (6) أخرجه ابن ماجه، باب الصدقات، باب من أدان ديناً لم ينو قضاءه، برقم 2410، قال البوصيري، 3/64: «هذا إسناد حسن»، والضياء المقدسي في المختارة، 8/70، وقال المنذري في الترغيب والترهيب، 2/372: «إسناده متصل، لا بأس به»، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 166، برقم 1802. (7) البخاري، كتاب الاستقراض، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، برقم 2387 /55.
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «استقرض»: أي: أخذ مني قرضًا حسنًا على سبيل السلف، قال الزبيدي: «والقَرْضُ: الاسمُ، وهو مَا يَتَجازَى به النَّاسُ بَيْنَهم ويَتَقاضَوْنَهُ وجمْعُهُ قُرُوضٌ...وفي الصّحاح: القَرْضُ: مَا تُعْطيهِ من المالِ لتُقْضَاهُ» (8). 2- قوله: « فدفعه لي»: أي: رد لي ما أقرضته، قال الزبيدي :: «دَفَعَهُ ودَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئاً، ودَفَعَ عَنْهُ الأَذَى والشَّرَّ... وإِذا عُدِّيَ الدَّفْعُ بـ(إِلَى) اقْتَضَى معْنَى الأَمَانَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿فَادْفَعُوا إِلَيْهِم أَمْوَالَهم﴾» (9). 3- قوله: «بارك اللَّه لك في أهلك ومالك»: البركة الزيادة والنماء، قال العلامة ابن عثيمين : «...وإذا أنزل اللَّهُ البركةَ لشخص فيما أعطاه، صار القليلُ منه كثيراً، وإذا نُزعت البركةُ صار الكثيرُ قليلاً، وكم مِن إنسانٍ يجعلُ اللَّهُ على يديه مِنَ الخير في أيامٍ قليلة ما لا يجعلُ على يدِ غيرِه في أيَّام كثيرةٍ؟، وكم مِن إنسانٍ يكون المالُ عنده قليلاً، لكنه متنعِّمٌ في بيته، قد بارك اللَّهُ له في مالِهِ، ولا تكون البركةُ عند شخصٍ آخرَ أكثرَ منه مالاً؟» (10)، فقوله: بارك اللَّه لك: أي: بارك اللَّه لك في زوجك، وولدك، ومالك، وعمرك، وقال الطيبي : «لأنه المدعو أصالة، أي: بارك لك في هذا الأمر» (11). 4- قوله: «إنما جزاء»: «فإن قلت: هذا يوهم أن الزيادة على الدين غير جائزة؛ لأن (إنما) تثبت الحكم للمذكور، وتنفيه عما سواه، قلت: هو على سبيل الوجوب؛ لأن شكر المنعم وأداء حقه واجبان، والزيادة فضل» (12). 5- قوله: «السَّلَفُ»: قال ابن الأثير : «القَرْض الَّذِي لَا مَنْفعة فِيهِ للمُقْرِض غيرَ الْأَجْرِ وَالشُّكْرِ، وَعَلَى المُقْترِض رَدُّه كَمَا أخَذه، وَالْعَرَبُ تُسِّمي القَرْض سَلَفاً» (13). 6- قوله: «الحمد»: أي: حمد اللَّه على التوفيق للسداد، ثم شكر من أقرضني، قال الصنعاني : «الحمد لمن أقرض أي: الثناء عليه» (14). 7- قوله: «والأداء»: أي: إعطاء المال، وردّه إلى صاحبه، وعدم مماطلته» (14)، قال الفيومي : «أدَّى الأمانةَ إلى أهلها تأديةً، إذا أوصلها، والاسم: الأَدَاءُ» (15)، وقال الراغب الأصفهاني: «الأداء: دفع الحق دفعة وتوفيته، كأداء الخراج والجزية وأداء الأمانة» (16). 8- قوله: «والوفاء»: قال الصنعاني: «والوفاء بإعطاء ما أقرضه إياه وافياً، قال الغزالي: يستحب للمدين عند قضاء الدين أن يحمد المقضي بأن يقول له: بارك اللَّه لك في أهلك ومالك» (17). 9- قوله: «غزا حنيناً»: قال النووي: «حنين: واد بين مكة والطائف وراء عرفات، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً» (18)، وأما غزو النبي صلى الله عليه وسلم لحنين فقال الكناني : «وفي السنة الثامنة غزوة الفَتْح في شهر رمضان، ثم غزوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حُنَيْناً في شوّال في اثني عشر ألفاً من المسلمين: عشرة آلاف من أهالي المدينة، وألفين من أهل مكة» (19).
ما يستفاد من الحديث:
1- ما كان عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الاهتمام بمصالح الأمة؛ لأنه اقترض هذه الأموال لإنجاز ما يعود بالنفع على المسلمين. 2- قال الزبيدي : «القَرْضُ: مَا تُعْطيهِ من المالِ لتُقْضَاهُ، وقال أَبو إسحاقَ النَّحَوِيُّ في قَوْله تَعَالَى: ﴿مَنْ ذَا الَّذي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً﴾(20) قالَ: معنى القَرْضِ: البلاءُ الحَسَنُ، تقولُ العربُ: لكَ عندِي قَرْضٌ حسنٌ، وقَرْضٌ سيِّئٌ، وأَصلُ القَرْضِ: مَا يُعطيهِ الرَّجُلُ أَو يفعلَهُ ليُجازَى عَلَيْهِ، واللَّه عز وجل لا يَسْتَقْرِضُ مِنْ عَوَزٍ، ولكنَّه يبلو عبادَهُ، فالقَرْضُ كما وَصَفْنا، قالَ: وهو في الآية اسمٌ لكُلِّ مَا يُلْتَمَسُ عَلَيْهِ الجَزاءُ، ولو كانَ مصدراً لكانَ إِقْراضاً» (8). 3- القرض الحسن من مفاخر هذه الشريعة الغراء، ولا يكون حسنًا إلا إذا كان من حلال، ويعطيه صاحبه عن طيب نفس، راجيًا الثواب من اللَّه بتفريج كربة أخيه المسلم، أما القروض الربوية فهي شؤم في الدنيا و الآخرة. 4- الواجب على من يقترض أن يحسن نيته، فيأخذ بنية الأداء في الموعد المحدد له، وعكس ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل تدين دينًا وهو مجمع أن لا يوفيه إياه، لقي اللَّه سارقًا» (21) ومعنى مجمع أي: عازم. 5- يجوز الزيادة عند رد الدين شريطة عدم اشتراط ذلك عند أخذ الدين لقول جابر رضي الله عنه: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فقال: «صل ركعتين» وكان لي عليه دين فقضاني وزادني (22) . 6- قال الطيبي : «إنما جزاء السلف: فإن قلت: هذا يوهم أن الزيادة على الدين غير جائزة؛ لأن «إنما» تثبت الحكم للمذكور، وتنفيه عما سواه، قلت: هو على سبيل الوجوب؛ لأن شكر المنعم، وأداء حقه واجبان، والزيادة فضل» (23). 7- حث الشرع الحنيف على إنظار المعسر، والصبر عليه؛ بل وإسقاط دينه لقوله عز وجل: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾(24) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يظله اللَّه في ظله، فلينظر معسرًا أو ليضع عنه» (25)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أنظر معسرًا كان له بكل يوم صدقة ومن أنظره بعد حله كان له مثله في كل يوم صدقة» (26) . 8- فإذا طلبه يطلبه في رفق ولين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ، وَافٍ أَوْ غَيْرِ وَافٍ» (27)، ومعنى في عفاف أي: لا يقع أثناء طلبه في أي محرم قولي أو فعلي، وقوله: «واف أو غير واف» أي: وفَّاه المدين أم لم يوفِّهْ دينه.
1
عبد اللَّه بن ربيعة بن فرقد السلمي، كوفي، روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال الحكم: له صحبة، وغيره ينفي ذلك، ويقولون حديثه مرسل، وذكر إسماعيل بن إسحاق عن علي بن المديني قال: عبد اللَّه بن ربيعة السلمي له صحبة، توفي بعد الثمانين للهجرة. انظر: الاستيعاب، لابن عبد البر، 3/ 897، وسير أعلام النبلاء، 3/ 504، ترجمة رقم 116، والإصابة في تمييز الصحابة، 4/ 79.
2
أخرجه النسائي في السنن الكبرى، برقم 6280، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم 1388
3
عبد اللَّه بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، كان عبد الله من أشراف قريش في الجاهلية أسلم يوم الفتح وكان من أحسن قريش وجها يعد في أهل المدينة ومخرج حديثه عنهم من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما جزاء السلف: الحمد والوفاء، ويقولون إنه لم يرو عنه غير ابنه إبراهيم الاستيعاب، 3/ 896، والإصابة في تمييز الصحابة، 4/ 79.
4
أخرجه ابن ماجه، برقم 2424، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2
25
( ) مسند أحمد/ 24/ 278، برقم 15520، وابن ماجه، كتاب الصدقات، باب إنظار المعسر، برقم 2419، والبيهقي في السنن الكبرى، 6/27-28، والطبراني في الكبير، 19/ 376، وصححه محققو السند، 24/ 278، والألباني في صحيح ابن ماجه، برقم 2410.
26
ابن ماجه، كتاب الصدقات، كتاب الصدقات، باب إنظار المعسر، برقم 2418، وأحمد، 38/69 ، برقم 22970، والحاكم، 2/34، والبيهقي، 5/357، وصححه لغيره محققو المسند، 38/ 69، وصححه الألباني في الصحيحة، برقم 86.
27
رواه ابن ماجه، كتاب الصدقات، باب حسن المطالبة وأخذ الحق في عفاف، برقم 2421، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم 2412، وفي التعليق الرغيب، 3/20.
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .