سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا

حصن المسلم | دعاء المسافر إذا أسحر | سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا

سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ (1).

SamiAAa samiAAun bihamdil-lahi wahusni bala-ihi AAalayna. Rabbana sahibna wa-afdil AAalayna AAa-ithan billahi minan-nar.
‘May a witness, be witness to our praise of Allah for His favours and bounties upon us. Our Lord, protect us, show favour on us and deliver us from every evil. I take refuge in Allah from the fire.


(1) مسلم، 4/ 2086، برقم 2718، ومعنى سَمعَ سامِعٌ: أي شهد شاهدٌ على حمدنا للَّه تعالى على نعمه، وحسن بلائه. ومعنى سَمَّعَ سامِعٌ: بلَّغ سامع قولي هذا لغيره، وقال مثله تنبيهاً على الذكر في السحر والدعاء. شرح النووي على صحيح مسلم، 17/39.

شرح معنى سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

749- لفظ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ يَقُولُ: «سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَحُسْنِ بَلاَئِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ» (1).
750- ولفظ الحاكم وابن خزيمة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَبَدَا لَهُ الْفَجْرُ، قَالَ: «سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَنِعْمَتِهِ، وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا، فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، سِتْرًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ» يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَرْفَعُ به صَوْتَهُ (2).

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «في سفر»: قال ابن الأثير : «السَّفْرُ: جمعُ سَافِرٍ، كَصَاحِبٍ وصَحْب، والْمُسَافِرُونَ جمعُ مُسَافِرٍ، والسَّفْرُ والْمُسَافِرُونَ بِمَعْنًى» (3).
2- قوله: «إذا أسحر»: السحر هو آخر الليل وهو قبيل الصبح، قال ابن منظور : السَّحَرُ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، وأَسحَرَ القومُ: صَارُوا فِي السَّحَر، كَقَوْلِكَ: أَصبحوا.
وأَسحَرُوا واستَحَرُوا: خَرَجُوا فِي السَّحَر.
واسْتَحَرْنا أَي: صِرْنَا فِي ذَلِكَ الوقتِ» (4)، وقال النووي : «فَمَعْنَاهُ: قَامَ فِي السَّحَر، أَوْ اِنْتَهَى فِي سَيْره إِلَى السَّحَر، وَهُوَ آخِر اللَّيْل» (5).
3- قوله: «سمع سامع بحمد اللَّه»: أي شهد شاهد وهو خبر بمعنى الأمر، أي: شهد شاهد على حمدنا للَّه على نعمه (6)، قال ابن الأثير : «قوله: «سمع سامع بحمد اللَّه وحسن بلائه» معناه: شهد شاهد، وحقيقته: ليسمع السامع، وليشهد الشاهد على حمد اللَّه  على نعمه، وحسن بلائه، وقيل: معناه: انتشر ذلك وظهر، وسمعه السامعون» (7)، وقال الإمام النووي : «سمَّعَ - بفتح الميم المشدّدة- ومعناه: بلّغ سامع قولي هذا لغيره، تنبيهاً على الذكر في السحَر والدعاء في ذلك الوقت، وضبطه الخطابي وغيره سَمِعَ بكسر الميم المخففة؛ قال الإِمام أبو سليمان الخطابي: سَمِعَ سامِعٌ معناه: شهدَ شاهدٌ.
وحقيقته: ليسمعِ السامعُ، وليشهد الشاهدُ حَمْدنا اللّه تعالى على نعمته، وحسن بلائه
» (8)، وقال أيضاً: «سمع سامع»: رُوي بوجهين: أحدهما: فتح الميم من سمع، وتشديدها، والثاني: كسرها مع تخفيفها، واختار القاضي هنا، وفي المشارق، وصاحب المطالع التشديد، وأشار إلى أنه رواية أكثر رواة مسلم، قالا: ومعناه: بلغ سامع قولي هذا لغيره» (6)، وقال الطيبي : «... وقال مثله تنبيهاً على الذكر، والدعاء في هذا الوقت، وضبطه الخطابي وآخرون بالكسر والتخفيف، قال الخطابي: ومعناه شهد شاهد، وهو أمر بلفظ الخبر، وحقيقته ليسمع السامع، وليشهد الشاهد على حمدنا للَّه تعالى على نعمه، وحسن بلائه» (9).
4- قوله: «وحسن بلائه علينا»: أي: حسن إنعامه وعطاياه، قال ابن الأثير : «وحسن البلاء: النعمة.
والبلاء: الاختبار والامتحان، فالاختبار بالخير : ليتبين الشكر، والابتلاء بالشر: ليظهر الصبر
» (10)، وقال ابن الجوزي : وحسن البلاء النعمة والبلاء الاختبار والامتحان فالاختبار بالخير ليبين الشكر والابتلاء بالشر ليظهر الصبر فإذا قيل بلاء حسن وبلاء قبيح كان على ما فسر» (11)، وقال الطيبي : «فالواو في «وحسن بلائه»: للعطف، وإذا روي بالتخفيف، يكون بمعنى مع؛ لأن حسن البلاء غير مسمع، بل هو مبلغ، وكلاهما قريب من خطاب العام، كقوله صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين» (12)، يعني بلغ الأمر من فخامته وعظمة شأنه، بحيث لا يختص سامع دون سامع أن يكون مأموراً بتبليغ هذا البشارة إلى صاحبه، وبتبليغ هاتين الخلتين، وهما: حمدنا للَّه تعالى، وحسن بلائه علينا، وذلك أنه تعالى أنعم علينا فشكرناه، وابتلانا بالمحن فصبرناه؛ لأن كما ل الإيمان في الإنسان أن يكون صبَّاراً شكوراً...فيتوجه الثناء والشكر إلى اللَّه تعالى على حصول كمال الإيمان فيه، فظهر من هذا التقدير أن معنى الأمر أبلغ وأفخم من معنى الخبر؛ لأنه بشارة، والمطلوب بها التبليغ» (9).
5- قوله: «ربنا صاحبنا»: أي: كن لنا حافظًا ومعينًا، قال الإمام النووي : «قوله: «رَبّنَا صَاحِبْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا»: أَيْ: احْفَظْنَا، وَحُطْنَا، وَاكْلَأْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا بِجَزِيلِ نِعَمك، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلّ مَكْرُوه» (13)، وقال ابن الأثير: «أي: احفظنا ، ومن صحبه اللَّه لم يضره شيء» (10)، وقال ابن الجوزي : «ربنا صاحبنا أي: احفظنا، ومن صحبه اللَّه لم يضره شيء، وبيانه ما روي من الزيادة فيه، وهو: «اللهم أصحبنا منك بصحبة، وأقبلنا بذمة» (14) أي: احفظنا في سفرنا بحفظك، واقبلنا بأمانك وعهدك» (15)، وقال الطيبي : «ربنا صاحبنا»:أي: أعنا واحفظنا» (9)، والمقصود معية اللَّه الخاصة؛ فإن معية اللَّه معيّتان: معية عامة مع جميع المخلوقات، وهي العلم، والإحاطة بكل شيء، لا يخفى عليه خافية، ومعية خاصة لأوليائه: وهي معية: الحفظ، والتوفيق، والتسديد، والإعانة، والنصر، والإلهام، والتثبيت.
6- قوله: «وأفضل علينا»: أي: من واسع فضلك فإن يمينك ملأى سحاء الليل والنهار، قال الإمام النووي : «وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا بِجَزِيلِ نِعَمك، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلّ مَكْرُوه» (5)، وقال الطيبي : «وأفضل علينا بإدامة تلك النعمة ومزيدها، والتوفيق للقيام بحقوقها» (9).
7- قوله: «عائذًا باللَّه من النار»: أي: أستجير بك من النار ومن عذابها، ومن الأسباب الموصلة إليها، قال ابن الأثير : «وقوله : «عائذاً باللَّه» يحتمل وجهين، أحدهما : أن يريد : أنا عائذ بالله من النار، والآخر: أن يريد: متعوذ بالله ، كما يقال مستجار بالله، فوضع الفاعل مكان المفعول ، كقولهم : ماء دافق ، أي: مدفوق» (7).
وقال الطيبي : «عائذاً: هو نصب على المصدر، أي: أعوذ عياذاً، أقيم اسم فاعل مقام المصدر...أو على الحال من الضمير المرفوع في: يقول، أو أسحر، ويكون من كلام الراوي، أقول [القائل هو الطيبي]: يريد أن عائذاً إذا كان مصدراً كان من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كان حالاً كان من كلام الراوي، وجوّز الشيخ محيي الدين أي: النووي أن يكون حالاً، ويكون من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال: إني أقول هذا في حال استعاذتي، واستجارتي من النار، أقول [القائل الطيبي]: والأرجح هذا؛ لئلا ينخرم النظم، وأنه صلى الله عليه وسلم لما حمد اللَّه تعالى على تلك النعمة الخطيرة، وأمر بإسماعها إلى كل من يتأتى منه السماع لفخامته، وطلب الثبات والمزيد عليه، قال هضماً لنفسه، وتواضعاً للَّه تعالى، وليضم الخوف مع الرجاء تعليما للأمة» (9)، وأما قول النووي : فهو: «مَنْصُوب عَلَى الْحَال، أَيْ: أَقُول هَذَا فِي حَال اِسْتِعَاذَتِي وَاسْتِجَارَتِي بِاَللَّهِ مِنَ النَّار» (13).
8- قوله: «سِتْرًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ»: قال المناوي : «ستراً من النار: أي: حائلاً بينه وبينها، مانعاً له من دخوله إياها» (16).

ما يستفاد من الحديث:

1- بيان ما كان عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من شدة تعلق قلبه باللَّه عز وجل، ودعائه في هذه الأوقات التي يتنزل فيها اللَّه نزولًا يليق بجلاله، متفضلًا بالإجابة لمن سأله.
2- نعم اللَّه تعالى على عباده لا حصر لها، فإننا نتقلب في نعمه صباحًا ومساءً، وفي كل لحظة، والواجب علينا شكر هذه النعم بـالقلب، واللسان، والجوارح.
3- قال الإمام الشوكاني : «البلاء منه عز وجل قد يكون بالنعمة، وقد يكون بضدها، والمراد هنا النعمة، قوله: «صاحبنا»: بصيغة الأمر، دعا اللَّه عز وجل أن يصاحبه، ويتفضل عليه قوله عائذا باللَّه عز وجل أي: حال كونه عائذاً باللَّه عز وجل من جميع الشرور، ومعتصماً به مما أخاف» (17).
4- ومعية اللَّه معيتان: معية عامة لجميع المخلوقات وهي العلم والاطلاع والقدرة والإحاطة، ومعية خاصة بالمؤمنين والمتقين والصابرين وهي الحفظ والتوفيق والتسديد والنصرة والإعانة, واللَّه تعالى في جميع الأحوال على عرشه مستوٍ عليه استواء يليق بجلاله ومع ذلك لا يخفى عليه شيء فطلب المصاحبة في السفر هو طلب للمعية الخاصة.

1 مسلم، برقم 2718
2 الحاكم، 1/ 446، وصححه ووافقه الذهبي، وابن خزيمة في صحيحه، 2/ 1224، برقم 2571، وصححه الألباني في تعليقه على ابن خزيمة
3 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 371، مادة (سفر)
4 لسان العرب، 4/ 350، مادة (سحر).
5 شرح النووي على صحيح مسلم، 17/ 39.
6 شرح النووي على صحيح مسلم، 17/ 41.
7 جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، 4/ 289.
8 الأذكار النووية، 1/ 109.
9 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 6/ 1895.
10 جامع الأصول في أحاديث الرسول، 4/ 289.
11 تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، ص 169.
12 سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم، برقم 561، وسنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة، برقم 223، وسنن ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب المشي إلى الصلاة، برقم 781، وحسنه لغيره الأرناؤوط في تحقيق سنن أبي داود، 1/ 421، وابن ماجه، 1/ 500، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 3/ 88، برقم 570.
13 شرح النووي على صحيح مسلم، 17/ 40.
14 معجم ابن الأعرابي، 2/ 819، برقم 1679: ولفظه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَافَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَصْبَحْنَا بِنُصْحٍ، وَأَقْبَلْنَا بِذِمَّةٍ، اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ»، وهو في تهذيب الآثار مسند علي، 3/ 101.
15 تفسير غريب ما فى الصحيحين البخارى ومسلم، ص 169.
16 فيض القدير شرح الجامع الصغير، 6/ 248.
17 تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين للشوكاني، ص 236.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب