كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة

حصن المسلم | أذكار المساء | كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة

حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ .


شرح معنى كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

56- لفظ أبي داود عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: «مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ صَادِقًا كَانَ بِهَا، أَوْ كَاذِبًا» (1) .
57- ولفظ ابن السني عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قالَ فِي كُلّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ تَعالى ما أهمَّهُ مِنْ أمْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ» (2) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: حسبي اللَّه أي: كافيني كل هم وغم وسوء، قال العلامة السعدي : «أي: الله كافيَّ في جميع ما أهمني» (3) .
2- «لا إِلَهَ إِلا هُوَ»: قال العلامة السعدي : «الذي له جميع معاني الألوهية، وأنه لا يستحق الألوهية والعبودية إلا هو، فألوهية غيره، وعبادة غيره باطلة» (4) .
3- قوله: عليه توكلت: قولًا باللسان، وإن كان محل ذلك القلب؛ لأن التوكل عمل قلبي وأخذٌ بالأسباب المشروعة، قال العلامة السعدي : «أي: اعتمدت ووثقت به، في جلب ما ينفع، ودفع ما يضر» (3) .
4- قوله: وهو رب العرش العظيم: وصف العرش بذلك؛ لأن الكرسي وسع السموات والأرض ونسبة الكرسي إلى العرش كحلقة ملقاة في أرض فلاة (5) .
قال الإمام ابن خزيمة : «وسمَّى اللَّه بعض خلقه عظيماً، فقال: وهو رب العرش العظيم، فاللَّه العظيم، وأوقع اسم العظيم على عرشه، والعرش مخلوق» (6) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»، وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ: الْعَرْشُ وَغَيْرُهُ، وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ: الْعَرْشُ وَغَيْرُهُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ رضي الله عنه قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِخَلْقِ الْعَرْشِ، وَأَمَّا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ فَلَمْ يُخْبِرْ بِخَلْقِهِ؛ بَلْ أَخْبَرَ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَوَّلِ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ، لَا بِأَوَّلِ الْخَلْقِ مُطْلَقًا، وَإِذَا كَانَ إنَّمَا أَجَابَهُمْ بِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ هَذَا، لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْ أَوَّلِ الْخَلْقِ مُطْلَقًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَجَابَهُمْ عَمَّا لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُجِبْهُمْ عَمَّا سَأَلُوا عَنْهُ، بَلْ هُوَ صلى الله عليه وسلم مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ لَفْظَهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا؛ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْخَلْقِ، وَإِخْبَارِهِ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ يَقْصِدُ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ تَرْتِيبِ بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْ مُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ، وَإِنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ مَبْدَأِ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ، فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ كَمَا نَطَقَ فِي أَوَّلِهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ﴿خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾» (7) .

ما يستفاد من الحديث:

1- بيان أن معنى «الحسيب» العليم بعباده، كافي المتوكلين، المجازي لعباده بالخير والشر بحسب حكمته، وعلمه بدقيق أعمالهم، وجليلها (8) .
2- حقيقة التوكل: هو الأخذ بالأسباب الشرعية مع الاعتماد بالقلب على اللَّه، والثقة به سبحانه في جلب النفع، ودفع المضار، وهو ثمرة من ثمار اليقين.
3- بيان أن «الوكيل» من الأسماء الحسنى، ومعناه المقيم الكفيل بأرزاق العباد، وحقيقته أن يستقل بأمر الموكول إليه، قال اللَّه: ﴿أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا﴾ (9) .
4- قال القرطبي: «فيجب على كل مؤمن أن يعلم أن كل ما لابد له منه، فاللَّه سبحانه هو الوكيل، والكفيل المتوكل بإيصاله إلى العبد، إما بنفسه، فيخلق له الشبع والري، كما يخلق له الهداية في القلوب، أو بواسطة سبب ملك، أو غيره يوكله به» (10) .

1 أبو داود، برقم 5081، وصحح إسناده محققا زاد المعاد، 2/ 376
2 ابن السني في عمل اليوم والليلة، ص 132، برقم 71، و الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي، 3/ 475، برقم 5472، وصحح إسناده محققا زاد المعاد، 2/ 376، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود، برقم 5081، وتقدم في تخريج حديث المتن أن الإمام ابن باز : جوّد إسناده في سنن أبي داود موقوفاً في حكم الرفع
3 تفسير السعدي، ص 356
4 تفسير السعدي، ص 953
5 تقدم الكلام في الحديث رقم 71، وفيه: «وسع كرسيه السموات والأرض»: وسع بمعنى شمل، أي: أن كرسيه محيط بالسموات والأرض، وأكبر منهما؛ لأنه لولا أنه أكبر ما وسعهما شرح الواسطية ابن عثيمين، ص 171، قال ابن عباس: «الكرسي موضع قدمي اللَّه » رواه عبد اللَّه ابن الإمام أحمد في «المسند» (586)، قال الألباني في «مختصر العلو» ص 45: «إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات»، والكرسي ليس هو العرش بل العرش أكبر منه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ، إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلاَةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاَةِ عَلَى الْحَلْقَةِ » صحيح ابن حبان، 2/ 77، برقم 361، والبيهقي في «الأسماء والصفات، برقم862، وصححه الألباني في الصحيحة، برقم 109، وقال: لا يصح حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صفة العرش إلا هذا الحديث
6 كتاب التوحيد، 1/ 61
7 مجموع الفتاوى، 18/ 214
8 تفسير السعدي (5/203)
9 سورة الإسراء، الآية: 2
10 الأسنى في شرح أسماء اللَّه الحسنى، للقرطبي، 1/ 580

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب