وقال صلى الله عليه وسلم البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

861- عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «البَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» ⁽¹⁾ .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «البخيل»: أي المحروم الأجر وأصل البخل منع الشيء عن من يستحقه، قال ابن منظور: والبَخْل والبُخُول: ضِدُّ الْكَرَمِ» ⁽²⁾ ، وقال التهانوي : «البخيل هو الممتنع عن أداء الحقوق الواجبة: كالزكاة، والنفقات، وغيرها، ويقول بعضهم: البخيل هو الذي لا يعطي أحداً من ماله» ⁽³⁾ ، وقال الحافظ العراقي : «الْبُخْلَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي الْبُخْلِ بِالْمَالِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ: «الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» ⁽⁴⁾ .
2- قوله: «من ذكرت عنده»: أي: سمع اسمي فلم يصلِّ عليّ، قال الصنعاني : «(من ذكرتُ عنده): أي: ذكر اسمي عنده، قال في الإتحاف: وكذا ذكر كنيته، وصفته، وما يتعلق به من معجزاته» ⁽⁵⁾ ، وقال ابن علان : «من ذكرت عنده فلم يصل عليّ: لأنه بامتناعه من الصلاة عليه قد شحّ وامتنع من أداء حق يتعين عليه أداؤه امتثالاً للأمر؛ ولما فيه من مكافأة جزئية لمن كان سبباً في سعادته الأبدية، بل في الحقيقة إنما شح، وبخل عن نفسه، ومنعها أن يصل إليها عطاء عظيم ممن يعطي بلا حساب، ولا تنقص خزائنه بالعطاء، فبهذا الشح تفوته تلك الكنوز التي لولاه لكان يكتالها بالمكيال الأوفى، من غير أدنى مشقة، فلا أبخل من هذا» ⁽⁶⁾ .
3- قوله: «فلم يصل علي»: أي: لم يقل: عليه والصلاة والسلام، أو أي صيغة من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، قال الصنعاني : «فلم يصلِّ عليّ: لأنه بخل على نفسه؛ حيث حرمها أجر الصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم» ⁽⁵⁾ .

ما يستفاد من الحديث:

1- الحث على الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه أو كتابته حتى لا يحرم العبد من الأجور والأفضال المترتبة على ذلك صلى الله عليه وسلم.
2- عدم الصلاة والسلام عليه عند ذكره صلى الله عليه وسلم دليل على مرض قلب من لم يصل عليه، أو موته؛ لأنه بهذا لا يعلم قدره، فأنى يحشر معه ويشرب من حوضه؟ 3- من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عامدًا فهو متوعد بالشر والهوان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ» ⁽⁷⁾ .
ومعنى رغم أنف: أي: لصق بالتراب دلالة على الذل والخسارة والهوان.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ذكرت عنده فخطئ الصلاة عليَّ خطئ طريق الجنة» ⁽⁸⁾ .
4- قال ابن علان : «ذكرت عنده فلم يصل علي: أخذ منه بعض الحنفية، وابن عبد البر من المالكية، وابن بطة من الحنابلة وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر» ⁽⁹⁾ .