تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 110 من سورةالإسراء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا﴾
[ سورة الإسراء: 110]

معنى و تفسير الآية 110 من سورة الإسراء : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا


بقول تعالى لعباده: ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أي: أيهما شئتم.
أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى أي: ليس له اسم غير حسن، أي: حتى ينهى عن دعائه به، أي: اسم دعوتموه به، حصل به المقصود، والذي ينبغي أن يدعى في كل مطلوب، مما يناسب ذلك الاسم.
وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ أي: قراءتك وَلَا تُخَافِتْ بِهَا فإن في كل من الأمرين محذورًا.
أما الجهر، فإن المشركين المكذبين به إذا سمعوه سبوه، وسبوا من جاء به.
وأما المخافتة، فإنه لا يحصل المقصود لمن أراد استماعه مع الإخفاء وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ أي: بين الجهر والإخفات سَبِيلًا أي: تتوسط فيما بينهما.

تفسير البغوي : مضمون الآية 110 من سورة الإسراء


قوله عز وجل ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ) قال ابن عباس : سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات ليلة فجعل يبكي ويقول في سجوده : يا ألله يا رحمن .
فقال أبو جهل : إن محمدا ينهانا عن آلهتنا وهو يدعو إلهين! فأنزل الله تعالى هذه الآية .
ومعناه : أنهما اسمان لواحد .
( أيا ما تدعوا ) " ما " صلة معناه : أيا ما تدعوا من هذين الاسمين ومن جميع أسمائه ( فله الأسماء الحسنى )( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم : ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
وبهذا الإسناد عن محمد بن إسماعيل قال : حدثنا مسدد عن هشيم عن أبي بشر بإسناده مثله وزاد ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) أسمعهم ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن .
وقال قوم : الآية في الدعاء وهو قول عائشة رضي الله عنها والنخعي ومجاهد ومكحول : أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا طلق بن غنام حدثنا زائدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في قوله : " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قالت : أنزل ذلك في الدعاء .
وقال عبد الله بن شداد : كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : " اللهم ارزقنا مالا وولدا فيجهرون بذلك فأنزل الله هذه الآية : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي : لا ترفع صوتك بقراءتك أو بدعائك ولا تخافت بها .
والمخافتة : خفض الصوت والسكوت " وابتغ بين ذلك سبيلا " أي : بين الجهر والإخفاء .
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الخزاعي أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا محمود بن غيلان حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن أبي رباح الأنصاري عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : " مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك فقال : إني أسمعت من ناجيت فقال : ارفع قليلا وقال لعمر : مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك فقال إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال : اخفض قليلا " .

التفسير الوسيط : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا


ذكر المفسرون في سبب نزول قوله-تبارك وتعالى-: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى.. ذكروا روايات منها: ما أخرجه ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم فدعا الله-تبارك وتعالى- فقال:يا الله، يا رحمن، فقال المشركون: انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين فنزلت.
ومعنى: ادعوا، سموا، وأَوِ للتخيير.
وأَيًّا اسم شرط جازم منصوب على المفعولية بقوله: ادْعُوا والمضاف إليه محذوف، أى: أى الاسمين.
وتَدْعُوا مجزوم على أنه فعل الشرط لأيّا، وجملة فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى واقعة موقع جواب الشرط، وما مزيدة للتأكيد.
والحسنى: مؤنث الأحسن الذي هو أفعل تفضيل.
والمعنى: قل يا محمد للناس: سموا المعبود بحق بلفظ الله أو بلفظ الرحمن بأى واحد منهما سميتموه فقد أصبتم، فإنه-تبارك وتعالى- له الأسماء الأحسن من كل ما سواه، وقال- سبحانه -: فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى للمبالغة في كمال أسمائه-تبارك وتعالى- وللدلالة على أنه ما دامت أسماؤه كلها حسنة، فلفظ الله ولفظ الرحمن كذلك، كل واحد منهما حسن.
وقد ذكر الجلالان عند تفسيرهما لهذه الآية، أسماء الله الحسنى، فارجع إليها إن شئت.
وقوله- سبحانه -: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا تعليم من الله-تبارك وتعالى- لنبيه كيفية أفضل طرق القراءة في الصلاة.
فالمراد بالصلاة هنا: القراءة فيها.
والجهر بها: رفع الصوت أثناءها، والمخافتة بها:خفضه بحيث لا يسمع.
يقال: خفت الرجل بصوته إذا لم يرفعه، والكلام على حذف مضاف.
والمعنى: ولا تجهر يا محمد في قراءتك خلال الصلاة، حتى لا يسمعها المشركون فيسبوا القرآن، ولا تخافت بها، حتى لا يسمعها من يكون خلفك، بل أسلك في ذلك طريقا وسطا بين الجهر والمخافتة.
ومما يدل على أن المراد بالصلاة هنا: القراءة فيها، ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس.
قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، فأمره الله بالتوسط.
وقيل: المراد بالصلاة هنا: الدعاء.
أى: لا ترفع صوتك وأنت تدعو الله، ولا تخافت به.
وقد روى ذلك عن عائشة، فقد أخرج الشيخان عنها أنها نزلت في الدعاء.
ويبدو لنا أن التوجيهات التي بالآية الكريمة تتسع للقولين، أى: أن على المسلم أن يكون متوسطا في رفع صوته بالقراءة في الصلاة، وفي رفع صوته حال دعائه.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 110 من سورة الإسراء


يقول تعالى : قل يا محمد ، لهؤلاء المشركين المنكرين صفة الرحمة لله - عز وجل - المانعين من تسميته بالرحمن : ( ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) أي : لا فرق بين دعائكم له باسم " الله " أو باسم " الرحمن " ، فإنه ذو الأسماء الحسنى ، كما قال تعالى : ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ) إلى أن قال : ( له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) [ الحشر : 22 - 24 ] .وقد روى مكحول أن رجلا من المشركين سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في سجوده : " يا رحمن يا رحيم " ، فقال : إنه يزعم أنه يدعو واحدا ، وهو يدعو اثنين . فأنزل الله هذه الآية . وكذا روي عن ابن عباس ، رواهما ابن جرير .وقوله : ( ولا تجهر بصلاتك ) الآية ، قال الإمام أحمد :حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية وهو متوار بمكة ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) قال : كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ، وسبوا من أنزله ، ومن جاء به . قال : فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي : بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ) ولا تخافت بها ) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك ) وابتغ بين ذلك سبيلا ) .أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي بشر جعفر بن إياس به ، وكذا روى الضحاك عن ابن عباس ، وزاد : " فلما هاجر إلى المدينة ، سقط ذلك ، يفعل أي ذلك شاء " .وقال محمد بن إسحاق : حدثني داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي ، تفرقوا عنه وأبوا أن يسمعوا منه ، فكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلي ، استرق السمع دونهم فرقا منهم ، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ، ذهب خشية أذاهم فلم يستمع ، فإن خفض صوته صلى الله عليه وسلم لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا ، فأنزل الله ) ولا تجهر بصلاتك ) فيتفرقوا عنك ) ولا تخافت بها ) فلا تسمع من أراد أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم ، لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع ، فينتفع به ) وابتغ بين ذلك سبيلا )وهكذا قال عكرمة ، والحسن البصري ، وقتادة : نزلت هذه الآية في القراءة في الصلاة .وقال شعبة عن أشعث بن أبي سليم عن الأسود بن هلال ، عن ابن مسعود : لم يخافت بها من أسمع أذنيه .قال ابن جرير : حدثنا يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن سلمة بن علقمة ، عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته ، وأن عمر كان يرفع صوته ، فقيل لأبي بكر : لم تصنع هذا ؟ قال : أناجي ربي - عز وجل - وقد علم حاجتي . فقيل : أحسنت . وقيل لعمر : لم تصنع هذا ؟ قال : أطرد الشيطان ، وأوقظ الوسنان . قيل أحسنت . فلما نزلت : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) قيل لأبي بكر : ارفع شيئا ، وقيل لعمر : اخفض شيئا .وقال أشعث بن سوار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : نزلت في الدعاء . وهكذا روى الثوري ، ومالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : نزلت في الدعاء . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبو عياض ، ومكحول ، وعروة بن الزبير .وقال الثوري عن [ ابن ] عياش العامري ، عن عبد الله بن شداد قال : كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : اللهم ارزقنا إبلا وولدا . قال : فنزلت هذه الآية : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها )قول آخر : قال ابن جرير : حدثنا أبو السائب ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، نزلت هذه الآية في التشهد : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها )وبه قال حفص ، عن أشعث بن سوار ، عن محمد بن سيرين ، مثله .قول آخر : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : لا تصل مراءاة الناس ، ولا تدعها مخافة الناس . وقال الثوري ، عن منصور ، عن الحسن البصري : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : لا تحسن علانيتها وتسيء سريرتها . وكذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الحسن ، به . وهشيم ، عن عوف ، عنه به . وسعيد ، عن قتادة ، عنه كذلك .قول آخر : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) قال : أهل الكتاب يخافتون ، ثم يجهر أحدهم بالحرف فيصيح به ، ويصيحون هم به وراءه ، فنهاه أن يصيح كما يصيح هؤلاء ، وأن يخافت كما يخافت القوم ، ثم كان السبيل الذي بين ذلك ، الذي سن له جبريل من الصلاة .

تفسير الطبري : معنى الآية 110 من سورة الإسراء


يقول تعالى ذكره لنبيّه: قل يا محمد لمشركي قومك المنكرين دعاء الرحمن ( ادْعُوا اللَّهَ ) أيها القوم ( أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ) بأيّ أسمائه جلّ جلاله تدعون ربكم، فإنما تدعون واحدا، وله الأسماء الحُسنى ، وإنما قيل ذلك له صلى الله عليه وسلم، لأن المشركين فيما ذكر سمعوا النبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو ربه: يا ربنا الله، ويا ربنا الرحمن، فظنوا أنه يدعو إلهين، فأنزل الله على نبيّه عليه الصلاة والسلام هذه الآية احتجاجا لنبيّه عليهم.
ذكر الرواية بما ذكرنا: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني محمد بن كثير، عن عبد الله بن واقد، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس .
قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم ساجدا يدعو: يا رَحْمَنُ يا رَحيمُ ، فقال المشركون: هذا يزعم أنه يدعو واحدا، وهو يدعو مثنى مثنى، فأنزل الله تعالى ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ).
.
.
.
الآية.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني عيسى ؛ عن الأوزاعي، عن مكحول، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم " كان يتهجَّد بمكة ذات ليلة، يقول في سجوده: يا رَحْمَنُ يا رَحيمُ ، فسمعه رجل من المشركين، فلما أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة، يدعو الليلة الرحمن الذي باليمامة، وكان باليمامة رجل يقال له الرحمن: فنزلت ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ).
"حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ).
(2)حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( أَيًّا مَا تَدْعُوا ) بشيء من أسمائه.
حدثني موسى بن سهل، قال: ثنا محمد بن بكار البصري، قال: ثني حماد بن عيسى ؛ عن عبيد بن الطفيل الجهني، قال: ثنا ابن جريج، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن مكحول، عن عَرَّاك بن مالك، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ للهِ تسْعَةً وَتسْعينَ اسْما كُلُّهُنَّ في القُرآنِ، مَنْ أحْصَاهنّ دَخَل الجَنَّة ".
قال أبو جعفر: ولدخول " ما " في قوله ( أَيًّا مَا تَدْعُوا ) وجهان: أحدهما أن تكون صلة، كما قيل: عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ والآخر أن تكون في معنى إن: كررت لما اختلف لفظاهما، كما قيل: ما إن رأيت كالليلة ليلة.
وقوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) اختلف أهل التأويل في الصلاة، فقال بعضهم: عنى بذلك: ولا تجهر بدعائك، ولا تخافت به، ولكن بين ذلك ، وقالوا: عنى بالصلاة في هذا الموضع: الدعاء.
* ذكر من قال ذلك:حدثني يحيى بن عيسى الدامغاني، قال: ثنا ابن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قالت: في الدعاء.
حدثنا بشار، قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نزلت في الدعاء.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مثله.
حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا عباد بن العوّام، عن أشعث بن سوار، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قول الله تعالى ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كانوا يجهرون بالدعاء، فلما نزلت هذه الآية أُمروا أن لا يجهروا، ولا يخافتوا.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد، عن عمرو بن مالك البكري، عن أبي الجوزاء عن عائشة، قالت: نزلت في الدعاء.
حدثني مطر بن محمد الضبي، قال: ثنا عبد الله بن داود، قال: ثنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: الدعاء.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم الهَجري، عن أبي عياض ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: نزلت في الدعاء.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان عمن ذكره عن عطاء ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال : نزلت في الدعاء.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في الآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: في الدعاء.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، قال: نزلت في الدعاء.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) في الدعاء والمسألة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، قال: نزلت في الدعاء والمسألة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثني سفيان، قال: ثني قيس بن مسلم ، عن سعيد بن جبير في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال : في الدعاء.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن ابن عياش العامري، عن عبد الله بن شداد قال: كان أعراب إذا سلم النبيّ صلى الله عليه وسلم قالوا: اللهم ارزقنا إبلا وولدا، قال: فنزلت هذه الآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) .
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: في الدعاء.
حدثني ابن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ).
.
.
.
الآية، قال: في الدعاء والمسألة.
حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال: ثني عيسى ؛ عن الأوزاعي، عن مكحول ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: ذلك في الدعاء.
وقال آخرون: عَنَى بذلك الصلاة.
واختلف قائلو هذه المقالة في المعنى الذي عَنَى بالنهي عن الجهر به، فقال بعضهم: الذي نهى عن الجهر به منها القراءة.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبُّوا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، قال: فقال الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) فيسمع المشركون ( وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) عن أصحابك، فلا تُسْمِعهم القرآن حتى يأخذوا عنك.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي رَوْق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا جهر بالصلاة بالمسلمين بالقرآن، شقّ ذلك على المشركين إذا سمعوه، فيُؤْذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشتم والعيب به، وذلك بمكة ، فأنزل الله: يا محمد ( لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) يقول: لا تُعْلِن بالقراءة بالقرآن إعلانا شديدا يسمعه المشركون فيؤذونك، ولا تخافت بالقراءة بالقرآن: يقول: لا تخفض صوتَك حتى لا تُسْمِع أذنيك ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) يقول: اطلب بين الإعلان والجهر وبين التخافت والخفض طريقا، لا جهرا شديدا، ولا خفضا لا تُسْمِع أذنيك، فذلك القدر، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سقط هذا كله، يفعل الآن أيّ ذلك شاء.
حُدثت عن الحسين، قال : سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ).
.
.
.
الآية، هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة كان إذا صلى بأصحابه، فرفع صوته بالقراءة أسمع المشركين، فآذوه، فأمره الله أن لا يرفع صوته، فيسمع عدوّه ، ولا يخافت فلا يُسْمِع من خلفه من المسلمين، فأمره الله أن يبتغي بين ذلك سبيلا.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالقرآن، فكان المشركون إذا سمعوا صوته سبُّوا القرآن، ومن جاء به، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يخفي القرآن فما يسمعه أصحابه، فأنزل الله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) .
حدثنا محمد بن عليّ بن الحسن بن شقيق، قال: سمعت أبي، يقول: أخبرنا أبو حمزة عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع صوته وَسمع المشركون، سبُّوا القرآن، ومن جاء به، وإذا خفض لم يسمع أصحابه، قال الله ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ).
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني داود بن الحُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرّقوا، وأبَوا أن يستمعوا منه، فكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو، وهو يصلي، استرق السمع دونهم فرقا منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع، ذهب خشية أذاهم، فلم يستمع، فإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا، فأنزل الله عليه ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) فيتفرقوا عنك ( وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) فلا تُسْمِع من أراد أن يسمعها، ممن يسترق ذلك دونهم، لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع، فينتفع به، ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ).
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة القرآن في المسجد الحرام، فقالت قريش: لا تجهر بالقراءة فتؤذي آلهتنا، فنهجو ربك، فأنزل الله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ).
.
.
.
الآية.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبَّاس، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع الصوت بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، فقال الله لنبيّه ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) : أي بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسبُّوا القرآن ( وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) عن أصحابك، فلا تسمعهم ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: في القراءة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا سعيد، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في هذه الآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا رفع صوته أعجب ذلك أصحابه، وإذا سمع ذلك المشركون سبُّوه، فنزلت هذه الآية.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن سلمة، عن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: نبئت أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته، وأن عمر كان يرفع صوته، قال: فقيل لأبي بكر: لم تصنع هذا؟ فقال: أناجي ربي، وقد علم حاجتي، قيل : أحسنت، وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان، قيل: أحسنت، فلما نزلت ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) قيل لأبي بكر: ارفع شيئا، وقيل لعمر: اخفض شيئا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: يقول ناس إنها في الصلاة، ويقول آخرون إنها في الدعاء.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) وكان نبيّ الله وهو بمكة، إذا سمع المشركون صوته رموه بكلّ خبث، فأمره الله أن يغضّ من صوته، وأن يجعل صلاته بينه وبين ربه، وكان يقال: ما سمعته أذنك فليس بمخافتة.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: " كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالصلاة ، فيُرمي بالخبث، فقال: لا ترْفعْ صَوْتكَ فتُؤْذَى وَلا تُخافِتْ بِها، وَابْتَغِ بين ذلك سَبِيلا.
وقال آخرون: إنما عُنِي بذلك: ولا تجهر بالتشهد في صلاتك، ولا تخافت بها.
* ذكر من قال ذلك:حدثني أبو السائب، قال: ثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نزلت هذه الآية في التشهد ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ).
حدثني أبو السائب، قال: ثنا حفص، عن أشعث، عن ابن سيرين مثله.
وزاد فيه: وكان الأعرابيّ يجهر فيقول : التحيات لله، والصلوات لله، يرفع فيها صوته، فنزلت ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ).
وقال آخرون: بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة جِهارا، فأمر بإخفائها.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا قال في بني إسرائيل ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى يجهر بصلاته، فآذى ذلك المشركين بمكة، حتى أخفى صلاته هو وأصحابه، فلذلك قال ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) وقال في الأعراف وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ .
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تجهر بصلاتك تحسنها من إتيانها في العلانية، ولا تخافت بها: تسيئها في السريرة.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن أنه كان يقول ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) : أي لا تراء بها عَلانيَة، ولا تخفها سرًّا( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ).
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: كان الحسن يقول في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: لا تحسن علانيتها، وتسيء سريرتها.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: لا تراء بها في العلانية، ولا تخفها في السريرة.
حدثني عليّ بن الحسن الأزرقي، قال: ثنا الأشجعي، عن سفيان، عن منصور، عن الحسن ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: تحسن علانيتها، وتسيء سريرتها.
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: لا تصلّ مراءاة الناس ولا تدعها مخافة.
وقال آخرون في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) قال: السبيل بين ذلك الذي سنّ له جبرائيل من الصلاة التي عليها المسلمون.
قال: وكان أهل الكتاب يُخافتون، ثم يجهر أحدهم بالحرف، فيصيح به، ويصيحون هم به وراءه، فنهى أن يصيح كما يصيح هؤلاء، وأن يُخافت كما يُخافت القوم، ثم كان السبيل الذي بين ذلك، الذي سنّ له جبرائيل من الصلاة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، ما ذكرنا عن ابن عباس في الخبر الذي رواه أبو جعفر، عن سعيد، عن ابن عباس، لأن ذلك أصحّ الأسانيد التي رُوِي عن صحابيّ فيه قولٌ مخرَّجا، وأشبه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، وذلك أن قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) عقيب قوله ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ) وعقيب تقريع الكفار بكفرهم بالقرآن، وذلك بعدهم منه ومن الإيمان.
فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى وأشبه بقوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) أن يكون من سبب ما هو في سياقه من الكلام، ما لم يأت بمعنى يوجب صرفه عنه، أو يكون على انصرافه عنه دليل يعلم به الانصراف عما هو في سياقه.
فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: قل ادعوا الله، أو ادعوا الرحمن، أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى، ولا تجهر يا محمد بقراءتك في صلاتك ودعائك فيها ربك ومسألتك إياه، وذكرك فيها، فيؤذيك بجهرك بذلك المشركون، ولا تخافت بها فلا يسمعها أصحابك ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) ولكن التمس بين الجهر والمخافتة طريقا إلى أن تسمع أصحابك، ولا يسمعه المشركون فيؤذوك.
ولولا أن أقوال أهل التأويل مضت بما ذكرت عنهم من التأويل، وأنا لا نستجير خلافهم فيما جاء عنهم، لكان وجها يحتمله التأويل أن يقال: ولا تجهر بصلاتك التي أمرناك بالمخافتة بها، وهي صلاة النهار لأنها عجماء، لا يجهر بها، ولا تخافت بصلاتك التي أمرناك بالجهر بها، وهي صلاة الليل، فإنها يجهر بها( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) بأن تجهر بالتي أمرناك بالجهر بها، وتخافت بالتي أمرناك بالمخافتة بها، لا تجهر بجميعها، ولا تخافت بكلها، فكان ذلك وجها غير بعيد من الصحة، ولكنا لا نرى ذلك صحيحا لإجماع الحجة من أهل التأويل على خلافه.
فإن قال قائل: فأية قراءة هذه التي بين الجهر والمخافتة؟قيل: حدثني مطر بن محمد، قال: ثنا قتيبة، ووهب بن جرير، قالا ثنا شعبة، عن الأشعث بن سليم، عن الأسود بن هلال، قال: قال عبد الله: لم يخافت من أسمع أذنيه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن الأشعث، عن الأسود بن هلال، عن عبد الله، مثله.

قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا

سورة : الإسراء - الأية : ( 110 )  - الجزء : ( 15 )  -  الصفحة: ( 293 ) - عدد الأيات : ( 111 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون
  2. تفسير: ونبئهم عن ضيف إبراهيم
  3. تفسير: هذا يوم لا ينطقون
  4. تفسير: أتبنون بكل ريع آية تعبثون
  5. تفسير: وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين
  6. تفسير: إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما
  7. تفسير: ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون
  8. تفسير: الذي خلقك فسواك فعدلك
  9. تفسير: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين
  10. تفسير: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم

تحميل سورة الإسراء mp3 :

سورة الإسراء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الإسراء

سورة الإسراء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الإسراء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الإسراء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الإسراء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الإسراء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الإسراء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الإسراء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الإسراء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الإسراء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الإسراء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب