تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله ..
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾
[ سورة العنكبوت: 3]
معنى و تفسير الآية 3 من سورة العنكبوت : ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله
يخبر تعالى عن [تمام] حكمته وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال " إنه مؤمن " وادعى لنفسه الإيمان، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن، ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه، فإنهم لو كان الأمر كذلك، لم يتميز الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل، ولكن سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة، أن يبتليهم بالسراء والضراء، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، والغنى والفقر، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن، التي ترجع كلها إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، والشهوات المعارضة للإرادة، فمن كان عند ورود الشبهات يثبت إيمانه ولا يتزلزل، ويدفعها بما معه من الحق وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية إلى المعاصي والذنوب، أو الصارفة عن ما أمر اللّه به ورسوله، يعمل بمقتضى الإيمان، ويجاهد شهوته، دل ذلك على صدق إيمانه وصحته.ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا، وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات، دلَّ ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه.والناس في هذا المقام درجات لا يحصيها إلا اللّه، فمستقل ومستكثر، فنسأل اللّه تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يثبت قلوبنا على دينه، فالابتلاء والامتحان للنفوس بمنزلة الكير، يخرج خبثها وطيبها.
تفسير البغوي : مضمون الآية 3 من سورة العنكبوت
( ولقد فتنا الذين من قبلهم ) يعني الأنبياء والمؤمنين ، فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من قتل ، وابتلي بنو إسرائيل بفرعون فكان يسومهم سوء العذاب ( فليعلمن الله الذين صدقوا ) في قولهم آمنا ( وليعلمن الكاذبين ) والله أعلم بهم قبل الاختبار . ومعنى الآية : فليظهرن الله الصادقين من الكاذبين حتى يوجد معلومه . وقال مقاتل : فليرين الله . وقيل: ليميزن الله كقوله : " ليميز الله الخبيث من الطيب " ( الأنفال - 38 ) .
التفسير الوسيط : ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله
وقوله- سبحانه -: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ مؤكد لما قبله من أن ظن الناس أن يتركوا بدون ابتلاء، لقولهم آمنا، هذا الظن في غير محله، لأن سنة الله قد اقتضت أن يدفع الناس بعضهم ببعض، وأن يجعل الكافرين يتصارعون مع المؤمنين، إلا أن العاقبة في النهاية للمؤمنين.والمقصود بقوله-تبارك وتعالى-: فَلَيَعْلَمَنَّ.. إظهار علمه- سبحانه -، أو المجازاة على الأعمال.أى: ولقد فتنا الذين من قبل هؤلاء المؤمنين من أصحابك- أيها الرسول الكريم-، فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ... أى فليظهرن الله-تبارك وتعالى- في عالم الواقع حال الذين صدقوا في إيمانهم، من حال الكاذبين منهم، حتى ينكشف للناس ما هو غائب عن علمهم.أو المعنى: ولقد فتنا الذين من قبلهم من المؤمنين السابقين، كأتباع نوح وهود وصالح وغيرهم، فليجزين الذين صدقوا في إيمانهم بما يستحقون من ثواب، وليجزين الكاذبين بما يستحقون من عقاب، ولترتب المجازاة على العلم، أقيم السبب مقام المسبب.قال الإمام ابن جرير: قوله: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ... أى: فليعلمن الله الذين صدقوا منهم في قولهم آمنا، وليعلمن الكاذبين منهم في قولهم ذلك، والله عالم بذلك منهم، قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: وليظهرن الله صدق الصادق منهم في قوله آمنا بالله، من كذب الكاذب منهم ...وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين، عذبهم المشركون، ففتن بعضهم، وصبر بعضهم على أذاهم، حتى أتاهم الله بفرج من عنده» .وفي معنى هاتين الآيتين وردت آيات كثيرة منها قوله-تبارك وتعالى-: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَوقوله- تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً.. .وقوله- سبحانه -: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ .وقد ساق الإمام القرطبي عند تفسيره لهاتين الآيتين من سورة العنكبوت عددا من الأحاديث النبوية، منها قوله: روى البخاري عن خباب بن الأرت قالوا: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟فقال: «قد كان من قبلكم يؤخذ فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد لحمه وعظمه، فما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» .والخلاصة، أن المقصود من الآيتين تنبيه الناس في كل زمان ومكان، إلى أن ظن بعض الناس بأن الإيمان يتعارض مع الابتلاء بالبأساء والضراء، ظن خاطئ، وإلى أن هذا الابتلاء سنة ماضية في السابقين وفي اللاحقين إلى يوم القيامة.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 3 من سورة العنكبوت
{ ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } أي: الذين صدقوا في دعواهم الإيمان ممن هو كاذب في قوله ودعواه . والله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون . وهذا مجمع عليه عند أئمة السنة والجماعة ; ولهذا يقول ابن عباس وغيره في مثل : { إلا لنعلم } [ البقرة : 143 ] : إلا لنرى ; وذلك أن الرؤية إنما تتعلق بالموجود ، والعلم أعم من الرؤية ، فإنه [ يتعلق ] بالمعدوم والموجود .
تفسير الطبري : معنى الآية 3 من سورة العنكبوت
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ( 3 )يقول تعالى ذكره: ولقد اختبرنا الذين من قبلهم من الأمم، ممن أرسلنا إليهم رسلنا، فقالوا مثل ما قالته أمتك يا محمد بأعدائهم، وتمكيننا إياهم من أذاهم، كموسى إذا أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتليناهم بفرعون وملئهم، وكعيسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتلينا من اتبعه بمن تولى عنه، فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك ( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ) منهم في قيلهم آمنا( وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) منهم في قيلهم ذلك، والله عالم بذلك منهم قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: ولَيُظْهِرَنَّ الله صدق الصادق منهم في قيله آمنا بالله من كذب الكاذب منهم بابتلائه إياه بعدوّه، ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه، على نحو ما قد بيَّناه فيما مضى قبلُ.وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين عذّبهم المشركون، ففتن بعضهم، وصبر بعضهم على أذاهم حتى أتاهم الله بفرج من عنده.* ذكر الرواية بذلك:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول: نزلت، يعني هذه الآية الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا . .. إلى قوله: ( وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) في عمَّار بن ياسر، إذ كان يعذّب في الله.وقال آخرون: بل نزل ذلك من أجل قوم كانوا قد أظهروا الإسلام بمكة، وتخلفوا عن الهجرة، والفتنة التي فتن بها هؤلاء القوم على مقالة هؤلاء، هي الهجرة التي امتحنوا بها.ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن مطر، عن الشعبيِّ، قال: إنها نزلت، يعني الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا الآيتين في أناس كانوا بمكة أقرّوا بالإسلام، فكتب إليهم أصحاب محمد نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم من المدينة: إنه لا يقبل منكم إقرارًا بالإسلام حتى تهاجروا، فخرجوا عامدين إلى المدينة، فاتبعهم المشركون، فردّوهم، فنزلت فيهم هذه الآية، فكتبوا إليهم: إنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا: نخرج، فإن اتبعنا أحد قاتلناه، قال: فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم ثَمَّ، فمنهم من قتل، ومنهم من نجا، فأنزله الله فيهم ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( وَلَقَدْ فَتَنَّا ) قال: ابتلينا.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) قال: ابتلينا الذين من قبلهم.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد، مثله.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله:
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين
- تفسير: فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي
- تفسير: عما كانوا يعملون
- تفسير: يطوفون بينها وبين حميم آن
- تفسير: قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون
- تفسير: والكتاب المبين
- تفسير: أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين
- تفسير: والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم
- تفسير: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن
- تفسير: وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون
تحميل سورة العنكبوت mp3 :
سورة العنكبوت mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة العنكبوت
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب