تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 44 من سورةهود - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
[ سورة هود: 44]

معنى و تفسير الآية 44 من سورة هود : وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض


فلما أغرقهم الله ونجى نوحا ومن معه وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ الذي خرج منك، والذي نزل إليك، أي: ابلعي الماء الذي على وجهك وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي فامتثلتا لأمر الله، فابتلعت الأرض ماءها, وأقلعت السماء، فنضب الماء من الأرض، وَقُضِيَ الْأَمْرُ بهلاك المكذبين ونجاة المؤمنين.
وَاسْتَوَتْ السفينة عَلَى الْجُودِيِّ أي: أرست على ذلك الجبل المعروف في أرض الموصل.
وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: أتبعوا بعد هلاكهم لعنة وبعدا, وسحقا لا يزال معهم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 44 من سورة هود


( وقيل ) يعني : بعدما تناهى أمر الطوفان : ( يا أرض ابلعي ) تشربي ، ( ماءك ويا سماء أقلعي ) أمسكي ، ( وغيض الماء ) نقص ونضب ، يقال : غاض الماء يغيض غيضا إذا نقص ، وغاضه الله أي أنقصه ، ( وقضي الأمر ) فرغ من الأمر وهو هلاك القوم ( واستوت ) يعني : السفينة استقرت ، ( على الجودي ) جبل بالجزيرة بقرب الموصل ، ( وقيل بعدا ) هلاكا ، ( للقوم الظالمين ) .
وروي أن نوحا عليه السلام بعث الغراب ليأتيه بخبر الأرض فوقع على جيفة فلم يرجع فبعث الحمامة فجاءت بورق زيتون في منقارها ولطخت رجليها بالطين ، فعلم نوح أن الماء قد نضب ، فقيل إنه دعا على الغراب بالخوف فلذلك لا يألف البيوت ، وطوق الحمامة الخضرة التي في عنقها ودعا لها بالأمان ، فمن ثم تأمن وتألف البيوت .
وروي أن نوحا عليه السلام ركب السفينة لعشر مضت من رجب وجرت بهم السفينة ستة أشهر ، ومرت بالبيت فطافت به سبعا وقد رفعه الله من الغرق وبقي موضعه ، وهبطوا يوم عاشوراء ، فصام نوح ، وأمر جميع من معه بالصوم شكرا لله عز وجل .
وقيل: ما نجا من الكفار من الغرق غير عوج بن عنق كان الماء إلى حجزته ، وكان سبب نجاته أن نوحا احتاج إلى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقله فحمله عوج إليه من الشام ، فنجاه الله تعالى من الغرق لذلك .

التفسير الوسيط : وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض


وبعد أن غرق الكافرون، ونجا نوح ومن معه من المؤمنين، وجه الله-تبارك وتعالى- أمره إلى الأرض وإلى السماء.. فقال: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ، وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ، وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
أى: وبعد أن أدى الطوفان وظيفته فأغرق بأمر الله-تبارك وتعالى- الكافرين، قال الله-تبارك وتعالى- للأرض: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ.
أى: اشربى أيتها الأرض ما على وجهك من ماء، وابتلعيه بسرعة في باطنك كما يبتلع الإنسان طعامه في بطنه بدون استقرار في الفم.
وقال- سبحانه - للسماء وَيا سَماءُ أَقْلِعِي أى: أمسكى عن إرسال المطر يقال:أقلع فلان عن فعله إقلاعا، إذا كف عنه وترك فعله.
ويقال: أقلعت الحمى عن فلان، إذا تركته.
فامتثلتا- أى الأرض والسماء- لأمر الله-تبارك وتعالى- في الحال، فهو القائل وقوله الحق:إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .
وقوله وَغِيضَ الْماءُ أى: نقص ونضب.
يقال: غاض الماء يغيض، إذا قل ونقص.
والمراد به هنا: الماء الذي نشأ عن الطرفان.
وقوله: وَقُضِيَ الْأَمْرُ أى: تم ونفذ ما وعد الله-تبارك وتعالى- به نبيه نوحا- عليه السلام- من إهلاكه للقوم الظالمين.
والضمير في قوله: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ للسفينة، والجودي، جيل بشمال العراق بالقرب من مدينة الموصل.
وقيل هو جبل بالشام.
أى: واستقرت السفينة التي تحمل نوحا والمؤمنين بدعوته، على الجبل المعروف بهذا الاسم، بعد أن أهلك الله أعداءهم.
قال ابن كثير ما ملخصه: وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم، فقد روى الإمام أحمد عن أبى هريرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود، وقد صاموا يوم عاشوراء، فقال لهم: ما هذا الصوم؟ قالوا، هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبنى إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون.
وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي.
فصامه نوح وموسى- عليه السلام- شكرا لله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم «أنا أحق بموسى، وأحق بصوم هذا اليوم» .
فصامه، وقال لأصحابه: من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه، ومن كان قد أصاب من غذاء أهله، فليتم بقية يومه» .
ثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة بقوله: وقيل بعدا للقوم الظالمين.
أى: هلاكا وسحقا وطردا من رحمة الله-تبارك وتعالى- للقوم الذين ظلموا أنفسهم بإيثارهم الكفر على الإيمان، والضلالة على الهداية.
قال الجمل: وبُعْداً مصدر بعد- بكسر العين-، يقال بعد بعدا- بضم فسكون- وبعدا- بفتحتين- إذا بعد بعدا بعيدا بحيث لا يرجى عوده، ثم استعير للهلاك، وخص بدعاء السوء، وهو منصوب على المصدر بفعل مقدر.
أى: وقيل بعدا بعدا ...
» .
هذا وقد تكلم بعض العلماء عن أوجه البلاغة والفصاحة في هذه الآية كلاما طويلا، نكتفي بذكر جانب مما قاله في ذلك الشيخ القاسمى في تفسيره.
قال- رحمه الله- ما ملخصه: «هذه الآية بلغت من أسرار الإعجاز غايتها، وحوت من بدائع الفوائد نهايتها.
وقد اهتم علماء البيان بإبراز ذلك، ومن أوسعهم مجالا في مضمار معارفها الإمام «السكاكي» فقد أطال وأطنب في كتابه «المفتاح» في الحديث عنها.
فقد قال- عليه الرحمة- في بحث البلاغة والفصاحة:وإذ قد وقفت على البلاغة، وعثرت على الفصاحة، فأذكر لك على سبيل الأنموذج، آية أكشف لك فيها من وجوههما ما عسى أن يكون مستورا عنك، وهذه الآية هي قوله-تبارك وتعالى- وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي، وَغِيضَ الْماءُ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ....والنظر في هذه الآية من أربع جهات: من جهة علم البيان، ومن جهة علم المعاني، ومن جهة الفصاحة المعنوية، ومن جهة الفصاحة اللفظية.
أما النظر فيها من جهة علم البيان.. فتقول: إنه- عز سلطانه- لما أراد أن يبين معنى هو: أردنا أن نرد ما انفجر من الأرض إلى بطنها فارتد، وأن نقطع طوفان السماء فانقطع، وأن نغيض الماء النازل من السماء فغاض لما أراد ذلك: بنى الكلام على التشبيه، بأن شبه الأرض والسماء بالمأمور الذي لا يتأتى منه أن يعصى أمره.. وكأنهما عقلاء مميزون فقال:يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي ...
ثم قال: ماءَكِ بإضافة الماء إلى الأرض على سبيل المجاز، تشبيها لاتصال الماء بالأرض، باتصال الملك بالمالك.
ثم اختار لاحتباس المطر لفظ الإقلاع الذي هو ترك الفاعل للفعل.
وأما النظر فيها من حيث علم المعاني ...
فذلك أنه اختير يا دون سائر أخواتها، لكونها أكثر في الاستعمال ...
واختير لفظ «ابلعي» على «ابتلعى» لكونه أخصر.
ثم أطلق الظلم ليتناول كل نوع منه، حتى يدخل فيه ظلمهم لأنفسهم.
وأما النظر فيها من جانب الفصاحة المعنوية فهي كما ترى.
نظم للمعاني لطيف، وتأدية لها ملخصة مبينة، لا تعقيد يعثر الفكر في طلب المراد، ولا التواء يشيك الطريق إلى المرتاد، بل إذا جربت نفسك عند استماعها، وجدت ألفاظها تسابق معانيها، ومعانيها تسابق ألفاظها، فما من لفظة في تركيب الآية ونظمها تسبق إلى أذنك، إلا ومعناها أسبق إلى قلبك.
وأما النظر فيها من جانب الفصاحة اللفظية: فألفاظها على ما ترى عربية، مستعملة جارية على قوانين اللغة، سليمة من التنافر، بعيدة عن البشاعة.
ولا تظن الآية مقصورة على ما ذكرت، فلعل ما تركت أكثر مما ذكرت .
ثم ختم- سبحانه - قصة نوح مع قومه في هذه السورة، بتلك الضراعة التي تضرع بها نوح- عليه السلام- بشأن ولده، وبذلك الرد الحكيم الذي رد به الخالق- عز وجل - على نوح- عليه السلام، وبتعقيب على القصة يدل على وحدانية الله-تبارك وتعالى-، وعلى صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه قال-تبارك وتعالى-:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 44 من سورة هود


يخبر تعالى أنه لما غرق أهل الأرض إلا أصحاب السفينة ، أمر الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها ، وأمر السماء أن تقلع عن المطر ، ( وغيض الماء ) أي : شرع في النقص ، ( وقضي الأمر ) أي : فرغ من أهل الأرض قاطبة ، ممن كفر بالله ، لم يبق منهم ديار ، ( واستوت ) السفينة بمن فيها ( على الجودي ) قال مجاهد : وهو جبل بالجزيرة ، تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت ، وتواضع هو لله عز وجل ، فلم يغرق ، وأرست عليه سفينة نوح عليه السلام .وقال قتادة : استوت عليه شهرا حتى نزلوا منها ، قال قتادة : قد أبقى الله سفينة نوح ، عليه السلام ، على الجودي من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى رآها أوائل هذه الأمة ، وكم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت ، وصارت رمادا .وقال الضحاك : الجودي : جبل بالموصل : وقال بعضهم : هو الطور .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن رافع ، حدثنا محمد بن عبيد ، عن توبة بن سالم قال : رأيت زر بن حبيش يصلي في الزاوية حين يدخل من أبواب كندة على يمينك فسألته إنك لكثير الصلاة هاهنا يوم الجمعة ! قال : بلغني أن سفينة نوح أرست من هاهنا .وقال علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم ، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسين يوما ، وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما ، ثم وجهها الله إلى الجودي فاستقرت عليه ، فبعث نوح الغراب ليأتيه بخبر الأرض ، فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ، ولطخت رجليها بالطين ، فعرف نوح ، عليه السلام ، أن الماء قد نضب ، فهبط إلى أسفل الجودي ، فابتنى قرية وسماها ثمانين ، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة ، إحداها اللسان العربي . فكان بعضهم لا يفقه كلام بعض ، وكان نوح عليه السلام يعبر عنهم .وقال كعب الأحبار : إن السفينة طافت ما بين المشرق والمغرب قبل أن تستقر على الجودي .وقال قتادة وغيره : ركبوا في عاشر شهر رجب فساروا مائة وخمسين واستقرت بهم على الجودي شهرا ، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم . وقد ورد نحو هذا في حديث مرفوع رواه ابن جرير . وأنهم صاموا يومهم ذاك ، فالله أعلم .وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو جعفر ، حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي ، عن أبيه حبيب بن عبد الله ، عن شبيل ، عن أبي هريرة قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأناس من اليهود ، وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : ما هذا الصوم ؟ قالوا : هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق ، وغرق فيه فرعون ، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي ، فصامه نوح وموسى ، عليهما السلام ، شكرا لله عز وجل . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بموسى ، وأحق بصوم هذا اليوم " . فصام ، وقال لأصحابه : " من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه ، ومن كان أصاب من غداء أهله ، فليتم بقية يومه "وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، ولبعضه شاهد في الصحيح .وقوله : ( وقيل بعدا للقوم الظالمين ) أي : هلاكا وخسارا لهم وبعدا من رحمة الله ، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم ، فلم يبق لهم بقية .وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير والحبر أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيريهما من حديث موسى بن يعقوب الزمعي ، عن قائد مولى عبيد الله بن أبي رافع ، أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره : أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو رحم الله من قوم نوح أحدا لرحم أم الصبي " قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " كان نوح - عليه السلام - مكث في قومه ألف سنة [ إلا خمسين عاما ] ، يعني وغرس مائة سنة الشجر ، فعظمت وذهبت كل مذهب ، ثم قطعها ، ثم جعلها سفينة ويمرون عليه ويسخرون منه ويقولون : تعمل سفينة في البر ، فكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون . فلما فرغ ونبع الماء ، وصار في السكك خشيت أم الصبي عليه ، وكانت تحبه حبا شديدا ، فخرجت إلى الجبل ، حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء [ ارتفعت حتى بلغت ثلثيه ، فلما بلغها الماء ] خرجت به حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ رقبتها رفعته بيديها فغرقا فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي " .وهذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روى عن كعب الأحبار ومجاهد بن جبير قصة هذا الصبي وأمه بنحو من هذا.

تفسير الطبري : معنى الآية 44 من سورة هود


القول في تأويل قوله تعالى : وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: وقال الله للأرض بعد ما تناهَى أمرُه في هلاك قوم نوح بما أهلكهم به من الغرق: (يا أرض ابلعي ماءك)، أي: تشرَّبي.
* * *، من قول القائل: " بَلِعَ فلان كذا يَبْلَعُه، أو بَلَعَه يَبْلَعُه " ، إذا ازدَردَه.
(38)* * *، (ويا سماء أقلعي) ، يقول: أقلعي عن المطر، أمسكي ، (وغيض الماء) ، ذهبت به الأرض ونَشِفته، (وقضي الأمر) ، يقول: قُضِي أمر الله، فمضى بهلاك قوم نوح (39) ، (واستوت على الجوديّ) ، يعني الفلك ، " استوت ": أرست ، " على الجودي" ، وهو جبل ، فيما ذكر بناحية الموصل أو الجزيرة، ، (وقيل بعدًا للقوم الظالمين)، يقول: قال الله: أبعد الله القوم الظالمين الذين كفروا بالله من قوم نوح.
(40)* * *18187- حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال ، حدثنا المحاربي، عن عثمان بن مطر، عن عبد العزيز بن عبد الغفور ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في أول يوم من رجب ركب نوح السفينة ، فصام هو وجميع من معه، وجرت بهم السفينة ستةَ أشهر، فانتهى ذلك إلى المحرم، فأرست السفينة على الجوديّ يوم عاشوراء، فصام نوح ، وأمر جميع من معه من الوحش والدوابّ فصامُوا شكرًا لله .
(41)18188- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: كانت السفينة أعلاها للطير، ووسطها للناس، وفي أسفلها السباع، وكان طولها في السماء ثلاثين ذراعًا، ودفعت من عَين وردة يوم الجمعة لعشر ليالٍ مضين من رجب، وأرست على الجوديّ يوم عاشوراء، ومرت بالبيت فطافت به سبعًا، وقد رفعه الله من الغرق، ثم جاءت اليمن، ثم رجعت.
(42)18189- حدثنا القاسم، قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن قتادة، قال: هبط نوح من السفينة يوم العاشر من المحرم، فقال لمن معه: من كان منكم اليوم صائما فليتم صومه، ومن كان مفطرًا فليصم.
(43)18190- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس قال: [ما] كان زَمَن نوحٍ شبر من الأرض ، إلا إنسانٌ يَدَّعيه.
(44)18191- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أنَّها ، يعني الفُلك ، استقلَّت بهم في عشر خلون من وجب، وكانت في الماء خمسين ومائة يوم، واستقرت على الجودي شهرًا، وأهبط بهم في عشر [خَلَوْن] من المحرم يوم عاشوراء .
(45)* * *وبنحو ما قلنا في تأويل قوله: (وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي) ، قال أهل التأويل.
* * *ذكر من قال ذلك:18192- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وغيض الماء) ، قال: نقص ، (وقضي الأمر)، قال: هلاك قوم نوح18193- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
-18194 حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
قال: قال ابن جريج (وغيض الماء) ، نَشِفَتهُ الأرض.
(46)18195- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يا سماء أقلعي) ، يقول: أمسكي (وغيض الماء) ، يقول: ذهب الماء.
18196- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وغيض الماء) ، والغُيوض ذهاب الماء ، (واستوت على الجودي).
18197- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستوت على الجودي) ، قال: جبل بالجزيرة، تشامخت الجبال من الغَرَق، وتواضع هو لله فلم يغرق، فأرسيتْ عليه.
18198- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستوت على الجودي) ، قال: الجودي جبل بالجزيرة، تشامخت الجبال يومئذ من الغَرَق وتطاولت، وتواضع هو لله فلم يغرق، وأرسيت سفينة نوح عليه18199- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
18200- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (واستوت على الجودي) ، يقول: على الجبل ؛ واسمه " الجودي"18201- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان: (واستوت على الجودي) ، قال: جبل بالجزيرة ، شمخت الجبال، وتواضعَ حين أرادت أن ترفأ عليه سفينة نوح.
(47)18202- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (واستوت على الجودي) ، أبقاها الله لنا بوادي أرض الجزيرة عبرة وآية.
18203- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: (واستوت على الجودي) ، هو جبل بالموصل.
18204- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن نوحًا بعث الغراب لينظر إلى الماء، فوجد جيفة فوقع عليها، فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون، فأعْطيت الطوقَ الذي في عنقها، وخضابَ رجليها.
18205- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لما أراد الله أن يكفّ ذلك ، يعني الطوفان ، أرسل ريحًا على وجه الأرض، فسكن الماء، واستدَّت ينابيع الأرضِ الغمرَ الأكبر، وَأبوابُ السماء .
(48) يقول الله تعالى: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي)، إلى: (بعدًا للقوم الظالمين) ، فجعل ينقص ويغيض ويُدبر.
وكان استواء الفلك على الجودي ، فيما يزعم أهل التوراة، في الشهر السابع لسبع عشرة ليلة مضت منه، في أول يوم من الشهر العاشر، رئي رءوس الجبال.
فلما مضى بعد ذلك أربعون يومًا ، فتح نوح كُوَّة الفلك التي صنع فيها، ثم أرسلَ الغراب لينظر له ما فعل الماءُ، فلم يرجع إليه.
فأرسل الحمامةَ، فرجعت إليه، ولم يجد لرجليها موضعًا، فبسط يده للحمامة، فأخذها .
ثم مكث سبعة أيام، ثم أرسلها لتنظر له، فرجعت حين أمست ، وفي فيها ورَق زيتونة، فعلم نوح أن الماء قد قلَّ عن وجه الأرض.
ثم مكث سبعة أيام، ثم أرسلها فلم ترجع، فعلم نوح أن الأرض قد برَزَت، فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ، ودخل يوم واحد من الشهر الأوّل من سنة اثنتين ، برز وجه الأرض، فظهر اليبس، وكشف نوح غطاء الفلك، ورأى وجه الأرض.
وفي الشهر الثاني من سنة اثنتين في سبع وعشرين ليلة منه قيل لنوح: اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ .
18206- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: تزعُم أناسٌ أن من غرق من الولدان مع آبائهم، وليس كذلك، إنما الولدان بمنزلة الطير وسائر من أغرق الله بغير ذنب، ولكن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم، والمدرِكون من الرجال والنساء كان الغرق عقوبة من الله لهم في الدنيا ، ثم مصيرهم إلى النار.
------------------------الهوامش :(38) الذي في المعاجم " بلع " ( بفتح فكسر ) ، أما " بلع " ( بفتحتين ) ، فقد ذكرها ابن القطاع في كتاب الأفعال 1 : 85 وفرق بينهما وقال : " بَلِعَ الطعام بَلْعًا ، وبَلَعَ الماء والربق بَلْعًا " ، وذكر أيضا ابن القوطية في كتاب الأفعال : 281 ، مثل ذلك .
(39) انظر تفسير " قضى " فيما سلف من فهارس اللغة ( قضى ) .
(40) انظر تفسير " استوى " فيما سلف ص : 18 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(41) الأثر : 18187 - " عباد بن يعقوب الأسدي " ، شيخ الطبري ، ثقة في الحديث ، شيعي الرأي ، مضى برقم : 5475 .
" والمحاربي " ، هو " عبد الرحمن بن محمد المحاربي " ، ثقة ، من شيوخ أحمد ، مضى مرارًا .
" وعثمان بن مطر الشيباني " ، ضعيف منكر الحديث ، متروك .
مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 169 .
وأما "عبد العزيز بن عبد الغفور " ، فهذا اسم مقلوب ، وإنما هو " عبد الغفور بن عبد العزيز " ويقال : " عبد الغفار بن عبد العزيز " ويروى عنه " عثمان بن مطر ".
وهو كذاب خبيث كان يضع الحديث ، ومضى برقم : 14776 .
ولكن العجب أن أبا جعفر رواه في تاريخه مقلوبًا أيضًا .
وأبوه " عبد العزيز الشامي " ، لم أجد له ذكرًا ، كما أسلفت في رقم : 14776 ، وأخشى أن يكون هذا الإسناد : " عن أبيه ، عن أبيه " ، كما سلف .
وهذا خبر هالك من نواحيه جميعًا ، ووقع فيه الخلط في اسم " عبد الغفور " جزاء ما خلط في أحاديثه ومناكيره .
ورواه أبو جعفر في تاريخه أيضًا 1 : 96 .
(42) الأثر : 18188 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 96 .
(43) الأثر : 18189 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 96 .
(44) الأثر : 18190 - كان في المخطوطة : " قال: كان زمن نوح شبر عن الأرض لإنسان يدعيه " ، وكان في المطبوعة:" كان في زمن نوح شبر عن الأرض لا إنسان يدعيه" فزاد ، وأساء القراءة ، وأفسد الكلام .
والصواب من تاريخ الطبري 1 : 96 .
وقوله : " إلا إنسان يدعيه " ، أي : يدعى أن الماء لم يعم الأرض كلها .
(45) الأثر : 18191 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 96 ، والزيادة بين القوسين منه .
(46) " نشفت الأرض الماء ، نشفًا " ( بفتح النون وكسر الشين ، في الفعل) ، شربته .
(47) " رفأ السفينة يرفؤها " ، أدناها من الشط ، فعل متعد ، و" أرفأت السفينة نفسها " ، لازم ، ولكن هكذا جاء في المخطوطة " أرادت أن ترفأ " ، وعندي أنه جائز أن يقال : " رفأت السفينة نفسها " ، لازما .
(48) هكذا في المخطوطة والمطبوعة : " الغمر الأكبر " ، وأنا أرجح أنه خطأ محض ، وأن الصواب : " الغوط الأكبر " ، وبهذا اللفظ رواه صاحب اللسان في مادة ( غوط ) .
وقد سبق تفسير " الغوط الأكبر" في الأثر رقم : 18138 ص : 315 ، تعليق : 2 .

وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين

سورة : هود - الأية : ( 44 )  - الجزء : ( 12 )  -  الصفحة: ( 226 ) - عدد الأيات : ( 123 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: أمن خلق السموات والأرض وأنـزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما
  2. تفسير: إذا زلزلت الأرض زلزالها
  3. تفسير: الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق
  4. تفسير: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم
  5. تفسير: قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين
  6. تفسير: فبأي آلاء ربكما تكذبان
  7. تفسير: أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر
  8. تفسير: كل نفس بما كسبت رهينة
  9. تفسير: نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر
  10. تفسير: ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا

تحميل سورة هود mp3 :

سورة هود mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة هود

سورة هود بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة هود بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة هود بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة هود بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة هود بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة هود بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة هود بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة هود بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة هود بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة هود بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب