تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ هود: 44] .
﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
[ سورة هود: 44]
القول في تفسير قوله تعالى : وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء
وقال الله للأرض -بعد هلاك قوم نوح -: يا أرض اشربي ماءك، ويا سماء أمسكي عن المطر، ونقص الماء ونضب، وقُضي أمر الله بهلاك قوم نوح، ورست السفينة على جبل الجوديِّ، وقيل: هلاكًا وبعدًا للقوم الظالمين الذين تجاوزوا حدود الله، ولم يؤمنوا به.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
وقال الله للأرض بعد نهاية الطوفان: يا أرض، اشربي ما عليك من ماء الطوفان، وقال للسماء: يا سماء أمسكي ولا ترسلي المطر، ونَقَصَ الماء حتى جفت الأرض، وأهلك الله الكافرين، ووقفت السفينة على جبل الجودي، وقيل: بُعْدًا وهلاكًا للقوم المتجاوزين لحدود الله بالكفر.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 44
«وقيل يا أرض ابلعي ماءك» الذي نبع منك فشربته دون ما نزل من السماء فصار أنهارا وبحارا «ويا سماء أقلعي» أمسكي عن المطر فأمسكت «وغيض» نقص «الماء وقضي الأمر» تم أمر هلاك قوم نوح «واستوت» وقفت السفينة «على الجودِي» جبل بالجزيرة بقرب الموصل «وقيل بُعدا» هلاكا «للقوم الظالمين» الكافرين.
تفسير السعدي : وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء
فلما أغرقهم الله ونجى نوحا ومن معه { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ } الذي خرج منك، والذي نزل إليك،- أي: ابلعي الماء الذي على وجهك { وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي } فامتثلتا لأمر الله، فابتلعت الأرض ماءها, وأقلعت السماء، فنضب الماء من الأرض، { وَقُضِيَ الْأَمْرُ } بهلاك المكذبين ونجاة المؤمنين.{ وَاسْتَوَتْ } السفينة { عَلَى الْجُودِيِّ }- أي: أرست على ذلك الجبل المعروف في أرض الموصل.{ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }- أي: أتبعوا بعد هلاكهم لعنة وبعدا, وسحقا لا يزال معهم.
تفسير البغوي : مضمون الآية 44 من سورة هود
( وقيل ) يعني : بعدما تناهى أمر الطوفان : ( يا أرض ابلعي ) تشربي ، ( ماءك ويا سماء أقلعي ) أمسكي ، ( وغيض الماء ) نقص ونضب ، يقال : غاض الماء يغيض غيضا إذا نقص ، وغاضه الله أي أنقصه ، ( وقضي الأمر ) فرغ من الأمر وهو هلاك القوم ( واستوت ) يعني : السفينة استقرت ، ( على الجودي ) جبل بالجزيرة بقرب الموصل ، ( وقيل بعدا ) هلاكا ، ( للقوم الظالمين ) .وروي أن نوحا عليه السلام بعث الغراب ليأتيه بخبر الأرض فوقع على جيفة فلم يرجع فبعث الحمامة فجاءت بورق زيتون في منقارها ولطخت رجليها بالطين ، فعلم نوح أن الماء قد نضب ، فقيل إنه دعا على الغراب بالخوف فلذلك لا يألف البيوت ، وطوق الحمامة الخضرة التي في عنقها ودعا لها بالأمان ، فمن ثم تأمن وتألف البيوت .وروي أن نوحا عليه السلام ركب السفينة لعشر مضت من رجب وجرت بهم السفينة ستة أشهر ، ومرت بالبيت فطافت به سبعا وقد رفعه الله من الغرق وبقي موضعه ، وهبطوا يوم عاشوراء ، فصام نوح ، وأمر جميع من معه بالصوم شكرا لله عز وجل . وقيل: ما نجا من الكفار من الغرق غير عوج بن عنق كان الماء إلى حجزته ، وكان سبب نجاته أن نوحا احتاج إلى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقله فحمله عوج إليه من الشام ، فنجاه الله تعالى من الغرق لذلك .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
وبعد أن غرق الكافرون، ونجا نوح ومن معه من المؤمنين، وجه الله-تبارك وتعالى- أمره إلى الأرض وإلى السماء.. فقال: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ، وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ، وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.أى: وبعد أن أدى الطوفان وظيفته فأغرق بأمر الله-تبارك وتعالى- الكافرين، قال الله-تبارك وتعالى- للأرض: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ.أى: اشربى أيتها الأرض ما على وجهك من ماء، وابتلعيه بسرعة في باطنك كما يبتلع الإنسان طعامه في بطنه بدون استقرار في الفم.وقال- سبحانه - للسماء وَيا سَماءُ أَقْلِعِي أى: أمسكى عن إرسال المطر يقال:أقلع فلان عن فعله إقلاعا، إذا كف عنه وترك فعله. ويقال: أقلعت الحمى عن فلان، إذا تركته.فامتثلتا- أى الأرض والسماء- لأمر الله-تبارك وتعالى- في الحال، فهو القائل وقوله الحق:إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .وقوله وَغِيضَ الْماءُ أى: نقص ونضب. يقال: غاض الماء يغيض، إذا قل ونقص.والمراد به هنا: الماء الذي نشأ عن الطرفان.وقوله: وَقُضِيَ الْأَمْرُ أى: تم ونفذ ما وعد الله-تبارك وتعالى- به نبيه نوحا- عليه السلام- من إهلاكه للقوم الظالمين.والضمير في قوله: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ للسفينة، والجودي، جيل بشمال العراق بالقرب من مدينة الموصل. وقيل هو جبل بالشام.أى: واستقرت السفينة التي تحمل نوحا والمؤمنين بدعوته، على الجبل المعروف بهذا الاسم، بعد أن أهلك الله أعداءهم.قال ابن كثير ما ملخصه: وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم، فقد روى الإمام أحمد عن أبى هريرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود، وقد صاموا يوم عاشوراء، فقال لهم: ما هذا الصوم؟ قالوا، هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبنى إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون. وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي. فصامه نوح وموسى- عليه السلام- شكرا لله.فقال النبي صلى الله عليه وسلم «أنا أحق بموسى، وأحق بصوم هذا اليوم» . فصامه، وقال لأصحابه: من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه، ومن كان قد أصاب من غذاء أهله، فليتم بقية يومه» .ثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة بقوله: وقيل بعدا للقوم الظالمين.أى: هلاكا وسحقا وطردا من رحمة الله-تبارك وتعالى- للقوم الذين ظلموا أنفسهم بإيثارهم الكفر على الإيمان، والضلالة على الهداية.قال الجمل: وبُعْداً مصدر بعد- بكسر العين-، يقال بعد بعدا- بضم فسكون- وبعدا- بفتحتين- إذا بعد بعدا بعيدا بحيث لا يرجى عوده، ثم استعير للهلاك، وخص بدعاء السوء، وهو منصوب على المصدر بفعل مقدر. أى: وقيل بعدا بعدا ... » .هذا وقد تكلم بعض العلماء عن أوجه البلاغة والفصاحة في هذه الآية كلاما طويلا، نكتفي بذكر جانب مما قاله في ذلك الشيخ القاسمى في تفسيره.قال- رحمه الله- ما ملخصه: «هذه الآية بلغت من أسرار الإعجاز غايتها، وحوت من بدائع الفوائد نهايتها. وقد اهتم علماء البيان بإبراز ذلك، ومن أوسعهم مجالا في مضمار معارفها الإمام «السكاكي» فقد أطال وأطنب في كتابه «المفتاح» في الحديث عنها.فقد قال- عليه الرحمة- في بحث البلاغة والفصاحة:وإذ قد وقفت على البلاغة، وعثرت على الفصاحة، فأذكر لك على سبيل الأنموذج، آية أكشف لك فيها من وجوههما ما عسى أن يكون مستورا عنك، وهذه الآية هي قوله-تبارك وتعالى- وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي، وَغِيضَ الْماءُ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ....والنظر في هذه الآية من أربع جهات: من جهة علم البيان، ومن جهة علم المعاني، ومن جهة الفصاحة المعنوية، ومن جهة الفصاحة اللفظية.أما النظر فيها من جهة علم البيان.. فتقول: إنه- عز سلطانه- لما أراد أن يبين معنى هو: أردنا أن نرد ما انفجر من الأرض إلى بطنها فارتد، وأن نقطع طوفان السماء فانقطع، وأن نغيض الماء النازل من السماء فغاض لما أراد ذلك: بنى الكلام على التشبيه، بأن شبه الأرض والسماء بالمأمور الذي لا يتأتى منه أن يعصى أمره.. وكأنهما عقلاء مميزون فقال:يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي ...ثم قال: ماءَكِ بإضافة الماء إلى الأرض على سبيل المجاز، تشبيها لاتصال الماء بالأرض، باتصال الملك بالمالك.ثم اختار لاحتباس المطر لفظ الإقلاع الذي هو ترك الفاعل للفعل.وأما النظر فيها من حيث علم المعاني ... فذلك أنه اختير يا دون سائر أخواتها، لكونها أكثر في الاستعمال ... واختير لفظ «ابلعي» على «ابتلعى» لكونه أخصر. ثم أطلق الظلم ليتناول كل نوع منه، حتى يدخل فيه ظلمهم لأنفسهم.وأما النظر فيها من جانب الفصاحة المعنوية فهي كما ترى. نظم للمعاني لطيف، وتأدية لها ملخصة مبينة، لا تعقيد يعثر الفكر في طلب المراد، ولا التواء يشيك الطريق إلى المرتاد، بل إذا جربت نفسك عند استماعها، وجدت ألفاظها تسابق معانيها، ومعانيها تسابق ألفاظها، فما من لفظة في تركيب الآية ونظمها تسبق إلى أذنك، إلا ومعناها أسبق إلى قلبك.وأما النظر فيها من جانب الفصاحة اللفظية: فألفاظها على ما ترى عربية، مستعملة جارية على قوانين اللغة، سليمة من التنافر، بعيدة عن البشاعة.ولا تظن الآية مقصورة على ما ذكرت، فلعل ما تركت أكثر مما ذكرت .ثم ختم- سبحانه - قصة نوح مع قومه في هذه السورة، بتلك الضراعة التي تضرع بها نوح- عليه السلام- بشأن ولده، وبذلك الرد الحكيم الذي رد به الخالق- عز وجل - على نوح- عليه السلام، وبتعقيب على القصة يدل على وحدانية الله-تبارك وتعالى-، وعلى صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه قال-تبارك وتعالى-:
وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء: تفسير ابن كثير
يخبر تعالى أنه لما غرق أهل الأرض إلا أصحاب السفينة ، أمر الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها ، وأمر السماء أن تقلع عن المطر ، { وغيض الماء } أي: شرع في النقص ، { وقضي الأمر } أي: فرغ من أهل الأرض قاطبة ، ممن كفر بالله ، لم يبق منهم ديار ، { واستوت } السفينة بمن فيها { على الجودي } قال مجاهد : وهو جبل بالجزيرة ، تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت ، وتواضع هو لله عز وجل ، فلم يغرق ، وأرست عليه سفينة نوح عليه السلام .
وقال قتادة : استوت عليه شهرا حتى نزلوا منها ، قال قتادة : قد أبقى الله سفينة نوح ، عليه السلام ، على الجودي من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى رآها أوائل هذه الأمة ، وكم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت ، وصارت رمادا .
وقال الضحاك : الجودي : جبل بالموصل : وقال بعضهم : هو الطور .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن رافع ، حدثنا محمد بن عبيد ، عن توبة بن سالم قال : رأيت زر بن حبيش يصلي في الزاوية حين يدخل من أبواب كندة على يمينك فسألته إنك لكثير الصلاة هاهنا يوم الجمعة ! قال : بلغني أن سفينة نوح أرست من هاهنا .
وقال علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم ، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسين يوما ، وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما ، ثم وجهها الله إلى الجودي فاستقرت عليه ، فبعث نوح الغراب ليأتيه بخبر الأرض ، فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ، ولطخت رجليها بالطين ، فعرف نوح ، عليه السلام ، أن الماء قد نضب ، فهبط إلى أسفل الجودي ، فابتنى قرية وسماها ثمانين ، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة ، إحداها اللسان العربي . فكان بعضهم لا يفقه كلام بعض ، وكان نوح عليه السلام يعبر عنهم .
وقال كعب الأحبار : إن السفينة طافت ما بين المشرق والمغرب قبل أن تستقر على الجودي .
وقال قتادة وغيره : ركبوا في عاشر شهر رجب فساروا مائة وخمسين واستقرت بهم على الجودي شهرا ، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم . وقد ورد نحو هذا في حديث مرفوع رواه ابن جرير . وأنهم صاموا يومهم ذاك ، فالله أعلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو جعفر ، حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي ، عن أبيه حبيب بن عبد الله ، عن شبيل ، عن أبي هريرة قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأناس من اليهود ، وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : ما هذا الصوم ؟ قالوا : هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق ، وغرق فيه فرعون ، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي ، فصامه نوح وموسى ، عليهما السلام ، شكرا لله عز وجل . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بموسى ، وأحق بصوم هذا اليوم " . فصام ، وقال لأصحابه : " من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه ، ومن كان أصاب من غداء أهله ، فليتم بقية يومه "
وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، ولبعضه شاهد في الصحيح .
وقوله : { وقيل بعدا للقوم الظالمين } أي: هلاكا وخسارا لهم وبعدا من رحمة الله ، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم ، فلم يبق لهم بقية .
وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير والحبر أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيريهما من حديث موسى بن يعقوب الزمعي ، عن قائد مولى عبيد الله بن أبي رافع ، أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره : أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو رحم الله من قوم نوح أحدا لرحم أم الصبي " قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " كان نوح - عليه السلام - مكث في قومه ألف سنة [ إلا خمسين عاما ] ، يعني وغرس مائة سنة الشجر ، فعظمت وذهبت كل مذهب ، ثم قطعها ، ثم جعلها سفينة ويمرون عليه ويسخرون منه ويقولون : تعمل سفينة في البر ، فكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون . فلما فرغ ونبع الماء ، وصار في السكك خشيت أم الصبي عليه ، وكانت تحبه حبا شديدا ، فخرجت إلى الجبل ، حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء [ ارتفعت حتى بلغت ثلثيه ، فلما بلغها الماء ] خرجت به حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ رقبتها رفعته بيديها فغرقا فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي " .
وهذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روى عن كعب الأحبار ومجاهد بن جبير قصة هذا الصبي وأمه بنحو من هذا.
تفسير القرطبي : معنى الآية 44 من سورة هود
قوله تعالى : وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي هذا مجاز لأنها موات . وقيل : جعل فيها ما تميز به . والذي قال إنه مجاز قال : لو فتش كلام العرب والعجم ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها ، وبلاغة رصفها ، واشتمال المعاني فيها . وفي الأثر : إن الله تعالى لا يخلي الأرض من مطر عاما أو عامين ، وأنه ما نزل من السماء ماء قط إلا بحفظ ملك موكل به إلا ما كان من ماء الطوفان ; فإنه خرج منه ما لا يحفظه الملك . وذلك قوله تعالى : إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية فجرت بهم السفينة إلى أن تناهى الأمر ; فأمر الله الماء المنهمر من السماء بالإمساك ، وأمر الله الأرض بالابتلاع . ويقال : بلع الماء يبلعه مثل منع يمنع وبلع يبلع مثل حمد ويحمد ; لغتان حكاهما الكسائي والفراء . والبالوعة الموضع الذي يشرب الماء . قال ابن العربي : التقى الماءان على أمر قد قدر ، ما كان في الأرض وما نزل من السماء ; فأمر الله ما نزل من السماء بالإقلاع ، فلم تمتص الأرض منه قطرة ، وأمر الأرض بابتلاع ما خرج منها فقط . وذلك قوله تعالى : وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقيل : ميز الله بين الماءين ، فما كان من ماء الأرض أمرها فبلعته ، وصار ماء السماء بحارا .قوله تعالى : وغيض الماء أي نقص ; يقال : غاض الشيء وغضته أنا ; كما يقال : نقص بنفسه ونقصه غيره ، ويجوز " غيض " بضم الغين .وقضي الأمر أي أحكم وفرغ منه ; يعني أهلك قوم نوح على تمام وإحكام . ويقال : إن الله تعالى أعقم أرحامهم أي أرحام نسائهم قبل الغرق بأربعين سنة ، فلم يكن فيمن هلك صغير . والصحيح أنه أهلك الولدان بالطوفان ، كما هلكت الطير والسباع . ولم يكن الغرق عقوبة للصبيان والبهائم والطير ، بل ماتوا بآجالهم . وحكي أنه لما كثر الماء في السكك خشيت أم صبي عليه ; وكانت تحبه حبا شديدا ، فخرجت به إلى الجبل ، حتى بلغت ثلثه ، فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثيه ، فلما بلغها الماء استوت على الجبل ; فلما بلغ الماء رقبتها رفعت يديها بابنها حتى ذهب بها الماء ; فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي .قوله تعالى : واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين أي هلاكا لهم . الجودي جبل بقرب الموصل ; استوت عليه في العاشر من المحرم يوم عاشوراء ; فصامه نوح وأمر جميع من معه من الناس والوحش والطير والدواب وغيرها فصاموه ، شكرا لله تعالى وقد تقدم هذا المعنى . وقيل : كان ذلك يوم الجمعة . وروي أن الله تعالى أوحى إلى الجبال أن السفينة ترسى على واحد منها فتطاولت ، وبقي الجودي لم يتطاول تواضعا لله ، فاستوت السفينة عليه : وبقيت عليه أعوادها . وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لقد بقي منها شيء أدركه أوائل هذه الأمة . وقال مجاهد : تشامخت الجبال وتطاولت لئلا ينالها الغرق ; فعلا الماء فوقها خمسة عشر ذراعا ، وتطامن الجودي ، وتواضع لأمر الله تعالى فلم يغرق ، ورست السفينة عليه . وقد قيل : إن الجودي اسم لكل جبل ، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل .سبحانه ثم سبحانا يعود له وقبلنا سبح الجودي والجمدويقال : إن الجودي من جبال الجنة ; فلهذا استوت عليه . ويقال : أكرم الله ثلاثة جبال بثلاثة نفر : الجودي بنوح ، وطور سيناء بموسى ، وحراء بمحمد - صلوات الله وسلامه عليهم - أجمعين .[ مسألة ] : لما تواضع الجودي وخضع عز ، ولما ارتفع غيره واستعلى ذل ، وهذه سنة الله في خلقه ، يرفع من تخشع ، ويضع من ترفع ; ولقد أحسن القائل :وإذا تذللت الرقاب تخشعا منا إليك فعزها في ذلهاوفي صحيح البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال : كانت ناقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسمى العضباء ; وكانت لا تسبق ; فجاء أعرابي على قعود له فسبقها ، فاشتد ذلك على المسلمين ; وقالوا : سبقت العضباء ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه . وخرج مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله . وقال - صلى الله عليه وسلم - : إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد . خرجه البخاري .[ مسألة ] : نذكر فيها من قصة نوح مع قومه وبعض ذكر السفينة ، ذكر الحافظ ابن عساكر في التاريخ له عن الحسن : أن نوحا أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ; فذلك قوله تعالى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما وكان قد كثرت فيهم المعاصي ، وكثرت الجبابرة وعتوا عتوا كبيرا ، وكان نوح يدعوهم ليلا ونهارا ، سرا وعلانية ، وكان صبورا حليما ، ولم يلق أحد من الأنبياء أشد مما لقي نوح ، فكانوا يدخلون عليه فيخنقونه حتى يترك وقيذا ، ويضربونه في المجالس ويطرد ، وكان لا يدعو على من يصنع به بل يدعوهم ويقول : " رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " فكان لا يزيدهم ذلك إلا فرارا منه ، حتى إنه ليكلم الرجل منهم فيلف رأسه بثوبه ، ويجعل أصبعيه في أذنيه لكيلا يسمع شيئا من كلامه ، فذلك قوله تعالى : وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم . وقال مجاهد وعبيد بن عمير : كانوا يضربونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال : " رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " . وقال ابن عباس : ( إن نوحا كان يضرب ثم يلف في لبد فيلقى في بيته يرون أنه قد مات ، ثم يخرج فيدعوهم ; حتى إذا يئس من إيمان قومه جاءه رجل ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصا ; فقال : يا بني انظر هذا الشيخ لا يغرنك ، قال : يا أبت أمكني من العصا ، فأمكنه فأخذ العصا ثم قال : ضعني في الأرض فوضعه ، فمشى إليه بالعصا فضربه فشجه شجة موضحة في رأسه ، وسالت الدماء ; فقال نوح : " رب قد ترى ما يفعل بي عبادك فإن يك لك في عبادك خيرية فاهدهم وإن يك غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين " فأوحى الله إليه وآيسه من إيمان قومه ، وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن )
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم
- تفسير: وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون
- تفسير: وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم
- تفسير: وقل إني أنا النذير المبين
- تفسير: لكن الله يشهد بما أنـزل إليك أنـزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا
- تفسير: كذب أصحاب الأيكة المرسلين
- تفسير: واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود
- تفسير: والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله
- تفسير: والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون
- تفسير: الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس
تحميل سورة هود mp3 :
سورة هود mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة هود
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب