تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ..
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾
[ سورة الجمعة: 5]
معنى و تفسير الآية 5 من سورة الجمعة : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها
لما ذكر تعالى منته على هذه الأمة، الذين ابتعث فيهم النبي الأمي، وما خصهم الله به من المزايا والمناقب، التي لا يلحقهم فيها أحد وهم الأمة الأمية الذين فاقوا الأولين والآخرين، حتى أهل الكتاب، الذين يزعمون أنهم العلماء الربانيون والأحبار المتقدمون، ذكر أن الذين حملهم الله التوراة من اليهود وكذا النصارى، وأمرهم أن يتعلموها، ويعملوا بما فيها ، وانهم لم يحملوها ولم يقوموا بما حملوا به، أنهم لا فضيلة لهم، وأن مثلهم كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفارًا من كتب العلم، فهل يستفيد ذلك الحمار من تلك الكتب التي فوق ظهره؟ وهل يلحق به فضيلة بسبب ذلك؟ أم حظه منها حملها فقط؟ فهذا مثل علماء اليهود الذين لم يعملوا بما في التوراة، الذي من أجله وأعظمه الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والبشارة به، والإيمان بما جاء به من القرآن، فهل استفاد من هذا وصفه من التوراة إلا الخيبة والخسران وإقامة الحجة عليه؟ فهذا المثل مطابق لأحوالهم.بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صدق رسولنا وصدق ما جاء به. وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أي: لا يرشدهم إلى مصالحهم، ما دام الظلم لهم وصفًا، والعناد لهم نعتًا ومن ظلم اليهود وعنادهم، أنهم يعلمون أنهم على باطل، ويزعمون أنهم على حق، وأنهم أولياء الله من دون الناس.
تفسير البغوي : مضمون الآية 5 من سورة الجمعة
قوله - عز وجل - : ( مثل الذين حملوا التوراة ) أي كلفوا القيام بها والعمل بما فيها ( ثم لم يحملوها ) لم يعملوا بما فيها ولم يؤدوا حقها ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) أي كتبا من العلم ، واحدها سفر ، قال الفراء : هي الكتب العظام يعني كما أن الحمار يحملها ولا يدري ما فيها ولا ينتفع بها كذلك اليهود يقرؤن التوراة ولا ينتفعون بها لأنهم خالفوا ما فيها ( بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ) الذين ظلموا أنفسهم بتكذيب الأنبياء عليهم السلام ، يعني من سبق في علمه أنه لا يؤمن لا يهديهم .
التفسير الوسيط : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها
والمراد بالمثل في قوله-تبارك وتعالى-: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ... الصفة والحال ...والمراد بالذين حملوا التوراة: اليهود الذين كلفهم الله-تبارك وتعالى- بالعمل بما اشتملت عليه التوراة من هدايات وأحكام وآداب ... ولكنهم نبذوها وتركوا العمل بها..والأسفار: جمع سفر، وهو الكتاب الكبير المشتمل على ألوان من العلم النافع، وسمى بذلك لأنه يسفر ويكشف عما فيه من المعاني المفيدة للمطلع عليها.والمعنى: حال هؤلاء اليهود الذين أنزل الله-تبارك وتعالى- عليهم التوراة لهدايتهم.. ولكنهم لم ينتفعوا بها.. كحال الحمار الذي يحمل كتب العلم النافع، ولكنه لم يستفد من ذلك شيئا، لأنه لا يفقه شيئا مما يحمله..ففي هذا المثل شبه الله-تبارك وتعالى- اليهود الذين لم ينتفعوا بالتوراة التي فيها الهداية والنور، بحال الحمار الذين يحمل كتب العلوم النافعة دون أن يستفيد بها.ووجه الشبه بين الاثنين: هو عدم الانتفاع بما من شأنه أن ينتفع به انتفاعا عظيما، لسمو قيمته، وجلال منزلته.قال صاحب الكشاف: شبه اليهود في أنهم حملة التوراة وقراؤها وحفاظ ما فيها، ثم إنهم غير عاملين بها، ولا بمنتفعين بآياتها ... بالحمار، حمل أسفارا، أى: كتبا كبارا من كتب العلم، فهو يمشى بها، ولا يدرى منها إلا ما يمر بجنبيه وظهره من الكد والتعب، وكل من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله، وبئس المثل...وقال الإمام ابن كثير: يقول-تبارك وتعالى- ذامّا لليهود الذين أعطوا التوراة فلم يعملوا بها، إن مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا.. فهو يحملها حملا حسيا ولا يدرى ما عليه، وكذلك هؤلاء. لم يعملوا بمقتضى ما في التوراة بل أولوه وحرفوه، فهم أسوأ من الحمار، لأن الحمار لا فهم له، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها، ولهذا قال-تبارك وتعالى-: في آية أخرى:أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ...وقال القرطبي: وفي هذا المثل تنبيه من الله-تبارك وتعالى- لمن حمل الكتاب، أن يتعلم معانيه، ويعمل بما فيه، لئلا يلحقه من الذم ما لحق هؤلاء اليهود، قال الشاعر:زوامل للأسفار لا علم عندهم ... بجيّدها، إلا كعلم الأباعرلعمرك ما يدرى البعير إذا غدا ... بأوساقه، أو راح ما في الغرائروعبر- سبحانه - عن تكليفهم العمل بالتوراة وعن تركهم لذلك بقوله: حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها للإشعار بأن هذا التكليف منه-تبارك وتعالى- لهم، كان عهدا مؤكدا عليهم، حتى لكأنهم تحملوه كما يتحمل الإنسان شيئا قد وضع فوق ظهره أو كتفيه. ولكنهم نبذوا هذا العهد، وألقوا بما فوق أكتافهم من أحمال، وانقادوا لأهوائهم وشهواتهم انقياد الأعمى لقائده..ولفظ «ثم» في قوله ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها للتراخي النسبي، لأن عدم وفائهم بما عهد إليهم، أشد عجبا من تحملهم لهذه العهود.وشبههم، بالحمار الذي هو مثل في البلادة والغباء، لزيادة التشنيع عليهم، والتقبيح لحالهم، حيث زهدوا وأعرضوا عن الانتفاع بأثمن شيء نافع، - وهو كتاب الله- كما هو شأن الحمار الذي لا يفرق فيما يحمله على ظهره بين الشيء النافع والشيء الضار.وجملة «يحمل أسفارا» في موضع الحال من الحمار، أو في موضع جر على أنها صفة للحمار، باعتبار أن المقصود به الجنس، فهو معرفة لفظا، نكرة معنى.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: «يحمل» ما محله؟ قلت: محله النصب على الحال، أو الجر على الوصف، لأن لفظ الحمار هنا، كلفظ اللئيم في قول الشاعر: ولقد أمر على اللئيم يسبني...ثم أضاف- سبحانه - إلى ذم هؤلاء اليهود ذما آخر فقال: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ....وبِئْسَ فعل ذم، وفاعله ما بعده وهو قوله: مَثَلُ الْقَوْمِ وقد أغنى هذا الفاعل عن ذكر المخصوص بالذم، لحصول العلم بأن المذموم هو حال هؤلاء القوم الذين وصفهم- سبحانه - بأنهم قد كذبوا بآياته.أى: بئس المثل مثل هؤلاء القوم الذين كذبوا بآيات الله-تبارك وتعالى- الدالة على وحدانيته وقدرته، وعلى صدق أنبيائه فيما يبلغونه عنه-تبارك وتعالى-.وقوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ تذييل قصد به بيان الأسباب التي أدت إلى عدم توفيق الله-تبارك وتعالى- لهم إلى الهداية.أى: والله-تبارك وتعالى- قد اقتضت حكمته، أن لا يهدى إلى طريق الخير، من ظلم نفسه، بأن آثر الغي على الرشد، والعمى على الهدى، والشقاوة على السعادة، لسوء استعداده، وانطماس بصيرته.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 5 من سورة الجمعة
يقول تعالى ذاما لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها ، فلم يعملوا بها ، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ، أي : كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها ، فهو يحملها حملا حسيا ولا يدري ما عليه . وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه ، حفظوه لفظا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه ، بل أولوه وحرفوه وبدلوه ، فهم أسوأ حالا من الحمير ; لأن الحمار لا فهم له ، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ; ولهذا قال في الآية الأخرى : ( أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) [ الأعراف : 179 ] وقال ها هنا : ( بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين )وقال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا ابن نمير ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب ، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا ، والذي يقول له " أنصت " ، ليس له جمعة "
تفسير الطبري : معنى الآية 5 من سورة الجمعة
يقول تعالى ذكره: مثل الذين أوتوا التوراة من اليهود والنصارى، فحملوا العمل بها(ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا ) يقول: ثم لم يعملوا بما فيها، وكذّبوا بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد أمروا بالإيمان به فيها واتباعه والتصديق به (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) يقول: كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبًا من كتب العلم، لا ينتفع بها، ولا يعقل ما فيها، فكذلك الذين أوتوا التوراة التي فيها بيان أمر محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مثلهم إذا لم ينتفعوا بما فيها، كمثل الحمار الذي يحمل أسفارًا فيها علم، فهو لا يعقلها ولا ينتفع بها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك :حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) قال: يحمل كتبًا لا يدري ما فيها، ولا يعقلها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) قال: يحمل كتابًا لا يدري ماذا عليه، ولا ماذا فيه.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) قال: كمثل الحمار الذي يحمل كتبًا، لا يدري ما على ظهره.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) كتبًا، والكتاب بالنبطية يسمى سفرًا؛ ضرب الله هذا مثلا للذين أعطوا التوراة ثم كفروا.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أَبي، قال: ثني عمي، قال : ثني أَبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) والأسفار: الكتب ، فجعل الله مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يتبع ما فيه، كمثل الحمار يحمل كتاب الله الثقيل، لا يدري ما فيه، ثم قال: (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ) ... الآية.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) قال: الأسفارُ: التوراة التي يحملها الحمار على ظهره، كما تحمل المصاحف على الدواب، كمثل الرجل يسافر فيحمل مصحفه، قال: فلا ينتفع الحمارُ بها حين يحملها على ظهره، كذلك لم ينتفع هؤلاء بها حين لم يعملوا بها وقد أوتوها، كما لم ينتفع بها هذا وهي على ظهره.حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس في قوله: (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) يقول: كتبًا. والأسفار: جمع سفر، وهي الكتب العظام.وقوله: (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ) يقول: بئس هذا المثل، مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، يعني بأدلته وحججه (وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: والله لا يوفِّق القوم الذين ظلموا أنفسهم، فكفروا بآيات ربهم.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: إن إلهكم لواحد
- تفسير: لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون
- تفسير: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون
- تفسير: فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا
- تفسير: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
- تفسير: إنما أنت منذر من يخشاها
- تفسير: فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون
- تفسير: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما
- تفسير: ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو
- تفسير: هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
تحميل سورة الجمعة mp3 :
سورة الجمعة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الجمعة
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب