تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ ..
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
[ سورة الحجرات: 6]
معنى و تفسير الآية 6 من سورة الحجرات : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ
وهذا أيضًا، من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة، بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كذب، ولم يعمل به، ففيه دليل، على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب، مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير [من] الخوارج، المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقًا.
تفسير البغوي : مضمون الآية 6 من سورة الحجرات
قوله - عز وجل - : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) الآية ، نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني المصطلق بعد الوقعة مصدقا ، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع به القوم تلقوه تعظيما لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فهابهم فرجع من الطريق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أن يغزوهم ، فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : يا رسول الله سمعنا برسولك فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلناه من حق الله - عز وجل - ، فبدا له الرجوع ، فخشينا أنه إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، فاتهمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبعث خالد بن الوليد إليهم خفية في عسكر وأمره أن يخفي عليهم قدومه ، وقال له : انظر فإن رأيت منهم ما يدل على إيمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم ، وإن لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما يستعمل في الكفار ، ففعل ذلك خالد ، ووافاهم فسمع منهم أذان صلاتي المغرب والعشاء ، فأخذ منهم صدقاتهم ، ولم ير منهم إلا الطاعة والخير ، فانصرف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره الخبر ، فأنزل الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق ) يعني الوليد بن عقبة ( بنبأ ) بخبر ( فتبينوا أن تصيبوا ) كي لا تصيبوا بالقتل والقتال ( قوما ) برآء ( بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) من إصابتكم بالخطأ .
التفسير الوسيط : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات منها ما روى عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد بعث الوليد بن عقبة إلى بنى المصطلق ليأخذ منهم الصدقات، وإنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقون رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.فرجع الوليد- ظنا منه أنهم يريدون قتله- فقال يا رسول الله: إن بنى المصطلق قد منعوا الصدقة، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ذلك غضبا شديدا، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا: يا رسول الله، إنا بلغنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. فأنزل الله-تبارك وتعالى- الآية .والفاسق: هو الخارج عن الحدود الشرعية التي يجب التزامها، مأخوذ من قولهم: فسقت الرطبة، إذا خرجت عن قشرتها، وسمى بذلك لانسلاخه عن الخير والرشد.وقرأ الجمهور: فَتَبَيَّنُوا وقرأ حمزة والكسائي فتثبتوا ومعناهما واحد، إذ هما بمعنى التأنى وعدم التعجل في الأمور حتى تظهر الحقيقة فيما أخبر به الفاسق.أى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان، إن جاءكم فاسق بخبر من الأخبار، ولا سيما الأخبار الهامة، فلا تقبلوه بدون تبين أو تثبت، بل تأكدوا وتيقنوا من صحته قبل قبوله منه.والتعبير «بإن» المفيدة للشك، للإشعار بأن الغالب في المؤمن أن يكون يقظا، يعرف مداخل الأمور، وما يترتب عليها من نتائج، ويحكم عقله فيما يسمع من أنباء، فلا يصدق خبر الفاسق إلا بعد التثبت من صحته.قال صاحب الكشاف: وفي تنكير الفاسق والنبأ: شياع في الفساق والأنباء، كأنه قال:أى فاسق جاءكم بأى نبأ فتوقفوا فيه، وتطلبوا بيان الأمر، وانكشاف الحقيقة ولا تعتمدوا على قول الفاسق، لأن من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه .وقال القرطبي: وفي الآية دليل على قبول خبر الواحد إذا كان عدلا، لأنه إنما أمر فيها بالتثبت عند نقل خبر الفاسق، ومن ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعا، لأن الخبر أمانة والفسق قرينة يبطلها .وقوله: أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ... تعليل للأمر بالتبين، بتقدير لام التعليل، أو بتقدير ما هو بمعنى المفعول لأجله. والجهالة بمعنى الجهل بحقيقة الشيء.أى: تثبتوا- أيها المؤمنون- من صحة خبر الفاسق، لئلا تصيبوا قوما بما يؤذيهم، والحال أنكم تجهلون حقيقة أمرهم، أو خشية أن تصيبوا قوما بجهالة، لظنكم أن النبأ الذي جاء به الفاسق حقا.وقوله: فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ بيان للنتائج السيئة التي تترتب على تصديق خبر الفاسق، وفَتُصْبِحُوا بمعنى تصيروا، والندم: غم يلحق الإنسان لأمور وقعت منه، ثم صار يتمنى بعد فوات الأوان عدم وقوعها. أى: فتصيروا على ما فعلتم مع هؤلاء القوم نادمين ندما شديدا، بسبب تصديقكم لخبر الفاسق بدون تبين أو تثبت.فالآية الكريمة ترشد المؤمنين في كل زمان ومكان إلى كيفية استقبال الأخبار استقبالا سليما، وإلى كيفية التصرف معها تصرفا حكيما، فتأمرهم بضرورة التثبت من صحة مصدرها، حتى لا يصاب قوم بما يؤذيهم بسبب تصديق الفاسق في خبره، بدون تأكد أو تحقق من صحة ما قاله.. وبهذا التحقق من صحة الأخبار، يعيش المجتمع الإسلامى في أمان واطمئنان، وفي بعد عن الندم والتحسر على ما صدر منه من أحكام.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 6 من سورة الحجرات
يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له ، لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر - كاذبا أو مخطئا ، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه ، وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين ، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال لاحتمال فسقه في نفس الأمر ، وقبلها آخرون لأنا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق ، وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال . وقد قررنا هذه المسألة في كتاب العلم من شرح البخاري ، ولله الحمد والمنة .
وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدقات بني المصطلق . وقد روي ذلك من طرق ، ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق ، وهو الحارث بن ضرار ، والد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين ، رضي الله عنها ، قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن سابق ، حدثنا عيسى بن دينار ، حدثني أبي أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي يقول : قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني إلى الإسلام ، فدخلت فيه وأقررت به ، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها ، وقلت : يا رسول الله ، أرجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة ، فمن استجاب لي جمعت زكاته ، ويرسل إلي رسول الله رسولا لإبان كذا وكذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة . فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له ، وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبعث إليه ، احتبس عليه الرسول فلم يأته ، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله ، فدعا بسروات قومه ، فقال لهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان وقت لي وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة ، وليس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخلف ، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة كانت ، فانطلقوا فنأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق - أي: خاف - فرجع فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي . فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البعث إلى الحارث . وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث ، فقالوا : هذا الحارث ، فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم ؟ قالوا : إليك . قال : ولم ؟ قالوا : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بعث إليك الوليد بن عقبة ، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله . قال : لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته بتة ولا أتاني . فلما دخل الحارث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " منعت الزكاة وأردت قتل رسولي ؟ " . قال : لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني ، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خشيت أن يكون كانت سخطة من الله ورسوله . قال : فنزلت الحجرات : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ } إلى قوله : { حكيم }
ورواه ابن أبي حاتم عن المنذر بن شاذان التمار ، عن محمد بن سابق به . ورواه الطبراني من حديث محمد بن سابق ، به ، غير أنه سماه الحارث بن سرار ، والصواب : الحارث بن ضرار ، كما تقدم .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا جعفر بن عون ، عن موسى بن عبيدة ، عن ثابت مولى أم سلمة ، عن أم سلمة قالت : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة ، فسمع بذلك القوم ، فتلقوه يعظمون أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله ، قالت : فرجع إلى رسول الله فقال : إن بني المصطلق قد منعوني صدقاتهم . فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون . قالت : فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصفوا له حين صلى الظهر ، فقالوا : نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله ، بعثت إلينا رجلا مصدقا ، فسررنا بذلك ، وقرت به أعيننا ، ثم إنه رجع من بعض الطريق ، فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ومن رسوله ، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال فأذن بصلاة العصر ، قالت : ونزلت : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } .
وروى ابن جرير أيضا من طريق العوفي ، عن ابن عباس في هذه الآية قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات ، وإنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقون رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه ، رجع الوليد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة . فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك غضبا شديدا ، فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا : يا رسول الله ، إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق ، وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله . وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - استغشهم وهم بهم ، فأنزل الله عذرهم في الكتاب ، فقال : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } إلى آخر الآية .
وقال مجاهد وقتادة : أرسل رسول الله الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليصدقهم ، فتلقوه بالصدقة ، فرجع فقال : إن بني المصطلق قد جمعت لك لتقاتلك زاد قتادة : وإنهم قد ارتدوا عن الإسلام - فبعث رسول الله خالد بن الوليد إليهم ، وأمره أن يتثبت ولا يعجل . فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه ، فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم مستمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا أتاهم خالد فرأى الذي يعجبه ، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر ، فأنزل الله هذه الآية . قال قتادة : فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " التبين من الله ، والعجلة من الشيطان " .
وكذا ذكر غير واحد من السلف ، منهم : ابن أبي ليلى ، ويزيد بن رومان ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم في هذه الآية : أنها نزلت في الوليد بن عقبة ، والله أعلم .
تفسير الطبري : معنى الآية 6 من سورة الحجرات
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ( 6 )يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) عن قوم ( فَتَبَيَّنُوا ).واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( فَتَبَيَّنُوا ) فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة ( فَتَثَبَّتُوا ) بالثاء, وذُكر أنها في مصحف عبد الله منقوطة بالثاء. وقرأ ذلك بعض القرّاء فتبيَّنوا بالباء, بمعنى: أمهلوا حتى تعرفوا صحته, لا تعجلوا بقبوله, وكذلك معنى ( فَتَثَبَّتُوا ).والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وذُكر أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط.* ذكر السبب الذي من أجله قيل ذلك:حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا جعفر بن عون, عن موسى بن عبيدة, عن ثابت موْلى أمّ سلمة, عن أمّ سلمة, قالت: " بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقعة, فسمع بذلك القوم, فتلقوه يعظمون أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, قال: فحدّثه الشيطان أنهم يريدون قتله, قالت: فرجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم, فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمون قال: فبلغ القوم رجوعه قال: فأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فصفوا &; 22-287 &; له حين صلى الظهر فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله بعثت إلينا رجلا مصدّقا, فسررنا بذلك, وقرّت به أعيننا, ثم إنه رجع من بعض الطريق, فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ومن رسوله, فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال, وأذّن بصلاة العصر; قال: ونزلت ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ).حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ). . . الآية, قال: كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط, ثم أحد بني عمرو بن أمية, ثم أحد بني أبي معيط إلى بني المصطلق, ليأخذ منهم الصدقات, وإنه لما أتاهم الخبر فرحوا, وخرجوا ليَتَلَقَّوْا رسول رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وإنه لما حدّث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه, رجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: يا رسول الله إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة, فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم غضبا شديدا, فبينما هو يحدّث نفسه أن يغزوهم, إذ أتاه الوفد, فقالوا: يا رسول الله, إنا حدّثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق, وإنا خشينا أن يكون إنما ردّه كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا, وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله, فأنزل الله عذرهم في الكتاب, فقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ).حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد " في قوله ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) قال: الوليد بن عقبة بن أبي معيط, بعثه نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى بني المصطلق, ليصدّقهم, فتلقوه بالهدية فرجع إلى محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: إن بني المصطلق جمعت &; 22-288 &; لتقاتلك " .حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ). .. حتى بلغ ( بِجَهَالَةٍ ) وهو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة, بعثه نبيّ لله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مصدّقا إلى بني المصطلق, فلما أبصروه أقبلوا نحوه, فهابهم, فرجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأخبره أنهم قد ارتدّوا عن الإسلام, فبعث نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالد بن الوليد, وأمره أن يتثبَّت ولا يعجل, فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه; فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم مستمسكون بالإسلام, وسمعوا أذانهم وصلاتهم, فلما أصبحوا أتاهم خالد, فرأى الذي يعجبه, فرجع إلى نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأخبره الخبر, فأنزل الله عزّ وجلّ ما تسمعون, فكان نبيّ الله يقول: التَّبَيُّنُ مِنَ اللّهِ, والعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطان ".حدثنا بن عبد الأعلى, قال: ثنا أبن ثور, عن معمر, عن قتادة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) فذكر نحوه.حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن هلال الوزّان, عن ابن أبي ليلى, في قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) قال: نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط.حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن حُمَيد, عن هلال الأنصاري, عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) قال: نزلت في الوليد بن عقبة حين أُرسل إلى بني المصطلق.قال: ثنا سلمة, قال: ثنا محمد بن إسحاق, عن يزيد بن رومان, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم, الوليد بن أبي معيط; فلما سمعوا به ركبوا إليه; فلما سمع بهم خافهم فرجع إلى رسول الله صلى الله, فأخبره أن القوم قد هَموا بقتله, ومنعوا ما قِبَلهم من صدقاتهم, فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتى همّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بأن يغزوهم, فبينما هم في ذلك قَدِم وفدهم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ &; 22-289 &; وَسَلَّم, فقالوا: يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته إلينا, فخرجنا إليه لنكرمه, ولنؤدّي إليه ما قبلنا من الصدقة, فاستمرّ راجعا, فبلغنا أنه يزعم لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنا خرجنا إليه لنقاتله, ووالله ما خرجنا لذلك; فأنزل الله في الوليد بن عقبة وفيهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ). .. الآية.قال: ( 1 ) بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا من أصحابه إلى قوم يصدقهم, فأتاهم الرجل, وكان بينه وبينهم إحنة في الجاهلية; فلما أتاهم رحبوا به, وأقرّوا بالزكاة, وأعطوا ما عليهم من الحقّ, فرجع الرجل إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال: يا رسول الله, منع بنو فلان الصدقة, ورَجعوا عن الإسلام, فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وبعث إليهم فأتوْه فقال: أمَنَعْتُمُ الزَّكاةَ, وَطَرَدْتُمْ رَسُولي؟ " فقالوا: والله ما فعلنا, وإنا لنعلم أنك رسول الله, ولا بدّ لنا, ولا منعنا حقّ الله في أموالنا, فلم يصدقهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأنزل الله هذه الآية, فعذرهم.وقوله ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ) يقول تعالى ذكره: فتبيَّنوا لئلا تصيبوا قوما برآء مما قذفوا به بجناية بجهالة منكم ( فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) يقول: فتندموا على إصابتكم إياهم بالجناية التي تصيبونهم بها.الهوامش:( 1 ) يظهر أن هذا بدء رواية أخرى ، أوردها في الدر عن جابر .
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين
- تفسير: ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون
- تفسير: ترميهم بحجارة من سجيل
- تفسير: والله جعل لكم الأرض بساطا
- تفسير: وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون
- تفسير: وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا
- تفسير: وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون
- تفسير: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله
- تفسير: وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم
- تفسير: ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون
تحميل سورة الحجرات mp3 :
سورة الحجرات mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الحجرات
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب