﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾
[ آل عمران: 118]

سورة : آل عمران - Āl-‘Imrān  - الجزء : ( 4 )  -  الصفحة: ( 65 )

O you who believe! Take not as (your) Bitanah (advisors, consultants, protectors, helpers, friends, etc.) those outside your religion (pagans, Jews, Christians, and hypocrites) since they will not fail to do their best to corrupt you. They desire to harm you severely. Hatred has already appeared from their mouths, but what their breasts conceal is far worse. Indeed We have made plain to you the Ayat (proofs, evidences, verses) if you understand.


بِطانة : خواصَّ يستبطنون أمركم
لا يألونكم خبالا : لا يقصِّرون في فساد دينكم
ودُّوا ما عنتُّم : أحبّوا مشقّتكم الشديدة

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، تُطْلعونهم على أسراركم، فهؤلاء لا يَفْتُرون عن إفساد حالكم، وهم يفرحون بما يصيبكم من ضرر ومكروه، وقد ظهرت شدة البغض في كلامهم، وما تخفي صدورهم من العداوة لكم أكبر وأعظم. قد بيَّنَّا لكم البراهين والحجج، لتتعظوا وتحذروا، إن كنتم تعقلون عن الله مواعظه وأمره ونهيه.

ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا - تفسير السعدي

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يتخذوا بطانة من المنافقين من أهل الكتاب وغيرهم يظهرونهم على سرائرهم أو يولونهم بعض الأعمال الإسلامية وذلك أنهم هم الأعداء الذين امتلأت قلوبهم من العداوة والبغضاء فظهرت على أفواههم { وما تخفي صدورهم أكبر } مما يسمع منهم فلهذا { لا يألونكم خبالا }- أي: لا يقصرون في حصول الضرر عليكم والمشقة وعمل الأسباب التي فيها ضرركم ومساعدة الأعداء عليكم قال الله للمؤمنين { قد بينا لكم الآيات }- أي: التي فيها مصالحكم الدينية والدنيوية { لعلكم تعقلون } فتعرفونها وتفرقون بين الصديق والعدو، فليس كل أحد يجعل بطانة، وإنما العاقل من إذا ابتلي بمخالطة العدو أن تكون مخالطة في ظاهره ولا يطلعه من باطنه على شيء ولو تملق له وأقسم أنه من أوليائه.

تفسير الآية 118 - سورة آل عمران

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من : الآية رقم 118 من سورة آل عمران

 سورة آل عمران الآية رقم 118

ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا - مكتوبة

الآية 118 من سورة آل عمران بالرسم العثماني


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ  ﴾ [ آل عمران: 118]


﴿ ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ﴾ [ آل عمران: 118]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة آل عمران Āl-‘Imrān الآية رقم 118 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 118 من آل عمران صوت mp3


تدبر الآية: ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا

حذارِ أن تواليَ مَن يحادُّ الله ورسوله، أو تجعلَهم موضع سرِّك واستشارتك، فإنهم لن يزيدوك إلا هلاكًا وخَبالًا.
لو علم المؤمن حرصَ الكفَّار على إفساده، ومحبَّتَهم إلحاقَ المشقَّة به، وأن ما يظهر له من فلَتات ألسنتهم ما هو إلا قطرةٌ من بحر الغِلِّ الذي في قلوبهم، لم يرضَ أن يتَّخذَهم أولياء.
ما أضمر عبدٌ شيئًا في نفسه إلا وظهر في سقَطات لسانه، وهفَوات بيانه، وقسَمات وجهه.
قد تنقل لك العيونُ بعض أفعال عدوِّك أو أقواله، ولكن أنَّى لك معرفة نيَّته وخفايا قلبه، لولا أن أطلعكَ عليها اللطيفُ الخبير؟!

قال الفخر الرازي ما ملخصه: اختلفوا في الذين نهى الله المؤمنين عن مخالطتهم من هم؟فقيل هم اليهود، لأن بعض المسلمين كانوا يشاورونهم في أمورهم ويؤانسونهم لما كان فيهم من الرضاع والحلف.
وقيل هم المنافقون، وذلك لأن بعض المؤمنين كانوا يغترون بظاهر أقوالهم فيفشون إليهم الأسرار والصحيح أن المراد بهم جميع أصناف الكفار، والدليل عليه قوله تعالى:بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ فمنع المؤمنين أن يتخذوا بطانة من غير المؤمنين، فيكون ذلك نهيا عن جميع الكفار» .
والبطانة في الأصل: داخل الثوب، وجمعها بطائن.
قال-تبارك وتعالى-: مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ .
وظاهر الثوب يسمى الظهارة، والبطانة- أيضا- الثوب الذي يجعل تحت ثوب آخر ويسمى الشعار، وما فوقه الدثار وفي الحديث «الأنصار شعار والناس دثار» .
ثم أطلقت البطانة على صديق الرجل وصفيه الذي يطلع على شئونه الخفية تشبيها ببطانة الثياب في شدة القرب من صاحبها.
قال الشاعر:أولئك خلصائى نعم وبطانتى ...
وهم عيبتي من دون كل قريبوقوله: مِنْ دُونِكُمْ أى من غير أهل ملتكم.
والمعنى: لا يجوز لكم- أيها المؤمنون- أن تتخذوا من غير أهل ملتكم أصفياء وأولياء تلقون إليهم بأسراركم التي لا يصح لكم أن تطلعوهم عليها، لأنكم لو فعلتم ذلك لأصابكم الضرر في دينكم ودنياكم.
قال القرطبي: «نهى الله المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء، يفاوضونهم في الآراء ويسندون إليهم أمورهم.
وفي سنن أبى داود عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» .
وقيل لعمر بن الخطاب- رضى الله عنه- إن هاهنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحد أكتب منه ولا أخط بقلم، أفلا يكتب عنك؟ فقال: لا آخذ بطانة من دون المؤمنين» .
ثم قال القرطبي- رحمه الله: قلت وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان باتخاذ أهل الكتاب كتبة وأمناء، وتسودوا بذلك عند الجهلة الأغبياء من الولاة والأمراء.
روى البخاري عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه.
وبطانة تأمره بالشر وتحثه عليه، والمعصوم من عصمه الله» .
وصدر- سبحانه - النداء بوصف الإيمان، للإشعار بأن مقتضى الإيمان يوجب عليهم ألا يأمنوا من يخالفهم في عقيدتهم على أسرارهم، وألا يتخذوا أعداء الله وأعداءهم أولياء يلقون إليهم بالمودة، وألا يطلعوهم على ما يجب إخفاؤه من شئون وأمور خاصة بالمؤمنين وقوله: مِنْ دُونِكُمْ يجوز أن يكون صفة لبطانة فيكون متعلقا بمحذوف، أى لا تتخذوا بطانة كائنة من غيركم.
ويجوز أن يكون متعلقا بقوله: لا تَتَّخِذُوا أى لا تتخذوا من غير أهل ملتكم بطانة تصافونهم وتطلعونهم على أسراركم.
ثم ذكر- سبحانه - جملة من الأسباب التي تجعل المؤمنين يمتنعون عن مصافاة هؤلاء الذين يخالفونهم في عقيدتهم فقال في بيان أول هذه الأسباب: لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وأصل «الألو» :التقصير.
يقال: ألا في الأمر- كغزا- يألو ألوا وألوا، إذا قصر فيه، ومنه قول امرئ القيس:وما المرء ما دامت حشاشة نفسه ...
بمدرك أطراف الخطوب ولا آلأراد ولا مقصر، وهو- أى الفعل «يألو» من الأفعال اللازمة التي تتعدى إلى المفعول بالحرف، وقد يستعمل متعديا إلى مفعولين كما في قولهم: لا آلوك نصحا، على تضمين الفعل معنى المنع.
أى لا أمنعك ذلك.
والخبال: الشر والفساد.
وأصله ما يلحق الحيوان من مرض وفتور فيورثه فسادا واضطرابا.
يقال خبله وخبله فهو خابل.
والجمع الخبل ورجل مخبل إذا أصيب بمرض أورثه اضطرابا وفسادا في قواه العقلية والفكرية.
والمعنى: أنهاكم- أيها المؤمنون- عن أن تتخذوا أولياء وأصفياء لكم من غير إخوانكم المؤمنين، لأن هؤلاء الأولياء من غير إخوانكم المؤمنين، لا يقصرون في جهد يبذلونه في إفساد أمركم، وفيما يورثكم شرا وضرا.
أو لا يمنعونكم خبالا، أى أنهم يفعلون معكم ما يقدرون عليه من الفساد ولا يبقون شيئا منه عندهم، بل يبذلون قصارى جهدهم في إلحاق الضرر بكم في دينكم ودنياكم.
وقوله: لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا جملة مستأنفة مبينة لحالهم داعية إلى اجتنابهم.
أو صفة لقوله:بِطانَةً.
وقوله: خَبالًا منصوب على أنه المفعول الثاني ليألونكم لتضمينه معنى يمنعونكم.
ويصح أن يكون منصوبا بنزع الخافض أى لا يقصرون لكم عن جهد فيما يورثكم شرا وفسادا.
أما السبب الثاني الذي يحمل المؤمنين على اجتناب هؤلاء الضالين فقد بينه- سبحانه - بقوله: وَدُّوا ما عَنِتُّمْ.
وقوله: وَدُّوا من الود وهو المحبة.
يقال: وددت كذا أى أحببته.
وقوله: عَنِتُّمْ من العنت وهو شدة الضرر والمشقة.
ومنه قوله-تبارك وتعالى-: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ أى لأوقعكم فيما يشق عليكم.
وما في قوله: ما عَنِتُّمْ هي ما المصدرية.
أى: أن هؤلاء الذين تصافونهم وتفشون إليهم أسراركم مع أنهم ليسوا على ملتكم، بجانب أنهم لا يألون جهدا في إفساد أمركم، فإنهم يحبون عنتكم ومشقتكم وشدة ضرركم، وتفريق جمعكم، وذهاب قوتكم.
فالجملة الأولى وهي قوله: لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا بمنزلة المظهر والنتيجة، وهذه.
أى قوله تعالى: وَدُّوا ما عَنِتُّمْ بمنزلة الباعث والدافع.
فهم لا يودون للمسلمين الخير والاطمئنان والأمان، وإنما يودون لهم الشقاء والشرور والخسران.
وليس بعاقل ذلك الذي يطلع من يريد له الشرور على أسراره ودخائله.
وأما السبب الثالث الذي يدعو المؤمنين إلى اجتنابهم فقد بينه الله-تبارك وتعالى- بقوله: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ.
والبغضاء مصدر كالسراء والضراء، وهي البغض الشديد المتمكن في النفوس، والثابت في القلوب.
أى: قد ظهرت أمارات العداوة لكم من فلتات ألسنتهم، وطفح البغض الباطن في قلوبهم لكم حتى خرج من أفواههم، ولاح على صفحات وجوههم، وقد قيل: كوامن النفوس تظهر على صفحات الوجوه وفلتات اللسان.
ومع هذا فإن ما تخفيه نفوسهم المريضة لكم من أحقاد وإحن، أكبر مما نطقت به ألسنتهم من بغضاء، إذ أن ما نطقوا به إنما هو بمثابة الرشح الذي ظهر من مسام أجسادهم وقلوبهم، أما ما يبيتونه لكم من شرور وآثام فهو أكبر من ذلك بكثير.
وخص الأفواه بالذكر دون الألسنة.
للإشارة إلى تشدقهم وثرثرتهم في أقوالهم الباطلة، فهم أشد جرما من المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه.
ثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة ببيان مظهر من مظاهر فضله على المؤمنين حيث كشف لهم عن أحوال أعدائهم، وعن سوء نواياهم وعن الأسباب التي تدعو إلى الحذر منهم فقال-تبارك وتعالى-: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.
أى قد بينا لكم العلامات الواضحات، والآيات البينات التي تعرفون بها أعداءكم، وتميزون عن طريقها بين الصديق وبين العدو، إن كنتم من أهل العقل والفهم.
والمقصود من الجملة الكريمة حضهم على استعمال عقولهم بتأمل وتدبر في هذه الآيات التي بينها الله لهم فضلا منه وكرما، وحتى لا يتخذوا بطانة من غير إخوانهم في العقيدة والدين.
وجواب الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه، والتقدير: إن كنتم تعقلون ذلك فلا تباطنوهم ولا تفشوا لهم أسراركم.
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلونفيه ست مسائل :الأولى : أكد الله تعالى الزجر عن الركون إلى الكفار .
وهو متصل بما سبق من قوله : إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب .
والبطانة مصدر ، يسمى به الواحد والجمع .
وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره ، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر .
وبطن فلان بفلان يبطن بطونا وبطانة إذا كان خاصا به .
قال الشاعر :أولئك خلصائي نعم وبطانتي وهم عيبتي من دون كل قريبالثانية : نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء ، يفاوضونهم في الآراء ، ويسندون إليهم أمورهم .
ويقال : كل من كان على خلاف مذهبك ودينك فلا ينبغي لك أن تحادثه ; قال الشاعر :عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتديوفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل .
وروي عن ابن مسعود أنه قال : اعتبروا الناس بإخوانهم .
ثم بين تعالى المعنى الذي لأجله نهى عن المواصلة فقال : لا يألونكم خبالا يقول فسادا .
يعني لا يتركون الجهد في فسادكم ، يعني أنهم وإن لم يقاتلوكم في الظاهر فإنهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة ، على ما يأتي بيانه .
وروي عن أبي أمامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا قال : ( هم الخوارج ) .
وروي أن أبا موسى الأشعري استكتب ذميا فكتب إليه عمر يعنفه وتلا عليه هذه الآية .
وقدم أبو موسى الأشعري على عمر - رضي الله عنهما - بحساب فرفعه إلى عمر فأعجبه ، وجاء عمر كتاب فقال لأبي موسى : أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس ؟ فقال : إنه لا يدخل المسجد .
فقال لم ! أجنب هو ؟ قال : إنه نصراني ; فانتهره وقال : لا تدنهم وقد أقصاهم الله ، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله ، ولا تأمنهم وقد خونهم الله .
وعن عمر - رضي الله عنه - قال : لا تستعملوا أهل الكتاب فإنهم يستحلون الرشا ، واستعينوا على أموركم وعلى رعيتكم بالذين يخشون الله تعالى .
وقيل لعمر ، - رضي الله عنه - : إن هاهنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحد أكتب منه ولا أخط بقلم أفلا يكتب عنك ؟ فقال : لا آخذ بطانة من دون المؤمنين .
فلا يجوز استكتاب أهل الذمة ، ولا غير ذلك من تصرفاتهم في البيع والشراء والاستنابة إليهم .
قلت : وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان باتخاذ أهل الكتاب كتبة وأمناء وتسودوا بذلك عند الجهلة الأغبياء من الولاة والأمراء .
روى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصم الله تعالى .
وروى أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم غريبا .
فسره الحسن بن أبي الحسن فقال : أراد عليه السلام لا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم ، ولا تنقشوا في خواتيمكم محمدا .
قال الحسن : وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم الآية .
الثالثة : قوله تعالى : من دونكم أي من سواكم .
قال الفراء : ويعملون عملا دون ذلك أي سوى ذلك .
وقيل : من دونكم يعني في السير وحسن المذهب .
ومعنى لا يألونكم خبالا لا يقصرون فيما فيه الفساد عليكم .
وهو في موضع الصفة ل بطانة من دونكم .
يقال : لا آلو جهدا أي لا أقصر .
وألوت ألوا قصرت ; قال امرؤ القيس :وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بمدرك أطراف الخطوب ولا آلوالخبال : الخبل .
والخبل : الفساد ; وقد يكون ذلك في الأفعال والأبدان والعقول .
وفي الحديث : ( من أصيب بدم أو خبل ) أي جرح يفسد العضو .
والخبل : فساد الأعضاء ، ورجل خبل ومختبل ، وخبله الحب أي أفسده .
قال أوس :أبني لبينى لستم بيد إلا يدا مخبولة العضدأي فاسدة العضد .
وأنشد الفراء :نظر ابن سعد نظرة وبت بها كانت لصحبك والمطي خبالاأي فسادا .
وانتصب خبالا بالمفعول الثاني ; لأن الألو يتعدى إلى مفعولين ، وإن شئت على المصدر ، أي يخبلونكم خبالا : وإن شئت بنزع الخافض ، أي بالخبال ; كما قالوا : أوجعته ضربا : " وما " في قوله : ودوا ما عنتم مصدرية ، أي ودوا عنتكم .
أي ما يشق عليكم .
والعنت المشقة ، وقد مضى في " البقرة " معناه .
الرابعة : قوله تعالى : قد بدت البغضاء من أفواههم يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواههم .
والبغضاء : البغض ، وهو ضد الحب .
والبغضاء مصدر مؤنث .
وخص تعالى الأفواه بالذكر دون الألسنة إشارة إلى تشدقهم وثرثرتهم في أقوالهم هذه ، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه .
ومن هذا المعنى نهيه عليه السلام أن يشتحي الرجل فاه في عرض أخيه .
معناه أن يفتح ; يقال : شحى الحمار فاه بالنهيق ، وشحى الفم نفسه .
وشحى اللجام فم الفرس شحيا ، وجاءت الخيل شواحي : فاتحات أفواهها .
ولا يفهم من هذا الحديث دليل خطاب على الجواز فيأخذ أحد في عرض أخيه همسا ; فإن ذلك يحرم باتفاق من العلماء .
وفي التنزيل ولا يغتب بعضكم بعضا الآية .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام .
فذكر الشحو إنما هو إشارة إلى التشدق والانبساط ، فاعلم .
الخامسة : وفي هذه الآية دليل على أن شهادة العدو على عدوه لا يجوز ، وبذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز ; وروي عن أبي حنيفة جواز ذلك .
وحكى ابن بطال عن ابن شعبان أنه قال : أجمع العلماء على أنه لا تجوز شهادة العدو على عدوه في شيء وإن كان عدلا ، والعداوة تزيل العدالة فكيف بعداوة كافر .
السادسة : قوله تعالى : وما تخفي صدورهم أكبر إخبار وإعلام بأنهم يبطنون من البغضاء أكثر مما يظهرون بأفواههم .
وقرأ عبد الله بن مسعود : " قد بدأ البغضاء " بتذكير الفعل ; لما كانت البغضاء بمعنى البغض .


شرح المفردات و معاني الكلمات : آمنوا , تتخذوا , بطانة , دونكم , يألونكم , خبالا , ودوا , عنتم , بدت , البغضاء , أفواههم , تخفي , صدورهم , أكبر , بينا , الآيات , تعقلون , لا+يألونكم+خبالا+ودوا+ما+عنتم , قد+بدت+البغضاء+من+أفواههم+وما+تخفي+صدورهم+أكبر , قد+بينا+لكم+الآيات+إن+كنتم+تعقلون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا
  2. ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون
  3. أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن
  4. أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت
  5. ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن
  6. وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا
  7. وحصل ما في الصدور
  8. وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب
  9. بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
  10. وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون

تحميل سورة آل عمران mp3 :

سورة آل عمران mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة آل عمران

سورة آل عمران بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة آل عمران بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة آل عمران بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة آل عمران بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة آل عمران بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة آل عمران بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة آل عمران بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة آل عمران بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة آل عمران بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة آل عمران بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, April 26, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب