1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الأنفال: 11] .

  
   

﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾
[ سورة الأنفال: 11]

القول في تفسير قوله تعالى : إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من


إذ يُلْقي الله عليكم النعاس أمانًا منه لكم من خوف عدوكم أن يغلبكم، وينزل عليكم من السحاب ماء طهورًا، ليطهركم به من الأحداث الظاهرة، ويزيل عنكم في الباطن وساوس الشيطان وخواطره، وليشدَّ على قلوبكم بالصبر عند القتال، ويثبت به أقدام المؤمنين بتلبيد الأرض الرملية بالمطر حتى لا تنزلق فيها الأقدام.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


اذكروا - أيها المؤمنون - إذ يُلْقِي الله النعاس عليكم أمنًا مما حصل لكم من الخوف من عدوكم، وينزل عليكم مطرًا من السماء؛ ليطهركم من الأحداث، وليزيل عنكم وساوس الشيطان، وليثبِّت به قلوبكم لتثبت أبدانكم عند اللقاء، وليثبِّت به الأقدام بتلْبِيد الأرض الرملية حتى لا تسيخ فيها الأقدام.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 11


اذكر «إذ يُغشِّيكم النعاس أمنة» أمنا مما حصل لكم من الخوف «منه» تعالى «وَيُنَزِّلُ عليكم من السماء ماء ليطهركم به» من الأحداث والجنابات «ويذهب عنكم رجز الشيطان» وسوسته إليكم بأنكم لو كنتم على الحق ما كنتم ظمأى محدثين والمشركون على الماء «وليربط» يحبس «على قلوبكم» باليقين والصبر «ويثبِّت به الأقدام» أن تسوخ في الرمل.

تفسير السعدي : إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من


ومن نصره واستجابته لدعائكم أن أنـزل عليكم نعاسا يُغَشِّيكُمُ [أي] فيذهب ما في قلوبكم من الخوف والوجل، ويكون أَمَنَةً لكم وعلامة على النصر والطمأنينة.
ومن ذلك: أنه أنـزل عليكم من السماء مطرا ليطهركم به من الحدث والخبث، وليطهركم به من وساوس الشيطان ورجزه.
وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ- أي: يثبتها فإن ثبات القلب، أصل ثبات البدن، وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ فإن الأرض كانت سهلة دهسة فلما نـزل عليها المطر تلبدت، وثبتت به الأقدام.

تفسير البغوي : مضمون الآية 11 من سورة الأنفال


( إذ يغشيكم النعاس ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو : " يغشاكم " بفتح الياء ، " النعاس " رفع على أن الفعل له ، كقوله تعالى في سورة آل عمران " أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم " ( آل عمران - 154 ) وقرأ أهل المدينة : " يغشيكم " بضم الياء وكسر الشين مخففا ، " النعاس " نصب ، كقوله تعالى : " كأنما أغشيت وجوههم " ، وقرأ الآخرون بضم الياء وكسر الشين مشددا ، " النعاس " نصب ، على أن الفعل لله - عز وجل - ، كقوله تعالى : " فغشاها ما غشى " ( النجم - 54 ) ، والنعاس : النوم الخفيف .
( أمنة ) أمنا ( منه ) مصدر أمنت أمنا وأمنة وأمانا .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : النعاس في القتال أمنة من الله وفي الصلاة وسوسة من الشيطان .
( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ) وذلك أن المسلمين نزلوا يوم بدر على كثيب أعفر ، تسوخ فيه الأقدام وحوافر الدواب ، وسبقهم المشركون إلى ماء بدر وأصبح المسلمون بعضهم محدثين وبعضهم مجنبين ، وأصابهم الظمأ ، ووسوس إليهم الشيطان ، وقال : تزعمون أنكم على الحق وفيكم نبي الله وأنكم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون محدثين ومجنبين ، فكيف ترجون أن تظهروا عليهم؟ فأرسل الله - عز وجل - عليهم مطرا سال منه الوادي فشرب المؤمنون واغتسلوا ، وتوضأوا وسقوا الركاب ، وملئوا الأسقية ، وأطفأ الغبار ، ولبد الأرض حتى ثبتت عليها الأقدام ، وزالت عنهم وسوسة الشيطان ، وطابت أنفسهم ، فذلك قوله تعالى : " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به " من الأحداث والجنابة .
( ويذهب عنكم رجز الشيطان ) وسوسته ، ( وليربط على قلوبكم ) باليقين والصبر ( ويثبت به الأقدام ) حتى لا تسوخ في الرمل بتلبيد الأرض .
وقيل: يثبت به الأقدام بالصبر وقوة القلب .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم حكى- سبحانه - بعد ذلك بعض المنن الأخرى التي منحها للمؤمنين قبل أن يلتحموا مع أعدائهم في بدر فقال: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ، وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ، وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ، وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ، وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ.
وقوله: يُغَشِّيكُمُ بتشديد الشين من التغشية بمعنى التغطية من غشاه تغشية أى:غطاه.
والنعاس: أول النوم قبل أن يثقل، وفعله- على الراجح - على وزن منع.
والأمنة: مصدر بمعنى الأمن.
وهو طمأنينة القلب وزوال الخوف، يقال: أمنت من كذا أمنة وأمنا وأمانا بمعنى.
قال الجمل: في قوله: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ ثلاث قراءات سبعية.
الأولى: يغشاكم كيلقاكم، من غشيه إذا أتاه وأصابه وفي المصباح: غشيته أغشاه من باب تعب بمعنى أتيته- وهي قراءة أبى عمرو وابن كثير.
الثانية: يغشيكم- بإسكان الغين وكسر الشين- من أغشاه.
أى أنزله بكم وأوقعه عليكم- وهو قراءة نافع- الثالثة: يغشيكم- بتشديد الشين وفتح الغين وهي قراءة الباقين- من غشاه تغشية بمعنى غطاه.
أى: يغشيكم الله النعاس أى يجعله عليكم كالغطاء من حيث اشتماله عليكم.
والنعاس على القراءة الأولى مرفوع على الفاعلية، وعلى الأخيرتين منصوب على المفعولية.
وقوله: «أمنة» حال أو مفعول لأجله .
وقال القرطبي: وكان هذا النعاس في الليلة التي كان القتال من غدها، فكان النوم عجيبا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم، ولكن الله ربط جأشهم.
وقال القرطبي: وكان هذا النعاس في الليلة التي كان القتال من غدها، فكان النوم عجيبا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم، ولكن الله ربط جأشهم.
وعن على- رضى الله عنه- قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد على فرس أبلق، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلى حتى أصبح.
وفي امتنان الله عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان: - أحدهما: أن قواهم بالاستراحة على القتال من الغد.
الثاني: أن أمنهم بزوال الرعب من قلوبهم: كما يقال: الأمن منيم، والخوف مسهر» «2» .
وقال ابن كثير: وجاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يوم بدر في العريش مع الصديق، وهما يدعوان، أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة من النوم.
ثم استيقظ متبسما، فقال: «أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع» .
ثم خرج من باب العريش وهو يتلو قول الله-تبارك وتعالى- سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ .
والمعنى: واذكروا- أيها المؤمنون- أيضا، وقت أن كنتم متعبين وقلقين على مصيركم في هذه المعركة، فألقى الله عليكم النعاس، وغشاكم به قبل التحامكم بأعدائكم، ليكون أمانا لقلوبكم، وراحة لأبدانكم، وبشارة خير لكم.
هذا، ومن العلماء الذين تكلموا عن نعمة النعاس التي ساقها الله للمؤمنين قبل المعركة، الإمامان الرازي ومحمد عبده.
أما الامام الرازي فقد قال ما ملخصه: واعلم أن كل نوم ونعاس لا يحصل إلا من قبل الله-تبارك وتعالى- فتخصيص هذا النعاس بأنه من الله لا بد فيه من مزيد فائدة، وذكروا في ذلك وجوها: منها: أن الخانف إذا خاف من عدوه فإنه لا يأخذه النوم، وإذا نام الخائفون أمنوا.
فصار حصول النوم لهم في وقت الخوف الشديد، يدل على إزالة الخوف وحصول الأمن.
ومنها: أنهم ما ناموا نوما غرقا يتمكن معه العدو من معافصتهم، بل كان ذلك نعاسا يزول معه الإعياء والكلال، ولو قصدهم العدو في هذه الحالة لعرفوا وصوله، ولقدروا على دفعه.
ومنها: أنه غشيهم هذا النعاس دفعة واحدة مع كثرتهم، وحصول النعاس للجمع العظيم في الخوف الشديد أمر خارق للعادة.
فلهذا السبب قيل: إن ذلك النعاس كان في حكم المعجز .
وقال الإمام محمد عبده: لقد مضت سنة الله في الخلق، بأن من يتوقع في صبيحة ليلته هولا كبيرا، ومصابا عظيما، فإنه يتجافى جنبه عن مضجعه فيصبح خاملا ضعيفا.
وقد كان المسلمون يوم بدر يتوقعون مثل ذلك، إذ بلغهم أن جيشا يزيد على عددهم ثلاثة أضعاف سيحاربهم غدا فكان من مقتضى العادة أن يناموا على بساط الأرق والسهاد.. ولكن الله رحمهم بما أنزل عليهم من النعاس: غشيهم فناموا، واثقين بالله، مطمئنين لوعده، وأصبحوا على همة ونشاط في لقاء عدوهم وعدوه.. فالنعاس لم يكن يوم بدر في وقت الحرب بل قبلها» .
وبذلك نرى أن النعاس الذي أنزله الله تعالى- على المؤمنين قبل لقائهم بأعدائهم في بدر كان نعمة عظيمة ومنة جليلة.
وقوله-تبارك وتعالى-: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ معطوف على قوله يُغَشِّيكُمُ وهو- أى: إنزال الماء من السماء نعمة عظمى تحمل في طياتها نعما وسننا.
أولها: يتجلى في هذه الجملة الكريمة، أنه- سبحانه - أنزل على المؤمنين المطر من السماء ليطهرهم به من الحدثين: الأصغر والأكبر، فإن المؤمن- كما يقول الإمام الرازي- «يكاد يستقذر نفسه إذا كان جنبا، ويغتم إذا لم يتمكن من الاغتسال، ويضطرب قلبه لأجل هذا السبب .
وثانيها: قوله-تبارك وتعالى-: ويذهب عنكم رجز الشيطان» .
وأصل الرجز: الاضطراب ويطلق على كل ما تشتد مشقته على النفوس.
قال الراغب: أصل الرجز الاضطراب، ومنه قيل رجز البعير رجزا فهو أرجز، وناقة رجزاء إذا تقارب خطوها واضطرب لضعفها..» .
والمراد برجز الشيطان: وسوسته للمؤمنين، وتخويفه إياهم من العطش وغيره عند فقدهم الماء وإلقاؤه الظنون السيئة في قلوبهم.
أى: أنه- سبحانه - أنزل عليكم الماء- أيها المؤمنون- ليطهركم به تطهيرا حسيا وليزيل عنكم وسوسة الشيطان، بتخويفه إياكم من العطش وبإلقائه في نفوسكم الظنون والأوهام.. وهذا هو التطهير الباطني.
وثالثها قوله-تبارك وتعالى-: وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ أى: وليقويها بالثقة في نصر الله، وليوطنها على الصبر والطمأنينة.. ولا شك أن وجود الماء في حوزة المحاربين يزيدهم قوة على قوتهم، وثباتا على ثباتهم، أما فقده فإنه يؤدى إلى فقد الثقة والاطمئنان، بل وإلى الهزيمة المحققة.
وأصل الربط: الشد.
ويقال لكل من صبر على أمر: ربط قلبه عليه، أى: حبس قلبه عن أن يضطرب أو يتزعزع، ومنه قولهم: رجل رابط الجأش.
أى: ثابت متمكن.
ورابع هذه النعم التي تولدت عن نزول الماء من السماء على المؤمنين، قبل خوضهم معركة بدر، يتجلى في قوله-تبارك وتعالى- وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ.
أى: أنه- سبحانه - أنزل عليهم المطر قبل المعركة لتطهيرهم حسيا ومعنويا، ولتقويتهم وطمأنينتهم، وليثبت أقدامهم به حتى لا تسوخ في الرمال، وحتى يسهل المشي عليها، إذ من المعروف أنه من العسير المشي على الرمال، فإذا ما نزلت عليها الأمطار جمدت وسهل السير فوقها، وانطفأ غبارها.. فالضمير في قوله بِهِ يعود على الماء المنزل من السماء.
قال الزمخشري: ويجوز أن يعود للربط- في قوله وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ، لأن القلب إذا تمكن فيه الصبر والجراءة ثبتت القدم في مواطن القتال.
هذا، وقد وردت آثار متعددة توضح ما اشتملت عليه هذه الآية الكريمة من نعم جليلة،ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس أنه قال: نزل النبي صلى الله عليه وسلم يعنى حين سار إلى بدر- والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة- أى كثيرة مجتمعة- فأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ، فوسوس بينهم، تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين؟ فأمطر الله عليهم مطرا شديدا، فشرب المسلمون وتطهروا، وأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وثبت الرمل حين أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم..» .
وعن عروة بن الزبير قال: بعث الله السماء وكان الوادي دهسا فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم من المسير، وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرحلوا معه» .
ومن هذا القول المنقول عن عروة- رضى الله عنه- نرى أن المطر كان خيرا للمسلمين، وكان شرا على الكافرين، لأن المسلمين كانوا في مكان يصلحه المطر، بينما كان المشركون في مكان يؤذيهم فيه المطر.

إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من: تفسير ابن كثير


يذكرهم الله بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم ، أمانا من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم وقلة عددهم ، وكذلك فعل تعالى بهم يوم أحد ، كما قال تعالى : { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم } [ آل عمران : 154 ] .
قال أبو طلحة كنت ممن أصابه النعاس يوم أحد ، ولقد سقط السيف من يدي مرارا ، يسقط وآخذه ، ويسقط وآخذه ، ولقد نظرت إليهم يميدون وهم تحت الحجف .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا زهير ، حدثنا ابن مهدي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي - رضي الله عنه - قال : ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي تحت شجرة ويبكي حتى أصبح .
وقال سفيان الثوري ، عن عاصم عن أبي رزين ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال : النعاس في القتال أمنة من الله ، وفي الصلاة من الشيطان .
وقال قتادة : النعاس في الرأس ، والنوم في القلب . .
قلت : أما النعاس فقد أصابهم يوم أحد ، وأمر ذلك مشهور جدا ، وأما يوم بدر في هذه الآية الشريفة إنما هي في سياق قصة بدر ، وهي دالة على وقوع ذلك أيضا وكأن ذلك كان سجية للمؤمنين عند شدة البأس لتكون قلوبهم آمنة مطمئنة بنصر الله . وهذا من فضل الله ورحمته بهم ونعمه عليهم ، وكما قال تعالى : { فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا } [ الشرح : 5 ، 6 ] ؛ ولهذا [ جاء ] في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كان يوم بدر في العريش مع الصديق - رضي الله عنه - وهما يدعوان ، أخذت رسول الله سنة من النوم ، ثم استيقظ متبسما فقال : أبشر يا أبا بكر ، هذا جبريل على ثناياه النقع ، ثم خرج من باب العريش ، وهو يتلو قوله تعالى : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } [ القمر : 45 ] .
وقوله : { وينزل عليكم من السماء ماء } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني : حين سار إلى بدر - والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة وأصاب المسلمين ضعف شديد ، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ ، يوسوس بينهم : تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله ، وقد غلبكم المشركون على الماء ، وأنتم تصلون مجنبين ! فأمطر الله عليهم مطرا شديدا ، فشرب المسلمون وتطهروا ، وأذهب الله عنهم رجز الشيطان ، وانشف الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب ، فساروا إلى القوم وأمد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بألف من الملائكة ، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة .
وكذا قال العوفي عن ابن عباس : إن المشركين من قريش لما خرجوا لينصروا العير وليقاتلوا عنها ، نزلوا على الماء يوم بدر ، فغلبوا المؤمنين عليه . فأصاب المؤمنين الظمأ ، فجعلوا يصلون مجنبين محدثين ، حتى تعاظموا ذلك في صدورهم ، فأنزل الله من السماء ماء حتى سال الوادي ، فشرب المؤمنون ، وملئوا الأسقية ، وسقوا الركاب واغتسلوا من الجنابة ، فجعل الله في ذلك طهورا ، وثبت الأقدام . وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة ، فبعث الله المطر عليها ، فضربها حتى اشتدت ، وثبتت عليها الأقدام .
ونحو ذلك روي عن قتادة ، والضحاك ، والسدي .
وقد روي عن سعيد بن المسيب ، والشعبي ، والزهري ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أنه طش أصابهم يوم بدر .
والمعروف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سار إلى بدر ، نزل على أدنى ماء هناك أي: أول ماء وجده ، فتقدم إليه الحباب بن المنذر فقال : يا رسول الله ، هذا المنزل الذي نزلته منزل أنزلكه الله فليس لنا أن نجاوزه ، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة ؟ فقال : بل منزل نزلته للحرب والمكيدة . فقال : يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل ، ولكن سر بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب ، ونستقي الحياض فيكون لنا ماء وليس لهم ماء . فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل كذلك .
وفي مغازي الأموي أن الحباب لما قال ذلك نزل ملك من السماء وجبريل جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ذلك الملك : يا محمد ، إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك : إن الرأي ما أشار به الحباب بن المنذر فالتفت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى جبريل ، عليه السلام ، فقال : هل تعرف هذا ؟ فنظر إليه فقال : ما كل الملائكة أعرفهم ، وإنه ملك وليس بشيطان .
وأحسن ما في هذا ما رواه الإمام محمد بن إسحاق بن يسار صاحب " المغازي " - رحمه الله - : حدثني يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير قال : بعث الله السماء - وكان الوادي دهسا - فأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم من المسير ، وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه .
وقال مجاهد : أنزل الله عليهم المطر قبل النعاس ، فأطفأ بالمطر الغبار ، وتلبدت به الأرض ، وطابت نفوسهم وثبتت به أقدامهم .
وقال ابن جرير : حدثنا هارون بن إسحاق ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا إسرائيل ، حدثنا أبو إسحاق ، عن حارثة ، عن علي - رضي الله عنه - قال : أصابنا من الليل طش من المطر - يعني الليلة التي كانت في صبيحتها وقعة بدر - فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها من المطر . وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه : اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض ، فلما أن طلع الفجر ، نادى : الصلاة عباد الله ، فجاء الناس من تحت الشجر والحجف ، فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرض على القتال .
وقوله : { ليطهركم به } أي: من حدث أصغر أو أكبر ، وهو تطهير الظاهر { ويذهب عنكم رجز الشيطان } أي: من وسوسة أو خاطر سيئ ، وهو تطهير الباطن ، كما قال تعالى في حق أهل الجنة : { عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة } فهذا زينة الظاهر { وسقاهم ربهم شرابا طهورا } [ الإنسان : 21 ] أي: مطهرا لما كان من غل أو حسد أو تباغض ، وهو زينة الباطن وطهارته .
{ وليربط على قلوبكم } أي: بالصبر والإقدام على مجالدة الأعداء ، وهو شجاعة الباطن ، { ويثبت به الأقدام } وهو شجاعة الظاهر ، والله أعلم .

تفسير القرطبي : معنى الآية 11 من سورة الأنفال


قوله تعالى إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدامقوله تعالى إذ يغشيكم النعاس مفعولان .
وهي قراءة أهل المدينة ، وهي حسنة لإضافة الفعل إلى الله عز وجل لتقدم ذكره في قوله : وما النصر إلا من عند الله .
ولأن بعده وينزل عليكم فأضاف الفعل إلى الله عز وجل .
فكذلك الإغشاء يضاف إلى الله عز وجل ليتشاكل الكلام .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " يغشاكم النعاس " بإضافة الفعل إلى النعاس .
دليله أمنة نعاسا يغشى في قراءة من قرأ بالياء أو بالتاء ; فأضاف الفعل إلى النعاس أو إلى الأمنة .
والأمنة هي النعاس ; فأخبر أن النعاس هو الذي يغشى القوم .
وقرأ الباقون " يغشيكم " بفتح الغين وشد الشين .
" النعاس " بالنصب على معنى قراءة نافع ، لغتان بمعنى غشى وأغشى ; قال الله تعالى : فأغشيناهم .
وقال : فغشاها ما غشى .
وقال : كأنما أغشيت وجوههم .
قال مكي : والاختيار ضم الياء والتشديد ونصب النعاس ; لأن بعده أمنة منه والهاء في منه لله ، فهو الذي يغشيهم النعاس ، ولأن الأكثر عليه .
وقيل : أمنة من العدو و أمنة مفعول من أجله أو مصدر ; يقال : أمن أمنة وأمنا وأمانا ; كلها سواء .
والنعاس حالة الآمن الذي لا يخاف .
وكان هذا النعاس في الليلة التي كان القتال من غدها ; فكان النوم عجيبا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم ، ولكن الله ربط جأشهم .
وعن علي رضي الله عنه قال : ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد على فرس أبلق ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ; ذكره البيهقي .
الماوردي : وفي امتنان الله عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان : أحدهما : أن قواهم بالاستراحة على القتال من الغد .
الثاني : أن أمنهم بزوال الرعب من قلوبهم ; كما يقال : الأمن منيم ، والخوف مسهر .
وقيل : غشاهم في حال التقاء الصفين .
وقد مضى مثل هذا في يوم أحد في " آل عمران " .
قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ظاهر القرآن يدل على أن النعاس كان قبل المطر .
وقال ابن أبي نجيح : كان المطر قبل النعاس .
وحكى الزجاج : أن الكفار يوم بدر سبقوا المؤمنين إلى ماء بدر فنزلوا عليه ، وبقي المؤمنون لا ماء لهم ، فوجست نفوسهم وعطشوا وأجنبوا وصلوا كذلك ; فقال بعضهم في نفوسهم بإلقاء الشيطان إليهم : نزعم أنا أولياء الله وفينا رسوله وحالنا هذه والمشركون على الماء .
فأنزل الله المطر ليلة بدر السابعة عشرة من رمضان حتى سالت الأودية ; فشربوا وتطهروا وسقوا الظهر وتلبدت السبخة التي كانت بينهم وبين المشركين حتى ثبتت فيها أقدام المسلمين وقت القتال .
وقد قيل : إن هذه الأحوال كانت قبل وصولهم إلى بدر ; وهو أصح ، وهو الذي ذكره ابن إسحاق في سيرته وغيره .
وهذا اختصاره : قال ابن عباس لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان أنه مقبل من الشأم ندب المسلمين إليهم وقال : " هذه عير قريش فيها الأموال فاخرجوا إليهم لعل الله أن ينفلكموها " قال : فانبعث معه من خف ; وثقل قوم وكرهوا الخروج ، وأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلوي على من تعذر ، ولا ينتظر من غاب ظهره ، فسار في ثلاثمائة وثلاثة عشر من أصحابه من مهاجري وأنصاري .
وفي البخاري عن البراء بن عازب قال : كان المهاجرون يوم بدر نيفا وثمانين ، وكان الأنصار نيفا وأربعين ومائتين .
وخرج أيضا عنه قال : كنا نتحدث أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر ، على عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ، وما جاوز معه إلا مؤمن .
وذكر البيهقي عن أبي أيوب الأنصاري قال : فخرجنا - يعني إلى بدر - فلما سرنا يوما أو يومين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعاد ، ففعلنا فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعدتنا ، فسر بذلك وحمد الله وقال : عدة أصحاب طالوت .
قال ابن إسحاق : وقد ظن الناس بأجمعهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلقى حربا فلم يكثر استعدادهم .
وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتجسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفا على أموال الناس ، حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استنفر لكم الناس ; فحذر عند ذلك واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري وبعثه إلى مكة ، وأمره أن يأتي قريشا يستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد عرض لها في أصحابه ; ففعل ضمضم .
فخرج أهل مكة في ألف رجل أو نحو ذلك ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه ، وأتاه الخبر عن قريش بخروجهم ليمنعوا عيرهم ; فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس ، فقام أبو بكر فقال فأحسن ، وقام عمر فقال فأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ، امض لما أمرك الله فنحن معك ، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل " فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون " ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ، والذي بعثك بالحق لو سرت إلى برك الغماد - يعني مدينة الحبشة - لجالدنا معك من دونه ; فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له بخير .
ثم قال : أشيروا علي أيها الناس يريد الأنصار .
وذلك أنهم عدد الناس ، وكانوا حين بايعوه بالعقبة قالوا : يا رسول الله ، إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا ، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذممنا ، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ونساءنا .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى أن عليها نصرته إلا بالمدينة ، وأنه ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو بغير بلادهم .
فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه سعد بن معاذ - وقيل سعد بن عبادة ، ويمكن أنهما تكلما جميعا في ذلك اليوم - فقال : يا رسول الله ، كأنك تريدنا معشر الأنصار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل فقال : إنا قد آمنا بك واتبعناك ، فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : امضوا على بركة الله فكأني أنظر إلى مصارع القوم .
فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبق قريشا إلى ماء بدر .
ومنع قريشا من السبق إليه مطر عظيم أنزله الله عليهم ، ولم يصب منه المسلمين إلا ما شد لهم دهس الوادي وأعانهم على المسير .
والدهس : الرمل اللين الذي تسوخ فيه الأرجل .
فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة ، فأشار عليه الحباب بن المنذر بن عمرو بن الجموح بغير ذلك وقال له : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله فليس لنا أن نتقدمه أو نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال عليه السلام : بل هو الرأي والحرب والمكيدة .
فقال : يا رسول الله ، إن هذا ليس لك بمنزل ، فانهض بنا إلى أدنى ماء من القوم فننزله ونعور ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضا فنملأه فنشرب ولا يشربون .
فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك من رأيه ، وفعله .
ثم التقوا فنصر الله نبيه والمسلمين ، فقتل من المشركين سبعين وأسر منهم سبعين ، وانتقم منهم للمؤمنين ، وشفى الله صدر رسوله عليه السلام وصدور أصحابه من غيظهم .
وفي ذلك يقول حسان : عرفت ديار زينب بالكثيب كخط الوحي في الورق القشيب تداولها الرياح وكل جونمن الوسمي منهمر سكوب فأمسى ربعها خلقا وأمستيبابا بعد ساكنها الحبيب فدع عنك التذكر كل يومورد حرارة الصدر الكئيب وخبر بالذي لا عيب فيهبصدق غير إخبار الكذوب بما صنع الإله غداة بدرلنا في المشركين من النصيب غداة كأن جمعهم حراءبدت أركانه جنح الغروب فلاقيناهم منا بجمعكأسد الغاب مردان وشيب أمام محمد قد وازروهعلى الأعداء في لفح الحروب بأيديهم صوارم مرهفاتوكل مجرب خاظي الكعوب بنو الأوس الغطارف وازرتهابنو النجار في الدين الصليب فغادرنا أبا جهل صريعاوعتبة قد تركنا بالجبوبوشيبة قد تركنا في رجالذوي نسب إذا نسبوا حسيبيناديهم رسول الله لما قذفناهم كباكب في القليبألم تجدوا كلامي كان حقا وأمر الله يأخذ بالقلوبفما نطقوا ، ولو نطقوا لقالوا أصبت وكنت ذا رأي مصيبوهنا ثلاث مسائل :الأولى : قال مالك : بلغني أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف أهل بدر فيكم ؟ قال : خيارنا .
قال : إنهم كذلك فينا .
فدل هذا على أن شرف المخلوقات ليس بالذوات ، وإنما هو بالأفعال .
فللملائكة أفعالها الشريفة من المواظبة على التسبيح الدائم .
ولنا أفعالنا بالإخلاص بالطاعة .
وتتفاضل الطاعات بتفضيل الشرع لها ، وأفضلها الجهاد ، وأفضل الجهاد يوم بدر ; لأن بناء الإسلام كان عليه .
الثانية : ودل خروج النبي صلى الله عليه وسلم ليلقى العير على جواز النفير للغنيمة لأنها كسب حلال .
وهو يرد ما كره مالك من ذلك ; إذ قال : ذلك قتال على الدنيا ، وما جاء أن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله دون من يقاتل للغنيمة ، يراد به إذا كان قصده وحده وليس للدين فيه حظ .
وروى عكرمة عن ابن عباس قال : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر : عليك بالعير ، ليس دونها شيء .
فناداه العباس وهو في الأسرى : لا يصلح هذا .
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ولم ؟ قال : لأن الله وعدك إحدى الطائفتين ، وقد أعطاك الله ما وعدك .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدقت .
وعلم ذلك العباس بحديث أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبما كان من شأن بدر ، فسمع ذلك في أثناء الحديث .
الثالثة : روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا ، ثم قام عليهم فناداهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا .
فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، كيف يسمعون ، وأنى يجيبون وقد جيفوا ؟ قال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا .
ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في القليب ، قليب بدر .
" جيفوا " بفتح الجيم والياء ، ومعناه أنتنوا فصاروا جيفا .
وقول عمر : " يسمعون " استبعاد على ما جرت به حكم العادة .
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يسمعون كسمع الأحياء .
وفي هذا ما يدل على أن الموت ليس بعدم محض ولا فناء صرف ، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته ، وحيلولة بينهما ، وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم الحديث .
أخرجه الصحيح .
قوله تعالى : ويثبت به الأقدام الضمير في به عائد على الماء الذي شد دهس الوادي ، كما تقوم .
وقيل : هو عائد على ربط القلوب ; فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب .

﴿ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ﴾ [ الأنفال: 11]

سورة : الأنفال - الأية : ( 11 )  - الجزء : ( 9 )  -  الصفحة: ( 178 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم
  2. تفسير: فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون
  3. تفسير: قالوا ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين
  4. تفسير: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
  5. تفسير: وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين
  6. تفسير: فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا
  7. تفسير: قم فأنذر
  8. تفسير: سلام هي حتى مطلع الفجر
  9. تفسير: لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد
  10. تفسير: منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين

تحميل سورة الأنفال mp3 :

سورة الأنفال mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنفال

سورة الأنفال بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأنفال بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأنفال بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأنفال بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأنفال بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأنفال بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأنفال بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأنفال بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأنفال بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأنفال بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب