1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ آل عمران: 26] .

  
   

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[ سورة آل عمران: 26]

القول في تفسير قوله تعالى : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء


قل -أيها النبي متوجها إلى ربك بالدعاء-: يا مَن لك الملك كلُّه، أنت الذي تمنح الملك والمال والتمكين في الأرض مَن تشاء مِن خلقك، وتسلب الملك ممن تشاء، وتهب العزة في الدنيا والآخرة مَن تشاء، وتجعل الذلَّة على من تشاء، بيدك الخير، إنك -وحدك- على كل شيء قدير. وفي الآية إثبات لصفة اليد لله تعالى على ما يليق به سبحانه.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


قل - أيها الرسول - مُثْنيًا على ربك ومعظّمًا له: اللَّهُمَّ أنت مالك الملك كله في الدنيا والآخرة، تؤتي الملك من تشاء من خلقك، وتنزعه ممن تشاء، وتُعز من تشاء منهم، وتذل من تشاء، وكل ذلك بحكمتك وعدلك، وبيدك وحدك الخير كله، وأنت على كل شيء قدير.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 26


ونزلت لما وعد صلى الله عليه وسلم أمته مُلك فارس والروم فقال المنافقون هيهات: «قل اللهم» يا الله «مالك الملك تؤتي» تعطي «الملك من تشاء» من خلقك «وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء» بإيتائه «وتذل من تشاء» بنزعه منه «بيدك» بقدرتك «الخير» أي والشر «إنك على كل شيء قدير».

تفسير السعدي : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء


يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل اللهم مالك الملك }- أي: أنت الملك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق لك، والمملكة كلها علويها وسفليها لك والتصريف والتدبير كله لك، ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد الباري تعالى بها، فقال: { تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء } وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها الله سببا لحصول الملك الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع، قال الله تعالى: { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } الآية فأخبر أن الإيمان والعمل الصالح سبب للاستخلاف المذكور، وقال تعالى: { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم } الآية وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين وثباتهم وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء وجعل بأسهم بينهم، ثم قال تعالى: { وتعز من تشاء } بطاعتك { وتذل من تشاء } بمعصيتك { إنك على كل شيء قدير } لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك

تفسير البغوي : مضمون الآية 26 من سورة آل عمران


قوله تعالى ( قل اللهم مالك الملك ) قال قتادة ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما وأنس بن مالك رضي الله عنه لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعد أمته ملك فارس والروم قال المنافقون واليهود : هيهات هيهات من أين لمحمد صلى الله عليه وسلم ملك فارس والروم؟ وهم أعز وأمنع من ذلك ألم يكف محمدا مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم؟ فأنزل الله هذه الآية ( قل اللهم ) قيل: معناه يا الله فلما حذف حرف النداء زيد الميم في آخره ، وقال قوم : للميم فيه معنى ، ومعناها يا ألله أمنا بخير أي : اقصدنا ، حذف منه حرف النداء كقولهم : هلم إلينا ، كان أصله هل أم إلينا ، ثم كثرت في الكلام فحذفت الهمزة استخفافا وربما خففوا أيضا فقالوا : لاهم ، قوله ( مالك الملك ) [ يعني يا مالك الملك ] أي مالك العباد وما ملكوا ، وقيل يا مالك السماوات والأرض ، وقال الله تعالى في بعض الكتب : " أنا الله ملك الملوك ، ومالك الملوك ، وقلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإن عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم " .
قوله تعالى : ( تؤتي الملك من تشاء ) قال مجاهد وسعيد بن جبير : يعني ملك النبوة وقال الكلبي : تؤتي الملك من تشاء محمدا وأصحابه ( وتنزع الملك ممن تشاء ) أبي جهل وصناديد قريش وقيل: تؤتي الملك من تشاء : العرب وتنزع الملك ممن تشاء : فارس والروم ، وقال السدي تؤتي الملك من تشاء ، آتى الله الأنبياء عليهم السلام وأمر العباد بطاعتهم ( وتنزع الملك ممن تشاء ) نزعه من الجبارين وأمر العباد بخلافهم ، وقيل تؤتي من تشاء : آدم وولده وتنزع الملك ممن تشاء إبليس وجنودهوقوله تعالى : ( وتعز من تشاء وتذل من تشاء ) قال عطاء تعز من تشاء : المهاجرين والأنصار وتذل من تشاء : فارس والروم ، وقيل تعز من تشاء محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى دخلوا مكة في عشرة آلاف ظاهرين عليها ، وتذل من تشاء : أبا جهل وأصحابه حتى حزت رءوسهم وألقوا في القليب ، وقيل تعز من تشاء بالإيمان والهداية ، وتذل من تشاء بالكفر والضلالة ، وقيل تعز من تشاء بالطاعة وتذل من تشاء بالمعصية ، وقيل تعز من تشاء بالنصر وتذل من تشاء بالقهر ، وقيل تعز من تشاء بالغنى وتذل من تشاء بالفقر ، وقيل تعز من تشاء بالقناعة والرضى وتذل من تشاء بالحرص والطمع ( بيدك الخير ) أي بيدك الخير والشر فاكتفى بذكر أحدهما قال تعالى : " سرابيل تقيكم الحر " ( 81 - النحل ) أي الحر والبرد فاكتفى بذكر أحدهما ( إنك على كل شيء قدير ) .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


قال القرطبي: قال ابن عباس وأنس بن مالك: «لما فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة، ووعد أمته ملك فارس والروم، قال المنافقون واليهود: هيهات هيهات! من أين لمحمد ملك فارس والروم وهم أعز وأمنع من ذلك، ألم يكف محمدا مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم.
فأنزل الله هذه الآية..والأمر بقوله قُلِ للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولكل من يتأتى له الخطاب من المؤمنين.
وكلمة اللَّهُمَّ يرى الخليل وسيبويه أن أصلها يا الله فلما استعملت دون حرف النداء الذي هو «يا» جعلوا هذه الميم المشددة التي في آخرها عوضا عن حرف النداء، وهذا التعويض من خصائص الاسم الجليل، كما اختص بجواز الجمع فيه بين «يا» و «أل» وبقطع همزته، ودخول تاء القسم عليه.
والمعنى.
قل أيها المخاطب على سبيل التعظيم لربك، والشكر له، والتوكل عليه والضراعة إليه، قل: يا الله يا مالك الملك أنت وحدك صاحب السلطان المطلق في هذا الوجود، بحيث تتصرف فيه كيف تشاء، إيجادا وإعداما، وإحياء وإماتة، وتعذيبا وإثابة، من غير أن ينازعك في ذلك أى منازع.
فكأن في هذه الجملة الكريمة قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ دعاءين خاشعين:أما الدعاء الأول فهو بلفظ الجلالة المعبر عنه بقوله اللَّهُمَّ أى يا الله، وفي هذا النداء كل معاني العبودية والتنزيه والتقديس والخضوع.
وأما الدعاء الثاني فهو المعبر عنه بقوله مالِكَ الْمُلْكِ أى يا مالك الملك، وفي هذا النداء كل معاني الإحساس بالربوبية، والضعف أمام قدرة الله وسلطانه.
فقوله مالِكَ منصوب بحرف النداء المحذوف.
كما في قوله قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى يا فاطر السموات والأرض.
ثم فصل- سبحانه - بعض مظاهر خلقه التي تدل على أنه هو مالك الملك على الحقيقة فقال-تبارك وتعالى- تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ.
أى أنت وحدك الذي تعطى الملك من تشاء إعطاءه من عبادك، وتنزعه ممن تشاء، نزعه منهم، فأنت المتصرف في شئون خلقك لا راد لقضائك ولا معقب لحكمك.
وعبر بالإيتاء الذي هو مجرد الإعطاء دون التمليك المؤذن بثبوت المالكية، للتنبيه على أن المالكية على الحقيقة إنما هي مختصة بالله رب العالمين، أما ما يعطيه لغيره من ملك فهو عارية مستردة، وهو شيء زائل لا يدوم.
والتعبير عن إزالة الملك بقوله وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ يشعر بأنه- سبحانه - في قدرته أن يسلب هذا العطاء من أى مخلوق مهما بلغت سعة ملكه، ومهما اشتدت قوته، وذلك لأن لفظ النزع يدل على أن المنزوع منه الشيء كان متمسكا به، فسلبه الله منه بمقتضى قدرته وحكمته.
والمراد بالملك هنا السلطان، وقيل النبوة، وقيل غير ذلك.
قال الفخر الرازي: وقوله تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ محمول على جميع أنواع الملك فيدخل فيه ملك النبوة، وملك العقل، والصحة، والأخلاق الحسنة.
وملك النفاذ والقدرة، وملك المحبة، وملك الأموال، وذلك لأن اللفظ عام فالتخصيص من غير دليل لا يجوز» .
ومفعول المشيئة في الجملتين محذوف أى: تؤتى الملك من تشاء إيتاءه وتنزعه ممن تشاء نزعه منه.
أما الأمر الثاني الذي يدل على أنه- سبحانه - هو مالك الملك على الحقيقة فهو قوله وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ.
العزة- كما يقول الراغب- حالة مانعة للإنسان من أن يغلب، من قولهم: أرض عزاز:أى صلبة، وتعزز اللحم: اشتد وعز، كأنه حصل في عزاز يصعب الوصول إليه.. والعزيز الذي يقهر ولا يغلب.
وتذل، من الذل، وهو ما كان عن قهر، يقال: ذل يذل ذلا إذا قهر وغلب والعزة صفة نفسية يحس بها المؤمن الصادق في إيمانه، لأنه يشعر دائما بأنه عبد الله وحده وليس عبدا لأحد سواه، قال-تبارك وتعالى- وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ فالمؤمنون الصادقون أعزاء ولو كانوا في المال والجاه فقراء.
أما الكافرون فهم أذلاء، لأنهم خضعوا لغير الله الواحد القهار.
والمعنى: أنت يا الله يا ملك الملك، أنت وحدك الذي تؤتى الملك لمن تشاء أن تؤتيه له، وتنزعه ممن تريد نزعه منه، وأنت وحدك الذي تعز من تشاء إعزازه بالنصر والتوفيق، وتذل من تشاء إذلاله بالهزيمة والخذلان، ثم ختم- سبحانه - الآية بهذا التسليم المطلق من المؤمنين لذاته فقال-تبارك وتعالى-: بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
أى أنت وحدك الذي تملك الخير كله، وتتصرف فيه حسب إرادتك ومشيئتك، لأنك على كل شيء قدير.
وأل في الخير للاستغراق الشامل، إذ كل خير فهو بيده- سبحانه - وقدرته، وتقديم الجار والمجرور بِيَدِكَ لإفادة الاختصاص، أى بيدك وحدك على الحقيقة لا بيد غيرك، وجملة «إنك على كل شيء قدير» تعليلية.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: «كيف قال بِيَدِكَ الْخَيْرُ فذكر الخير دون الشر قلت: لأن الكلام إنما وقع في الخير الذي يسوقه إلى المؤمنين وهو الذي أنكرته الكفرة فقال بيدك الخير، تؤتيه أولياءك على رغم من أعدائك، ولأن أفعال الله-تبارك وتعالى- من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خير كله كإيتاء الملك ونزعه» .

قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء: تفسير ابن كثير


يقول تعالى : { قل } يا محمد ، معظما لربك ومتوكلا عليه ، وشاكرا له ومفوضا إليه : { اللهم مالك الملك } أي: لك الملك كله { تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء } أي: أنت المعطي ، وأنت المانع ، وأنت الذي ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن .
وفي هذه الآية تنبيه وإرشاد إلى شكر نعمة الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه الأمة ، لأن الله حول النبوة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي المكي الأمي خاتم الأنبياء على الإطلاق ، ورسول الله إلى جميع الثقلين الإنس والجن ، الذي جمع الله فيه محاسن من كان قبله ، وخصه بخصائص لم يعطها نبيا من الأنبياء ولا رسولا من الرسل ، في العلم بالله وشريعته وإطلاعه على الغيوب الماضية والآتية ، وكشفه عن حقائق الآخرة ونشر أمته في الآفاق ، في مشارق الأرض ومغاربها ، وإظهار دينه وشرعه على سائر الأديان والشرائع ، فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين ، ما تعاقب الليل والنهار . ولهذا قال تعالى : { قل اللهم مالك الملك [ تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ] } أي: أنت المتصرف في خلقك ، الفعال لما تريد ، كما رد تبارك وتعالى على من يتحكم عليه في أمره ، حيث قال : { وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] .
قال الله تعالى ردا عليهم : { أهم يقسمون رحمة ربك [ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ] } الآية [ الزخرف : 32 ] أي: نحن نتصرف في خلقنا كما نريد ، بلا ممانع ولا مدافع ، ولنا الحكمة والحجة في ذلك ، وهكذا نعطي النبوة لمن نريد ، كما قال تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } [ الأنعام : 124 ] وقال تعالى : { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض [ وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ] } [ الإسراء : 21 ] وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة " إسحاق بن أحمد " من تاريخه عن المأمون الخليفة : أنه رأى في قصر ببلاد الروم مكتوبا بالحميرية ، فعرب له ، فإذا هو :
باسم الله ما اختلف الليل والنهار ، ولا دارت نجوم السماء في الفلك إلا بنقل النعيم عن ملك
قد زال سلطانه إلى ملك وملك ذي العرش دائم أبدا
ليس بفان ولا بمشترك
.

تفسير القرطبي : معنى الآية 26 من سورة آل عمران


قوله تعالى : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قديرقال علي - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما أراد الله تعالى أن ينزل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وشهد الله وقل اللهم مالك الملك إلى قوله بغير حساب تعلقن بالعرش وليس بينهن وبين الله حجاب وقلن يا رب تهبط بنا دار الذنوب وإلى من يعصيك فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لا يقرؤكن عقب كل صلاة مكتوبة إلا أسكنته حظيرة القدس على ما كان منه ، وإلا نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة ، وإلا قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة ، وإلا أعذته من كل عدو ونصرته عليه ولا يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت .
وقال معاذ بن جبل : احتبست عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما فلم أصل معه الجمعة فقال : ( يا معاذ ما منعك من صلاة الجمعة ؟ ) قلت : يا رسول الله ، كان ليوحنا بن باريا اليهودي علي أوقية من تبر وكان على بابي يرصدني فأشفقت أن يحبسني دونك .
قال : ( أتحب يا معاذ أن يقضي الله دينك ؟ ) قلت : نعم .
قال : ( قل كل يوم قل اللهم مالك الملك - إلى قوله - بغير حساب رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي منهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء اقض عني ديني فلو كان عليك ملء الأرض ذهبا لأداه الله عنك ) .
خرجه أبو نعيم الحافظ ، أيضا عن عطاء الخراساني أن معاذ بن جبل قال : علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آيات من القرآن - أو كلمات - ما في الأرض مسلم يدعو بهن وهو مكروب أو غارم أو ذو دين إلا قضى الله عنه وفرج همه ، احتبست عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; فذكره .
غريب من حديث عطاء أرسله عن معاذ .
وقال ابن عباس وأنس بن مالك : لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ووعد أمته ملك فارس والروم قال المنافقون واليهود : هيهات هيهات ! من أين لمحمد ملك فارس والروم هم أعز وأمنع من ذلك ، ألم يكف محمدا مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم ; فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقيل : نزلت دامغة لباطل نصارى أهل نجران في قولهم : إن عيسى هو الله ; وذلك أن هذه الأوصاف تبين لكل صحيح الفطرة أن عيسى ليس في شيء منها .
قال ابن إسحاق : أعلم الله عز وجل في هذه الآية بعنادهم وكفرهم ، وأن عيسى - صلى الله عليه وسلم - وإن كان الله تعالى أعطاه آيات تدل على نبوته من إحياء الموتى وغير ذلك فإن الله عز وجل هو المنفرد بهذه الأشياء ; من قوله : تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء .
وقوله : تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب فلو كان عيسى إلها كان هذا إليه ; فكان في ذلك اعتبار وآية بينة .
قوله تعالى : قل اللهم اختلف النحويون في تركيب لفظة " اللهم " بعد إجماعهم أنها مضمومة الهاء مشددة الميم المفتوحة ، وأنها منادى ; وقد جاءت مخففة الميم في قول الأعشى :كدعوة من أبي رباح يسمعها إليهم الكبارقال الخليل وسيبويه وجميع البصريين : إن أصل اللهم يا ألله ، فلما استعملت الكلمة دون حرف النداء الذي هو " يا " جعلوا بدله هذه الميم المشددة ، فجاءوا بحرفين وهما الميمان عوضا من حرفين وهما الياء والألف ، والضمة في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد .
وذهب الفراء والكوفيون إلى أن الأصل في اللهم يا ألله أمنا بخير ; فحذف وخلط الكلمتين ، وإن الضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت الهمزة انتقلت الحركة .
قال النحاس : هذا عند البصريين من الخطأ العظيم ، والقول في هذا ما قال الخليل وسيبويه .
قال الزجاج : محال أن يترك الضم الذي هو دليل على النداء المفرد ، وأن يجعل في اسم الله ضمة أم ، هذا إلحاد في اسم الله تعالى .
قال ابن عطية : وهذا غلو من الزجاج ، وزعم أنه ما سمع قط " يا ألله أم " ، ولا تقول العرب يا اللهم .
وقال الكوفيون : إنه قد يدخل حرف النداء على " اللهم " وأنشدوا على ذلك قول الراجز :غفرت أو عذبت يا اللهماآخر :وما عليك أن تقولي كلما سبحت أو هللت يا اللهمااردد علينا شيخنا مسلما فإننا من خيره لن نعدماآخر :إني إذا ما حدث ألما أقول يا اللهم يا اللهماقالوا : فلو كان الميم عوضا من حرف النداء لما اجتمعا .
قال الزجاج : وهذا شاذ ولا يعرف قائله ، ولا يترك له ما كان في كتاب الله وفي جميع ديوان العرب ; وقد ورد مثله في قوله :هما نفثا في في من فمويهما على النابح العاوي أشد رجامقال الكوفيون : وإنما تزاد الميم مخففة في " فم وابنم " ، وأما ميم مشددة فلا تزاد .
وقال بعض النحويين : ما قاله الكوفيون خطأ ; لأنه لو كان كما قالوا كان يجب أن يقال : " اللهم " ويقتصر عليه لأنه معه دعاء .
وأيضا فقد تقول : أنت اللهم الرزاق .
فلو كان كما ادعوا لكنت قد فصلت بجملتين بين الابتداء والخبر .
قال النضر بن شميل : من قال اللهم فقد دعا الله تعالى بجميع أسمائه كلها وقال الحسن : اللهم تجمع الدعاء .
قوله تعالى : مالك الملك قال قتادة : بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل الله - عز وجل - أن يعطي أمته ملك فارس فأنزل الله هذه الآية .
وقال مقاتل : سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل الله له ملك فارس والروم في أمته ; فعلمه الله تعالى بأن يدعو بهذا الدعاء .
وقد تقدم معناه .
و " مالك " منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان ; ومثله قوله تعالى : قل اللهم فاطر السماوات والأرض ولا يجوز عنده أن يوصف اللهم لأنه قد ضمت إليه الميم .
وخالفه محمد بن يزيد وإبراهيم بن السري الزجاج فقالا : " مالك " في الإعراب صفة لاسم الله تعالى ، وكذلك فاطر السماوات والأرض .
قال أبو علي ; هو مذهب أبي العباس المبرد ; وما قاله سيبويه أصوب وأبين ; وذلك أنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد " اللهم " لأنه اسم مفرد ضم إليه صوت ، والأصوات لا توصف ; نحو غاق وما أشبهه .
وكان حكم الاسم المفرد ألا يوصف وإن كانوا قد وصفوه في مواضع .
فلما ضم هنا ما لا يوصف إلى ما كان قياسه ألا يوصف صار بمنزلة صوت ضم إلى صوت ; نحو حيهل فلم يوصف .
و " الملك " هنا النبوة ; عن مجاهد .
وقيل ، الغلبة .
وقيل : المال والعبيد .
الزجاج : المعنى مالك العباد وما ملكوا .
وقيل : المعنى مالك الدنيا والآخرة .
ومعنى تؤتي الملك أي الإيمان والإسلام .
من تشاء أي من تشاء أن تؤتيه إياه ، وكذلك ما بعده ، ولا بد فيه من تقدير الحذف ، أي وتنزع الملك ممن تشاء أن تنزعه منه ، ثم حذف هذا ، وأنشد سيبويه :ألا هل لهذا الدهر من متعلل على الناس مهما شاء بالناس يفعلقال الزجاج : مهما شاء أن يفعل بالناس يفعل .
وتعز من تشاء يقال : عز إذا علا وقهر وغلب ; ومنه ، وعزني في الخطاب .
وتذل من تشاء ذل يذل إذا غلب وعلا وقهر .
قال طرفة :بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا ذليل بأجماع الرجال ملهدبيدك الخير أي بيدك الخير والشر فحذف ; كما قال : سرابيل تقيكم الحر .
وقيل : خص الخير لأنه موضع دعاء ورغبة في فضله .
قال النقاش : بيدك الخير ، أي النصر والغنيمة .
وقال أهل الإشارات .
كان أبو جهل يملك المال الكثير ، ووقع في الرس يوم بدر ، والفقراء صهيب وبلال وخباب لم يكن لهم مال ، وكان ملكهم الإيمان ، قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء تقيم الرسول يتيم أبي طالب على رأس الرس حتى ينادي أبدانا قد انقلبت إلى القليب : يا عتبة ، يا شيبة تعز من تشاء وتذل من تشاء .
أي صهيب ، أي بلال ، لا تعتقدوا أنا منعناكم من الدنيا ببغضكم .
بيدك الخير ما منعكم من عجز إنك على كل شيء قدير إنعام الحق عام يتولى من يشاء .

﴿ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ﴾ [ آل عمران: 26]

سورة : آل عمران - الأية : ( 26 )  - الجزء : ( 3 )  -  الصفحة: ( 53 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل
  2. تفسير: خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر
  3. تفسير: وقالوا ياأيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون
  4. تفسير: كالمهل يغلي في البطون
  5. تفسير: يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى
  6. تفسير: وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين
  7. تفسير: قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين
  8. تفسير: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات
  9. تفسير: ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا
  10. تفسير: وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون

تحميل سورة آل عمران mp3 :

سورة آل عمران mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة آل عمران

سورة آل عمران بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة آل عمران بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة آل عمران بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة آل عمران بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة آل عمران بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة آل عمران بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة آل عمران بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة آل عمران بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة آل عمران بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة آل عمران بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

اللهم , مالك+الملك , الملك , تنزع , تعز , تذل , بيدك , الخير , شيء , قدير , تعز+من+تشاء , تذل+من+تشاء , بيدك+الخير , إنك+على+كل+شيء+قدير ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب