تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ التوبة: 3] .
﴿ وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
﴿ وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
[ سورة التوبة: 3]
القول في تفسير قوله تعالى : وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج
وإعلام من الله ورسوله وإنذار إلى الناس يوم النحر أن الله بريء من المشركين، ورسوله بريء منهم كذلك. فإن رجعتم -أيها المشركون- إلى الحق وتركتم شرككم فهو خير لكم، وإن أعرضتم عن قَبول الحق وأبيتم الدخول في دين الله فاعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من عذاب الله. وأنذر -أيها الرسول- هؤلاء المعرضين عن الإسلام عذاب الله الموجع.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
وإعلام من الله، وإعلام من رسوله إلى جميع الناس يوم النحر أن الله سبحانه بريء من المشركين، وأن رسوله بريء كذلك منهم، فإن تبتم -أيها المشركون - من شرككم فتوبتكم خير لكم، وإن أعرضتم عن التوبة فأيقنوا أنكم لن تفوتوا الله، ولن تفلتوا من عقابه، وأخبر - أيها الرسول - الذين كفروا بالله بما يسوؤهم، وهو عذاب موجع ينتظرهم.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 3
(وأذان) إعلام (من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) يوم النحر (أن) أي بأن (الله برئ من المشركين) وعهودهم (ورسوله) برئ أيضا "" وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا من السنة وهي سنة تسع فأذن يوم النحر بمنى بهذه الآيات وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان "" رواه البخاري (فإن تبتم) من الكفر (فهو خير لكم وإن توليتم) عن الإيمان (فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر) أخبر (الذين كفروا بعذاب أليم) مؤلم وهو القتل والأسر في الدنيا والنار في الآخرة.
تفسير السعدي : وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج
هذا ما وعد اللّه به المؤمنين، من نصر دينه وإعلاء كلمته، وخذلان أعدائهم من المشركين الذين أخرجوا الرسول ومن معه من مكة، من بيت اللّه الحرام، وأجلوهم، مما لهم التسلط عليه من أرض الحجاز. نصر اللّه رسوله والمؤمنين حتى افتتح مكة، وأذل المشركين، وصار للمؤمنين الحكم والغلبة على تلك الديار. فأمر النبي مؤذنه أن يؤذن يوم الحج الأكبر، وهو يوم النحر، وقت اجتماع الناس مسلمهم وكافرهم، من جميع جزيرة العرب، أن يؤذن بأن اللّه بريء ورسوله من المشركين، فليس لهم عنده عهد وميثاق، فأينما وجدوا قتلوا، وقيل لهم: لا تقربوا المسجد الحرام بعد عامكم هذا، وكان ذلك سنة تسع من الهجرة. وحج بالناس أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، وأذن ببراءة ـ يوم النحر ـ ابن عم رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه. ثم رغب تعالى المشركين بالتوبة، ورهبهم من الاستمرار على الشرك فقال: {فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} أي: فائتيه، بل أنتم في قبضته، قادر أن يسلط عليكم عباده المؤمنين. {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} أي: مؤلم مفظع في الدنيا بالقتل والأسر، والجلاء، وفي الآخرة، بالنار، وبئس القرار.
تفسير البغوي : مضمون الآية 3 من سورة التوبة
قوله عز وجل : ( وأذان ) عطف على قوله : " براءة " أي : إعلام . ومنه الأذان بالصلاة ، يقال : آذنته فأذن ، أي : أعلمته . وأصله من الأذن ، أي : أوقعته في أذنه .( من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ) واختلفوا في يوم الحج الأكبر : روى عكرمة عن ابن عباس : أنه يوم عرفة ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن الزبير . وهو قول عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن المسيب .وقال جماعة : هو يوم النحر ، روي عن يحيى بن الجزار قال : خرج علي رضي الله عنه يوم النحر على بغلة بيضاء ، يريد الجبانة ، فجاءه رجل وأخذ بلجام دابته وسأله عن يوم الحج الأكبر؟ فقال : يومك هذا ، خل سبيلها . ويروى ذلك عن عبد الله بن أبي أوفى والمغيرة بن شعبة . وهو قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والسدي .وروى ابن جريج عن مجاهد : يوم الحج الأكبر حين الحج أيام منى كلها ، وكان سفيان الثوري يقول : يوم الحج الأكبر أيام منى كلها ، مثل : يوم صفين ويوم الجمل ويوم بعاث ، يراد به : الحين والزمان ، لأن هذه الحروب دامت أياما كثيرة .وقال عبد الله بن الحارث بن نوفل : يوم الحج الأكبر اليوم الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو قول ابن سيرين ، لأنه اجتمع فيه حج المسلمين وعيد اليهود والنصارى والمشركين ، ولم يجتمع قبله ولا بعده .واختلفوا في الحج الأكبر : فقال مجاهد : الحج الأكبر : القران ، والحج الأصغر : إفراد الحج .وقال الزهري والشعبي وعطاء : الحج الأكبر : الحج ، والحج الأصغر : العمرة؛ قيل لها الأصغر لنقصان أعمالها .قوله تعالى : ( أن الله بريء من المشركين ورسوله ) أي : ورسوله أيضا بريء من المشركين . وقرأ يعقوب " ورسوله " بنصب اللام أي : أن الله ورسوله بريء ، ( فإن تبتم ) رجعتم من كفركم وأخلصتم التوحيد ، ( فهو خير لكم وإن توليتم ) أعرضتم عن الإيمان ، ( فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم ) .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
ثم بين- سبحانه - بعد ذلك الموعد الذي تعلن فيه هذه البراءة من المشركين حتى لا يكون لهم عذر بعد هذا الإعلان فقال-تبارك وتعالى-:وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ....الأذان: الإعلام تقول: آذنته بالشيء إذا أعلمته به. ومنه الأذان للصلاة أى الإعلام بحلول وقتها. وهو بمعنى الإيذان كما أن العطاء بمعنى الإعطاء.قال الجمل: وهو مرفوع بالابتداء. ومِنَ اللَّهِ إما صفته أو متعلق به إِلَى النَّاسِ الخبر، ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف. أى: وهذه، أى: الآيات الآتي ذكرها إعلام من الله ورسوله ....والمعنى: وهذه الآيات إيذان وإعلان من الله ورسوله إلى الناس عامة يوم الحج الأكبر بأن الله ورسوله قد برئا من عهود المشركين، وأن هذه العهود قد نبذت إليهم، بسبب إصرارهم على شركهم ونقضهم لمواثيقهم.وأسند- سبحانه - الأذان إلى الله ورسوله، كما أسندت البراءة إليهما، إعلاء لشأنه وتأكيدا لأمره:قال صاحب الكشاف: فإن قلت: أى فرق بين معنى الجملة الأولى والثانية؟ قلت: تلك إخبار بثبوت البراءة، وهذه إخبار بوجوب الإعلام بما ثبت.فإن قلت: لم علقت البراءة بالذين عوهدوا من المشركين وعلق الأذان بالناس؟ قلت:لأن البراءة مختصة بالمعاهدين والناكثين منهم وأما الأذان فعام لجميع الناس «من عاهد ومن لم يعاهد، ومن نكث من المعاهدين ومن لم ينكث » .واختير يوم الحج الأكبر لهذا الإعلام، لأنه اليوم الذي يضم أكبر عدد من الناس يمكن أن يذاع الخبر عن طريقهم في جميع أنحاء البلاد.وأصح ما قيل في يوم الحج الأكبر أنه يوم النحر. وقيل: هو يوم عرفة، وقيل: هو جميع أيام الحج.وقد رجح ابن جرير- بعد أن بسط الأقوال في ذلك- أن المراد بيوم الحج الأكبر: يوم النحر فقال. وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندنا: قول من قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر، لتظاهر الأخبار عن جماعة من الصحابة أن عليا نادى بما أرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين يوم النحر، هذا مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر: «أتدرون أى يوم هذا؟ هذا يوم الحج الأكبر» .وقال بعض العلماء: قال ابن القيم: والصواب أن المراد بيوم الحج الأكبر يوم النحر، لأنه ثبت في الصحيحين أن أبا بكر وعليا أذنا بذلك يوم النحر لا يوم عرفة. وفي سنن أبى داود بأصح إسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يوم الحج الأكبر يوم النحر» ، وكذا قال أبو هريرة وجماعة من الصحابة.ويوم عرفة مقدمة ليوم النحر بين يديه، فإن فيه يكون الوقوف والتضرع ثم يوم النحر تكون الوفادة والزيارة.. ويكون فيه ذبح القرابين، وحلق الرءوس، ورمى الجمار، ومعظم أفعال الحج .وقد ساق ابن كثير جملة من الأحاديث التي حكت ما كان ينادى به على بن أبى طالب والناس يوم الحج الأكبر ومن ذلك ما أخرجه الإمام أحمد عن محرز بن أبى هريرة عن أبيه قال: كنت مع على بن أبى طالب حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ينادى، فكان إذا صحل ناديت- أى كان إذا بح صوته وتعب من كثرة النداء ناديت- قلت: بأى شيء كنتم تنادون؟ قال:بأربع: لا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد عامنا هذا مشرك، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فعهده إلى مدته .وسمى يوم النحر بالحج الأكبر، لأن العمرة كانت تسمى بالحج الأصغر ولأن ما يفعل فيه معظم أفعال الحج- كما قال ابن القيم.هذا، وللعلماء أقوال في إعراب لفظ وَرَسُولِهِ من قوله-تبارك وتعالى- أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ. وقد لخص الشيخ الجمل هذه الأقوال تلخيصا حسنا فقال: قوله وَرَسُولِهِ بالرفع باتفاق السبعة وقرئ شاذا بالجر على المجاورة. أو على أن الواو للقسم وقرئ شاذا أيضا بالنصب على أنه مفعول معه، أو معطوف على لفظ الجلالة، وفي الرفع ثلاثة وجوه: أحدها أنه مبتدأ والخبر محذوف أى: ورسوله برىء منهم، وإنما حذف للدلالة عليه.والثاني أنه معطوف على الضمير المستتر في الخبر ... والثالث: أنه معطوف على محل اسم أن ... » .ثم أردف- سبحانه - هذا الإعلام بالبراءة من عهود المشركين بترغيبهم في الإيمان وتحذيرهم من الكفر والعصيان فقال: فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ، وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ.أى: فإن تبتم أيها المشركون من كفركم، ورجعتم إلى الإيمان بالله وحده واتبعتم ما جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم فهو أى المتاب والرجوع إلى الحق خَيْرٌ لَكُمْ من التمادي في الكفر والضلال: وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ وأعرضتم عن الإيمان، وأبيتم إلا الإقامة على باطلكم فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ أى: فأيقنوا أنكم لا مهرب لكم من عقاب الله، ولا إفلات لكم من أخذه وبطشه، لأنكم أينما كنتم فأنتم في قبضته وتحت قدرته.وقوله: وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ تذييل قصد به تأكيد زجرهم عن التولي والإعراض عن الحق.أى: وبشر- يا محمد- هؤلاء الذين كفروا بالحق لما جاءهم بالعذاب الأليم في الآخرة بعد إنزال الخزي والمذلة بهم في الدنيا.ولفظ البشارة ورد هنا على سبيل الاستهزاء بهم، كما يقال: تحيتهم الضرب، وإكرامهم الشتم.
وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج: تفسير ابن كثير
يقول تعالى : وإعلام } من الله ورسوله } وتقدم وإنذار إلى الناس ، { يوم الحج الأكبر } وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعا { أن الله بريء من المشركين ورسوله } أي: بريء منهم أيضا .
ثم دعاهم إلى التوبة إليه فقال : { فإن تبتم } أي: مما أنتم فيه من الشرك والضلال { فهو خير لكم وإن توليتم } أي: استمررتم على ما أنتم عليه { فاعلموا أنكم غير معجزي الله } بل هو قادر ، وأنتم في قبضته ، وتحت قهره ومشيئته ، { وبشر الذين كفروا بعذاب أليم } أي: في الدنيا بالخزي والنكال ، وفي الآخرة بالمقامع والأغلال .
قال البخاري - رحمه الله - : حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : بعثني أبو بكر - رضي الله عنه - في تلك الحجة في المؤذنين ، بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى : ألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان . قال حميد : ثم أردف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعلي بن أبي طالب ، فأمره أن يؤذن ببراءة . قال أبو هريرة : فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر ببراءة وألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .
ورواه البخاري أيضا : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ويوم الحج الأكبر يوم النحر ، وإنما قيل : " الأكبر " ، من أجل قول الناس : " الحج الأصغر " ، فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام ، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشرك .
وهذا لفظ البخاري في كتاب " الجهاد " .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في قوله : { براءة من الله ورسوله } قال : لما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن حنين ، اعتمر من الجعرانة ، ثم أمر أبا بكر على تلك الحجة - قال معمر : قال الزهري : وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمر أبا هريرة أن يؤذن ببراءة في حجة أبي بكر قال أبو هريرة : ثم أتبعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا ، وأمره أن يؤذن ببراءة ، وأبو بكر على الموسم كما هو ، أو قال : على هيئته .
وهذا السياق فيه غرابة ، من جهة أن أمير الحج كان سنة عمرة الجعرانة إنما هو عتاب بن أسيد ، فأما أبو بكر إنما كان أميرا سنة تسع .
وقال أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن محرر بن أبي هريرة ، عن أبيه قال : كنت مع علي بن أبي طالب ، حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة " ببراءة " ، فقال : ما كنتم تنادون ؟ قال : كنا ننادي : ألا يدخل الجنة إلا مؤمن ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فإن أجله - أو أمده - إلى أربعة أشهر ، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله ، ولا يحج هذا البيت بعد العام مشرك . قال : فكنت أنادي حتى صحل صوتي .
وقال الشعبي : حدثني محرر بن أبي هريرة ، عن أبيه قال : كنت مع ابن أبي طالب - رضي الله عنه - حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي ، فكان إذا صحل ناديت . قلت : بأي شيء كنتم تنادون ؟ قال : بأربع : لا يطوف بالكعبة عريان ، ومن كان له عهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعهده إلى مدته ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، ولا يحج بعد عامنا مشرك .
رواه ابن جرير من غير ما وجه ، عن الشعبي . ورواه شعبة ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، به إلا أنه قال : ومن كان بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد ، فعهده إلى أربعة أشهر . وذكر تمام الحديث .
قال ابن جرير : وأخشى أن يكون وهما من بعض نقلته ؛ لأن الأخبار متظاهرة في الأجل بخلافه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، عن سماك ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث ب " براءة " مع أبي بكر ، فلما بلغ ذا الحليفة قال : لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي . فبعث بها مع علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .
ورواه الترمذي في التفسير ، عن بندار ، عن عفان وعبد الصمد ، كلاهما عن حماد بن سلمة به ، ثم قال : حسن غريب من حديث أنس ، رضي الله عنه .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا محمد بن سليمان - لوين - حدثنا محمد بن جابر ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي - رضي الله عنه - قال : لما نزلت عشر آيات من " براءة " على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، ثم دعاني فقال : أدرك أبا بكر ، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه ، فاذهب إلى أهل مكة فاقرأه عليهم . فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ، ورجع أبو بكر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، نزل في شيء ؟ فقال : لا ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك .
هذا إسناد فيه ضعف .
وليس المراد أن أبا بكر - رضي الله عنه - رجع من فوره ، بل بعد قضائه للمناسك التي أمره عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء مبينا في الرواية الأخرى .
وقال عبد الله أيضا : حدثني أبو بكر ، حدثنا عمرو بن حماد ، عن أسباط بن نصر ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه ب " براءة " قال : يا نبي الله ، إني لست باللسن ولا بالخطيب ، قال : ما بد لي أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت . قال : فإن كان ولا بد فسأذهب أنا . قال : انطلق ، فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك . قال : ثم وضع يده على فيه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع - رجل من همدان - : سألنا عليا : بأي شيء بعثت ؟ يعني : يوم بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبي بكر في الحجة ، قال : بعثت بأربع : لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد فعهده إلى مدته ، ولا يحج المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا .
ورواه الترمذي عن قلابة ، عن سفيان بن عيينة ، به ، وقال : حسن صحيح .
كذا قال ، ورواه شعبة ، عن أبي إسحاق فقال : عن زيد بن يثيع وهم فيه . ورواه الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن علي ، رضي الله عنه .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو أسامة ، عن زكريا ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع ، عن علي قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت " براءة " بأربع : ألا يطوف بالبيت عريان ، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا ، ومن كان بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فهو إلى مدته ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة .
ثم رواه ابن جرير ، عن محمد بن عبد الأعلى ، عن ابن ثور ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال : أمرت بأربع . فذكره .
وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع قال : نزلت براءة فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر ، ثم أرسل عليا ، فأخذها منه ، فلما رجع أبو بكر قال : نزل في شيء ؟ قال : لا ولكن أمرت أن أبلغها أنا أو رجل من أهل بيتي . فانطلق إلى أهل مكة ، فقام فيهم بأربع : لا يدخل مكة مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد ، فعهده إلى مدته .
وقال محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي قال : لما نزلت " براءة " على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان بعث أبا بكر ليقيم الحج للناس ، فقيل : يا رسول الله ، لو بعثت إلى أبي بكر . فقال : لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي . ثم دعا عليا فقال : اخرج بهذه القصة من صدر براءة ، وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى : أنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطف بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فعهده إلى مدته .
فخرج علي - رضي الله عنه - على ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العضباء ، حتى أدرك أبا بكر في الطريق فلما رآه أبو بكر قال : أمير أو مأمور ؟ قال : بل مأمور ، ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج ، [ والعرب ] إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية حتى إذا كان يوم النحر ، قام علي بن أبي طالب فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا أيها الناس ، إنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام ، ولا يطف بالبيت عريان ، ومن كان له عهد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو إلى مدته . فلم يحج بعد ذلك العام مشرك ، ولم يطف بالبيت عريان ، ثم قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فكان هذا من " براءة " فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام ، وأهل المدة إلى الأجل المسمى .
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا أبو زرعة وهب الله بن راشد ، أخبرنا حيوة بن شريح : أخبرنا أبو صخر : أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول : سمعت أبا الصهباء البكري وهو يقول : سألت علي بن أبي طالب عن " يوم الحج الأكبر " فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا بكر بن أبي قحافة يقيم للناس الحج ، وبعثني معه بأربعين آية من " براءة " ، حتى أتى عرفة فخطب الناس يوم عرفة ، فلما قضى خطبته التفت إلي فقال : قم يا علي ، فأد رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من " براءة " ، ثم صدرنا فأتينا منى ، فرميت الجمرة ونحرت البدنة ، ثم حلقت رأسي ، وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا كلهم خطبة أبي بكر يوم عرفة ، فطفت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم ، فمن ثم إخال حسبتم أنه يوم النحر [ ألا وهو يوم النحر ] ألا وهو يوم عرفة .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق : سألت أبا جحيفة عن يوم الحج الأكبر ، قال : يوم عرفة . فقلت : أمن عندك أم من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : كل في ذلك .
وقال عبد الرزاق أيضا ، عن جريج ، عن عطاء قال : يوم الحج الأكبر ، يوم عرفة .
وقال عمر بن الوليد الشني : حدثنا شهاب بن عباد العصري ، عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : هذا يوم عرفة ، هذا يوم الحج الأكبر ، فلا يصومنه أحد . قال : فحججت بعد أبي ، فأتيت المدينة ، فسألت عن أفضل أهلها ، فقالوا : سعيد بن المسيب ، فأتيته فقلت : إني سألت عن أفضل أهل المدينة فقالوا : سعيد بن المسيب ، فأخبرني عن صوم يوم عرفة ؟ فقال : أخبرك عمن هو أفضل مني مائة ضعف ، عمر - أو : ابن عمر - كان ينهى عن صومه ، ويقول هو يوم الحج الأكبر .
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وهكذا روي عن ابن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس : أنهم قالوا : يوم عرفة هو يوم الحج الأكبر .
وقد ورد فيه حديث مرسل رواه ابن جريج : أخبرت عن محمد بن قيس بن مخرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يوم عرفة ، فقال : " هذا يوم الحج الأكبر " .
وروي من وجه آخر عن ابن جريج ، عن محمد بن قيس ، عن المسور بن مخرمة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خطبهم بعرفات فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن هذا يوم الحج الأكبر .
والقول الثاني : أنه يوم النحر .
قال هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن علي - رضي الله عنه - قال : يوم الحج الأكبر يوم النحر .
وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن الحارث الأعور ، سألت عليا - رضي الله عنه - عن يوم الحج الأكبر ، فقال : [ هو ] يوم النحر .
وقال شعبة ، عن الحكم : سمعت يحيى بن الجزار يحدث عن علي - رضي الله عنه - أنه خرج يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبانة ، فجاء رجل فأخذ بلجام دابته ، فسأله عن الحج الأكبر ، فقال : هو يومك هذا ، خل سبيلها .
وقال عبد الرزاق ، عن سفيان عن شعبة عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال : يوم الحج الأكبر يوم النحر .
وروى شعبة وغيره ، عن عبد الملك بن عمير ، به نحوه . وهكذا رواه هشيم وغيره ، عن الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى .
وقال الأعمش ، عن عبد الله بن سنان قال : خطبنا المغيرة بن شعبة يوم الأضحى على بعير فقال : هذا يوم الأضحى ، وهذا يوم النحر ، وهذا يوم الحج الأكبر .
وقال حماد بن سلمة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال : الحج الأكبر ، يوم النحر .
وكذا روي عن أبي جحيفة ، وسعيد بن جبير ، وعبد الله بن شداد بن الهاد ، ونافع بن جبير بن مطعم ، والشعبي ، وإبراهيم النخعي ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبي جعفر الباقر ، والزهري ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهم قالوا : يوم الحج الأكبر هو يوم النحر . واختاره ابن جرير . وقد تقدم الحديث عن أبي هريرة في صحيح البخاري : أن أبا بكر بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى ، وقد ورد في ذلك أحاديث أخر ، كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثني سهل بن محمد السجستاني ، حدثنا أبو جابر الحرمي ، حدثنا هشام بن الغاز الجرشي عن نافع ، عن ابن عمر قال : وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع ، فقال : " هذا يوم الحج الأكبر " .
وهكذا رواه ابن أبي حاتم ، وابن مردويه من حديث أبي جابر - واسمه محمد بن عبد الملك ، به ، ورواه ابن مردويه أيضا من حديث الوليد بن مسلم ، عن هشام بن الغاز ، به . ثم رواه من حديث سعيد بن عبد العزيز ، عن نافع ، به .
وقال شعبة ، عن عمرو بن مرة عن مرة الهمداني ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقة حمراء مخضرمة ، فقال : أتدرون أي يوم يومكم هذا ؟ قالوا : يوم النحر . قال : صدقتم ، يوم الحج الأكبر .
وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : لما كان ذلك اليوم ، قعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعير له ، وأخذ الناس بخطامه - أو : زمامه - فقال : أي يوم هذا ؟ قال : فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه ، فقال : أليس هذا يوم الحج الأكبر .
وهذا إسناد صحيح ، وأصله مخرج في الصحيح .
وقال أبو الأحوص ، عن شبيب بن غرقدة ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، فقال : أي يوم هذا ؟ فقالوا : اليوم الحج الأكبر .
وعن سعيد بن المسيب أنه قال : يوم الحج الأكبر اليوم الثاني من يوم النحر . رواه ابن أبي حاتم . وقال مجاهد أيضا : يوم الحج الأكبر أيام الحج كلها .
وكذا قال أبو عبيد ، قال سفيان : " يوم الحج " ، و " يوم الجمل " ، و " يوم صفين " أي: أيامه كلها .
وقال سهل السراج : سئل الحسن البصري عن يوم الحج الأكبر ، فقال : ما لكم وللحج الأكبر ، ذاك عام حج فيه أبو بكر الذي استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحج بالناس . رواه ابن أبي حاتم .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو أسامة ، عن ابن عون : سألت محمدا - يعني ابن سيرين - عن يوم الحج الأكبر فقال : كان يوما وافق فيه حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج أهل الوبر .
تفسير القرطبي : معنى الآية 3 من سورة التوبة
قوله تعالى : وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليمفيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى وأذان الأذان : الإعلام لغة من غير خلاف . وهو عطف على براءة . إلى الناس الناس هنا جميع الخلق . يوم الحج الأكبر ظرف ، والعامل فيه أذان . وإن كان قد وصف بقوله : من الله ، فإن رائحة الفعل فيه باقية ، وهي عاملة في الظروف . وقيل : العامل فيه مخزي ولا يصح عمل أذان ؛ لأنه قد وصف فخرج عن حكم الفعل .الثانية : واختلف العلماء في الحج الأكبر ، فقيل : يوم عرفة . روي عن عمر وعثمان وابن عباس وطاوس ومجاهد . وهو مذهب أبي حنيفة ، وبه قال الشافعي . وعن علي وابن عباس أيضا وابن مسعود وابن أبي أوفى والمغيرة بن شعبة أنه يوم النحر . واختاره الطبري . وروى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر في الحجة التي حج فيها فقال : أي يوم هذا فقالوا : يوم النحر ، فقال : هذا يوم الحج الأكبر . أخرجه أبو داود . وخرج البخاري عن أبي هريرة قال : بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى : لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان . ويوم الحج الأكبر يوم النحر . وإنما قيل ( الأكبر ) من أجل قول الناس : الحج الأصغر . فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام ، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم مشرك . وقال ابن أبي أوفى : يوم النحر يوم الحج الأكبر ، يهراق فيه الدم ، ويوضع فيه الشعر ، ويلقى فيه التفث ، وتحل فيه الحرم . وهذا مذهب مالك ؛ لأن يوم النحر فيه كالحج كله ؛ لأن الوقوف إنما هو ليلته ، والرمي والنحر والحلق والطواف في صبيحته . احتج الأولون بحديث مخرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يوم الحج الأكبر يوم عرفة . رواه إسماعيل القاضي . وقال الثوري وابن جريج : الحج الأكبر أيام منى كلها . وهذا كما يقال : يوم صفين ويوم الجمل ويوم بعاث ، فيراد به الحين والزمان لا نفس اليوم . وروي عن مجاهد : الحج الأكبر القران ، والأصغر الإفراد . وهذا ليس من الآية في شيء . وعنه وعن عطاء : الحج الأكبر الذي فيه الوقوف بعرفة ، والأصغر العمرة . وعن مجاهد أيضا : أيام الحج كلها . وقال الحسن وعبد الله بن الحارث بن نوفل : إنما سمي يوم الحج الأكبر لأنه حج ذلك العام المسلمون والمشركون ، واتفقت فيه يومئذ أعياد الملل : اليهود والنصارى والمجوس . قال ابن عطية : وهذا ضعيف أن يصفه الله عز وجل في كتابه بالأكبر لهذا . وعن الحسن أيضا : إنما سمي الأكبر لأنه حج فيه أبو بكر ونبذت فيه العهود . وهذا الذي يشبه نظر الحسن . وقال ابن سيرين : يوم الحج الأكبر العام الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، وحجت معه فيه الأمم .الثالثة : قوله تعالى أن الله بريء من المشركين ورسوله ( أن ) بالفتح في موضع نصب . والتقدير بأن الله . ومن قرأ بالكسر قدره بمعنى قال إن الله . ( بريء ) خبر إن . ( ورسوله ) عطف على الموضع ، وإن شئت على المضمر المرفوع في ( بريء ) . كلاهما حسن ; لأنه قد طال الكلام . وإن شئت على الابتداء والخبر محذوف ; التقدير : ورسوله بريء منهم . ومن قرأ ( ورسوله ) بالنصب - وهو الحسن وغيره - عطفه على اسم الله عز وجل على اللفظ . وفي الشواذ ( ورسوله ) بالخفض على القسم ، أي وحق رسوله ; ورويت عن الحسن . وقد تقدمت قصة عمر فيها أول الكتاب .فإن تبتم أي عن الشرك فهو خير لكم أي أنفع لكم وإن توليتم أي عن الإيمان فاعلموا أنكم غير معجزي الله أي فائتيه ; فإنه محيط بكم ومنزل عقابه عليكم .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون
- تفسير: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين
- تفسير: قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا
- تفسير: ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله
- تفسير: إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر
- تفسير: قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها
- تفسير: قتل أصحاب الأخدود
- تفسير: قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري
- تفسير: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور
- تفسير: ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر
تحميل سورة التوبة mp3 :
سورة التوبة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة التوبة
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب