1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ النساء: 4] .

  
   

﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾
[ سورة النساء: 4]

القول في تفسير قوله تعالى : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن


وأعطوا النساء مهورهن، عطية واجبة وفريضة لازمة عن طيب نفس منكم. فإن طابت أنفسهن لكم عن شيء من المهر فوهَبْنه لكم فخذوه، وتصرَّفوا فيه، فهو حلال طيب.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة، فإن طابت نفوسهن بشيء من المهر لكم بلا إكراه؛ فكلوه سائغًا لا تنغيص فيه.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 4


«وآتوا» أعطوا «النساء صدقاتهن» جمع صدقة مهورهن «نِحلة» مصدر عطية عن طيب نفس «فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا» تمييز محول عن الفاعل، أي طابت أنفسهن لكم عن شيء من الصداق فوهبنه لكم «فكلوه هنيئا» طيبا «مريئا» محمود العاقبة لا ضرر فيه عليكم في الآخرة نزلت ردا على كره ذلك.

تفسير السعدي : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن


ولما كان كثير من الناس يظلمون النساء ويهضمونـهن حقوقهن، خصوصا الصداق الذي يكون شيئا كثيرًا، ودفعة واحدة، يشق دفعه للزوجة، أمرهم وحثهم على إيتاء النساء { صَدُقَاتِهِنَّ }- أي: مهورهن { نِحْلَةً }- أي: عن طيب نفس، وحال طمأنينة، فلا تمطلوهن أو تبخسوا منه شيئا.
وفيه: أن المهر يدفع إلى المرأة إذا كانت مكلفة، وأنـها تملكه بالعقد، لأنه أضافه إليها، والإضافة تقتضي التمليك.
{ فَإِنْ طِبْنَ لَكُم عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ }- أي: من الصداق { نَفْسًا } بأن سمحن لكم عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه، أو تأخيره أو المعاوضة عنه.
{ فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا }- أي: لا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة.
وفيه دليل على أن للمرأة التصرف في مالها -ولو بالتبرع- إذا كانت رشيدة، فإن لم تكن كذلك فليس لعطيتها حكم، وأنه ليس لوليها من الصداق شيء، غير ما طابت به.
وفي قوله: { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء } دليل على أن نكاح الخبيثة غير مأمور به، بل منهي عنه كالمشركة، وكالفاجرة، كما قال تعالى: { وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } وقال: { وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ }

تفسير البغوي : مضمون الآية 4 من سورة النساء


( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قال الكلبي ومجاهد : هذا الخطاب للأولياء ، وذلك أن ولي المرأة كان إذا زوجها فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها قليلا ولا كثيرا ، وإن كان زوجها غريبا حملوها إليه على بعير ولم يعطوها من مهرها غير ذلك .
فنهاهم الله عن ذلك وأمرهم أن يدفعوا الحق إلى أهله .
[ قال الحضرمي : كان أولياء النساء يعطي هذا أخته على أن يعطيه الآخر أخته ، ولا مهر بينهما ، فنهوا عن ذلك وأمروا بتسمية المهر في العقد .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن الشغار " .
والشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوج الرجل الآخر ابنته ، وليس بينهما صداق "وقال الآخرون : الخطاب للأزواج أمروا بإيتاء نسائهم الصداق ، وهذا أصح ، لأن الخطاب فيما قبل مع الناكحين ، والصدقات : المهور ، واحدها صدقة ( نحلة ) قال قتادة : فريضة ، وقال ابن جريج : فريضة مسماة ، قال أبو عبيدة : ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة ، وقال الكلبي : عطية وهبة ، وقال أبو عبيدة : عن طيب نفس
] ، وقال الزجاج : تدينا .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا الليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " .
( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا ) يعني : فإن طابت نفوسهن بشيء من ذلك فوهبن منكم ، فنقل الفعل من النفوس إلى أصحابها فخرجت النفس مفسرا ، فلذلك وحد النفس ، كما قال الله تعالى : " وضاق بهم ذرعا " ( هود - 77 ) ( العنكبوت - 33 ) " وقري عينا " ( مريم - 26 ) وقيل: لفظها واحد ومعناها جمع ، ( فكلوه هنيئا مريئا ) سائغا طيبا ، يقال هنأ في الطعام يهنأ بفتح النون في الماضي وكسرها في الباقي ، وقيل: الهنأ : الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء ، والمريء : المحمود العاقبة التام الهضم الذي لا يضر ، قرأ أبو جعفر ( هنيا مريا ) بتشديد الياء فيهما من غير همز ، وكذلك " بري " ، " وبريون " ، " وبريا " " وكهية " والآخرون يهمزونها .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


وقوله صَدُقاتِهِنَّ جمع صدقة- بضم الدال- وهي ما يعطى للزوجة من المهر.
وقوله نِحْلَةً أى عطية واجبة وفريضة لازمة.
إذ النحلة في الأصل: العطية على سبيل التبرع.
يقال: نحله كذا ونحلا، إذا أعطاه إياه عن طيب نفس بلا مقابلة عوض.
والمعنى: وأعطوا النساء مهورهن عطية عن طيب نفس منكم، لأن هذه المهور قد فرضها الله لهن، فلا يجوز أن يطمع فيها طامع، أو يغتالها مغتال، والخطاب للأزواج.
قالوا: لأن الرجل كان يتزوج المرأة بلا مهر ويقول لها: أرثك وترثيننى؟ فتقول: نعم.
فأمروا أن يسرعوا إلى إعطاء المهور .
وقيل: الخطاب لأولياء النساء، وذلك لأن العرب في الجاهلية كانت لا تعطى النساء من مهورهن شيئا، ولذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنت: هنيئا لك النافجة.
أى هنيئا لك هذه البنت التي تأخذ مهرها إبلا فتضمها إلى إبلك فتنفج مالك أى تزيده وتكثره.
وقد رجح ابن جرير كون الخطاب للأزواج فقال: «وذلك لأن الله-تبارك وتعالى- ابتدأ ذكر هذه الآية بخطاب الناكحين للنساء، ونهاهم عن ظلمهن.
ولا دلالة في الآية على أن الخطاب قد صرف عنهم إلى غيرهم.
فإذا كان ذلك كذلك فمعلوم أن الذين قيل لهم: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ هم الذين قيل لهم: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ وأن معناه: وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة، لأنه قال في الأول: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ.. ولم يقل «فأنكحوا» حتى يكون قوله: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ مصروفا إلى أنه معنى به أولياء النساء دون أزواجهن.
وهذا أمر من الله لأزواج النساء المسمى لهن الصداق أن يؤتوهن صدقاتهن» والذي نراه أن الخطاب في الآية الكريمة يتناول كل من له علاقة بالنساء من الأزواج أو الأولياء وغيرهم من الحكام الذين إليهم المرجع في رد الحقوق إلى ذويها، والضرب على أيدى المعتدين والطامعين في حقوق النساء، وذلك لأن الخطاب من أول السورة موجه إلى الأولياء والأزواج فناسب أن يكون الخطاب هنا شاملا لكليهما فإن أعطوهن عن رضا كان حسنا وإلا أجبرهم الحكام على ذلك.
وقوله نِحْلَةً منصوب على الحالية من قوله صَدُقاتِهِنَّ أى: منحولة معطاة عن طيب نفس.
أو منصوب على الحالية من المخاطبين.
أى آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالإعطاء.
وفي التعبير عن إيتاء المهور بالنحلة مع كونها واجبة الأداء.
لإفادة معنى الإيتاء عن كمال الرضا وطيب الخاطر دون أن يكون لهذه النحلة مقابل.
وقوله-تبارك وتعالى- فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً بيان للحكم فيما إذا تنازل النساء عن شيء مما أعطوا عن طيب خاطر منهن أى عليكم أيها الرجال أن تدفعوا للنساء مهورهن مناولة أو التزاما، فإن حدث وتنازل لكم النساء عن شيء من هذه المهور بسماحة ورضا نفس، فكلوه أكلا سائغا، حميد المغبة، حلال الطعمة، خاليا من شائبة الحرام والشبهات:والضمير المجرور في قوله مِنْهُ يعود إلى الصدقات أى المهور.
وجيء به مفردا مذكرا، لجريانه مجرى اسم الإشارة كأنه قيل: فإن طابت أنفسهن لكم عن شيء من ذلك المذكور وهو الصدقات فكلوه.
قال صاحب الكشاف: وفي الآية دليل على ضيق المسلك في ذلك ووجوب الاحتياط حيث بنى الشرط على طيب النفس فقيل: فإن طبن ولم يقل فإن وهبن أو سمحن، إعلاما بأن المراعى هو تجافى نفسها عن الموهوب عن طيب خاطر.
والمعنى: فإن وهبن لكم شيئا من الصداق، وتجافت عنه نفوسهن طيبات لا لحياء عرض لهن منكم أو من غيركم، ولا لاضطرارهن إلى البذل من شكاسة أخلاقكم، وسوء معاشرتكم فكلوه هنيئا مريئا» .
وقوله نَفْساً منصوب على التمييز من الضمير وهو نون النسوة في قوله طِبْنَ.. وهو محول عن الفاعل والأصل فان طابت أنفسهن عن شيء منه فكلوه.
وجيء به مفردا لأن الغرض بيان الجنس والواحد يدل عليه كقولك: عندي عشرون درهما.
والمراد بالأكل في قوله فَكُلُوهُ مطلق التصرف والانتفاع.
وإنما خص الأكل بالذكر، لأنه معظم وجوه التصرفات المالية.
وقوله هَنِيئاً مَرِيئاً حالان من الضمير المنصوب في قوله فَكُلُوهُ أو منصوبان على أنهما نعت لمصدر محذوف.
أى فكلوه أكلا هنيئا مريئا.
وهما صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ.
يقال:هنؤ الطعام وهنيء هناءة.
إذا كان سائغا لا تنغيص فيه.
وقيل الهنيء ما أناك بلا مشقة ولا تبعة.
ويقال مرأ الطعام- بتثليث الراء- مراءة فهو مريء، إذا كان حميد المغبة والمراد المبالغة في تحليل ما يأتيهم من نسائهم عن طيب خاطر منهن، فقد كانوا يتأثمون من أخذ شيء من مهور نسائهم، فقال الله-تبارك وتعالى- لهم: إن طابت نفوسهن بالتنازل عن شيء من مهورهن لكم فكلوه هنيئا مريئا، لأنه حلال خالص من الشوائب.
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية الكريمة: أنه لا بد في النكاح من صداق يعطى للمرأة سواء أسمى ذلك في العقد أم لم يسم.
قال القرطبي: وهو مجمع عليه ولا خلاف عليه ومنها: أن هذا الصداق ملك لها، ومن حقها أن تتصرف فيه بما شاءت.
ولم تفصل الآية بين أن تقبضه أولا.
ولذا قال بعض الفقهاء.
لها أن تبيع مهرها قبل أن تقبضه لأنه ملك بلا عوض وقال آخرون: ليس لها أن تبيعه حتى تقبضه لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يقبض.
ومنها: أنه يجوز للمرأة أن تعطى زوجها- برضاها واختيارها- مهرها أو جزءا منه سواء أكان مقبوضا معينا أم كان في الذمة.
فشمل ذلك الهبة والإبراء.
وأنه ليس من حقها الرجوع فيما أعطت لأنها قد طابت نفسها بذلك.
وهذا رأى جمهور العلماء.
ويرى بعض العلماء أن من حقها الرجوع فيما أعطت.
قال الفخر الرازي: قال بعض العلماء: إن وهبت ثم طلبت بعد الهبة علم أنها لم تطب عنه نفسا.
وعن الشعبي: أن امرأة جاءت مع زوجها إلى شريح القاضي في عطية أعطتها إياه.
وهي تطلب الرجوع.
فقال شريح: رد عليها عطيتها.
فقال الرجل: أليس قد قال الله-تبارك وتعالى-: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ؟ فقال شريح: لو طابت نفسها لما رجعت فيه.
وعن عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- أنه كتب إلى قضاته.
أن النساء يعطين رغبة ورهبة.
فأيما امرأة اعطت ثم أرادت أن ترجع فذلك لها» .
ثم نهى- سبحانه - عن إيتاء الأموال للسفهاء، لدفع توهم إيجاب أن يؤتى كل مال لمالكه ولو كان سفيها فقال تعالى:

وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن: تفسير ابن كثير


وقوله : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : النحلة : المهر .
وقال محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : نحلة : فريضة . وقال مقاتل وقتادة وابن جريج : نحلة : أي فريضة . زاد ابن جريج : مسماه . وقال ابن زيد : النحلة في كلام العرب : الواجب ، يقول : لا تنكحها إلا بشيء واجب لها ، وليس ينبغي لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب ، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبا بغير حق .
ومضمون كلامهم : أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما ، وأن يكون طيب النفس بذلك ، كما يمنح المنيحة ويعطي النحلة طيبا بها ، كذلك يجب أن يعطي المرأة صداقها طيبا بذلك ، فإن طابت هي له به بعد تسميته أو عن شيء منه فليأكله حلالا طيبا; ولهذا قال [ تعالى ] { فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا }
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن السدي ، عن يعقوب بن المغيرة بن شعبة ، عن علي قال : إذا اشتكى أحدكم شيئا ، فليسأل امرأته ثلاثة دراهم أو نحو ذلك ، فليبتع بها عسلا ثم ليأخذ ماء السماء فيجتمع هنيئا مريئا شفاء مباركا .
وقال هشيم ، عن سيار ، عن أبي صالح قال : كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها ، فنهاهم الله عن ذلك ، ونزل : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } رواه ابن أبي حاتم وابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان عن عمير الخثعمي ، عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي ، عن عبد الرحمن بن البيلماني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } قالوا : يا رسول الله ، فما العلائق بينهم ؟ قال : " ما تراضى عليه أهلوهم " .
وقد روى ابن مردويه من طريق حجاج بن أرطاة ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمر بن الخطاب قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أنكحوا الأيامى " ثلاثا ، فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله ، ما العلائق بينهم ؟ قال : " ما تراضى عليه أهلوهم " .
ابن البيلماني ضعيف ، ثم فيه انقطاع أيضا .

تفسير القرطبي : معنى الآية 4 من سورة النساء


قوله تعالى : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئافيه عشرة مسائل :الأولى : قوله تعالى : وآتوا النساء صدقاتهن الصدقات جمع ، الواحدة صدقة .
قال الأخفش : وبنو تميم يقولون صدقة والجمع صدقات ، وإن شئت فتحت وإن شئت أسكنت .
قال المازني : يقال صداق المرأة بالكسر ، ولا يقال بالفتح .
وحكى يعقوب وأحمد بن يحيى بالفتح ، عن النحاس .
والخطاب في هذه الآية للأزواج ؛ قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد وابن جريج .
أمرهم الله تعالى بأن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم .
وقيل : الخطاب للأولياء ؛ قاله أبو صالح .
وكان الولي يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئا ، فنهوا عن ذلك وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهن .
قال في رواية الكلبي : أن أهل الجاهلية كان الولي إذا زوجها فإن كانت معه في العشرة لم يعطها من مهرها كثيرا ولا قليلا ، وإن كانت غريبة حملها على بعير إلى زوجها ولم يعطها شيئا غير ذلك البعير ؛ فنزل : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة .
وقال المعتمر بن سليمان ، عن أبيه : زعم حضرمي أن المراد بالآية المتشاغرون الذين كانوا يتزوجون امرأة بأخرى ، فأمروا أن يضربوا المهور .
والأول أظهر ؛ فإن الضمائر واحدة وهي بجملتها للأزواج فهم المراد ؛ لأنه قال : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى إلى قوله : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة .
وذلك يوجب تناسق الضمائر وأن يكون الأول فيها هو الآخر .
الثانية : هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة ، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه إلا ما روي عن بعض أهل العلم من أهل العراق أن السيد إذا زوج عبده من أمته أنه لا يجب فيه صداق ؛ وليس بشيء ؛ لقوله تعالى وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فعم .
وقال : فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف .
وأجمع العلماء أيضا أنه لا حد لكثيره ، واختلفوا في قليله على ما يأتي بيانه في قوله : وآتيتم إحداهن قنطارا .
وقرأ الجمهور " صدقاتهن " بفتح الصاد وضم الدال .
وقرأ قتادة " صدقاتهن " بضم الصاد وسكون الدال .
وقرأ النخعي وابن وثاب بضمهما والتوحيد " صدقتهن "الثالثة : قوله تعالى : نحلة النحلة والنحلة ، بكسر النون وضمها لغتان .
وأصلها من العطاء ؛ نحلت فلانا شيئا أعطيته .
فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة .
وقيل : نحلة أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع .
وقال قتادة : معنى نحلة فريضة واجبة .
ابن جريج وابن زيد : فريضة مسماة .
قال أبو عبيد : ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة .
وقال الزجاج : نحلة تدينا .
والنحلة الديانة والملة .
يقال .
هذا نحلته أي دينه .
وهذا يحسن مع كون الخطاب للأولياء الذين كانوا يأخذونه في الجاهلية ، حتى قال بعض النساء في زوجها :لا يأخذ الحلوان من بناتناتقول : لا يفعل ما يفعله غيره .
فانتزعه الله منهم وأمر به للنساء .
و " نحلة " منصوبة على أنها حال من الأزواج بإضمار فعل من لفظها تقديره أنحلوهن نحلة .
وقيل : هي نصب وقيل على التفسير .
وقيل : هي مصدر على غير الصدر في موضع الحال .
الرابعة : قوله تعالى : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا مخاطبة للأزواج ، ويدل بعمومه على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكرا كانت أو ثيبا جائزة ؛ وبه قال جمهور الفقهاء .
ومنع مالك من هبة البكر الصداق لزوجها وجعل ذلك للولي مع أن الملك لها .
وزعم الفراء أنه مخاطبة للأولياء ؛ لأنهم كانوا يأخذون الصداق ولا يعطون المرأة منه شيئا ، فلم يبح لهم منه إلا ما طابت به نفس المرأة .
والقول الأول أصح ؛ لأنه لم يتقدم للأولياء ذكر ، والضمير في منه عائد على الصداق .
وكذلك قال عكرمة وغيره .
وسبب الآية فيما ذكر أن قوما تحرجوا أن يرجع إليهم شيء مما دفعوه إلى الزوجات فنزلت فإن طبن لكم .
الخامسة : واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها ، ولا رجوع لها فيه .
إلا أن شريحا رأى الرجوع لها فيه ، واحتج بقوله : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا وإذا كانت طالبة له لم تطب به نفسا .
قال ابن العربي : وهذا باطل ؛ لأنها قد طابت وقد أكل فلا كلام لها ؛ إذ ليس المراد صورة الأكل ، وإنما هو كناية عن الإحلال والاستحلال ، وهذا بين .
السادسة : فإن شرطت عليه عند عقد النكاح ألا يتزوج عليها ، وحطت عنه لذلك شيئا من صداقها ، ثم تزوج عليها فلا شيء لها عليه في رواية ابن القاسم ؛ لأنها شرطت عليه ما لا يجوز شرطه .
كما اشترط أهل بريرة أن تعتقها عائشة والولاء لبائعها ، فصحح النبي صلى الله عليه وسلم العقد وأبطل الشرط .
كذلك هاهنا يصح إسقاط بعض الصداق عنه وتبطل الزيجة .
قال ابن عبد الحكم : إن كان بقي من صداقها مثل صداق مثلها أو أكثر لم ترجع عليه بشيء ، وإن كانت وضعت عنه شيئا من صداقها فتزوج عليها رجعت عليه بتمام صداق مثلها ؛ لأنه شرط على نفسه شرطا وأخذ عنه عوضا كان لها واجبا أخذه منه ، فوجب عليه الوفاء لقوله عليه السلام : المؤمنون عند شروطهم .
وفي الآية دليل على أن العتق لا يكون صداقا ؛ لأنه ليس بمال ؛ إذ لا يمكن للمرأة هبته ولا الزوج أكله .
وبه قال مالك وأبو حنيفة وزفر ومحمد والشافعي .
وقال أحمد بن حنبل وإسحاق ويعقوب : يكون صداقا ولا مهر لها غير العتق ؛ على حديث صفية - رواه الأئمة - أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها .
وروي عن أنس أنه فعله ، وهو راوي حديث صفية .
وأجاب الأولون بأن قالوا : لا حجة في حديث صفية ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا في النكاح بأن يتزوج بغير صداق ، وقد أراد زينب فحرمت على زيد فدخل عليها بغير ولي ولا صداق .
فلا ينبغي الاستدلال بمثل هذا ؛ والله أعلم .
الثامنة : قوله تعالى : نفسا قيل : هو منصوب على البيان .
ولا يجيز سيبويه ولا الكوفيون أن يتقدم ما كان منصوبا على البيان ، وأجاز ذلك المازني وأبو العباس المبرد إذا كان العامل فعلا .
وأنشد :وما كان نفسا بالفراق تطيبوفي التنزيل خشعا أبصارهم يخرجون فعلى هذا يجوز " شحما تفقأت .
ووجها حسنت " .
وقال أصحاب سيبويه : إن نفسا منصوبة بإضمار فعل تقديره أعني نفسا ، وليست منصوبة على التمييز ؛ وإذا كان هذا فلا حجة فيه .
وقال الزجاج .
الرواية :وما كان نفسي ...واتفق الجميع على أنه لا يجوز تقديم المميز إذا كان العامل غير متصرف كعشرين درهما .
التاسعة : قوله تعالى : فكلوه ليس المقصود صورة الأكل ، وإنما المراد به الاستباحة بأي طريق كان ، وهو المعني بقوله في الآية التي بعدها إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما .
وليس المراد نفس الأكل ؛ إلا أن الأكل لما كان أوفى أنواع التمتع بالمال عبر عن التصرفات بالأكل .
ونظيره قوله تعالى : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع يعلم أن صورة البيع غير مقصودة ، وإنما المقصود ما يشغله عن ذكر الله تعالى مثل النكاح وغيره ؛ ولكن ذكر البيع لأنه أهم ما يشتغل به عن ذكر الله تعالى .
العاشرة : قوله تعالى : هنيئا مريئا منصوب على الحال من الهاء في كلوه وقيل : نعت لمصدر محذوف ، أي أكلا هنيئا بطيب الأنفس .
هنأه الطعام والشراب يهنؤه ، وما كان هنيئا ؛ ولقد هنؤ ، والمصدر الهنء .
وكل ما لم يأت بمشقة ولا عناء فهو هنيء .
وهنيء اسم فاعل من هنؤ كظريف من ظرف .
وهنئ يهنأ فهو هنئ على فعل كزمن .
وهنأني الطعام ومرأني على الإتباع ؛ فإذا لم يذكر " هنأني " قلت : أمرأني الطعام بالألف ، أي انهضم .
قال أبو علي : وهذا كما جاء في الحديث ارجعن مأزورات غير مأجورات .
فقلبوا الواو من ( موزورات ) ألفا إتباعا للفظ مأجورات .
وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال هنيء وهنأني ومرأني وأمرأني ولا يقال مرئني ؛ حكاه الهروي .
وحكى القشيري أنه يقال : هنئني ومرئني بالكسر يهنأني ويمرأني ، وهو قليل .
وقيل : هنيئا لا إثم فيه ، ومريئا لا داء فيه .
قال كثير :هنيئا مريئا غير داء مخامر لعزة من أعراضنا ما استحلتودخل رجل على علقمة وهو يأكل شيئا وهبته امرأته من مهرها فقال له : كل من الهنيء المريء .
وقيل : الهنيء الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء ، والمريء المحمود العاقبة ، التام الهضم الذي لا يضر ولا يؤذي .
يقول : لا تخافون في الدنيا به مطالبة ، ولا في الآخرة تبعة .
يدل عليه ما روى ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه فقال : إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان ، ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته درهما من صداقها ثم ليشتر به عسلا فليشربه بماء السماء ؛ فيجمع الله عز وجل له الهنيء والمريء والماء المبارك ) .
والله أعلم .

﴿ وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ﴾ [ النساء: 4]

سورة : النساء - الأية : ( 4 )  - الجزء : ( 4 )  -  الصفحة: ( 77 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا
  2. تفسير: وفرعون ذي الأوتاد
  3. تفسير: أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد
  4. تفسير: كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص
  5. تفسير: ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا
  6. تفسير: إنها ترمي بشرر كالقصر
  7. تفسير: إن هؤلاء لشرذمة قليلون
  8. تفسير: فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم
  9. تفسير: فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا
  10. تفسير: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

آتوا+النساء , النساء , صدقاتهن , نحلة , هنيئا , مريئا , هنيئا+مريئا ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب