1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الأعراف: 43] .

  
   

﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
[ سورة الأعراف: 43]

القول في تفسير قوله تعالى : ونـزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : ونـزعنا ما في صدورهم من غل تجري من


وأذهب الله تعالى ما في صدور أهل الجنة من حقد وضغائن، ومن كمال نعيمهم أن الأنهار تجري في الجنة من تحتهم. وقال أهل الجنة حينما دخلوها: الحمد لله الذي وفَّقنا للعمل الصالح الذي أكسبنا ما نحن فيه من النعيم، وما كنا لنوفَّق إلى سلوك الطريق المستقيم لولا أَنْ هدانا الله سبحانه لسلوك هذا الطريق، ووفَّقنا للثبات عليه، لقد جاءت رسل ربنا بالحق من الإخبار بوعد أهل طاعته ووعيد أهل معصيته، ونُودوا تهنئة لهم وإكرامًا: أن تلكم الجنة أورثكم الله إياها برحمته، وبما قدَّمتموه من الإيمان والعمل الصالح.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


ومن تمام نعيمهم في الجنة أن نزع الله ما في قلوبهم من البغضاء والحقد، وأجرى الأنهار من تحتهم، وقالوا معترفين لله بإنعامه عليهم: الحمد لله الذي وفقنا لهذا العمل الصالح الذي أنالنا هذه المنزلة، وما كنا لنوفق إليه من تلقاء أنفسنا لولا أن الله وفقنا إليه، لقد جاءت رسل ربنا بالحق الذي لا مرية فيه والصدق في الوعد والوعيد، ونادى فيهم منادٍ: أن هذه هي الجنة التي أخبرَتْكم بها رسلي في الدنيا، أعقبكم الله إياها بما كنتم تعملون من الأعمال الصالحة، التي تريدون بها وجه الله.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 43


«ونزعنا ما في صدورهم من غل» حقد كان بينهم في الدنيا «تجري من تحتهم» تحت قصورهم «الأنهار وقالوا» عند الاستقرار في منازلهم «الحمد لله الذي هدانا لهذا» العمل الذي هذا جزاؤه «وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله» حذف جواب لولا لدلالة ما قبله عليه «لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن» مخففة أي أنه أو مفسرة في المواضع الخمسة «تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون».

تفسير السعدي : ونـزعنا ما في صدورهم من غل تجري من


{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ْ} وهذا من كرمه وإحسانه على أهل الجنة، أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم، والتنافس الذي بينهم، أن اللّه يقلعه ويزيله حتى يكونوا إخوانا متحابين، وأخلاء متصافين.
قال تعالى: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ْ} ويخلق اللّه لهم من الكرامة ما به يحصل لكل واحد منهم الغبطة والسرور، ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم نعيم.
فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض، لأنه قد فقدت أسبابه.
وقوله: { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ْ}- أي: يفجرونها تفجيرا، حيث شاءوا، وأين أرادوا، إن شاءوا في خلال القصور، أو في تلك الغرف العاليات، أو في رياض الجنات، من تحت تلك الحدائق الزاهرات.
أنهار تجري في غير أخدود، وخيرات ليس لها حد محدود { و ْ} لهذا لما رأوا ما أنعم اللّه عليهم وأكرمهم به { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ْ} بأن من علينا وأوحى إلى قلوبنا، فآمنت به، وانقادت للأعمال الموصلة إلى هذه الدار، وحفظ اللّه علينا إيماننا وأعمالنا، حتى أوصلنا بها إلى هذه الدار، فنعم الرب الكريم، الذي ابتدأنا بالنعم، وأسدى من النعم الظاهرة والباطنة ما لا يحصيه المحصون، ولا يعده العادون، { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ْ}- أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى، لولا أنه تعالى منَّ بهدايته واتباع رسله.
{ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ْ}- أي: حين كانوا يتمتعون بالنعيم الذي أخبرت به الرسل، وصار حق يقين لهم بعد أن كان علم يقين [لهم]، قالوا لقد تحققنا، ورأينا ما وعدتنا به الرسل، وأن جميع ما جاءوا به حق اليقين، لا مرية فيه ولا إشكال، { وَنُودُوا ْ} تهنئة لهم، وإكراما، وتحية واحتراما، { أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا ْ}- أي: كنتم الوارثين لها، وصارت إقطاعا لكم، إذ كان إقطاع الكفار النار، أورثتموها { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ْ} قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه، وأدخلوا الجنة برحمة اللّه، واقتسموا المنازل وورثوها بالأعمال الصالحة وهي من رحمته، بل من أعلى أنواع رحمته.

تفسير البغوي : مضمون الآية 43 من سورة الأعراف


( ونزعنا ) وأخرجنا ، ( ما في صدورهم من غل ) من غش وعداوة كانت بينهم في الدنيا فجعلناهم إخوانا على سرر متقابلين لا يحسد بعضهم بعضا على شيء خص الله به بعضهم .
( تجري من تحتهم الأنهار ) روى الحسن عن علي رضي الله عنه قال : فينا والله أهل بدر نزلت : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) .
وقال علي رضي الله عنه أيضا : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال لهم الله - عز وجل - : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل )أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا الصلت بن محمد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا " .
وقال السدي في هذه الآية : إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة ، في أصل ساقها عينان ، فشربوا من إحداهما ، فينزع ما في صدورهم من غل ، فهو الشراب الطهور ، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم فلن يشعثوا ولن يسحنوا بعدها أبدا ، أي إلى هذا ، يعني طريق الجنة .
وقال سفيان الثوري : معناه هدانا لعمل هذا ثوابه ، ( وما كنا ) قرأ ابن عامر : " ما كنا " بلا واو ، ( لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ) هذا قول أهل الجنة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا ، ( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) قيل: هذا النداء إذا رأوا الجنة من بعيد نودوا أن تلكم الجنة .
وقيل: هذا النداء يكون في الجنة .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الخطيب أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمد أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال حدثنا عبد الله بن المبارك عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأغر عن أبي سعيد وعن أبي هريرة قالا ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، فذلك قوله : " ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون " ، هذا حديث صحيح أخرجه مسلم بن الحجاج عن إسحاق بن إبراهيم وعبد الرحمن بن حميد عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري بهذا الإسناد مرفوعا .
وروي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من أحد إلا وله منزله في الجنة ومنزله في النار ، فأما الكافر فإنه يرث المؤمن منزله من النار ، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة " .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم بين- سبحانه - ما هم عليه في الجنة من صفاء نفسي ونقاء قلبي فقال-تبارك وتعالى-:وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ أى: قلعنا ما في قلوبهم من تحاقد وعداوات في الدنيا، فهم يدخلون الجنة بقلوب سليمة، زاخرة بالتواد والتعاطف حالة كونهم تجرى من تحتهم الأنهار فيرونها وهم في غرفات قصورهم فيزداد سرورهم وحبورهم.
وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ.
أى: قالوا شاكرين لله أنعمه ومننه: الحمد لله الذي هدانا في الدنيا إلى الإيمان والعمل الصالح، وأعطانا في الآخرة هذا النعيم الجزيل، وما كنا لنهتدي إلى ما نحن فيه من نعيم لولا أن هدانا الله إليه بفضله وتوفيقه.
وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: ولولا هداية الله موجودة ما اهتدينا.
وقوله: لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ جملة قسمية، أى: والله لقد جاءت رسل ربنا في الدنيا بالحق، لأن ما أخبرونا به قد وجدنا مصداقه في الآخرة.
وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أى: ونودوا من قبل الخالق- عز وجل - بأن قيل لهم: تلكم هي الجنة التي كانت الرسل تعدكم بها في الدنيا قد أورثكم الله إياها بسبب ما قدمتموه من عمل صالح.
فالآية الكريمة صريحة في أن الجنة قد ظفر بها المؤمنون بسبب أعمالهم الصالحة.
فإن قيل: إن هناك أحاديث صحيحة تصرح بأن دخول الجنة ليس بالعمل وإنما بفضل الله،ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لن يدخل أحدا عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته» .
فالجواب على ذلك أنه لا تنافى في الحقيقة، لأن المراد أن العمل لا يوجب دخول الجنة، بل الدخول بمحض فضل الله، والعمل سبب عادى ظاهرى.
وتوضيحه أن الأعمال مهما عظمت فهي ثمن ضئيل بالنسبة لعظمة دخول الجنة، فإن النعمة الأخروية سلعة غالية جدا فمثل هذه المقابلة كمثل من يبيع قصورا شاهقة وضياعا واسعة بدرهم واحد.
فإقبال البائع على هذه المبادلة ليس للمساواة بين العمل ونعمة الجنة، بل لتفضله على المشترى ورحمته به، فمن رحمته بعباده المؤمنين أن جعل بعض أعمالهم الفانية وأموالهم الزائلة ثمنا لنعيم لا يبلى، ولذلك قال ابن عباس عند ما قرأ قوله-تبارك وتعالى-: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ: نعمت الصفقة، أنفس هو خالقها وأموال هو رازقها ثم يمنحنا عليها الجنة.
على أنه- سبحانه - هو المتفضل في الحقيقة بالثمن والمثمن جميعا.
لا جرم كان دخول الجنة بفضله- سبحانه - وهو الموفق للعمل والمعين عليه.
ويمكن أن يجاب- أيضا- بأن الفوز بالجنة ونعيمها إنما هو بفضل الله والعمل جميعا، فقوله: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أى: مع فضل الله-تبارك وتعالى-، وإنما لم يذكر ذلك لئلا يتكلوا.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحدا عمله الجنة..» أى مجردا من فضل الله، وإنما اقتصر على هذا لئلا يغتروا.
هذا أصح الآراء في الجمع بين الآية والحديث، وهناك آراء أخرى لم نذكرها لضعفها.
وبعد هذه الموازنة بين مصير الكافرين ومصير المؤمنين، بدأ القرآن يسوق لنا مشهدا آخر من الحوار الذي يدور يوم القيامة بين أصحاب الجنة وأصحاب النار.
استمع إلى سورة الأعراف وهي تحكى لنا هذا المشهد المؤثر بأسلوبها العجيب فتقول:

ونـزعنا ما في صدورهم من غل تجري من: تفسير ابن كثير


وقال السدي في قوله : { ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار } الآية : إن أهل الجنة إذا سبقوا إلى الجنة فبلغوا ، وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان ، فشربوا من إحداهما ، فينزع ما في صدورهم من غل ، فهو " الشراب الطهور " ، واغتسلوا من الأخرى ، فجرت عليهم " نضرة النعيم " فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبدا .
وقد روى أبو إسحاق ، عن عاصم ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نحوا من ذلك كما سيأتي في قوله تعالى : { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا } [ الزمر : 73 ] إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان .
وقال قتادة : قال علي ، رضي الله عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } رواه ابن جرير .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن عيينة ، عن إسرائيل قال : سمعت الحسن يقول : قال علي : فينا والله أهل بدر نزلت : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } .
وروى النسائي وابن مردويه - واللفظ له - من حديث أبي بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ، فيكون له شكرا . وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ، فيكون له حسرة "
ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة نودوا : { أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } أي: بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة فدخلتم الجنة ، وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم . وإنما وجب الحمل على هذا لما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة " قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل "

تفسير القرطبي : معنى الآية 43 من سورة الأعراف


قوله تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملونذكر الله عز وجل فيما ينعم به على أهل الجنة نزع الغل من صدورهم .
والنزع : الاستخراج .
والغل : الحقد الكامن في الصدر .
والجمع غلال .
أي أذهبنا في الجنة ما كان في قلوبهم من الغل في الدنيا .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : الغل على باب الجنة كمبارك الإبل قد نزعه الله من قلوب المؤمنين .
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم : ونزعنا ما في صدورهم من غل .
وقيل : نزع الغل في الجنة ألا يحسد بعضهم بعضا في تفاضل منازلهم .
وقد قيل : إن ذلك يكون عن شراب الجنة ، ولهذا قال : وسقاهم ربهم شرابا طهورا أي يطهر الأوضار من الصدور ; على ما يأتي بيانه في سورة " الإنسان " و " الزمر " إن شاء الله تعالى .
وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا أي لهذا الثواب ; بأن أرشدنا وخلق لنا الهداية .
وهذا رد على القدرية .
وما كنا قراءة ابن عامر بإسقاط الواو .
والباقون بإثباتها .
لنهتدي لام كي .
لولا أن هدانا الله في موضع رفع .
ونودوا أصله .
نوديوا أن في موضع نصب مخففة من الثقيلة ; أي بأنهتلكم الجنة وقد تكون تفسيرا لما نودوا به ; لأن النداء قول ; فلا يكون لها موضع .
أي قيل لهم : تلكم الجنة لأنهم وعدوا بها في الدنيا ; أي قيل لهم : هذه تلكم الجنة التي وعدتم بها ، أو يقال ذلك قبل الدخول حين عاينوها من بعد .
وقيل : تلكم بمعنى هذه .
أورثتموها بما كنتم تعملون أي ورثتم منازلها بعملكم ، ودخولكم إياها برحمة الله وفضله .
كما قال : ذلك الفضل من الله .
وقال : فسيدخلهم في رحمة منه وفضل .
وفي صحيح مسلم : لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل .
وفي غير الصحيح : ليس من كافر ولا مؤمن إلا وله في الجنة والنار منزل ; فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها ، فقيل لهم : هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله .
ثم يقال : يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون ; فتقسم بين أهل الجنة منازلهم قلت : وفي صحيح مسلم : لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا .
فهذا أيضا ميراث ; نعم بفضله من شاء وعذب بعدله من شاء .
وبالجملة فالجنة ومنازلها لا تنال إلا برحمته ; فإذا دخلوها بأعمالهم فقد ورثوها برحمته ، ودخلوها برحمته ; إذ أعمالهم رحمة منه لهم وتفضل عليهم .
وقرئ أورثتموها من غير إدغام .
وقرئ بإدغام التاء في الثاء .

﴿ ونـزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ [ الأعراف: 43]

سورة : الأعراف - الأية : ( 43 )  - الجزء : ( 8 )  -  الصفحة: ( 155 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله
  2. تفسير: فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين
  3. تفسير: وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون
  4. تفسير: وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون
  5. تفسير: إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا
  6. تفسير: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت
  7. تفسير: وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون
  8. تفسير: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين
  9. تفسير: هدى وذكرى لأولي الألباب
  10. تفسير: متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب

تحميل سورة الأعراف mp3 :

سورة الأعراف mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأعراف

سورة الأعراف بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأعراف بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأعراف بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأعراف بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأعراف بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأعراف بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأعراف بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأعراف بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأعراف بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأعراف بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب