1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الأنفال: 72] .

  
   

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾
[ سورة الأنفال: 72]

القول في تفسير قوله تعالى : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في


إن الذين صدَّقوا الله، ورسوله وعملوا بشرعه، وهاجروا إلى دار الإسلام، أو بلد يتمكنون فيه من عبادة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله بالمال والنفس، والذين أنزلوا المهاجرين في دورهم، وواسوهم بأموالهم، ونصروا دين الله، أولئك بعضهم نصراء بعض. أما الذين آمنوا ولم يهاجروا من دار الكفر فلستم مكلفين بحمايتهم ونصرتهم حتى يهاجروا، وإن وقع عليهم ظلم من الكفار فطلبوا نصرتكم فاستجيبوا لهم، إلا على قوم بينكم وبينهم عهد مؤكد لم ينقضوه. والله بصير بأعمالكم، بجزي كلا على قدر نيته وعمله.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


إن الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله وعملوا بشرعه، وهاجروا من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، أو إلى مكان يعبدون الله فيه آمنين، وجاهدوا ببذل أموالهم وبذل أنفسهم لإعلاء كلمة الله، والذين أنزلوهم في منازلهم، ونصروهم - أولئك المهاجرون والذين نصروهم من أهل الدار بعضهم أولياء بعض في النصرة والمعونة، والذين آمنوا بالله ولم يهاجروا من بلد الكفر إلى بلد الإسلام ليس عليكم - أيها المؤمنون - أن تنصروهم وتحموهم حتى يهاجروا في سبيل الله، وإن ظلمهم الكفار فطلبوا منكم النصر فانصروهم على عدوهم، إلا إذا كان بينكم وبين عدوهم عهد لم ينقضوه، والله بما تعملون بصير، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وسيجازيكم عليها.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 72


«إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله» وهم المهاجرون «والذين آوَوْا» النبي صلى الله عليه وسلم «ونصروا» وهم الأنصار «أولئك بعضهم أولياء بعض» في النصرة والإرث «والذين آمنوا ولم يُهاجروا مالكم من ولايَتِهِمْ» بكسر الواو وفتحها «من شيء» فلا إرث بينكم وبينهم ولا نصيب لهم في الغنيمة «حتى يهاجروا» وهذا منسوخ بآخر السورة «وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر» لهم على الكفار «إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق» عهد فلا تنصروهم عليهم وتنقضوا عهدهم «والله بما تعملون بصير».

تفسير السعدي : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في


هذا عقد موالاة ومحبة، عقدها اللّه بين المهاجرين الذين آمنوا وهاجروا في سبيل اللّه، وتركوا أوطانهم للّه لأجل الجهاد في سبيل اللّه، وبين الأنصار الذين آووا رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه وأعانوهم في ديارهم وأموالهم وأنفسهم، فهؤلاء بعضهم أولياء بعض، لكمال إيمانهم وتمام اتصال بعضهم ببعض‏.‏ ‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا‏}‏ فإنهم قطعوا ولايتكم بانفصالهم عنكم في وقت شدة الحاجة إلى الرجال،فلما لم يهاجروا لم يكن لهم من ولاية المؤمنين شيء‏.‏ لكنهم ‏{‏وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ‏}‏ أي‏:‏ لأجل قتال من قاتلهم لأجل دينهم ‏{‏فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ‏}‏ والقتال معهم،وأما من قاتلوهم لغير ذلك من المقاصد فليس عليكم نصرهم‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ‏}‏ أي‏:‏ عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم، فلا تعينوهم عليهم، لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق‏.‏ ‏{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}‏ يعلم ما أنتم عليه من الأحوال، فيشرع لكم من الأحكام ما يليق بكم‏.‏

تفسير البغوي : مضمون الآية 72 من سورة الأنفال


قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا وهاجروا ) أي : هجروا قومهم وديارهم ، يعني المهاجرين .
( وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين معه ، أي : أسكنوهم منازلهم ، ( ونصروا ) أي : ونصروهم على أعدائهم وهم الأنصار رضي الله عنهم ، ( أولئك بعضهم أولياء بعض ) دون أقربائهم من الكفار .
قيل: في العون والنصرة .
وقال ابن عباس : في الميراث وكانوا يتوارثون بالهجرة ، فكان المهاجرون والأنصار يتوارثون دون ذوي الأرحام ، وكان من آمن ولم يهاجر لا يرث من قريبه المهاجر حتى كان فتح مكة وانقطعت الهجرة ، وتوارثوا بالأرحام حيث ما كانوا ، وصار ذلك منسوخا بقوله - عز وجل - : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " " الأحزاب - 6 " ( والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء ) يعني الميراث ، ( حتى يهاجروا ) قرأ حمزة : " ولايتهم " بكسر الواو ، والباقون بالفتح ، وهما واحد كالدلالة والدلالة .
( وإن استنصروكم في الدين ) أي : استنصركم المؤمنون الذين لم يهاجروا ، ( فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ) عهد فلا تنصروهم عليهم ، ( والله بما تعملون بصير )

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


هذه الآيات الكريمة التي ختم الله-تبارك وتعالى- بها سورة الأنفال، وضحت أن المؤمنين في العهد النبوي أقسام، وذكرت حكم كل قسم منهم.
أما القسم الأول: فهم المهاجرون الأولون أصحاب الهجرة الأولى.
وأما القسم الثاني: فهم الأنصار من أهل المدينة.
والقسم الثالث: المؤمنون الذين لم يهاجروا.
والقسم الرابع: المؤمنون الذين هاجروا بعد صلح الحديبية.
وقد عبر- سبحانه - عن القسمين: الأول والثاني بقوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا....أى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله-تبارك وتعالى- حق الإيمان وَهاجَرُوا أى تركوا ديارهم وأوطانهم وكل نفيس من زينة الحياة الدنيا.
من أجل الفرار بدينهم من فتنة المشركين، ومن أجل نشر دين الله في الأرض وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أى: أنهم مع إيمانهم الصادق، وسبقهم بالهجرة إرضاء لله-تبارك وتعالى-، قد بالغوا في إتعاب أنفسهم من أجل نصرة الحق، فقدموا ما يملكون من أموال، وقدموا نفوسهم رخيصة لا في سبيل عرض من أعراض الدنيا، وإنما في سبيل مرضاة الله ونصرة دينه.
فأنت ترى أن الله-تبارك وتعالى- قد وصف هذا القسم الأول من المؤمنين وهم الذين سبقوا إلى الهجرة.
بأعظم الصفات وأكرمها.
فقد وصفهم بالإيمان الصادق، وبالمهاجرة فرارا بدينهم من الفتن، وبالمجاهدة بالمال والنفس في سبيل إعلاء كلمة الله.
وقد جاءت هذه الأوصاف الجليلة مرتبة حسب الوقوع، فإن أول ما حصل منهم هو الإيمان، ثم جاءت من بعده الهجرة، ثم الجهاد.
ولعل تقديم المجاهدة بالأموال هنا على المجاهدة بالأنفس، لأن المجاهدة بالأموال أكثر وقوعا، وأتم دفعا للحاجة، حيث لا تتصور المجاهدة بالنفس بلا مجاهدة بالأموال.
وقوله فِي سَبِيلِ اللَّهِ متعلق بقوله جاهَدُوا لإبراز أن جهادهم لم يكن لأى غرض دنيوى، وإنما كان من أجل نصرة الحق وإعلاء كلمته- سبحانه - وقوله: وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا بيان للقسم الثاني من أقسام المؤمنين في العهد النبوي، وهم الأنصار من أهل المدينة الذين فتحوا للمهاجرين قلوبهم، واستقبلوهم أحسن استقبال، حيث أسكنوهم منازلهم، وبذلوا لهم أموالهم، وآثروهم على أنفسهم، ونصروهم على أعدائهم.
فالآية الكريمة قد وصفت الأنصار بوصفين كريمين.
أولهما: الإيواء الذي يتضمن معنى التأمين من الخوف، إذا المأوى هو الملجأ والمأمن مما ولقد كانت المدينة مأوى وملجأ للمهاجرين، وكان أهلها مثالا للكرم والإيثار ...
ثانيهما: النصرة، لأن أهل المدينة قد نصروا الرسول صلى الله عليه وسلم والمهاجرين بكل ما يملكون من وسائل التأييد والمؤازرة، فقد قاتلوا من قاتلهم، وعادوا من عاداهم، ولذا جعل الله-تبارك وتعالى- حكمهم وحكم المهاجرين واحدا فقال: أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.
فاسم الإشارة يعود إلى المهاجرين السابقين، وإلى الأنصار.
وقوله: أَوْلِياءُ جمع ولى ويطلق على الناصر والمعين والصديق والقريب ...
والمراد بالولاية هنا: الولاية العامة التي تتناول التناصر والتعاون والتوارث..أى: أولئك المذكورون الموصوفون بهذه الصفات الفاضلة يتولى بعضهم بعضا في النصرة والمعاونة والتوارث.. وغير ذلك، لأن حقوقهم ومصالحهم مشتركة.
قال الآلوسى ما ملخصه: «روى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار، فكان المهاجر يرثه أخوه الأنصارى، إذا لم يكن له بالمدينة ولى مهاجرى وبالعكس، واستمر أمرهم على ذلك إلى فتح مكة ثم توارثوا بالنسب بعد إذ لم تكن هجرة..وعليه فالآية منسوخة بقوله-تبارك وتعالى- بعد ذلك وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ ...
وقال الأصم: الآية محكمة، والمراد الولاية بالنصرة والمظاهرة.
والذي نراه أن الولاية هنا عامة فهي تشمل كل ما يحتاج إليه المسلمون فيما بينهم من تعاون وتناصر وتكافل وتوارث وغير ذلك..وقوله-تبارك وتعالى-: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا.. بيان لحكم القسم الثالث من أقسام المؤمنين في العهد النبوي..أى: هذا الذي ذكرته لكم قبل ذلك في الآية هو حكم المهاجرين السابقين والأنصار الذي آووهم ونصروهم أما حكم الذين آمنوا ولم يهاجروا، وهم المقيمون في أرض الشرك تحت سلطان المشركين وحكمهم.
فإنهم ليس بينهم وبين المهاجرين والأنصار ولاية إرث حَتَّى يُهاجِرُوا إلى المدينة، كما أنكم- أيها المؤمنون- لا تنتظروا منهم تعاونا أو مناصرة، لأنهم بسبب إقامتهم في أرض الشرك وتحت سلطانه- أصبحوا لا يملكون وسائل المناصرة لكم.
ثم قال- تعالى: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ.
أى: وإن طلب منكم هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا النصرة على أعدائكم في الدين، فيجب عليكم أن تنصروهم، لأنهم إخوانكم في العقيدة، بشرط ألا يكون بينكم وبين هؤلاء الأعداء عهد ومهادنة، فإنكم في هذه الحالة يحظر عليكم نصرة هؤلاء المؤمنين الذين لم يهاجروا، لأن في نصرتهم- على من بينكم وبينهم عهد- نقضا لهذا العهد.
أى: إن نصرتكم لهم إنما تكون على الكفار الحربيين لا على الكفار المعاهدين وهذا يدل على رعاية الإسلام للعهود، واحترامه للشروط والعقود.
قال الجمل: أثبت الله-تبارك وتعالى- للقسمين الأولين النصرة والإرث، ونفى عن هذا القسم الإرث وأثبت له النصرة.
وقوله: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ تذييل قصد به الترغيب في طاعة الله، والتحذير من معصيته.
أى: والله-تبارك وتعالى- مطلع على كل أعمالكم فأطيعوه، ولا تخالفوا أمره.

إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في: تفسير ابن كثير


ذكر تعالى أصناف المؤمنين ، وقسمهم إلى مهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم ، وجاءوا لنصر الله ورسوله ، وإقامة دينه ، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك . وإلى أنصار ، وهم المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك ، آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم ، وواسوهم في أموالهم ، ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم ، فهؤلاء بعضهم أولى ببعض أي: كل منهم أحق بالآخر من كل أحد ؛ ولهذا آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار ، كل اثنين أخوان ، فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة ، حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث ، ثبت ذلك في صحيح البخاري ، عن ابن عباس ورواه العوفي ، وعلي بن أبي طلحة ، عنه . وقال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، وغيرهم .
قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن جرير - هو ابن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض ، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة تفرد به أحمد .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا شيبان حدثنا عكرمة - يعني ابن إبراهيم الأزدي - حدثنا عاصم ، عن شقيق ، عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : المهاجرون والأنصار ، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف ، بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة . هكذا رواه في مسند عبد الله بن مسعود .
وقد أثنى الله ورسوله على المهاجرين والأنصار في غير ما آية في كتابه ، فقال : { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار } الآية [ التوبة : 100 ] ، وقال : { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة } الآية . [ التوبة : 117 ] ، وقال تعالى : { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } الآية [ الحشر : 8 ، 9 ] .
وأحسن ما قيل في قوله : { ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا } أي: لا يحسدونهم على فضل ما أعطاهم الله على هجرتهم ، فإن ظاهر الآيات تقديم المهاجرين على الأنصار ، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء ، لا يختلفون في ذلك ، ولهذا قال الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن حذيفة قال : خيرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الهجرة والنصرة ، فاخترت الهجرة .
ثم قال : لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وقوله : { والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم } [ قرأ حمزة : " ولايتهم " بالكسر ، والباقون بالفتح ، وهما واحد كالدلالة والدلالة ] { من شيء حتى يهاجروا } هذا هو الصنف الثالث من المؤمنين ، وهم الذين آمنوا ولم يهاجروا ، بل أقاموا في بواديهم ، فهؤلاء ليس لهم في المغانم نصيب ، ولا في خمسها إلا ما حضروا فيه القتال ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه بريدة بن الحصيب الأسلمي - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث أميرا على سرية أو جيش ، أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ، وقال : اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال - أو : خلال - فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأعلمهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين ، وأن عليهم ما على المهاجرين . فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين ، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية . فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله ثم قاتلهم .
انفرد به مسلم ، وعنده زيادات أخر .
وقوله : { وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير } يقول تعالى : وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا في قتال ديني ، على عدو لهم فانصروهم ، فإنه واجب عليكم نصرهم ؛ لأنهم إخوانكم في الدين ، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار { بينكم وبينهم ميثاق } أي: مهادنة إلى مدة ، فلا تخفروا ذمتكم ، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم . وهذا مروي عن ابن عباس ، رضي الله عنه .

تفسير القرطبي : معنى الآية 72 من سورة الأنفال


قوله تعالى إن الذين آمنوا ختم السورة بذكر الموالاة ليعلم كل فريق وليه الذي يستعين به .
وقد تقدم معنى الهجرة والجهاد لغة ومعنى .
والذين آووا ونصروا معطوف عليه .
وهم الأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، وانضوى إليهم النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرون .
أولئك رفع بالابتداء بعضهم ابتداء ثان أولياء بعض خبره ، والجميع خبر إن .
قال ابن عباس : أولياء بعض في الميراث ، فكانوا يتوارثون بالهجرة ، وكان لا يرث من آمن ولم يهاجر من هاجر فنسخ الله ذلك بقوله : وأولو الأرحام الآية .
أخرجه أبو داود .
وصار الميراث لذوي الأرحام من المؤمنين .
ولا يتوارث أهل ملتين شيئا .
ثم جاء قوله عليه السلام : ألحقوا الفرائض بأهلها على ما تقدم بيانه في آية المواريث .
وقيل : ليس هنا نسخ ، وإنما معناه في النصرة والمعونة ، كما تقدم في " النساء " .
والذين آمنوا ابتداء والخبر ما لكم من ولايتهم من شيءوقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( من ولايتهم ) بكسر الواو .
وقيل هي لغة .
وقيل : هي من وليت الشيء ، يقال : ولي بين الولاية .
ووال بين الولاية .
والفتح في هذا أبين وأحسن ، لأنه بمعنى النصرة والنسب .
وقد تطلق الولاية والولاية بمعنى الإمارة .
قوله تعالى وإن استنصروكم في الدين يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم ، فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم .
إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم ، ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته .
ابن العربي : إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة ، حتى لا تبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك ، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم .
كذلك قال مالك وجميع العلماء ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو وبأيديهم خزائن الأموال ، وفضول الأحوال والقدرة والعدد والقوة والجلد .
الزجاج : ويجوز " فعليكم النصر " بالنصب على الإغراء .

﴿ إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير ﴾ [ الأنفال: 72]

سورة : الأنفال - الأية : ( 72 )  - الجزء : ( 10 )  -  الصفحة: ( 186 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: إن أنا إلا نذير مبين
  2. تفسير: الذين هم في خوض يلعبون
  3. تفسير: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير
  4. تفسير: الحاقة
  5. تفسير: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون
  6. تفسير: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان
  7. تفسير: في سدر مخضود
  8. تفسير: ويعبدون من دون الله ما لم ينـزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما
  9. تفسير: انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون
  10. تفسير: وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة

تحميل سورة الأنفال mp3 :

سورة الأنفال mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنفال

سورة الأنفال بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأنفال بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأنفال بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأنفال بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأنفال بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأنفال بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأنفال بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأنفال بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأنفال بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأنفال بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب