وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين
قوله: وعلم آدم الأسماء كلها سمي آدم لأنه خلق أديم الأرض، وقيل: لأنه كان آدم اللون وكنيته أبو محمد وأبو البشر فلما خلقه الله تعالى علمه أسماء الأشياء وذلك أن الملائكة قالوا: لما قال الله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة: ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقاً أكرم عليه منا وإن كان فنحن أعلم منه لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره.فأظهر الله تعالى فضله عليهم بالعلم وفيه دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كانوا رسلاً كما ذهب إليه أهل السنة والجماعة.قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: "علمه اسم كل شيء حتى القصعة والقصيعة"وقيل: اسم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.وقال الربيع بن أنس: "أسماء الملائكة".وقيل: أسماء ذريته، وقيل: صنعة كل شيء.قال أهل التأويل: إن الله عز وجل علم آدم جميع اللغات ثم تكلم كل واحد من أولاده بلغة فتفرقوا في البلاد واختص كل فرقة منهم بلغة.ثم عرضهم على الملائكة إنما قال عرضهم ولم يقل عرضها لأن المسميات إذا جمعت من يعقل ومالا يعقل يكنى عنها بلفظ من يعقل كما يكنى عن الذكور والإناث بلفظ الذكور.وقال مقاتل: "خلق الله كل شيء الحيوان والجماد ثم عرض تلك الشخوص على الملائكة فالكناية راجعة إلى الشخوص فلذلك قال عرضهم".فقال أنبئوني أخبرونيبأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين في أني لا أخلق خلقاً إلا وكنتم أفضل وأعلم منه.فقالت الملائكة إقراراً بالعجز:
قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون
قال الله تعالى:يا آدم أنبئهم بأسمائهم أخبرهم بأسمائهم فسمى آدم كل شئ باسمه وذكر الحكمة التي لأجلها خلق.فلما أنبأهم بأسمائهم قال الله تعالىألم أقل لكم يا ملائكتيإني أعلم غيب السماوات والأرض ما كان منهما وما يكون لأنه قد قال لهم إني أعلم ما لا تعلمون [30 - البقرة].وأعلم ما تبدون قال الحسن وقتادة: يعني قولهم أتجعل فيها من يفسد فيهاوما كنتم تكتمون قولكم لن يخلق الله خلقاً أكرم عليه منا.قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هو أن إبليس مر على جسد آدم وهو ملقى بين مكة والطائف لا روح فيها فقال: لأمر ما خلق هذا ثم دخل في فيه وخرج من دبره وقال: إنه خلق لا يتماسك لأنه أجوف، ثم قال للملائكة الذين معه أرأيتم إن فضل هذا عليكم وأمرتم بطاعته ماذا تصنعون؟، قالوا: نطيع أمر ربنا، فقال إبليس في نفسه: والله لئن سلطت عليه لأهلكنه ولئن سلط علي لأعصينه فقال الله تعالى: وأعلم ما تبدون يعني ما تبديه الملائكة من الطاعة وما كنتم تكتمون يعني إبليس من المعصية".
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين
وقوله تعالى: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم قرأ أبو جعفر للملائكة اسجدوا بضم التاء على جوار ألف اسجدوا، وكذلك قرأ قال رب احكم بالحق [112-الأنبياء] بضم الباء وضعفه النُحَاة جداً ونسبوه إلى الغلط فيه. واختلفوا في أن هذا الخطاب مع أي الملائكة فقال بعضهم: مع الذين كانوا سكان الأرض. والأصح: أنه مع جميع الملائكة لقوله تعالى: فسجد الملائكة كلهم أجمعون [30-الحجر].وقوله: (اسجدوا) فيه قولان: الأصح أن السجود كان لآدم على الحقيقة، وتضمن معنى الطاعة لله عز وجل بامتثال أمره، وكان ذلك سجود تعظيم وتحية لا سجود عبادة، كسجود إخوة يوسف له في قوله عز وجل: وخروا له سجداً [100-يوسف] ولم يكن فيه وضع الوجه على الأرض، إنما كان الانحناء، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام.وقيل: معنى قوله اسجدوا لآدم أي إلى آدم قِبلة، والسجود لله تعالى، كما جعلت الكعبة قِبلةً للصلاة والصلاة لله عز وجل.فسجدوا يعني: الملائكة.إلا إبليس وكان اسمه عزازيل بالسريانية، وبالعربية: الحارث، فلما عصى غير اسمه وصورته فقيل: إبليس، لأنه أبلس من رحمة الله تعالى أي يئس. واختلفوا فيه فقال ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر المفسرين: "كان إبليس من الملائكة"، وقال الحسن: "كان من الجن ولم يكن من الملائكة لقوله تعالى إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه [50-الكهف] فهو أصل الجن كما أن آدم أصل الإنس، ولأنه خلق من النار والملائكة خلقوا من النور، ولأن له ذرية ولا ذرية للملائكة، والأول أصح لأن خطاب السجود كان مع الملائكة، وقوله كان من الجن أي من الملائكة الذين هم خزنة الجنة.وقال سعيد بن جبير: "من الذين يعملون في الجنة".وقال: قوم من الملائكة الذين يصوغون حلي أهل الجنة.وقيل: إن فرقة من الملائكة خلقوا من النار سموا جناً لاستتارهم عن الأعين، وإبليس كان منهم. والدليل عليه قوله تعالى: وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً [158-الصافات] وهو قولهم: الملائكة بنات الله، ولما أخرجه الله من الملائكة جعل له ذرية.قوله: أبى أي امتنع فلم يسجد.واستكبر أي تكبر عن السجود (لآدم).وكان أي: صارمن الكافرين وقال أكثر المفسرين: وكان في سابق علم الله من الكافرين الذين وجبت لهم الشقاوة.أنا أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي أنا ابن الحاكم أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي أنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد أنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنا جرير ووكيع وأبومعاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويله أُمِر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأُمِرت بالسجود فعصيت فلي النار".
وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين
قوله تعالى: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وذلك أن آدم لم يكن له في الجنة من يجانسه فنام نومة فخلق الله زوجته حواء من قصيراء من شقه الأيسر، وسميت حواء لأنها خلقت من حي، خلقها الله عز وجل من غير أن أحس به آدم ولا وجد له ألماً، ولو وجد ألماً لما عطف رجل على امرأة قط فلما هب من نومه رآها جالسة عند رأسه (كأحسن ما في) خلق الله فقال لها: من أنتِ؟، قالت: زوجتك خلقني الله لك تسكن إلي وأسكن إليك.وكلا منها رغداً واسعاً كثيراً.حيث شئتما كيف شئتما ومتى شئتما وأين شئتما.ولا تقربا هذه الشجرة يعني للأكل، وقال بعض العلماء: وقع النهي على جنس من الشجر.وقال آخرون: على شجرة مخصوصة، واختلفوا في تلك الشجرة.قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومقاتل: "هي السنبلة".وقال ابن مسعود: "هي شجرة العنب".وقال ابن جريج: "شجرة التين".وقال قتادة: "شجرة العلم وفيها من كل شيء".وقال علي رضي الله عنه: "شجرة الكافور".فتكونا فتصيرا.من الظالمين أي: الضارين بأنفسكما بالمعصية.وأصل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه.
فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم
فتلقى تلقى، والتلقي: هو قبول عن فطنة وفهم، وقيل: هو التعلم.آدم من ربه كلمات قراءة العامة: آدم برفع الميم وكلمات بخفض التاء، قرأ ابن كثير: آدم بالنصب وكلمات برفع التاء يعني جاءت الكلمات آدم من ربه، وكانت سبب توبته. واختلفوا في تلك الكلمات؛ قال سعيد بن جبير ومجاهد والحسن: "هي قوله ربنا ظلمنا أنفسنا الآية".وقال مجاهد ومحمد بن كعب القرظي: "هي قوله لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب عملت سوءً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت ( التواب الرحيم )".لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين.وقال عبيد بن عمير: "هي أن آدم قال يا رب أرأيت ما أتيت بشيء ابتدعته من تلقاء نفسي أم شيء قدرته علي قبل أن تخلقني؟، قال الله تعالى: بل شيء قدرته عليك قبل أن أخلقك، قال: يارب فكما قدرته قبل أن تخلقني فاغفر لي".وقيل: هي ثلاثة أشياء الحياء والدعاء والبكاء.قال ابن عباس: "بكى آدم وحواء على ما فاتهما من نعيم الجنة مائتي سنة، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوماً، ولم يقرب آدم حواء مائة سنة".وروى المسعودي عن يونس بن خباب وعلقمة بن مرثد قالوا: "لو أن دموع أهل الأرض جمعت لكانت دموع داود أكثر حيث أصاب الخطيئة ولو أن دموع داود ودموع أهل الأرض جمعت لكانت دموع آدم أكثر حيث أخرجه الله من الجنة".قال شهر بن حوشب: "بلغني أن آدم لما هبط إلى الأرض مكث ثلثمائة سنة لا يرفع رأسه حياء من الله تعالى".قوله: فتاب عليه فتجاوز عنه.إنه هو التواب يقبل توبة عباده.الرحيم بخلقه.
إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين
وقوله تعالى : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا ) الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما : قالت اليهود نحن من أبناء إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، ونحن على دينهم فأنزل الله تعالى هذه الآية يعني : إن الله اصطفى هؤلاء بالإسلام وأنتم على غير دين الإسلام ( اصطفى ) اختار ، افتعل من الصفوة وهي الخالص من كل شيء ( آدم ) أبو البشر ( ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران ) قيل: أراد بآل إبراهيم وآل عمران إبراهيم عليه السلام وعمران أنفسهما كقوله تعالى " وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون " ( 248 - البقرة ) يعني موسى وهارون .وقال آخرون : آل إبراهيم : إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وكان محمد صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم عليه السلام ، وأما آل عمران فقال مقاتل : هو عمران بن يصهر بن فاهت بن لاوي بن يعقوب عليه السلام ( والد ) موسى وهارون . وقال الحسن ووهب : هو عمران بن أشهم بن أمون من ولد سليمان بن داود عليهما السلام [ والد ] مريم وعيسى . وقيل: عمران بن ماثان وإنما خص هؤلاء بالذكر لأن الأنبياء والرسل كلهم من نسلهم
إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون
قوله تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) الآية نزلت في وفد نجران وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك تشتم صاحبنا؟ قال : وما أقول قالوا : تقول إنه عبد الله قال : أجل هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول فغضبوا وقالوا هل رأيت إنسانا قط من غير أب؟ فأنزل الله تعالى ( إن مثل عيسى عند الله ) في كونه خلقه من غير أب كمثل آدم لأنه خلق من غير أب وأم ( خلقه من تراب ثم قال له ) يعني لعيسى عليه السلام ( كن فيكون ) يعني فكان فإن قيل ما معنى قوله ( خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) ولا تكوين بعد الخلق؟ قيل معناه ثم خلقه ثم أخبركم أني قلت له : كن فكان من غير ترتيب في الخلق كما يكون في الولادة وهو مثل قول الرجل : أعطيتك اليوم درهما ثم أعطيتك أمس درهما أي ثم أخبرك أني أعطيتك أمس درهما وفيما سبق من التمثيل دليل على جواز القياس لأن القياس هو رد فرع إلى أصل بنوع شبه وقد رد الله تعالى خلق عيسى إلى آدم عليهم السلام بنوع شبه
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين
قوله تعالى : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) وهما هابيل وقابيل ويقال له قابين ، ( إذ قربا قربانا ) وكان سبب قربانهما على ما ذكره أهل العلم أن حواء كانت تلد لآدم عليه السلام في كل بطن غلاما وجارية ، وكان جميع ما ولدته أربعين ولدا في عشرين بطنا أولهم قابيل وتوأمته أقليما ، وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمة المغيث ، ثم بارك الله عز وجل في نسل آدم عليه السلام ، قال ابن عباس : لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا .واختلفوا في مولد قابيل وهابيل ، فقال بعضهم : غشي آدم حواء بعد مهبطهما إلى الأرض بمائة سنة ، فولدت له قابيل وتوأمته أقليما في بطن واحد ، ثم ولدت هابيل وتوأمته لبودا في بطن .وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : إن آدم كان يغشى حواء في الجنة قبل أن يصيب الخطيئة ، فحملت فيها بقابيل وتوأمته أقليما ، فلم تجد عليهما وحما ولا وصبا ولا طلقا حتى ولدتهما ، ولم تر معهما دما فلما هبط إلى الأرض تغشاها فحملت بهابيل وتوأمته ، فوجدت عليهما الوحم والوصب والطلق والدم ، وكان آدم إذا شب أولاده يزوج غلام هذا البطن جارية بطن أخرى ، فكان الرجل منهم يتزوج أية أخواته شاء إلا توأمته التي ولدت معه لأنه لم يكن يومئذ نساء إلا أخواتهم ، فلما ولد قابيل وتوأمته أقليما ثم هابيل وتوأمته لبودا ، وكان بينهما سنتان في قول الكلبي وأدركوا ، أمر الله تعالى آدم عليه السلام أن ينكح قابيل لبودا أخت هابيل وينكح هابيل أقليما أخت قابيل ، وكانت أخت قابيل أحسن من أخت هابيل ، فذكر ذلك آدم لولده فرضي هابيل وسخط قابيل ، وقال : هي أختي أنا أحق بها ، ونحن من [ ولادة ] الجنة وهما من [ ولادة ] الأرض ، فقال له أبوه : إنها لا تحل لك فأبى أن يقبل ذلك ، وقال : إن الله لم يأمره بهذا وإنما هو من رأيه ، فقال لهما آدم عليه السلام : فقربا قربانا فأيكما يقبل قربانه فهو أحق بها ، وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت نار من السماء بيضاء فأكلتها ، وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار وأكلته الطير والسباع ، فخرجا ليقربا [ قربانا ] وكان قابيل صاحب زرع فقرب صبرة من الطعام من أردأ زرعه وأضمر في نفسه ما أبالي أيقبل مني أم لا ، لا يتزوج أختي أبدا ، وكان هابيل صاحب غنم فعمد إلى أحسن كبش في غنمه فقرب به وأضمر في نفسه رضا الله عز وجل فوضعا قربانهما أعلى الجبل ، ثم دعا آدم عليه السلام فنزلت نار من السماء وأكلت قربان هابيل ولم تأكل قربان قابيل فذلك قوله عز وجل : ( فتقبل من أحدهما ) [ يعني هابيل ] ( ولم يتقبل من الآخر ) يعني : قابيل فنزلوا على الجبل وقد غضب قابيل لرد قربانه وكان يضمر الحسد في نفسه إلى أن أتى آدم مكة لزيارة البيت ، فلما غاب آدم أتى قابيل هابيل وهو في غنمه ، ( قال لأقتلنك ) قال : ولم؟ قال : لأن الله تعالى قبل قربانك ورد قرباني ، وتنكح أختي الحسناء وأنكح أختك الدميمة ، فيتحدث الناس أنك خير مني ويفتخر ولدك على ولدي ، ( قال ) هابيل : وما ذنبي؟ ( إنما يتقبل الله من المتقين ) .
ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين
قوله - عز وجل - : ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ) قال ابن عباس : خلقناكم ، أي : أصولكم وآباءكم ثم صورناكم في أرحام أمهاتكم . وقال قتادة والضحاك والسدي : أما " خلقناكم " فآدم ، وأما " صورناكم " فذريته . وقال مجاهد في خلقناكم : آدم ، ثم صورناكم في ظهر آدم بلفظ الجمع ؛ لأنه أبو البشر ففي خلقه خلق من يخرج من صلبه . وقيل: خلقناكم في ظهر آدم ثم صورناكم يوم الميثاق حين أخرجكم كالذر . وقال عكرمة : خلقناكم في أصلاب الرجال ثم صورناكم في أرحام النساء . وقال يمان : خلق الإنسان في الرحم ثم صوره وشق سمعه وبصره وأصابعه . وقيل: الكل آدم خلقه وصوره و " ثم " بمعنى الواو .( ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) فإن قيل: الأمر بسجود الملائكة كان قبل خلق بني آدم ، فما وجه قوله " ثم قلنا " وثم للترتيب وللتراخي ؟ قيل: على قول من يصرف الخلق والتصوير إلى آدم وحده يستقيم هذا الكلام ، أما على قول من يصرفه إلى الذرية : فعنه أجوبة :أحدها " ثم " بمعنى الواو ، أي : وقلنا للملائكة ، فلا تكون للترتيب والتعقيب .وقيل: أراد " ثم " أخبركم أنا قلنا للملائكة اسجدوا .وقيل: فيه تقديم وتأخير تقديره ولقد خلقناكم ، يعني : آدم ثم قلنا للملائكة اسجدوا ثم صورناكم .قوله تعالى : ( فسجدوا ) يعني الملائكة ، ( إلا إبليس لم يكن من الساجدين ) لآدم .