﴿ ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾
[ النساء: 58]

سورة : النساء - An-Nisā’  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 87 )

Verily! Allah commands that you should render back the trusts to those, to whom they are due; and that when you judge between men, you judge with justice. Verily, how excellent is the teaching which He (Allah) gives you! Truly, Allah is Ever All-Hearer, All-Seer.


تُؤدّواالأمانات : جميع حقوق الله و حقوق العِباد
نِعمّا يعِظكم به : نِعم الّذي يعِظكم به ما ذُكر

إن الله تعالى يأمركم بأداء مختلف الأمانات، التي اؤتمنتم عليها إلى أصحابها، فلا تفرطوا فيها، ويأمركم بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط، إذا قضيتم بينهم، ونِعْمَ ما يعظكم الله به ويهديكم إليه. إن الله تعالى كان سميعًا لأقوالكم، مُطَّلعًا على سائر أعمالكم، بصيرًا بها.

إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس - تفسير السعدي

الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به.
فأمر الله عباده بأدائها- أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله.
وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها.
قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك.
وفي قوله: { إِلَى أَهْلِهَا } دلالة على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن، ووكيلُه بمنزلته؛ فلو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديا لها.
{ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض، القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد، والبر والفاجر، والولي والعدو.
والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام، وهذا يستلزم معرفة العدل ليحكم به.
ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة قال: { إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون.

تفسير الآية 58 - سورة النساء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى : الآية رقم 58 من سورة النساء

 سورة النساء الآية رقم 58

إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس - مكتوبة

الآية 58 من سورة النساء بالرسم العثماني


﴿ ۞ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا  ﴾ [ النساء: 58]


﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ﴾ [ النساء: 58]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النساء An-Nisā’ الآية رقم 58 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 58 من النساء صوت mp3


تدبر الآية: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس

الأمانة تعاملٌ حسنٌ مع الله؛ استجابةً لأمره، وطمعًا في ثوابه، قبل أن تكونَ سبيلًا لرضا الناس ونيل المصالح منهم.
أَولى الناس بأداء الأمانة مَن ولَّاهم الله مسؤوليَّاتِ هذه الأمَّة، وحكَّمهم في شؤونها، وإنه سائلُهم عنها يوم القيامة.
على المسلم أن يشملَ عدلُه جميعَ الخلائق، فلا يختصُّ به إخوانَه؛ فإن الإنسانيَّة تكره الظُّلم بفِطرتها، والإيمانُ يوافقها.
من المواعظِ التي أثنى الله عليها: العِظةُ بالأمانة والعدل، وهما من أعظم الأخلاق التي لا تستقيم أمورُ الناس إلا بها، فمَن أدَّاهما فقد نفع نفسَه ومجتمعَه.
لو استحضَر المؤتَمَنُ نظرَ المؤتَمِنِ في الذي يفعله بوديعته؛ لما خانه، فكيف إن استحضَر أن الله يرقُبه فيها، يسمع ما يقوله، ويبصر ما يفعله؟

وبعد هذا الحديث الجامع عن أحوال أهل الكتاب من اليهود، وجه القرآن جملة من الأوامر الحكيمة إلى المؤمنين، فقال-تبارك وتعالى-:قال ابن كثير- عند تفسيره للآية الأولى-: ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة.
وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبى طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم.
وسبب نزولها فيه: حين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة منه يوم الفتح ثم رده عليه.
ثم قال: قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر عن عبيد الله بن أبى ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى أتى إلى البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده.
فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ مفتاح الكعبة منه ففتحت له فدخلها.
ثم قام على باب الكعبة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
صدق وعده.
ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين: إلا سدانة البيت وسقاية الحاج.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة؟ فدعى له.
فقال: هاك مفتاحك يا عثمان!! اليوم يوم بر ووفاء.
هذا ونزول الآية الكريمة في هذا السبب الخاص لا يمنع عمومها إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
والأمانات: جمع أمانة وهي مصدر سمى به المفعول.
فهي بمعنى ما يؤتمن الإنسان عليه.
والمعنى: إن الله تعالى- يأمركم- أيها المؤمنون- أن تؤدوا ما ائتمنتم عليه من الحقوق سواء أكانت هذه الحقوق لله-تبارك وتعالى- أم للعباد.
وسواء أكانت فعلية أم قولية أم اعتقادية.
وقد أسند- سبحانه - الأمر إليه مع تأكيده، اهتماما بالمأمور به، وحضا للناس على أداء ما يؤتمنون عليه من علم ومال، وودائع، وأسرار، وغير ذلك مما يقع في دائرة الائتمان، وتنبغي المحافظة عليه.
ومعنى أدائها إلى أهلها: توصيلها إلى أصحابها كما هي من غير بخس أو تطفيف أو تحريف أو غير ذلك مما يتنافى مع أدائها بالطريقة التي ترضى الله-تبارك وتعالى-.
ومن الآيات القرآنية التي نوهت بشأن الأمانة وأمرت بأدائها وحفظها قوله-تبارك وتعالى-:إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ.
وقوله-تبارك وتعالى- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ.
وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ.
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ.
أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ .
وأما الأحاديث فمنها ما رواه الترمذي والنسائي عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم» .
وروى الترمذي وأبو داود عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك} .
وقوله: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ أمر بإيصال الحقوق المتعلقة بذمم الغير إلى أصحابها إثر الأمر بإيصال الحقوق المتعلقة بذممهم.
وقوله حَكَمْتُمْ من الحكم ومعناه الفصل بين المتنازعين، وإظهار الحق لصاحبه.
وقوله بِالْعَدْلِ أى بالحق الذي أوجبه الله عليكم.
وأصل العدل: التسوية.
يقال: عدل كذا بكذا أى سواه به.
قال الجمل وقوله: وَإِذا حَكَمْتُمْ إذا معمول لمقدر على مذهب البصريين من أن ما بعد أن المصدرية لا يعمل فيما قبلها والتقدير: وأن تحكموا بالعدل إذا حكمتم بين الناس.
أو معمول للمذكور على مذهب الكوفيين من إجازة عمل ما بعد أن فيما قبلها.
والمعنى: وكما أمركم الله-تبارك وتعالى- أيها المؤمنون بأداء الأمانات إلى أهلها، فإنه يأمركم- أيضا- إذا حكمتم بين الناس أن تجعلوا حكمكم قائما على الحق والعدل، فإن الله-تبارك وتعالى- ما أقام ملكه إلا عليهما، ولأن الأحكام إذا صاحبها الجور والظلم أدت إلى شقاء الأفراد والجماعات.
قال بعض العلماء: يرى بعضهم: أن الخطاب في هذا النص موجه إلى الذين يحكمون، وهم الحكام من ولاة وقضاة وغيرهم ممن يلون الحاكم.
ولا مانع عندنا من أن يكون الخطاب موجها إلى الأمة كلها، لأن الأمة العزيزة التي تتولى أمور نفسها من غير تحكم من ملك أو طاغ قاهر، هي محكومة ومحكمة.
فهي التي تختار حاكمها وهي في هذا محكمة، مطلوب منها العدل، فلا تختار لهوى أو لعطاء أو لمصلحة شخصية أيا كان نوعها.
وهي محكمة في حاكمها فلا تقول فيه إلا حقا، ولا تطالبه إلا بما هو حق لا جور فيه، ولا تشتط في نقده، ولا تسكن عن نصيحته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم}.
وحديث القرآن عن وجوب إقامة العدل ودفع الظلم حديث مستفيض.
قال تعالى-:إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ .
وقال-تبارك وتعالى- يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى.
وقال-تبارك وتعالى- وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى.
وقال-تبارك وتعالى- وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا.
اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى.
وأما حديث السنة النبوية عن ذلك فهو أيضا مستفيض.
ومن الأحاديث التي وردت في هذا المعنى ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن.
وكلتا يديه يمين.
الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» .
وقوله إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ جملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها، متضمنة لمزيد اللطف بالمخاطبين، وحسن استدعائهم إلى الامتثال لما أمروا به وقوله إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ جملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها، متضمنة لمزيد اللطف بالمخاطبين، وحسن استدعائهم إلى الامتثال لما أمروا به وقوله نِعِمَّا أصله نعم ما فركبت نعم مع ما بعد طرح حركة الميم الأولى وتنزيلها منزلة الكلمة الواحدة ثم أدغمت الميمان وحركت العين الساكنة بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين.
وما إما منصوبة موصوفة بقوله يَعِظُكُمْ فكأنه قيل: نعم شيئا يعظكم به.
وإما مرفوعة موصولة فكأنه قيل: نعم الشيء الذي يعظكم به.
والمخصوص بالمدح محذوف وهو أداء الأمانة إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل.
والوعظ: التذكير بالخير، والتحذير من الشر، بأسلوب يرق له القلب.
والمعنى: إن الله-تبارك وتعالى- قد أمركم- يا معشر المؤمنين- بأداء الأمانة، وبالحكم بالعدل، ولنعماهما شيئا جليلا يذكركم به، ويدعوكم إليه.
وقوله-تبارك وتعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً وعد للطائعين ووعيد للعاصين.
أى: إن الله-تبارك وتعالى- كان سميعا لأقوالكم في الأحكام وفي غيرها.
بَصِيراً بكل أحوالكم وتصرفاتكم.
وسيجازيكم بما تفعلونه من خير أو شر.
قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرافيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات هذه الآية من أمهات الأحكام تضمنت جميع الدين والشرع .
وقد اختلف من المخاطب بها ؛ فقال علي بن أبي طالب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب وابن زيد : هذا خطاب لولاة المسلمين خاصة ، فهي للنبي صلى الله عليه وسلم وأمرائه ، ثم تتناول من بعدهم .
وقال ابن جريج وغيره : ذلك خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة في أمر مفتاح الكعبة حين أخذه من عثمان بن أبي طلحة الحجبي العبدري من بني عبد الدار ومن ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وكانا كافرين وقت فتح مكة ، فطلبه العباس بن عبد المطلب لتنضاف له السدانة إلى السقاية ؛ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فكسر ما كان فيها من الأوثان ، وأخرج مقام إبراهيم ونزل عليه جبريل بهذه الآية .
قال عمر بن الخطاب : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية ، وما كنت سمعتها قبل منه ، فدعا عثمان وشيبة فقال : خذاها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم .
وحكى مكي : أن شيبة أراد ألا يدفع المفتاح ، ثم دفعه ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : خذه بأمانة الله .
وقال ابن عباس : الآية في الولاة خاصة في أن يعظوا النساء في النشوز ونحوه ويردوهن إلى الأزواج .
والأظهر في الآية أنها عامة في جميع الناس فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال ورد الظلامات والعدل في الحكومات .
وهذا اختيار الطبري .
وتتناول من دونهم من الناس في حفظ الودائع والتحرز في الشهادات وغير ذلك ، كالرجل يحكم في نازلة ما ونحوه ؛ والصلاة والزكاة وسائر العبادات أمانة الله تعالى .
وروي هذا المعنى مرفوعا من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها أو قال : ( كل شيء إلا الأمانة - والأمانة في الصلاة والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع ) .
ذكره أبو نعيم الحافظ في الحلية .
وممن قال إن الآية عامة في الجميع البراء بن عازب وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب قالوا : الأمانة في كل شيء في الوضوء والصلاة والزكاة والجنابة والصوم والكيل والوزن والودائع ، وقال ابن عباس : لم يرخص الله لمعسر ولا لموسر أن يمسك الأمانة .
قلت : وهذا إجماع .
وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها الأبرار منهم والفجار ؛ قاله ابن المنذر .
والأمانة مصدر بمعنى المفعول فلذلك جمع .
ووجه النظم بما تقدم أنه تعالى أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقولهم : إن المشركين أهدى سبيلا ، فكان ذلك خيانة منهم فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات ؛ فالآية شاملة بنظمها لكل أمانة وهي أعداد كثيرة كما ذكرنا .
وأمهاتها في الأحكام : الوديعة واللقطة والرهن والعارية .
وروى أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك .
أخرجه الدارقطني .
ورواه أنس وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في " البقرة " معناه .
وروى أبو أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع : العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم .
صحيح أخرجه الترمذي وغيره .
وزاد الدارقطني : فقال رجل : فعهد الله ؟ قال : ( عهد الله أحق ما أدي ) .
وقال بمقتضى هذه الآية والحديث في رد الوديعة وأنها مضمونة على كل حال كانت مما يغاب عليها أو لا يغاب تعدى فيها أو لم يتعد - عطاء والشافعي وأحمد وأشهب .
وروي أن ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما ضمنا الوديعة .
وروى ابن القاسم عن مالك أن من استعار حيوانا أو غيره مما لا يغاب عليه فتلف عنده فهو مصدق في تلفه ولا يضمنه إلا بالتعدي .
وهذا قول الحسن البصري والنخعي ، وهو قول الكوفيين والأوزاعي قالوا : ومعنى قوله عليه السلام : العارية مؤداة هو كمعنى قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .
فإذا تلفت الأمانة لم يلزم المؤتمن غرمها لأنه مصدق فكذلك العارية إذا تلفت من غير تعد ؛ لأنه لم يأخذها على الضمان ، فإذا تلفت بتعديه عليها لزمه قيمتها لجنايته عليها .
وروي عن علي وعمر وابن مسعود أنه لا ضمان في العارية .
وروى الدارقطني عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا ضمان على مؤتمن .
واحتج الشافعي فيما استدل به بقول صفوان للنبي صلى الله عليه وسلم لما استعار منه الأدراع : أعارية مضمونة أو عارية مؤداة ؟ فقال : ( بل عارية مؤداة ) .
الثانية : قوله تعالى : وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل قال الضحاك : بالبينة على المدعي واليمين على من أنكر .
وهذا خطاب للولاة والأمراء والحكام ، ويدخل في ذلك بالمعنى جميع الخلق كما ذكرنا في أداء الأمانات .
قال صلى الله عليه وسلم : إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا .
وقال : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهله وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة عنه والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
فجعل في هذه الأحاديث الصحيحة كل هؤلاء رعاة : وحكاما على مراتبهم ، وكذلك العالم الحاكم ؛ لأنه إذا أفتى حكم وقضى وفصل بين الحلال والحرام ، والفرض والندب ، والصحة والفساد ، فجميع ذلك أمانة تؤدى وحكم يقضى .
وقد تقدم في البقرة القول في ( نعما )قوله تعالى : إن الله كان سميعا بصيرا وصف الله تعالى نفسه بأنه سميع بصير يسمع ويرى ؛ كما قال تعالى : إنني معكما أسمع وأرى فهذا طريق السمع .
والعقل يدل على ذلك ؛ فإن انتفاء السمع والبصر يدل على نقيضيهما من العمى والصمم ، إذ المحل القابل للضدين لا يخلو من أحدهما ، وهو تعالى مقدس عن النقائص ويستحيل صدور الأفعال الكاملة من المتصف ، بالنقائص ؛ كخلق السمع والبصر ممن ليس له سمع ولا بصر .
وأجمعت الأمة على تنزيهه تعالى عن النقائص وهو أيضا دليل سمعي يكتفى به مع نص القرآن في مناظرة من تجمعهم كلمة الإسلام .
جل الرب تبارك وتعالى عما يتوهمه المتوهمون ويختلقه المفترون الكاذبون سبحان ربك رب العزة عما يصفون .


شرح المفردات و معاني الكلمات : الله , يأمركم , تؤدوا , الأمانات , أهلها , حكمتم , الناس , تحكموا , بالعدل , الله , نعما , يعظكم , الله , سميعا , بصيرا ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. بل الله مولاكم وهو خير الناصرين
  2. أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا قد أنـزل الله إليكم
  3. كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم
  4. فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير
  5. بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم
  6. قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون
  7. ما القارعة
  8. ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما
  9. فبأي آلاء ربكما تكذبان
  10. أم للإنسان ما تمنى

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, April 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب