قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الحكم بالعدل في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]
فلنطمئنَّ إلى رحمة الله وعدله في كلِّ ما افترضَه علينا، فلولا أنها في طاقتنا لما ألزمَنا بها، فلا يحسُن أن نتبرَّمَ بتكاليفه، ولا أن نستثقلَ أوامرَه. ما أكرمَه سبحانه وأوسعَ رحمتَه؛ يثيب عبدَه على أعماله الصالحة سواءٌ عملها بسعيه أم وقعَت له بغير اختياره، ولا يعاقبه إلا على ما سعى إليه وقصد إلى فعله! مَن عمل خيرًا فليَحمَد الله على ما وفَّقه إليه، ومَن عمل شرًّا فليتخفَّف من حَملِ وِزرٍ سيجده يوم القيامة ثقيلًا عليه. هذا هو حالُ المؤمن الطامعِ في عفو الله ومغفرته، لا المتبجِّحِ بالخطيئة، المجاهر بالمعصية، المصرِّ على السيِّئة. إن الناسيَ ليُعذَر إذا لم يفرِّط في أسباب التذكُّر، ولم يستَهِن بها، فذاك الذي يُرجى له الغُفران. من فضل الله على هذه الأمَّة أنه رفعَ عنها الحرجَ والشدَّة، وجعل شريعتَه مبنيَّةً على التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير. المؤمنون حقًّا يعزمون على الالتزام بتكليف الله لهم أيًّا كان ذلك التكليف، مع رجاء أن يرحمَ ضعفَهم فلا يكلِّفَهم ما لا يُطيقون. لن يدخلَ أحدٌ الجنان، إلا برحمة الرحيم الرحمن، جعلنا الله وإيَّاكم من أصحابها. طريق النصر والتمكين ميسَّرةٌ لمَن اعتمد على ركن الله الركين، ومَن كان الله مولاه، لم يخشَ في الحقِّ سواه. |
﴿۞ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا ﴾ [النساء: 58]
الأمانة تعاملٌ حسنٌ مع الله؛ استجابةً لأمره، وطمعًا في ثوابه، قبل أن تكونَ سبيلًا لرضا الناس ونيل المصالح منهم. أَولى الناس بأداء الأمانة مَن ولَّاهم الله مسؤوليَّاتِ هذه الأمَّة، وحكَّمهم في شؤونها، وإنه سائلُهم عنها يوم القيامة. على المسلم أن يشملَ عدلُه جميعَ الخلائق، فلا يختصُّ به إخوانَه؛ فإن الإنسانيَّة تكره الظُّلم بفِطرتها، والإيمانُ يوافقها. من المواعظِ التي أثنى الله عليها: العِظةُ بالأمانة والعدل، وهما من أعظم الأخلاق التي لا تستقيم أمورُ الناس إلا بها، فمَن أدَّاهما فقد نفع نفسَه ومجتمعَه. لو استحضَر المؤتَمَنُ نظرَ المؤتَمِنِ في الذي يفعله بوديعته؛ لما خانه، فكيف إن استحضَر أن الله يرقُبه فيها، يسمع ما يقوله، ويبصر ما يفعله؟ |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا ﴾ [النساء: 59]
لا تستقيم سياسةُ الناس وحكمُهم إلا على قاعدة العدل والأمانة، فإن كانت راسخةً رسَخَ الحكمُ واستقامت السياسة، وفي القرآن ما يدعو إلى ذلك، ويحذِّر من اتِّباع غيره. طاعة وليِّ الأمر المسلم واجبةٌ مؤكَّدة، ولكنَّها تابعةٌ لطاعة الله ورسوله، وليست مستقلَّةً عنهما، ولا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق. الكتاب والسنَّة يدعُوان الأمَّة إلى الاجتماع والاتِّفاق، ويعصِمانها من الاختلافِ والافتراق. يصدِّقُ الإيمانَ الردُّ إلى الكتاب والسنَّة عند النزاع، ويكذِّبه تقدُّمُ الآراء والأهواء. |
﴿۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَۚ إِن يَكُنۡ غَنِيًّا أَوۡ فَقِيرٗا فَٱللَّهُ أَوۡلَىٰ بِهِمَاۖ فَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلۡهَوَىٰٓ أَن تَعۡدِلُواْۚ وَإِن تَلۡوُۥٓاْ أَوۡ تُعۡرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا ﴾ [النساء: 135]
العدالة لا تُراعَى مرَّةً أو مرَّتين، بل يجب أن تكونَ صفةً راسخة في المؤمنين، في كلِّ آنٍ وحين. إنما تكون الشهادة المأمورُ بها لله تعالى، لا لأحدٍ من المشهود لهم أو عليهم، فلا هوى ولا ميلَ من أجل فردٍ أو جماعةٍ أو أمَّة. لا ينبغي للعبد أن يحملَه بغضُه لأحدٍ على الحَيف في الشهادة عليه، ولا حبُّه له على الشهادة له من غير حقٍّ. الهوى من أعدى أعداء الحقِّ؛ فإنه يُغري المرءَ بالظلم فيُبعده عن الجادَّة، والعاقلُ حقًّا مَن عقَلَ هواه عن الباطل؛ خوفًا من ربِّه جلَّ جلاله. كيف يَقَرُّ للمخطئ قرارٌ وهو يعلم أن الله خبير بأعماله، لا تخفى عليه منها خافية. صاحب الهوى إذا لم يجد ما يدفع به الحُجَّة البيِّنة عمَد إلى تحريفها أو أعرض عنها، فإن لم يَدرِ به الخلق فليتذكَّر أن الله تعالى يعلم ما كتمَه من الحقِّ مهما أخفاه عن الناس. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]
تمام الإيمان أن تؤمنَ بالله وبما كلَّفَ به من حقوقه وحقوق عباده، فأدِّ الحقَّين على التمام تكُن مؤمنًا حقًّا. لا ترتقي النفسُ إلا حين تقوم لله، متجرِّدةً له عمَّا سواه، عالمةً باطِّلاعه على خفايا الضمير، يُحصي الصغيرَ منه والكبير. كِفَّة العدل لا تُمِيلُها المودةُ ولا البغضاء، ولا المصالح والأقرباء، بل هي ميزانٌ دقيق يَحكُمه الشعورُ برقابة الله، لا الشعورُ بمصالح الحياة. كلَّما أنصف الإنسانُ وعدلَ مع مَن يُبغض ومَن يحبُّ، كان ذلك أكثرَ قُربًا له من التقوى، فإذا جارَ ومال عن العدل والإنصاف فقد مال عن التقوى بحسَب ذلك. التقوى رتبةٌ عالية، ومنزلةٌ رفيعةٌ سامية، لا تُنال إلا على سُلَّم أعمالٍ زاكية؛ منها العدلُ في الأحكام والأفعال. امتثالُ أمرِ الله تعالى بالتقوى في السرِّ والعلن يُعين عليه معرفةُ أن الله عليمٌ بحقائق الأعمال وبَواطنِ العاملين، فمَن أخلص في نيَّته وأصابَ في عمله فقد سلك طريقَ القَبول. |
﴿سَمَّٰعُونَ لِلۡكَذِبِ أَكَّٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُمۡ أَوۡ أَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡۖ وَإِن تُعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيۡـٔٗاۖ وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42]
عادة الأرواح حين تنطمِس أنوارُها أن تهَشَّ لسماع الكذب، وتلك خِلالُ المجتمعات المنحرفة؛ تثقُل عندها كلمةُ الصدق، وتخِفُّ على لسانها الأباطيل. ما أسرعَ انقطاعَ البركة من كلِّ مجتمع استحقَّ المقتَ والغضب، حين شردَ عن منهج الله وتعاملَ بالحرام! أوَليس قد سماه الله بالسُّحت، فأنّى له البقاءُ والدوام؟ إن المال الحرام -وإن أُطلقت عليه الأسماءُ الحسنة والألقابُ الخادعة، كقِوام التنمية، وعصَب الاقتصاد- سيبقى يَسحَتُ البركةَ والخير من كلِّ بيتٍ حلَّ فيه. دين الإسلام هو الحاكمُ على غيره، وأهلُه العالِمون به هم مردُّ الناس جميعًا؛ لأنه لا مكانَ فيه للأهواء والشهَوات التي يولَد بينهما البغيُ والجَور. ما ضرَّ الإسلامَ ألا يعرفَ قدرَ عدله فئامٌ من الناس، ولكن مَن احتكم إليه وجد فيه تمامَ العدل، ومَن أعرض عن حُكمه إلى حُكم غيره فلن يضرَّ إلا نفسَه. القِسط عَلَمٌ على أحكام الإسلام، وإن الحبَّ والبغض لا يُميلانه عن الحقِّ، فمَن باينَ ديننا واحتكم إلى شرعنا فإنه لن يُظلمَ لدينا، ولن يلقى إلا العدل. الحكَمُ العدل محبوبُ الخالق، ومحبوبُ الخلق؛ لأنه عرَف الحقَّ فحكم به، واجتنب الباطلَ فلم يرضَه، وبذلك يسود الخيرُ بين العباد. |
﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ ﴾ [المائدة: 49]
ما أكثرَ ما يحتال الفاجرون على ذوي الاستقامة لإقناعهم بالحَيدة عن بعض الأحكام الشرعيَّة! وتلك هي الفتنةُ التي لا بدَّ فيها من الحذر. سُلَّم التنازلات عن الثوابت لا تنتهي درجاتُه في مطالب المُبطلين، فتنازلُ صاحب الحقِّ عن بعض الحقِّ لا يُشبع نَهَمَ ذوي الأهواء، وإن البقاء على قمة الحقِّ خيرٌ من الاستيقاظ في سَفحه. إذا كان عقابُ بعض الذنوب قد كفى لإهلاك العباد في الدنيا، فكيف يكون عقابُ جميعِها يوم القيامة؟ حين كان الحقُّ مُلجِمَ الشهوات، وفاطمَ النفس عن النزَوات، صار أهلُه قليلين، والخارجون عنه كثيرين، وفي هذا تسليةٌ للمؤمن عندما يرى ازدحامَ سبيل الباطل بالسالكين. |
﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۖ وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 152]
الإسلام يحمي حقَّ الضعيفِ حتى يصيرَ قويًّا، ويحذِّرُ القويَّ من أن يكونَ ظلومًا، فاليتيمُ ضعيفٌ حماه الله بنهي المجتمع عن التعدِّي على ماله بغير الإحسان، حتى يشتدَّ عودُه ويستدَّ رأيُه. صيانةً لحقوق العباد، ومنعًا من الظلم والفساد؛ أمرَت الشريعةُ بتوفية الكَيل والوزن بالعدل؛ إنصافًا للبائع وللمشتري. قد تفوتُ الإنسانَ دقَّةُ المقادير لعجزه وضعفه، مع حرصه على وفاء الحقوق، فعُفيَ عمَّا خرج عن القدرة؛ إذ لا يكلِّف الله الرحيمُ نفسًا إلا وُسعَها. العدل في الأقوال واجبٌ مع الموافق والمخالف، ولا يدفعُ المؤمنَ عنه إلى الحَيفِ والميلِ قرابةُ قريبٍ ولا محبَّةُ حبيب. أُضيفَ العهدُ إلى اللهِ لتربية المهابة في النفس، لكي تهتمَّ بهذا العهد، وتنصرفَ إليه ولا تنصرفَ عنه؛ لِما له من أهميَّةٍ وشرفٍ على سائر العهود. على المسلم الأخذُ بالحذرِ من أن تَركَنَ نفسُه إلى حظوظها، أو أن يُغريَها مقتضى طبعِها وإلفُ عاداتِها، فتنسى وصايا اللهِ لها وتَغفُل عنها، فلا تستيقظُ إلا وقد رَتعَت في ما نهى الله عنه. كثرة معالجةِ الأعمال وممارستِها قد تحمل غيرَ المتذكِّر على الغفلة عن تكليف الله فيها، فمَن رافقَه التذكُّرُ وافقَه السَّداد. |
﴿قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ ﴾ [الأعراف: 29]
أمور الدين تحتاجُ إلى تثبُّت، فلا ينبغي للعاقل أن تستهويَه الشعارات، حتى يرى موافقتَها للحقِّ، فإن وافقَته اتَّبع، وإن خالفته رجَع. أوامر الله ونواهيه تستحسنُها العقولُ السليمة، وتقبَلُها الفِطرُ القويمة. إلى الخالق القادر مَعادُ الخلق الأوَّل والآخِر، وفي ذلك اليوم حسابُهم، وبالإشراك به عقابُهم. |
﴿۞ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]
قال الحسنُ: (إن اللهَ جمع لكم الخيرَ كلَّه والشرَّ كلَّه في آيةٍ واحدة، فوالله ما ترك العدلُ والإحسان من طاعة الله شيئًا إلا جمعَه، ولا ترك الفحشاءُ والمنكر والبغيُ من معصية الله شيئًا إلا جمعَه). تبارك مَن جعل في كلامه الهُدى والشفاء، والنورَ والفرقان، ولم يأمر إلا بما هو حسنٌ، ولم ينهَ إلا عمَّا هو قبيح. أحسنُ الوعظ وعظُ الله بأوامره ونواهيه، فحين تسمع القلوبُ تلك الأوامرَ تخشى التقصيرَ فيها، وحين تسمع النواهيَ تخاف الوقوعَ في حَمْأتها، ومن ثَم يحدوهم حادي الخوفِ والطمع إلى الوقوف على حدِّ الحق. |
﴿وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَيۡرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ ﴾ [النحل: 126]
الإسلام يُجيز العدلَ في المعاقبة، ويرغِّب في الفضل بالعفو عنها، فما أعظمَه من دِينٍ يراعي المشاعر، ويدعو إلى سَنام الفضيلة! مَن علم أن عاقبة عفوه مع قدرته معيَّةُ الله تعالى الخاصَّةُ له، هان عليه ما يجد في نفسه، وانشرح صدرُه إلى مآل صبره. |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا ﴾ [طه: 113]
أيُّ لغةٍ تبلغ في فصاحتها وحلاوتها، وحسنها وجمالها، مبلغَ لغةٍ جعلها الله لغةَ كتابه العزيز؟ يقول أبو عليٍّ الجُذامي: (مَن لم يردعه القرآنُ والموت، فلو تناطحت الجبالُ بين يديه لم يرتدع). القرآنُ منبع التقوى، وموئل الذكرى، وأهله المتدبرون له، العاملون بما فيه أكثر الناس تقوى. |
﴿۞ ذَٰلِكَۖ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيۡهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ ﴾ [الحج: 60]
ليعلم المظلومُ أن له الحقَّ في الانتصاف، ويطمئنَّ أن له ربًّا ينصره إن بُغي عليه، وهو يقصد العدل في المعاقبة، والقِسْطَ في المؤاخذة. يُؤثَر عن كسرى أنه قيل له: بمَ دام ملككم؟ فقال: (لأننا نعاقب على قدر الذنب، لا على قدر الغضب). إذا ظُلمتَ فانتصرت لنفسك بعدلٍ ولم تعفُ عن ظالمك فلا إثم عليك؛ لأن ذلك مما أُذن لك فيه، فإن استطعت أن تعفو عمن ظلمك ابتغاء غفران ربك فافعل. |
﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 18]
إن الله تعالى عادل في حكمه، فلا يؤاخذ عبدًا بجريرة غيره ما لم تكن له يد فيها، فاطمئن على نفسك فإنك لا تحاسب إلا عليها. قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (يلقى الأب والأمُّ ابنه فيقول: يا بنيَّ؛ احمل عنِّي بعض ذنوبي، فيقول: لا أستطيع حمل شيء؛ حسبي ما علي). لا تظنَّ اليوم أن أحدًا سيحمل عنك ذنبك غدًا، ولو كان أقربَ قريب لك، فتخفَّف منه اليوم بالتوبة قبل أن تلقى الله بالندامة يوم القيامة. ما أحسنَ خشيةَ الله وإقامةَ الصلاة في الانتفاع بالنِّذارة والموعظة! فمَن كان أكثرَ خشيةً وأحسن صلاةً صار أكثر انتفاعًا بالذكرى. إذا تطهَّرت من المعاصي، ونقَّيت باطنك وظاهرك من المساخط، فإن عائدة ذلك النقاء على نفسك، فاحرِص على ذلك فأنت الرابح. من تفكر بأن مصيره إلى ربِّه الذي سيحاسبه على عمله انتفع بالنِّذارة، وطهَّر نفسه من الذنوب حتى يوافيَ مولاه على أحسن حال. |
﴿أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [الزمر: 9]
في هذه الآية صورةٌ للقلب الخائف الوجِل، الذي لا ينسى ربَّه في سرَّاءَ ولا ضرَّاء، ويعيش حياته في حذرٍ من الآخرة وأهوالها، متطلِّعًا إلى رحمة الله وفضله. الليل أدعى إلى طلب النوم والراحة، فإذا آثرَ المرء العبادة فيه، استنار قلبُه بنور التقرُّب إلى الله، والأُنس بالقيام والقنوت، حتى يورثَه العلم واليقين. إن العلم إذا رسَخ في القلب وتشرَّبته النفس حملَ صاحبَه على خَشية الله والعمل الصالح، وظهر أثرُه في النفس؛ ﴿إنَّما يَخشَى الله من عِبادِهِ العُلَماءُ﴾ ، وشتَّان بين عالم وجاهل! أنَّى للكافر أن يكونَ مع المؤمن في ميزان الله سواء؟! كلا؛ ﴿أفَمَن كانَ مُؤمِنًا كَمَن كانَ فاسِقًا لا يَستَوُون﴾ . لا يملك العلم اليقينيَّ الموصِلَ إلى الله إلا أصحابُ القلوب الواعية المدركة للحقائق، المنتفعة بما ترى وتعلَم، التي تذكر الله في كلِّ حين، ولا تنسى يومَ لقاه. |
﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴾ [الزمر: 46]
إن خير ما سألت به ربَّك أيُّها العبد وتضرَّعت به إليه سؤالُه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا، وفي الآية من أسماء الله وصفاته ما يدفع العبدَ للتضرُّع بها في رفع الكيد والضُّرِّ عنه. عندما تشتبه عليك الحقائقُ في ظلِّ الاختلاف لا تنسَ هذا الدعاء: (اللهم ربَّ جبريلَ وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السماوات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لِما اختُلف فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي مَن تشاء إلى صراطٍ مستقيم). |
﴿فَلِذَٰلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَٰبٖۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [الشورى: 15]
عنوان الفلاح والنجاح الدعوةُ إلى الحقِّ والاستقامةُ عليه دومًا؛ امتثالًا لأمر الله، وتأسِّيًا برسول الله. مَن اتَّخذ غيرَ الإسلام دينًا فإنما دينه هواه؛ ﴿ومَن أضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بغَيرِ هُدًى من الله إنَّ اللهَ لا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِين﴾ . العدل ميزانُ الله في الأرض؛ به يُؤخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من القويِّ، وبالعدل يصدِّق الله الصادقَ، ويكذِّب الكاذب. تبرُز في هذه الآية طبيعةُ الرسالة الأخيرة، التي تستكمل فضائل الرسالات السابقة، وتمضي مترفِّعةً عن أهواء البشر، ومحقِّقةً العدالةَ في الأرض. واجب العلماء والدعاة في كلِّ مكان وزمان العملُ على جمع الكلمة وَفقَ الكتاب والسنَّة، وتوحيد الصفوف، ونبذ الفُرقة والخلاف. أيُّها الدعاة، لا تُضيعوا أوقاتَكم بكثرة الجدال وطول النزاع، وحسبكم أن تبيِّنوا الحقَّ من الباطل، وتقيموا الحُجَج الواضحات. |
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ ﴾ [الشورى: 17]
كان أصحابُ رسول الله ﷺ يستحضرون الساعةَ في أوقاتهم كلِّها؛ تعظيمًا لشأنها، وفزَعًا من أهوالها، فأين نحن منهم؟! يحجُب الله قلوبَ المرتابين عن استشعار خطر الساعة، فيمضون عنها غافلين، وبعذابها غيرَ مبالين. لا يدري المؤمنون مصيرَهم في الآخرة، فيعيشون في فزَع من لقائها، ولا يدري الكافرون حقيقةَ أمرها فلا يبالون بها ولا بما فيها! وهل أضلُّ ممَّن يرى آيات ربِّه في نفسه وآفاق كونه، ثم يُماري ويُجادل في الساعة وحقيقة قيامها؟ نعم إنه ضلالٌ بعيد؛ لأن إنكار الجزاء غالبًا ما يُفضي إلى الذهاب بعيدًا في الظلم والعدوان، والبغي والعصيان، وارتكاب صنوف الآثام. |
﴿وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ ﴾ [الأحقاف: 19]
هي درجاتك التي تُنشئها، فإمَّا أن تصعدَ بها وتعلو، وإمَّا أن تنزلَ بها، فاختر لنفسك ما تريد. واسوءتاه ممَّا فعلنا، فميزانُ العدل يوم القيامة لا تغيب عنه الذرَّة، ولا يخفى على الله العمل مهما صغُر، فنسألك يا ربَّنا لُطفك وسَترك. |
﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]
الإيمان ليس عاصمًا من الخطأ، ولكنه يدعو إلى التراجع عنه، فمَن رأى من أخيه بُعدًا عن الصواب فليردَّه إليه؛ فإنه إذا ذُكِّر تذكَّر. الصلح بين المتخاصمين عبادةٌ عظيمة، وخَصلة كريمة، ولها عوائدُ خيِّرة كثيرة؛ فلذلك أمر اللهُ به، وحثَّ عليه رسولُه. لم يُنزع رداء الإيمان عن تَينِكِ الطائفتين برغم نشوب الاقتتال بينهما، لكنه البغيُ لاتِّباع هوى النفس ونزَغات الشيطان. العدل هو الذي يكفُل إزالة الأحقاد، والاستسلامَ لأمر ربِّ العباد، وإرجاعَ الحقِّ لكلِّ طائفة من غير تحيُّزٍ أو ميل في الحكم. |
﴿فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا وَلَمۡ يُرِدۡ إِلَّا ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ﴾ [النجم: 29]
مَن استكبرَ عن قَبول الحقِّ وتولَّى فلا تُعره اهتمامَك، ولا يُصيبَنَّك لأجله همٌّ ولا غمٌّ، فإن يكُن فيه خيرٌ يأتِ به الله. ما زادَ تعلُّق العبد بالدنيا إلا زادَ قلبُه انصرافًا عن ذكر ربِّه. ما الذي تأمُله ممَّن لا همَّ له إلا الحياة الدنيا وعرَضها الزائف الزائل؟! من قصَرَ علمَه وهمَّته على ما يُصلح به دنياه دون أخراه خابَ وخسر، فأكثِر أيها العبدُ من الدعاء المأثور: (اللهم لا تجعَلِ الدنيا أكبرَ همِّنا، ولا مبلغَ علمنا). |
﴿وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ ﴾ [النجم: 40]
كلُّ سعيٍ في الحقِّ ولو مثقالَ ذرَّة يجده العبدُ في صحيفته، وإنَّ الله لا يبخَسُه شيئًا من عمله. حين يتيقَّن العبدُ من عَرض عمله عِيانًا يوم الحساب، فإنَّ ذلك يحفزُه إلى الإكثار من الصالحات؛ طمعًا بفضل الله ومضاعفته أجورَ العباد. إن الله يجزي عبادَه أحسنَ الجزاء؛ يحاسبُهم عن السيِّئة بمثلها، ويضاعفُ لهم الأجرَ عن الحسنة أضعافًا كثيرة، فما أحرانا أن نقضيَ الأنفاسَ في الطاعات، وجمع الحسَنات! |
﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ ﴾ [الحديد: 25]
من نِعَم الله الجليلة على خَلقه أنه أمدَّهم بكلِّ ما يُقيمون به حياتهم في سلام ووئام؛ من شريعة هادية، وميزان عادل، وقوَّة يدفعون بها عن أنفسِهم. مَن رامَ نشرَ الهدى وإقامةَ العدل وجبَ عليه امتلاكُ القوَّة المادِّيَّة والمعنويَّة التي تمكِّنه من بلوغ هدفه وتحقيق طُموحه. الحقُّ والعلم دون قوَّة ضعفٌ وعَجز وصَغار، والبأسُ والقوَّة دون شريعة بيِّنة وميزان عادل فسادٌ وخرابٌ ودَمار. العدالةُ عند الأفراد والأمم تكونُ بمقدار نصيبها من الكتاب واستمساكها بالشَّريعة. لا تكتمل رسالةُ العالِم حتى يُصلحَ الدنيا بالعدل والميزان، كما يُصلح الدِّينَ بالكتاب والفُرقان. سعادةُ الناس وطُمَأنينتُهم لا تقوم إلا بصلاح دينهم ودنياهم معًا، دون إهمال جانبٍ على حساب آخَر. إن الله غنيٌّ عن عباده، وما دعاهم لنُصرة دينه إلا ليقيمَ الحُجَّةَ عليهم من أنفسهم، فيُثيبَ مَن امتثلَ أمرَه، ويعذِّبَ مَن تمرَّد وأبى. |
﴿لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ سَيَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرٖ يُسۡرٗا ﴾ [الطلاق: 7]
ما أحوجَنا إلى امتثال توجيهات الله تعالى وأوامره، ومنها قناعةُ المرء بما يُنفَقُ عليه، دون تكليف المُنفِق ما ليس في طَوقه وقدرته. لمَّا كان الأمر كلُّه بيد الله وحدَه؛ فهو الذي يعطي ويمنع، ويبسُط ويقبض، وبيده الضِّيق والفرَج، والشدَّة والرَّخاء، وجبَ أن نُفردَه بالطَّلب والالتجاء. إن العُسر لا بدَّ أن يعقبَه يُسر، والمشقَّة يعقبها راحة، ولكن لكلٍّ وقتٌ معلوم، وما عليك إلا أن تتفاءلَ وتترقَّبَ الفرَج. مهما اشتدَّ بك الأسى، وأظلمَت عليك الدنيا، وسُدَّت في وجهك الآفاق، فإن الخلاص آتٍ آت، فتسلَّح بالأمَل؛ ليكونَ قائدَك إلى الصبر والعمَل. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
أحوال اليهود الأسرى والرقيق أفضل دين في العالم الحق حمل الأمانة دار البوار عالم الغيب والشهادة كيف بدأ الخلق جنة عالية الصّاخة
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب