﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾
[ النساء: 59]

سورة : النساء - An-Nisa  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 87 )

O you who believe! Obey Allah and obey the Messenger (Muhammad SAW), and those of you (Muslims) who are in authority. (And) if you differ in anything amongst yourselves, refer it to Allah and His Messenger (SAW), if you believe in Allah and in the Last Day. That is better and more suitable for final determination.


أحسنُ تأويلا : أجمل عاقبةً و أحمد مآلاً

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه، واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق، وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله، فإن اختلفتم في شيء بينكم، فأرجعوا الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب. ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.

ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم - تفسير السعدي

ثم أمر بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما.
وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية.
ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله وإلى الرسول- أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه، لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.
فالرد إليهما شرط في الإيمان فلهذا قال: { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت، كما ذكر في الآية بعدها { ذَلِكَ }- أي: الرد إلى الله ورسوله { خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } فإن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام وأعدلها وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم.

تفسير الآية 59 - سورة النساء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول : الآية رقم 59 من سورة النساء

 سورة النساء الآية رقم 59

ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم - مكتوبة

الآية 59 من سورة النساء بالرسم العثماني


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا  ﴾ [ النساء: 59]


﴿ ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ﴾ [ النساء: 59]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النساء An-Nisa الآية رقم 59 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 59 من النساء صوت mp3


تدبر الآية: ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم

لا تستقيم سياسةُ الناس وحكمُهم إلا على قاعدة العدل والأمانة، فإن كانت راسخةً رسَخَ الحكمُ واستقامت السياسة، وفي القرآن ما يدعو إلى ذلك، ويحذِّر من اتِّباع غيره.
طاعة وليِّ الأمر المسلم واجبةٌ مؤكَّدة، ولكنَّها تابعةٌ لطاعة الله ورسوله، وليست مستقلَّةً عنهما، ولا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق.
الكتاب والسنَّة يدعُوان الأمَّة إلى الاجتماع والاتِّفاق، ويعصِمانها من الاختلافِ والافتراق.
يصدِّقُ الإيمانَ الردُّ إلى الكتاب والسنَّة عند النزاع، ويكذِّبه تقدُّمُ الآراء والأهواء.

وبعد أن أمر- سبحانه بأداء الأمانة وبالحكم بالعدل عقب ذلك بأمر المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله وولاة أمورهم فقال-تبارك وتعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.
وطاعة الله وطاعة رسوله متلازمتان.
قال-تبارك وتعالى-: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ.
ومعنى طاعتهما: التزام أوامرهما، واجتناب نواهيهما.
والمراد بأولى الأمر- على الراجح - الحكام.
وطاعتهم إنما تكون في غير معصية الله، فإذا أمروا بما يتنافى مع تعاليم الدين فلا سمع لهم على الأمة ولا طاعة.
وإنما أمرنا الله-تبارك وتعالى- بطاعتهم في غير معصية، لأنهم هم المنفذون لتعاليم الشريعة، وهم الذين بيدهم مقاليد الأمة التي يقومون على رعاية مصالحها، ولأن عدم طاعتهم يؤدى إلى اضطراب أحوال الأمة وفسادها.
قال صاحب الكشاف: والمراد {بأولى الأمر منكم} : أمراء الحق، لأن- أمراء الجور- الله ورسوله بريئان منهم، فلا يعطفون على الله ورسوله بوجوب الطاعة لهم.
وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما.
والنهى عن أضدادهما كالخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان.
وكان الخلفاء يقولون: أطيعونى ما عدلت فيكم.
فان خالفت فلا طاعة لي عليكم، وعن أبى حازم أن مسلمة بن عبد الملك قال له: ألستم أمرتم بطاعتنا في قوله وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال له: أليس قد نزعت عنكم إذا خالفتم الحق بقوله:فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ.
وقيل هم العلماء الدينيون الذين يعلمون الناس ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر.
وأعاد- سبحانه - الفعل أَطِيعُوا مع الرسول فقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ولم يعده مع أولى الأمر، للإشارة إلى استقلال الرسول صلى الله عليه وسلم بالطاعة حتى ولو كان ما يأمر به ليس منصوصا عليه في القرآن، لأنه لا ينطق عن الهوى، وللإيذان بأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى من طاعة أولى الأمر.
وقوله مِنْكُمْ في محل نصب على الحال من أولى الأمر.
أى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر حالة كونهم كائنين منكم أى من دينكم وملتكم.
وفي ذلك إشارة إلى أنه لا طاعة لمن يتحكمون في شئون المسلمين ممن ليسوا على ملتهم.
وقوله: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ بيان لما يجب على المؤمنين أن يفعلوه إذا ما حدث بينهم اختلاف في أمر من الأمور الدينية.
والمراد بالتنازع هنا: الاختلاف والجدال مأخوذ من النزع بمعنى الجذب.
فكأن كل واحد من المختلفين يجذب من غيره الحجة لدليله..ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «مالي أنازع القرآن» أى ينازعني غيرى ويجاذبنى في القراءة.
وذلك أن بعض المأمومين جهر خلفه فنازعه قراءته فشغله، فنهاه عن الجهر بالقراءة في الصلاة خلفه.
والمعنى: فان تنازعتم واختلفتم أيها المؤمنون أنتم وأولو الأمر منكم في أمر من أمور الدين فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ أى فردوا ذلك الحكم أو الأمر الذي اختلفتم فيه إلى كتاب الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن تسألوه عنه في حياته، وترجعوا إلى سنته بعد مماته.
قال القرطبي: قوله فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ أى تجادلتم واختلفتم في شيء من أمور دينكم فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ أى ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله أو إلى رسوله بالسؤال في حياته، أو بالنظر في سنته بعد وفاته.
وهذا قول مجاهد والأعمش وقتادة.
وهو الصحيح.
ومن لم ير هذا اختل إيمانه، لقوله- تعالى إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.
وفي قوله فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ دليل على أن سنته صلى الله عليه وسلم يعمل بها ويمتثل ما فيها.
قال صلى الله عليه وسلم «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم.
فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» .
أخرجه مسلم.
وروى أبو داود عن أبى رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمرى مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه» .
وعن العرباض بن سارية أنه حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس وهو يقول: «أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن ألا وإنى والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر» «2» .
وقوله إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ شرط جوابه محذوف عند جمهور البصريين اكتفاء بدلالة المذكور عليه.
أى: إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر حق الإيمان فارجعوا فيما تنازعتم فيه من أمور دينية إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والجملة الكريمة تحريض للمؤمنين على الامتثال لتعاليم الإسلام وآدابه، لأن الإيمان الحق يقتضى ذلك.
واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا يعود إلى الرد إلى الكتاب والسنة وقوله تَأْوِيلًا من آل هذا الأمر إلى كذا أى رجع إليه، فيكون المعنى: ذلك الذي أمرتكم به من رد ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة خير لكم وأحمد مغبة، وأجمل عاقبة.
ويجوز أن يكون قوله تَأْوِيلًا بمعنى التفسير والتوضيح فيكون المعنى:ذلك أى الرد إلى الكتاب والسنة خير لكم وأحسن تأويلا وتفسيرا من تأويلكم أنتم إياه، من غير رد إلى أصل من الكتاب والسنة.
والأول أنسب لسياق الآية الكريمة.
قال ابن كثير: قوله فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ.
الآية هذا أمر من الله-تبارك وتعالى- بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه، أن يردوا التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال-تبارك وتعالى-: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ.
فما حكم به القرآن والسنة وشهد له بالصحة فهو الحق.
وماذا بعد الحق إلا الضلال.
ولهذا قال-تبارك وتعالى-: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.
أى: ردوا الخصومات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر.
فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة، ولا يرجع إليهما في ذلك، فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر .
وقال بعض العلماء: قد يؤخذ من الآية التي معنا أن أدلة الأحكام الشرعية أربعة.
وهي:الكتاب والسنة والإجماع والقياس.. لأن الأحكام إما منصوصة في الكتاب أو السنة وذلك قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ.
وإما مجمع عليها من أولى الأمر بعد استنادهم إلى دليل علموه.
وذلك قوله وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وإما غير منصوصة ولا مجمع عليها.
وهذه سبيلها الاجتهاد والرد إلى الله والرسول وذلك هو القياس.
فما أثبته الفقهاء والأصوليون غير هذه الأربعة كالاستحسان الذي يراه الأحناف دليلا.
وإثبات الأحكام الشرعية تمشيا مع المصالح المرسلة الذي يقول به المالكية، والاستصحاب الذي يقول به الشافعية، كل ذلك إن كان غير هذه الأربعة فمردود بظاهر هذه الآية، وإن كان راجعا إليها فقد ثبت أن الأدلة أربعة.
ثم انتقل القرآن بعد ذلك إلى الحديث عن المنافقين فكشف عن أحوالهم الذميمة، وطباعهم القبيحة، ونفوسهم المريضة، وحذر المؤمنين من مكرهم وكذبهم، بعد أن حذرهم قبل ذلك من مكر اليهود وأمرهم بالاعتصام بطاعة الله ورسوله.
استمع إلى القرآن الكريم وهو يكشف النقاب عن حال هؤلاء المنافقين فيقول:
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا فيه ثلاث مسائل :الأولى : لما تقدم إلى الولاة في الآية المتقدمة وبدأ بهم فأمرهم بأداء الأمانات وأن يحكموا بين الناس بالعدل ، تقدم في هذه الآية إلى الرعية فأمر بطاعته جل وعز أولا ، وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ثم بطاعة رسوله ثانيا فيما أمر به ونهى عنه ، ثم بطاعة الأمراء ثالثا ؛ على قول الجمهور وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم .
قال سهل بن عبد الله التستري : أطيعوا السلطان في سبعة : ضرب الدراهم والدنانير ، والمكاييل والأوزان ، والأحكام والحج والجمعة والعيدين والجهاد .
قال سهل : وإذا نهى السلطان العالم أن يفتي فليس له أن يفتي ، فإن أفتى فهو عاص وإن كان أميرا جائرا .
وقال ابن خويز منداد : وأما طاعة الطاعة أئمة المسلمين في غير معصية سلطان فتجب فيما كان له فيه طاعة ، ولا تجب فيما كان لله فيه معصية ؛ ولذلك قلنا : إن ولاة زماننا لا تجوز طاعتهم ولا معاونتهم ولا تعظيمهم ، ويجب الغزو معهم متى غزوا ، والحكم من قبلهم ، وتولية الإمامة والحسبة ؛ وإقامة ذلك على وجه الشريعة .
وإن صلوا بنا وكانوا فسقة من جهة المعاصي جازت الصلاة معهم ، وإن كانوا مبتدعة لم تجز الصلاة معهم إلا أن يخافوا فيصلى معهم تقية وتعاد الصلاة .
قلت : روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : حق على الإمام أن يحكم بالعدل ، ويؤدي الأمانة ؛ فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه ؛ لأن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل ، ثم أمر بطاعته .
وقال جابر بن عبد الله ومجاهد : " أولو الأمر " أهل القرآن والعلم ؛ وهو اختيار مالك رحمه الله ، ونحوه قول الضحاك قال : يعني الفقهاء والعلماء في الدين .
وحكي عن مجاهد أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة .
وحكي عن عكرمة أنها إشارة إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خاصة .
وروى سفيان بن عيينة عن الحكم بن أبان أنه سأل عكرمة عن أمهات الأولاد فقال : هن حرائر .
فقلت بأي شيء ؟ قال بالقرآن .
قلت : بأي شيء في القرآن ؟ قال : قال الله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وكان عمر من أولي الأمر ؛ قال : عتقت ولو بسقط .
وسيأتي هذا المعنى مبينا في سورة " الحشر " عند قوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .
وقال ابن كيسان : هم أولو العقل والرأي الذين يدبرون أمر الناس .
قلت : وأصح هذه الأقوال الأول والثاني ؛ أما الأول فلأن أصل الأمر منهم والحكم إليهم .
وروى الصحيحان عن ابن عباس قال : نزل يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية .
قال أبو عمر : وكان في عبد الله بن حذافة دعابة معروفة ؛ ومن دعابته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره على سرية فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا ؛ فلما أوقدوها أمرهم بالتقحم فيها ، فقال لهم : ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتي ؟ ! وقال : من أطاع أميري فقد أطاعني .
فقالوا : ما آمنا بالله واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار ! فصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم وقال : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق قال الله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم .
وهو حديث صحيح الإسناد مشهور .
وروى محمد بن عمرو بن علقمة عن عمر بن الحكم بن ثوبان أن أبا سعيد الخدري قال : كان عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي من أصحاب بدر وكانت فيه دعابة .
وذكر الزبير قال : حدثني عبد الجبار بن سعيد عن عبد الله بن وهب عن الليث بن سعد قال : بلغني أنه حل حزام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، حتى كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع .
قال ابن وهب : فقلت لليث ليضحكه ؟ قال : نعم كانت فيه دعابة .
قال ميمون بن مهران ومقاتل والكلبي : " أولوا الأمر " أصحاب السرايا .
وأما القول الثاني فيدل على صحته قوله تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول .
فأمر تعالى برد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وليس لغير العلماء معرفة كيفية الرد إلى الكتاب والسنة ؛ ويدل هذا على صحة كون سؤال العلماء واجبا ، وامتثال فتواهم لازما .
قال سهل بن عبد الله رحمه الله : لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ؛ فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم .
وأما القول الثالث فخاص ، وأخص منه القول الرابع .
وأما الخامس فيأباه ظاهر اللفظ وإن كان المعنى صحيحا ، فإن العقل لكل فضيلة أس ، ولكل أدب ينبوع ، وهو الذي جعله الله للدين أصلا وللدنيا عمادا ، فأوجب الله التكليف بكماله ، وجعل الدنيا مدبرة بأحكامه ؛ والعاقل أقرب إلى ربه تعالى من جميع المجتهدين بغير عقل وروى هذا المعنى عن ابن عباس .
وزعم قوم أن المراد بأولي الأمر علي والأئمة المعصومون .
ولو كان كذلك ما كان لقوله : فردوه إلى الله والرسول معنى ، بل كان يقول فردوه إلى الإمام وأولي الأمر ، فإن قوله عند هؤلاء هو المحكم على الكتاب والسنة .
وهذا قول مهجور مخالف لما عليه الجمهور .
وحقيقة الطاعة امتثال الأمر ، كما أن المعصية ضدها وهي مخالفة الأمر .
والطاعة مأخوذة من أطاع إذا انقاد ، والمعصية مأخوذة من عصى إذا اشتد .
و " أولو " واحدهم " ذو " على غير قياس كالنساء والإبل والخيل ، كل واحد اسم الجمع ولا واحد له من لفظه .
وقد قيل في واحد الخيل : خائل وقد تقدم .
الثانية : قوله تعالى : فإن تنازعتم في شيء أي تجادلتم واختلفتم ؛ فكأن كل واحد ينتزع حجة الآخر ويذهبها .
والنزع الجذب .
والمنازعة مجاذبة الحجج ؛ ومنه الحديث وأنا أقول ما لي ينازعني القرآن .
وقال الأعشى :نازعتهم قضب الريحان متكئا وقهوة مزة راووقها خضل الخضل النبات الناعم والخضيلة الروضة .
في شيء أي من أمر دينكم .
فردوه إلى الله والرسول أي ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله أو إلى رسوله بالسؤال في حياته ، أو بالنظر في سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ؛ هذا قول مجاهد والأعمش وقتادة ، وهو الصحيح .
ومن لم ير هذا اختل إيمانه ؛ لقوله تعالى : إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر .
وقيل : المعنى قولوا الله ورسوله أعلم ؛ فهذا هو الرد .
وهذا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .
والقول الأول أصح ؛ لقول علي رضي الله عنه : ما عندنا إلا ما في كتاب الله وما في هذه الصحيفة ، أو فهم أعطيه رجل مسلم .
ولو كان كما قال هذا القائل لبطل الاجتهاد الذي خص به هذه الأمة والاستنباط الذي أعطيها ، ولكن تضرب الأمثال ويطلب المثال حتى يخرج الصواب .
قال أبو العالية : وذلك قوله تعالى : ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم .
نعم ، ما كان مما استأثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه فذلك الذي يقال فيه : الله أعلم .
وقد استنبط علي رضي الله عنه مدة أقل الحمل - وهو ستة أشهر - من قوله تعالى : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وقوله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين فإذا فصلنا الحولين من ثلاثين شهرا بقيت ستة أشهر ؛ ومثله كثير .
وفي قوله تعالى : ( وإلى الرسول ) دليل على أن سنته صلى الله عليه وسلم يعمل بها ويمتثل ما فيها .
قال صلى الله عليه وسلم : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم أخرجه مسلم .
وروى أبو داود عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه .
وعن العرباض بن سارية أنه حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس وهو يقول : أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن ألا وإني والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر .
وأخرجه الترمذي من حديث المقدام بن معدي كرب بمعناه وقال : حديث حسن غريب .
والقاطع قوله تعالى : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة الآية .
وسيأتي .
الثالثة : قوله تعالى : ذلك خير أي ردكم ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة خير من التنازع .
وأحسن تأويلا أي مرجعا ؛ من آل يئول إلى كذا أي صار .
وقيل : من ألت الشيء إذا جمعته وأصلحته .
فالتأويل جمع معاني ألفاظ أشكلت بلفظ لا إشكال فيه ؛ يقال : أول الله عليك أمرك أي جمعه .
ويجوز أن يكون المعنى وأحسن من تأويلكم .


شرح المفردات و معاني الكلمات : آمنوا , أطيعوا , الله , أطيعوا , الرسول , أولي , الأمر , تنازعتم , شيء , فردوه , الله , الرسول , تؤمنون , الله , اليوم , الآخر , خير , أحسن , تأويلا ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم
  2. كل من عليها فان
  3. ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين
  4. يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية
  5. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا
  6. سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل
  7. واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنـزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما
  8. آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال
  9. ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا
  10. وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب