سورة الروم | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن تفسير الصفحة 409 من المصحف
الآية: 42 {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين}
قوله تعالى: "قل سيروا في الأرض" أي قل لهم يا محمد سيروا في الأرض ليعتبروا بمن قبلهم، وينظروا كيف كان عاقبة من كذب الرسل "كان أكثرهم مشركين" أي كافرين فأهلكوا.
الآية: 43 {فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون}
قوله تعالى: "فأقم وجهك للدين القيم" قال الزجاج: أي أقم قصدك، واجعل جهتك اتباع الدين القيم؛ يعني الإسلام. وقيل: المعنى أوضح الحق وبالغ في الإعذار، واشتغل بما أنت فيه ولا تحزن عليهم. "من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله" أي لا يرده الله عنهم، فإذا لم يرده لم يتهيأ لأحد دفعه. ويجوز عند غير سيبويه "لا مرد له" وذلك عند سيبويه بعيد، إلا أن يكون في الكلام عطف. والمراد يوم القيامة.
قوله تعالى: "يومئذ يصدعون" قال ابن عباس: معناه يتفرقون. وقال الشاعر:
وكنا كنَدْمانَي جَذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
أي لن يتفرقا؛ نظيره قوله تعالى: "يومئذ يتفرقون" [الروم: 14] "فريق في الجنة وفريق في السعير". والأصل يتصدعون؛ ويقال: تصدع القوم إذا تفرقوا؛ ومنه اشتق الصداع، لأنه يفرق شعب الرأس.
الآية: 44 {من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون}
قوله تعالى: "من كفر فعليه كفره" أي جزاء كفره. "ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون" أي يوطئون لأنفسهم في الآخرة فراشا ومسكنا وقرارا بالعمل الصالح؛ ومنه: مهد الصبي. والمهاد الفراش، وقد مهدت الفراش مهدا: بسطته ووطأته. وتمهيد الأمور: تسويتها وإصلاحها. وتمهيد العذر: بسطه وقبوله. والتمهد: التمكن. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد "فلأنفسهم يمهدون" قال: في القبر.
الآية: 45 {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين}
قوله تعالى: "ليجزي الذين آمنوا" أي يمهدون لأنفسهم ليجزيهم الله من فضله. وقيل يصدعون ليجزيهم الله؛ أي ليتميز الكافر من المسلم. "إنه لا يحب الكافرين".
الآية: 46 {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}
قوله تعالى: "ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات" أي ومن أعلام كمال قدرته إرسال الرياح مبشرات أي بالمطر لأنها تتقدمه. وقد مضى في "الحجر" بيانه. "وليذيقكم من رحمته" يعني الغيث والخصب. "ولتجري الفلك" أي في البحر عند هبوبها. وإنما زاد "بأمره" لأن الرياح قد تهب ولا تكون مواتية، فلا بد من إرساء السفن والاحتيال بحبسها، وربما عصفت فأغرقتها بأمره. "ولتبتغوا من فضله" يعني الرزق بالتجارة "ولعلكم تشكرون" هذه النعم بالتوحيد والطاعة. وقد مضى هذا كله مبينا.
الآية: 47 {ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين}
قوله تعالى: "ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات" أي المعجزات والحجج النيرات "فانتقمنا" أي فكفروا فانتقمنا ممن كفر. "وكان حقا علينا نصر المؤمنين" "حقا" نصب على خبر كان، "ونصر" اسمها. وكان أبو بكر يقف على "حقا" أي وكان عقابنا حقا، ثم قال: "علينا نصر المؤمنين" ابتداء وخبر؛ أي أخبر بأنه لا يخلف الميعاد، ولا خلف في خبرنا. وروي من حديث أبي الدرداء قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم يذب عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله تعالى أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة - ثم تلا - "وكان حقا علينا نصر المؤمنين"). ذكره النحاس والثعلبي والزمخشري وغيرهم.
الآية: 48 {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون، وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين}
قوله تعالى: "الله الذي يرسل الرياح" قرأ ابن محيصن وابن كثير وحمزة والكسائي: "الريح" بالتوحيد. والباقون بالجمع. قال أبو عمرو: وكل ما كان بمعنى الرحمة فهو جمع، وما كان بمعنى العذاب فهو موحد. وقد مضى في "البقرة" معنى هذه الآية وفي غيرها. "كسفا" جمع كسفة وهي القطعة. وفي قراءة الحسن وأبي جعفر وعبدالرحمن الأعرج وابن عامر "كسفا" بإسكان السين، وهي أيضا جمع كسفة؛ كما يقال: سدرة وسدر؛ وعلى هذه القراءة يكون المضمر الذي بعده عائدا عليه؛ أي فترى الودق أي المطر يخرج من خلال الكسف؛ لأن كل جمع بينه وبين واحده الهاء لا غير فالتذكير فيه حسن. ومن قرأ: "كسفا" فالمضمر عنده عائد على السحاب. وفي قراءة الضحاك وأبي العالية وابن عباس: "فترى الودق يخرج من خلله" ويجوز أن يكون خلل جمع خلال. "فإذا أصاب به" أي بالمطر. "من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون" يفرحون بنزول المطر عليهم. "وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين" أي يائسين مكتئبين قد ظهر الحزن عليهم لاحتباس المطر عنهم. و"من قبله" تكرير عند الأخفش معناه التأكيد؛ وأكثر النحويين على هذا القول؛ قاله النحاس. وقال قطرب: إن "قبل" الأولى للإنزال والثانية للمطر؛ أي وإن كانوا من قبل التنزيل من قبل المطر. وقيل: المعنى من قبل تنزيل الغيث عليهم من قبل الزرع، ودل على الزرع المطر إذ بسببه يكون. ودل عليه أيضا "فرأوه مصفرا" على ما يأتي. وقيل: المعنى من قبل السحاب من قبل رؤيته؛ واختار هذا القول النحاس، أي من قبل رؤية السحاب "لمبلسين" أي ليائسين. وقد تقدم ذكر السحاب.
الآية: 50 {فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير}
قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله" يعني المطر؛ أي انظروا نظر استبصار واستدلال؛ أي استدلوا بذلك على أن من قدر عليه قادر على إحياء الموتى. وقرأ ابن عامر وحفص وحمزه والكسائي: "آثار" بالجمع. الباقون "بالتوحيد؛ لأنه مضاف إلى مفرد. والأثر فاعل "يحيي" ويجوز أن يكون الفاعل اسم الله عز وجل. ومن قرأ: "آثار" بالجمع فلأن رحمة الله يجوز أن يراد بها الكثرة؛ كما قال تعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" [إبراهيم: 34]. وقرأ الجحدري وأبو حيوة وغيرهما: "كيف تحيي الأرض" بتاء؛ ذهب بالتأنيث إلى لفظ الرحمة؛ لأن أثر الرحمة يقوم مقامها فكأنه هو الرحمة؛ أي كيف تحيي الرحمة الأرض أو الآثار. "ويحيي" أي يحيي الله عز وجل أو المطر أو الأثر فيمن قرأ بالياء. و"كيف يحيي الأرض" في موضع نصب على الحال على الحمل على المعنى لأن اللفظ لفظ الاستفهام والحال خبر؛ والتقدير: فانظر إلى أثر رحمة الله محيية للأرض بعد موتها. "إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير" استدلال بالشاهد على الغائب.
تفسير القرطبي - صفحة القرآن رقم 409
409- تفسير الصفحة رقم409 من المصحفالآية: 42 {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين}
قوله تعالى: "قل سيروا في الأرض" أي قل لهم يا محمد سيروا في الأرض ليعتبروا بمن قبلهم، وينظروا كيف كان عاقبة من كذب الرسل "كان أكثرهم مشركين" أي كافرين فأهلكوا.
الآية: 43 {فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون}
قوله تعالى: "فأقم وجهك للدين القيم" قال الزجاج: أي أقم قصدك، واجعل جهتك اتباع الدين القيم؛ يعني الإسلام. وقيل: المعنى أوضح الحق وبالغ في الإعذار، واشتغل بما أنت فيه ولا تحزن عليهم. "من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله" أي لا يرده الله عنهم، فإذا لم يرده لم يتهيأ لأحد دفعه. ويجوز عند غير سيبويه "لا مرد له" وذلك عند سيبويه بعيد، إلا أن يكون في الكلام عطف. والمراد يوم القيامة.
قوله تعالى: "يومئذ يصدعون" قال ابن عباس: معناه يتفرقون. وقال الشاعر:
وكنا كنَدْمانَي جَذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
أي لن يتفرقا؛ نظيره قوله تعالى: "يومئذ يتفرقون" [الروم: 14] "فريق في الجنة وفريق في السعير". والأصل يتصدعون؛ ويقال: تصدع القوم إذا تفرقوا؛ ومنه اشتق الصداع، لأنه يفرق شعب الرأس.
الآية: 44 {من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون}
قوله تعالى: "من كفر فعليه كفره" أي جزاء كفره. "ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون" أي يوطئون لأنفسهم في الآخرة فراشا ومسكنا وقرارا بالعمل الصالح؛ ومنه: مهد الصبي. والمهاد الفراش، وقد مهدت الفراش مهدا: بسطته ووطأته. وتمهيد الأمور: تسويتها وإصلاحها. وتمهيد العذر: بسطه وقبوله. والتمهد: التمكن. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد "فلأنفسهم يمهدون" قال: في القبر.
الآية: 45 {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين}
قوله تعالى: "ليجزي الذين آمنوا" أي يمهدون لأنفسهم ليجزيهم الله من فضله. وقيل يصدعون ليجزيهم الله؛ أي ليتميز الكافر من المسلم. "إنه لا يحب الكافرين".
الآية: 46 {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}
قوله تعالى: "ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات" أي ومن أعلام كمال قدرته إرسال الرياح مبشرات أي بالمطر لأنها تتقدمه. وقد مضى في "الحجر" بيانه. "وليذيقكم من رحمته" يعني الغيث والخصب. "ولتجري الفلك" أي في البحر عند هبوبها. وإنما زاد "بأمره" لأن الرياح قد تهب ولا تكون مواتية، فلا بد من إرساء السفن والاحتيال بحبسها، وربما عصفت فأغرقتها بأمره. "ولتبتغوا من فضله" يعني الرزق بالتجارة "ولعلكم تشكرون" هذه النعم بالتوحيد والطاعة. وقد مضى هذا كله مبينا.
الآية: 47 {ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين}
قوله تعالى: "ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات" أي المعجزات والحجج النيرات "فانتقمنا" أي فكفروا فانتقمنا ممن كفر. "وكان حقا علينا نصر المؤمنين" "حقا" نصب على خبر كان، "ونصر" اسمها. وكان أبو بكر يقف على "حقا" أي وكان عقابنا حقا، ثم قال: "علينا نصر المؤمنين" ابتداء وخبر؛ أي أخبر بأنه لا يخلف الميعاد، ولا خلف في خبرنا. وروي من حديث أبي الدرداء قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم يذب عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله تعالى أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة - ثم تلا - "وكان حقا علينا نصر المؤمنين"). ذكره النحاس والثعلبي والزمخشري وغيرهم.
الآية: 48 {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون، وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين}
قوله تعالى: "الله الذي يرسل الرياح" قرأ ابن محيصن وابن كثير وحمزة والكسائي: "الريح" بالتوحيد. والباقون بالجمع. قال أبو عمرو: وكل ما كان بمعنى الرحمة فهو جمع، وما كان بمعنى العذاب فهو موحد. وقد مضى في "البقرة" معنى هذه الآية وفي غيرها. "كسفا" جمع كسفة وهي القطعة. وفي قراءة الحسن وأبي جعفر وعبدالرحمن الأعرج وابن عامر "كسفا" بإسكان السين، وهي أيضا جمع كسفة؛ كما يقال: سدرة وسدر؛ وعلى هذه القراءة يكون المضمر الذي بعده عائدا عليه؛ أي فترى الودق أي المطر يخرج من خلال الكسف؛ لأن كل جمع بينه وبين واحده الهاء لا غير فالتذكير فيه حسن. ومن قرأ: "كسفا" فالمضمر عنده عائد على السحاب. وفي قراءة الضحاك وأبي العالية وابن عباس: "فترى الودق يخرج من خلله" ويجوز أن يكون خلل جمع خلال. "فإذا أصاب به" أي بالمطر. "من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون" يفرحون بنزول المطر عليهم. "وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين" أي يائسين مكتئبين قد ظهر الحزن عليهم لاحتباس المطر عنهم. و"من قبله" تكرير عند الأخفش معناه التأكيد؛ وأكثر النحويين على هذا القول؛ قاله النحاس. وقال قطرب: إن "قبل" الأولى للإنزال والثانية للمطر؛ أي وإن كانوا من قبل التنزيل من قبل المطر. وقيل: المعنى من قبل تنزيل الغيث عليهم من قبل الزرع، ودل على الزرع المطر إذ بسببه يكون. ودل عليه أيضا "فرأوه مصفرا" على ما يأتي. وقيل: المعنى من قبل السحاب من قبل رؤيته؛ واختار هذا القول النحاس، أي من قبل رؤية السحاب "لمبلسين" أي ليائسين. وقد تقدم ذكر السحاب.
الآية: 50 {فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير}
قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله" يعني المطر؛ أي انظروا نظر استبصار واستدلال؛ أي استدلوا بذلك على أن من قدر عليه قادر على إحياء الموتى. وقرأ ابن عامر وحفص وحمزه والكسائي: "آثار" بالجمع. الباقون "بالتوحيد؛ لأنه مضاف إلى مفرد. والأثر فاعل "يحيي" ويجوز أن يكون الفاعل اسم الله عز وجل. ومن قرأ: "آثار" بالجمع فلأن رحمة الله يجوز أن يراد بها الكثرة؛ كما قال تعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" [إبراهيم: 34]. وقرأ الجحدري وأبو حيوة وغيرهما: "كيف تحيي الأرض" بتاء؛ ذهب بالتأنيث إلى لفظ الرحمة؛ لأن أثر الرحمة يقوم مقامها فكأنه هو الرحمة؛ أي كيف تحيي الرحمة الأرض أو الآثار. "ويحيي" أي يحيي الله عز وجل أو المطر أو الأثر فيمن قرأ بالياء. و"كيف يحيي الأرض" في موضع نصب على الحال على الحمل على المعنى لأن اللفظ لفظ الاستفهام والحال خبر؛ والتقدير: فانظر إلى أثر رحمة الله محيية للأرض بعد موتها. "إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير" استدلال بالشاهد على الغائب.
الصفحة رقم 409 من المصحف تحميل و استماع mp3