تفسير الطبري تفسير الصفحة 204 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 204
205
203
 الآية : 107
القول في تأويل قوله تعالى:
{وَالّذِينَ اتّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاّ الْحُسْنَىَ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.
يقول تعالى ذكره: والذين ابتنوا مسجدا ضرارا, وهم فيما ذكرنا اثنا عشر نفسا من الأنصار. ذكر من قال ذلك:
13430ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن الزهري ويزيد بن رومان, وعبد الله بن أبي بكر, وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم, قالوا: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني من تبوك حتى نزل بذي أوان, بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار. وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك, فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية, وإنا نحبّ أن تأتينا فتصلَى لنا فيه فقال: «إنّي على جَناحِ سَفَر وَحالِ شُغْلٍ» أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وَلَوْ قَدْ قَدِمْنا أتَيْناكُمْ إنْ شاءَ اللّهُ فَصَلّيْنَا لَكُمْ فِيهِ». فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد, فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عديّ أو أخاه عاصم بن عديّ أخا بني العجلان, فقال: «انْطَلِقا إلى هَذَا المَسْجِدِ الظّالِمِ أهْلُهُ فاهْدِمَاهُ وَحَرّقاهُ» فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف, وهم رهط مالك بن الدخشم, فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل, فأشعل فيه نارا, ثم خرجا يشتدّان حتى دخلا المسجد وفيه أهله, فحرّقاه وهدماه, وتفرّقوا عنه. ونزل فيهم من القرآن ما نزل: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجِدا ضِرارا وكُفْرا إلى آخر القصة. وكان الذين بنوه اثني عشر رجلاً: خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الشقاق, وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وهو إلى بني أمية بن زيد, ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد, وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد, وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف عمرو بن عوف, وجارية بن عامر وأبناه: مجمع بن جارية, وزيد بن جارية, ونبتل بن الحرث وهم من بني ضبيعة, وبَخْدَج وهو إلى بني ضبيعة, وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة, ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر..
فتأويل الكلام: والذين ابتنوا مسجدا ضرارا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفرا بالله لمحادّتهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفرّقوا به المؤمنين ليصلي فيه بعضهم دون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبعضهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا. وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ يقول: وإعدادا له, لأبي عامر الكافر الذي خالف الله ورسوله, وكفر بهما وقاتل رسول الله مِنْ قَبْلُ يعني من قبل بنائهم ذلك المسجد. وذلك أن أبا عامر هو الذي كان حَزّبَ الأحزاب, يعني حَزّبَ الأحزاب لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما خذله الله, لحق بالروم يطلب النصر من ملكهم على نبيّ الله, وكتب إلى أهل مسجد الضرار يأمرهم ببناء المسجد الذي كانوا بنوه فيما ذكر عنه ليصلي فيه فيما يزعم إذا رجع إليهم ففعلوا ذلك. وهذا معنى قول الله جلّ ثناؤه: وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنّ إنْ أرَدْنا إلاّ الحُسْنَى يقول جلّ ثناؤه: وليحلفنّ بانوه إن أردنا إلا الحسنى ببنائناه إلا الرفق بالمسلمين والمنفعة والتوسعة على أهل الضعف والعلة وعن عجز عن المسير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه. وتلك هي الفعلة الحسنة. واللّهُ يَشْهَدُ إنّهُمْ لَكاذِبوُنَ في حلفهم ذلك, وقيلهم ما بنيناه إلا ونحن نريد الحسنى, ولكنهم بنوه يريدون ببنائه السوآى ضرارا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفرا بالله وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لأبي عامر الفاسق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13431ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدا, فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم, واستعدوا بما استطعتم من قوّة ومن سلاح, فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجند من الروم فأخرج محمدا وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم أتُوا النبي عليه الصلاة والسلام, فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا, فنحبّ أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة. فأنزل الله فيه: لا تَقُمْ فِيهِ أبَدا لَمَسْجِدٌ أُسّسَ على التّقْوَى مِنْ أوّلِ يَوْمٍ أحَقّ أنْ تَقُومَ فِيهِ... إلى قوله: واللّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ.
13432ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا وَتَفْريقا بينَ المُؤْمِنِينَ قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء, خرج رجال من الأنصار منهم بخدج جدّ عبد الله بن حنيف, ووديعة بن حزام, ومجمع بن جارية الأنصاري, فبنوا مسجد النفاق, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبخدج: «وَيْلَكْ ما أرَدْتَ إلى ما أرَى؟» فقال: يا رسول الله, والله ما أردت إلا الحسنى وهو كاذب. فصدّقه رسول الله وأراد أن يعذره, فأنزل الله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا وتَفْرِيقا بينَ المُؤْمِنِينَ وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ يعني رجلاً منهم يقال له أبو عامر كان محاربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان قد انطلق إلى هرقل, فكانوا يرصدون أبا عامر أن يصلي فيه, وكان قد خرج من المدينة محاربا لله ورسوله. وَلَيَحْلِفُنّ إنْ أرَدْنا إلاّ الحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إنّهُمْ لَكاذِبُونَ.
13433ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثنا حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عباس: وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ قال: أبو عامر الراهب انطلق إلى قيصر, فقالوا: إذا جاء يصلي فيه. كانوا يرون أنه سيظهر على محمد صلى الله عليه وسلم.
13434ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا قال المنافقون لمن حارب الله ورسوله لأبي عامر الراهب.
حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
13435ـ قال: حدثنا أبو إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا وَتَفْرِيقا بينَ المُؤْمِنِينَ قال: نزلت في المنافقين. وقوله: وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ قال: هو أبو عامر الراهب.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.
13436ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا سويد بن عمرو, عن حماد بن زيد, عن أيوب, عن سعيد بن جبير: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا قال: هم بنو غنم بن عوف.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن أيوب, عن سعيد بن جبير: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا قال: هم حيّ يقال لهم بنو غنم.
حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن أيوب عن سعيد بن جبير, في قوله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا قال: هم حيّ يقال لهم بنو غنم.
13437ـ قال: أخبرنا معمر, عن الزهري, عن عروة, عن عائشة قالت: وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أبو عامر الراهب انطلق إلى الشأم, فقال الذين بنوا مسجد الضرار: إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر.
13438ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا... الآية, عمد ناس من أهل النفاق, فابتنوا مسجدا بقباء ليضاهوا به مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم بعثوا إلى رسول الله ليصلي فيه. ذكر لنا أنه دعا بقميصه ليأتيهم حتى أطلعه الله على ذلك. وأما قوله: وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ فإنه كان رجلاً يقال له أبو عامر, فرّ من المسلمين فلحق بالمشركين فقتلوه بإسلامه, قال: إذا جاء صلى فيه, فأنزل الله: لا تَقُمْ فِيهِ أبَدا لَمَسْجِدٌ أُسّسَ على التّقُوَى... الآية.
13439ـ حُدثت عن الحسين بن الفرج, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا هم ناس من المنافقين بنوا مسجدا بقباء يضارّون به نبيّ الله والمسلمين. وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ كانوا يقولون: إذا رجع أبو عامر من عند قيصر من الروم صلى فيه. وكانوا يقولون: إذا قدم ظهر على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.
13440ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا وتَفرِيقا بينَ المُؤْمِنِينَ وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ قال مسجد قباء, كانوا يصلون فيه كلهم, وكان رجل من رؤساء المنافقين يقال له أبو عامر أبو حنظلة غسيل الملائكة وضيفي وأخيه, وكان هؤلاء الثلاثة من خيار المسلمين. فخرج أبو عامر هاربا هو وابن بالين من ثقيف وعلقمة بن علاثة من قيس من رسول الله صلى الله عليه وسلم, حتى لحقوا بصاحب الروم. فأما علقمة وابن بالين فرجعا فبايعا النبي صلى الله عليه وسلم وأسلما, وأما أبو عامر فتنصر وأقام. قال: وبنى ناس من المنافقين مسجد الضرار لأبي عامر, قالوا: حتى يأتي أبو عامر يصلي فيه وتفريقا بين المؤمنين يفرّقون بين جماعتهم لأنهم كانوا يصلون جميعا في مسجد قباء. وجاءوا يخدعون النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ربما جاء السيل يقطع بيننا وبين الوادي ويحول بيننا وبين القوم فنصلي في مسجدنا فإذا ذهب السيل صلينا معهم قال: وبنوه على النفاق. قال: وأنهار مسجدهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وألقى الناس عليه النتن والقمامة. فأنزل الله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجدا ضِرَارا وكُفْرا وَتَفْرِيقا بينَ المُؤْمِنِينَ لئلا يصلي في مسجد قباء جميع المؤمنين, وَإرْصَادا لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ أبي عامر, وَلَيَحْلِفُنّ إنْ أرَدْنَا إلاّ الحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إنّهُمْ لَكَاذِبُونَ.
13441ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا هارون, عن أبي جعفر, عن ليث: أن شقيقا لم يدرك الصلاة في مسجد بني عامر, فقيل له: مسجد بني فلان لم يصلوا بعد فقال: لا أُحِبّ أنْ أُصَلّيَ فِيهِ فإنّه بُنيَ على ضِرَار, وكلّ مسجد بني ضرارا أو رياء أو سمعة فإن أصله ينتهي إلى المسجد الذي بُني على ضرار.
الآية : 108
القول في تأويل قوله تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لّمَسْجِدٌ أُسّسَ عَلَى التّقْوَىَ مِنْ أَوّلِ يَوْمٍ أَحَقّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبّونَ أَن يَتَطَهّرُواْ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُطّهّرِينَ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تقم يا محمد في المسجد الذي بناه هؤلاء المنافقون ضرارا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله. ثم أقسم جلّ ثناؤه فقال: لَمَسْجِدٌ أُسّسَ على التّقْوَى مِنْ أوّلِ يَوْمٍ أحَقّ أنْ تَقُومَ أنت فيه. يعني بقوله: أُسّسَ على التّقْوَى ابتدىء أساسه وأصله على تقوى الله وطاعته من أوّل يوم ابتدىء في بنائه أحَقّ أنْ تَقُومَ فِيهِ يقول: أولى أن تقوم فيه مصليا. وقيل: معنى قوله: مِنْ أوّلِ يَوْمٍ مبدأ أوّل يوم كما تقول العرب: لم أره من يوم كذا, بمعنى مبدؤه, ومن أوّل يوم يراد به من أول الأيام, كقول القائل: لقيت كلّ رجل, بمعنى كلّ الرجال.
واختلف أهل التأويل في المسجد الذي عناه: لَمَسْجِدٌ أُسّسَ على التّقْوَى مِنْ أوّلِ يَوْمٍ فقال بعضهم: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه منبره وقبره اليوم. ذكر من قال ذلك:
13442ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو معاوية, عن إبراهيم بن طهمان, عن عثمان بن عبيد الله, قال: أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى, أيّ مسجد هو؟ مسجد المدينة, أو مسجد قباء؟ قال: لا, مسجد المدينة.
13443ـ قال: حدثنا القاسم بن عمرو العنقزي, عن الدراوردي, عن عثمان بن عبيد الله, عن ابن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد, قالوا: المسجد الذي أسس على التقوى: مسجد الرسول.
13444ـ قال: حدثنا أبي, عن ربيعة بن عثمان, عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع, قال: سألت ابن عمر عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: هو مسجد الرسول.
13445ـ قال: حدثنا ابن عيينة, عن ابي الزناد, عن خارجة بن زيد, عن زيد, قال: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: حدثنا أبي, عن عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان, عن أبيه, عن خارجة بن زيد, عن زيد, قال: هو مسجد الرسول.
13446ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, حدثنا حميد الخراط المدني, قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن, قال: مرّ بي عبد الرحمن بن أبي سعيد, فقلت: كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال لي: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه في بيت بعض نسائه, فقلت: يا رسول الله, أيّ مسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفّا من حصباء فضرب به الأرض, ثم قال: «هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا» هكذا سمعت أباك يذكره.
13447ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبي, عن أسامة بن زيد, عن عبد الرحمن بن أبي سعيد, عن أبيه, قال: المسجد الذي أسس على التقوى: هو مسجد النبيّ الأعظم.
13448ـ حدثنا حميد بن مسعدة, قال: حدثنا بشر بن المفضل, قال: حدثنا داود, عن سعيد بن المسيب, قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى من أوّل يوم, هو مسجد المدينة الأكبر.
حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا ابن أبي عديّ, عن داود, قال: قال سعيد بن المسيب, فذكر مثله, إلا أنه قال: الأعظم.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان, عن ابن حرملة, عن سعيد بن المسيب, قال: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن عيينة, عن أبي الزناد, عن خارجة بن زيد قال: أحسبه عن أبيه قال: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي أسس على التقوى.
وقال آخرون: بل عني بذلك مسجد قباء,. ذكر من قال ذلك:
13449ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس: لَمَسْجِدٌ أُسّسَ على التّقْوَى مِنْ أوّلِ يَوْمٍ يعني مسجد قباء.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, نحوه.
13450ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا فضيل بن مرزوق, عن عطية: لَمَسْجِدٌ أُسّسَ على التّقْوَى مِنْ أوّلِ يَوْمٍ هو مسجد قباء.
13451ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, عن صالح بن حَيّان, عن ابن بريدة, قال: مسجد قباء الذي أُسّس على التقوى, بناه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.
13452ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: المسجد الذي أسس على التقوى: مسجد قباء.
13453ـ حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الزهري, عن عروة بن الزبير: الذين بني فيهم المسجد الذي أسس على التقوى, بنو عمرو بن عوف.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قالّ: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لصحة الخبر بذلك عن رسول الله. ذكر من قال ذلك:
13454ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قال أبو كريب: حدثنا وكيع, وقال ابن وكيع: حدثنا أبي, عن ربيعة بن عثمان التيمي, عن عمران بن أبي أنس رجل من الأنصار, عن سهل بن سعد, قال: اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس في التقوى, فقال أحدهما: هو مسجد النبيّ وقال الاَخر: هو مسجد قباء. فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فسألاه, فقال: «هُوَ مَسْجِدِي». هذا اللفظ لحديث أبي كريب, وحديث سفيان نحوه.
13455ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو نعيم, عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمران بن أبي أنس, عن سهل بن سعد, عن أبيّ بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس علي التقوى, فقال: «مَسْجِدِي هَذَا».
13456ـ حدثني يونس, قال: أخبرني ابن وهب, قال: ثني الليث, عن عمران بن أبي أنس, عن ابن أبي سعيد, عن أبيه, قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أوّل يوم, فقال رجل: هو مسجد قباء, وقال آخر: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله: «هُوَ مَسْجِدِي هَذَا».
حدثني بحر بن نصر الخولاني, قال: قرىء على شعيب بن الليث, عن أبيه, عن عمران بن أبي أنس, عن سعيد بن أبي سعيد الخدري, قال: تمارى رجلان, فذكر مثله.
13457ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني سجل بن محمد بن أبي يحيى, قال: سمعت عمي أنيس بن أبي يحيى يحدّث, عن أبيه, عن أبي سعيد الخدري, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المَسْجِدُ الّذِي أُسّسَ على التّقْوَى مَسْجِدِي هَذَا, وفِي كُلّ خَيْرٌ».
حدثني المثنى, قال: ثني الحماني, قال: حدثنا عبد العزيز, عن أنيس, عن أبيه, عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
13458ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا صفوان بن عيسى, قال: أخبرنا أنيس بن أبي يحيى, عن أبيه, عن أبي سعيد: أن رجلاً من بني خدرة ورجلاً من بني عمرو بن عوف امتريا في المسجد الذي أسس على التقوى, فقال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال العوفي: هو مسجد قباء, فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم وسألاه, فقال: «هُوَ مَسْجِدِي هَذَا, وفي كُلّ خَيْرٌ».
القول في تأويل قوله تعالى: فِيهِ رِجَالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّهُ يُحِبّ المُطّهّرِينَ.
يقول تعالى ذكره: في حاضري المسجد الذي أسس على التقوى من أوّل يوم رجال يحبون أن ينظفوا مقاعدهم بالماء إذا أتوا الغائط والله يحبّ المتطهرين بالماء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13459ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا همام بن يحيى, عن قتادة, عن شهر بن حوشب قال: لما نزل: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما الطّهُورُ الّذِي أثْنَى اللّهُ عَلَيْكُمْ؟» قالوا: يا رسول الله نغسل أثر الغائط.
13460ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قباء: «إنّ اللّهَ قَدْ أحْسَنَ عَلَيْكُمْ الثّنَاءَ في الطّهُورِ, فَمَا تَصْنَعُونَ؟» قالوا: إنا نغسل عنا أثر الغائط والبول.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: لما نزلت: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ ما هَذَا الطّهُورُ الّذِي أثْنَى اللّهُ عَلَيْكُمْ فِيهِ؟» قالوا: إنا نستطيب بالماء إذ جئنا من الغائط.
13461ـ حدثني جابر بن الكردي, قال: حدثنا محمدبن سابق, قال: حدثنا مالك بن مِغْول, عن سيار أبي الحَكَم, عن شهر بن حوشب, عن محمد بن عبد الله بن سلام, قال: قام علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «ألا أخْبِرُوني, فإنّ اللّهَ قَدْ أثُنَى عَلَيْكُمْ بالطّهُورِ خَيْرا» فقالوا: يا رسول الله إنا نجد عندنا مكتوبا في التوراة الاستنجاء بالماء.
حدثنا سفيان بن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن رافع, عن مالك بن مغول, قال: سمعت سيارا أبا الحكم غير مرّة, يحدّث عن شهر بن حوشب, عن محمد بن عبد الله بن سلام, قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم على أهل قباء قال: «إنّ اللّهَ قَدْ أثْنَى عَلَيْكُمْ بالطّهُورِ خَيْرا», يعني قوله: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا قالوا: إنا نجده مكتوبا عندنا في التوراة: الاستنجاء بالماء.
حدثنا أبو هشام الرفاعي, قال: حدثنا يحيى بن رافع, قال: حدثنا مالك بن مغول, عن سيار, عن شهر بن حوشب, عن محمد بن عبد الله بن سلام, قال: يحيى: ولا أعلمه إلا عن أبيه, قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: «إنّ اللّهَ قَدْ أثْنَى عَلَيْكُمْ في الطّهُورِ خَيْرا» قالوا: إنا نجده مكتوبا علينا في التوراة: الاستنجاء بالماء. وفيه نزلت: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا.
13462ـ حدثني عبد الأعلى بن واصل, قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري, قال: حدثنا أبو أويس المدني, عن شرحبيل بن سعد, عن عويم بن ساعدة وكان من أهل بدر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: «إنّي أسْمَع اللّهَ قَدْ أثْنَى عَلَيْكُمْ الثّنَاءَ في الطّهُورِ, فَمَا هَذَا الطّهُورِ؟» قالوا: يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أن جيرانا لنا من اليهود رأيناهم يغسلون أدبارهم من الغائط, فغسلنا كما غسلوا.
13463ـ حدثني محمد بن عمارة, قال: حدثنا محمد بن سعيد, قال: حدثنا إبراهيم بن محمد, عن شرحبيل بن سعد قال: سمعت خزيمة بن ثابت يقول: نزلت هذه الآية: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّه يحبّ المُطّهّرَينَ قال: كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط.
13464ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبي, عن أبي ليلى, عن عامر, قال: كان ناس من أهل قباء يستنجون بالماء, فنزلت: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّه يُحِبّ المُطّهّرَينَ.
13465ـ حدثنا الحسن بن عرفة, قال: حدثنا شبابة بن سوار, عن شعبة, عن مسلم القُرّي, قال: قلت لابن عباس: أصب على رأسي؟ وهو محرم قال: ألم تسمع الله يقول: إنّ اللّهَ يُحِبّ التّوّابِينَ وَيُحِبّ المُتَطَهّرِينَ.
13466ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا حفص, عن داود بن أبي ليلى, عن الشعبي, قال: لما نزلت: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء «ما هَذَا الّذِي أثْنَى اللّهُ عَلَيْكُمْ؟» قالوا: ما منا من أحد إلا وهو يستنجي من الخلاء.
13467ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيم, عن عبد الحميد المدني, عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعويم بن ساعدة: «ما هَذَا الّذِي أثْنَى اللّه عَلَيْكُمْ فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا واللّهُ يُحِبّ المُطّهّرِينَ؟» قال: نوشك أن نغسل الأدبار بالماء.
13468ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعد, قال: أخبرنا أبو جعفر, عن حصين, عن موسى بن أبي كثير, قال: بدء حديث هذه الآية في رجال من الأنصار من أهل قباء: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّهُ يُحِبّ المُطّهّرِينَ فسألهم النبيّ صلى الله عليه وسلم, قالوا: نستنجي بالماء.
13469ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا أصبغ بن الفرج, قال أخبرني ابن وهب, قال: أخبرني يونس, عن أبي الزناد, قال: أخبرني عروة بن الزبير, عن عويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف, ومعن بن عديّ من بني العجلان, وأبي الدحداح, فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من الذين قال الله فيهم: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّهُ يُحِبّ المُطّهّرِينَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الرّجالُ مِنْهُمْ عُوَيْمَ بْنُ ساعِدَةَ» لم يبلغنا أنه سمى منهم رجلاً غير عويم.
13470ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا سويد بن نصر, قال: أخبرنا ابن المبارك, عن هشام بن حسان, قال: حدثنا الحسن, قال: لما نزلت هذه الآية: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّهُ يُحِبّ المُطّهّرِينَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هَذَا الّذِي ذَكَرَكُمُ اللّهُ بِهِ في أمْرِ الطّهُورِ, فأثْنَى بِهِ عَلَيْكُمْ؟» قالوا: نغسل أثر الغائط والبول.
حدثني المثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن المبارك, عن مالك بن مغول, قال: سمعت سيارا أبا الحكم يحدّث عن شهر بن حوشب, عن محمد بن عبد الله بن سلام, قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة, أو قال: قدم علينا رسول الله فقال: «إنّ اللّهَ قَدْ أثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطّهُورِ خَيْرا أفَلا تُخْبِرُونِي؟» قالوا: يا رسول الله, إنا نجد علينا مكتوبا في التوراة: الاستنجاء بالماء. قال مالك: يعني قوله: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا.
13471ـ حدثني أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا فضيل بن مرزوق, عن عطية, قال: لما نزلت هذه الآية: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما طُهُورُكُمْ هَذَا الّذِي ذَكَرَ اللّهُ؟» قالوا: يا رسول الله كنا نستنجي بالماء في الجاهلية, فلما جاء الإسلام لم ندعه قال: فَلا تَدَعُوهُ».
13472ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: كان في مسجد قباء رجال من الأنصار يوضئون سفَلتهم بالماء يدخلون النخل والماء يجري, فيتوضئون. فأثنى الله بذلك عليهم, فقال: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا... الآية.
13473ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا طلحة بن عمرو, عن عطاء, قال: أحدث قوم الوضوء بالماء من أهل قباء, فنزلت فيهم: فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّهُ يُحِبّ المُطّهّرِينَ.
وقيل: وَاللّهُ يُحِبّ المُطّهّرِينَ وإنما هو المتطهرين, ولكن أدغمت التاء في الطاء, فجعلت طاء مشددة لقرب مخرج إحداهما من الأخرى.
الآية : 109
القول في تأويل قوله تعالى:
{أَفَمَنْ أَسّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ تَقْوَىَ مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مّنْ أَسّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ }.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: أفَمَنْ أسّسَ بُنْيَانَهُ فقرأ ذلك بعض قرّاء أهل المدينة: «أفَمَنْ أسّسَ بُنْيَانَهُ على تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أمّنْ أُسّسَ بُنْيَانُهُ» على وجه ما لم يسمّ فاعله في الحرفين كليهما. وقرأت ذلك عامة قرّاء الحجاز والعراق: أفَمَنْ أسّسَ بُنْيَانَهُ على تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أمّنْ أسّسَ بُنْيانَهُ على وصف من بناء الفاعل الذي أسس بنيانه. وهما قراءتان متفقتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب غير أن قراءته بتوجيه الفعل إلى «من» إذا كان هو المؤسس أعجب إليّ.
فتأويل الكلام إذا: أي هؤلاء الذين بنوا المساجد خير أيها الناس عندكم الذين ابتدءوا بناء مسجدهم على اتقاء الله بطاعتهم في بنائه وأداء فرائضه ورضا من الله لبنائهم ما بنوه من ذلك وفعلهم ما فعلوه خير, أم الذين ابتدءوا بناء مسجدهم على شفا جرف هار, يعني بقوله: على شَفا جُرُفٍ على حرف جر, والجُرُف من الركيّ ما لم يبن له جُول. هَارٍ يعني متهوّر, وإنما هو هائر ولكنه قلب, فأخرت ياؤها, فقيل هارٍ كما قيل: هو شاك السلاح وشائك, وأصله من هار يهور فهو هائر وقيل: هو من هَارَ يَهَارُ: إذا انهدم, ومن جعله من هذه اللغة قال: هَرْتَ يا جُرُفُ ومن جعله من هار يهور قال: هُرْتُ يا جُرُف وإنما هذا مثل. يقول تعالى ذكره: أيّ هذين الفريقين خير, وأيّ هذين البناءين أثبت, أمن ابتدأ أساس بنائه على طاعة الله وعلم منه بأن بناءه لله طاعة والله به راض, أم من ابتدأه بنفاق وضلال وعلى غير بصيرة منه بصواب فعله من خطئه, فهو لا يدري متى يتبين له خطأ فعله وعظيم ذنبه فيهدمه, كما يأتي البناء على جرف ركية لا حابس لماء السيول عنها ولغيره من المياه ترى به التراب متناثرا لا تلبثه السيول أن تهدمه وتنثره؟ يقول الله جلّ ثناؤه: فانْهَارَ بِهِ فِي جَهَنّمَ يعني فانتثر الجرف الهاري ببنائه في نار جهنم. كما:
13474ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس: فانهار به قواعده في نار جهنم.
13475ـ حُدثت عن الحسين بن الفرج, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: فانْهَارَ بِهِ يقول: فخرّ به.
13476ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: أفَمَنْ أسّسَ بُنْيَانَهُ على تَقْوَى مِنَ اللّهِ,.. إلى قوله: فانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنّمَ قال: والله ما تناهى أن وقع في النار. ذُكر لنا أنه حفرت بقعة منه فرؤي منها الدخان.
13477ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جريج: أن بنو عمرو بن عوف استأذنوا النبيّ صلى الله عليه وسلم في بنيانه, فأذن لهم ففرغوا منه يوم الجمعة فصلوا فيه الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد. قال: وانهار يوم الاثنين. قال: وكان قد استنظرهم ثلاثا: السبت والأحد والاثنين, فانهار به في نار جهنم, مسجد المنافقين انهار فلم يتناه دون أن وقع في النار. قال ابن جريج: ذكر لنا أن رجالاً حفروا فيه, فأبصروا الدخان يخرج منه.
13478ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا الحماني, قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار, عن عبد الله الداناج, عن طلق ابن حبيب, عن جابر, قوله: وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجِدا ضِرَارا قال: رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن مرزوق البصري, قال: حدثنا أبو سلمة, قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار, عن عبد الله الداناج, قال: ثني طلق العنزي, عن جابر بن عبد الله, قال: رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار.
13479ـ حدثني سلام بن سالم الخزاعي, قال: حدثنا خلف بن ياسين الكوفي, قال: حججت مع أبي في ذلك الزمان يعني زمان بني أمية فمررنا بالمدينة, فرأيت مسجد القبلتين يعني مسجد الرسول وفيه قبلة بيت المقدس. فلما كان زمان أبي جعفر, قالوا: يدخل الجاهل فلا يعرف القبلة, فهذا البناء الذي يرون جرى على يد عبد الصمد بن عليّ. ورأيت مسجد المنافقين الذي ذكره الله في القرآن, وفيه حجر يخرج منه الدخان, وهو اليوم مزبلة.
قوله: وَاللّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ يقول: والله لا يوفق للرشاد في أفعاله من كان بانيا بناءه في غير حقه وموضعه, ومن كان منافقا مخالفا بفعله أمر الله وأمر رسوله.
الآية : 110
القول في تأويل قوله تعالى: {لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاّ أَن تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.
يقول تعالى ذكره: لا يزال بنيان هؤلاء الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا رِيَبةً يقول: لا يزال مسجدهم الذي بنوه ريبة في قلوبهم, يعني شكّا ونفاقا في قلوبهم, يحسبون أنهم كانوا في بنائه محسنين. إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ يعني إلا أن تتصدّع قلوبهم فيموتوا, والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون الذين بنوا مسجد الضرار من شكهم في دينهم وما قصدوا في بنائهموه وأرادوه وما إليه صائر أمرهم في الاَخرة وفي الحياة ما عاشوا, وبغير ذلك من أمرهم وأمر غيرهم, حكيم في تدبيره إياهم وتدبير جميع خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13480ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: لا يَزَالُ بُنْيانُهُمُ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ يعني شكّا إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ يعني الموت.
13481ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ قال: شكّا في قلوبهم, إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ إلى أن يموتوا.
13482ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً في قُلُوبِهِمْ إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ يقول: حتى يموتوا.
13483ـ حدثني مطر بن محمد الضبي, قال: حدثنا أبو قتيبة, قال: حدثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد, في قوله: إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ قال: إلا أن يموتوا.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ قال: يموتوا.
حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ قال: يموتوا.
حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
13484ـ قال: حدثنا سويد, قال: حدثنا ابن المبارك, عن معمر, عن قتادة والحسن: لا يَزَالُ بُنْيانُهُمْ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ قالا شكّا في قلوبهم.
13485ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا إسحاق الرازي, قال: حدثنا أبو سنان, عن حبيب: لا يَزَالُ بُنْيانُهُمُ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ قال: غيظا في قلوبهم.
قال: حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ قال: يموتوا.
13486ـ قال: حدثنا إسحاق الرازي, عن أبي سنان, عن حبيب: إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ: إلا أن يموتوا.
13487ـ قال: حدثنا قبيصة, عن سفيان, عن السديّ: رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ قال: كفر. قلت: أكفر مجمّع ابن جارية؟ قال: لا, ولكنها حزازة.
حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفيان, عن السدي: لا يَزَالُ بُنْيانُهُمُ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ قال: حزازة في قلوبهم.
13488ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: لا يَزَالُ بُنْيانُهُمُ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ لا يزال ريبةً في قلوبهم راضين بما صنعوا, كما حبب العجل في قلوب أصحاب موسى. وقرأ: وأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قال: حبه. إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ قال: لا يزال ذلك في قلوبهم حتى يموتوا يعني المنافقين.
13489ـ حدثني الحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا قيس, عن السديّ, عن إبراهيم: رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ قال: شكّا. قال: قلت يا أبا عمران تقول هذا وقد قرأت القرآن؟ قال: إنما هي حزازة.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ فقرأ ذلك بعض قرّاء الحجاز والمدينة والبصرة والكوفة: «إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ» بضمّ التاء من «تقطع», على أنه لم يسمّ فاعله, وبمعنى: إلا أن يقطع الله قلوبهم. وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة والكوفة: إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ بفتح التاء من تقطّع على أن الفعل للقلوب. بمعنى: إلا أن تنقطع قلوبهم, ثم حذفت إحدى التاءين. وذكر أن الحسن كان يقرأ: «إلاّ أنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ» بمعنى: حتى تتقطع قلوبهم. وذكر أنها في قراءة عبد الله: «وَلَوْ قُطّعَتْ قُلُوبهُمْ» وعلى الاعتبار بذلك قرأ من ذلك: «إلاّ أنْ تُقَطّعَ» بضم التاء.
والقول عندي في ذلك أن الفتح في التاء والضم متقاربا المعنى, لأن القلوب لا تتقطع إذا تقطعت إلا بتقطيع الله إياها, ولا يقطعها الله إلا وهي متقطعة. وهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب في قراءته. وأما قراءة من قرأ ذلك: «إلى أن تُقْطّعَ», فقراءة لمصاحف المسلمين مخالفة, ولا أرى القراءة بخلاف ما في مصاحفهم جائزة.
الآية : 111
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنّ اللّهَ اشْتَرَىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنّ لَهُمُ الّجَنّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىَ بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }.
يقول تعالى ذكره: إن الله ابتاع من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة وعدا عليه حقّا, يقول: وعدهم الجنة جلّ ثناؤه, وعدا عليه حقّا أن يوفي لهم به في كتبه المنزّلة التوراة والإنجيل والقرآن, إذا هم وفوا بما عاهدوا الله فقاتلوا في سبيله ونصرة دينه أعداءه فَقَتلوا وقُتلوا وَمَنْ أوْفَى بِعَهدِهِ مِنَ اللّهِ يقول جلّ ثناؤه: ومن أحسن وفاء بما ضمن وشرط من الله. فاسْتَبْشِرُوا يقول ذلك للمؤمنين: فاستبشروا أيها المؤمنون الذين صدقوا الله فيما عاهدوا بِبَيْعِكُمْ أنفسكم وأموالكم بالذي بعتموها من ربكم, فإن ذلك هو الفوز العظيم. كما:
13490ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية, قال: ما من مسلم إلا ولله في عنقه بيعة وفى بها أو مات عليها في قول الله: إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُوءْمِنِينَ... إلى قوله: وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ثم حَلاّهم فقال: التّائِبُونَ العابِدُونَ... إلى: وَبَشّرِ المُوءْمِنِينَ.
13491ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُوءْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ وأمْوَالَهُمْ يعني بالجنة.
13492ـ قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن المبارك, عن محمد بن يسار, عن قتادة أنه تلا هذه الآية: إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُوءْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ وأمْوَالَهُمْ بأنّ لَهُمُ الجَنّةَ قال: ثَامَنَهُم الله فأغلى لهم الثمن.
13493ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني منصور بن هارون, عن أبي إسحاق الفزاري, عن أبي رجاء, عن الحسن أنه تلا هذه الآية: إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُوءْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ وأمْوَالَهُمْ قال: بايعهم فأغلى لهم الثمن.
13494ـ حدثنا الحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب القرظي وغيره, قالوا: قال عبد الله بن رواحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اشترط لربك ونفسك ما شئت قال: «أشْتَرِطُ لرَبي أنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا, وأشْتَرِطُ لِنَفْسِي أنْ تَمْنَعُونِي ممّا تَمْنَعونَ مِنْهُ أنْفُسَكُمْ وأمْوَالَكُمْ» قالوا: فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ قال: «الجَنّة» قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزلت: إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُوءْمِنِينَ... الآية.
13495ـ قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا عبيد بن طفيل العبسي, قال: سمعت الضحاك بن مزاحم, وسأله رجل عن قوله: إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُوءْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ... الآية, قال الرجل: ألا أحمل على المشركين فأقاتل حتى أقتل؟ قال: ويلك أين الشرط: التّائِبُونَ العابِدُونَ؟