تفسير الطبري تفسير الصفحة 523 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 523
524
522
 الآية : 52-53
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {كَذَلِكَ مَآ أَتَى الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مّن رّسُولٍ إِلاّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ }.
يقول تعالى ذكره: كما كذبت قريش نبيها محمدا صلى الله عليه وسلم, وقالت: هو شاعر, أو ساحر أو مجنون, كذلك فعلت الأمم المكذّبة رسلها, الذين أحلّ الله بهم نقمته, كقوم نوح وعاد وثمود, وفرعون وقومه, ما أتى هؤلاء القوم الذين ذكرناهم من قبلهم, يعني من قبل قريش قوم محمد صلى الله عليه وسلم من رسول إلا قالوا: ساحر أو مجنون, كما قالت قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ يقول تعالى ذكره: أأوصى هؤلاء المكذّبين من قريش محمدا صلى الله عليه وسلم على ما جاءهم به من الحقّ أوائلهم وآباؤهم الماضون من قبلهم, بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم, فقبلوا ذلك عنهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24965ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ قال: أوصى أُولاهم أُخراهم بالتكذيب.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: أتَوَاصَوْا بِهِ: أي كان الأوّل قد أوصى الاَخر بالتكذيب.
وقوله: بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ يقول تعالى ذكره: ما أوصى هؤلاء المشركون آخرهم بذلك, ولكنهم قوم متعدّون طغاة عن أمر ربهم, لا يأتمرون لأمره, ولا ينتهون عما نهاهم عنه.
الآية : 54-55
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَتَوَلّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ * وَذَكّرْ فَإِنّ الذّكْرَىَ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فتولّ يا محمد عن هؤلاء المشركين بالله من قريش, يقول: فأعرض عنهم حتى يأتيك فيهم أمر الله, يقال: ولى فلان عن فلان: إذا أعرض عنه وتركه, كما قال حصين بن ضمضم:
أمّا بَنُو عَبْس فإنّ هَجِينَهُمْوَلّى فَوَارِسُهُ وأَفْلَتَ أَعْوَرَ
والأعور في هذا الوضع: الذي عور فلم تقض حاجته, ولم يصب ما طلب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24966ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد فتَوَلّ عَنْهُمْ قال: فأعرض عنهم.
وقوله: فَمَا أنْتَ بِمَلُومٍ يقول جلّ ثناؤه: فما أنت يا محمد بملوم, لا يلومك ربك على تفريط كان منك في الإنذار, فقد أنذرت, وبلّغت ما أرسلت به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24967ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: فَتَوَلّ عَنْهُمْ فَمَا أنْتَ بِمَلُومٍ قال: محمد صلى الله عليه وسلم.
24968ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فَتَوَلّ عَنْهُمْ فَمَا أنْتَ بِمَلُومٍ قال: قد بلغت ما أرسلناك به, فلست بملوم, قال: وكيف يلومه, وقد أدّى ما أمر به.
24969ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فَتَوَلّ عَنْهُمْ فَمَا أنْتَ بِمَلُومٍ ذُكر لنا أنها لما نزلت هذه الاَية, اشتدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورأوا أن الوحي قد انقطع, وأن العذاب قد حضر, فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك وَذَكّرْ فإنّ الذّكْرىَ تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ.
24970ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: أخبرنا ابن علية, قال: أخبرنا أيوب, عن مجاهد, قال: خرج عليّ معتجرا ببرد, مشتملاً بخميصة, فقال لما نزلت فَتَوَلّ عَنْهُمْ فَمَا أنْتَ بِمَلُومٍ أحزننا ذلك وقلنا: أُمِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتولى عنا حتى نزل وَذَكّرْ فإنّ الذّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ.
وقوله: وَذَكّرْ فإنّ الذّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ يقول: وعِظْ يا محمد من أرسلت إليه, فإن العظة تنفع أهل الإيمان بالله. كما:
24971ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد وَذَكّرْ فإنّ الذّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ قال: وعظهم.
الآية : 56-57
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ }.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: وَما خَلَقْتُ الجِنّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ فقال بعضهم: معنى ذلك: وما خلقت السّعداء من الجنّ والإنس إلا لعبادتي, والأشقياء منهم لمعصيتي. ذكر من قال ذلك:
24972ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن ابن جُرَيج, عن زيد بن أسلم وَما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونَ قال: ما جبلوا عليه من الشقاء والسعادة.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفيان, عن ابن جُرَيج, عن زيد بن أسلم بنحوه.
حدثني عبد الأعلى بن واصل, قال: حدثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا سفيان, عن ابن جُرَيج, عن زيد بن أسلم, بمثله.
حدثنا حُمَيد بن الربيع الخرّاز, قال: حدثنا ابن يمان, قال: حدثنا ابن جُرَيج, عن زيد بن أسلم, في قوله: وَما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ قال: جَبَلَهم على الشقاء والسعادة.
24973ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان وَما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْس إلاّ لِيَعْبُدُونَ قال: من خلق للعبادة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك. وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليُذْعِنوا لي بالعبودة. ذكر من قال ذلك:
24974ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: وَما خَلَقْتُ الجِنّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ: إلا ليقرّوا بالعبودة طوعا وكَرها.
وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرنا عن ابن عباس, وهو: ما خلقت الجنّ والإنس إلا لعبادتنا, والتذلل لأمرنا.
فإن قال قائل: فكيف كفروا وقد خلقهم للتذلل لأمره؟ قيل: إنهم قد تذللوا لقضائه الذي قضاه عليهم, لأن قضاءه جار عليهم, لا يقدرون من الامتناع منه إذا نزل بهم, وإنما خالفه من كفر به في العمل بما أمره به, فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه.
وقوله: ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْق يقول تعالى ذكره: ما أريد ممن خلقت من الجنّ والإنس من رزق يرزقونه خلقي وَما أُرِيدُ أنْ يُطْعِمُونَ يقول: وما أريد منهم من قوت أن يقوتوهم, ومن طعام أن يطعموهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24975ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا معاذ بن هشام, قال: حدثنا أبي, عن عمرو بن مالك, عن أبي الجوزاء, عن ابن عباس ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وما أُرِيدُ أنْ يُطْعِمُونَ قال: يطعمون أنفسهم.
الآية : 58-59
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّ اللّهَ هُوَ الرّزّاقُ ذُو الْقُوّةِ الْمَتِينُ * فَإِنّ لِلّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ }.
يقول تعالى ذكره: إن الله هو الرزّاق خلقه, المتكفل بأقواتهم, ذو القوّة المتين.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: المَتِين, فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا يحيى بن وثاب والأعمش: ذُو القُوّةِ المَتِين رفعا, بمعنى: ذو القوّة الشديد, فجعلوا المتين من نعت ذي, ووجهوه إلى وصف الله به. وقرأه يحيى والأعمش «المَتِينِ» خفضا, فجعلاه من نعت القوّة, وإنما استجاز خفض ذلك من قرأه بالخفض, ويصيره من نعت القوّة, والقوّة مؤنثة, والمتين في لفظ مذكر, لأنه ذهب بالقوّة من قوي الحبل والشيء, المبرم: الفتل, فكأنه قال على هذا المذهب: ذو الحبل القويّ. وذكر الفراء أن بعض العرب أنشده:
لكُلّ دَهْرٍ قَدْ لَبِسْتُ أَثُؤْبامَنْ رَيْطَةٍ واليُمْنَةَ المُعَصّبا
فجعل المعصب نعت اليمنة, وهي مؤنثة في اللفظ, لأن اليمنة ضرب وصنف من الثياب, فذهب بها إليه.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ذُو القُوّةِ المَتِينُ رفعا على أنه من صفة الله جلّ ثناؤه, لإجماع الحجة من القرّاء عليه, وأنه لو كان من نعت القوّة لكان التأنيث به أولى, وإن كان للتذكير وجه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24976ـ حدثني عليّ قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ذُو القُوّةِ المَتِينُ يقول: الشديد.
وقوله: فإنّ للذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبا مِثْلَ ذَنُوبِ أصحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونَ يقول تعالى ذكره: فإن للذين أشركوا بالله من قريش وغيرهم ذنوبا, وهي الدلو العظيمة, وهو السجل أيضا إذا مُلئت أو قاربت الملء, وإنما أريد بالذنوب في هذا الموضع: الحظّ والنصيب ومنه قول علقمة بن عبدة:
وفي كُلّ قَوْمٍ قَدْ خَبَطْتَ بنِعْمَةٍفَحُقّ لِشَأْس مِنْ نَدَاكَ ذَنَوبُ
أي نصيب, وأصله ما ذكرت ومنه قول الراجز:
لَنَا ذَنُوبٌ ولَكُمْ ذَنُوبُفإن أَبَيْتُمْ فَلَنَا الْقَلِيبُ
ومعنى الكلام: فإن للذين ظلموا من عذاب الله نصيبا وحظا نازلاً بهم, مثل نصيب أصحابهم الذين مضوا من قبلهم من الأمم, على منهاجهم من العذاب, فلا يستعجلون به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24977ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: فإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبا يقول: دلوا.
24978ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: فإنّ لِلّذِينَ ظَلِموا ذَنُوبا مِثْلَ ذَنُوب أصحَابِهِمْ قال: يقول للذين ظلموا عذابا مثل عذاب أصحابهم فلا يستعجلون.
24979ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيدبن جُبَير ذَنُوبا مِثْلَ ذَنُوب أصحَابِهِمْ فلا يستعجلون: سجلاً من العذاب.
24980ـ قال: ثنا عفان بن مسلم, قال: حدثنا شهاب بن سريعة, عن الحسن, في قوله: ذَنُوبا مِثْلَ ذَنُوب أصحَابِهِمْ قال: دلوا مثل دلو أصحابهم.
24981ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ذَنُوبا قال: سجلاً.
24982ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبا: سجلاً من عذاب الله.
24983ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثني محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله: فإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبا مِثْلَ ذَنُوب أصحَابِهِمْ قال: عذابا مثل عذاب أصحابهم.
24984ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبا مِثْلَ ذَنَوب أصحَابِهِمْ قال: يقول ذنوبا من العذاب, قال: يقول لهم سجل من عذاب الله, وقد فعل هذا بأصحابهم من قبلهم, فلهم عذاب مثل عذاب أصحابهم فلا يستعجلون.
24985ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم ذَنُوبا مِثْلَ ذَنُوب أصحَابِهِمْ قال: طَرَفا من العذاب.
الآية : 60
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لّلّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الّذِي يُوعَدُونَ }.
يقول تعالى ذكره: فالوادي السائل في جهنم من قيح وصديد للذين كفروا بالله وجحدوا وحدانيته من يومهم الذي يوعدون فيه نزول عذاب الله إذا نزل بهم ماذا يلقون فيه من البلاء والجهد.

نهاية تفسير الإمام الطبرى لسورة الذاريات

سورة الطور مكية
وآياتها تسع وأربعون
بسم الله الرحمَن الرحيم
الآية : 1-8
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَالطّورِ * وَكِتَابٍ مّسْطُورٍ * فِي رَقّ مّنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ * مّا لَهُ مِن دَافِعٍ }.
يعني تعالى ذكره بقوله: والطّورِ: والجبل الذي يُدعى الطور.
وقد بيّنت معنى الطور بشواهده, وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقد:
24986ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله تبارك وتعالى: والطّورِ قال الجبل بالسّرْيانية.
وقوله: وكِتابٍ مَسْطُورٍ يقول: وكتاب مكتوب ومنه قول رُؤْبة:
()(إني وآياتٍ سُطِرْنَ سَطْرا )
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24987ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: وكِتاب مَسْطُورٍ قال: صحف.
24988ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: وكِتابٍ مَسْطُورٍ والمسطور: المكتوب.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: مَسْطُورٍ قال: مكتوب.
24989ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: مَسْطُورٍ قال: مكتوب.
وقوله: فِي رَقَ مَنْشُورٍ يقول: في ورق منشور.
وقوله: «في» من صلة مسطور, ومعنى الكلام: وكتاب سطر, وكُتب في ورق منشور.
24990ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فِي رَقّ مَنْشُورٍ وهو الكتاب.
24991ـ حدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في رَقّ قال: الرقّ: الصحيفة.
وقوله: وَالبَيْتِ المَعْمُورِ يقول: والبيت الذي يعمر بكثرة غاشيته وهو بيت فيما ذُكر في السماء بحيال الكعبة من الأرض, يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة, ثم لا يعودون فيه أبدا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24992ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد, عن قتادة, عن أنس بن مالك, عن مالك بن صعصعة, رجل من قومه قال: قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ إليّ البَيْتُ المَعْمُورِ, فَقُلْتُ: يا جِبِريلُ ما هَذَا؟» قال: البَيْتُ المَعْمُورُ, يَدْخُلُهُ كُلّ يَوْم سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ إذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ ما عَلَيْهِمْ.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا خالد بن الحارث, قال: حدثنا شعبة, عن قتادة, عن أنس بن مالك, عن مالك بن صعصعة رجل من قومه, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, بنحوه.
24993ـ حدثنا هناد بن السريّ, قال: حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب, عن خالد بن عُرعُرة, أن رجلاً قال لعليّ رضي الله عنه: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء يقال له الضراح, وهو بحيال الكعبة, من فوقها حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض, يصلي فيه كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة, ولا يعودون فيه أبدا.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك بن حرب, قال: سمعت خالد ابن عرعرة, قال: سمعت عليا رضي الله عنه, وخرج إلى الرحبة, فقال له ابن الكوّاء أو غيره: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء السادسة يقال له الضراح, يدخله كل يوم سبعون ألف مَلَك لا يعودون فيه أبدا.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا طلق بن غنام, عن زائدة, عن عاصم, عن عليّ بن ربيعة, قال: سأل ابن الكوّاء عليا, رضي الله عنه عن البيت المعمور, قال: مسجد في السماء يقال له الضراح, يدخله كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة, لا يرجعون فيه أبدا.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن عبيد المكتب, عن أبي الطفيل, قال: سأل ابن الكوّاء عليا عن البيت المعمرو, قال: بيت بحيال البيت العتيق في السماء يدخله كلّ يوم سبعون ألف مَلك على رسم راياتهم, يقال له الضراح, يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يرجعون فيه أبدا.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا بهرام, قال: حدثنا سفيان, عن سماك بن حرب, عن خالد بن عرعرة, عن عليّ رضي الله عنه, قال: سأله رجل عن البيت المعمور, قال: بيت في السماء يقال له الضريح قصد البيت, يدخله كلّ يوم سبعون ألف مَلك, ثم لا يعودون فيه.
24994ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: وَالبَيْتِ المَعْمُورِ قال: هو بيت حذاء العرش تعمره الملائكة, يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه.
24995ـ حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبّويه, قال: حدثنا عليّ بن الحسن, قال: حدثنا حسين, قال: سُئل عكرمة وأنا جالس عنده عن البيت المعمور, قال: بيت في السماء بحيال الكعبة.
24996ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: وَالبَيْتِ المَعْمُورِ قال: بيت في السماء يقال له الضراح.
24997ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَالبَيْتِ المَعْمُورِ ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه: «هَلْ تَدْرُونَ ما البَيْتُ المَعْمُورُ» قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: «فإنّهُ مَسْجِدٌ فِي السّماءِ تَحْتَهُ الكَعْبَةُ لَوْ خَرّ لخَرّ عَلَيْها, أوْ عَلَيْهِ, يُصلّي فِيهِ كُلّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلكٍ إذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ ما عَلَيْهِمْ».
24998ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَالبَيْتِ المَعْمُورِ يزعمون أنه يروح إليه كلّ يوم سبعون ألف مَلك من قبيلة إبليس, يقال لهم الجنّ.
24999ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَالبَيْتِ المَعْمُورِ قال: بيت الله الذي في السماء. وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ بَيْتَ اللّهِ فِي السّماءِ لَيَدْخُلُهُ كُلّ يَوْمٍ طَلَعَتْ شَمْسُهُ سَبْعُونَ ألْفَ مَلكٍ, ثُمّ لا يَعُودُونَ فِيهِ أبَدا بَعْدَ ذلكَ».
25000ـ حدثنا محمد بن مرزوق, قال: حدثنا حجاج, قال: حدثنا حماد, عن ثابت, عن أنس, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, قال: «البَيْتُ المَعْمُورُ فِي السّماءِ السّابِعَةِ يَدْخُلُهُ كُلّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلك, ثُمّ لا يَعُودُونَ إلَيْهِ حتى تَقُومَ السّاعَةُ».
حدثنا محمد بن سِنان القَزّاز, قال: حدثنا موسى بن إسماعيل, قال: حدثنا سليمان عن ثابت, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَمّا عَرَجَ بِي المَلكُ إلى السّماءِ السّابِعَةِ انْتَهَيْتُ إلى بِناءٍ فَقُلْتُ للْمَلَكِ: ما هَذَا؟ قال: هَذَا بِناءٌ بَناهُ اللّهُ للْمَلائِكَةِ يَدْخُلُهُ كُلّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ, يُقَدّسُونَ اللّهَ ويُسَبّحُونَهُ, لا يَعُودُونَ فِيهِ».
وقوله: وَالسّقْفِ المَرْفُوعِ يعني بالسقف في هذا الموضع: السماء, وجعلها سقفا, لأنها سماء للأرض, كسماء البيت الذي هو سقفه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25001ـ حدثنا هناد بن السريّ, قال: حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن خالد بن عرعرة, أن رجلاً قال لعليّ رضي الله عنه: ما السقف المرفوع؟ قال: السماء.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن سماك, عن خالد بن عُرْعرة, عن عليّ, قال: السقف المرفوع: السماء.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, قال: حدثنا سفيان, عن سماك بن حرب, عن خالد بن عُرْعُرة, عن عليّ رضي الله عنه قال: سأله رجل عن السقف المرفوع, فقال: السماء.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك بن حرب, قال: سمعت خالد بن عُرْعُرة, قال: سمعت عليّا يقول: والسقف المرفوع: هو السماء, قال: وَجَعَلْنَا السّماءَ سَقْفا مَحفُوظا وهُمْ عَنْ آياتِها مُعرِضُونَ.
25002ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد السقف المرفوع: قال: السماء.
25003ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَالسّقْفِ المَرْفُوعِ سقف السماء.
25004ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَالسّقْفِ المَرْفُوع: سقف السماء.
وقوله: وَالبَحْرِ المَسْجُورِ اختلف أهل التأويل في معنى البحر المسجور, فقال بعضهم: الموقد. وتأوّل ذلك: والبحر الموقد المحمّي. ذكر من قال ذلك:
25005ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, عن داود, عن سعيد بن المسيب, قال: قال عليّ رضي الله عنه لرجل من اليهود: أين جهنم؟ فقال: البحر, فقال: ما أراه إلا صادقا, والبَحْرِ المَسْجورِ وَإذَا البِحارِ سُجِرَتْ مخففة.
25006ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يعقوب, عن حفص بن حُمَيد, عن شمر بن عطية, في قوله: وَالبَحْرِ المَسْجُورِ قال: بمنزلة التنّور المسجور.
25007ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد وَالبَحْرِ المَسْجُورِ قال: الموقَد.
25008ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَالبَحْرِ المَسْجُورِ قال: الموقد, وقرأ قول الله تعالى: وَإذَا البِحارُ سُجّرَتْ قال: أوقدت.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإذا البحار مُلئت, وقال: المسجور: المملوء. ذكر من قال ذلك:
25009ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَالبَحْرِ المَسْجُورِ الممتلىء.
وقال آخرون: بل المسجور: الذي قد ذهب ماؤه. ذكر من قال ذلك:
25010ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس في قوله: والبَحْرِ المَسْجُورِ قال: سجره حين يذهب ماؤه ويفجر.
وقال آخرون: المسجور: المحبوس. ذكر من قال ذلك:
25011ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: وَالبَحْرِ المَسْجُورِ يقول: المحبوس.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: والبحر المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض, وذلك أن الأغلب من معاني السجر: الإيقاد, كما يقال: سجرت التنور, بمعنى: أوقدت, أو الامتلاء على ما وصفت, كما قال لبيد:
فَتَوَسّطا عُرْضَ السّرِيّ وَصَدّعامَسْجُورَةً مُتَجاوِرا قُلاّمُها
وكما قال النمر بن تولَب العُكْليّ:
إذَا شاءَ طالَعَ مَسْجُورَةًتَرَى حَوْلَها النّبْعَ والسّا سمَا
سَقْتْها رَوَاعِدُ مِنْ صَيّفٍوَإنْ مِنْ خَرِيفٍ فَلَنْ يَعْدَما
فإذا كان ذلك الأغلب من معاني السّجْر, وكان البحر غير مُوقَد اليوم, وكان الله تعالى ذكره قد وصفه بأنه مسجور, فبطل عنه إحدى الصفتين, وهو الإيقاد صحّت الصفة الأخرى التي هي له اليوم, وهو الامتلاء, لأنه كلّ وقت ممتلىء.
وقيل: إن هذا البحر المسجور الذي أقسم به ربنا تبارك وتعالى بحر في السماء تحت العرش. ذكر من قال ذلك:
25012ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح, عن عليّ والبَحْرِ المَسْجُورِ قال: بحر في السماء تحت العرش.
25013ـ قال: ثنا مهران, قال: وسمعته أنا من إسماعيل, قال: حدثنا مهران عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد, عن عبد الله بن عمرو وَالبَحْرِ المَسْجُورِ قال: بحر تحت العرش.
25014ـ حدثني محمد بن عمارة, قال: حدثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح في قوله: والبَحْرِ المَسْجُورِ قال: بحر تحت العرش.
وقوله: إنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: إنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ يا محمد, لكائن حالّ بالكافرين به يوم القيامة. كما:
25015ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ وقع القسم ها هنا إنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ وذلك يوم القيامة.
وقوله: مالَهُ مِنْ دَافِعٌ يقول: ما لذلك العذاب الواقع بالكافرين من دافع يدفعه عنهم, فينقذهم منه إذا وقع.
الآية : 9-10
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السّمَآءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً }.
يقول تعالى ذكره: إن عذاب ربك لواقع يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا فيوم من صلة واقع, ويعني بقوله: تمور: تدور وتكفأ. وكان معمر بن المثنى يُنشد بيت الأعشى:
كأنّ مِشْيَتَها مِنْ بَيْتِ جارَتِهامَوْرُ السّحابَةِ لا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ
فالمور على روايته: التكفؤ والترهيل في المشية, وأما غيره فإنه كان يرويه مرّ السحابة.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
25016ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال: يقول: تحريكا.
25017ـ حدثنا ابن المثنى وعمرو بن مالك, قالا: حدثنا أبو معاوية الضرير, عن سفيان بن عُيينة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال: تدور السماء دَوْرا.
حدثنا الحسن بن عليّ الصدائي, قال: حدثنا إبراهيم بن بشار, قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: أخبروني عن معاوية الضرير, عني, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال: تدور دورا.
حدثنا هارون بن حاتم المقري, قال: حدثنا سفيان بن عيينة, قال: ثني أبو معاوية, عني, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال: تدور دورا.
25018ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا مورها: تحريكها.
25019ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا يعني: استدارتها وتحريكها لأمر الله, وموج بعضها في بعض.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, قال: قال الضحاك يَوْم تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال: تموج بعضها في بعض, وتحريكها لأمر الله.
25020ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال: هذا يوم القيامة, وأما المور: فلا علم لنا به.
وقال آخرون: مورها: تشققها. ذكر من قال ذلك:
25021ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال: يوم تشقّق السماء.
وقوله: وَتَسِيرُ الجِبالُ سَيْرا يقول: وتسير الجبال عن أماكنها من الأرض سيرا, فتصير هباء منبثا.
الآية : 11-14
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ * الّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ * يَوْمَ يُدَعّونَ إِلَىَ نَارِ جَهَنّمَ دَعّا * هَـَذِهِ النّارُ الّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ }.
يقول تعالى ذكره: فالوادي الذي يسيل من قيح وصديد في جهنم, يوم تمور السماء مورا, وذلك يوم القيامة للمكذّبين بوقوع عذاب الله للكافرين, يوم تمور السماء موّرا. وكان بعض نحويّي البصرة يقول: أدخلت الفاء في قوله: فَوَيْلٌ يَوْمَئذٍ لأنه في معنى إذا كان كذا وكذا, فأشبه المجازاة, لأن المجازاة يكون خبرها بالفاء. وقال بعض نحوييّ الكوفة: الأوقات تكون كلها جزاء مع الاستقبال, فهذا من ذاك, لأنهم قد شبهوا «إن» وهي أصل الجزاء بحين, وقال: إن مع يوم إضمار فعل, وإن كان التأويل جزاء, لأن الإعراب يأخذ ظاهر الكلام, وإن كان المعنى جزاء.
وقوله: الّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ يقول: الذين هم في فتنة واختلاط في الدنيا يلعبون, غافلين عما هم صائرون إليه من عذاب الله في الاَخرة.
وقوله: يَوْمَ يُدَعّونَ إلى نارِ جَهَنّمَ دَعّا يقول تعالى ذكره: فويل للمكذّبين يوم يُدَعّونَ.
وقوله: يَوْمَ يُدَعّونَ ترجمة عن قوله: يَوْمَئِذٍ وإبدال منه. وعنى بقوله: يُدَعّونَ يدفعون بإرهاق وإزعاج, يقال منه: دَعَعْت في قفاه: إذا دفعت فيه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25022ـ حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: حدثنا أبو كدينة, عن قابوس, عن أبيه, عن ابن عباس يَوْمَ يُدَعّونَ إلَى نارِ جَهَنّمَ دَعّا قال: يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار.
حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: يَوْمَ يُدَعّونَ إلى نارِ جَهَنّمَ دَعّا يقول: يدفعون.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: يَوْمَ يُدَعّونَ إلى نارِ جَهَنّمَ دَعّا قال: يدفعون فيها دفعا.
25023ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا الحسين, عن يزيد, عن عكرمة يَوْمَ يُدَعّونَ إلى نارِ جَهَنم دَعّا يقول: يدفعون إلى نار جهنم دفعا.
25024ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: يَوْمَ يُدَعّونَ إلى نارِ جَهَنّمَ قال: يُدفعون.
25025ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة يَوْمَ يُدَعّونَ إلى نارِ جَهَنّمَ دَعا قال: يزعجون إليها إزعاجا.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة بنحوه.
25026ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يَوْمَ يُدَعّونَ إلَى نارِ جَهَنّمَ دَعّا الدعّ: الدفع والإرهاق.
25027ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله: يَوْمَ يَدَعّونَ إلى نارِ جَهَنّمَ دَعّا قال: يُدفعون دفعا, وقرأ قول الله تبارك وتعالى: فَذَلِكَ الذِي يَدُعّ اليَتِيمَ قال: يدفعه, ويغلظ عليه.
وقوله: هَذِهِ النّارُ التي كُنْتُمْ بِها تُكَذّبُونَ يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هذه النار التي كنتم بها في الدنيا تكذّبون, فتجحدون أن تردّوها, وتصلوها, أو يعاقبكم بها ربكم, وترك ذكر يُقال لهم, اجتزاء بدلالة الكلام عليه