اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني

حصن المسلم | التعريض بالدعاء لطلب الطعام أو الشراب | اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني

اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي (1).

Allahumma atAAim man atAAamanee wasqi man saqanee.
‘O Allah, feed him who fed me, and provide with drink him who provided me with drink.


(1) مسلم، 3/ 1626، برقم 2055.

شرح معنى اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

623- لفظ مسلم عَنِ الْمِقْدَادِ (1) قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي، وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الْجَهْدِ، فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا ثَلاَثَةُ أَعْنُزٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا»، قَالَ: فَكُنَّا نَحْتَلِبُ، فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ، وَنَرْفَعُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَصِيبَهُ - قَالَ - فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لاَ يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ - قَالَ - ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ، فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَأْتِي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُ، فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِي، فَقَالَ: مُحَمَّدٌ يَأْتِي الأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ، وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ، فَأَتَيْتُهَا فَشَرِبْتُهَا، فَلَمَّا أَنْ وَغَلَتْ فِي بَطْنِي، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ - قَالَ - نَدَّمَنِي الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! مَا صَنَعْتَ؟ أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ، فَيَجِيءُ فَلاَ يَجِدُهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ، فَتَهْلِكُ؟ فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ! وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأْسِي، وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِي خَرَجَ قَدَمَايَ، وَجَعَلَ لاَ يَجِيئُنِي النَّوْمُ، وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا، وَلَمْ يَصْنَعَا مَا صَنَعْتُ - قَالَ - فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ، فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: الآنَ يَدْعُو عَلَيَّ فَأَهْلِكُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِي»، قَالَ فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الأَعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ، فَأَذْبَحُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هِيَ حَافِلَةٌ، وَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ، فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ - قَالَ - فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ؟»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَوِيَ، وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ - قَالَ - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ!».
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلْتُ كَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا هَذِهِ إِلاَّ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ، أَفَلاَ كُنْتَ آذَنْتَنِي، فَنُوقِظَ صَاحِبَيْنَا فَيُصِيبَانِ مِنْهَا»، قَالَ: فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُبَالِي إِذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ مَنْ أَصَابَهَا مِنَ النَّاسِ» (2).
624- ولفظ أحمد عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: قَدِمْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، فَتَعَرَّضْنَا لِلنَّاسِ فَلَمْ يُضِفْنَا أَحَدٌ، فَانْطَلَقَ بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَنْزِلِهِ، وَعِنْدَهُ أَرْبَعُ أَعْنُزٍ، فَقَالَ لِي: «يَا مِقْدَادُ، جَزِّئْ أَلْبَانَهَا بَيْنَنَا أَرْبَاعًا»، فَكُنْتُ أُجَزِّئُهُ بَيْنَنَا أَرْبَاعًا، فَاحْتَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَحَدَّثْتُ نَفْسِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَتَى بَعْضَ الْأَنْصَارِ، فَأَكَلَ حَتَّى شَبِعَ، وَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، فَلَوْ شَرِبْتُ نَصِيبَهُ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُمْتُ إِلَى نَصِيبِهِ فَشَرِبْتُهُ، ثُمَّ غَطَّيْتُ الْقَدَحَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ أَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ، فَقُلْتُ: يَجِيءُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَائِعًا، وَلَا يَجِدُ شَيْئًا فَتَسَجَّيْتُ، وَجَعَلْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُ الْيَقْظَانَ، وَلَا يُوقِظُ النَّائِمَ، ثُمَّ أَتَى الْقَدَحَ فَكَشَفَهُ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَقَالَ: «اللهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي»، وَاغْتَنَمْتُ الدَّعْوَةَ، فَقُمْتُ إِلَى الشَّفْرَةِ فَأَخَذْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ الْأَعْنُزَ فَجَعَلْتُ أَجَسُّهَا أَيُّهَا أَسْمَنُ، فَلَا تَمُرُّ يَدَيَّ عَلَى ضَرْعِ وَاحِدَةٍ إِلَّا وَجَدْتُهَا حَافِلًا، فَحَلَبْتُ حَتَّى مَلَأْتُ الْقَدَحَ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: «بَعْضُ سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ، مَا الْخَبَرُ ؟» قُلْتُ: اشْرَبْ، ثُمَّ الْخَبَرَ، فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: «مَا الْخَبَرُ ؟» فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «هَذِهِ بَرَكَةٌ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَلَّا أَعْلَمْتَنِي حَتَّى نَسْقِيَ صَاحِبَيْنَا»، فَقُلْتُ: إِذَا أَصَابَتْنِي وَإِيَّاكَ الْبَرَكَةُ، فَمَا أُبَالِي مَنْ أَخْطَأَتْ» (3).

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «الجهد»: الجوع والمشقة، قال ابن الأثير : «الجَهْد، والجُهْد بالضَّمِّ: الوُسْع والطَّاقة، وبالفَتْح: المَشَقَّة.
وَقِيلَ المُبَالَغة والْغَايَة.
وَقِيلَ هُمَا لُغتَان فِي الوُسْع والطَّاقَة، فأمَّا فِي المشَقَّة والْغَاية فَالْفَتْحُ لَا غَيْرَ... يُقَالُ: جُهِدَ الرجُل فَهُوَ مَجْهُود: إِذَا وَجَد مَشَقَّة، وجُهِدَ النَّاسُ فهُم مَجْهُودُون: إِذَا أجْدَبُوا.
فَأَمَّا أَجْهَد فَهُوَ مُجْهِد بالكَسْر: فَمَعْنَاهُ ذُو جَهْد ومَشَقَّة، وَهُوَ مِنْ أَجْهَدَ دابَّته إِذَا حَمَل عَلَيْهَا فِي السَّير فَوْقَ طاقَتها
» (4).
2- قوله: «فيتحفونه»: قال ابن الأثير : «التحفة: الهدية والبِر، وتسكن حاؤها وتفتح، والسكون أكثر» (5).
3- قوله: «جزأ ألبانها»: قال ابن منظور : «أَراد بالتَّجْزِئَةِ أَنه قسَّمَهم ...جَزَأْتُ المالَ بَيْنَهُمْ وجَزَّأْتُه: أَي: قسَّمْته» (6).
4- قوله: «وغلت في بطني»: وغلت في بطني أي: دخلت وتمكنت منه، قال ابن الأثير : «وغلَ الرجل يغل: إذا دخل في السحر، فاستعار الوغول لدخول اللبن البطن» (5)، وقال القاضي عياض : «الوغول: الدخول في الشيء، وإن لم يتعد فيه، وكل داخل فهو واغل، يقال منه: وغلت أغل وغولاً ووغلاً، ولهذا قيل للداخل على الشرب من غير أن يدعى: واغل، ووغل» (7).
5- قوله: «فعمدت إلى الشملة»: قال الراغب الأصفهاني : «العمد: قصد الشيء، والاستناد إليه، والعماد: ما يعتمد» (8)، والشملة: قال ابن الأثير : «كل مئزر من مآزر الأعراب» (5).
، وقال القرطبي في المفهم: «والشَّملة: كساء صغير يشتمل به؛ أي: يُلتحف به على كيفية مخصوصة» (9).
6- قوله: «فَتَسَجَّيْتُ»: سُجُوّ اللَّيْلِ تَغْطِيَتُهُ لِلنَّهَارِ مِثْلَ مَا يُسَجَّى الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ» (10).
7- قوله: «حافل»: قال ابن الأثير : «ضرع حافل ، أي : ممتلىء لبناً، والجمع حفل» (5).
8- قوله: «يَحْتَلِبُوا فِيهِ»: قال ابن منظور : «الحَلَبُ: استِخراجُ مَا فِي الضَرْعِ مِنَ اللبَنِ، يكونُ فِي الشاءِ والإِبِل والبَقَر، والحَلَبُ: مَصْدَرُ حَلَبها يَحْلُبُها ويَحْلِبُها حَلْباً وحَلَباً وحِلاباً، الأَخيرة عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، وَكَذَلِكَ احْتَلَبها» (11).
9- قوله: «فجعلت أجسُّها»: قال في اللسان: «جَسَسَ: الجَسُّ: اللَّمْسُ بِالْيَدِ، والمَجَسَّةُ: مَمَسَّةُ مَا تَمَسُّ.
ابْنُ سِيدَهْ: جَسَّه بِيَدِهِ يَجُسُّه جَسّاً واجْتَسَّه أَي: مَسَّه ولَمَسَه، والمَجَسَّةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ يَدُهُ إِذا جَسَّه
» (12).
10- قوله: «نعرض أنفسنا»: أي: لإطعامنا، قال ابن منظور : «عَرَضْتُ الحَوْضَ عَلَى الْبَعِيرِ.
وعَرَضْتُ الجاريةَ والمتاعَ عَلَى البَيْعِ عَرْضاً، وعَرَضْتُ الكِتاب، وعَرَضْتُ الجُنْدَ عرْضَ العَيْنِ إِذا أَمْرَرْتَهم عَلَيْكَ ونَظَرْتَ مَا حالُهم، وَقَدْ عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ واعْتَرَضُوا هُمْ
» (13)، وقال القرطبي : «أي: نتعرَّض لهم ليطعمونا، وذلك لشدة ما كانوا عليه من الجوع ، والضعف (14).
11- قوله: «فليس أحد منهم يقبلنا
»: هذا محمول على أن الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا مقلين ليس عندهم شيء يواسون به، وقال القرطبي : «أي: يطعمنا، وظاهر حالهم: أن ذلك الامتناع ممن تعرضوا له، إنَّما كان لأنهم ما وجدوا شيئًا يطعمونهم إيَّاه، كما اتفق للنبي صلى الله عليه وسلم حيث طلب جميع بيوت نسائه، فلم يجد عندهم شيئًا؛ فإنَّ الوقت كان شديدًا عليهم» (14).
12- قوله: «الجرعة»: هي الحثوة من المشروب، قال ابن منظور : «جرع: جَرِعَ الماءَ وجَرَعه يَجْرَعُه جَرْعاً، وأَنكر الأَصمعي جَرَعْت، بِالْفَتْحِ، واجْتَرَعَه وتَجَرَّعَه: بَلِعَه.
وَقِيلَ: إِذا تَابَعَ الجَرْع مَرَّةً بَعْدَ أُخرى كالمُتكارِه قِيلَ: تَجَرَّعَه، ...التجرُّعُ شُرْبٌ فِي عَجَلةٍ، وَقِيلَ: هُوَ الشُّرْبُ قَلِيلًا قَلِيلًا، ... وَالِاسْمُ الجُرْعة، والجَرْعةُ وَهِيَ حُسْوة مِنْهُ، وَقِيلَ: الجَرْعة الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، والجُرْعة مَا اجْتَرَعْته، الأَخيرة للمُهْلة عَلَى مَا أَراه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ، والجُرْعةُ: مِلءُ الْفَمِ يَبْتَلِعُه، وَجَمْعُ الجُرْعة جُرَعٌ.
وَفِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ: «مَا بِهِ حاجةٌ إِلى هَذِهِ الجُرْعة
»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: تُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، فَالْفَتْحُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ، وَالضَّمُّ الِاسْمُ مِنَ الشُّرْبِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ أَشبه بِالْحَدِيثِ» (15).
13- قَوْله: «فَحَلَبْت فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَة»: «رغوة»: هي زبد اللبن الذي يعلوه.
قال النووي : «هِيَ زَبَد اللَّبَن الَّذِي يَعْلُوهُ ، وَهِيَ بِفَتْحِ الرَّاء وَضَمّهَا وَكَسْرهَا... وَارْتَغَيْت شَرِبَتْ الرَّغْوَة» (16).
14- قوله: «اللهم أطعم من أطعمني، وأسق من سقاني:» قال القرطبي : «يدلّ على كرم أخلاقه، ونزاهة نفسه صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يسأل عن نصيبه، ولم يُعرّج على كل ذلك، لكنَّه دعا اللَّه تعالى» (14).
15- قوله: «قَدَح»: قال ابن الأثير : «وَهُوَ الَّذِي يُؤكل فِيهِ» (17)، وقال الفيومي : «آنية معروفة، والجمع أَقْداَحٌ» (18).
16- قوله: «ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ»: قال النووي : «مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْده حُزْن شَدِيد؛ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدْعُو عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِكَوْنِهِ أَذْهَبَ نَصِيب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَتَعَرَّضَ لِأَذَاهُ ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَوِيَ، وَأُجِيبَتْ دَعْوَته، فَرِحَ وَضَحِكَ حَتَّى سَقَطَ إِلَى الْأَرْض مِنْ كَثْرَة ضَحِكه؛ لِذَهَابِ مَا كَانَ بِهِ مِنْ الْحُزْن، وَانْقِلَابه سُرُورًا بِشُرْبِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَإِجَابَة دَعْوَته لِمَنْ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ، وَجَرَيَان ذَلِكَ عَلَى يَد الْمِقْدَاد، وَظُهُور هَذِهِ الْمُعْجِزَة، وَلِتَعَجُّبِهِ مِنْ قُبْح فِعْله أَوَّلًا، وَحُسْنه آخِرًا» (16).
17- قوله: «إحدى سوءاتك» أي: أنك فعلت سوأة من الفعلات فما هي؟ فأخبره الخبر، قال القرطبي : « أي: هذه الحالة حالة سيئة من جملة حالاتك التي تسوء منكرًا لذلك؛ لأن كثرة الضحك يميت القلب» (19).
18- قوله: «رحمة من اللَّه تعالى»: أي: إحداث هذا اللبن في غير وقته رحمة من اللَّه وفضل، قال القرطبي : «معترفًا بفضل اللَّه تعالى، وشاكرًا لنعمته، ومقرًّا بمنته، فله الحمد أولاً وآخرًا، وباطنًا وظاهرًا»(19)، وقال القاضي عياض : «أي: إحداث هذا اللبن في غير حينه وعادته ، وإن كان الكل من فضل اللَّه» (20).
19- قوله: «رَوِي»: قال القرطبي : «بكسر الواو، وتحريك الياء في الماضي، يروَى بفتح الواو وسكون الياء: في الشرب، فأما رَوَى: بفتح الواو في الماضي، وكسره في ا لمستقبل: فهو في رواية الأخبار» (21).
20- قوله: «سُجِّيَ ببُرْدِ حِبَرَةٍ»: قال ابن الأثير : «أَيْ غُطِّي، والْمُتَسَجِّي: المُتَغَطّي، مِنَ اللَّيل السَّاجِي، لِأَنَّهُ يُغَطِّي بِظَلَامِهِ وسكونه»(22).
21- قوله: «بالشَّفْرة»: وهي آلة الذبح، قال ابن الأثير : «لِأَنَّهَا تُمْتَهَنُ فِي قَطْعِ اللَّحْمِ وغيره» (23).

ما يستفاد من الحديث:

1- استحباب الدعاء للمحسن والخادم ولمن سيفعل خيرًا (24).
2- قال الإمام النووي : «فِيهِ الدُّعَاء لِلْمُحْسِنِ وَالْخَادِم، وَلِمَنْ يَفْعَل خَيْرًا.
3- وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحِلْم وَالْأَخْلَاق الْمُرضِيَة، وَالْمَحَاسِن الْمُرْضِيَة، وَكَرَم النَّفْس، وَالصَّبْر، وَالْإِغْضَاء عَنْ حُقُوقه؛ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْأَل عَنْ نَصِيبه مِنْ اللَّبَن
» (16).
4- قال القرطبي : «فيه دليل على مشروعية السَّلام عند دخول البيت، وقد استحبَّه مالك، وأن ذلك مما ينبغي أن يكون برفق، واعتدال (14).
5- فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم لكون الأعنز أصبحن كلهن حُفلاً، أي: ممتلئات باللبن.
6- فرحة المقداد رضي الله عنه بأن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قد أصابته بعد أن رُوي النبي صلى الله عليه وسلم من اللبن، فضحك حتى سقط على الأرض؛ لأن حزنه قد حوله اللَّه سرورًا (25).
7- فيه الأدب العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم حيث يسلم سلاماً عند دخوله في أوقات النوم، يسمعه اليقظان، ولا يسمعه النائم، رحمة منه صلى الله عليه وسلم، ورفقاً منه بأصحابه، فينبغي الالتزام بآدابه صلى الله عليه وسلم

1 المِقْدَادُ بنُ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ مَالِكٍ الكِنْدِيُّ البهراني الحضرمي ، ويقال له: ابن الأسود الكندي، لأن أباه الأسود حالف كندة، فكان يقال له الكندي، وتزوج هناك امرأة فولدت له المقداد، وهرب إلى مكة فحالف الأسود بن عبد يغوث الزهري، فتبنى الأسودُ المقداد فصار يقال المقداد بن الأسود، وغلبت عليه، وأسلم قديماً، وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً، والمشاهد بعدها، وكان فارساً يوم بدر، وهو الذي قال: يا رسول اللَّه إنا واللَّه لا نقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى: ﴿اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ﴾ [المائدة: 24]، ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، وبين يديك وخلفك قال فرأيت رسول اللَّه  يشرق وجهه، وسره [البخاري، برقم 3952]، وروى المقداد عن النبي  أحاديث روى عنه علي، وأنس، وآخرون، مات سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عثمان، وهو بن سبعين سنة. انظر: الاستيعاب، لابن عبد البر، 4/ 1478، وسير أعلام النبلاء، 1/ 385، ترجمة رقم (81)، والإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر، 6/ 202.
2 مسلم، برقم 2055
3 مسند أحمد، برقم 23809، وصححه محققو المسند 39/ 229
4 النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 320، مادة (جهد).
5 جامع الأصول في أحاديث الرسول، 9/ 76.
6 لسان العرب، 1/ 45، مادة (جزأ).
7 إكمال المعلم بفوائد مسلم، 6/ 545.
8 مفردات ألفاظ القرآن، 2/ 122، مادة (عمد).
9 المفهم، للقرطبي، 2/ 137.
10 لسان العرب، 14/ 371، مادة (سجي).
11 لسان العرب، 1/ 327، مادة (حلب).
12 لسان العرب، 6/ 38، مادة (جس).
13 لسان العرب، 7/ 167، مادة (عرض).
14 المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 17/ 44.
15 لسان العرب، 8/ 46، مادة (جرع).
16 شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 14.
17 النهاية في غريب الحديث والأثر، 4/ 20، مادة (قدح
18 المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، 2/ 491، مادة (قدح).
19 المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 17/ 45.
20 إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، للقاضي عياض، 6/ 280.
21 المفهم، 2/ 138.
22 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 344، مادة (سجي).
23 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 484، مادة (شفر).
24 انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 14.
25 شرح النووي على صحيح مسلم ، 14/ 243.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب