اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا

حصن المسلم | دعاء الخوف من الشرك | اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ (1).

shirk: to associate others with Allah in those things which are specific to Him. This can occur in (1) belief, e.g. to believe that other than Allah has the power to benefit or harm, (2) speech, e.g. to swear by other than Allah and (3) action, e.g. to bow or prostrate to other than Allah. Allahumma innee aAAoothu bika an oshrika bika wa-ana aAAlam, wa-astaghfiruka lima la aAAlam.
‘O Allah, I take refuge in You lest I should commit shirk with You knowingly and I seek Your forgiveness for what I do unknowingly.


(1) أحمد، 4/ 403، برقم 19606، والأدب المفرد للبخاري، برقم 716، وانظر: صحيح الجامع، 3/233، وصحيح الترغيب والترهيب للألباني، 1/19 .

شرح معنى اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

701- لفظ البخاري في الأدب المفرد قال مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَلشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلِ الشِّرْكُ إِلاَّ مَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؟ قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا أَعْلَمُ» (1) .
702- ولفظ الحكيم الترمذي عن معقل بن يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ رضي الله عنه، وَشَهِدَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ذكرَ الشِّرْك فَقَالَ: «هُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، وَسَأَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فعلْتَ أَذَهَبَ عَنْكَ صِغَارَ الشِّرْكِ وَكِبارَهُ، تقولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ فيمَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا أَعْلَمُ» (2) .
703- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» (3) .
704- ولفظ أحمد عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا نَتَنَاوَبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَبِيتُ عِنْدَهُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ، أَوْ يَطْرُقُهُ أَمْرٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَبْعَثُنَا فَيَكْثُرُ الْمُحْتَسِبُونَ، وَأَهْلُ النُّوَبِ، فَكُنَّا نَتَحَدَّثُ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: «مَا هَذِهِ النَّجْوَى؟ أَلَمْ أَنْهَكُمْ عَنِ النَّجْوَى؟» قَالَ : قُلْنَا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّمَا كُنَّا فِي ذِكْرِ الْمَسِيحِ فَرَقًا مِنْهُ، فَقَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَسِيحِ عِنْدِي؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ: أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ لِمَكَانِ رَجُلٍ» (4) .
705- وفي لفظ آخر لأحمد عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: جَلَسْتُ أَنَا وَمُحَمَّدٌ الْكِنْدِيُّ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ب، ثُمَّ قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَجَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: فَجَاءَ صَاحِبِي وَقَدِ اصْفَرَّ وَجْهُهُ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، فَقَالَ: قُمْ إِلَيَّ، قُلْتُ: أَلَمْ أَكُنْ جَالِسًا مَعَكَ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: قُمْ إِلَى صَاحِبِكَ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ؟ قُلْتُ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَعَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَحْلِفَ بِالْكَعْبَةِ؟ قَالَ: وَلِمَ تَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ؟ إِذَا حَلَفْتَ بِالْكَعْبَةِ فَاحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا حَلَفَ قَالَ: كَلاَّ وَأَبِي، فَحَلَفَ بِهَا يَوْمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحْلِفْ بِأَبِيكَ، وَلاَ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» (5) .
706- ولفظ الترمذي عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ب سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَا وَالكَعْبَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ، أَوْ أَشْرَكَ» (6) .
706- وفي لفظ لأحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ ب قَالَ: كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَحْلِفُ: وَأَبِي، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ أَشْرَكَ» (7) .
707- وعن بُرَيْدَةَ بن الخصيب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» (8) .
708- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ب، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشِئْتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَجَعَلْتَنِي وَاللَّهَ عِدْلًا؟ بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» (9) .
710- ولفظ البخاري في الأدب المنفرد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ب: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، قَالَ: «جَعَلْتَ لِلَّهِ نِدًّا؟ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» (10) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ»: قال ابن منظور : «الانطِلاقُ: الذَّهَابُ، وَيُقَالُ: انْطُلِقَ بِهِ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ» (11) .
2- قوله: «الشرك فيكم»: أي: الشرك الأصغر والخطاب لأمة الإسلام، قال المناوي : «الشرك فيكم: أيها الأمة» (12) ، وقال الإمام ابن قيم الجوزية : «الشرك شركان: شرك يتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله، وشرك في عبادته ومعاملته، وإن كان صاحبه يعتقد أنه سبحانه لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، والشرك الأول نوعان: أحدهما: شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون إذ قال: ﴿وَمَا رَبُّ العَالَمِين﴾، وقال تعالى مخبراً عنه أنه قال: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ (13) ، والشرك والتعطيل متلازمان، فكل مشرك معطِّل، وكل معطِّل مشرك، لكن لا يستلزم أصل التعطيل، بل قد يكون المشرك مقراً بالخالق سبحانه وصفاته، ولكن عطل حق التوحيد، وأصل الشرك وقاعدته التي ترجع إليها هو التعطيل... النوع الثاني: شرك من جعل معه إلها آخر، ولم يعطل أسماءه، وربوبيته، وصفاته، كشرك النصارى الذي جعلوه ثلاثة، فجعلوا المسيح إلهاً، وأمه إلهاً، ومن هذا شرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور، وحوادث الشر إلى الظلمة» (14) .
3- قوله: «أخفى من دبيب النمل»: أي: في حركته ومشيه على الأرض فإنه لا يسمع له صوت ولا يشعر أحد بحركته، وقد جاء في رواية: «الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا» (15) .
قال الصنعاني : «خفاؤه عن نظر الناظرين إليه أو خفاؤه عن من يقصده من الفاعلين» (16) .
4- قوله: «وَالَّذي نَفسِي بِيَدِهِ»: قال ابن الملقن : إنه قسم للتأكيد (17) ، وقال ابن العربي : «فإنّما هو ليتعلّم الخَلق التَّصرُّف في ذلك بذكر الله بجميع صفاته العُلَا، وأسمائه الحُسْنَى» (18) ، وقال الصنعاني : «فو الذي نفسي: أي: روحي، بيده: في قبضته، يقبضه متى شاء، ويرسله متى شاء، وكان هذا قسمه صلى الله عليه وسلم، والإقسام هنا ليس لرد إنكار المخاطب، بل لعظمة شأن الخبر، وتحقيق صدقه، وحقيقته ونشاط المخبر في إخباره، وأما إطلاق اليد على اللَّه، فهو إطلاق قرآني: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ (19) ونحوه» (20) .
5- قوله: «اللهم إني أعوذ بك»: التعويذ الدعاء إلى اللَّه بأن يجير ويحفظ، واللجوء إلى اللَّه، واللِّواذ به، والعَوْذ: الالتجاء، كالعياذ، والمعاذ، ...، ومعاذ اللَّه أي: أعوذ باللَّه معاذاً، وكذا: معاذة اللَّه» (21) ، وقال المناوي : «وذلك لأنه لا يدفع عنك إلا من ولي خلقك، فإذا تعوذت به أعاذك؛ لأنه لا يخيب من التجأ إليه، وقصر نظر قلبه عليه، وإنما أرشد إلى هذا التعوّذ لئلا يتساهل الإنسان في الركون إلى الأسباب، ويرتبك فيها حتى لا يرى التكوين والتدويم، إلا رؤية الإيمان بالغيب، فلا يزال يضيع الأمر ويهمله حتى تحل العقدة منه عقلة الإيمان، فيكفر وهو لا يشعر، فأرشده إلى الاستعاذة بربه؛ ليشرق نور اليقين على قلبه» (22) .
6- قوله: «أن أشرك بك»: أي: أجعل معك شريكًا في أي قول أو عمل، أو اعتماد، أو إرادة.
7- قوله: «وأنا أعلم»: أي: بما أفعله من هذا الجرم الكبير.
8- قوله: «وأستغفرك لما لا أعلم»: أي: إن كنت أفعل شيئًا وهو من الشرك الخفي وأنا لا أعلمه، فإني أطلب منك المغفرة، قال الصنعاني : وأستغفرك لما لا أعلم: فيه أنه يستغفر عن المعاصي التي لا يعلمها العبد، وأنه قد يؤخذ بما لا يعلمه لتفريطه في التحرز عنه» (16) .
9- قوله: «صغار الشرك وكباره»: قال الصنعاني : «صغار الشرك: أي: خفيه، وكباره: أي جليّه» (16) ، وقال المناوي : «قال الحكيم: صغار الشرك كقوله: ما شاء اللَّه وشئت، وكباره كالرياء» (23) .
10- قوله: «وَشَهِدَ بِهِ»: قال ابن منظور : «والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ مِنْهُ: شَهِدَ الرجلُ عَلَى كَذَا، وَرُبَّمَا قَالُوا شَهْدَ الرجلُ، بِسُكُونِ الْهَاءِ لِلتَّخْفِيفِ» (24) .

ما يستفاد من الحديث:

1- من كمال التوحيد الواجب الخوف من الشرك الأصغر؛ لأن من تجرأ على الوقوع فيه يخشى عليه أن يُجر إلى الشرك الأكبر، عياذًا باللَّه من ذلك.
2- خوف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من الوقوع في الشرك الأصغر.
3- الشرك الأصغر له صور أخرى، فمن ذلك الحلف بغير اللَّه، والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالكعبة، أو بالآباء والأمهات، ورحمة فلان، وشرف فلان، وغير ذلك من هذه الصور الشركية.
4- وجوب إفراد اللَّه تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة: القولية، والعملية، ونفي العبادة عن كل ما سواه؛ لقوله عز وجل: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ (25) ، وهذا هو توحيد الألوهية الذي ضده الشرك بقسميه الأكبر والأصغر، أما الشرك الأكبر فهو اتخاذ ند مع اللَّه يدعوه ويرجوه ويخافه وهذا لا يغفره اللَّه أبدًا لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (26) .
وأما الشــــرك الأصغر فضابطه أنه هو كل شرك لم يصل إلى حد الأكبر بمعنى أنه كل قول أو فعل يكون وسيلة إلى الشرك الأكبر عياذًا باللَّه من ذلك، والضابط لتعريف الشرك الأكبر: هو صرف نوع من أنواع العبادة لغير اللَّه، وأما الشرك الأصغر: فهو كل وسيلة: قولية، أو فعلية، أو إرادية توصل إلى الشرك الأكبر، والشرك الأكبر أيضاً: هو أن تجعل للَّه نداً وهو خلقك، والأصغر أيضاً هو كل ما أطلق عليه الشارع في النصوص الشرك، ولكن لم يصل إلى رتبة العبادة.
5- الصحابة رضي الله عنهم هم أكمل الأمة إيمانًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين اكتحلت عيونهم برؤيته، وبلغوا عنه الوحي بعد ما حفظوه، ورغم ذلك خاف عليهم من الشرك، فما بالك بمن دونهم بمسافات شاسعة، ولاسيما أن النصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرت بوقوع الشرك الأكبر في هذه الآية خاصة في آخر الزمان، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس، حول ذي الخلصة» (27) ، قال النووي: وهو بيت صنم ببلاد دوس.
6- قال المناوي : «ولذلك عجز عن الوقوف على غوائله أي: الشرك الخفي سماسرة العلماء، فضلاً عن عامة العباد، وهو من أواخر غوائل النفس، وبواطن مكايدها، وإنما يبتلى به العلماء والعبّاد المشمرون عن ساق الجد؛ لسلوك سبيل الآخرة؛ فإنهم مهما نهروا أنفسهم، وجاهدوها، وفطموها عن الشهوات، وصانوها عن الشبهات، وحملوها بالقهر على أصناف العبادات، عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة، الواقعة على الجوارح، فطلبت الاستراحة إلى الظاهر بالخير، وإظهار العمل والعلم، فوجدت مخلصاً من مشقة المجاهدة إلى لذة القبول عند الخلق، ونظرهم إليه بعين الوقار والتعظيم، فنازعت إلى إظهار الطاعة، وتوصلت إلى اطلاع الخلق، ولم تقنع باطلاع الخالق، وفرحت بحمد الناس، ولم تقنع بحمد اللَّه، وعلمت أنهم إذا عرفوا تركه للشهوات، وتوقيه للشبهات، وتحمله مشقات العبادات، أطلقوا ألسنتهم بالمدح والثناء، وبالغوا في الإعزاز، ونظروا إليه بعين الاحترام، وتبركوا بلقائه، ورغبوا في بركته ودعائه، وفاتحوه بالسلام والخدمة، وقدموه في المجالس والمحافل، وتصاغروا له، فأصابت النفس في ذلك لذة هي من أعظم اللذات، وشهوة هي أغلب الشهوات، فاستحقرت فيه ترك المعاصي والهفوات، واستلانت خشونة المواظبة على العبادات؛ لإدراكها في الباطن لذة اللذات، وشهوة الشهوات، فهو يظن أن حياته باللَّه وبعبادته المرضية، وإنما حياته لهذه الشهوة الخفية التي يعمى (28) عن دَرْكها إلا العقول النافذة القوية، ويرى أنه يخلص في طاعة رب العالمين، وقد أثبت اسمه في جريدة المنافقين» (23) .
7- من ثمرات الخوف من الشرك: 1- معرفته حتى لا يقع فيه.
2- الاستقامة على الطاعة والمجاهدة على الأخلاق الفاضلة.
3- كثرة الاستغفار.
4- العناية بما يكمل التوحيد.
5- الحذر من ذرائع الشرك ومواطنه ومخالطة أهله (29) .

1 الأدب المفرد للبخاري، برقم 716، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، برقم 716
2 نوادر الأصول في أحاديث الرسول، للحكيم الترمذي، 4/ 101، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3731، وصحيح الترغيب والترهيب، 1/19
3 أخرجه ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة، برقم 4204، قال البوصيري، 4/237: «هذا إسناد حسن»، محسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم 2607.
4 أخرجه أحمد، 17/ 354 ، برقم 11252، والحكيم الترمذي، 2/228، والحاكم وصححه، 4/365، وضعفه محققو المسند، 17/ 355، وحسنه الألباني في المشكاة، برقم 5333.
5 مسند أحمد، 9/ 275، برقم 5375، وضعفه محققو المسند، 9/ 276، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 6204.
6 الترمذي، كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في كراهية الحلف بغير اللَّه، برقم 1535، والحاكم، 1/65، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 6204.
7 مسند أحمد، 8/ 503، برقم 4904، ومصنف عبد الرزاق، 8/ 467، برقم 15926، والمستدرك، 1/ 52، وصححه، وقال محققو المسند: «رجاله ثقات»، والألباني في السلسلة الصحيحة، 5/ 69، برقم 2042.
8 أخرجه أبو داود، كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253، والبيهقي في السنن، 10/30، وصححه النووي في الأذكار، ص 457، وشعيب الأرناؤوط في تحقيق سنن أبي داود، 5/ 156، والألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 2954.
9 مسند أحمد، 3/ 339، برقم 1839، وصححه لغيره محققو المسند، المعجم الكبير، 12/ 244، برقم 13005، الأدب المفرد، ص 274، برقم 783، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص 137.
10 الأدب المفرد للبخاري، ص 274، برقم 783، والمعجم الكبير للطبراني، 12/ 244، برقم 13005، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص 137.
11 لسان العرب، 10/ 230، مادة (طلق).
12 فيض القدير شرح الجامع الصغير (4/ 228)
13 سورة غافر، الآيتان: 36- 37.
14 الجواب الكافي، ص 90.
15 الحكيم الترمذي، 4/105، وأخرجه الحاكم، 2/319، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3730.
16 التنوير شرح الجامع الصغير، 6/ 538.
17 انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح، 13/ 30.
18 المسالك في شرح موطأ مالك، 6/ 308.
19 سورة الفتح، الآية 10.
20 التنوير شرح الجامع الصغير، 1/ 342.
21 انظر: القاموس المحيط، ص: 428، مادة (عوذ)، وتقدم مستوفى في شرح المفردة رقم 1 من مفردات حديث المتن رقم 146.
22 فيض القدير شرح الجامع الصغير، 4/ 229.
23 فيض القدير شرح الجامع الصغير، 4/ 228.
24 لسان العرب، 3/ 239، مادة (شهد).
25 سورة النساء، الآية: 36.
26 سورة النساء، الآية: 116.
27 مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة، برقم 2906.
28 هكذا وجدته في الأصل، والمعنى واللَّه أعلم: أن العقول النافذة القوية لا تعمى عن درك هذه الشهوة الخفية .
29 انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد، شرح الشيخ/ عبد اللَّه القصير، ص 41.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب