من قالها غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر

حصن المسلم | فضل التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير | من قالها غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر

سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ (1).

‘Whoever says: Subhanal-lahi wabihamdih. (one hundred times daily) ‘How perfect Allah is and I praise Him.’ …a hundred times during the day, his sins are wiped away, even if they are like the foam of the sea.


(1) قال صلى الله عيه وسلم: \"من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطَّت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر\"، البخاري، 7/ 168، برقم 6405، ومسلم، 4/ 2071، برقم 2691، وانظر: فضل من قالها مائة مرة إذا أصبح وإذا أمسى.

شرح معنى من قالها غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

1030- لفظ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» (1).
1031- ولفظ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» (2).

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «سبحان اللَّه»: «التسبيح: التنزيه، والتقديس، والتبرئة من النقائص، ثم استعمل في مواضع تقرب منه اتساعاً ... ، فمعنى سبحان اللَّه: تنزيه اللَّه» (3).
2- قوله: «وبحمده»: أي: بتوفيقك، وإعانتك ياربي سبحتك، قال الإمام ابن القيم : نَزَّه اللَّه «عما يصفه به الواصفون، وسَلَّمَ على المرسلين لسلامة ما وصفوه به من كل نقص وعيب، وحمد نفسه» (4).
3- قوله:«لا إله إلا اللَّه»: قال العلامة ابن عثيمين : «يعني: لا معبود بحق إلا اللَّه ، وألوهية اللَّه فرع عن ربوبيته؛ لأن من تأله للَّه فقد أقر بالربوبية؛ إذ إن المعبود [بحق] لابد أن يكون رباً، ولا بد أن يكون كامل الصفات» (5).
4- قوله: «وحده لا شريك له»، قال المناوي: «لا إله منفرد إلا هو وحده، لا شريك له عقلاً ونقلاً» (6).
5- قَوْلُهُ: «لَهُ الْمُلْكُ»: تَخْصِيصٌ لَهُ بِالْمُلْكِ، وَالْحَمْدِ، ...؛ لِأَنَّهُ لَا مُلْكَ لِأَحَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا لَهُ» (7).
6- قوله: «وله الحمد»: أي: الحمد المطلق، ... وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه ما يسره قال: «الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات» (8)، وإذا أتاه ما لا يسره قال: «الحمد لله على كل حال».
7- قوله: «وهو على كل شيء قدير»: قال ابن جرير: «وهو على كل شيء ذو قدرة، لا يتعذّر عليه شيء أراده، من إحياء وإماتة، وإعزاز وإذلال، وغير ذلك من الأمور» (9).
8- قوله: «مائة مرة»: قال الإمام النووي : «مَنْ قَالَ هَذَا التَّهْلِيلَ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي يَوْمِهِ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً فِي مَجَالِسَ أَوْ بَعْضَهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا آخِرَهُ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَاتِيَ بِهَا مُتَوَالِيَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لِيَكُونَ حِرْزًا لَهُ فِي جَمِيعِ نَهَارِه» (10).. 9- قوله: «عدل رقبة»: قال ابن الأثير : « العِدْل والعَدْل ... بِمَعْنَى المِثْل، وَقِيلَ: هُوَ بِالْفَتْحِ مَا عَادَلَه مِنْ جنْسِه، وَبِالْكَسْرِ مَا لَيْسَ مِنْ جنْسِه.
وَقِيلَ بِالْعَكْسِ
» (11)، وقال ابن الملقن : «أي: مثل أجرها» (12).
10- قوله: «حرز من الشيطان»: قال ابن الأثير : « يُقَالُ: أَحْرَزْتُ الشيءَ أُحْرِزُهُ إِحْرَازاً إِذَا حَفظْتَه وضَمَمْته إِلَيْكَ وصُنْتَه عَنِ الأخْذ» (13)، وقال ابن منظور : «وَيُسَمَّى التّعْويذُ حِرْزاً.
واحْتَرَزْتُ مِنْ كَذَا وتَحَرَّزْتُ أَي: تَوَقَّيْتهُ
» (14)، وأما الشيطان: فهو من الشطن: البعد، أي: بَعُد عن الخير ... كأنه طال في الشر» (15)، وقال ابن علان : «الشيطان: العاتي المتمرّد، من شاط احترق، أو من شطن بعد» (16).
11- قوله: «لم يأتِ أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به»: قال المباركفوري : «قال القاري: أي: فيهما، بأن يَأْتِيَ بِبَعْضِهَا فِي هَذَا، أَوْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ، أَيِ: الْقَائِلُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمِائَةِ الْمَذْكُورَةِ، ...» (17).
12- قوله: «إلا أحد قال مثل ما قال»: قال المباركفوري: «إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ ... وَالتَّقْدِيرُ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رَجُلٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَهُ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمُسَاوَاتِهِ، أو التَقْدِيرِ: لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ، أَوْ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ... إِلَخْ» (17).
13- قوله: «زاد عليه»: قال القاضي عياش : «جائز أن يزاد على هذا العدد فيكون لقائله من الفضل بحسابه ، لئلا يظن أنها من الحدود التي نهى عن اعتدائها ، وأنه لا فضل في الزيادة عليها كالزيادة على ركعات السنن المحدودة أو أعداد الطهارة» (18).
14- قوله: «حطت خطاياه»: قال ابن قرقول : « أسقطت وأزيلت؛ لأنه كان حاملاً لها، فحط حملها كما يحط حمل الدابة» (19).
15- قوله: «مثل زبد البحر»: أي: كرغوة البحر، والزبد هو: وصر غليان الماء أو جريانه في الأنهار، قال اللَّه تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾ (20).
والمعنى: أن اللَّه يغفرها وإن كانت كثيرة فلا حرج على فضله (21)، وقال ابن قرقول : «وزَبَدُ البَحْر: رغوة مائه عند تموجه، واضطرابه» (22)، وقال الباجي : « يُرِيدُ فِي كَثْرَتِهَا فَإِنَّ مَا قَالَهُ يَعْدِلُ ذَلِكَ» (23)، وقال الحافظ ابن حجر : «يَعْنِي: لِأَنَّ عَدَدَ زَبَدِ الْبَحْرِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ الْمِائَةِ» (24).
16- قوله: «كتب له مائة حسنة»: أي: في صحيفة حسناته التي يلقى اللَّه بها يوم القيامة، قال القاري : في معنى كتب: «أُثْبِتَ أَجْرَهُ فِي صَحِيفَةِ عَمَلِهِ إِثْبَاتًا» (25).
17- قوله: «محيت عنه مائة سيئة»: قال الفيومي : «مَحَوْتُهُ مَحْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَمَحَيْتُهُ مَحْيًا بِالْيَاءِ مِنْ بَابِ نَفَعَ لُغَةٌ: أَزَلْتُهُ، وَانْمَحَى الشَّيْءُ ذَهَبَ أَثَرُهُ» (26).

ما يستفاد من الحديث:

1- قال ابن رجب : «في أكثر الأحاديث قرن مع التسبيح حمد اللَّه تعالى؛ وذلك لأن التسبيح هو تنزيه اللَّه عن النقائص والعيوب، والتحميد فيه إثبات المحامد كلها لله عز وجل، والإثبات أكمل من السلب، ولهذا لم يرد التسبيح مجردًا، لكن ورد مقرونًا بما يدل على إثبات الكمال، فتارة يقرن بالحمد كما في هذا الحديث وتارة باسم من الأسماء الدالة على العظمة والجلال، كقول: «سبحان اللَّه العظيم، سبحان ربي الأعلى» (27).
2- التنزيه لا يكون مدحًا إلا إذا تضمن معنى ثبوتيًا، ولهذا عندما نزه اللَّه تبارك وتعالى نفسه عما لا يليق به مما وصفه به أعداء الرسل، سلم على المرسلين الذين يثبتون لله صفات كماله ونعوت جلاله على الوجه اللائق به، وذلك في قوله عز وجل: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (28) فجمع اللَّه عز وجل بين التنزيه عن العيوب بالتسبيح وإثبات الكمال بالحمد (29).
3- قال السيوطي : «مثل زبد البحر قيل ظاهره أن التسبيح أفضل؛ لأن في التهليل ومحيت عنه مائة سيئة، وقد قال في التهليل: ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، وأجاب القاضي بأن التهليل أفضل، ويكون ما فيه من زيادة الحسنات، ومحو السيئات، وما فيه من فضل عتق الرقاب، وكونه حرزاً من الشيطان، زائداً على ما في التسبيح من تكفير الخطايا» (30).
4- عظيم الأجر والثواب يحصل بكلمات يسيرة على من يسَّرها اللَّه عليه، وهذا من فضل اللَّه على عباده المؤمنين.

1 البخاري، برقم 6405
2 مسلم، برقم 2691
3 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 330، مادة (سبح)
4 جلاء الأفهام لابن القيم، ص: 170.
5 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 60
6 فيض القدير، 5/ 200
7 المنتقى، شرح الموطأ للباجي، 3 / 77
8 سنن ابن ماجه، كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، برقم 3803، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 265
9 تفسير الطبري، 23/ 165
10 شرح النووي على صحيح مسلم، 1/ 52.
11 النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 191، مادة (عدل).
12 التوضيح لشرح الجامع الصحيح، 29/ 362
13 النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 366.
14 لسان العرب، 5/ 333، مادة (حرز).
15 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 474، مادة (شطن).
16 دليل الفالحين، 1/ 232
17 تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، 9/ 308
18 إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للقاضي عياض، 8/ 93.
19 مطالع الأنوار على صحاح الآثار، 2/ 272.
20 سورة الرعد، الآية: 17، وانظر تفسير الجزائري، ص 827.
21 انظر شرح الحديث تامًّا في حديث المتن رقم (91) من هذا الكتاب.
22 مطالع الأنوار على صحاح الآثار، 3/ 222.
23 المنتقى شرح الموطأ، 1/ 355.
24 فتح الباري لابن حجر، 11/ 206.
25 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 330
26 المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، 2/ 565، مادة (محا).
27 جامع العلوم والحكم، ص 204.
28 سورة الصافات، الآيات: 180 - 182.
29 انظر: فقه الأدعية والأذكار، 1/ 198.
30 الديباج على مسلم، 6/ 54.

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, August 28, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب