ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه

حصن المسلم | دعاء الرفع من الركوع | ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه

رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ (1).

Rabbana walakal-hamdu hamdan katheeran tayyiban mubarakan feeh.
‘Our Lord, for You is all praise, an abundant beautiful blessed praise.


(1) البخاري مع الفتح، 2/ 284، برقم 796.

شرح معنى ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

149- عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ رضي الله عنه (1) ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «مَنِ المُتَكَلِّمُ» قَالَ: أَنَا، قَالَ: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ»، هذا لفظ البخاري (2) .
150- وفي لفظ آخر للبخاري: عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: «رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ: «وَلَكَ الحَمْدُ»، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الجُلُوسِ» (3) .
151- وفي لفظ للبخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ»، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» (4) .
152- وفي لفظ لمسلم: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَقَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ.
فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا، فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ
» (5) .
153- وفي لفظ آخر لمسلم، عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» (6) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «ربنا ولك الحمد»، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بإثبات الواو وبحذفها، وكلاهما جاءت به روايات كثيرة، والمختار أنه على وجه الجواز، وأن الأمرين جائزان ولا ترجيح لأحدهما على الآخر (7) ، وقال ابن الأثير : «في أسماء اللَّه تعالى: الحميد، أي: المحمود على كل حال... والحمد والشكر متقاربان، والحمد أعمّها؛ لأنك تحمد الإنسان على صفاته الذاتية، وعلى عطائه، ولا تشكره على صفاته، ... والحمد رأس الشكر، ما شكر اللَّهَ عبدٌ لا يحمده، كما أن كلمة الإخلاص رأس الإيمان، وإنما كان رأس الشكر لأن فيه إظهار النعمة، والإشادة بها؛ ولأنه أعمّ منه، فهو شكر وزيادة» (8) .
2- قوله: «حمداً كثيرًا»: أي لا حصر له ولا عدد؛ لأن اللَّه هو المستحق للمحامد كلها، وقال القاري : «أي: يترادف مَدَده، ولا تنتهي مُدَده» (9) .
3- قوله: «طيبًا»: أي: حمدًا لا نقص فيه ولا عيب؛ لأن اللَّه طيب في: أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وقال العيني : «ومعنى طيباً: خالصاً، صالحاً، أو نظيفا من الرياء» (10) .
4- قوله: «مباركًا فيه»: أي: دائمًا متواصلًا؛ لأن كل خير في الدارين هو من آثار بركته، وقال العظيم أبادي : «مُبَارَكًا: بفتح الراء: هو وما قبله صفات لـ(حمداً) مقدراً (فِيهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْحَمْدِ، أَيْ حَمْدًا ذَا بَرَكَةٍ، دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ نِعَمَهُ لَا تَنْقَطِعُ عَنَّا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَمْدُنَا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ أَيْضًا، وَلَوْ نِيَّةً وَاعْتِقَادًا» (11) .
5- قوله: «بضعة وثلاثين »: البضع: ما بين الثلاث إلى التسع، في الأشهر، وقال أبو عبيدة: ما بين الثلاث إلى الخمس، وقيل غير ذلك (12) ، قوله بضعة وثلاثين: فيه رد على من زعم كالجوهري أن البضع يختص بما دون العشرين (13) .
6- قوله: «يبتدرونها أيهم يكتبها»: أَيّهم يَرفَعها (14) ، يعني يسبق بعضهم بعضاً في كَتْب هذه الكلمات، ورفْعِها إلى اللَّه تعالى؛ لعظمها، وعِظم قدرها (أيهم يرفعها) مبتدأ وخبر، والجملة في موضع النصب، أي يبتدرونها، ويستعجلون أيهم يرفعها (15) .
7- قوله: «جُحِشَ»: هُوَ بِجِيمٍ مَضْمُومَة ثُمَّ حَاء مُهْمَلَة مَكْسُورَة أَيْ خُدِشَ (16) .
8- قوله: «يعُودُه»: أي: يزُورُه، وكلُّ مَن أتاك مرًّة بعد أُخْرى فهو عائِدٌ، وإن اشْتَهر ذلك في عيِاَدة المريض، حتى صار كأنَّه مُخْتَصٌّ به، وقد تكررت الأحاديث في عِيادة المريض (17) .

ما يستفاد من الحديث:

1- على المأموم أن يبادر إلى قول: «ربنا ولك الحمد» عقب تسميع الإمام؛ لقوله: «فقال رجل وراءه».
والفاء للتعقيب.
2- مسابقة الملائكة ومنافستهم في الخير، ومحبتهم لأهله.
3- كتابة بعض الملائكة للطاعات، وإن كانوا غير الملائكة الحفظة، ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قومًا يذكرون اللَّه تنادوا هلموا إلى حاجتكم...» الحديث (18) .
4- خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم برؤيته لهؤلاء الملائكة دون من معه من الصحابة.
5- إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لقول هذا الرجل، وجعله من أذكار الرفع من الركوع هو أمر خاص بزمنه؛ لأن الوحي قد انقطع بعد موته بعد ما أتم اللَّه به الشرع وأكمله.
6- الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر بعد الرفع من الركوع أربع صفات، وهي على النحو الآتي: أ – ربنا ولك الحمد (19) .
ب – ربنا لك الحمد (20) .
جـ - اللَّهم ربنا لك الحمد (21) .
د – اللَّهم ربنا ولك الحمد (22) .
قال الشيخ ابن عثيمين : وكل واحدة من هذه الصفات مجزئة، ولكن الأفضل أن يقول هذا أحيانًا، وهذا أحيانًا (23) .
7- قال الحافظ في الفتح: قال ابن بشكوال: هذا الرجل هو رفاعة بن رافع راوي الخبر، وإنما كنى عن نفسه بقصد إخفاء عمله، وكان ذلك في صلاة المغرب (24) .
8- قال الحافظ: قيل الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور، فإن البضع من الثلاث إلى التسع، وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفًا، ويُعَكِّر عَلَى هَذا الزِّيادَة المُتَقَدِّمَة فِي رِوايَة رِفاعَة بن يَحيَى، وهِيَ قَولُهُ: «مُبارَكًا عَلَيهِ كَما يُحِبّ رَبّنا ويَرضَى»، بِناء عَلَى أَنَّ القِصَّة واحِدَة، ويُمكِن أَن يُقال: المُتَبادَر إِلَيهِ هُو الثَّناء الزّائِد عَلَى المُعتاد، وهُو مِن قَوله: «حَمدًا كَثِيرًا »... إِلَخ، دُون قَوله: «مُبارَكًا عَلَيهِ»؛ فَإِنَّهُ كَما تَقَدَّمَ لِلتَّأكِيدِ، وعَدَد ذَلِكَ سَبعَة وثَلاثُونَ حَرفًا (24) .

1 رفاعة بن رافع الزرقي؛ أبو معاذ: شهد بدرًا مع النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبوه، وكان أبوه نقيبًا. روي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرون حديثًا، روى له البخاري ثلاثة أحاديث، وروى له الجماعة إلا مسلم، مات في أول خلافة معاوية رضي الله عنه. انظر الاستيعاب، 2/776، والإصابة، 2/2666
2 البخاري، برقم 799
3 البخاري، برقم 789
4 البخاري، برقم 795
5 مسلم، برقم 411
6 مسلم، برقم 86-(414)
7 شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 121
8 النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 435، مادة (حمد)
9 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 3/ 342
10 شرح أبي داود للعيني، 3/ 369
11 عون المعبود وحاشية ابن القيم، 10/ 235
12 فتح الباري، لابن رجب، 5/ 80
13 فتح الباري، لابن حجر، 2/ 286
14 فتح الباري لابن حجر، 10/ 600
15 عون المعبود، 2/ 332
16 شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 132
17 النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 316، مادة (عود)
18 البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل ذكر اللَّه عز وجل، برقم 6408
19 البخاري، كتاب الأذان، باب حدثنا معاذ بن فضالة، برقم 799، ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم 411.
20 البخاري، كتاب الأذان، باب التكبير إذا قام من السجود، برقم 789
21 البخاري، كتاب الأذان، باب فضل اللهم ربنا ولك الحمد، برقم 796، ومسلم، كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، برقم 409
22 البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع، برقم 795
23 انظر: الشرح الممتع، 3/ 98
24 انظر: فتح الباري، 2/ 287


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب