حكم التكبير عند الحجر الأسود

حصن المسلم | التكبير إذا أتى الحجر الأسود | حكم التكبير عند الحجر الأسود

اللَّهُ أَكْبَرُ (1).

‘The Prophet (Peace Be Upon Him) circled the KaAAbah on a camel, every time he reached the black stone he would point to it with his staff and say: Allahu akbar ‘Allah is the greatest


(1) البخاري مع الفتح، 3/ 476، برقم 1613، والمراد بالشيء: المحجن. انظر: البخاري مع الفتح، 3/472 .

شرح معنى حكم التكبير عند الحجر الأسود

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

917- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قَالَ: «طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ، وَكَبَّرَ» (1) .
918- وفي رواية أخرى للبخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ» (2) .
919- وفي رواية لمسلم عن أبي الطُّفَيْلِ رضي الله عنه، قَال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ» (3) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم»: أي: سبعة أشواط حول الكعبة وكان ذلك في حجة الوداع، قال ابن الأثير : «الطَّوَاف بِالْبَيْتِ»: وَهُوَ الدَّوَرَانُ حَوْلَهُ، تَقُولُ: طُفْتُ أَطُوفُ طَوْفا وطَوَافا، والجمعُ الأَطْوَاف» (4) .
2- قوله: «بالبيت»: أي: بالكعبة؛ لقوله عز وجل: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ (5) .
3- قوله: «على بعير»: هي ناقته القصواء كما قال جابر رضي الله عنه (6) ، قال الرافعي :«بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا، وأن الطواف راكبًا جائز، وإن كان الأفضل أن يطوف ماشيًا، بل أطلق الشافعي في (الأم) القول بكراهة الطواف راكبًا من غير عذر» (7) .
4- قوله: «كلما أتى الركن»: أي: الركن اليماني الذي فيه الحجر الأسود، وليس الأسعد؛ لأن هذا من الغلو، قال الأزهري : «استلام الركن باليد، وإنما يستلم اليماني، ولا يقبله» (8) .
5- قوله: «أشار إليه»: قال الشربيني الخطيب : «وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يُشِيرَ إلَى الْقِبْلَةِ بِالْفَمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ بِمَا فِيهَا، مَعَ أَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِلَامَ، وَالْإِشَارَةَ إنَّمَا يَكُونَانِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى» (9) ، وقال الدميري : «والمراد: اليد اليمنى، فإن قام بها مانع كقطع .. فالظاهر أنه لا يشير باليسرى كما تقدم في التشهد، ولا يشير إلى القبلة بالفم؛ لأنه لم ينقل» (10) .
6- قوله: «بشيء عنده»: هو «المحجن» (11) ، وهو عصا منحنية الرأس، قال ابن الأثير : «وقوله: بشيء عنده: يريد بشيء كان معه على البعير وهو راكب» (12) .
7- قوله: «وكبر»: أي: قال اللَّه أكبر، قال ابن الأثير : «وقوله: «وكبر» يريد قوله: اللَّه أكبر، فإن التكبير مستحب عند الابتداء» (12) .

ما يستفاد من الحديث:

1- مشروعية التكبير عند بداية الطواف بالبيت، ومحله عند محاذاة الحجر الأسود، وتكرير ذلك عند بداية كل شوط من الأشواط السبعة.
2- من استطاع استلام الحجر الأسود فليفعل، وليقبله؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ ومن لم يستطع استلمه بيده، وقبل يده، ومن لم يتيسر له ذلك استلمه بشيء، وقبَّل ذلك الشيء «محجن أو غيره»؛ فإن عجز عن ذلك، أشار إليه بيمناه مكبرًا، ولا يقبل يده بعد الإشارة بها؛ لعدم وجود الدليل على ذلك، وتكون الإشارة باليد اليمنى فقط، وليس كهيئة المصلي.
3- وجوب اعتقاد أن تقبيل الحجر أمر تعبدي محض؛ لقول عمر رضي الله عنه: «لولا أني رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك» (13) ، وفي رواية: «وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَأَنَّكَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ» (14) .
4- كان طواف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على البعير؛ لحكمة بينها جابر رضي الله عنه من قوله: لأن يراه الناس، وليسألوه، يقول جابر رضي الله عنه: فإن الناس غشوه (15) ، أي: ازدحموا عليه ليسألوه صلى الله عليه وسلم، ويفهم من هذا أن الأصل هو الطواف ماشيًا إلا لعلة من مرض أو نحوه؛ لقول أم سلمة لشكوت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال: «طوفي من وراء البيت وأنت راكبة» (16) ، أما من قال: إن طوافه صلى الله عليه وسلم على راحلته كان لمرض، فيحتاج إلى دليل (17) .
5- ذكر النووي : أن للبيت أربعة أركان: الركن الأسود، والركن اليماني، ويقال لهما اليمانيان على سبيل التغليب، كما يقال للشمس والقمر القمران، وأما الركنان الآخران فيقال لهما: الشاميان، فالركن الأسود فيه فضيلتان: إحداهما كونه على قواعد إبراهيم، والثانية: كونه فيه الحجر الأسود، وأما اليماني ففيه فضيلة واحدة، وهي كونه على قواعد إبراهيم، وأما الركنان الآخران، فليس فيهما شيء من هاتين الفضيلتين، فلهذا خص الحجر الأسود بشيئين: الاستلام، والتقبيل، واليماني يُستلم ولا يُقبل، فله فضيلة واحدة، وأما الركنان الآخران فلا يقبلان، ولا يستلمان (18) .
6- صح في فضل الحجر الأسود أحاديث، منها: أ – قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليأتين هذا الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما ولسان ينطق به ويشهد على من يستلمه بحق» (19) .
ب – قوله صلى الله عليه وسلم: «نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم» (20) .
7- وقد تعرض الحجر للقلع من مكانه مرة واحدة عام 317 هـ على أيدي القرامطة – إحدى فرق الباطنية – وقتلوا جمعًا غفيرًا من الحجيج ورموهم في بئر زمزم وقد حذر منهم – قبحهم اللَّه – شيخ الإسلام ابن تيمية وبين فساد معتقداتهم (21) .
8- قال ابن الملقن : «وقال ابن بطال: التكبير عند الركن دون استلام لا يُفعل اختيارًا، وإنما يفعل؛ لعذر مرض أو زحام الناس عند الحجر» (22) .
9- قال ابن بطال : «واختلفوا في الطواف راكبًا أو محمولاً، فقال الشافعي : لا أحب لمن أطاق الطواف ماشيًا أن يركب، فإن طاف راكبًا أو محمولاً من عذر أو غيره، فلا دم عليه، واحتج بحديث ابن عباس هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على راحلته، وبما رواه ابن جريج عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع بالبيت، وبين الصفا والمروة على راحلته؛ ليراه الناس، وليشرف لهم وليسألوه؛ لأن الناس غَشَوْهُ» (23) ، وذهب مالك والليث وأبو حنيفة إلى أن من طاف بالبيت راكبًا أو محمولا فإن كان من عذر أجزأه ، وإن كان من غير عذر فعليه أن يعيد إن كان بمكة ، وإن رجع إلى بلاده فعليه دم» (24) .

1 البخاري، برقم 1613
2 البخاري، برقم 1607
3 مسلم، كتاب الحج، باب جواز الطواف على بعير وغيره، واستلام الحجر بمحجن ونحوه للراكب، برقم 1607
4 النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 143
5 سورة البقرة، الآية: 125
6 مسلم، برقم 1218
7 شرح مسند الشافعي، 2/ 335
8 الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، ص 120
9 غني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، 1/ 488
10 النجم الوهاج في شرح المنهاج، 3/ 484
11 البخاري، كتاب الحج، باب استلام الركن بالمحجن، برقم 1607
12 الشافي في شرح مسند الشافعي، 3/ 488
13 البخاري، كتاب الحج، باب تقبيل الحجر، برقم 1610
14 مسلم، كتاب الحج، باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف، برقم 1270
15 مسلم، كتاب الحج، باب جواز الطواف على بعير وغيره، واستلام الحجر بمحجن ونحوه للراكب، برقم 1273
16 البخاري، كتاب الحج، باب المريض يطوف راكباً، برقم 1633
17 أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب الطواف الواجب، برقم 1881، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، برقم 327، وصححه لغيره الأرناؤوط في تحقيق سنن أبي داود، 3/ 266، والحافظ ابن حجر في فتح الباري حيث استشهد به، 1/ 557
18 انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 9/ 77
19 مسند أحمد، 4/ 91، برقم 2215، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب استلام الحجر، برقم 2944، والترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في الكلام في الطواف، برقم 961، وصححه محققو المسند، والألباني في تخريج المشكاة، برقم 2578
20 الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام، برقم 877، والضياء المقدسي في المختارة، 10/ 261، وفي الأحاديث المختارة للمقدسي، 10/ 262: بلفظ: «أشد بياضًا من الثلج»، وصححه المقدسي، والألباني في صحيح الجامع، برقم 2577، ورقم 6756
21 انظر: مجموع الفتاوى، 35/ 149
22 التوضيح لشرح الجامع الصحيح، 11/ 392
23 مسلم، برقم 1273
24 شرح صحيح البخاري، لابن بطال، 4/ 293


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب