إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم

حصن المسلم | كيف يرد السلام على الكافر إذا سلم | إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم

إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ (1).

When the people of the Book greet you, reply by saying: WaAAalaykum.
‘And upon you.


(1) البخاري مع الفتح، 11/ 42، برقم 6258، ومسلم، 4/ 1705، برقم 2163.

شرح معنى إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

887- لفظ البخاري عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ» (1) .
888- ولفظ البزار عَن أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ, فَمَرَّ يَهُودِيٌّ, فَسَلَّمَ عَلَيْهِ, فَرَدَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا قَالَ؟ قَالُوا: نَعَمْ, سَلَّمَ, قَالَ: فَإِنَّهُ قَالَ: السَّامُ عَلَيْكُمْ, أَيْ تسامونَ دِينَكُمْ, رُدُّوهُ عَلَيْهِ, قَالُوا: كَيْفَ؟ قَالَ: قُولُوا: السَّامُ عَلَيْكَ, فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: عَلَيْكُمْ - أَيْ: عَلَيْكُمْ مَا قُلْتُمْ» (2) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «إذا سلم عليكم»: قال ابن منظور : «السَّلامُ: التَّحِيَّةُ ... قُلِ السَّلامُ عَلَيْكَ، فإِن عَلَيْكَ السَّلامُ تحيَّة المَوْتَى... والتَّسْلِيمُ: مُشْتَقٌّ مِنَ السَّلام اسْمِ اللَّه تَعَالَى؛ لِسَلَامَتِهِ مِنَ الْعَيْبِ وَالنَّقْصِ ...وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلامِ عليكَ، إِذ كَانَ اسْمُ اللَّه تَعَالَى يُذْكَرُ عَلَى الأَعمال تَوَقُّعاً لِاجْتِمَاعِ مَعَانِي الْخَيِّرَاتِ فِيهِ، وَانْتِفَاءِ عَوارض الْفَسَادِ عَنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَلِمْتَ مِنِّي، فَاجْعَلْنِي أَسْلَمُ مِنْكَ، مِنَ السَّلامة بِمَعْنَى السَّلام» (3) .
2- قوله: «أهل الكتاب»: اليهود والنصارى، قال ابن علان : «هو شامل للذمي والحربي» (4) .
3- قوله: «فقولوا»: قال ابن علان : «فقولوا: وجوباً، قاله المصنف وحكى قولاً بعدم الوجوب وضعفه» (4) .
4- قوله: «وعليكم»: أي: وعليكم مثل ما قلتم، قال ابن الأثير : «يَعْنِي الَّذِي يَقُولُونَهُ لَكُمْ رُدُّوه عَلَيْهِمْ» (5) ، وقال العلامة ابن عثيمين : «يعني لا تقولوا وعليكم السلام» (6) ، وقال الطيبي : «جاءت الأحاديث التي ذكرها مسلم «عليكم، وعليكم» بإثبات الواو وحذفها، وأكثر الروايات: «وعليكم» بإثباتها، وعلى هذا ففي معناه وجهان: أحدهما: أنه على ظاهره، فقالوا: عليكم الموت، فقال: وعليكم أيضاً، أي: نحن وأنتم فيه سواء، كلنا نموت.
والثاني: أن الواو هنا للاستئناف، لا للعطف والتشريك، وتقديره: وعليكم ما تستحقونه من الذم، قال القاضي عياض: اختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي حذف الواو، لئلا تقتضي التشريك، وقال غيره بإثباتها، كما هي في الروايات، وقال بعضهم: يقول: وعليكم السِّلام- بكسر السين- أي الحجارة، وهذا ضعيف، قال الخطابي: حذف الواو هو الصواب؛ لأنه صار كلامهم بعينه مردوداً عليهم خاصة، وإذا أثبت الواو اقتضى المشاركة معهم فيما قالوه، قال الشيخ محيى الدين النووي: والصواب أن إثبات الواو وحذفها جائزان، كما صرحت به الروايات، وإثباتها أجود، ولا مفسدة فيه؛ لأن السام الموت، وهو علينا وعليهم، فلا ضرر فيه، إثبات الواو في الرد عليكم إنما يحمل على معنى الدعاء لهم بالإسلام، إذا لم يعلم منه تعريض بالدعاء علينا، وأما إذا عُلم ذلك، فالوجه فيه أن يكون التقدير: وأقول عليكم ما تستحقونه» (7) .
5- قوله: «السام»: قال ابن الأثير : «السَّام: الموت» (8) ، وقال ابن الجوزي : « يعنون بالسام الْمَوْت، فَلم يصلح أَن يُقَال لَهُم فِي جَوَاب هَذَا: وَعَلَيْكُم السَّلَام، وَلم يحسن فِي بَاب حسن الْخلق أَن يُقَال: وَعَلَيْكُم السام، لأَنهم كَانُوا يمجمجون الْكَلَام بِهِ فَلَا يبين لكل أحد، فَلَا يصلح أَن يُقَابل الممجمج بالمصرح، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَعَلَيْكُم، أَي مَا قُلْتُمْ» (9) .

ما يستفاد من الحديث:

1- تحريم ابتداء الكافر بالسلام؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
2- إذا سلم الكافر فيكون الرد بلفظ «وعليكم» والحكمة من هذا أن اليهود كانوا إذا مروا على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: السام عليكم أي: الهلاك والموت فكان الجزاء من جنس العمل فرد عليهم دعوتهم.
3- بيان أن اليهود أهل مكر، وخيانة، وغدر، وحسد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين» (10) .
4- يجوز إلقاء السلام في مجلس فيه أخلاط من المسلمين وأهل الكتاب والمشركين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهب لعيادة سعد بن عبادة رضي الله عنه، وكان راكبًا على حمار، مردفًا أسامة بن زيد وراءه – مرّ على مجلس فيه عبد اللَّه بن أبي ابن سلول، وكان في المجلس أخلاط من المسلمين، والمشركين، وعبدة الأوثان فسلم عليهم (11) ، وكذلك إذا كتب المسلم إلى غير المسلمين كتابًا؛ فإنه لا يبدؤهم بالسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل: «من محمد رسول اللَّه إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى» (12) .
5- من سلم على أخيه في خطاب أو رسالة، فعليه أن يرد السلام كتابة؛ لقول ابن عباس ب: «إني لأرى لجواب الكتاب حقًّا كرد السلام» (13) .
ويلحق بهذا الرسائل القصيرة عبر الهاتف.
6- قال ابن عثيمين : أما الإشارة باليد فقط، فقد نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم (14) ، أما الجمع بين التحية والإشارة، فلا بأس، خصوصًا إذا كان الإنسان بعيدًا، أو كان أصم لا يسمع، وأما ما يفعله بعض الناس، وهو راكب لسيارته من ضرب البوق، فهذا لا يكون سلامًا، وليس من السنة؛ لأنه جعله بدل السلام (15) .
7- قال ابن الملقن : «وقد اختلف العلماء في رد السلام على أهل الذمة، فقيل: فرض، وهذا تأويل قوله: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ) (16) الآية، قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: هي عامة في الرد على المؤمنين والكفار، قال: وقوله: (أَوْ رُدُّوهَا) بقول: وعليكم للكفار» (17) .

1 البخاري، برقم 6258، ومسلم، برقم 2163
2 مسند البزار، برقم 7097، وقواه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 11/ 43، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن. قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 8/ 42: «رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ»، وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، 3/ 1186: «قال في آخره: عليكم، أي: عليكم ما قلتم» هكذا في نفس الحديث، ويغلب على الظن أن التفسير مدرج في الخبر من بعض رواته؛ لكن الإدراج لا يثبت بالاحتمال»، ولذلك قال الحافظ ابن حجر فتح الباري، 11/ 43: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: عَلَيْكُمْ مَا قُلْتُمْ» لَفْظُ الْبَزَّارِ».
3 لسان العرب، 12/ 289، مادة (سلم)
4 دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، 6/ 346
5 النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 426، مادة (سوم)
6 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 844.
7 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 10/ 3040
8 جامع الأصول، 6/ 610
9 كشف المشكل من حديث الصحيحين، 3/ 196
10 ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب الجهر بآمين، برقم 856، والأدب المفرد، للبخاري، ص 342، برقم 988، وصححه الألباني في الأدب المفرد، برقم 988
11 البخاري، كتاب الأدب، باب كنية المشرك، برقم 6207
12 البخاري، كتاب بدء الوحي، باب حدثنا أبو اليمان، برقم 7
13 الأدب المفرد، للبخاري، ص 382، برقم 1117، ومسند الشهاب رواه مرفوعاً، 2/ 119، برقم 1010، «وقال ابن تيمية: المحفوظ وقفه» كما التنوير شرح الجامع الصغير، للصنعاني، 4/ 77، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد، برقم 1117
14 انظر: صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة، والنهي عن الإشارة باليد، ورفعها عند السلام، وإتمام الصفوف الأُوَل،والتراصّ فيها، والأمر بالاجتماع، برقم 431.
15 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 855
16 سورة النساء، الآية: 86
17 التوضيح لشرح الجامع الصحيح، 29/ 89


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, August 28, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب