غطوا الإناء وأوكوا السقاء وأغلقوا الباب وأطفئوا السراج

حصن المسلم | من أنواع الخير والآداب الجامعة | غطوا الإناء وأوكوا السقاء وأغلقوا الباب وأطفئوا السراج

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ؛ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ (1).

‘When night falls (i.e. Al-Maghrib), restrain your children (from going out) because at such time the devils spread about. After a period of time has passed, let them be. Shut your doors and mention Allah’s name, for verily the devil does not open a shut door, tie up your water-skins and mention Allah’s name, cover your vessels with anything and mention Allah’s name and put out your lamps.


(1) البخاري مع الفتح، 10/ 88، برقم 5623، ومسلم، 3/ 1595، برقم 2012.

شرح معنى غطوا الإناء وأوكوا السقاء وأغلقوا الباب وأطفئوا السراج

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

1075- لفظ البخاري عَنْ جَابِرٍرضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِذَا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ، أَوْ قَالَ: جُنْحُ اللَّيْلِ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا» (1).
1076- ولفظ البخاري ومسلم عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ب، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ» (2).
1077- ولفظ مسلم عَنْ جَابِرٍ ب، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ»، وَلَمْ يَذْكُرْ قُتَيْبَةُ فِي حَدِيثِهِ وَأَغْلِقُوا الْبَابَ» (3).
1078- وفي لفظ لمسلم عَنْ جَابِرٍ ب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ، وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْبَعِثُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ» (4).
1079- وفي لفظ آخر لمسلم أيضاً عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ب، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ» (5).
1080- وفي لفظ آخر لمسلم أيضاً، عن جابر رضي الله عنه قَالَ: «فَإِنَّ فِي السَّنَةِ يَوْمًا يَنْزِلُ فِيهِ وَبَاءٌ»، وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ اللَّيْثُ: فَالْأَعَاجِمُ عِنْدَنَا يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِي كَانُونَ الْأَوَّلِ» (5).
1081- وعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ اللَّيْلِ فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ» (6).

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «جنح الليل، أجنح الليل، استجنح الليل»: أي: أقبل مجيء ظلام الليل، وأصل الجنوح الميل، قال ابن الأثير : «جُنْحُ الليل: إقبال ظلامه، وكذلك جنوحه، وجنح واستجنح: إذا أقبل، وقيل: إذا اشتدت ظلمته» (7)، وقال القاضي عياض : « إذا أجنح الليل: أي: أقبل ظلامه، وأصل الجنوح: الميل، والجنح والجُنح الظلام، بالضم والكسر» (8)، وقال الطيبي : «وجنح الليل – بالفتح، والكسر-: طائفة من الليل، وأراد به هنا الطائفة الأولى منه عند امتداد فحمة العشاء» (9)، وقريب منه قال ابن الجوزي : «جنح اللَّيْل، وجنحه - بِالضَّمِّ وَالْكَسْر-: طَائِفَة مِنْهُ، واستجنح من ذَلِك، وَالْمعْنَى: اشتدت ظلمته» (10).
2- قوله: «أو أمسيتم»: قال الصنعاني : «أمسيت: دخلت في المساء» (11).
3- قوله: «فكفوا صبيانكم»: أي: امنعوهم من الخروج في ذلك الوقت، قال الفيومي : «الصَّبِيُّ: الصَّغِيرُ وَالْجَمْعُ صِبْيَةٌ بِالْكَسْرِ وَصِبْيَانٌ» (12)، وقال ابن الجوزي : «فكفوا صِبْيَانكُمْ»: وَالْمعْنَى: ضموهم إِلَيْكُم فِي الْبيُوت، وَإِنَّمَا خيف على الصّبيان خَاصَّة لشيئين: أَحدهمَا: أَن النَّجَاسَة الَّتِي تلوذ بهَا الشَّيَاطِين مَوْجُودَة مَعَهم، وَالثَّانِي: أَن الذّكر الَّذِي يستعصم بِهِ مَعْدُوم عِنْدهم، وَالشَّيَاطِين عِنْد انتشارهم يتعلقون بِمَا يُمكنهُم التَّعَلُّق بِهِ، فَإِذا ذهبت سَاعَة اشْتغل كل مِنْهُم بِمَا اكْتسب، وَمضى إِلَى مَا قدر لَهُ التشاغل بِهِ» (13)، وقال الشوكاني : «فكفوا صبيانكم أي: امنعوهم من الخروج» (14).
4- قوله: «فإن الشياطين»: أي: جنس الشيطان، قال ابن الأثير : «وأما الشيطان: فهو من الشطن: البعد، أي: بَعُد عن الخير ... كأنه طال في الشر» (15)، وقال ابن علان : «الشيطان: العاتي المتمرّد، من شاط احترق، أو من شطن بعد» (16).
5- قوله: «تنتشر حينئذ»: أي: تتفرق فيخاف على الصبيان من إيذاء الشياطين لهم (17)، وحينئذٍ: أي: في ذلك الوقت، قال القاضي عياض : « حين انتشار الشياطين» (18)، وقال ابن العربي : «الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ: استعانةً بالظُّلَمَةِ؛ فإنّها تكرهُ النّور، وتتشاءم به، وإن كانت خُلِقَتْ من نارٍ وهي ضياءٌ، ولكنّ الله أظْلَمَ قلوبها، وخَلَق الآدميَّ من طينٍ ونَوَّرَ قَلبه، فهو يحبُّ النُّور، وكلُّ جنسٍ يميلُ إلى جنسه» (19)، وقال القسطلاني : «فإن الشياطين تنتشر: تذهب وتجيء» (20).
6- قوله: «فإذا ذهب ساعة من الليل»: قال ابن هبيرة: «فإذا ذهب ساعة من العشاء» (21).
7- قوله: « فخلوهم»: أي: اتركوهم، قال الشوكاني : « قوله فخلوهم وفي رواية في صحيح البخاري بحاء مهملة أي: حلوهم عن ذلك الكف الذي كففتموهم وكأنه شبه الكف بالرباط وفي رواية بالخاء المعجمة أي: اتركوهم يدخلوا ويخرجوا» (14).
8- قوله: «وأغلقوا الأبواب، وأغلق بابك»:قال ابن العربي : «ردوه كما كان مغلقاً فإنه يفتح بالنهار للتصرف» (22).
9- قوله: «وأغلقوا الأبواب واذكروا اللَّه»: قال ابن العربي : «أَغْلِقُوا الأبْوابَ، واذْكُرُوا اسْمَ الله" وكذلك في كلِّ خَصلةٍ تقدّمت قرن بها اسم الله، فبيّن أنّ اسْمَ الله هو النّورُ العريضُ، والحجابُ الغَليظُ، بين الشَّيْطانِ والإنسانِ» (23)، وقال الشوكاني : «ذكر هذه الأشياء التي ينبغي ذكر اسم الله سبحانه عند مباشرتها وهي إغلاق الباب وإطفاء المصباح وايكاء السقاء وتخمير الإناء» (14).
10- قوله: «غَطُّوا الإِنَاءَ»: قال ابن العربي : «فَإِنَّ في السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فيها وَبَاءٌ منَ السّماءِ، لا يمرُّ بِإِناءٍ ليس عليه غطاءٌ، أو سِقَاءٍ ليس عليه وِكَاءٌ، إلّا نزل فيه ذلك الدَّاءُ» (24)» (25).
11- وقوله: «لا يفتح باباً مغلقاً»: قال الطيبي : «أي: باباً أغلق مع ذكر اسم اللَّه عليه» (9).
12- قَوله: «فَإِن الشَّيْطَان لَا يحل سقاء وَلَا يفتح وكاء»: قال ابن الجوزي : «وَهَذَا يدل على أَنه إِنَّمَا يتسلط على المفرط لَا على المتحرز، فللمفرط فِيهِ نصِيبه» (13).
13- قوله: «وأوكوا قربكم»: قال ابن الأثير : «الوِكاء: خيط يُشَدُّ به فم المزادة ونحوها» (7)، وقال ابن الجوزي : «أي: اربطوها، والوكاء هو الشيء الذي يسد به فم القربة» (13)، وقال القاضي عياض : قوله: «وأوكوا السقاء: أي: شدوا فمه بالوكاء، وهو الخيط الذي يشد به ويربط، وعلى أن ذلك بالليل حمل أبو عبيد في الكتاب الأمر بتغطية الإناء في الباب كله» (26)، وقال ابن العربي : «قوله: وأوكئوا السقاء: هذا وإن كان مفعولاً في الأوقات كلها، فأوكئوه الليل؛ لأن النهار عليه حافظ من الأعين، فأما الليل فهو مهمل منها، فيحض عليه» (27).
14- قوله: «خمروا آنيتكم»: أي: غطوها، قال ابن الجوزي : «وخمر إناءك: أَي: غطه، وَإِنَّمَا أَمر بِذكر اللَّه تَعَالَى لِأَنَّهُ كالحرز والحافظ يدْفع الشَّيْطَان عَمَّا ذكر عَلَيْهِ» (13)، وقال الحافظ ابن حجر : « قَولُهُ : «خَمِّرُوا الآنِيَة»؛ أَي: غَطُّوها» (28).
15- قوله: «ولو أن تعرضوا عليها شيئًا»: أي: تضعوا على الآنية شيئًا يغطيها ولو عودًا، قال الطيبي : «قوله: «ولو أن تعرضوا» -هو بضم الراء، وكسرها، والأول أصح - والمذكور بعد (لو) فاعل فعل مقدر، أي: ولو ثبت أن تعرضوا عليه شيئاً، وجواب (لو) محذوف، أي: لو خمرتموها عرضاً بشيء، نحو العود وغيره، وذكرتم اسم اللَّه تعالى لكان كافياً، والمقصود هو ذكر اسم اللَّه تعالى مع كل فعل؛ صيانة عن الشيطان والوباء والحشرات والهوام» (29)، وقال ابن الجوزي : « وَقَوله: « وَلَو تعرض عَلَيْهِ» أَي: وَلَو أَن تعرض، وَتعرض بِضَم الرَّاء وَكسرهَا لُغَتَانِ، يُقَال: عرضت الشَّيْء أعرضه، بِكَسْر الرَّاء فِي قَول الْأَكْثَرين ...عرضت الْعود على الْإِنَاء، أعرضه، وَعرضت السَّيْف على فَخذي أعرضه، كِلَاهُمَا بِضَم الرَّاء» (13)، وقال ابن العربي : «ولو تَعْرُضُ عليه عُودًا يعني: اجعلوا بين الشّيطان وبينه حاجزًا، ولو من علامة تدلّ على التّغطية، أو القصد إليه، وإن لم تستول بالسِّتر عليه، فإنّها كافية» (24).
16- قوله: «وأطفئوا مصابيحكم، واطفئوا المصباح»: قال ابن العربي : «يعني: أذهبوا نوره، ولا يكون مصباحاً إلا بالنور، وإنما هو دونه فتيل» (22).
17- قوله: «فإن الفويسقة تضرم النار»: قال القاضي عياض : «والفويسقة هنا الفأرة، وقد جاء - أيضاً - في حديث ابن عباس أنه من فعل الشيطان، وأنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان يدلها على ذلك فتحرقكم» (30)، وقال ابن الجوزي : « والفويسقة: الْفَأْرَة، وَسميت بذلك إِمَّا لخروجها، أَو لفعلها فعل الْفُسَّاق من الْفساد» (13)، وقال الطيبي : « وقوله: «فإن الفويسقة» أي: الفأرة، سميت بها لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها، وأضرم النار إذا أوقدها، والضرمة بالتحريك النار» (29).
18- قوله: «لا ترسلوا فواشيكم»: والمراد بالفواشي كل منتشر من المال، كالإبل، والغنم، وسائر البهائم (17).

ما يستفاد من الحديث:

1- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على النصح والإرشاد للأمة بما يعود عليها بالنفع العاجل والآجل.
2- بيان أن الشياطين تزداد حركتهم ليلًا؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره وكذلك كل سواد ولذلك جاء في الحديث أن الكلب الأسود يقطع الصلاة (31).
3- مما يسن كفه في هذا الوقت أيضًا مع الأولاد، الفواشي، والمراد بالفواشي كل منتشر من المال كالإبل، والغنم، وسائر البهائم وغيرها، أما فحمة العشاء فظلمتها وسوادها (32).
4- الحكمة من غلق الأبواب والمنافذ في ذلك الوقت هو منع دخول الشياطين المنتشرة في ذلك الوقت؛ لأنهم لا يقدرون على فتح هذه الأبواب كما جاء في الحديث وكذلك ربط القرب وتخمير الآنية ويكون ذلك كله مصحوبًا بذكر اللَّه فهو خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.
5- التحذير من التهاون بهذه التوجيهات النبوية فقد يترتب على تركها شر عظيم.
6- يلحق بما مضى ترك النار حال النوم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن هذه النار إنما هي عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم» (33).
7- إطفاء المصابيح لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت» (34) والمراد بالفويسقة – الفأرة – وأن الذي حملها على ذلك هو الشيطان لعنه اللَّه.
8- قال ابن هبيرة : «فكفوا صبيانكم: يعني: أول الليل بعد صلاة العشاء، فإن الجن إذا صليت العشاء، وانكفأ المصلون إلى منازلهم؛ فكأنهم رأوا أن الطريق قد أخليت لهم في ميقات يشبه بطواف الذين لم يبلغوا الحلم، وما ملكت اليمين في العورات الثلاث، فكأنهم ما دامت الصلوات الانتشار فيها يمتنعون من أجل وقت الصلاة، فإذا انقضت استخلوا الطرق فيسعوا فيها، والجن منقسمون إلى: مؤمن مأمون على من يلقاه، ومن لا يؤمن منهم لا يؤمن لكفره، ولا يؤمن على الأطفال والصبيان، لأن الصبي غير كامل العقل الذي لا يهوله التهويل، وليس عنده من أسماء اللَّه عز وجل ما يتحصن به من كيد الشيطان غالباً، فأمر بكف الصبيان لذلك» (35).
9- قال فيصل المبارك : «وقال ابن دقيق العيد: إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جرِّ الفويسقة الفتيلة، فمقتضاه أنَّ السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة، لا يمنع إيقاده، وأما ورود الأمر بإطفاء النار مطلقًا، فقد يتطرق منها مفسدة أخرى غير جرِّ الفتيلة، كسقوط شيء من السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه، فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك، فإذا استوثق بحيث يؤمن معه الإِحراق، فيزول الحكم بزوال علته.
انتهى ملخصًا، وفي الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية، حراسة الأنفس والأموال، من أهل العبث والفساد، ولاسيما الشياطين، وفيه: أن ذكر اسم الله تعالى يطرد الشيطان، كما ورد في الرواية الأخرى: «خَمِّر إناءك واذكر اسم الله، وأغلق بابك واذكر اسم الله
» (36).
10- قال العلامة ابن عثيمين : «قال المؤلف النووي : في كتابه رياض الصالحين: باب النهي عن إبقاء النار ونحوها في البيت عند النوم ونحوه، وذلك أن النار كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث عدو للإنسان، فإذا أبقاها الإنسان، ونام فربما تأتي الفويسقة، يعني الفأرة فتنخسها، ثم تشتعل، كما هو الشأن فيما سبق، كانت السرج من النار توقد في الزمان الأول، توقد بالودك والزيت وشبهه، ثم صار توقد بالجاز، وكلها مواد سائلة، فإذا جاءت الفأرة، وعبثت بها انصب الذي في السراج على الأرض، ثم اشتعلت النار، وحصل الحريق؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطفاء النار عند النوم؛ لئلا يحصل هذا الحريق، ولكن في الوقت الحاضر الوقود ليس يوقد كما كان فيما سبق، فاليوم الكهرباء سالب وموجب، يحصل بها إيقاد اللمبة مثلاً، فلو نام الإنسان وفي بيته لمبة موقدة التي يسمونها السهارية، فلا بأس؛ لأن العلة التي من أجلها نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إبقاء النار غير موجودة في الكهرباء في الوقت الحاضر، نعم فيه أشياء تشبه ذلك، كالدفايات هذه لا شك أنها على خطر، ولا سيما إذا قربها الإنسان من فراشه؛ فإنه ربما ينقلب، أو ربما يمس هذه النار؛ فلهذا ينهى أن تبقى هذه الدفايات موقدة إلا في مكان آمن بعيد عن الفراش؛ لئلا يحصل الحريق، وكذلك ينبغي للإنسان إذا نام أن يجافي الباب بمعنى يغلقه، وكذلك ينبغي إذا أراد أن ينام أن يغطي الإناء، ولو بوضع عود عليه؛ لأن في ذلك حماية له من الشيطان واللَّه الموفق» (37).
واللَّه أسأل بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلا، أن ينفع بهذا الشرح، وينفع بأصله، وأن يجعله مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم، وصلى اللَّه، وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه الفقير إلى اللَّه الكريم سعيد بن علي بن وهف القحطاني حرر يوم الثلاثاء 2/ 7/ 1436هـ

1 البخاري، برقم 3280
2 البخاري، برقم 5623، ومسلم، برقم 97-(2012)
3 مسلم، برقم 96-(2012)
4 مسلم، كتاب الأشربة، باب في شرب النبيذ وتخمير الإناء، برقم 2013.
5 مسلم، كتاب الأشربة، باب في شرب النبيذ وتخمير الإناء، برقم 2014.
6 البخاري، كتاب الاستئذان، باب لا تترك النار في البيت عند النوم، برقم 6294، ومسلم، كتاب الأشربة، باب في شرب النبيذ وتخمير الإناء، برقم 2016.
7 جامع الأصول، 11/ 760.
8 إكمال المعلم بفوائد مسلم، 6/ 481.
9 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 9/ 2886.
10 كشف المشكل من حديث الصحيحين، 3/ 17.
11 التنوير شرح الجامع الصغير، 8/ 79.
12 المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، 1/ 332، مادة (صبي).
13 كشف المشكل من حديث الصحيحين، 3/ 18.
14 تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين للشوكاني، ص 123.
15 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 474، مادة (شطن).
16 دليل الفالحين، 1/ 232
17 شرح النووي على صحيح مسلم، 13/ 186.
18 إكمال المعلم بفوائد مسلم، 2/ 280.
19 المسالك في شرح موطأ مالك، 7/ 388.
20 إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، 8/ 331.
21 الإفصاح عن معاني الصحاح، 8/ 250.
22 عارضة الأحوذي، 8/ 2.
23 المسالك في شرح موطأ مالك، 7/ 389.
24 المسالك في شرح موطأ مالك، 7/ 390.
25 انظر: صحيح مسلم، برقم 2014
26 إكمال المعلم بفوائد مسلم، 6/ 480.
27 عارضة الأحوذي، 1/ 4.
28 فتح الباري، لابن حجر، 6/ 356.
29 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 9/ 2887.
30 إكمال المعلم بفوائد مسلم، 6/ 480، والحديث في الأدب المفرد للبخاري، ص 696، برقم 1222، وسنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في إطفاء النار بالليل، برقم 5247، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص 474، برقم 931، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 1426.
31 فتح الباري، 6/ 428، والحديث عند مسلم، كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم 510.
32 شرح النووي، 13/ 186.
33 البخاري، برقم 294
34 البخاري، كتاب الاستئذان، باب لا تترك النار في البيت عند النوم، برقم 6295.
35 الإفصاح عن معاني الصحاح، 8/ 251.
36 تطريز رياض الصالحين، ص 929
37 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 1654.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب