Subhanakal-lahumma wabihamdika ashhadu an la ilaha illa anta astaghfiruka wa-atoobu ilayk. ‘How perfect You are O Allah, and I praise You, I bear witness that none has the right to be worshipped except You, I seek Your forgiveness and turn in repentance to You.
(1) النسائي في عمل اليوم والليلة، ص173، وانظر: إرواء الغليل 1/135، و3/94 .
شرح معنى فضل الدعاء بعد الوضوء
لفظ الحديث الذي ورد فيه:
62- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ، وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، كُتِبَ فِي رَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، هذا لفظ النسائي (1) . 63- وفي لفظ آخر للنسائي: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَفَرَغَ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِطَابَعٍ، ثُمَّ رُفِعَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَلَمْ تُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (2) . 64- ولفظ الحاكم: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مَقَامِهِ إِلَى مَكَّةَ، وَمَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا ثُمَّ خَرَجَ الدَّجَّالُ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، وَبِحَمْدِكَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، كُتِبَ فِي رَقٍّ، ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (3) . 65- ولفظ الطبراني: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَإِذَا فَرَغَ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، طُبِعَ عَلَيْهَا بِطَابَعٍ ثُمَّ وُضِعَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَلَمْ تُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (4) .
شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «سبحانك اللهمّ» أي: أنزهك عن كل نقص وعيب فأنت صاحب الأسماء الحسنى والصفات العُلا، قال الإمام الطبري : تنزيهاً لك ، يا رب ، مما أضاف إليك أهل الشرك بك ، من الكذب عليك والفِرْية... وإبراء اللَّه عن السوء، وهي كلمة رضيها الله لنفسه، وهي تنزيهه من كل سوء (5) ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «فَهُوَ مُتَعَالٍ عَنْ الشُّرَكَاءِ وَالْأَوْلَادِ، كَمَا أَنَّهُ مُسَبَّحٌ عَنْ ذَلِكَ، وَتَعَالِيهِ سُبْحَانَهُ عَنْ الشَّرِيكِ هُوَ تَعَالِيهِ عَنْ السَّمِيِّ، وَالنِّدِّ، وَالْمِثْلِ، فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِثْلَهُ...وَنَفْيُ الْمِثْلِ عَنْهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَلَا شَيْءَ مِثْلَهُ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ أَفْضَلُ، وَخَيْرٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، كَمَا أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» (6) . 2- قوله: «وبحمدك» أي: لك الثناء الجميل الخالص على نعمائك التي لا تحصى، قال النووي : وقوله: سبحانك اللهم وبحمدك، قال الخطابي: أخبرني بن خلاد قال: سألت الزجاج عن الواو في قوله: وبحمدك، فقال: معناه سبحانك اللهمّ، وبحمدك: سبحتك (7) . وقال في موضع آخر: وقوله: وبحمدك: أي: وبحمدك سبحتك، ومعناه بتوفيقك لي، وهدايتك، وفضلك عليّ سبحتك، لا بحولي وقوتي، ففيه شكر اللَّه تعالى على هذه النعمة، والاعتراف بها، والتفويض إلى اللَّه تعالى، وأن كل الأفعال له (8) . 3- قوله: «أشهد أن لا إله إلا أنت»: وقال الإمام ابن القيم : «مَعْنَاهُ، أَعْلَمُ وَأُبَيِّنُ،...وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الشَّهَادَةِ هُوَ تَيَقُّنُ الشَّيْءِ وَتَحَقُّقُهُ مِنْ شَهَادَةِ الشَّيْءِ أَيْ حُضُورِهِ (9) ، أي: لا معبود بحقٍّ إلا أنت. 4- قوله: «أستغفرك»: أطلب منك مغفرة الذنوب صغيرها وكبيرها فأنت غافر الذنب وقابل التوب، قال الطيبي : «الاستغفار استفعال من الغفران، وأصله من الغفر، وهو إلباس الشيء بما يصونه عن الدنس... الغفران والمغفرة من الله، هو أن يصون العبد من أن يمسَّهُ العذاب (10) . 5- قوله: «أتوب إليك» أي: أعود إليك نادمًا على اقتراف الذنب مقلعًا عنه غير مصر على العودة إليه، قال الطيبي : «التوبة: ترك الذنب على أحمد الوجوه، وهو أبلغ ضروب الاعتذار،... ثم التوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه، والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالأعمال بالإعادة؛ فمتى اجتمع هذه الأربع فقد كمل شرائط التوبة، وتاب إلى الَّله... وإن كان الذنب يتعلق ببني آدم، فلها شرط آخر، وهو رد الظلامة إلى صاحبها، أو تحصيل البراءة منه، والتوبة أهم قواعد الإسلام (10) . 6- وقوله: «كتبت في رقٍّ»: الرق: جلد رقيق يكتب فيه (11) . 7- قوله: «ثم طُبِعَ بِطَابَعٍ» الطابَعُ –بالفتح-: الخاتَم، يريدُ أنه يُخْتم عليها، وتُرْفع كما يَفعل الإنسانُ بما يَعزُّ عليه (12) . 8- قوله: « فلم يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »: قال الزبيدي رحمه الله: «لأن الذي يُطبعُ يبقى مُقفلاً، فالطبع: الختْم، يقال: طَبَعَ اللهُ على قلبِ الكافِرِ، أَي خَتَمَ فلا يَعي، ولا يُوَفَّقُ لِخَيْرٍ... الطَّبْعُ والخَتْمُ واحِدٌ، وهو التَّغطِيَةُ على الشيءِ، والاستيثاقُ مِن أَن يَدخُلَهُ شيءٌ، كما قال اللَّه تعالى: ﴿أَمْ على قُلوبٍ أَقفالُها﴾سورة محمد، الآية: 24 ، وقال عز وجل: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ سورة المطففين، الآية: 14 مَعناهُ: غَطَّى على قُلوبِهِم، قال ابنُ الأَثيرِ: كانوا يَرَوْنَ أَنَّ الطَّبْعَ هو الرَّيْنُ، قال مُجاهِدٌ: الرَّيْنُ أَيسر من الطَّبع، والطَّبعُ أَيسرُ من الإقفالِ، والإقفال: أَشَدُّ من ذلكَ كُلِّه، قلتُ [القائل الزبيدي]: والّذي صَرَّحَ به الرَّاغِبُ أَنَّ الطَّبْعَ أَعَمُّ من الخَتْمِ (13) .
ما يستفاد من الحديث:
1- اللَّه عز وجل هو المستحق للتسبيح لذاته؛ لأنه منزه عن الصاحبة والولد والشريك، وعن كل نقص وعيب، المتصف بصفات الكمال والجلال. 2- اللَّه تعالى هو الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، قال ابن القيم : وهو الحميد فكل حمد واقع أو كان مفروضًا مدى الأزمان ملأ الوجود جميعه ونظيره من غير ما عدٍّ ولا حسبان هو أهله سبحانه وبحمده كل المحامد وصف ذي الإحسان (14) 3- استحباب قول هذا الذكر مع ما قبله بعد الفراغ من الوضوء. 4- فضل هذا الذكر فضل عظيم؛ ولأهميته أنه يكتب في رقٍ، ثم يطبع بطابع، وهو الخاتم، فلا يكسر إلى يوم القيامة.
1
النسائي في السنن الكبرى، برقم 9909، وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل
2
النسائي في السنن الكبرى، برقم 9911، هكذا رواه موقوفاً، وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 54: «ورواته رواة الصحيح... ورواه النسائي وقال في آخره: «ختم عليها بخاتم، فوضعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة»، وصوّب وقفه على أبي سعيد، وله حكم المرفوع»
3
الحاكم، 1/ 564، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 5/ 332، برقم 2333
4
رواه الطبراني في المعجم الصغير، 1/ 370، وفي كتاب الدعاء، 1/ 140، برقم 388، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 54، برقم 225
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .