اللهم منك ولك اللهم تقبل مني

حصن المسلم | ما يقول عند الذبح أو النحر | اللهم منك ولك اللهم تقبل مني

[اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ]، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي (1).


(1) مسلم 3/ 1557، والبيهقي 9/ 287، وما بين المعكوفين للبيهقي 9/ 287، وغيره، والجملة الأخيرة سُقتها بالمعنى من رواية مسلم.

شرح معنى اللهم منك ولك اللهم تقبل مني

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

970- لفظ مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» (1).
971- وفي لفظ آخر لمسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَيَقُولُ: «بِاسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ» (2).
972- وحديث أبي داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ: أَقْرَنَيْنِ، أَمْلَحَيْنِ، مُوجَأَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ ذَبَحَ (3).
973- ولفظ أحمد عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَ الْأَضْحَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ، فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللهُمَّ إِنَّ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي» (4).
974- وحديث مسلم عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ» (5).
975- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ب أَنَّهُ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ قَالَ: «قِيَامًا عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ، مَعْقُولَةً بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ» (6).

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «ضحّى»: قال القرافي : «الأضحية: الْجَمْعُ أَضَاحِيُّ، وَضَحِيَّةٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلِيَّةٍ، وَالْجَمْعُ ضَحَايَا، وَأَضْحَاتٌ ...وَبهمَا سُمِّيَ يَوْمُ الْأَضْحَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الضُّحَى بِالْقَصْرِ، وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْس، أَو من الضحاء المدود مَعَ فَتْحِ الضَّادِ، وَهُوَ حِينَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ فِيهِمَا» (7).
2- قوله: «ذبح»: الذبح هو: فري الأوداج، وقطع الحلقوم والمريء، وأما النحر فهو الطعن في لبة الإبل، وهي التي فوق الترقوة، وتحت الرقبة (8)، وقال ابن منظور : « الذَّبْحُ قَطْعُ الحُلْقُوم من باطنٍ عند النَّصِيل، وهو موضع الذَّبْحِ من الحَلْق، والذَّبْحُ مصدر ذَبَحْتُ الشاة... وكذلك التيس، والكبش من كِباشٍ ذَبْحَى وذَباحَى، والذَّبِيحة الشاة المذبوحة ...الذبيح المذبوح والأُنثى ذبيحة» (9).
3- قوله: «أقرنين»: أي: لكل واحد منهما قرنان حسنان، قال ابن منظور : « القَرْنُ للثَّوْر وغيره: الرَّوْقُ، والجمع قُرون... وموضعه من رأْس الإنسان قَرْنٌ أَيضاً، وجمعه قُرون، وكَبْشٌ أَقْرَنُ: كبير القَرْنَين، وكذلك التيس» (10)، وقال الطيبي : « والأقرن: العظيم القرن، والأنثى قرناء» (11)، وقال النووي : «وصف الكبش بأنه أقرن لأنه أحسن وأكمل في صورته» (12).
4- قوله: «أملحين»: الأملح هو الأبيض الذي يشوبه سواد، وقيل غير ذلك (13)، وقال الطيبي : «الأملح: الذي بياضه أكثر من سواده، وقيل: هو النقي البياض» (11).
5- قوله: «موجوأين»: أي: خصيين لذهاب شهوة الجماع، وهذا يزيد اللحم طيبًا، ويبعد عنه الزهومة وسوء الرائحة، قال الطيبي : «الوجاء: أن يُرضّ أنثيا الفحل رضّاً شديدًا يذهب شهوة الجماع، وجئ وجأ فهو موجوء، وقيل: هو أن تُوجأ العروق والخصيتان بحالهما» (14).
6- قوله: «وجّههما»: أي: نحو القبلة، قال الباجي : «وَيُوَجِّهُهُنَّ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ نَحْرَهُنَّ قِيَامًا مَصْفُوفَةً أَيْدِيَهُنَّ هُوَ الشَّأْنُ، وَالسُّنَّةُ، وَيُوَجِّهُهُنَّ إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ نُسُكٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيْتِ يُمْكِنُ التَّوَجُّهُ فِيهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سُنَّتِهِ» (15)، وقال الطيبي : «أي: جعل وجههما تلقاء القبلة» (14).
7- قوله: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، قال الإمام ابن كثير : «﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ أَيْ: إِنَّمَا أَعْبُدُ خَالِقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَمُخْتَرِعَهَا، وَمُسَخِّرَهَا، وَمُقَدِّرَهَا، وَمُدَبِّرَهَا، الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ وَإِلَهُهُ» (16)، وقال العلامة السعدي : «﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا﴾ أي: للَّه وحده، مقبلاً عليه، معرضاً عن من سواه.
﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ فتبرأ من الشرك، وأذعن بالتوحيد، وأقام على ذلك البرهان، وهذا الذي ذكرنا في تفسير هذه الآيات، هو الصواب، وهو أن المقام مقام مناظرة، من إبراهيم لقومه، وبيان بطلان إلهية هذه الأجرام العلوية وغيرها، وأما من قال: إنه مقام نظر في حال طفوليته، فليس عليه دليل
» (17).
8- قوله: «﴿مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾: قال الإمام بن كثير : «أَيْ: عَنْ طَرِيقَتِهِ وَمَنْهَجِهِ» (18)، وقال العلامة السعدي : «ملة إبراهيم في التوحيد، وترك الشرك، أمرهم باتباعه بتعظيم بيته الحرام بالحج وغيره» (19).
9- قوله: ﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾، قال الإمام ابن كثير : «يَأْمُرُهُ تَعَالَى أَنْ يُخْبِرَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ، وَيَذْبَحُونَ لِغَيْرِ اسْمِهِ، أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ لِلَّهِ وَنُسُكَهُ عَلَى اسْمِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (20)، أَيْ: أَخْلِصْ لَهُ صَلَاتَكَ، وَذَبِيحَتَكَ؛ فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، وَيَذْبَحُونَ لَهَا، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تعالى بِمُخَالَفَتِهِمْ، وَالِانْحِرَافِ عَمَّا هُمْ فِيهِ، وَالْإِقْبَالِ بِالْقَصْدِ، وَالنِّيَّةِ، وَالْعَزْمِ عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ تَعَالَى...وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ: مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ كُلَّهُمْ كَانَتْ دَعْوَتُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَصْلُهُ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ» (21)، وقال العلامة السعدي : «﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي﴾ أي: ذبحي، وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما، ودلالتهما على محبة اللَّه تعالى، وإخلاص الدين له، والتقرب إليه بالقلب، واللسان، والجوارح، وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال، لما هو أحب إليها وهو اللَّه تعالى، ومن أخلص في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه للَّه في سائر أعماله، وقوله: ﴿وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي﴾ أي: ما آتيه في حياتي، وما يجريه اللَّه عليَّ، وما يقدر عليَّ في مماتي، الجميع ﴿لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﴿لا شَرِيكَ لَهُ﴾ في العبادة، كما أنه ليس له شريك في الملك والتدبير، وليس هذا الإخلاص لله ابتداعاً مني، وبدعاً أتيته من تلقاء نفسي، بل ﴿بِذَلِكَ أُمِرْتُ﴾ أمراً حتماً، لا أخرج من التبعة إلا بامتثاله ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ من هذه الأمة» (22).
10- قوله: «بسم اللَّه»: أي: نبدأ عملنا هذا، أو ابتداء عملنا هذا باسم اللَّه، قال الإمام ابن كثير : من قدّره باسم، تقديره: باسم اللَّه ابتدائي، ومن قدره بالفعل أمرًا، وخبرًا نحو: أبدَأ ببسم اللَّه أو ابتدأت ببسم اللَّه، ...، فالمشروع ذكر اسم اللَّه في كل أمر» (23)، وقال النووي : «وَسَمَّى: فِيهِ إِثْبَاتُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الضَّحِيَّةِ، وَسَائِرِ الذَّبَائِحِ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ» (24)، وقال الطيبي : «ثم قال: بسم اللَّه، فإن قلت: التسمية ينبغي أن تكون قبل الذبح، فما معنى «ثم» هنا؟ قلت: معناه التراخي في الرتبة، وأنها هي المقصودة الأولية، ومن ثم كنى بها عن الذبح» (25).
11- قَوْلُهُ: «واللَّه أكبر»، «وَكَبَّرَ»: قال الإمام النووي : «فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ التَّسْمِيَةِ، فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» (24).
12- قوله: «وصفاحهما»: قال الطيبي : «قوله: «صفاحهما»: صفح كل شيء وجهه وناحيته» (11)، وقال النووي : « قَوْلُهُ: (وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) أَيْ: صَفْحَةِ الْعُنُقِ وَهِيَ جَانِبُهُ وَإِنَّمَا فَعَلَ هَذَا لِيَكُونَ أَثْبَتَ له وأمكن لئلا تضطرب الذبيحة برأسها فتمنعهن إِكْمَالِ الذَّبْحِ أَوْ تُؤْذِيهِ» (24)، وقال ابن الملقن : « الصفاح بكسر الصاد يعني: جانبي وجهها، وعبارة الداودي: الصفاح: جانب الوجه ففيه وضع القدم، وقال غيره: أراد صفح العنق أي: ناحيته» (26).
13- قوله: «اللَّهم منك»: أي: هذه الذبيحة عطية، وفضلًا منك علي، قال الطيبي : «أي: هذه منحة منك صادرة عن محمد، خالصة لك» (27).
14- قوله: «ولك»: أي: أبتغي بها وجهك تقربًا وطاعة إليك، قال القاري : «اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك عَن فلَان، كَانَ الْكفَّار يدعونَ ويذبحون على أَسمَاء أصنامهم، فَبين اللَّه تَعَالَى أَن الْوَاجِب الذّبْح على اسْمه» (28)، وقال العظيم أبادي : « مِنْكَ وَلَكَ: أَيْ: مَذْبُوحَةٌ وَخَالِصَةٌ لَكَ» (29).
15- قوله: «هلمي» قال الطيبي : «تعالي، وفيه لغتان: فأهل الحجاز يطلقونه على الواحد، والجمع، والاثنين، والمؤنث بلفظ واحد مبني على الفتح، وبنو تميم تثني، وتجمع، وتؤنث» (25).
16- قوله: «اشحذيها»: قال الطيبي :«يقال: شحذت السيف والسكين إذا حددته بالمسن، وغيره» (25)، وقال النووي : «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»: هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وبالذال المعجمة، أَيْ: حَدِّدِيهَا» (24).
17- قَوْلُهُ: «هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»: قال الإمام النووي : «أَيْ: هَاتِيهَا، وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا، وَفَتْحِهَا، وَهِيَ السِّكِّينُ» (24).
18- قوله: «يطأ في سواد»: قال الطيبي : «هو مجاز عن سواد القوائم» (11).
19- قوله: «ويبرك في سواد»: قال الطيبي: «ويبرك في سواد من سواد البطن» (30).
20- قوله: «وينظر في سواد»: قال الطيبي : «وينظر في سواد عن سواد العينين» (30).
21- قوله: «عني»: قال الطيبي : «أي: اجعله أضحية عني، وعن أمتي» (30).
22- قوله: «من أمة محمد»: قال الطيبي : «ليس معناه أن الغنم الواحد يضحي عن اثنين فصاعدًا، بل معناه: المشاركة في الثواب بالأمّة» (31)، وقال الرافعي : «عن أمته، وعن نفسه وآله، ذكر الأصحاب فيه أن الشاة الواحدة، وإن كان لا يضحي بها إلا واحد، لكن إذا ضحى بها من أهلٍ تأدى الشعار والسنة لجميعهم، وكما أن الفرض ينقسم إلى: فرض عين، وفرض على الكفاية، فكذلك السنة، والتضحية مسنونة على الكفاية لكل أهل بيت، وهذا ظاهر في آله المخصوصين به، وأما في الأمة؛ فلأن رابطة الإِسلام تجعل النبي صلى الله عليه وسلم والأمة كأهل بيت واحد» (32).

ما يستفاد من الحديث:

1- النحر من جملة العبادات التي يجب أن تصرف للَّه وحده، وهي عبادة مالية، قرن اللَّه بينها وبين الصلاة كعبادة بدنية بقوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (20)، وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي﴾ (33) وقد جاء الوعيد الشديد لمن ذبح لغير اللَّه في قوله صلى الله عليه وسلم: «لعن اللَّه من ذبح لغير اللَّه» (34) واللعن طرد عن رحمة اللَّه وهذا الفعل مضاد للتوحيد.
2- وجوب التسمية على سائر الذبائح بقول الذابح: «بسم اللَّه، واللَّه أكبر» مع مراعاة الرفق بالذبيحة حال ذبحها لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» (35)، والقتلة بكسر القاف هي الهيئة والحالة.
3- المراد بالذبح هو إزهاق روح ما يؤكل لحمه بالتذكية الشرعية، وهو نوعان: أ- ذبح عادة: كالذبح للأكل وللضيف، ونحو ذلك، فذلك عادة باعتبار الأصل تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب ما يقترن به، أو يحمل عليه، وهي الاستحباب، والوجوب، والكراهة، والتحريم، والإباحة؛ فإن ذبح لضيف إكرامًا لما جاء به في الشرع، فهو سنة، ومستحب، وإذا ذبح للنفقة على العيال، فقد يكون واجبًا، وقد يكون غير ذلك.
ب - ذبح عبادة، وهو أنواع: النوع الأول: فما ذبح تقربًا لله تعالى، كالهدي، والأضاحي، والعقيقة، ونحو ذلك، فهو عبادة للَّه، وتوحيد له.
النوع الثاني: ما ذبح تقربًا لغير اللَّه فهو شرك أكبر، كالذبح للقبور، والجن، ونحو ذلك.
النوع الثالث: ما ذبح بدعة، كالذبح في الموالد، وعند القبور تقربًا إلى اللَّه تعالى، إكرامًا لسدنتها، ومجاوريها، أو من يقصدها، فهذا محرم؛ لكونه على خلاف الشرع، وذريعة إلى الشرك، وإعانة على بدعة، وإكرامًا لمبدعين محدثين في دين اللَّه (36).
4- قال ابن بطال : «ذبح الرجل أضحيته بيده هي السنة، والعلماء يستحبون ذلك، قال أبو إسحاق السبيعي: كان أصحاب محمد يذبحون ضحاياهم بأيديهم، قال مالك: وذلك من التواضع للَّه تعالى، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يفعله، فإن أمر بذلك مسلمًا أجزأته، وبئس ما صنع، وكذلك الهدى، وقد كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يأمر بناته أن يذبحن نسكهن بأيديهن» (37).
5- قال الإمام النووي : «وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِضْجَاعِ الْغَنَمِ فِي الذبح، وأنها لاتذبح قائمة، ولاباركة، بَلْ مُضْجَعَةً؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهَا، وَبِهَذَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ، وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ إِضْجَاعَهَا يَكُونُ عَلَى جَانِبِهَا الْأَيْسَرِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ، وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ» (38).
6- قال ابن الملقن : «وفيه: أن الاختيار، والسنة للمرء أن يذبح أضحيته بيده، والعلماء على استحبابه؛ فإن كان به عذر جاز أن يستنيب بغيره؛ لأن الأعذار تسقط معها أحكام الاختيار، فإن استناب مع القدرة أتى مكروهًا وأجزأه» (26).

1 مسلم، برقم، 17- 1966
2 مسلم، برقم 18-(1966)
3 سنن أبي داود، برقم 2795، وابن ماجه، برقم 3121، وحسنه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، 4/ 350
4 مسند أحمد، برقم 14837، وصححه محققو المسند، 23/ 135، وحسنه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، 4/ 350
5 مسلم، برقم 1967
6 أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، 4/ 260، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية، 2/ 206: «وَرِجَاله ثِقَات».
7 الذخيرة للقرافي، 4/ 140.
8 شرح حصن المسلم/ مجدي عبد الوهاب صـ 336.
9 لسان العرب ، 2/ 436، مادة (ذبح).
10 لسان العرب، 13/ 331، مادة (قرن).
11 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 4/ 1300.
12 المجموع شرح المهذب، 4/ 540.
13 شرح النووي، 13/ 122.
14 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 4/ 1303.
15 المنتقى شرح الموطأ، 2/ 313.
16 تفسير ابن كثير، 3/ 292.
17 تفسير السعدي، ص 262.
18 تفسير ابن كثير، 1/ 445.
19 تفسير السعدي، ص 138.
20 سورة الكوثر، الآية: 2.
21 تفسير ابن كثير، 3/ 381.
22 تفسير السعدي، ص 282.
23 تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 1/ 121
24 شرح النووي على صحيح مسلم، 13/ 121.
25 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 4/ 1301.
26 التوضيح لشرح الجامع الصحيح، 26/ 627.
27 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 4/ 1304.
28 عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 9/ 129.
29 عون المعبود، 7/ 351.
30 شرح المشكاة للطيبي، 4/ 1304.
31 شرح المشكاة للطيبي، 4/ 1301.
32 شرح مسند الشافعي، 3/ 116.
33 سورة الأنعام، الآية: 163.
34 مسلم، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير اللَّه تعالى ولعن فاعله، برقم 1978.
35 مسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل، وتحديد الشفرة، برقم 1955.
36 نظر: المفيد على كتاب التوحيد ، للشيخ عبد اللَّه القصير، ص 83، 84.
37 شرح صحيح البخارى لابن بطال، 6/ 21.
38 شرح النووي على صحيح مسلم، 13/ 122.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب